رواية مغرم بك الفصل الثامن عشر 18 – بقلم الهام رفعت

رواية مغرم بك – الفصل الثامن عشر

الفصل الثامن عشر

الفصل الثامن عشر

الفصـل الثـامن عشــر

مُغـرَم بـكِ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قصت له تأزقها من زيجة ابنها غير المرضية ومن سيدة تكبُره لتظل متبرمة منذ حضورها، انفجر زوجها فيها مستاءً من عدم قبول الأخيرة حين هاتفته السيدة رئيفة عبر الهاتف الأرضي الخاص بالسراية، اعترض السيد عبد الحميد ليأمرها بتقطيبٍ:

-مينفعش اللي بتعمليه ده يا حاجة، جواز مازن منها هينفعنا كتير، إنتي عارفة دي تبقى بنت مين وأبوها ممكن يعمل أيه لو بس عرف إنها مش مبسوطة معاكوا؟!

هتفت بعدم اقتناع:

-بس دي أكبر منه يا حاج، ليه تغصبه عليها؟

ردد بانكار ما نطقت به:

-مين قال إني غصبته، دا هو اللي قالي إنه عاوزها، افتكرته عاوز يتجوز على مراته ويخلفله حتة عيل!!

تعجبت السيدة رئيفة من حديثه المناقض لما تراه أمامها فما استنبطته عدم محبة ابنها لها، هتف عبد الحميد بتحذير خاتمًا لحديثه:

-عامليها كويس يا حاجة، أبوها هينفعنا قوي دا راجل واصل…..

من الأعلى كانت خلود ممسكة بسماعة الهاتف هي الأخرى تتنصت على الحديث الدارج بين السيدة وزوجها وهي تصر أسنانها بقوة، بعدما إنتهى الحوار غمغمت بغيظ:

-بقى إنت اللي طلبت تتجوزها، وكمان مش عامل حساب لأخويا وبتفضل عليه واحد ميسواش، كنت عارفة إنك عاوز تضحك عليا علشان مقولش لأخويا وتحرمني من ابني، وتلاقي الست سيرين كمان بتضحك عليا زيك، بس مش أنا اللي ممكن أسمح بكده ولازم اتصرف

أغلقت خلود السماعة لتتحرك نحو ابنها الجالس على الأرضية ويلعب باشياءه، تأملته وهي واقفة أمامه لبعض الوقت وتتابع في نفسها بحزن:

-بس اتصرّف إزاي، أنا مش ممكن أعيش معاه بعد ما اتجوز عليا، ولا حتى أعرف أهرب بيك يا حبيب ماما، وماجد لازم يعرف إنه اتجوز عليا!!

ثم تنهدت وعقلها مزدحم بتوالي المصائب التي أرقتها، خطرت جيسي على ذهنها فخاطبت نفسها بتأملٍ وهي تنظر أمامها:

-هروح عند جيسي، هي أكيد ممكن تساعدني……..!!

___________________________________

في الأسكنــــــدرية………

استدار بكامل جسده ناحية والده الذي حضر ثم نظر له بتوتر، تدرج زين مقتربًا منهما وقد قست نظراته نحو أيهم الذي تجرأ وتطاول على ابنه الأكبر فهو لم يفعلها يومًا، خلّفته نور المزعوجة لتلج هي الأخرى متحركة نحو ابنها لتأخذ صفّه ضد هذا الغريب، لم تهتز شعرة من أيهم ليشدّد من سلامة موقفه ضد ما فعله ابن هذا الرجل من قذارة، باتت الأجواء مشحونة والكل واقفًا لتبادل النظرات المستشاطة، هدر زين بانفعالٍ مكتوم:

-ممكن أفهم إنت مين وإزاي تتجرأ وتدخل فيلتي وتمد إيدك على ابني؟!

رد أيهم بثبات متعمدًا احترام حضوره:

-الأفضل تسأل ابنك عمل أيه علشان هيحكي اللي عمله، واتمنى ميكدبش!!

نطق بذلك ناظرًا بتهكمٍ لآيان الذي ارتبك فرغم أنه تحضّر لهذا الموقف لكنه مهيبًا موترًا للأعصاب، وجه زين بصره نحو ابنه منتظرًا بقسمات جامدة أن يحكي، لكن نور لحبها لابنها لم تهتم بذلك لتسأل أيهم بعبوس:

-هيكون عملك أيه علشان تمد إيدك عليه وأكيد عارف هو ابن مين!!

