رواية كارثة الحي الشعبي – الفصل الرابع والأربعون
الفصل الرابع والأربعون
أنظر جيدًا.
كارثة الحي الشعبي.
فاطمة محمد.
الفصل الرابع والأربعون:
لم يقابلها سوى الصمت مصعوقًا من حديثها ورغبتها بالانفصال…فقد توقع أي شيء الا تلك الكلمات التي آلمته ونهشت بقلبه دون أي شفقة على حاله…
اختنقت من صمته مما جعلها تكرر تلك الكلمات بغضب مضاعف عن سابقه:
-أنت ساكت ليه بقولك طلقني…ودلوقتي يلا.
مسح على وجهه يحاول ضبط انفاسه والتحكم بانفعالاته..فطريقتها المتعجرفة..ونبرتها العالية الساخطة…تثير حنقه وتجعله يرغب في الصراخ عليها
تحرك مفارقًا الصالون واقفًا بالخارج كي يستطع مجابهتها بالحديث..مستمعًا لحديثها للمرة الثالثة:
-هو انت بتروح فين ؟؟؟ هو أنا مش بكلمك يا بني آدم أنت !!
رد أخيرًا بصوت مكتومًا غاضبًا:
-وانا سامعك..ومش عارف بصراحة اقولك ايه على الجنان ده !!!!
اشعلها بحديثه فعقبت بغيظ وغل قامت بإخراجه وصبه على تلك الحقيبة التي كانت تُعدها…قاذفة كل ما بها وما جمعته:
-ومدام انا مجنونة طلقني..ميرضنيش انك تبقى متجوز واحدة مجنونة…طلقني بقولك….يلا.
حقًا نفذ صبره…اطاح بهدوءه…وصرخ مزمجرًا بها:
-هو إيه طلقني دي لبانة في بُقك…ولا لبسك عفريت اسمه طلقني…بطلي تخلف شوية…هو ايه اللي حصل لهبلك وجنانك ده..ما تردي ايه اللي حصل؟؟
-حصل كتير اوووي… حصل أن انا حاولت اتغير عشانك..ومكنتش برضا ازعلك وسبتك تتحكم فيا…عملت حاجات لو حد كان قالي انك هتعمليها مكنتش هصدق..بس معاك انت عملتها..وأقربها فستان كتب الكتاب…وفي المقابل بدل ما الاقي منك تقدير ومساعدة اني ابقى احسن لقيت منك تجاهل…الحنية وانك تكلمني براحة وتفهمني كانوا في الأول بس..بعد كدة اتبعت أسلوب جديد أنت خدعتني…..
كانت تتحدث بانفعال ونبرة سريعة…وعندما انتهت من حديثها والتقطت انفاسها لم تنتظر جوابه بل اضافت:
-انت حبتني و اتجوزتني وانت عارف كويس أنا إيه…فمتحسسنيش أني أنا اللي ضحكت عليك..وانك يا حرام اتخدعت فيا..عشان اللي حصل العكس تمامًا…ولو تحب افكرك فأنت اللي جريت ورايا يا عابد مش أنا…. انت اللي كنت بتتمنى اني بس ابصلك..مش ابقى مراتك..
استفزته….وكثيرًا…بات وجه أحمر وعيناه قاتمة..فها هي عادت لما كانت عليه…والآن يشعر بانه ذلك الشخص الذي سعد وشعر بأنه يحلق بالسماء ثم تفاجئ بنفسه يسقط من تلك السماء ليصطدم بالأرض من أسفله……..
اخفض الهاتف واغلق بوجهها فلو تحدث لن ينطق إلا كلمتين فقط “أنتِ طالق”.
وهذا لا يرغب به بتاتًا…………………
****************************
-ما خلاص بقى يا فجر..وبعدين مين فينا اللي المفروض يزعل انا ولا أنتِ؟؟ ده أنتِ نسيتي اننا اكتر من صحاب وتجاهلتيني ولا فرقت معاكي..ورغم كدة مزعلتش منك وقولت خليكي أنتِ الأحسن وقومي روحي لها يمكن تعبانة بعد الشر يعني.
نطقت “إيمان” كلماتها وهي تجلس أمامها على الفراش تراقب تحركها نحو الخزانة وجلب قطع ملابس منها و وضعها بالحقيبة المفتوحة أعلى الفراش..
وضعت فجر ما بيدها داخل الحقيبة ثم توقفت عاقدة ساعديها أمام صدرها تجيب عليها وهي تحملق بها:
-وانا قولتلك مش زعلانة وقولتلك اللي حصل واللي مرينا بيه…وبعدين إيه احسن مني دي..هو أنا كلمتك أصلا ؟!!!
