رواية كارثة الحي الشعبي – الفصل الخامس والأربعون
الفصل الخامس والأربعون
أنظر جيدًا.
كارثة الحي الشعبي.
فاطمة محمد.
الفصل الخامس والأربعون:
-قطة اديتك قطة..كتها وكسة الخايبة النايبة دي.
صاحت “دلال” بتذمر، مصوبة كلماتها إلى أشرف الجالس أمامها بحجرة الصالون وبجوار قدميه يقبع القط يأبي التحرك من جواره..
رد على مضض يصحح لها:
-قط…قط…مش قطة.
-يا أخويا قط من قطة مش فارقة كتير.
جاء نضال رفقة عابد بتلك اللحظة مستمعين إلى كلماتها فصاح نضال يعقب ملقيًا وجهة نظره المرحة:
-ازاي بقى ياما..طبعا في فرق لو قطة وخرجت ممكن تغلط مع قط بلدي و ترجع حامل وتجيب لاهلها العار..بس القط ذكر ميعبهوش..والله لو عرف ميت قطة بلدي عادي..برضو هيرجع صاغ سليم..الدور والباقي عليها هي هترجع محملة..
ضحك “أشرف” بغلاظة، قائلًا:
-لا بتفهم ياض..وجهة نظر لا تحترم بصراحة وملهاش اي ستين لازمة…وامشي بقى يا مهزق انت من هنا.
تدخل “عابد” مدافعًا عن أخيه:
-انت بتتريق ومش عجبك الكلام..طب على فكرة بقى كلام ميه ميه..كفك ياض يا نضال..
ضرب الأثنان كفًا بالآخر مازحين سويًا…
كزت دلال على أسنانها وعيناها تحدق بذلك القط صارخة بذات الكلمات مرة أخرى:
-قطة…بتديك قطة..كتها وكسة الخايبة النايبة.
قلب أشرف عيناه يهمس مع نفسه بضجر:
-يادي النيلة..
بينما ضحك نضال بصوت عالي يعلق على حديث أمه:
-اومال عايزاها تديله ايه يا لئيمة..يا خبيثة أنتِ ها.
اجابه “عابد” يشاركه مرحه:
-تديله بوسة..او حضن كبير من بتاع المطار ده..
-ما تحترم نفسك يالا انت وهو بدل ما اقوم عليكم ومحدش هيخلصكم مني.
نطق أشرف بامتعاض وتشنج واضح تزامنًا مع خلع دلال لخفها المنزلي ممسكة واحدًا باليسار واخر باليمين…مصوبة إياهم نحو نضال وعابد…
تألم نضال وقال بتذمر طفولي:
-ولما تيجي في وشي هتفرحي؟؟
صرخت بهم بنبرة غاضبة تحثهم على إعادة خفها:
-قوم ياض أنت وهو وهاتوا الفردتين يا ولاد الجزمة…
نهض نضال وانتشل الخف الممسك به عابد..مقتربًا منها بحذر واضعًا إياهم جوار قدميها..مغمغم بضحكة مكتومة وقبل أن يفر من أمامها:
-اتفضلي يا جزمة..قصدي ياما…
-اه يا مهزق يا عديم الرباية….يا اللي الرباية معدتش عليك وربنا لوريك…..
انتهت من حديثها المستنكر الغاضب…مطالعة أشرف فوجدته يكبح ضحكته..وكذلك عابد …فالتقطت خفها من جديد وصوبته نحو عابد فقط فتصادمت واحدة بوجهه.. والأخرى بكتفيه…
-متضحكوش يا جزم…شيفاكم…شيفاكم انا مش عامية.
رد عابد بغيظ وشيء من السخرية:
-ومدام شيفانا…شبشبك مش شايف غيري ليه…أنا قايم احسن..واهو بقى…
انتهى قاذفًا خفها نحو أشرف فاتسعت عيناها ورآها تهب من جلستها فجحظت حدقتاه حيث لم يتوقع نهوضها واندفاعها نحوه راغبة في النيل منه….
