شمس الصقر (رواية صقر وشمس) الفصل الرابع عشر 14 – بقلم سيمو

شمس الصقر (رواية صقر وشمس) – الفصل الرابع عشر

[14]

[14]

خرجت شمس من القصر مع آدم الذي رفع وجهه نحوها بأبتسامة حماسية لترفع يدها و تلكم الهواء مردفة بحماس:

شمس: هيا بنا نحو الأستمتاااااع.

رفع آدم يده يقلدها ثم أتجهت نحو سيارتها فاتحة الباب لـ آدم فصعد في مكانه، ساعدته على ربط حزام الأمان لتغلق الباب جيداً مسارعة بالصعود خلف المقود، ناظرت الحارس الذي أتى مسرعاً نحوها و ما كان ألا حازم الذي أنزل نظراته أرضاً مردفاً:

حازم: سيدة شمس، أخبرني الرئيس بأن أرافقكِ تحسباً لأي وضع طارئ فـ أرجو منكِ عدم الأعتراض حتى لا أعاقب.

تنهدت شمس بقلة حيلة لتقول بنبرة تريحه:

شمس: حسناً، ليست هناك أي مشكلة سّر خلفي بسيارتك و هذا يكفي إلى أن نصل لوجهتنا و هكذا تستطيع ان تنفذ أمر رئيسك.

كانت تريد أن تلقبه بالبارد لكنها تراجعت فوراً، هذا زوجها و كرامته من كرامتها هذه المرة ليست مثل المرة السابقة عندما كان السبب في قلقها على أختفاء آدم و كان يستحق لقب الغبي في تلك اللحظة، تنهدت بعد تذكرها لذلك الموقف لكن رد حازم جذب أنتباهها:

حازم: حسناً سيدتي، عن إذنك.

شمس: تفضل.

رحل حازم لكي يصعد بالسيارة الخاصة بطاقم الحرس و أستعد في مكانه، أما شمس ربطت حزام الأمان حول جسدها و أمسكت بالمقود بعد أن شغلت محرك السيارة نظرت نحو آدم بحماس لتنطلق بسرعة جنونية حالما رأت البوابة الكبيرة تفتح عن بعد، حازم رمش بعيناه عدة مرات و لم يرى سيارة شمس إلا آثار الغبار التي خلفتها السيارة!.

أدرك وضعه و سارع بالقيادة خلفها حتى لا يختفي أثرها من أمامه مردفاً:

حازم بدهشة: إذا كان رئيسي بهذا الجنون لما لا تكون زوجته مثله؟، حبة فول و أنشطرت نصفين!!.

خرج من بوابة القصر ليلحق بها، هدأت شمس من سرعتها لانها أصبحت على الطريق العام و كانت تقود بحذر قليلاً لتردف:

شمس: آدم بعد أن نعود أريد أن أحادثك في موضوع هام هل هذا ممكن؟؟.

نظرت له لتجده يومئ لها بخفة فأبتسمت له عادت تنظر إلى الطريق، بعد مدة ليست طويلة وصلت أمام المجمع التجاري لتصف السيارة في المكان المناسب تجاورها سيارة حازم، هبطت من سيارتها قفزاً كحال آدم و من ثم أغلقته بضغطة من زر التحكم عن بعد و  المفتاح وضع في جيبها.

أمسكت بيد آدم و حازم خلفها لتتجه نحو مدخل المجمع، أصبحت تنظر بأمعان إلى واجهة المحلات المخصصة للفساتين الحديثة إلى أن جذبتها إحدى المحلات وقف حازم أمام المحل و دلفت شمس بصحبة آدم، أتجهت نحو فساتين معينة و التي هي مخصصة لمناسبات حفلات الزفاف بدأت بالأختيار بينما جلس آدم على أحدى المقاعد التي تقابلها يسلي نفسه بجهازه اللوحي، أمسكت فستان ذو طبقة مخملية و كان جميل فتركته قائلة:

شمس: هذا ثقيل سوف أقع بمجرد أن أحمله فقط و ليس أرتدائه.

وقعت عينها على فستان باللون الرمادي لتتجه نحوه بسرعة تحسست نوعية قماشه فكانت ستان مخملي ثقيل قليلاً، صدره عليه نقوش و زينة باللون الرصاصي الفاتح حتى أسفل الصدر و على الأكمام حتى من الجهة الخلفة للظهر كذلك و من ثم يكون مسترسل واسع بخفة من عند الخصر و لأسفل، أعجبها لتأخذه و تذهب به نحو غرفة التغيير لتقيسه إن كان يأتي على جسدها أم لا، بدلت ثيابها سريعاً و أرتدته لتخرج به تسأل آدم:

شمس: آدم، ما رأيك بهذا الفستان؟!.

نظر آدم بأعين لامعة نحوها رافعاً سبابته و يشير لها بأن تدور حول نفسها ففعلت كما أراد، أومئ لها عدة مرات موافقاً على أختيارها ليتقط لها صورة بسرعة لم تأخذ بالها منه لترد بأبتسامة:

شمس: حسناً، سوف أخذه أنتظرني في مكانك حتى أبدله و من ثم نخرج سويا.

عادت إلى حجرة التبديل أستغل آدم هذه الفرصة و أمعن النظر في صورتها بخبث ،أرسلها إلى والده بأنتصار منتظرا رده، خرجت شمس بعد ان أرتدت ثيابها مرة أخرى و خرجت تمسك بالفستان بين يديها، نادت على الموظفة حتى تضعه لها في كيس بينما تدفع حسابه فتنهي هذه المعاملة في دقائق معدودة، أمسكت الكيس في يدها اليسرى و أمسكت يد آدم بيدها اليمنى و خرجت من المحل لتبحث عن مكملات الفستان من حذاء و حجاب مناسبين.


•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•


في شركة صقر**

صدح صوت تنبيه الرسائل على هاتفه ترك القلم من بين أنامله و أمسك الهاتف، فتح الرسالة ليجد مرسلها هو آدم و كانت صورة شمس بينما ترتدي الفستان، أبتسم مريحاً ظهره على ظهر الكرسي و أرسل له بسرعة:

صقر: هل هي تعلم بهذه الصورة؟!.

أنتظر لوهلة قصيرة حتى أتاه الرد:

آدم: أبداً، لقد ألتقطتها لها على حين غرة عندما كانت منشغلة بالحديث معي.