لاح المكر على وجهها لثوانِ…ثم استطاعت اخفائه بمهارة، متمتمة بلهفة:
-طيب كدة نقدر نقول إن مفيش حاجة..وأننا اتصالحنا..يلا بقى قومي البسي وخلينا نخرج قبل ما تسافري…يلا…
استنكرت ما تتفوه به وصاحت بها:
-نخرج ده إيه..اسكتي يا إيمان..اسكتي..شيفاني لسة محضرتش حاجة والمفروض انزل اشوف ماما واساعدهم وأنتِ تقوليلي نخرج…
كزت على فكيها بغيظ محاولة معها مرة اخرى:
-يا فجر عشان خاطري بقالنا كتير مخرجناش و لو موافقتيش هعتبر انك لسة زعلانة مني..فأثبتيلي بقى ان مفيش زعل وخلينا نخرج..وبعدين مش هنتأخر دي ساعة واحدة بس…ساعة واحدة.
ابتسمت لها فجر قائلة ببساطة:
-حبيبتي لو زعلانة منك هقولك..بس مفيش زعل…ولو فيه وقت أخرج كنت خرجت معاكي…خليها لما أرجع…..
-بس…
شارفت على المحاولة وعدم الاستسلام فلحقت بها فجر تمنعها من الاسترسال تصر على رفضها:
-مفيش بس..قولتلك لما أرجع..ايه سر الإلحاح ده مش فاهماكي.. الدنيا مش هطير……
قالتها وهي توليها ظهرها كي تعيد ترتيب الحقيبة، غافلة عن ذلك الشرار الذي يطلق من أعين صديقتها….
وبعد دقائق فقط نهضت من مكانها تخبرها بضرورة رحيلها كي لا تتأخر على العودة…ودعتها فجر ورحلت إيمان..خارجة لأخيها الواثق من هبوطها و إمكانية جلوسه وحديثه معها…
اتسعت بسمته وهو يرى الباب يفتح واخته تخرج منه…و رويدًا رويدًا تلاشت تلك البسمة…فقد كانت بمفردها…فجر لم تأتي معها..
صعدت وجلست بجواره فتساءل بأعين قد ضاقت ترقبًا:
-اومال فجر فين؟؟ لسة بتلبس ولا إيه.
ردت عليه بطريقة ساخرة:
-لا مرضيتش…حاولت معاها ومفيش فايدة قولتلك مش عايزة اجي من الأول….اوووف بجد.
-طب اكتمي بقى عشان مش ناقصك…
***************************
في تمام السابعة مساءًا، كان يجلس كل من سلطان ودلال وجابر وخليل الذي رفض الانصات لحديث والده حول عدم مجيئهم معهم مثل باقي اشقائه وأصر على التواجد مع أخيه…رفقة منتصر..و زوجته وابنه زاهر.
حيث كان يتبادل كل من سلطان ومنتصر الأحاديث التقليدية…كذلك تتبادل دلال البسمات الزائفة مع والدة الفتاة…. أما عن جابر وزاهر فكانت نظراتهم تحمل من الكره ما يكفي…فتجاهله جابر و تجنب النظر إليه…بينما ظل الآخر كما هو يرمقه ويرميه بنظرات قاتلة…
لاحظ خليل ما يحدث بينهم وكيف يناظر ذلك الشاب أخيه…فلم يهتم و رفع يده يربت على قدم أخيه يهمس له بكلمات مرحة:
-ما تضحك يا عم جابر انت قاعد في عزا ولا إيه؟
رسم بسمة لم تصل لعيناه….وكاد يجيب لولا جذب دلال ليده تجبره على الميل برأسه كي يستمع لما لديها، متمتمة بخفوت شديد:
-جابر انا عايزة افكرك واقولهالك تاني قبل ما الفأس تقع في الرأس…لو مش عايزها يلا بينا نخلع..انا قلبي مش مرتاح لناس دي..ومن غير ما اشوف البت انا مش قبلاها…
انتبه جابر لاعين والدتها المتابعة لهم فابتسم لها ثم همس لوالدته:
-لا يا ماما عايزها…ومش مهم أهلها..أنا مش هجوزهم هما..
امتعض وجهها وعقبت بحنق:
-ايه عايزها دي ؟ متشلنيش…اقولك احنا نمشي الليلة وبعد كدة نخلع ونفلسع…اه محصلش نصيب ومش هتبقى اول واحد ميكملش جوازة…
زفر بضيق طفيف يوضح لها:
-ماما انا مش عايز اخلع ولا افلسع..وهكمل الجوازة…
غرزت اظافرها بذراعيه هاتفه من بين اسنانها:
-ايه ماما دي فين ياما بتاعتك؟؟ وايه هكمل دي كمان…وبالنسبة للبت ثراء؟ انا حطيت عيني عليها خلاص…صدقني دلوعة وحتة كنافة بالقشطة أسالني انا ده انا في مرة روحت عشان اعزمهم عندنا عشان اخوك نضال كان عينه من داليدا لسة وقالي اعزمهم ويومها شوفتها بحتة بدلة يختاي على الدلع والهشتكة…
سحب ذراعيه من قبضتها..وابتلع ريقه بارتباك وكاد يضرب على وجهه مما تحدثه به بهذا الوقت، حدق بعينيها مباشرة وبضيق وغيظ كان يخبرها:
-أنتِ بتقولي إيه؟! اسكتي ياما الله يخليكي…
زفرت هي تلك المرة تفكر في حل ما فمن الواضح تمسكه وإصراره على تلك الزيجة…لوت شفتيها يمنيًا ويسارًا بتفكير.. وفجأة لاحت السعادة على وجهها…جاذبة إياه ثانية هامسة له بفرحة:
-بس لقيتها مش أنت عايز تجوزها.. اتجوزها مش هقولك لا…بس افتكر ان الشرع محللك أربعة… يعني ينفع تجوز عليها البت ثراء…
تلك المرة لم يستطع منع نفسه عن ضرب وجهه بغيظ، قائلًا:
-احييييه…احيييه ياما احيه…اسكتي الله يباركلك..أنتِ ايه اللي جابك معانا قومي روحي…..