لحق ذاته واسرع راكضًا من أمامها..قاصدًا حجرته…..تاركًا إياها تلقي سباب لاذع…طاله وطال نضال…
***********************
دخل عابد غرفته..مخرجًا هاتفه من جيبه…دافعًا جسده بلامبالاه أعلى الفراش..زافرًا بصوت عالي..رافعًا يده التي تحمل الهاتف قبالة عينه يفكر فيما عليه فعله..حقًا يغمره التشتت والحيرة حيالها وحيال ما عليه فعله معها….
وبدون أن يعي ارتسمت بسمة على ثغره وهو يتذكر كلمات اخيه حول سؤالها عنه..
“البت مبطلتش سؤال عليك”
بلل شفتاه ونهض بجذعه العلوي وجاء برقمها..وضع الهاتف على اذنه وانتظر إجابتها……
ارتفع رنين هاتفها بالسيارة فكتمت الصوت على الفور وظلت تحدق باسمه الذي يزين شاشتها….
متحدثة مع ذاتها باستنكار:
-وكمان ليك عين تتصل…ابقى وريني مين هيرد عليك…
انزل الهاتف وبدون أن يمل عاد يتصل عليها مرة أخرى………لكن أيضًا دون جدوى…
برزت عروق عنقه، وصاح بإصرار:
-والله ما هسيبك…وهتردي يعني هتردي.
وبعد محاولات وإلحاح شديد من تجاهه…ردت عليه بنبرة منخفضة للغاية وهي تتأكد من نوم ثراء القابعة جوارها وتضع رأسها أعلى كتفها:
-خير..بتتصل ليه؟؟
-طلقيني يا وئام…..ودلوقتي..
قطبت حاجبيها تعجبًا من طريقته شبه المرحه ومحاولته لتقليدها…مجيبة إياه بقوة:
-والله لو العصمة في ايدي مكنتش اتاخرت وكنت عملتها علطول…ومنزلتلكش كلمة الأرض..
رد بصدمة زائفة، يمزح معها:
-آآه…ردك رشق في صدري قتلني يا صرمة…
-أنت اللي بتقتلني وعايز تشلني…ولو عايز نصيحتي روح اكشف عشان انت كل شوية بحال..ولو استمريت على كدة هتجنني معاك…
اتسعت عيناه وعقب بأستهجان والغضب على وشك التمكن منه والسيطرة عليه:
-هتجنني اكتر من كدة إيه؟؟؟؟ وبعدين بلاش أنتِ عشان لو جبت واحد من الشارع وبيفهم في الأصول وشهدته عليكي هيطلعك غلطانة من ساسك لرأسك…ومفتكرش اني لو قولتلك يا متخلفة…ويا رجعية..وانك أنتِ اللي كنتي بتجري ورايا وبتتمني بس بصه هتعديها بسهولة ده انتِ مش بعيد تعلقيلي حبل المشنقة…
سيطرت على أعصابها ولسانها وقالت بخفوت:
-أنا حاليًا مش فاضية للكلام ده ولا هنكد على نفسي انا رايحة انبسط وهنبسط ومتخليش صوتي يطلع عن كدة….سلام يا عابد..ولا اقولك..مفيش سلام.
اغلقت معه تاركة إياه يشتعل والندم ينهش به لاتصاله بها………..صارخًا باهتياج وقد تبدلت حالته ومزاجه تمامًا:
-في ستين داهية……
***************************
مضى الوقت و وصلت الفتيات رفقة عائلتهم اخيرًا…وفور دخول وعد غرفتها قامت بمحادثة أشرف وإخباره بوصولها وحاجتها للنوم… أما داليدا ففعلت المثل..وهاتفت نضال الذي ظل يتحدث معها لعدم رغبتها بالنوم…مازحًا معها:
-قوليلي يا بت يا ديدا تعملي إيه لو صحيتي لقتيني عندك.. أو لقتيني جتلك عمومًا وطبيت عليكم..
ضحكت معقبة بمرح:
-هعمل ايه يعني هفرح طبعًا..بس عمي مروان مش هيفرح نهائي…
-بصي هو أنا آسف..او مش آسف بس يخبط دماغه في الحيط..هو الراجل ده حطتني في دماغه ليه..والله اوريله الوش التاني….