قهقه بخفة على الشيطان الصغير ليرسل له:

صقر: شقي كعادتك، لكن هذه المرة تصرفك أتى في مرماي سوف أكافئك بعد عودتي للمنزل.

رد آدم:

آدم: حسناً، ليست مشكلة بأن تكافئني عندما تعود للقصر و ليس المنزل 😕!!.

رد عليه صقر لأخر مرة:

صقر: أنت مستفز جداً.

أغلق الهاتف و عاد لعمله بأبتسامة خفيفة.


•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•

إختارت حجاب أبيض و حذاء أرضي باللون الرصاصي لأن طولها كان مناسباً للفستان و هي لا تريد لقدميها أن تظهر مهما حدث، طلب حازم منها أن يحمل الأكياس لتوافق على طلبه عارضة عليه كأساً من العصير ليوافق محرجاً، توجهت نحو الكافتيريا الخاصة بالمجمع فتجلس هي و آدم على طاولة و حازم على طاولة بجانبهم مراقبا محيط الكافتيريا جيداً كما أعتاد أن يفعل في مهماته.

أتى النادل و طلبت فنجان قهوة لها بينما طلبت لـ آدم كأساً من عصير البرتقال و لـ حازم كأساً من عصير الجوافة، لبى النادل طلباتها سريعاً و رحل متمنياً لها يوماً سعيداً، نظرت نحو آدم مردفة:

شمس: آدم، الموضوع الذي أريد أن أحادثك فيه مهم جداً لهذا لا أريد منك أن تنفعل، اتفقنا؟؟.

أومئ لها لتتنهد لمدة قصيرة ترتشف بعضاً من القهوة، بعد مدة قصيرة أنتهوا من فترة الأستراحة لتدفع الحساب بعد أصرار كبير منها لكي لا تجعل حازم يدفعه، خرج ثلاثتهم من المجمع التجاري و صعدت سيارتها بعد أن تأكدت من ربط حزام الأمان حول جسد آدم و أخذت الأكياس من حازم لتضعها في المقاعد الخلفية، ربطت حزام الأمان حول جسدها و من ثم شغلت محرك السيارة و بدأت بالقيادة و خلفها حازم.

أمسك هاتفه و أرسل رسالة نصية سريعة لرئيسه مضمونها:


” نحن في طريق


عودتنا




للقصر


يا رئيس، اليوم مر و لم تحدث أي أمور مثيرة للشُبهة”

تنهد بأرتياح عندما أتم عمله على أكمل وجه اليوم، رن جرس إشعارات هاتفه تعلن عن وصول رسالة ليفتحها و يكون المرسل رئيسه راداً على رسالته بكلمة واحدة فقط كانت كفيلة على أن تجعله يشعر براحة أكثر من الراحة التي كان يشعر بها منذ وهلة مضت:





أحسنت



ترك الهاتف على المقعد بجواره منتبها للطريق الذي تترأسه زوجة رئيسه، بعد مدة ليست كثيرة وصلوا إلى القصر فتتوقف شمس بالسيارة أمام مدخل باب القصر الداخلي و تنزل من السيارة ففعل آدم بالمثل، أخذت الأكياس الخاصة بها محدقتا في ظهر آدم بشرود فنادت عليه ممازحة:

شمس: أيها الشقي أنتظرني حتى ندخل معاً.

أستدار آدم مخرجاً لسانه بطريقة مضحكة فشهقت شمس بأصطناع قبل أن تبدأ بالركض خلفه في جميع أرجاء الصالة و ضحكاته تملئ المكان أسرعت نحوه تمسكه من خصره و ترفعه على كتفها بحركة سريعة جعلت آدم يضحك أكثر و هي معه، أمسكت الأكياس خاصتها و صعدت درجات السلم و أتجهت نحو جناح ميس لتتطرق الباب مرتين و من ثم فتحته دلفة و أغلقته بقدمها، نظرت نحوها ميس بأستغراب لتضع الاكياس على الأرض أما آدم قذفته فوق السرير ليأتي على وجهه، رفع رأسه بأنزعاج نحو شمس التي تقهقه على مظهره فريتب شعره متجاهلاً أياها، ميس ضحكت بخفة على تصرفاتهما لتنظر نحوها شمس بعد أن جلست أرضا:

شمس: أمي، لقد جلبت فستان حتى أحضر به حفلة زفاف صديقتاي لانه سيقام هنا أعطني رأيكِ فيه.

ناولتها الكيس الذي يحتوي على الفستان و كان جميل لترفع إبهامها الأيمن لها بأعجاب لترفع شمس يديها لاعلى بحماس ليعضها آدم سريعاً في يدها اليمنى فتصرخ ناظرة نحوه و قالت بنبرة حاقدة مع أعين ضيقة:

شمس: أيها الكلب الصغير!!.

تجاهلها آدم و كان سيخرج لتوقفه ناظرة إلى ميس:

شمس: أعتذر يا أمي يجب علي الذهاب حتى أبدل ثيابي و لانني اريد التحدث مع آدم في موضوع هام، سوف أترك أغراضي هنا و أتي لاحقاً لأخذهم.

قبلتها على وجهها سريعاً ثم خرجت من الجناح ممسكة بيد آدم، أغلقت الباب لتسير نحو غرفته مردفة:

شمس: أذهب لكي تبدل ثيابك و انا أبدل ثيابي أيضاً و من ثم نتحدث في الحديقة الخلفية.

أومئ لها آدم بينما تركته يدلف غرفته و هي سارت للأمام متجهة نحو الجناح، دلفت غرفة الملابس أخرجت بيجامة قطيفة ذات سترة طويلة تصل إلى بعد ركبتيها باللون البنفسجي و خطوط على الجوانب باللون الأسود و أرتدت حجاب باللون الأسود و لفته حول رأسها لفة سريعة و من ثم خرجت من الجناح لتجد آدم كان لتوه وصل أمام السلم، أخذت بيده مع إبتسامة مميلة رأسها قليلاً نحو الجانب ليأخذ بيدها راداً لها الإبتسامة و ينزلا درجات السلم معاً.

جلست على أريكة في الحديقة الخلف و يقابلها آدم لتسأل بجدية:

شمس: آدم عدني بأنك لن تنزعج من أسئلتي أبداً.