وأثناء طرحه لتلك الكلمات حضرت “أروى” وسبقها صوتها الذي خرج هادئًا ناعمًا..يوحي بصغر سنها:
-مساء الخير..
رفع الجميع أنظارهم يطالعون تلك العروس..عدا خليل الذي دون عمد وبتلقائية سقط بصره عليها لثانية واحدة..مما جعله يبعد حدقتاه ويطالع أي شيء سواها….
تفاجئ سلطان و دلال من هيئة العروس قصيرة القامة..صغيرة السن..نحيفة البدن..منكسة الرأس يظهر على وجهها آثار صفعات وتعنيف رفض والدها أن تخفيها لها والدتها بمستحضرات التجميل..قائلًا لها تلك الكلمات عديمة الرحمة:
“لا سبيهم باينين..خليهم يعرفوا اني ضربتها..ورنتها العلقة التمام..”
تبدلت تعابير “جابر” باتت شاحبة…مصدومًا من هيئتها الصغيرة للغاية…لم يصادف أو يحدث يومًا بأن حادث فتاة بهذا العُمر ولو كان فعلها وأدرك سنها كان ليتركها على الفور…لكن تلك خدعته……….
لم تتوقف صدمته عند هذا الحد بل باتت أضعاف وشعر بالذنب وهو يرى آثار التعنيف على وجهها….وهذا فقط ما يظهر..فما حال باقي جسدها؟؟؟
فقد كان خالد محقًا ويتضح عليها أي سلوك يتبعه أبيها واخيها معها…حقًا رؤيتها زادت من آلامه وندمه…
أوصد جفونه واعتصرهم بشدة مستمعًا لصوت أبيها الذي أصبح صارمًا محتد:
-تعالي سلمي على حماتك وحماكي و عريسك و نسيبك.
استجابت لآمره وتحركت نحو سلطان اولًا مدت يدها قائلة:
-ازيك يا عمو.
رد سلطان ببسمة حاول بها إخفاء ما يعتريه الآن:
-الحمدلله يا بنتي..
ابتسمت له وتحركت مقتربة من دلال فاعلة معها المثل فبادلتها دلال وهي تعقب مطالعة والدتها:
-دي العروسة طلعت صغيرة اوي..ده انا افتكرتها اكبر من كدة دي لو مشيت جمب الواد جابر في الشارع هيفتكروه ابوها….
انتهت مطالعة الفتاة مرة أخرى ثم تابعت لا تبالي بنظراتهم نحوها:
-لا ومش صغيرة وبس دي قصيرة كمان…ده أنتِ مش هتحصلي كتفه حتى..احيييه….لا دي احييه كبيرة بجد يا جماعة..
اكفهر وجه جابر فبدون أن تدرك دلال قد فاقمت من حنقه وسخطه على ذاته…ولما فعله من محادثة والتسلية بفتاة في مثل هذا العُمر حتى لو كان جاهل لعُمرها فلو كان ذو أخلاق منذ البداية ولا يتلاعب بالفتيات لما حدث كل هذا..
قلب “زاهر” عيناه وتأفف بصوت مسموع يعكس استيائه وضجره مما يحدث…..
فلم يصدر من والده سوى أنه حدقه بنظرات سامة كي لا يفتعل شيء ما وتلغي تلك الزيجة التي جاءت له على صحن من ذهب.
جاء دور “جابر” و وقفت أمامه…قائلة بنظرات مرتعدة تتجنبه:
-ازيك؟
رد بحرج طفيف غلفه الندم متجنبًا هو الآخر النظر إليها:
-كويس..
استمعت لجوابة البارد متحركة مرة أخرى واقفة أمام خليل..مدت يدها وعلى وشك التحدث فسارع خليل بتقديم ذاته يعتذر منها:
-أنا خليل اخوه الصغير..واسف جدا بس مش بسلم غير على رجالة…
لوى زاهر فمه وعلق بتهكم يسخر منه:
-ليه والحريم هيأكلوك ولا هيكهربوك…
-لا ولا هيأكلوني ولا هيكهروبني بس اعرف ربنا وديني كويس أوي…
أوشك زاهر على الرد والدخول في مشاحنة واشتباك…لولا فض والده لكل هذا قبل أن يبدأ قائلًا:
-طب إيه نقرأ الفاتحة….
لوت دلال شفتيها يمينًا ويسارًا هامسة لذاتها:
-ماله ده مستعجل على ايه..يخربيته….لا حرام ادعي عليك بالخراب…ربنا ياخدك احسن ويخلصنا منك…انا مش مرتحالك لا انت ولا ابنك..