ارتفعت ضحكتها المدللة، تقترح عليه:
-طب ما توريني انا الوش التاني ده..لما نشوف عامل ازاي…حتى اكون خدت فكرة..قبل ما ادبس
-لا مقدرش ده انا اوريه لاي حد الا انت يا قمر أنت… وبعدين انتِ مش هتدبسي أنتِ ادبستي خلاص…
وبعد دقائق كان يغلق معها يفكر في شيء ما جعل البسمة الماكرة تأخذ مسارها على وجهه….عازمًا على التنفيذ عند استيقاظه….
مغمغم بعبث وهو يسحب الغطاء على جسده:
-الله عليك ياض يا نضال وعلى افكارك..دماغك دي الماظة..الماظة والله……ع
قطع حديثه مع ذاته مسببًا فزعه دخول عابد المباغت وسؤاله المتردد وهو يحك أعلى جبينه:
-نضال متعرفش وصلوا ولا لسة؟؟
تنهد بصوت عالي يجيبه بسخط:
-قطعتلي الخلف عشان خاطرها وعشان تعرف وصلت ولا لا..طب ما اتكلمها اسهل حتى تنبسط وتفرح بيك…..على العموم اطمن وصلوا خلاص.
***************************
بعد آذان الفجر مباشرة…استيقظ “جابر” ونهض عن الفراش، مغلقًا منبه هاتفه الذي قام بضبطه قبل غطه في نوم عميق…
ولج دورة المياة كي يتوضأ ويؤدي صلاة الفجر..وبعد أن فعل هذا.. خرج من المرحاض ينوي الذهاب إلى غرفة “خليل” كي يصلي معه.
فتح باب الحجرة وكان على وشك الخروج لولا تراجعه للخلف خطوة واحدة وتثبيت قدميه بالأرض لرؤيته لأخيه يقف أمامه ويده معلقة بالهواء فقد كان على مشارف طرق الباب كي يقظة ويصلي معه..
قائلًا ببسمة وصوت متحشرج:
-كنت لسة جاي اصحيك..حابب نصلي مع بعض تاني..وقبل ما أنام ضبط المنبة حبيت أصلي الفجر في ميعاده..
تهلل وجه خليل وكم سعد بتلك الكلمات البسيطة العفوية الخارجة من أخيه..شاعرًا بأنه سيصبح شخصًا اخر قريبًا جدًا..ربما شخصًا أكثر تدينًا..وقربًا من الله عز وجل.
و رد عليه ببسمة لم يكافح لاخفائها:
-وانا كمان حبيت اصحيك..وقولت نصلي سوا قولي اتوضيت.
اماء له جابر بالايجاب، فأردف خليل مشيرًا نحو غرفته:
-طيب تمام..انا لسة هدخل اتوضأ وأنت افرض المصليات في الصالون..انا حطيت هناك مصحفين قولت ممكن تحب تقرأ قرآن بعد ما نصلي.
اعترف بصدق لاح وظهر على محياه:
-احب جدًا..انت متعرفش انا ارتحت قد ايه بعد ما صليت.
ربت على كتفيه يشجعه ويحمسه على الاستمرار والثبات:
-ولسة..لو استمريت وان شاء الله ده هيحصل هترتاح اكتر واكتر..القرب من ربنا اجمل شيء في الدنيا..والصلاة والقرآن وذكر الله بيحققوا ده…يلا..يلا يا بطل حصلني عقبال ما اتوضأ.
وافق على حديثه وتحرك خليل نحو غرفته وفارق جابر مكانه موصدًا باب حجرته..متحركًا نحو الصالون..وأثناء هذا قابل والده الذي دُهش من استيقاظه في هذا الوقت وتساءل بقلق:
-خير يا بني ايه اللي مصحيك دلوقتي؟؟ انت كويس؟
نبرته كانت حانية..دافئة..بها من القلق ما يكفي لاشعاره بأهميته ومكانته لديه….تراقص قلبه وغمرت السعادة فؤاده..لإدراكه بمدى حبه له..