رفع خنصره يلفه هو خنصرها ليوعدها على طريقته، تنهدت و سألت بهدوء:

شمس: أانت على دراية تامة بأن صقر ليس والدك؟!.

لحظة صمت مرت عليهما لتتوتر هي من صمته لكنه رفع جهاز التابلت:

آدم: نعم، أنا على دراية بهذا الأمر.

تنهدت شمس براحة ثم أكملت:

شمس: لما لم تناديه بـ ” خالي ” عوضاً عن ” أبي” عندما كنت تتحدث؟!.

كتب و من ثم رفع الجهاز أمامها:

آدم: عندما كنت أتحدث كنت أناديه ” خالي” لكن بعد أن أصبحت يتيماً طلب مني أن أناديه ” أبي” و أنا منذ ذلك الوقت أفعل ذلك لكنني لم أتحدث مطلقاً.

شمس بسرعة: لماذا لا تريد التحدث؟!.

آدم: ليس لدي رغبة في هذا، أشعر أنه ليس هناك أي داعي حتى أتحدث رغم محبتي لخالي صقر و لكِ و لجدتي لكنني لا أريد هذا، ليس لدي رغبة لذلك.

تنهدت تفرك وجهها بكفي يديها و قالت بنبرة يائسة:

شمس: آدم، خالك يريد لك الأفضل، يريدك أن تعود طفلاً طبيعياً، يريدك أن تكون سليماً معافى من أي شيء حدث لك، يريدك أن تتحدث حتى لا تحصل على إعاقة في لسانك لأنك لا تتكلم، هذا يزيد من سوء وضعك في المستقبل و أنا أخبرتك بهذا مسبقاً!!، كما هو ضحى بعمله الذي يحبه و ضحى بحياته من أجلك عدة مرات ألا يمكنك أن تخاطر بحركة من لسانك حتى تجعله يتحدث معه؟!.

نظر إلى يديه و هو يشعر بالأرتباك و يستشعر رغبته في البكاء لكنه تمالك ذاته، أكملت شمس متنهدة:

شمس: أقسم لك بالله بأنك إن تحدثت بحرف واحد فقط و سمعك هو فقط سيهون عليه ماضيك و ماضيه كله بهذا الحرف أقسم لك، أنت لا تعلم كمية شوقه لسماع صوتك فقط رغم تعافي جدتك و قدرتها على السير مجدداً إلا أنها هي من تمنع ذاتها عن الكلام بإرادتها، لكن أنت لا تستطيع التحدث أليس كلامي صحيحاً؟!.

نظر نحوها بصدمة و عيناه تلمع بالدموع ثم تلمس حلقه و بدأت عبراته بالسقوط واحدة تلو الأخرى، تمالكت شمس ذاتها و تأثرت بشدة من رؤيته بهذا الشكل اليأس لتمسد رأسه مردفة:

شمس: كنت أخبرتني بهذا منذ البداية، ليس هناك داعي للكذب علي بهذا العذر يا آدم، الصدمة التي تلقيتها في الحادث أثرت على أعصابك اللغوية بشكل مؤقت على ما أعتقد، لو أخبرتني كنت درست حالتك و حاولت إيجاد بعض الحلول حتى أساعدك لكن لا تقلق أنا سوف أبحث في أمرك جيداً، لا تبكي.

أحتضنته سريعاً ليجهش بالبكاء سريعاً جاعلاً إياها تبكي هي الأخرى، رفعت رأسها حتى تمنع من هبوط دموعها لتبعده عن حضنها و تقول بصوت محشور بينما أناملها مشغولة بمسح دموعه:

شمس: لا مزيد من البكاء، يسعدني أنه رغم صغر سنك إنك على دراية بجميع تلك الأمور التي قد لا يتحملها أي أحد في مثل عمرك، ليس هذا و حسب بل أيضاً على قدرتك على الكتابة بشكل سليم، هذا بحد ذاته صعب على من هم في عمرك.

أمسك بجهاز و كتب:

آدم: أنا كنت أخشى من إخبارك بهذا كما أن خالي صقر لا يعلم.

نظرت نحوه بأستغراب بعد أن نظرت إلى عيناه المحمرة و سألت:

شمس بنبرة مستغربة: إذا هو لم يعلم بحالتك!! من أين لك أن تعلم أنت؟!.

كتب بسرعة:

آدم: تواصلت مع أحد أطباء جراحة المخ و الأعصاب من إحدى الدول الخارجية مستخدماً حساب بأسم أخر و سن بلوغ كافي ليجعله يتواصل معي، شرحت له حالتي و ما حدث ليخبرني ما أعاني منه بالتفصيل.

نظرت شمس له بصدمة و صفعت جبينها بخفة:

شمس: أيها الطفل الشقي الخبيث!!، زورت حساباً بأسم و سن مزيف حتى تستطيع أن تتواصل معه فقط!!.

أخرجت تنهدية يأس لتقول:

شمس: حسناً، هذا حدث في الماضي أرسل لي نسخة من التفاصيل التي أرسلها لك الطبيب حتى أراها و عندما يحين المساء سوف أتحدث مع خالك في هذا الأمر.

أمسك يديها و هز رأسه نافياً بسرعة قياسية جعلتها متفاجئة من ردة فعله تلك و تسأله:

شمس بتعجب: لماذا لا تريدني أن أخبره؟!.

رد عليها بالكتابة سريعاً:

آدم: حتى لا يشعر بالذنب تجاهي أكثر من ما يشعره.

كوبت وجهه بين يديها:

شمس: غبي، هكذا سوف تجعله يطمئن قليلاً على حالك عوضاً عن زيادة شعوره بالذنب نحوك، لا تفكر هكذا لان هذا سيجعله حزيناً منك ثم لا تقلق هو لن يغضب أو يشعر بالذنب أبداً.

آدم بخوف: أانتِ متأكدة؟!.

قهقهت و قالت بنبرة مرحة:

شمس: متأكدة كأسمي تماماً، واضحاً وضوح الشمس!.

و أنفجرت ضاحكة بينما تحتضنه ثم حملته على كتفها و هي تركض به نحو مدخل القصر.