مضى الوقت وتم قراءة الفاتحة واتفقوا على أن تكون الخطوبة عائلية وتقام بعد أسبوعين من الآن…. أما عن الزفاف فسيقام عقب إنتهائها لامتحانات الثانوية العامة………….
**************************
-احنا لازم نقرب منه ونصاحبه…كل واحد فيكم يغير اسلوبه معاه…ولو عمل حاجة نفهمه براحة…بلاش صوت عالي ودبش يتحدف من بُقكم…
ألقى “أشرف” كلماته على كلا من “نضال” و “عابد”.
مط عابد شفتاه موافقًا على حديث أخيه:
-من غير ما تقول كنت هعمل كدة…قول لاخوك نضال بقى…
طالعه نضال باستنكار، متمتم:
-يا سلام يا اخويا..ويقولي ليه..ما هو بيقولنا سوا..ولا يكونش انا بس اللي بعاملة وحش..ما أنت بتعامله اوحش…وناسي أنه توأمك…واكبر منك بخمس دقايق…
انتشل عابد الوسادة وصاح به وهو يقذفه بها:
-يا أخي متخلنيش اشتمك…مش هخلص منه تطلعي انت…..متحسسونيش انها خمس سنين..دول خمس دقايق…منك لله ياما…
حدق أشرف بالاثنان يتابع ما يفعلوه من أفعال طفولية….صارخًا بهم:
-لا مينفعش ومش كفاية كدة قوموا اتخانقوا احسن….يلا…انت هاته من شعره..وانت هاته من سمانته….
لوح له عابد بذراعيه وأخرج هاتفه..
يعبث به.. ويشغل به ذهنه عنها وعن كلماتها التي جرحته وجرحت كبرياء رجل شرقي مثله…..فلو كان لا يعشقها ولا يذوب بها ويتمناها زوجة له طوال العُمر لكان تركها في الحال لكن ماذا يفعل بقلبه الاحمق؟!!!!!!
عند تلك النقطة استمع لاشرف الذي قال:
-أنا هروح اشوف وعد قبل ما تسافر..اللي عايز يشوف مراته يجي يلا عشان خلاص قربوا يتحركوا…..
كاد يهز رأسه موافقة وينهض كي يراها ويخبرها بضرورة الحديث بينهم…ويصلح ما حدث…لولا رؤيته لهذا المنشور الذي جاء أمام عينه والذي كان مؤنس صاحبه وظهر له تعليق وئام…مما جعله يقوم بفتحه ويقرأ التعليقات المتبادلة بينهم…..
صعدت الدماء لرأسه وبصعوبة تحكم بذاته مستمعًا لكلمات نضال الذي على وشك اللحاق بأشرف كي يرى داليدا هو الآخر:
-هتقوم ولا لا يا بني…
رفض عابد..وهو ينتفض من جلسته يدس هاتفه بجيب بنطاله يخبره بجمود:
-لا مش جاي……
*****************************
رفع “سليم” حقيبة وعد عن الأرض كي يضعها بالسيارة…فتفاجئ من ثقلها مما جعله يتساءل بصعوبة:
-ايه يا وعد ده حطه ايه في الشنطة..زلط؟!!!
-زلط ده ايه..دي هدوم…
-هو أنتِ ناوية مترجعيش…لو ناوية عرفينا..ده أنتِ واخدة هدوم ليكي وللزمن…
ظهر الامتعاض على وجهها منادية على داليدا:
-وبعدين بقى..ما تيجي يا داليدا شوفي ابوكي ده…
جاء مروان من خلفها ضاربًا إياها على جانب عنقها مغمغم:
-لسانك طولان ها..لمي نفسك…ايه ابوكي دي….اسمه عمو…اونكل..اي نيلة غير ابوكي..عيب احترميه..
رد سليم يعقب على حديث مروان بعد أن وضع الحقيبة واستقرت داخل السيارة:
-نيلة على دماغك..وعلى قرابتك النتنة دي….
اتسعت عين وعد وصاحت توافقه:
-طب وأقسم بالله طول عمري بقول أن القرابة دي قرابة نتنة ومعفنة.
جاءت داليدا وقالت لها تحاول أخذها من أمامهم:
-تعالي معايا سيبيهم يحطوا الشنط…
-وهو انا يعني معطلاهم ما هما بيحطوها اهو…و
بترت جملتها وهي ترى حبيبها يلج من البوابة…ثبتت عيناها عليه ولم تعد ترى سواه…مبتسمة بلوع وهيام واضح…مغمغمة مع ذاتها:
-يخربيت حلاوة أمك…..ويا بختي…….مش عارفة مجتش بحصان أبيض ليه وخطفتني بيه….
أما داليدا فتوترت من مجيئة خاصة أن ما حدث اليوم لا يفارقها….بل يكرر ويكرر أمام عيناها دون توقف…
القى أشرف التحية على عائلتها…فظلت تتابعه هامسة لداليدا دون أن تتحرك من مكانها أو تبعد أنظارها عن معشوقها:
-بت يا داليدا..بذمتك أشرف مش قمر…..