رد عليه يطمئنه و يخبره سبب استيقاظه:
-كويس يا بابا متقلقش..كل الحكاية اني هصلي انا وخليل الفجر..حضرتك تحب تصلي معانا؟
لمعت عيناه بدموع الفرحة ولم يتردد بمحاوطة وجهه براحة يديه…والصدمة والسعادة يندمجان ويظهران معًا على وجهه، يجيبه ببهجة:
-احب!! ده انا احب اوي..احب ونص..استنى هصحي اخواتك وامك يصلوا معانا..
وبالفعل غاب ودخل غرفة أشرف اولا… أضاء الأنوار ودنا منه يهزه برفق ينادي بأسمه:
-اشرف… أشرف.
فتح عين واحدة وظل مغلقًا للثانية..مطالعًا بوالده…وما أن استوعب تواجده في غرفته حتى انتفض بقلق:
-في حاجة يا بابا..ماما كويسة؟
طمأنه قائلًا بحنو:
-متقلقش..قوم اتوضأ وحصلنا على الصالون عشان نصلي جماعة يلا..انا هروح اصحي نضال وعابد..جابر وخليل صحيوا..
خرج تاركًا إياه مصدومًا من ذكره لاسم جابر مرددًا إياه بذهول:
-جـــــــــابــر !!!!!
حان دور نضال ودخل سلطان وإنار الإضاءة متقدمًا منه…يهزه برفق في ظهره حيث كان مُمدد على جوفه ويديه تقبع أسفل الوسادة:
-نضال..واد يا نضال..قوم عشان نصلي الفجر جماعة.
تقلب بنومته وأصدر أصواتًا تعبر وتعكس استيائه لإيقاظه له مغمغم بكلمات غير مفهومة بالمرة.
ادرك سلطان غفوته العميقة ورغبته باسترسال نومه فقام برفع نبرته وجعلها أكثر حدة، متمتم:
-انت ياض مش هقعد اصحي فيك سنة قوم…
رد عليه بصوت ناعس واعين مغلقة:
-قوم انت وصلي يا حاج..وانا الصبح بأمر الله هصلي…سبني انام بقى الله يخليك..
زفر سلطان وقال بحسم:
-طيب معاك خمس دقايق لو ملقتكش قدامي تحت هكون مغرقك بماية متلجة تخليك تجمد وتخلي سريرك مش نافع..
تأفف ونهض بنصف جسده العلوي جالسًا على الفراش بخصلات غير مهندمة..ابتسم سلطان بظفر وانتبه لخصلاته فصاح يسخر منه:
-انت مين نكشلك شعرك كدة وانت نايم؟؟
-هيكون مين يعني…انا لقيت نفسي زهقان وأنا نايم فقولت انكش شعري…ليك شوق في حاجة يا حاج؟
هز أبيه رأسه بنفاذ صبر.. وغادر وما ان أغلق الباب حتى نزع نضال الغطاء وبدأ يغمغم مع ذاته بكلمات متذمرة للغاية لايقاظه بهذا الوقت الباكر..
فعل سلطان المثل مع عابد و وقف جواره تمامًا..يهزه بيديه يردد اسمه بهدوء..يسحب الغطاء من عليه:
-عابد..عابد..قوم عشان تصلي معايا ومع اخواتك وأمك الفجر يلا…فوق..
رد عليه منزعجًا مثل البقية من الإضاءة التي تقتحم مقلتيه، جاذبًا الغطاء عليه مرة أخرى:
-حاضر ..روح انت وانا جاي واقفل النور معاك الله يكرمك..
نفخ أبيه وصاح بتشنج طفيف:
-لا ما هو انا مش بصحي عيال في حضانه..قوم يا زفت..اتوضأ وانزل على تحت… اشرف وخليل وجابر صحيوا يلا..
هنا وانتبه لحديثه ولم يجذب اهتمامه سوى اسم أخيه فكرره وراءه وهو ينهض:
-جــــــابر!
أكد سلطان قبل أن يخرج:
-ايوة..
بعد وقت كان قد أيقظ سلطان دلال..وقام جابر بمساعدة خليل بوضع سجاد الصلاة أرضًا….