في فترة المساء**

حان وقت العشاء لينزل صقر من جناحه بعد أن أخذ قيلولة قصيرة عند عودته من الشركة، دلف غرفة الطعام ليجد شمس و آدم جالسين على الجهة اليسرى بينما كانت تجلس ميس على الجهة اليمنى مكان آدم سابقاً، أبتسم نحو والدته و أنحنى مقبلاً يديها و من ثم جلس مكانه لتربت ميس على كتفه، رفع يده اليسرى و شعث شعر آدم الذي أبعد يده عن رأسه بأنزعاج لانه لا يحب هذه الحركة، ألقى نظرة على شمس التي كانت تتكئ بيديها على الطاولة و كانت شاردة الذهن لينادي أسمها متسائلاً:

صقر: ماذا بكِ يا شمس؟!.

نظرت نحوه شمس و نفت بخفة مردفة:

شمس: لا، لا يوجد بي شيء أبداً.

تجاهلها صقر حالياً و قرر أن يسألها عندما يكون بمفرده معها، بدأوا في تناول العشاء و أنتهوا منه بعد فترة ليست بكبيرة لتجلب شمس الدواء لـ ميس لتومئ لها برأسها تعبر عن شكرها و بعد ذلك تصعد لأعلى مع آدم الذي ذهب للنوم كذلك، جلس كلاهما في الصالة على إحدى الأرائك أمام شاشة التلفاز العملاقة يشاهدان فيلم السحر ( هاري بوتر و كأس النار)، كان صقر يختلس النظر بين الحين و الاخر نحو شمس ليجدها تارة مندمجة مع الفيلم و تارة أخرى شاردة تحرك يديها كأنها تحضر لإلقاء خطاب ما في مؤتمر صحفي عملاق.

تنهد بأنزعاج من حالتها هذه ليسحبها من قدميها فتشهق بينما تقع على ظهرها و تجد سدها يتجه نحوه و من ثم أمسكها من تلاليب بجامتها و سألها بنبرة ساخطة جعلتها تنظر بصدمة نحوه:

صقر: ماذا هناك؟!، ما هو الأمر الذي يشغلك بالكِ إلى هذا الحد لدرجة أنه يجعلكِ مشتتة بهذا الشكل القبيح؟؟.

أمالت برأسها للخلف و ترخي جسدها ليثبتها جيداً فتقول بهمس:

شمس: أريدك في موضوع يخص آدم.

صقر بأستغراب: موضوع يخص آدم؟!، ما هو هذا الموضوع الذي يجعلك بهذا الحال؟.

أعتدلت و من ثم قالت بجدية جعلت قلبه يخفق بقوة عندما تلاقت عيناهما:

شمس: دعنا نتحدث في المكتب.

صقر: حسناً، ليست هناك مشكلة.

أطفئ الشاشة و من ثم أتجه أمامها نحو المكتب و هي خلفه، فتح الباب لتدلف و يدلف هو خلفها ثم أغلق الباب و جلسا مقابل بعضهما على الأريكة السوداء الجلدية، ألتقط بأنامله جهاز التحكم الخاص بالمكيف و زاد درجة الحرارة لأن المكتب كان بارداً قليلاً، نظر نحوها لتتحدث مباشرة بعد أن جلست القرفصاء فوق الأريكة:

شمس: حالة آدم ليس كما كنت تتوقعها سابقاً.

عقد حاجبيه و قال بنبرة أستغراب:

صقر: لم أفهم!!، وضحي أكثر.

تنهدت تمسح وجهها بكفيها و التوتر طغى على نبرة صوتها الرقيقة:

شمس شارحة: آدم أكمل الثلاث سنوات و لم ينطق بأي حرف كما أخبرتني، منذ ذلك الوقت هو لا يستطيع التحدث بإرادته لأنه أصاب بصدمة الحادث التي أثرت على أعصابه اللغوية، لم يدقق أي أحد من الأطباء الذين كانوا قد أشرفوا على حالته في الوقت السابق لأنه كان صغيراً و طبقاً لحالته النفسية أستنتجوا أنه هو السبب في حالته، أي أنه إن كان يريد التحدث فسوف يتحدث في أي وقت يريد و إن كان لا يريد ذلك فسوف يمنع ذاته من الحديث.

أخذت نفس عميق عندما شعرت برغبة في البكاء و أصبح صوتها محشوراً و مخنوق بينما هو ينظر إليها صامتاً و بنتظر منها أن تنتهي من حديثها حتى يفهم الوضع جيداً:

شمس: من خلال متابعتي له في هذه الفترة القصيرة لاحظت شيئاً هاماً يخصه، عندما عدنا من الخارج أخذته إلى الحديقة الخلفية و تحدثنا سألته إن كان يعلم أنك خاله و لست والده ليخبرني أنه يعلم بذلك بالفعل كما أنه شرح لي بأنه لم يتحدث مطلقاً منذ فترة الحادث عندما سمحت له بأن بناديك ” أبي” عوضاً عن ” خالي” لأنتهز الفرصة و أسأله لماذا لا يريد أن يتحدث فتحجج بأنه لا رغبة لديه بأن يتحدث، يشعر بالأكتفاء عندما يكون صامتاً ولا يتحدث مع أحد مطلقاً، و عندما أعلمته برغبتك في سماع صوته لم أحتمل و صارحته بأنه لا يستطيع التحدث و أن رغبته في التحدث كان كذبة من الأساس.

و من دون أن تدري تساقطت دموعها عندما كانت منفعلة بالحديث، صدم صقر و أمسكها بخفة من أكتافها سألاً:

صقر: أنتظري!! ماذا تقصدين بالضبط أنه لا يستطيع الحديث؟! هل هذا يعني بأن صدمة الحادث هي التي أثرت على أعصابه و جعلتها متوقفة بشكل مؤقت أو بالاحرى قد شُلت تماماً؟؟.

أومئت موضحة:

شمس: صحيح، لا يستطيع التحدث بأرادته لأن أعصابه اللغوية متوقفة بشكل مؤقت ليست مشلولة بعد لأنه على عكس حالة والدتك، فـ أمي إن كانت تريد أن تتحدث كانت فعلت هذا منذ أن بدأت بالتعافي لكن آدم يحتاج صدمة قوية كفاية بمثل قوة صدمة الحادث حتى يستطيع التحدث مجدداً، هذا شبيه بحالة فقدان الذاكرة بفعل ضربة على الرأس للشخص و حتى تعود له ذاكرته يحتاج إلى قوة ذات الضربة حتى يسترجع ذاكرته.