وبدلا من أن يصلها جواب داليدا جاءها صوت “احمد” والذي وقف جوراها عقب تسلل داليدا إلى الداخل خجلًا من نضال…….
-مش عارف بصراحة إذا كان قمر ولا لا…بس ممكن نسأل عمي ايهم…او جدك…ايه رأيك؟
توترت وعد وصاحت به بنبرة عالية:
-اه يا مهزق..بتشتم في عمك مروان….بقى مروان عجز وشعره ابيض…يا شيخ اتقوا الله بقى..بطلوا افترا على الناس….خلاص انعدم الضمير..اسلك شوية….
اتسعت عين أحمد وصاح بخفوت مدركًا ما تحاول فعله وقلب الطاولة عليه كي لا يفضح أمرها:
-يا بنت الكدابة…..
دنا منه مروان وامسكه من تلابيبه متسائلًا بضيق:
-بقى أنا عجزت وشعري ابيض ياض…ده انا شكلي اصغر من اللي خلفك…..يا اعمى الرؤية والبصيرة…
شجعته وعد متهربة من نظرات أشرف:
-اديله يا مروان متسكتلوش..
-ما انا بديله اهو..اسكتي انتِ خالص ملكيش دعوة…
عاد يتابع تذمره…وتركته هي واقفة بعيدًا عنهم تحديدًا جوار الباب..مراقبة اقتراب أشرف منها والبسمة تعتلي ثغره مما جلعه يزداد وسامة قد أسرت قلبها قائلًا بصدق:
-هتوحشيني على فكرة..وهيوحشني لسانك الطويل..اللي عايز قصه..وكمان…
توقف عن النطق يمعن النظر بعيناها الجميلة فلم ترغب بتوقفه هذا هاتفة بوهن وضعف:
-كمل متسكتش….
-اصلك مش هتصدقي ايه كمان هيوحشني..
تساءلت بلهفة و خفقات تتسارع:
-ايه يا أشرف؟؟
زادت ابتسامته اتساعًا وهو يجيبها:
-اشف كمان هتوحشني..معأني الاول مكنتش بطيقها وبحس انها سم..ومستفزة وأنتِ بنطقيها بس دلوقتي غير…اديني كدة واحدة اشف..
عضت على شفتاها بحماس قائلة ما يتوق لاستماعه:
-اشف…
-الله….
فُتح الباب وخرجت وئام فتفاجأت بتواجد أشرف و وقوفه مع وعد….كذلك سقط بصرها على نضال الواقف رفقة بسام ويتبادلان الاحاديث….
جابت حدقتاها وبحثت عن عابد فلم تجده..ازدردت ريقها وسالت أشرف:
-هو عابد مجاش معاكم؟؟
التفت أشرف برأسه يبحث عن أخيه ينفي معرفته:
-مش عارف والله ممكن تسألي نضال…
اماءت له بتفهم وتركتهم وتحركت نحو نضال مقاطعة حديثه مع عمها:
-هو عابد مجاش معاكم؟
نفى نضال يخبرها:
-لا مجاش..بيعمل حاجة بس وجاي..
سعدت من كلماته ومعرفتها بمجيئه كي يودعها….
مرت دقائق انتظرت خلالهم ولاحظ نضال هذا مما جعله يستأذن من بسام ويبتعد مهاتفًا أخيه..والذي أجاب بعد لحظات متمتم:
-تعالى حالا…مراتك بتسأل عليك وعينها بدور عليك ومش بتشيلها من على البوابة….
رد عليه بجمود:
-قولتلك مش جاي…
علم نضال بتواجد مشكلة ما بينهم فقال يحاول إقناعه:
-اخلص يا عابد…انا قولتلها انك جاي مطلعش شكلي وحش….
-وانت بتقول كدة ليه…زي ما عكيتها حلها انا مش جاي…
اغلق بوجهه….مما جعل نضال يشتعل ويغتاظ من فعلته..اهذا هو جزائه ؟!!
عاد يقف مع بسام وما هى إلا ثواني حتى وجد داليدا تخرج مرة أخرى وترافقها بقية الفتيات ويتضح انتهائهم من كل شيء…….
ظلت تتقدم وتتقدم حتى باتت أمامه..وبدون أن ترفع عيناها كانت تستفسر عن حاله…حارمة إياه من تلاقي عيناهم والاستمتاع بتلك الثواني..
-عاملة ايه؟
رد بمكر شديد مسببًا في حرجها و زحف الحمرة إلى وجهها:
-الحمدلله كويس وأنتِ بقالي كتير مشفتكيش يا شيخة ليكي وحشة…
هنا وربت بسام على كتفيه وتركه يتحدث مع زوجته على انفراد واقترب من أبناء اعمامه يساعدهم على الانتهاء من أمر الحقائب…
عقبت داليدا على كلماته من بين أسنانها:
-هو ايه اللي بقالك كتير مشفتنيش انت هتستهبل..