هبط اشقائه وصدموا من تواجده وتلك الهمة والنشاط والتلهف لتأدية الصلاة…
مال عابد على نضال يهمس له:
-نضال هو ده جابر بجد ولا انا بحلم؟؟؟
رد عليه بذات الهمس:
-مش معقول نكون بنحلم سوا..ده انت تبقى غتت غتاته يا جدع…بس تقريبا مش حلم…استنى اقرصك كدة..
كاد يفعلها ليصيح به عابد:
-طب ما اقرصك أنا…
حدق بهم سلطان بنظرات مشتعلة جعلتهم يبتلعون حديثهم ويدركون بأن ما يحدث حقيقة وليس حلمًا…
لحظات فقط وكان يقف سلطان بالأمام إمامًا لهم..ومن خلفه الخمس أبناء..وبالاخير وقفت دلال وبدءوا صلاة الفجر سويًا……..
***************************
بعد انتهائهم من الصلاة وقراءة كلا من جابر وخليل لبعض الآيات القرآنية….فارقهم النوم واجتمعوا بغرفة “أشرف” فكان المشهد كالآتي.
كلا من أشرف ونضال وجابر على الفراش وخليل يجلس على مقعد يتواجد داخل الغرفة.. أما عن عابد فكان يقف قبالة الشرفة المغلقة ينظر من زجاجها الشفاف المغلق منهمك بالتفكير بها وبما عليه فعله معها..
أما عن البقية فكانوا يلزمون الصمت أيضًا يفكر كل منهم في أشياء تتشابه كونها تخص “فتيات الحلواني” فكان أشرف يداعب عنق القط الجالس أعلى جوفه… يفكر بصاحبته ويشتاق لها و لـ “اشف” خاصتها وكيف تقوم بنطقها وإخراج حروفها بطريقة استثنائية… وهذا ما كان يصدمه حقًا وجعله يتساءل عما يحدث معه.!!
بينما كان جابر متخبط ما بين أروى وما هو قادم..وثراء تلك التي تقتحم مخيلته دون إستئذان..
ولم يختلف حال خليل كثيرًا…يتمنى لو يعلم ردها وإذا كانت ستوافق على الزواج منه أم لا.
قطع “نضال” تلك الأجواء الصامتة وهب يقترح عليهم فكرته الشيطانية:
-بقولكم ايه مش عايزين تسافروا وتغيروا جو…
طالعه أشرف و رفض تلك الفكرة:
-لا..فكك.
تابع نضال وكأنه لم ينصت إلى رفض أخيه..وقابل سكون اشقائه:
-طب بما أنكم موافقين وقولتلوا فكرة هايلة ياض يا نضال..فـ ايه رأيكم نسافر الساحل..ونأجر شاليه هناك..
لاحت بسمة على ثغر أشرف واستحسن تلك الفكرة للغاية موافقًا عليها بحماس شديد:
-يخربيتك…انا فعلا محتاج اغير جو…
سعد نضال من حماس أشرف المتبادل معه واسترسل:
-ومش اي شالية احنا نشوف واحد قريب منهم ونبقى جمبهم وعلى قلبهم..وكمان نكلم خالد ونقوله يجي هو وسام لو فاضي..
عقب أشرف بحماس لا يقل بل يتفاقم:
-وانا عارف مكان الشالية وعد قالتلي واحنا واقفين قبل ما يتحركوا..
زفر عابد ورفض تلك الفكرة:
-انا مش جاي متعملوش حسابي..
عقد جابر حاجبيه وتساءل باهتمام:
-مش عايز تروح ليه؟
لم يجيب عابد واحتفظ بالإجابة لذاته..فلوح نضال بذراعيه وهمس لاشقائه:
-سيبكم منه عيل متخلف هو ومراته..خلينا احنا في كلامنا …هتطلع يا جابر انت وخليل؟
علق خليل:
-طب انتوا طالعين عشان مراتتكم احنا نطلع ليه؟
أجاب جابر ببسمة:
-نغير جو..هو احنا ملناش نفس زيهم ولا إيه؟
مط خليل شفتاه بتفكير..وسرعان ما هز رأسه يوافقهم:
-ماشي بس اعملوا حسابكم أن اهلهم ممكن يضايقوا من مرواحكم هناك.
