رواية مغرم بك الفصل السابع والثلاثون 37 – بقلم الهام رفعت

رواية مغرم بك – الفصل السابع والثلاثون

الفصل السابع والثلاثـــون

الفصل السابع والثلاثـــون

الفصـل السابع والثلاثـــون

مُغـرَم بـكِ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تطلع عليها بحزن شديد وقلبه من الداخل يشفق عليها ووجل من أجلها فقد، ترح السيد رؤوف وهو يقف من خلفها يتابع ما تفعله من أمور توجع القلب، أخيرًا بعد وقفته الكامدة تحرك ليتحدث معها حيث كانت سالي تجلس في شرفة غرفتها تحدق في صور ابنتها بدموع قد جفت فلا سبيل منها ولا فائدة في رجوعها، هذا ما فهمه السيد رؤوف لذا قال لها بلوم وهو يجلس على مقعد مقابل لها:

-قولنا أيه يا سالي قبل كده، مش اتفقنا نثق في ربنا ونخلي إيمانا قوي

لم ترد عليه بل أمسكت بهاتفها ثم شرعت في تفحصه باهتمام وهي تعبث فيه بتعابير جادة، عقد رؤوف حاجبيه مستغربًا، سألها بحيرة:

-بتكلمي مين يا سالي؟

انتهت سالي من تدوين شيء بالهاتف وابتسمت بدموع تحشدت في مقلتيها، نظرت له قائلة بابهام:

-بدور على بنتي

ردد جملتها بعدم فهم:

-بدوري على بنتك!!

أومأت رأسها قائلة بشغف:

-مافيش غير الحل ده، نزلت صورها على الإنترنت وإن شاء الله حد هيلاقيها، كله بيعمل كده

رد رؤوف وبداخله رافض تلك الفكرة:

-بس وضعك غير يا سالي، بنتك مع واحدة اشترتها وبندور عليها

هتفت بتفاؤل:

-أيوة يعني لو حد شافها معاها هيقول بنتي وهي سرقاها

استشعر الخبل يسبح في اهتزازات نظراتها وذبذبات نبرتها، تألم من وضعها الذي تحول لهذه الحالة ولمعت عيناه، رد بابتئاس:

-اعملي اللي يريحيك يا بنتي ويا رب يرجعها

ابتسمت ببلاهة وهي تعيد النظر للهاتف منهمكة في تفحص ما يحويه، نهض السيد من أمامه ناظرًا إليها لبعض الوقت وقد ظهرت نظراته غير مفسرة لكن بها ملمح من الحزن، تركها بمفردها عل ما تفعله يشغل وقتها ويضع الأمل قليلاً بداخلها…..!!

__________________________________

ظلت جلستهم برفقتها لبعض الوقت وحين اطمأنوا أنها بخير هتف عمرو بعبوس طفيف:

-يعني يا زينة لازم تقلقيني عليها وتقولي بتموت في المستشفى؟

ردت باستفزاز:

-علشان تيجي بسرعة

رمقها بنظرة متأففة فقالت رسيل بضحكة خفيفة:

-أنا بخير وكلمت زينة في الطريق وطمنتها لكن أصرت تيجي، أصلها بتحبني قوي ما إنت عارف

رد بكلمة واحدة وهو يضغط على وجنة أخته بأخوة:

-عارف إنها بتحبك

ابتسمت له زينة بألفة فتدخل آيان ليقول بجدية:

-المهم تعرفوا مين عمل كده، دا شروع في قتل مش حاجة تعدي كده من غير تحقيق

رد عليه أيهم بتأكيد:

-أكيد مش هاسكت غير لما أعرف مين، والحمد لله إنهم بخير

تذكرت رسيل أمر الصغيرة فسألته بتلهف:

-رسيل عاملة أيه يا أيهم دلوقت؟

-كويسة يا رسيل وحالتها مستقرة، بيقولوا النهار ده يمكن تفوق

حمدت رسيل الله عدة مرات وكذلك البقية، هتف آيان بمعنى:

-يلا يا زينة نمشي إحنا بقى قبل الليل ما يدخل

رفضت بتذمر:

-هو إحنا لسه قعدنا حاجة، بدل ما تقولي نقعد يومين هنا

نظر لها بعدم رضى فتدخلت رسيل بتعقل:

-فعلاً يا زينة عنده حق، أنا بخير الحمد لله وأيهم جنبي ومش بيسيبني

هتف عمرو وقد خطرت جيسي على ذهنه:

-صحيح دا أنا كنت رايح أرجع جيسي والولاد لما كلمتني زينة

نهض آيان قائلاً وقد استعد للرحيل:

-طيب يلا نرجع دلوقت

هتف زينة بمعنى ضايق آيان:

-طيب كويس، وبالمرة آيان مكنش عارف يسوق كويس وتعبان، نركب بقى معاك يا عمرو

لم يعلن آيان انزعاجه من حديثها فنهض عمرو قائلاً مرحبًا بذلك:

-خلاص تعالوا معايا

هتف آيان بحذر:

-مش عاوزين نعطلك، روح للمدام وإحنا هنتسلى في الطريق ونيجي

لم تكن زينة تعلم بأن زوجها لم يرضى ذلك، بالفعل كانت تسعى للبحث عن المريح له لذا قالت بتصميم:

-خلاص يا آيان إنت تعبان، خلينا نركب معاه جرحك لسه واجعك

ابتسمت رسيل بمحبة وهي تراها تتحدث مع زوجها لتتيقن بأنها على علاقة جيدة معه وقد تناست الماضي، كذلك عمرو الذي سعِد كون أخته لا تواجه مشاكل مع أهل زوجها، نهض أيهم قائلا بسماحة:

-يلا تعالوا أوصلكم وبالمرة اطمن على رسيل الصغيرة……!!

،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،

لم تصدق أذنيها والطبيبة تخبرها بأن ابنتها استعادت وعيها، لم يلبث مروان ليركض خلف سميرة التي هرولت لتراها بنظراتها المتلهفة عليها، ولجت الغرفة وبسمتها الفرحة تتسع تدريجيًا وهي تراها تفتح عينيها، رغمًا عنها بكت سميرة من فرحتها ثم باحتراس دنت من ابنتها لتطمئن عليها، جاءت لتهم بأخذها في أحضانها لكن أوقفتها الممرضة قائلة بعملية:

-من بعيد يا مدام علشان الأجهزة

على مضض تراجعت سميرة قليلاً لتخاطب ابنتها بتحنن:

-حمد الله على سلامة بنتي الحلوة، عاملة أيه يا قلب ماما؟

لم يصدر من الصغيرة شيء سوى النظر لأمها ولوالدها السيد مروان وهو يقف ينظر لها مبتسمًا بغبطة شديدة، ردت الممرضة عليها بتفهم:

-لسه يا مدام البنت يدوبك فاقت، سمحنا تشوفوها علشان نطمنكوا عليها

وجهت سميرة بصرها ناحيتها ثم سألتها بامتعاض تحكمت فيه:

-وهنتكلم معاها وهتبقى كويسة إمتى؟

ردت بعدم معرفة:

-الكلام ده تعرفوه من الدكتور، هو مستني حضراتكم في مكتبه

لم تبالي سميرة بحديثها ثم عاودت النظر لابنتها بمحبة وعطف، ألقى مروان نظرة على ابنته ثم حدث سميرة بمفهوم:

-خليكي معاها يا سميرة وأنا هروح أكلم الدكتور

هزت له رأسها ثم قالت:

-طمن رسيل الأول عليها

ابتسم ممثثلاً لذلك ثم دلف للخارج، قالت لابنتها بلطافة:

-يلا يا قمر قوميلنا بالسلامة علشان الولاد كلهم مستنينك تلعبي معاهم

لحظات قليلة ووجدت أيهم يلج الغرفة مبتسمًا بعذوبة، انتبهت سميرة له فاعتدلت ناظرة إليه بود، قالت بعفوية:

-تعالى يا أيهم أختك فاقت

دنا أيهم ليتطلع على الصغيرة قائلاً بحنوٍ:

-وأختي الحلوة عاملة أيه؟

ردت سميرة برضى:

-شكلها لسه متحسنش قوي، باباك راح يكلم الدكتور

نظر لها أيهم مرددًا بتهذيب:

-بإذن الله هتكون كويسة، والحمد لله إن الخطر راح عنها

قالت بحرج من تصرفاتها السابقة:

-كله بفضلك بعد ربنا، سامحني لو كنت بزعلك مني

بداخله كان أيهم معترفًا بأنها تبغضه، لكن مع وجود الندم والأسف بادي على طلعتها السمحة والمتدينة رد بلطف:

-خلاص حضرتك أنا مش مضايق من أي حاجة، كفاية إن كلنا الحمد لله بخير ومحدش حصلّه حاجة……!!