تفهم أيهم ضيقها والتزم الهدوء، بينما هتف زين بتروٍ:

-إهدي يا نور خلينا نعرف الموضوع

اهتاجت نور من ردة فعله الباردة لتصرخ به باستياء:

-دا ابنك، وشوفت واحد بيهينه ويضربه وحضرتك ساكت كده؟!

وُضِع آيان في موقفٍ مخجل من شدة احراجه انعقد لسانه عن شرح ما فعله، في حين لم ينتظر أيهم أن يتحدث هو ليخرج باهتياج ما علم به موضحًا لها:

-ابنك المحترم ده ضحك على زميلته اللي هي قريبتي وكان عاوز يغتصبها، وهي لحد دلوقتي مش راضية تقول أي حاجة

تصلبت نظرات نور المصدومة نحو ابنها ونظرات زين له كانت تعلن خيبة أمل شديدة فيه فقد ترك له الحرية، ذابت أوصال آيان من نظرات والديه اللائمة، سأله زين بتجهم:

-صحيح يا آيان اللي قاله ده؟

لم يعلن آيان أنه لم يفعل ذلك في إعتدائه على الأخيرة لرغبته في الزواج منها حتى وإن نزع صورته الجيدة من أعينهما، لذا رد بتأكيدٍ زائف:

-حصل يا بابا!!

لم تتحمل نور الوقوف على قدميها ثم ارتمت على الأريكة دافنة وجهها بين راحتيها متحسرة على ما وصل إليه ابنها الكبير العاقل، باعد زين نظراته عن ابنه ليتطلع لأيهم قائلاً بتماسك:

-ممكن حضرتك تشرفني في الأوتيل بتاعي ونحاول نحل الموضوع بهدوء………….!!

_____________________________________

في القــــــاهرة……..

وقفت رسيل حائلاً بينهما ورغم ذلك تملك عمرو من الأخيرة ليمسك بشعرها فصرخت زينة بخوفٍ ورهبة وهي تبكي بضعف لتستسلم لسحبه الغاضب لها، هتفت رسيل بشرح:

-زينة ملهاش دعوة يا عمرو، زينة مجني عليها

جعلها عمرو تقف أمامه والشرر يتطاير من عينيه متجاهلاً مهاترات رسيل، سأل زينة بصوتٍ جهوري:

-انطقي حصل معاكي أيه، وإزاي تخبي عني؟

بدت حالة زينة مذرية للغاية لتختفي الكلمات من عقلها لتظل تبكي فقط وبداخلها تريد الموت الآن، اشفقت رسيل عليها فاستجمعت قواها لتفك قبضته من عليها وهي تأمره بحزم:

-ابعد عنها، مش شايف شكلها، هتبقى إنت كمان!!

تركها عمرو فضمتها رسيل لصدرها ثم مسدت على شعرها بلطف ونظراته على أخته كلها غيظ، هتف بغضب:

-احكيلي اللي حصل!!

ارتجفت زينة خوفًا لا تريد أن تشرح شيء مخجل كهذا، لكن جاوبت رسيل عليه بتهكمٍ وهي تضمها لتحميها من بطشه:

-هتحكيلك أيه في حاجة زي دي، المفروض تفهم لوحدك

وضع عمرو كفيه على رأسه متحكمًا في ثورة غضبه وهو يردد:

-يا دي الفضيحة، مين ابن الــ *****اللي عمل كده؟

ردت رسيل موضحة:

-أيهم عرف مين وسافر اسكندرية علشان يتصرّف

اهتاج أكثر محتجًا:

-أيهم عارف كل حاجة وأنا لأ، لو مكنتش كلمت كارم بيه وعرفت منه إن هي هنا كان زماني على عمايا ومش عارف حاجة

ولجت سميرة على صوته العالي مضطربة ومعها السيد مروان الذي تفاجأ بحضوره، هتفت سميرة بحذر:

-فيه أيه عمرو، صوتك عالي ليه؟

وجه بصره نحو عمته ليرد بسخرية:

-بقى مش عارفة يا عمتي ليه صوتي عالي!!