أجهشت بالبكاء الصامت تخفي وجهها بين كفي يديها و قالت بصوت مخنوق:

شمس: كيف يمكن أنه لا يريد أن يتحدث و هو بهذا العمر؟!، يريد أن يصرخ و يبكي و يضحك عوضاً عن ضحكاته الصامتة الغير مكتملة!!، أنه طفل كيف لا يريد التحدث؟ كيف؟ هذا صعب يا صقر صعب جداً.

احتضنها و أصبح يربت على رأسها و يمسد ظهرها تارة واحدة حتى تهدأ مردفاً:

صقر: حسناً، لا تبكي توقفي عن البكاء حالاً سوف أجد حلاً لهذا حتى إن تطلب الأمر بأن أجلب طبيب متخصص لحالته من الخارج، لكن إهدئي فهذا ليس مناسب لكِ حتى لا تشعري بالدوار و لا تستطيعي الرؤية.

هدأت من نفسها إلى أن بقيت فقط شهقات خفيفة تخرج منفلتة رغماً عنها من بين شفتيها، مسح دموعها و قالت:

شمس: آدم منذ فترة طويلة زور حساباً مستخدماً أسم و سن مزيفين حتى يتواصل مع أحد الأطباء المتخصصين في جراحة المخ و الأعصاب و نجح في هذا، أخبر الطبيب حالته ليشرح له الطبيب بأنه يحتاج لصدمة قوية حتى يستطيع العودة للتحدث.

صقر بأنزعاج: لماذا لم يخبرني بذلك إذاً منذ أن علم بالأمر؟!.

أمسكت يده و قالت بسرعة نافية:

شمس: ليس هكذا، كان مراده أن يخبرك لكنه خشي من أن تشعر بالذنب نحوه أكثر على ما أنت تشعر به، لم أعلم ما السبب حول حديثه هذا و تجاهلت هذا الأمر و كان يريد مني أن لا أخبرك لكنني شرحت له بأنك لن تغضب أو تشعر بالأنزعاج منه حتى فوافق.

تنهد منزلاً رأسه ينفي من قسوة الواقع الذي لا يريد أن يمنحه الراحة حتى و لو لوهلة من الزمن، حقاً الواقع و الحقيقة لها طعم مر فيهمس:

صقر بنبرة يأسة: قال بأنه يخشى أن أشعر بالذنب نحوه أكثر من ذي قبل لأنني أعتقد بأنني السبب في ما حدث له.

نظرت نحوه بأستغراب و قالت:

شمس: هل تعتقد بأنك السبب في حادث شقيقتك و زوجها؟!.

صقر يومئ: نعم، فحينها كنا أنا و زوج شقيقتي مكتسحان لسوق الأعمال و تسببنا في إفلاس عدة شركات و التي كانت تعمل في أعمال غير شرعية من أسفل الطاولة، لهذا أعتقد بأن الحادث كان مدبراً لكنني لم أملك الدليل الذي يثبت صحة حديثي و حتى مركز الشرطة لم يجد الأدلة الكافية في موقع الحادث لهذا أغلق الملف على أنه حادث سير و أنتهى الأمر.

صمتت شمس لوهلة لكنها أقتربت نحوه ببطئ و نظرت في عيناه و همست:

شمس: صقر، الماضي ذهب و لن يعد و المستقبل لن نراه نستطيع فقط أن نراه كما أن الله عز و جل قال : ( قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا) صدق الله العظيم.

صقر متنهداً: صدق الله العظيم و النعمة بالله، كل مرة أعتقد أن الأمور سوف تتحسن لكنها تتعقد أكثر و أكثر!!، لا بأس هذا ليس مهمًا لكن أريد أن أفهم أكثر حول موضوع والدتي و عن منعها لذاتها من التحدث؟.

أحتضنته و لفت يديها حول خصره و يفعل هو المثل لتبدأ بالحديث:

شمس: كما أخبرتك سابقاً، هي المتحكمة في أفعالها الأن إن كانت أمي تريد التحدث كانت تحدثت منذ أن بدأت بالتعافي لكنها ببساطة لا تريد هذا.

صقر: هكذا إذاً، ما الحل برأيك؟!.

شمس: سوف أجد هذا الحل في وقت قريب لكن أخبرني هل فكرت في موضوع ذهابي إلى حفلة زفاف صديقتاي؟!.

صقر يومئ: نعم فكرت.

شمس: و ما هو قرارك؟!.

صقر حسناً، أذهبي ليست هناك مشكلة.

شمس: حقاً؟!.

صرخت بحماس و رفعت رأسها فتصطدم في ذقن صقر فتصرخ متألمة في ثانية بينما هو مسد ذقنه سريعاً لأن الاصتطدام كان قوياً و لم يكن متهيئاً لهذا الضربة نالت من ذقنه و من رأسها هي، تجاهل الألم الذي بدأ يزول ليمسد رأسها مكان الضربة فكانت تأن ليقول بأستفزاز:

صقر: هل رأسك هش لهذه الدرجة؟!.

شمس بغضب: ليس و كأن جسدك هذا مصنوع من فولاذ عوضاً عن الطين!!.

صقر: أنظروا من الغاضب هنا؟!، يجب أن أكون أنا الغاضب لأنكِ أنتِ من رفع رأسك على حين غرة و من دون سابق إنذار.

أبعدت يده عن رأسها نافخة وجنتيها بأنزعاج منه و كانت ستتحدث إلا أنها وجدت برأسه يقترب منها بسرعة فتغلق عيناها مستعدة إلى ضربة رأسه لكن عوضاً عن هذا شعرت بشفتاه على شفتيها يقبلها بهدوء، شعرت بالفراشات تجتاح معدتها و تحلق بقوة نتيجة الأحساس العاطفي ليبتعد قائلا بمكر الثعلب:

صقر: عقابك على عدم تلقي الراتب اليومي خاصتي.

نظرت نحوه بصدمة فينزل رأسه يحثها على فعلها بسرعة لكنها تحجرت في مكانها فيقول بخبث يعبر عن كبته لرغبته الجامحة:

صقر: أنني أكبت كل ذرة خلية في جسدي حتى أزيل لقب أنسة منكِ، لهذا أعطني راتبي اليومي أو سوف يزال لقب الآنسة منكِ في هذه الليلة، ما رأيك؟!.