__________________________________

تأملت أن في ذلك ربما سيُغيّر من وضع ابنها البائس لذا قالت لابنتها بعدم ممانعة:

-خلاص نجوزوه جنى

ردت لين بتأفف:

-المهم هو يوافق يتجوز، مش نعلقها وبعدين ما فيش، كده مش حلو وغلط كفاية اللي حصل معايا وفضلتي تعلقيني لحد ما بقيت بكره أشوف آيان ومراته

أدركت مريم خطئها الآن فهي سبب حقد ابنتها على الأخير، لم تعلق على ذلك فقد انتهى النقاش فيه، لذا ردت بتوجس:

-أنا باقول أحسن نسيبه براحته ومندّخلش في حياته، لو كان عاوز يرتبط ما كانت نور قدامه، دا طلع بيحب مراته

ردت لين بقلة حيلة:

-أصل مش عارفة أعمل أيه لزين، ما أنا الصراحة معرفش إنه بيحبها وافتكرتها عاوزة تضحك عليه وبنت مش كويسة، باقول يمكن لما نفكر نجوزوه نحاول ننسيه حزنه

قالت مريم بهوادة:

-مش على طول كده، لما أحس إنه نسي هكلمه، وبلاش تقولي لجنى حاجة

لم تخبر لين والدتها أنها بالفعل قالت دون علمها لذا التزم الصمت، انتبهن لزين يدلف من غرفته حاملاً لحقيبتي سفر كبيرة فنهضت مريم على الفور مضطربة فربما سيسافر بحثًا عن زوجته، تحركت نحوه ومن خلفها لين مندهشة، هتفت مريم بعدم قبول:

-اوعى تكون مسافر علشان تدور على مراتك وتبعد عننا؟

صحح زين تفكيرها وهو يسند الحقائب بجانبه:

-لا يا ماما مش مسافر لحد، أنا بس قررت أرجع فيلتي وأعيش فيها، حابب أكون هناك لوحدي

لمع الحزن في عينيها ثم حاوطت وجهه بكفيها مرددة بأسى:

-مالك بس يا حبيبي؟، متزعلش من حاجة إحنا كلنا أكيد نحب نشوفك سعيد

قبّل راحتي يديها حين أمسك بهما ثم رد بمعرفة:

-معنديش شك يا ماما ربنا ما يحرمني منك ابدًا

سألت متنهدة بشجن:

-خلاص هتمشي وتسيبنا؟

ابتسم بألم ثم احتضنها ليودعها قائلاً:

-أكيد يا مامي هاجي أطمن عليكي، معلش سيبيني على راحتي

ابتعد عنها لتتقبل ذلك فهي تسعى لراحته مرددة:

-اللي تشوفه يا حبيبي

وجه بصره لأخته ثم فرد ذراعيه فهمت لين بالتحرك لتحتضنه بحرارة، قال بمودة:

-خلي بالك من نفسك ومن دراستك وبس

-سامحني يا أبيه ومتزعلش مني في أي حاجة عملتها ضايقتك

رددت لین تلك العبارة بندم، هتفت مريم بعدم رضى ليبتعدا:

-خلاص بقى إنتوا اخوات ومحدش هيزعل من التاني

سأل زين وهو يبحث بنظراته:

-فين فاطمة يا ماما؟

-راحت عن رحمة بنت خالك يذاكروا سوا

هز رأسه ثم حمل الحقيبتين قائلاً بهدوءٍ كمد:

-أشوف وشكم بخير……….!!

____________________________________

ملت من إنتظارها له واعتلى ملامحها شر مستطير، ظلت جيسي جالسة في بهو الفيلا تحدق في بابها وتفرك أناملها بعصبية مترقبة مجيئه لكن لا جدوى، هتف والدها بتأنٍ:

-إهدي يا جيسي الغايب حجته معاه

هتفت بانفعال:

-كان زمانه وصل يا بابا من زمان دا حمايا مكلمني قدامك إنه خرج وجاي عندي

زم شفتيه مفكرًا فقالت السيدة إيمان بتعقل:

-ادعي ربنا يوصله بالسلامة ليكون حصله حاجة في الطريق

على الفور تحول ضيقها لخوف وهي تظن بأنه أصيب بمكروه ما، هتفت بقلق ملحوظ:

-يا رب ما يكون حصله حاجة، قلقتيني عليه!!