ازدرت سميرة ريقها في توتر ثم نظرت لمروان ليتدخل لتهدئته، بالفعل هتف مروان بتعقل:

-عمرو الحاجات دي ممكن أي بنت تتعرضلها، زينة ملهاش ذنب إنك تتعصب عليها، الأمور بتتاخد بالتفاهم علشان نوصل لحل سليم!!

التفت عمرو ناحية اخته المتشبثة برعب في رسيل، لسوء حالتها حاول الهدوء معها فقط، سألها بجأشٍ مصطنع:

-قوليلي اسمه أيه علشان أجيبلك حقك منه، مبقاش عمرو لو مندمتوش على اللي عمله……..!!

____________________________________

عودة للأسكنــــــدرية……..

لم يصدق أذنيه التي تستمع لكلماتها وهي تلمح له بأمورٍ شتى كانت سببًا في تأزّم وضعهما في الماضي، والتي حملت في طياتها الكثير مما تضمره بعد تلك العِشرة بينهما، حيث جاءت نور إلى غرفة مكتبه بالفيلا لتتحدث معه بشأن ابنهما، نظر لها زين متأملاً هيئتها المتضايقة، سألها بخيبة أملٍ:

– قصدك أيه يا نور إن أيان زيي!، أنا مربيه يطلع كده يعني؟، ولا لسه بتشكي فيا بعد العُمر ده؟!

ازدردت نور ريقها متوترة، اهتزت نظراتها وهي تُجيب بتزعزع:

– معرفش، بس الولد بيعمل زيك بالظبط

حدق بها زين بنظراتٍ مدهوشة وهو ينهض مستديرًا حول مكتبه ليقف أمامها بخطواتٍ بطیئة، أكملت نور بعدم رضى موضحة:

– بيسهر في العوامة وأوقات بيبات فيها، وأخرها جايب بنت زميلته وكان عاوز… !

صمتت مجبرة من تكملة الباقي وفكرها يخدعها بالعودة للوراء، نظر لها زين بصدمة فكلماتها كانت كفيلة بأن يتفهمها، تبادلا النظرات وهما يتطلعان لبعضهما البعض بأعين تتحدث، أزعجه الموضوع وبداخله حزن لعدم تناسيها ما مر عليهما، رد بعقلانيةٍ رابطًا على قلبه الذي فطرته:

– أنا هشوفه يا نور واتکلم معاه، بس اللي قولتيه ده مش هنساه أبدًا….!!!

،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،

قهقه بصوتٍ رنان ملأ غرفته حين أخبر زين ابن عمته آخر المستجدات، هتف آيان بتهلل:

-كله فاهم إني كنت معاها، مهمنيش زعل بابا وماما مني قد إني اتجوزها، أكيد مش هيبقى فيه حل غير جوازي منها

رد زين بفرحة لم يقتنع بها آيان:

-مبروك يا آيان، أخيرًا اللي كنت عاوزوه هيحصل!!

استفهم آيان بقتامة:

-أيه يا ابني مالك، لسه برضوه اللي حصل معاك مأثر فيك؟

رد زين بتافف:

-ماما مش عاوزاني أخرج وحبستني في أوضتي، شوفت الهنا اللي أنا فيه!!

ضحك عليه آيان ثم قال بتلميح:

-ايه رأيك نتجوز أنا وإنت في يوم واحد

ارتبك زين قليلاً ثم رد متعثرًا:

-جواز أيه بس

أظلم آيان عينيه ليرد بمكر:

-خلاص عرفت إنك عاوز تتجوز “لما”، ليه تخبي بقى؟

تردد زين في اخباره بكل التفاصيل، لكنه رد باقتضاب:

-أيوة هتجوزها

-سوا بقى

قالها آيان بخبثٍ بائن جعل زين يبتسم باستهزاء ففرحته لم تكن مكتملة، وجد بأن آيان مثله لذا قال له بتفهم:

-حتى لو اتجوزتها يا آيان، أكيد زينة مش هتنسى اللي عملته معاها، وأكيد هتكون مش قبلاك وحياتكم سوا هتبقى….