رد نضال بلا مبالاة:
-ويضايقوا ليه احنا طالعين ننبسط ومش هنضايقهم خالص…
نظر جابر إليه بشك وقال:
-انت كداب ياض.
تنهد وهز رأسه بسأم قائلًا:
-بصراحة كدة…آه ده انا مش هحلهم..انا رايح رايح..المهم اشوفها وتبقى قصاد عيني.
انتهى موجهًا بصره نحو عابد يسأله مرة اخرى:
-آخر كلام مش جاي؟
-قولت مش جاي..خلصنا..
قالها منطلقًا من الحجرة فصاح نضال غيظًا:
-إن شاء الله عنك ما طلعت يا مجنون..هنبقى ندخلكم العباسية انت ومراتك..هي أنسب مكان ليكم..ده اتنين نكد..كتكم القرف…
رفع أشرف يده يجذبه من ذقنه هاتفًا:
-سيبك منهم..ويلا كلم خالد..
وافق واخرج هاتفه وحادث خالد….
لحظات وكان يجيب عليه بصوت به آثار النوم:
-في ايه بتتصل بدري كدة ليه؟؟ في حاجة حصلت..
-لا مفيش..بس عايزين نطلع الساحل وانت هتطلع معانا انت و وسام يلا قوم اجهز…
زفر خالد وهو يمسح على وجهه:
-يا شيخ خضتني..وبعدين ساحل ايه انا مش فاضي نهائي…
لم يلح عليه وأضاف بمكر:
-طيب براحتك..بس على العموم عيلة الحلواني في الساحل واحنا هنحاول ناخد شاليه جمبهم…..ها جاي ولا مش جاي.
حمحم خالد وقال بحرج طفيف:
-لا جاي..كدة كدة انا فاضي..
***************************
استيقظت “ثراء” وخرجت من الغرفة بعد أن ارتدت معطف من الصوف.. بخفة كي لا تزعج شقيقتها التي تنام معها بذات الحجرة…وهبطت للأسفل..بحثت بعيناها عن أحد قد يكون مستيقظًا فلم تجد أحد…
تحركت قاصدة المطبخ كي تُعد مشروبًا ساخنًا ثم تخرج للخارج وتستنشق الهواء البارد….
دخلت المطبخ منتبهه لاضاءته المشتعلة قبل أن تخطو بقدميها داخله…..
وقعت حدقتاها على “مؤنس” والذي كان يقف بجوار الموقد ويحضر له فنجانًا من القهوة..
ابتسمت له وقالت بهدوء، عاقدة ذراعيها أمام صدرها:
-صباح الخير.
بادلها بسمتها، مختطفًا نظره نحوها مجيبًا:
-صباح النور..أخيرًا حد صحي..انا زهقت من القعدة لوحدي..
دنت منه وهي تتساءل بذات البسمة:
-انت بتعمل قهوة من غير ما تفطر؟؟
نفى برأسه قائلًا:
-لا فطرت..عملت سندوتش جبنه صبرت بيه نفسي عقبال ما يصحوا…انتِ جعانة..
هزت رأسها بالنفي، مغمغمة وهي تبدأ بالتحرك:
-لا مش جعانة..هعملي كوباية شاي..وهخرج اشربها برة…
-حلو وانا هقعد معاكي واهو نسلي بعض..
**************************
فاقت “وعد” من نومها على رنين هاتفها الموضوع بجوار رأسها….
التقطته سارقة نظرة نحو شقيقتها “تاليا” النائمة جوارها…ثم نظرت به فوجدته أشرف..تبسمت شفتاها وردت عليه بنعومة لم يتعرف عليها بالبداية:
-صباح الخير.
أنزل أشرف الهاتف بمرح ينظر به يتأكد من أنها هي، مغمغم:
-لا مغلطش في الرقم..ده رقمك فعلا..ايه الرقة دي..ايه النعومة دي…ينفع كدة؟؟ ينفع تمشيني من غير قلب وتخطفيه كدة؟
ضحكت بخجل، قائلة بأعين مغلقة:
-آه يرضيني ما أنت ممشيني من غير قلب برضو… دلوقتي احنا خالصين..