جاءت مايا من الأعلى متدرجة ناحيتهم لتقول حين استمعت لحديثهم:

-متقلقوش عمرو كويس، دا عند رسيل بيطمن عليها، لسه زينة مکلماني

احتقن وجه جيسي بغضبٍ عارم وهي تنظر لأختها لتعود هواجسها الماضية تساورها، في تلك اللحظة قد وصل عمرو فرآه السيد كارم ليقول بترحيب وهو ينهض:

-خلاص يا جماعة عمرو وصل، حمد الله على السلامة يا عمرو

قال جملته الأخيرة وهو يمد يده بالمصافحة له، إلتفتت له جيسي لتحدجه بنظرات حانقة مغتاظة لم يتفهمها، لم تعيره اهتمام لتتحرك صاعدة للأعلى وسط ذهوله، ظن بأنها ما زالت مزعوجة منه فقال السيد كارم برزانة:

-تلاقيها بتدلع وعاوزاك تصالحها، اطلعلها وبالمرة الولاد فوق علشان تشوفهم

لم يعلق عمرو على دلالها هذا ليقول بتفهم:

-خلاص هطلع، أنا أصلاً جاي علشانهم…….!!

،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،

عضت على قبضتها بغل وهي تتحرك في الغرفة بعصبية فما زال يفضل الأخيرة عليها ليصدق حدسها فلم تكن غبية في تخمينها هو بالفعل يهتم بأمرها، هتفت بتجهم شديد:

-متربية معاه طبعًا تلاقيه كان بيحبها

-باحبها زي أختي

قالها عمرو الذي ولج وخمن بأنها تلمح على رسيل، انتبهت جيسي له ثم اقتربت منه مرددة بغيظ:

-بدل ما تيجي هنا روحت هناك عندها تطمن عليها الأول ما هي أهم مني ومن ولادك اللي تعبت فيهم

رد بظلمة أربكتها:

-وعرفتي منين إني جاي عندك أنا مقولتش لحد خالص؟

ازدردت ريقها وقد تلعثمت، استجمعت كلماتها لترد بنزق:

-أيوة إنت بتوّه علشان متردش عليا

أخرج عمرو زفيرًا قويًا ثم قال ضابطًا انفعالاته:

-جيسي أنا جاي أصالحك ونتفق، هتشيلي الأوهام دي من راسك هتبقي حبيبتي وحياتنا كويسة، لسه اللي فيكي زي ما هو يبقى كل واحد يروح لحاله ونطلق دلوقتي

هتفت بتخوف:

-كل ده علشان باحبك وعاوزاك معايا؟

تأفف ليقول بضجر:

-الكلمتين اللي زهقت منهم، كنت جاي هنا وبعدين جاني مكالمة من أختي علشان رسيل فيه ناس عاوزين يقتلوها هي والولاد، ما روحش يعني أسأل؟

شهقت جيسي لتستفهم بفضول:

-وهما كويسين؟

ردت متنهدًا بهدوء:

-الحمد لله لحقوهم، حتى اطمنت وعملت الواجب وجيت على طول

أطرقت رأسها بخزي فطوقت عمرو خصرها قائلاً بتودد:

-عاوزة ترجعي معايا ولا لأ؟

نظرت لعينيه قائلة بتلهف:

-عاوزة أرجع طبعًا، أنا باحبك يا عمرو

ضمها لصدره ليبعث لها بعض من الوله الذي تعشقه الفتيات، ردد بحب:

-حبيبتي يا جيسي يا أم ولادي، وحشني الأكل اللي معرفش اسمه أيه اللي بتعمليه

تهللت كثيرًا ثم قالت بعدم تصديق:

-صحيح يا عمرو؟!

ابتسم لعقلها الصغير فبكلمة واحدة امتلكها، رد وهو يشدد من ضمها:

-صحيح يا قلب عمرو من جوه

اتسعت بسمتها وذابت بين ذراعيه، أعاد عمرو سؤاله بتحير:

-بس مقولتليش، عرفتي منين إني جاي؟!………….