شهقت بخجل و غطت فمها بينما تهتز عيناها من التوتر فتجد إبتسامة ترسمت على شفتيه و ينظر لها بينما رأسه تتكئ على راحة يده اليمنى و التي بدورها كانت مستندة على ظهر الأريكة لتندفع من دون أن تتحدث بأدنى حرف، قبلت جبينه و بعد ذلك كلتا وجنتيه كادت أن ترجع بجسدها إلى الخلف لكنه وقف حالماً إياها على كتفه بيد واحدة فتشهق متشبثة به و تحدثت بغضب:

شمس: هل تحسب نفسك أنك تحمل شوالاً من البطاطس يا حضرة النقيب؟!.

خرج من المكتب و أتجه بها نحو السلم ليرد عليها بنبرة أستفزازية خبيثة:

صقر: بل أنني أحمل كتلة لحم طازجة أستعد لأفتراسه في يومٍ من الأيام.

شمس شاهقة: أيها المنحرف يا قليل الأدب، أقسم أن أمي ميس لم تستطع أن تربيك جيداً، كيف لك أن تتحدث بهذا الحديث المحرج يا منحرف!!.

و أنهالت على ظهره بعدة لكمات و التي كانت بالنسبة له مثل الدغدغة، وصل إلى الجناح و فتح الباب ثم دلف داخله و أغلق الباب بقدمه، قذفها فوق السرير و من ثم أعتلاها مقرباً وجهه من خاصتها:

صقر: إذن لم تريدي مني أن أتحدث في هذا الموضوع و نحن في وسط القصر فنحن الأن في جناحنا الخاص و أستطيع أن أفعل و أقول ما أريد أليس هذا مقصدكِ؟!.

أستوعبت حديثه المملوء بالأنحراف و كانت ستتحدث إلا أنه جعلها تصمت واضعاً سبابته اليمنى على منتصف شفتيها بقسمها نصفين مردفاً:

صقر: أنا ذاهب إلى غرفة آدم لبعض الوقت، إن كنتِ تريدين النوم فـ نامي و إن كنتِ تردين إنتظاري فـ أنتظري ليست هناك مشكلة.

أومئت له بصمت ليخرج من الجناح و يتجه نحو غرفة آدم، طرق الباب مرتين و من ثم دلف ليجده جالسا أسفل اللحاف بينما ينظر إلى يديه بشرود لكنه خرج من حالته عندما سمع صوت طرقاته و يراه يدلف غرفته، جلس بجانب و مسد رأسه قائلاً بحنان:

صقر: آدم، كنت أخبرتني منذ أن عرفت بالموضوع حتى أستطيع أن أجد الحل، لم لأكن لأشعر بالذنب تجاهك أو أغضب أو حتى أنزعج.

نظر نحوه آدم بصدمة ليهز رأسه عدة مرات قصيرة كأنه يخبره ” حقاً ما تقوله؟!” ليفهم صقر و يومئ:

صقر: حقاً ما أقوله، أخلد إلى النوم الأن و سوف أجد لك الحل أنا و شمس لهذا لا تقلق نم و أنت مرتاح بني.

أحتضنه آدم بسرعة ليقبله صقر على رأسه قبل أن يستقيم من جانبه و يجعله يستلقي مدثراً باقي جسده أسفل اللحاف ليقول له صقر خارجاً من غرفته:

صقر: تصبح على خير.

لوح له آدم بيده ليغلق صقر باب غرفته بأبتسامة، تنهد يعود أدراجه نحو جناحه ليدخل مغلقا الباب فيجدها جالسة تسند ظهرها على ظهر السرير و رأسه في كل مرة يهبط بنعاس لكنه يعود مرفوعاً لأعلى مع رمشات عين حتى يذهب النعاس، قهقه بصمت و أتجه نحوها فتنظر نحوه بأعين ناعسة و تقول:

شمس بنعاس: لقد أتيت يا صقر.

صقر: نعم يا مُحبة النوم، هيا فموعد نومكِ قد أتى منذ زمن.

شمس تومئ: حسناً، تصبح على خير.

صقر: و أنتِ من أهل الخير.

أحتضنها و أنتظر عدة دقائق حتى تغرق في النوم ليحلق هو بها كعادته.


•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•


في اليوم


الموعود


( يوم الزفاف)**

فتحت باب المكتب لتراه يرتب بعض الاوراق، تحدث بينما ينظمها:

صقر: هل يوجد شيء تريدين التحدث به لانكِ منذ مدة تريدين قول شيء لي.

تقدمت ثم قالت تومئ:

شمس: أجل يوجد، لقد حدثتك منذ فترة بأنني أريد أن أقضي يوم حفلة الزفاف الخاص بصديقتاي بأكمله و أنت وافقت على ذلك مسبقا.

تنهد ثم قال بلا مبالاة:

صقر: أنسي هذا الأمر سوف تتجهزين الأن و تذهبين معي إلى حفل زفاف محمد و خالد و لكي تتعرفي على زوجتيهما.

شمس بصدمة: لكن أنت اخبرتني….

صقر: شششش هيا أذهبِ الأن و سوف ألحق بكِ.

تهجم وجهها ثم تنهدت بضيق و خرجت الكلمات من حلقها بغصة واضحة:

شمس: حسناً كما تريد، عن إذنك؟!.

صقر: تفضلي.

إستدارت مغادرة المكتب ثم أغلقت الباب خلفها صاعدة درجات السلم بسرعة و بدأت بشتمه من أسفل أسنانها التي تصتك ببعضها البعض، فتحت باب الجناح ثم أتجهت نحو الخزانة أخرجت إحدى ثيابها الطويلة و ذهبت نحو الحمام لكي ترتديها، لفت الحجاب بلفة بسيطة سريعة و معها إرتدت الحذاء الرياضي المسطح، ثم اخرجت الفستان الذي كانت تخبئه إلى يوم حفل زفاف يسرا و بهية لكن تبدلت نظراتها الى حزن بينما تضعه في غلافه الخاص و تضعه فوق السرير و أخرجت له هو بدلة عملية سوداء، أخذت خطواتها نحو غرفة الثياب و أخرجت بدلة سوداء جديدة مع قميص نبيذي اللون و ربطة عنق سوداء كذلك مع اقراط الأكمام بزينة فضية بسيطة، وضعت كل شيء في مكانه الخاص ثم وضعته بجانب ثيابها و من ثم خرجت نحو جناح ميس.