قاطعه آيان بلا مبالاة:

-المهم أنا عاوزها، وبكرة هخليها تحبني من اللي هاعمله علشانها

ولج زين الغرفة عليه وهو غير راضي عن استهتاره وفعلته الشنعاء ليعنفه بالفعل على ذلك فحديث نور له أزعجه، أغلق آيان هاتفه في وجه ابن عمته حين لمح غضب والده ثم اعتدل ليقف أمامه، بادر آيان بالتوضيح لوالده قبل أن يتلقى ما هو غير محمود منه قائلاً:

-ملمستهاش يا بابا، أنا بس جبتها العوامة علشان أجبرها على الجواز مني

-أومال ليه قولت تحت إنك كنت معاها؟

سأله زين بتضايق، رد آيان معللاً:

-قولت كده َعلشان عاوز اتجوزها، لو سمحت يا بابا الكلام ده بينا

هتف زين باعتراض:

-وليه تعمل كده، البنت واضح بنت ناس ومكناش هنرفض تتجوزها طالما بتحبها وعايزها، وكمان مامتك زعلانة منك

وضح آيان بتردد:

-ماما وجدو عاوزيني اتجوز لين، ومكنش قدامي غير كده، ولو على ماما هفهمها كل حاجة ومش هخليها تزعل مني!!

وضحت الأمور أمام زين الآن ثم قال بمعني:

-يعني عاوز تتجوزها خلاص ولا كلام عيال وهتصغرني قدام الراجل اللي كان هنا، بصراحة معروف قوي يا آيان ومتجوز بنت عم البنت دي

هتف آيان بتحايل اضحك زين:

-جوزهالي وحياتي عندك يا بابي

وضع زين كفه على خده فرحًا بأنه كبر عن ذي قبل، ردد بتودد:

-هتتجوزها يا آيان وعد مني………!!

___________________________________

عودة للقــــــاهــرة……..

طلبت معاونته لها بعد وفاة زوجها حين تركت الجميع وجلست بمفردها في غرفتها ليقف بجانبها فهو ما زال الوحيد القادر على صد أي شخص، رغم وجود إسماعيل لم يكن محفزًا لها لتجعله يقف أمام هذا الرجل المدعي قريب زوجها، تفاجأ أيهم باتصالها المباغت له قائلاً:

-سالي إهدي البقية في حياتك، بس مين دا اللي عاوز يسرق حق بنتك فهميني؟

كفت سالي عن البكاء ثم جففت عبراتها بمنشفة ورقيه سحبتها من العلبة التي أمامها لترد بتقطع:

-أيهم يوسف قبل ما يموت لقيت واحد قريبه ظهر وهيجي ياخد كل حاجة مع إن يوسف مكنش بيكلمهم، أنا خايفة قوي

هتف أيهم بجدية:

-متخافيش يا سالي هي سايبة، ومش معنى إن عمي رؤوف مسافر يفكر إنك لواحدك، خليكي طبيعية لحد ما آجي ومتعمليش حاجة، يومين وهتلاقيني عندك علشان أنا في اسكندرية

ارتاحت كثيرًا فهو من سيقف بجانبها في هذه الأزمة، شكرته بهدوء حزين:

-ميرسي يا أيهم، بجد أنا من غيرك ولا حاجة…!!

عندما انتهت سالي من محادثته فوجئت باسماعيل من خلفها يرمقها باكفهرار، استغربت منه فاستفهمت:

-مالك يا اسماعيل واقف كده ليه وسايب الناس برة؟

تحرك نحوها بتعابيره الكالحة ليرد باستنكار:

-إنتي إزاي تكلمي أيهم يقف معاكي، هو أنا مش مالي عينك

نهضت سالي من مقعدها لتزكي بتردد:

-أيهم طول عمره بيقف معايا، وكمان له اسمه علشان يقدر يوقّف الراجل ده عند حده

ردد باعتراض:

-وأنا هنا أيه ولا لزمتي أيه طالما بتحتاجي أيهم، ولا حنيتيله

لم يعجبها حديثه المليء بالتهمة وتذكيرها بما مضى لتوبخه:

-اتجننت يا اسماعيل، كنت فاكرني أيه علشان تقول عليا كده، وكمان إنت مين علشان تتهمني بحاجة نسيتها

أغاظته كثيرًا يريد بداخله أن يندفع في رده رغم أنه سيحدث الكثير من المشكلات ولكن بحنكة ستجبره بأن يقولها هو، أخذ اسماعيل قراره بإعلان عودتها إليه ولكن في تلك اللحظة ولجت مهجة التي استمعت لكلامها وترقبت رده، استشعر إسماعيل وجودها لذا حاذر فيما سيتفوه به قائلاً:

-طيب يا سالي براحتك، وطالما أيهم هيقف معاكي يبقى وجودي مالوش لازمة!!