رد ببراءة زائفة:
-اومال عايزاني اقول إيه؟؟ اقول اني شوفتك الصبح وفجأتك..وخدت أحلى صباح الخير في الدنيا….
عضت على شفتيها وتلك الذكرى تهاجمها مرة أخرى…غير منتبه لمن دس يده بجيب بنطاله وأخرج لها الشوكولاتة……مد يده بها قائلًا:
-جبتلك شوكولاتة عشان تسليكي في الطريق…وتفتكريني…
-ومين قالك أني هنساك اصلا.
مدت يدها كي تأخذها فاستغل هذا وعن عمد لامس أناملها…فنظرت له بعتاب وحدقت حولها تتأكد من عدم رؤية أحد لما حدث….فاستمعت لجوابة على كلماتها الأخيرة:
-ايوة كدة أخيرًا ابو الهول نطق..ولو بعرف ازغرد كنت عملتها…
على الطرف الآخر…
كاد جابر يمر بسيارته من البوابة لولا ابيه القابع جواره والذي حثه بالوقوف أمام بوابة قصر الحلواني…خاطفًا نظرة نحو خليل…
-لا استنى نسلم على الناس قبل ما يسافروا عيب…
وبالفعل فعل جابر له ما أراد و وقف أمام بوابتهم…هبطت دلال و سلطان..وكذلك خليل كي يحادث بسام برغبته بالزواج من “فجر”.
ولم يتبقى فقط إلا “جابر” نظرت له دلال من النافذة تتساءل:
-انت مش هتنزل ولا إيه؟؟
رد ببساطة فلا يرغب برؤية تلك الجميلة الناعمة:
-لا.
-لا ازاي يعني عايز الناس تاكل وشنا.. انزل يا حبيب أمك يلا…
كز على اسنانه وكان على مشارف الرفض فسابقه ابيه يشجعه هو الآخر:
-امك معاها حق يلا يا بني انزل سلم وارجع تاني..
ترجل على مضض وسار معهم مقتربًا منهم…
قلبت “ثراء” عيناها ما أن رأته ولمح هو ذلك…ابتلع غصة لا يدري سببها…
واستمع الجميع إلى والدته التي قالت بصوت عالي:
-أحنا جينا نودعكم…تروحوا وترجعوا بالسلامة…وحاولوا متعوقوش..عشان تحضروا خطوبة جابر…
حملق بوالدته بضيق من كشفها لما حدث فصاح مروان تاركًا أحمد سعيدًا بهذا الخبر مصوبًا كلماته لـ جابر:
-ايه ده انت هتجوز اخيرًا…
رد سلطان يؤكد:
-بأذن الله…
قالها ليتلقى جابر المباركات التي لا تنتهي…منتبهًا بجانب عيناه لتلك التي انزعجت وصدمت بذات الوقت..وتبادلت النظرات مع أبرار التي لم تختلف حالتها عنها كثيرًا…..
بارك له الجميع الا هي وابرار…تقدمت ابرار أولا مباركة له على مضض..وبشيء من السخرية…فلا تزال غاضبة منه لما فعله بـ داليدا…
حان دور “ثراء” والتي تعمدت ألا تصافحة… قائلة بطريقة ساخرة وعدوانية جاذبة أنظار الجميع إليهم:
-مبروك…ولو أني أشك انك هتكمل…اصل اللي زيك بيزهق بسرعة ومش بتاع جواز….
رفعت دلال حاجبيها ودافعت عن فلذة كبدها:
-مين ده؟!!! جابر..ده بتاع جواز ونص..ده لسة كان بيقولي الشرع محلله أربعة….يعني ممكن يفتح اربع بيوت في وقت واحد مش واحد بس…
اغمض جابر عيناه فهي وبدون عمد قد خربت الأمور وعقدتها أكثر وأكثر…
ابتسمت ثراء وقالت ببسمة سمجة:
-لسة متجوزش الاولى وبيفكر يجوز عليها….حقيقي مبهورة….
غادرت من أمامه ومن أمام والدته مقتربة من السيارة وكانت أول من يصعدها..غافلة عن نظرات علياء والدتها لهم وشعورها بأن هناك شيء ما بينهم….
تسلل “خليل” و وقف جوار بسام متمتم:
-لو سمحت يا عمي كنت حابب لما ترجعوا اجي واقعد مع حضرتك انا وبابا وبجد..حقيقي يشرفني اني اتقدم لبنتكم آنسة فجر واناسبكم….
تفاجئ بسام بالبداية إلا أنه قال مربتًا على كتفيه سعيدًا بحصول ابنته على زوج بتلك الأخلاق:
-وانا معنديش مانع….وهستنى زيارتكم.
قاطعهم صياح آدم، قائلًا:
-طب إيه مش يلا نركب بقى….