_________________________________

بعد مـــرور عدة أيـــام………..!!

جلسة عائلية تخللها الحديث الجاد والمزح بين جميع الأطراف، في زاوية من المنزل الواسع جلسا بجوار بعضهما يتبادلا الحديث بأريحية، قال إياد بحرج:

-مش مصدق إننا خلاص هنتجوز، تعرفي من زمان ومش راضي ارتبط بأي بنت، باقول لما أرجع يمكن يكون ليا نصيب ارتبط بيكي

كلامه أخجل نور بشدة ليستشعر إياد رقتها وهدوءها، قال ليزيد توترها:

-أنا ربنا بيحبني

هنا نظرت له نور باستحياء وهي تقول:

-كفاية عليا إني أشوفك بتحبني، هاعوز أيه أكتر من كده

قرّب يده ليمسك بكفها فأبعدته خجلة، ابتسم باحراج ثم قال مغايرًا الموضوع ليخفف من حدة التوتر بينهما:

-شايفة ماريان وريان حلوين إزاي، شكلهم وهما متجوزين صغير كده يجنن

ابتسمت نور لتطلع عليهما وهما يتهامسا سويًا فكم كانت تشعر بالغِيرة وهي بينهما، حمدت الله بأنها وجدت من يحبها، رددت بمناشدة:

-ربنا يسعدهم، حلوين قوي مع بعض…….!!

،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،

على طاولة الطعام جلست ماريان مدعية بأنها تستذكر دروسها لتظل تتهامس في الحديث مع آيان زوجها، قال بفرحة:

-الحمد لله نور هتتجوز والبيت هيوسع، علشان ناخد راحتنا

أكدت ماريان ذلك بمعنى:

-كنت باحس إني مش واخدة راحتي، أصلها المفروض تتجوز الأول علشان الكبيرة

ردد بمغازلة بينهما:

-خلي الواحد يعيش بقى مع المدام بمزاج، باحبك وإنتي معایا علی الخط وفهماني

ضحكت بخفوت ثم قالت بتطفل:

-خلينا نركز الأول ونسمعهم هيتفقوا على الجواز إمتى!!

هز رأسه ليقول بامتثال وهو يتنصت على أهله معها:

-عندك حق خلينا نعرف…………!!

،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،

على ناحية أخرى جلست الأسرة تتناقش في أمور الزواج فقال وليد بحصافة:

-خلاص جهزنا كل حاجة، الولاد هيتجوزوا هنا وبعدين نسافر مع بعض

اختلجت سلمى من بُعد ابنتها عنها لذا قالت بتردد:

-معقول نور هتبعد عني!!

ربتت ميرا على فخذها قائلة بمعنى:

-هتجيلك على طول هو إياد بيبطل سفر، ما ماريان عندك تعتبر برضوه بعيد عن أهلها، هي يعني كل شوية بتروحلهم

اقتنعت سلمى لتربط على قلبها متمنية السعادة لابنتها الوحيدة، رددت بتمنٍ:

-كل اللي عاوزاه إنها تكون بخير وسعيدة

-في عنيا يا سلمى

قالت ميرا ذلك بمحبة فابتسمت سلمى فلم تتخيل يومًا بأن الزمن سيجعلها في يوم تزوج ابنتها لابن ميرا بعکس زین ابن أختها، قالت ميرا بمعنى:

-وكمان مالك مخصوص هينزل علشان يحضر فرحهم ويسلم عليكم

هتفت سلمى باشتياق:

-وحشني قوي مالك وسارة، مش مصدقة إني هشوفهم

-هتشوفيهم دول يمكن يرجعوا النهاردة

نظرت لها سلمى بألفة فهتف وليد بشيء من الضيق لكن محبب:

-وبالمرة معتز يكون فضيلنا بدل ما هو برة على طول كده ومشغول…………!!