أخفت مهجة بسمة مبتهجة واغتبطت أنفاسها، لم تضغط سالي في تمسكها به خاصةً في وجود مهجة أو تبدي لهفتها لتظهر بشكل لا يليق بها حتى الآن، لذا ردت بتحفظ:

-طيب يا اسماعيل براحتك، أنا كنت بتصرّف عادي ومش قصدي حاجة، ولو كنت زي ما إنت فاكر مكنتش كلمتك قبله، إنت كنت جوزي وكان فيه بينا عِشرة

امتعض مهجة من حديثها الموحي والمخادع لتفطن بأنها تحاول أن تأخذه منها مرة أخرى، لذا قالت باستفزاز:

-بس إحنا مش هنسيبك، كلنا اخواتك هنا……….!!

،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،

زفر بقوة وهو واقف بشرفة غرفته بالفندق ويتأمل الأجواء الراقية من حوله مفرغًا همومه من كثرة المصائب التي تراكمت على عاتقه وأخرها سالي، لم يثبط أيهم ظن أحد فيه ليعاون من يلجأ إليه، اعتزم أيهم أخذ حمامًا باردًا ثم دلف للداخل متوجها ناحية المرحاض، اوقفه دقات الباب على جناجه الخاص ليعكس ما خطط له ويجيب حين تحرك ليفتح……..

سحب أيهم الباب للداخل فظهر زين أمامه مبتسمًا بسماحة، وجهه البشوش ورقيه في الحديث جعله ينفض فكرة تهذيب ابنه الضال، هتف أيهم بترحيب:

-اتفضل يا زين بيه!!

هز زين رأسه باحترام ليلج بخطوات رزينة متعمقًا لداخل الجناج، استفهم بلطافة:

-اتمنى الخدمة في الفندق تكون عجبتك

ابتسم أيهم قائلاً بمعنى:

-الفندق يجنن، المنتجع كله كمان

أخذ زين راحته بداخل الجناح حين توجه ليجلس مرددًا:

-نتكلم في الجد بقى

جلس أيهم مقابيله منصتًا له باهتمام، تابع زين بعقلانية:

-أنا مش هانكر إن ابني آيان غلطان في اللي عمله، بس مش هنقعد نبكي على حاجة حلها موجود ويمكن يكون اللي حصل ده يخلينا نعمل علاقات سوا

تيقن أيهم من ايحاء كلماته قراره بشأن ذلك، لكنه لم يقولها هو ليسأله باحتراز:

-وأيه هو الحل؟

ضحك زين بخفوت لعقلانية وجزالة هذا الرجل، رد بمغزى:

-يتجوزوا، آيان قال إنه بيحبها وعمل كده علشان عاوزها

لم يقتنع أيهم بطريقة ابنه المستهجنة في التعبير عن حبه واستنكرها، كاد ليعلن استياءه ولكن سبقه زين مكملا بحصافة:

-خليهم يتجوزوا، وهجيبه يطلب إيديها زي أي بنت ولا اللي حصل ده كان موجود، وهتبقى بنتي واللي تقول عليه

لم يجد أيهم في حديثه ثغرة مستقبحة ليرفض، وجده الحل الأسلم لزينة فهي فتاة لم يرد لها الفضيحة، أخذ أهلها في اعتباره لذا قال بتدبيرٍ:

-أنا موافق، بس لازم تطلب إيدها من أهلها……….!!

____________________________________

في القــــــريــة……..

كان خروجها محدودًا داخل القرية وكانت تفضل ذهابها لجيسي عن سيرين صديقتها، في حديقة الفيلا جلسن لتحكي لها خلود معاناتها التي زادت بزواجه عليها، انصدمت جاسمين هاتفة:

-اتجوز عليكي، وهتعملي أيه يا خلود، بقى هو ده مازن اللي بيحبك!!