طرقت الباب لتسمح ميس لها بالدخول مهمهة بصوت عالي، وجدت آدم يلعب كالعادة معها لتتحدث:

شمس: أمي نحن سوف نذهب الأن أقصد بعد قليل إلى حفل زفاف أصدقاء صقر هل تريدين المجيء و أتحدث في هذا الأمر معه؟!.

نفت ميس برأسها مع ملامح صارمة و هي تلوح لها بيدها لتفهم شمس ثم قالت بابتسامة مصطنعة:

شمس: حسناً حسناً سوف أذهب هدئي من نفسك، آدم لا تعبث أو تزعج جدتك حسناً؟!.

اومئ آدم لها بسعادة ثم لوح لها و تبادله التلويح ثم خرجت بنفس الابتسامة، وجدت صقر دالفاً الجناح لكي يبدأ بتجهيز نفسه لترفع طرف ثيابها و تنزل بسرعة كالصاروخ و تجلس أمام التلفاز، بعد دقيقة ضربت جبينها ثم نادت على إحدى الخدم لكي تسألهم عن الثياب هل وضعوها في السيارة ام، و بالفعل إحدى الخادمات كانوا قد وضعوا الثياب لتتنهد براحة.

نزل صقر مرتديا البذلة التي حضرتها له، سار أمامها لتقف بدورها و تلحق به ممسكة بهاتفها مع وجه منزعج جداً، خرجا من القصر و صعدا السيارة ثم بدأ صقر بالقيادة نحو الفندق الذي سوف تقام به حفلة الزفاف الثنائية، و كانت القيادة طول الطريق عبارة عن هدوء و صمت غريب لكن قطعه رنين هاتف صقر الذي أخرجه من جيب سترته الداخلية ثم أجاب من دون أن ينظر الاسم:

صقر: ماذا هناك ي خالد؟!.

تأفف الطرف الآخر بملل منه:

خالد: كف عن إكتشافي لمرة واحدة في حياتك يا رجل هذا لا يصدق!!.

صقر ببرود: أدخل في صلب الموضوع و ألا سوف أغلق الهاتف في وجهك.

خالد بسرعة: حسناً حسناً، نحن ننتظرك أنا و محمد مع زوجتي و زوجته لكي نستقبلكم، أخبرني أين أنت؟!.

في هذه اللحظة كان الفندق أمام أنظار شمس و صقر ليقول:

صقر: أنا أمام الفندق خمس دقائق و سوف أكون في الداخل.

خالد: حسناً سوف نقابلك في الأستبقال لن نتأخر.

صقر: لا يهمني.

خالد بانزعاج: كم أنت رجل بارد الدم.

صقر: سوف أعتبره إطراءاً لأنه إن كان غير ذلك فـ اليوم سوف يتحول الى جنازتك و زواجك.

خالد بخوف: لا يا رجل زوجتي تريدني، لا تتهور.

صقر: لا أضمن ذلك.

و أغلق الهاتف في وجهه بلا مبالاة، صف السيارة أمام باب الفندق لتنزل شمس مغلقة الباب بقوة خفيفة دون وعي ليراقبها صقر بينما يترك الباب و يعطي المفتاح للموظف لكي يضعها في المصف الداخلي أسفل الفندق، إتجه نحوها ثم أمسك يدها بقوة قليلاً و تحدث ببرود:

صقر: إن كنتِ غاضبة لا تخرجي غضبكِ على باب السيارة لتصرخي فقط إن أردتِ ذلك؟!.

نظرت نحوه بابتسامة مزيفة بينما يدلفان الى الداخل:

شمس: كنت لو أود هذا لكن هناك كائن بداخلي يمنعني من هذا يا حضرة النقيب.

صقر: هذا جيد، يعجبني تحكمك في افعالكِ و تصرفاتكِ.

شمس: لا يهمني أن كانت أعجبتك ام لا.

وقف صقر أمام موظف الاستقبال ثم بدأ بإعطائه البيانات من أجل أن يأخذ جناح خاص ب رجال الأعمال و لكي يحظى براحة قليلاً قبل الليل، إنتهى من هذا بسرعة ثم عاود إمساكه ليدها و بدأ بالسير على طول مسار الأستبقال الطويل و أمامه مصعد و على كلا جانبيه طريق يؤدي إلى إحدى قاعات مخصصة بالاحتفال على مختلف المناسبات بأحدث التصاميم المميزة و العصرية ايضا.

يبعدان بضع خطوات عن الصعد ليظهر خالد ممسكاً بيد زوجته من الجهة اليمنى، و يظهر محمد في ذات الوقت ممسكاً بيد زوجته من الجهة اليسرى ليراهم صقر و يقول:

صقر: لقد تأخرتما دقيقة عن الظهور كالعادة.

رفعت شمس أنظارها نحو محمد و خالد لتنصدم بشدة مما رأته و هي تنظر مرة يساراً و مرة يميناً، كذلك الحال مع زوجة خالد تنظر مرة نحو شمس و مرة نحو زوجة محمد التي أمامها، و التي تشبهها أيضاً زوجة محمد و هكذا، لاحظ ثلاثتهم بعضهم بعضاً لتترك شمس يد صقر و تضحك بسخرية قائلة بينما تتقدم خطوة للأمام:

شمس: يسرا، بهية ماذا تفعلان هنا؟!!.

تقدمت يسرا بصدمة:

يسرا: شمس، بهية لما انتما هنا؟!.

و تقدمت بهية:

بهية: شمس، يسرا لماذا انتما الاثنين هنا؟!.

ثانية، ثانيتين، و عند الثانية الثالثة أغمى على ثلاثتهم في آنٍ واحد، أسرع صقر بحمل شمس و محمد بحمل بهية، و خالد بحمل يسرا، نظر ثلاثتهم لبعضهم البعض ثم قال خالد:

خالد: ماذا حدث الأن؟!، و لما هذا الاغماء الثلاثي؟!.

صقر: لا أدري!!.

محمد: و أنا الأخر لا أعلم!!.

حتى صقر الذي كان بارداً أصبح قلقلاً و السؤال المهم الذي يدور في عقل ثلاثتهم هو من أين تعرفهم هي ؟!، تنهد صقر ثم قال:

صقر: دعونا نأخذهم الى أقرب غرفة و نضعهم في غرفة واحدة إلى أن يستيقظوا و نفهم منهم ما حدث.