___________________________________

في ظل انهماكها في متابعة آخر أخبار الأطفال المفقودة عبر هاتفها الجوال وهي جالسة على الأرجوحة في حديقة الفيلا، لمحت سالي ذلك الرجل قريب زوجها يتقدم منها، نظرت له مضيفة عينيها ثم تأففت لتتجاهله فمرت فترة لم يسأل عنها أو يخبرها بشيء، اقترب ماجد منها قائلاً بحزن مزيف:

-مساء الخير

لم ترد عليه وتابعت ما تفعله ففطن ماجد سبب ضيقها منه، تابع بمكر:

-شكلك نسيتي بنتك ومش عاوزاها، خلاص هاخدها وارجع

انتفضت من مكانها لتنهض مرددة بلهفة وأنفاسها متسارعة:

-بنتي فين؟

ثم تشبثت لا إراديًا بذراعه وهي تقبض عليه بكفيها، لم يماطل معها أو يزيد من حالة البؤس تلك ليدير رأسه ناحية سيارته ثم أشار لمن بداخلها أن يترجل، بالفعل ترجلت الصغيرة أولاً بمعاونة دانة ابنته فحدقت بها سالي بأعين مجحظة غير مصدقة أنها أمامها، هرعت نحوها بخطوات منكتلة غير عابئة بمظهرها العام فقد عادت ابنتها لها، رفعتها سالي عن الأرضية ثم أخذت تغدقها بقبلاتٍ متفرقة في أنحاء جسدها وحتى قدميها مرددة بشوقٍ سافر:

-بنتي!

أعادت توزيع قبلاتها والدموع تنهمر من عينيها وهي تتابع بوجع:

-مش مصدقة إني شيفاكي، قد كده يا رب بتحبني

تلك اللحظة جعلت ماجد مسرورًا بالجهود المضني الذي بذله كي يستعيد الطفلة، قال بلطف:

-جبتها من جنيف

كتمت سالي شهقتها ثم توقفت عن تقبيل ابنتها لكن ما زالت تحتضنها بقوة، إلتفتت له مصدومة وهي تتساءل:

-هي كانت سافرت ببنتي؟

وضح لها بسماحة وهو يهز رأسه:

-كنت برة مصر الفترة اللي فاتت، لحظنا الحلو الست لما سافرت مغيرتش اسمها ووصلناهلها في فترة قصيرة

ألجم لسان سالي وعجزت عن الشكر له فماذا تقول؟، بكت فقط وهي تشدد من ضم ابنتها فمن كانت تخشاه واتهمته هو من استعادها إليها، وجدت سالي يد دافئة تربت على كتفها فانتبهت لتجد هذه السيدة التي قابلتها بغلاظة أول مرة، قالت السيدة بثينة باتزان:

-أنا هافضل هنا جنب ابني اللي اتحرمت منه سنين، كل اللي عاوزاه إنك متحرمنيش من بنت ابني

نظرت لها سالي لا تعرف تنفر منها أم تشفق عليها فتدخل ماجد ليوضح لها الأمر:

-بثينة هانم غصب عنها تبعد عن ابنها، والد يوسف هو اللي أخده وبعد وقساه عليها، لما وصلها إنه تعبان نزلت مصر تشوفه، قبل كده كان بيرفض يشوفها من كلام بابا الله يسامحه

بالفعل رأت سالي الطيبة في ملامح السيدة، خاطبتها بشفقة:

-حرام عليه أبوه زمانك اتعذبتي في غياب ابنك عنك، ليه بعد ما افترقتوا متبقوش كويسين، ليه القسوة اللي بتحصل من الناس دي ومبيحسوش ببعض

ردت السيدة بألم:

-علشان كده محبش حد يكون زيي، وللأسف فيه ناس من عينة والد يوسف، وحتى فيه أمهات بتمنع أبهاتها يشوفوا الأولاد، كل ده غلط واللي بيضيع حاجات كتير في النص

رق قلب سالي لتقول لها بتعطف:

-البنت مش هحرمك منها، على طول هخليكي تشوفيها

ابتسم ماجد من سير الأمور كما كان يرغب فنظرت له ابنته معجبة بأنه قد وفى بوعده للسيدة، حضر السيد رؤوف حين وصله الخبر فهتفت سالي حين رأته:

-بابا وصل، يبقى النهاردة هنعمل حفلة صغيرة لينا إحنا وبس بمناسبة رجوعي بنتي الغالية…..!!