-ومهرة وإبراهيم؟
تساءلت تقى والدة ابرار فأجاب عليها:
-خلاص عقبال ما نركب ونقسم نفسنا هيكونوا هنا…
وافقوا وبدءوا الصعود…فاقتربت وئام مرة اخرى من نضال تستفسر منه بضيق من عدم رؤيته، فلا ترغب بمحادثته بالهاتف كي لا يشعر بلهفتها نحوه:
-مش قولت عابد جاي اومال هو فين لحد دلوقتي؟؟
لم يجد الكلمات المناسبة واكتفي بكلمتين فقط:
-مش عارف بصراحة…
هزت راسها بتفهم ولم تنتظر أكثر وصعدت بالسيارة…
وبذات الوقت عاد جابر إلى سيارته وارتخت ملامحه وهو يرى سيارة قادمة ولمح بها ذلك السمج الذي استشعر بمشاعر ثراء نحوه……..
نهشتة الغيرة دون إرادته وتحرك بالسيارة يفصح لهم مجالًا….عائدًا لمنزله…
وقبل أن تصعد وعد السيارة.. دخلت إلى المنزل وجاءت بقطها وأغراضه من طعام ورمل….ومدت يدها التي تحمله بها لزوجها تخبره ببسمة واسعة:
-خلي ميشو معاك عقبال ما ارجع وخليه في أمانتك..
سعد من ثقتها به و وضع قطها بأمانته، مغمغم:
-حاضر…في عيوني.
كادت تصعد ليمسك بها ويهمس لها بتحذير وغيرة:
-صحيح قعاد مع قريبك الملزق ده مش عايز..ضحك مش عايز..لعب مش عايز…
ارتخت تعابير وعد وقالت بمرح:
-لا وعلى ايه اسافر خليني هنا أحسن..ولا اقولك ادفني.. يلا..موتني…اخنقني…
-وعد مش بهزر…
دبدبت بقدميها وهي توافق:
-طيب..
على الطرف الآخر فعل نضال المثل ملقيًا تحذيراته على مسامع داليدا:
-ضحك مش عايز.. مرقعة محبش…اتصل عليكي تردي عليا…لو عرفت انك اتكلمتي مع الولا ده هشقه نصين..
اللهم ما بلغت اللهم فاشهد…..
*************************
اقتحم “نضال” غرفة عابد يصرخ به:
-انت ايه ياض أنت البت مبطلتش سؤال عليك…وعيب اوي لما كلنا نروح نودعهم وانت لا…
تأفف عابد، قائلًا بلامبالاه وببرود استثار اعصاب الآخر:
-أنا حر..مش عايز اشوفها ولا اودعها…براحتي…
-هو ايه اللي براحتك…اي كان اللي حاصل بينكم مينفعش متجيش…. قولي ايه اللي حصل متخانقين ليه؟؟
انفعل عابد وقال باندفاع:
-عشان الهانم عايزة تطلق….لسة متجوزتهاش اصلا وعايزة تطلق وتبعد عني…شايفة اني بتحكم فيها..رغم اني ولا مرة فرضت عليها حاجة….بس ازاي الهانم لازم تشوف أن غيرتي وخوفي عليها تحكم فيها…
هدأ روع الآخر ونصحه بهدوء:
-طيب اتكلموا واتفاهموا شوفوا المشكلة فين وحلوها..التجاهل عُمره ما كان حل..بالعكس هيبوظ الدنيا اكتر وهيكبر المشكلة..وهيعمل فجوة..انت هتتعود على بُعادها وهي هتتعود انك مش موجود…لو غلطت عرفها غلطها..بس براحة..من غير عصبية..عشان العصبية مش هتجيب غير عند وبس..لكن بالمسايسة هتلين دماغها…استنى شوية وكلمها واطمن عليها..وطلع اي حجة بس متقولش انك قصدت متشوفهاش….
زفر عابد يفكر بحديث أخيه الصائب…والذي كان يدركه من قبل لكن اسلوبها هو من يدفعه لكل هذا فهو بالنهاية بشر…وتنفلت أعصابه رغم عنه…..
*************************
ينام جابر على فراشه يحدق بسقف الغرفة…وكلمات ثراء وعدوانيتها ترن بأذنيه…فكم تكرهه وتبغضه….وهذا ما يؤلمه…فلا يتحمل أن يرى ذاته مكروهًا لتلك الدرجة…
خرج صوته خافضًا يفكر مع نفسه:
-أنا لازم اتكلم معاها….
وعند هذه الفكرة رفض عقله ونهره:
-انت مجنون فاكر انك لو اتكلمت هتصدقك..تبقى اهبل اوي… احسن حاجة انك تبعد عنها..انت دلوقتي مرتبط وقريب هتبقى مسؤول عن زوجة…
امتعضت ملامحه وتذكر “أروى” وعاد ألم قلبه وندمه يتأكله….فلم تسنح له الفرصة بمحادثتها منفردًا اليوم كما تحاشت هي النظر إليه طوال الجلسة..
صدح رنين هاتفه وتحرك كي يأتي به…انتشله و وجدها هي من تحادثه….
رد عليها دون تردد فوصل إليه كلماتها ذو النبرة المنخفضة والباكية مصاحبًا لها شهقات متتالية:
-عشان خاطري فركش الموضوع ده…انا مش عايزة اتجوز يا جابر… وحياة اغلى حاجة عندك فركشه….وانا اسفة ليك…ومش هكلم حد تاني…بس ساعدني عشان خاطري… أرجوك..