رغمًا عنها انفلتت من خلود بعض العبرات الشاردة، أكدت ببؤس:

-متجوزين عن حب، عيشنا سوا أحلى أيام والكل كان بيحسدنا، ابني لما مات كل حاجة اتقلبت زي ما إنتي عارفة

كان حديثها يخيف جيسي بشدة فزواجها من عمرو ليس عن حب، من نزقها الزائد تخيلته مع رسيل رغم أنها متزوجة بآخر، لأن معزّة رسيل عنده كبيرة، قطعت خلود شرودها بتكليفٍ متوسل:

-عاوزاكي تساعديني أعرف أهرب من هنا!

لم تتعجب جيسي من قرارها لتحزن عليها، سألتها بأسى:

-خلاص هتسيبيه يا خلود، وهتسيبيني أنا كمان؟

تنهدت خلود لتمحي عدم بكاءها قائلة:

-هو اللي باعني، يعني خلاص هو اللي إختار

رددت جيسي بامتثال:

-هساعدك يا خلود تهربي متخافيش، بس استنى شوية لما عمرو يجي علشان سافر القاهرة………!!

__________________________________

-يعني أيه هيتجوزها، دا لازم يموت!!

ردد عمرو تلك العبارة بغضبٍ مدروس عبر الهاتف رافضًا ما توصل إليه أيهم من حل، رد أيهم ليزكي موافقته ويقنعه:

-عمرو الولد ابن ناس ومعروفين في اسكندرية، وزميلها في الجامعة، أنا بعيد عن اللي حصل شايفه عريس كويس ليها

ابتأس عمرو ليفكر بعقلانية لا يريد الفضيحة لأخته الوحيدة بل ولعائلته ككل، سأله بقلة حيلة:

-بس كنت عاوز آخد حقها، تفتكر أصلاً الجواز بينهم هيدوم؟، ما اعتقدش

قال أيهم بدراية:

-أبو الولد كويس قوي، هيجي يطلب إيديها منكوا وكل طلباتكم هينفذها، ليه نرفض والحل معانا، وافق يا عمرو مش عاوزين الموضوع يكبر، أصلاً الولد ده عمل كده علشان بيحبها

أذعن عمرو لتلك المعضلة ثم أوعز قائلاً:

-أنا مضطر أقبل عشانها، بابا لو عرف ممكن يروح فيها

رد أيهم بعقلانية:

-خلينا منبينش حاجة لأي حد من اللي حوالينا، والجواز يتم طبيعي، ولو على الحب واللي حصل بكرة تنسى

لم يجد عمرو بعد حديثه شيء يضيفه ثم ختم مع المكالمة على هذا الحل، كان عمرو مبتعدًا عنهم وهم يجلسون في بهو الفيلا ثم توجه ناحيتهم ليخبرهم فانتظروا بشغف، هتفت رسيل باستفهام:

-أيهم قالك أيه؟

جلس منضمًا لهم ثم وجه بصره نحو اخته التي تختلس له النظرات المتخوفة شاعرة بأنها منبوذة بينهم وهي ما زالت لم تترك حضن رسیل، لم يخاطبها عمرو بل أعلن بجدية:

-هيتجوزها!!

انفزعت زينة لتترك حضن رسيل ليبدو رفضها على قسماتها منجليًا، لاحظ الجميع ذلك ولم يجدوا أفضل من ذلك لوضعها، حاولت الرفض معلنة بأنه لم يلمسها قط ولكن خجلت من سرد كشفها عليه فقط، رددت بنبرة ضعيفة:

-بلاش جواز

هتف عمرو بنبرة حازمة جعلتها تنكمش في نفسها مستسلمة:

-إنتي متتكلميش خالص، عاوزة تفضحينا ولا أيه

ردت رسيل بحذر:

-إهدى يا عمرو زينة قصدها إنه ولد قليل الأدب ولازم يتربى

تجاهل ما حوله ليردد بصرامة:

-قولت هتتجوزوه يعني هتتجوزوه………………………!!_________________________________

_______________________

______________

الفصل التالي: اضغط هنا

يتبع.. (رواية مغرم بك) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.

أضف تعليق