محمد: الأقرب هو جناحي أنا دعونا نذهب بسرعة.

تقدمهم محمد و خلفه صقر و بجانبه خالد، صقر كان يريد أن يضحك على هذا الوضع لكن لا فائدة الأن، دلفوا الى جناح محمد ثم نحو غرفة النوم الكبيرة، أنام محمد بهية على الجانب الأيمن من السرير ثم شمس و من بعد شمس يسرا، و من ثم ملائة بيضاء خفيفة غطتهم و جلسوا أمامهم يحاولون تحليل ما حدث بهدوء.

بعد مرور دقائق**

بدأت يسرا تستفيق و شمس و من ثم بهية، صمت ثلاثتهم عن الحديث ثم أعتدلت شمس في نومتها بينما تنظر نحو صقر و محمد و خالد و من ثم نحو يسرا و بهية، أبتسمت بغباء ثم مرة واحدة أمسكت الوسادة التي كانت اسفل رأسها و بدأت بصفع بهية و يسرا بقوة مع صراخها قائلة:

شمس: يا غبية أنتِ و هي استيقظا في الحال و ألا سوف أقتلكم.

صرخت بهية بقوة و إنزعاج:

بهية: يكفي يا مغفلة أرحميني من إزعاجك القاتل.

و صرخت يسرا:

يسرا: مثل الأطفال الصغار إهدئا قليلاً و ألا سوف يحدث لكما شيء عويص و لا أدري ماذا سوف أفعل بكما على وجه التحديد.

توقفتا عن الصراخ قليلاً ثم نظرت بهية نحو محمد لتجد رجلين لا تعرفهم تلقائياً إلتصقت خلف شمس و يسرا فعلت المثل لكن تحدث خالد بينما يرفع حاجبه نحو صقر:

خالد: بالله عليك لما زوجتك يا صقر تضرب زوجتي؟!.

محمد: صحيح لما زوجتك تفعل هذا؟!.

وقف صقر بابتسامة إنتصار ذكية و تبعه محمد و خالد في الوقوف أمام السرير الذي يضمهم:

صقر: محمد أقدم لك زوجتك بهية أحمد رأفت صديقة زوجتي التي ساعدتها في الهرب من عائلتها رغم أنها ممرضة ذكية ألا أنها سائقة سيارات محترفة.

نظر محمد نحو بهية بصدمة و التي بدورها تنظر نحو محمد بصدمة من إنكشاف معلوماتها، أكمل صقر:

صقر: خالد أقدم لك زوجتك يسرا محمد سالم صديقة زوجتي و التي ساعدتها كذلك في الهروب، ماهرة في إستخدام التكنولوجيا و مطورة و صانعة برامج إختراق عالية الدقة و هي التي أعطت زوجتي برنامجا لأختراق أنظمتنا منذ فترة و كل هذا بفضل زوجتك.

نظر خالد بصدمة لتحملق فيه يسرا فاغرة الفاه من دون أي تعبير آخر، بينما شمس تراقب الوضع بابتسامة مجنونة:

صقر: و أخيراً و ليس أخيراً أقدم لكم زوجتي شمس محمد عزت و هي المسؤولة عن إختراق أنظمتنا و معرفتها بكل التفاصيل عن الشركة، و لقد هربت من بيت العائلة لاسباب خاصة.

نظرت شمس نحو يسرا و بهية ثم قالت بينما تربت على كتفيهما ليخرجا من حالة الصدمة تلك:

شمس: حسنا حان دوري الأن لكي أقدم لكما هدية الزفاف، أولاً يسرا أقدم لكِ زوجكِ خالد مصطفى الأدهم صديق زوجي المقرب و ذراعه اليمنى في الشركة و مسؤولاً عن إفلاس أي شركة تكون خطراً على شركة زوجي كما أنه المساعد الشخصي له و السكرتير أيضاً و غير هذا سابقا كان رائداً في الشرطة لكنه استقال بسبب زوجي.

نظرت نحو بهية:

شمس: بهية أقدم لكِ زوجكِ محمد ياسين الشرقاوي صديق زوجي المقرب و رئيس طاقم الحراسة الشخصية بأكملها و الحارس الخاص ل زوجي، سابقاً كان رائداً في الشرطة لكنه أستقال أيضاً بسبب زوجي و أصبح يعمل معه.

نظرت نحو صقر:

شمس: أخيراً و ليس أخراً أقدم لكم زوجي صقر آدم الاسيوطي رئيس شركة أكبر أعمال تجارية في السوق و على مجال الدولة كما أنه نقيب سابق في الشرطة لأنه استقال بسبب شخصي، كما أن زوجكِ و زوجها يعمل مع زوجي لهذا تهانيا الحارة على هدية زواجكما الرائعة.

نظرت يسرا نحو خالد مصدومة ثم قالت يسرا بهمس:

يسرا: لقد كنت أعتقده يعمل في محل صغير في بيئة سليمة ليس له في هذا الكلام العالي.

شمس: ألم تسأليه قط عن عمله يا بلهاء؟!.

يسرا تنفي: و حياة جدتي التي ماتت و لم أراها لم أفكر في هذا السؤال حتى.

شمس: يال غبائكِ يا غبية!!

نظرت نحو بهية و كانت في نفس حالة يسرا:

شمس: و أنتِ؟!.

نفت بهية: لم اسأله، كنت أعتقد أنه رجل يحب السلام ليس له في الركلات و اللكمات و من هذا الكلام.

شمس بسخرية: ليس هذا فقط بل و الأسلحة أيضاً يعني بوم بوم هكذا.

بهية بغباء: هل يوجد قنابل أيضاً؟!.

شمس: اسأليه حبيبتي اسأليه.

أمسكتها من ذقنها و لفت وجهها نحو محمد الذي لطم على وجهه هو و خالد في ذات الوقت بسبب غباء زوجة كلاً منهما، بينما المنتصران في هذه الحرب الغبية يبتسمان بأكبر إبتسامة قد يتخيلها أي أحد.


•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•



Semo





S.m

الفصل التالي: اضغط هنا

يتبع.. (شمس الصقر (رواية صقر وشمس)) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.

أضف تعليق