مسح على خصلاته، يستفسر منها:
-طيب اهدي ممكن..اهدي وانا هعملك اللي أنتِ عايزاه…
أزالت دموعها وضحكت قائلة بعدم تصديق:
-بجد هتعمل كدة؟؟؟ اوعدني انك تعمل كدة…لا لا بلاش توعدني.. احلف يا جابر…
عض على شفتاه ثم حقق لها مبتغاها:
-والله العظيم هعملك اللي أنتِ عايزاه..بس أهدي..
ردت بفرحة وهي تشكره:
-أنا خلاص هديت…وانا مش عايزة غير أنك الجوازة دي متمش…
-وانا خلاص اديتك كلمة….بس انا عايز اعرف ليه مش عايزة؟؟؟
-مش مهم ليه..المهم اني مش عايزة..انا هقفل دلوقتي عشان أبيه زاهر لو شافني هيضربني وهياخد مني الموبايل…تصبح على خير…
اغلقت معه وتركته بحيرته وشفقته عليها….في ذات الوقت وصل إليه صوت طرقات على الباب صاحبها صوت خليل يطلب الأذن بالدخول:
-ممكن ادخل؟
-تعالى..
ولج و سقط بصره على أخيه الجالس على الفراش…اغلق الباب ودنا منه وجلس قبالته يقترح عليه ببسمة محبة:
-أنا لسة مصلتش العشا…قوم اتوضا و نصليها سوا جماعة يلا.
ازدرد ريقه وتهرب بعيناه وجاوبه بنبرة متقطعة..متوترة:
-أنا…انا…بص قوم صلي انت وانا هبقى اصلي بعدين…
تنهد خليل يعقب:
-بعدين ده مش هيجي يا جابر…ومش هتصلي…انا عايز اعرف انت بتهرب من ايه..بتهرب من ربنا؟؟ اللي احن علينا من نفسنا ومن الناس كلها…..ليه متقومش تتوضأ ونصلي… بدل ما تضيع وقتك على التليفون قوم صلي للي خلقك..ليه متعملش كدة؟؟
-عشان أنا مكسوف من نفسي…مش هعرف اقف بين ايدين ربنا وانا عامل كل ده…متفكرش اني مفكرتش اصلي واقرب من ربنا…بس اللي كان بيمنعني ذنوبي وكسوفي…..
قالها بنبرة مكتومة و على وشك البكاء…نفى خليل برأسه يوضح له:
-لا يا جابر مش ذنوبك ده الشيطان….ربنا ارحم واحن كتير مما أنت متصور… “إن ربك غفور رحيم”….
توب يا جابر ..توب عن ذنوبك واستغفره….انت عارف لو عملت ده ايه اللي هيحصل…كل ذنوبك وسيئاتك هتبدل وهتكتبلك حسنات…انت متخيل ربنا حنين قد إيه….الرسول صلى الله عليه وسلم قال ” التائب عن الذنب كمن لا ذنب له”
بس اهم حاجة التوبة تبقى بجد…يعني مترجعش للذنب ده تاني….ولو…لو حصل ورجعت غصب عنك للذنب ده تاني ارجع لربنا تاني باب التوبة دايمًا مفتوح مبيتقفلش في وش عبد…..قال الله تعالى ” قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعًا إنه هو الغفور الرحيم” صدق الله العظيم.
انتهى ماسحًا بعينه أعلى شقيقه يرى أثر وقع كلماته…وكانت النتيجة مبشرة خاصة مع أعين جابر المليئة بالدموع….
لم يكتفي خليل وأضاف ببسمة محبة:
-احنا بني ادمين..كل واحد فينا فيه حتة الخير والشر…ولازم يجي وقت على الإنسان مهما كان صالح يرتكب ذنب حتى لو صغير….وده ليه علشان أحنا بشر من لحم ودم مش ملايكة….ربنا ساعات بيحط الواحد في محن ومواقف عشان
يرجعله
ويدعيله
…ويقرب منه…..
التوبة
هي ترك الذنب والإقلاع عنه والندم عليه وإن يبقى عندك العزم انك مترجعلوش تاني…قوم يا جابر…قوم…
ابتسم له جابر ولم يتردد بأحتضانه بقوة….بادله خليل عناقه يربت على ظهره بحب…ثم ابتعد عنه ونهض عن الفراش والجًا دورة المياة كي يتوضأ…
بعد وقت خرج و وجد خليل ما زال يتواجد…وافترش الأرضية بسجاد الصلاة…
تبسم وجهه وحثه على الاقتراب مردفًا:
-يلا يا جابر…..
اخذ نفسًا عميقًا وتقدم وبدء صلاته مع أخيه إلى ربه…..وبدون أن يشعر انهمرت دموعه من عينيه وتغلغلته راحة قد فارقته كثيرًا ولم تعود إليه سوى بين يد ربه وخالقه عز وجل………………..
يتبع.
فاطمة محمد.
رأيكم وتوقعاتكم. ❤️💫
الفصل التالي: اضغط هنا
يتبع.. (رواية كارثة الحي الشعبي) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.