___________________________________

هبطت الدرج حين طلب أخيها منها الحضور، تفاجأت خلود وهي تلج الصالون بوجود والد زوجها ووالدته، نظر الاثنان لها فترددت في التقدم لمشاركتهم الجلسة، هتفت رئيفة بلطافة:

-تعالي يا خلود قربي إحنا جايين علشانك

نظرت لها خلود وعقلها يتذكر معاملتهم الفظة لها لكنها بالأخير جلست لتستمع لسبب حضورهما، قال عبد الحميد عائبًا على نفسه:

-مش عارف أقول أيه، حسيت إني بكفر بربنا لما لومتك إنتي، فعلاً الأعمار بيد الله ومش كل حد بيبقى ليه ذنب

ردت بتهكم:

-ودلوقتي عرفتوا كده!!

رد السيد متفهمًا سبب ضيقها:

-أوقات الواحد بيحتاج لدروس علشان يتعلم ويفهم غلطه، يعني إنتي مثلاً مكنش ينفع تسيبي الولد في الشمس، مسمعتيش كلام جوزك وكان عقابك إن ربنا خلانا كده

أخفضت خلود نظراتها فهذا ما حدث، تابع السيد باستياء:

-واللي مريت بيه أنا وابني وجوازته دي اللي كانت فخ وقع فيه علمتنا كتير قوي إحنا كمان

تنهدت خلود لتسأل بجدية:

-وحضراتكم جايين ليه بقى؟

نظر السيد عبد الحميد لماجد الذي يتابع في وجوم ليتدخل، بالفعل تفهم ماجد ليرد على أخته بمعنى:

-جايين بنفسهم يرجعوكي لجوزك ولبيتك يا خلود

وجهت بصرها نحو أخيها فأكمل ماجد بعقلانية:

-هما ندمانين، وطالما فيه صُلح يبقى بيتك أولى بيكي وابنك يتربى في وسط أهله أحسن

أبعدت خلود نظراتها لتحدق في نقطة ما تفكر، هتف السيد باستعطاف:

-اللي إنتي عاوزاه هنعمله، لو عاوزة فلوس علشان لو زعلناكي هندفع ونضمن حقك

نظرت له خلود مستنكرة أن تقبل بذلك فالحياة الزوجية أسمى وأرقى من مجرد أوراق مالية، ردت برفض:

-مستحيل أقبل بحاجة زي كده، الجواز عندي لازم يكون فيه آمان ومقدس، الفلوس آخر حاجة أفكر فيها

أعجب الجميع بتفكیر خلود ومدحتها ملك قائلة:

-طول عمرك عاقلة يا خلود برافو عليكي

لحفظ كرامتها حتى لا يظنوا بأنها سهلة قالت بكبرياء:

-سيبوني أفكر وهارد عليكم…………!!

__________________________________

أسندها وهو يدلف بها من باب المشفى ثم تحرك بها ليعاونها على ركوب السيارة، كانت رسيل تستشعر ألم بسيط في ساقها إثر قفزها من السيارة أثناء الحادث، وهما في الطريق قال أيهم بضیق:

-كان فيه كرسي بعجل ليه رفضتي تركبيه، أو حتى سيبيني أشيلك، إنتي مش قادرة تمشي

ردت برفض:

-كده كويس أنا بخير على فكرة وكنت محتاجة اتمشى

أجلسها أيهم في المقعد الأمامي ثم سألها بتحنن:

-طیب أيه حبيبتي مرتاحة كده ولا فيه حاجة بتوجعك؟

ردت مبتسمة بود:

-مرتاحة يا حبيبي

أغلق الباب ثم تحرك ليجلس خلف عجلة القيادة، حين جلس قال لها ببسمة ناعمة:

-الولاد هيتجننوا ويشوفوكي

ردت بتشوق:

-هما كمان وحشوني قوي، بس مكنش هينفع أجبهم هنا، مش باحب أشوفهم في مستشفيات، بزعل لما بشوف طفل تعبان

رد بتخمين:

-وعلشان كده اتخصصتي تبقي أطفال

أومأت رأسها مؤكدة فقال لها بخبث:

-طيب زمانك تعبانة والدكتورة كتابتلك على مرهم علشان الجروح اللي في جسمك، على إيدي هتخف إن شاء الله

نظرت له بطرف عينيها قائلة:

-تموت إنت في أي حاجة قبيحة، مش هتتغير أبدًا

رد بنظراته الماكرة:

-استغفر الله العظيم، اتغيّر أيه تفي من بوقك يا روحي، إنتي متجوزة راجل مش سوسو

ضحكت رسيل عليه فهذا ما تحبه فيه، قام أيهم بتشغيل سيارته وما هي إلا ثوانٍ معدودة وكانت الأعيرة النارية تتساقط كالأمطار على السيارة فصرخت بعنف حين وجدت أيهم لا يتحرك بجوارها:

-أيــــــهم………………..!!