انتهت غير واعية لما تهتف به ولم تعي حتى الآن…وخمن هو هذا…
خرج سؤاله يستفسر منها:
-قوليلي نفسك في ايه دلوقتي وليكي عليا التنفيذ؟
اخرجت تنهيدة حارة من بين شفتيها تجيبه:
-اللي نفسي فيه صعب عليك..ومش هتقدر عليه..
-طيب جربي..ونشوف.
قالها بترقب مستعدًا لتنفيذ لها ما تريد….آتاه صوتها، مغمغمة:
-عايزة أشوفك وبس.
رد بشيء من الغموض الذي لم تستطع فهمه..ورفض عقلها تصديقه:
-عُلم وينفذ يا وعدي…..سلام مؤقتًا.
انتهت المكالمة وفتحت جفونها تحدق بالهاتف تحاول نفي ما جاء بذهنها……
ثم حاولت النوم من جديد…
************************
وصلت السيارتين وصفت أمام الشالية القريب من شالية الحلواني والذي يعود لصديق قريب من خالد الذي ساعدهم بهذا بعد أن علم مكان تواجدهم ومر على صديقه وأخذ منه المفتاح الخاص بالشاليه…
هبط الشباب من السيارة وتقدم خالد يفتح لهم الباب….
وبدون تمهل بارح نضال مكانه وتقدم من جابر يغمغم وهو يجذبه معه:
-تعالى معايا…..
علق جابر بتعجب:
-اجي معاك فين؟؟؟
اجبره على السير معه متجاهلًا تساؤلات اشقائه متحركًا نحو مكانها مخرجًا هاتفه متصلًا بها..
فتحت عليه بعد لحظات و وصل اليه صوتها المحب:
-ألو..
علق على صوتها بصوت هامس كي لا يصل إلى جابر:
-يا احلى الو سمعتها في حياتي….عارفة انا فين دلوقتي؟
-فين؟؟
رد وعيناه تجوب على الشاليه من أمامه:
-انا قدام بوابة الشاليه اللي أنتِ فيه..انزلي افتحيلي يلا……
لم تصدقه وأصدرت ضحكة خافضة معلقة:
-بطل هزار بقى..
-طب قسمًا عظمًا ما بهزر…انا جيتلك يا جميل…جيتلك يا قمر انت…طب وربنا بعشق أمك…وبعشق اللي خلفوكي..
التفت إليه جابر وصاح بتذمر:
-أنا عايز اعرف انا بهبب ايه هنا..وايه ذنبي اسمع الكلام اللي يموع ده…يلعن ابو شكلك يا أخي…انا راجع يا عم..
انتشله من تلابيبه لا يسمح له بالمغادرة….طارقًا بأنامله على الزجاج المتواجد بالبوابة….ثم أخفض الهاتف قائلًا:
-مش هتمشي…و
لم يكمل نتيجة لفتح الباب بواسطة مؤنس الذي صدم من تواجدهم وتساءل:
-انتوا بتعملوا ايه هنا؟؟؟؟
رد نضال بتلقائية غاضبة:
-وانت مالك أنت !
لانت قسمات مؤنس وجاءت من خلفه ثراء التي حدقت بكلا من نضال وجابر وبين يدها فنجان القهوة الخاص بـ مؤنس وكوب الشاي الخاص بها………غافلين عن تلك النيران التي اشتعلت بقلب وجسد جابر لتواجدها على مقربة من هذا الشاب و رؤية ما بيدها…………………..
مغمغم بتأكيد ثائر وغيرة التقطها كلا من نضال ومؤنس وعينه لا تنزاح من أعلاها:
-اه وانت مالك أنت !!!!!!!!!
يتبع.
فاطمة محمد.
يارب يكون الفصل عجبكم اينعم مش طويل اوي زي كل مرة بس هعوضكم الفصل الجاي تصبحوا على خير جميلاتي. 💜😘
الفصل التالي: اضغط هنا
يتبع.. (رواية كارثة الحي الشعبي) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.