_________________________________

وصلت هي وزوجها لفيلا عمتهما، ترجلت نور أولاً ولم تنتظر زين لتتحرك للداخل كالأطفال كي ترحب بقدوم أقرب رفيقة لها وابن عمتها، فور ولوجها تهللت حين رأت سارة صديقتها الوحيدة، تعانقن الاثنتين وقد بلغ الاشتياق ذروته ليظلوا هكذا لبعض الوقت، رددت سارة بمحبة:

-وحشتيني يا نور، مافيش فيكي حاجة اتغيّرت

-إنتي كمان وحشتيني، أخيرًا حنيتي علينا ونزلتوا

ردت سارة بمفهوم:

-صدقيني دراسة الأولاد والشغل بينسي الواحد حاجات كتير

ابتعدت عنها نور لتقول مدعية العبوس:

-تنسيكي نور كمان

ضحكت سارة لتقبل وجنتيها مرددة:

-حبيبتي يا أغلى صديقة في الدنيا

جاء زين برفقة مالك فنظرت له نور مبتسمة باتساع، رحب بها والألفة بادية عليهما، هتف باشتياق:

-وحشتيني قوي يا نور

-إنت كمان يا مالك، مقدرتش أصبر لحظة علشان آجي أسلم عليكوا، بجد وحشتوني كتير وبحبكم

قالتها نور وهي توزع نظراتها عليهما، ضمتها سارة ثانيةً قائلة:

-مش أكتر مننا صدقيني

بعد ذلك توجهوا ليجلسوا في الصالون، هتفت سارة متعجبة من جمالها إلى الآن:

-يخرب عقلك دا شكل واحدة جوّزت عيالها وبقت حماه، إنتي زي ما إنتي

ردت نور لتوضح بثقة:

-خدي بالك العيال متجوزين صغيرين ومخلفاهم وأنا صغيرة!!

تأمل زين زوجته بتتيم فهي لن تتغيّر حتى في طريقتها، سألت سارة بعدم استيعاب:

-ليه مجوزاهم صغيرين، ماريان ثانوي لسه، وآيان لسه تانية جامعة ليه كده؟، الجواز المبكر في بعض الحالات مش كويس

قالت نور باطلاع:

-كل ده عارفاه، أنا اختارت كويس، ماريان بتحب ريان وعلشان كده جوزتهم وهما مبسوطين مع بعض، وآيان كان عاوز يتجوز بنت بيحبها والحمد لله كويس وسعيد، المهم الاختيار الصح

تدخل زين ليقول بفهم:

-مرحوش لحد غريب ودا مطمنا قوي، وآيان مناسب ناس كويسين جدًا، عقبال بناتكم!

ردت سارة بدعاء:

-يا رب، بس أنا هسيبهم لما يكبروا، خايفة يكبروني بدري

قال مالك برضى:

-هما بنتين بس مالين علينا الدنيا والحمد لله

خاطبت سارة نور بفضول:

-بس يا نانو مخدتيش بالك إنك ممكن تكبري نفسك لو حد فيهم خلف

ردت نور باعتراض بعدما فكرت في الأمر:

-ماريان خليتها تاخد مانع حمل لحد أما تدخل الجامعة، وكفاية عُمر دا الواد مصغرني

ضحك زين على حديثها قائلاً:

-قولي كده بقى، عاوزاني أكبر أنا ويفتكروكي بنتي

ردت نور بنبرة محببة:

-وهيصغرك إنت كمان يا حبيبي

ردت سارة بعدم اقتناع مما جعل نور تتوتر بشدة:

-طيب ومرات ابنك هتخليها هي كمان متخلفش؟!!….

…………………………………………………

_______________________

__________________

___________

الفصل التالي: اضغط هنا

يتبع.. (رواية مغرم بك) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.

أضف تعليق