رواية الحب كما ينبغي – الفصل الحادي والسبعون
الفصل الواحد والسبعون
بعتذر على التأخير يا بنات بس لسة راجعة من السفر ومرضتش ألغي الفصل عشان كدة نازل متأخر❤✨
متنسوش الڤوت وكومنت برأيكم.
___________________
الحب كما ينبغي.
فاطمة محمد.
الفصل الواحد والسبعون:
ترقب سماع صوتها على أحر من الجمر!!
أو أي تعقيبًا منها…
فقط حل الصمت بين الاثنان، هي مصدومة كليًا مما سمعته، حتى أنها كذبت ما سمعت، لكن قلبها سرعان ما عنفها وأخبرها بأن ما سمعته كان حقيقة.
هو تغزل بها واعترف بما يعتريه من مشاعر مفرطة، لم يعد بإمكانه كبحها أكثر، ورغمًا عن إرادته وأنفه اعترف لسانه.
فكل إنش به يعشقها حد الموت!!!
لن يتركها مجددًا ولن يسمح لها بتكرار ما فعلته سابقًا، على استعداد أن يظل راكضًا خلفها حتى يلين ويحن قلبها القاسي عليه وعلى نفسها قبل أن يكون عليه.
أزالت الهاتف عن أذنيها وسارعت بإنهاء المكالمة وهي تحدق بالهاتف بعيون تعكس ما تفكر وتشعر به.
ابتلعت ريقها وقربت يدها من صدرها تحديدًا فؤادها الهائم به منذ اللحظة الأولى.
أوصدت جفونها وصدى كلماته وحروفه يتكرر على أذنيها وبدون إرادة منها احتلت بسمة صغيرة فمها، فلا تستطيع إنكار إعجابها بذلك التبدل سواء في حالته أو حتى الأدوار التي انعكست، فقد أصبح يفعل بها ما فعلته به من قبل.
لم تدوم تلك اللحظات السعيدة على قلبها بسلام، وانتفضت مفزوعة في جلستها على صوت الباب الذي فتح دون استئذان مخفضة يديها وهي تناظر رضا التي اقتحمت الغرفة وكأنها فرد من عناصر الشرطة، تخبرها:
-جهاد بابا جه برة وعايزك.
لم تكاد أن تجيب جهاد حتى وجدت رضا تتابع بهمس شديد لكنه يصل إلى مسامعها بوضوح:
-أقولك جاي ليه؟
وافقت، قائلة:
-قولي يا رضا.
-الأول إسلام قالتله أنها حامل وباركلها، وبعدين بص لروضة وقالها أن أحمد كلمه وطلب منه بدل ما يعملوا خطوبة يكتب الكتاب وبابا وافق.
عقدت جهاد حاجبيها وسألت بترقب:
-و روضة عارفة الكلام ده؟؟ وسعيلي كدة أنا هطلعله إزاي يعني يوافق من غير ما يرجع لروضة افرضي هي مش عايزة.
شجعتها رضا وأفسحت لها الطريق تشير لها بيدها كي تمر بطريقة مسرحية:
-أيوة اطلعيله يلا.
خرجت من الغرفة وتحركت نحو مصدر أصواتهم ومكان جلوسهم، وما أن وصلت حتى سألته:
-صحيح يا بابا اللي سمعته ده؟ وافقت على كتب الكتاب طب مش كنت ترجع لصاحبة الشأن الأول؟؟
زاغت عين روضة وقلقت من أن يغير شكري قراره، فهي ترغب في حدوث ذلك كثيرًا.
علق شكري وهو يحول بصره من جهاد إلى روضة يستفسر منها بطريقة يغلفها السخرية:
-وهي مش موافقة؟؟؟ أنتِ مش عايزة؟
نفت روضة سريعًا وأخبرته كاذبة تحاول إخفاء لهفتها ولكنها كانت فاشلة في فعلها:
-عادي يعني معنديش مشكلة.
عاد شكري يبصر جهاد، متمتم:
-أهو شوفتي صاحبة الشأن بنفسها معندهاش مشكلة، أنتِ بقى إيـه مشكلتك؟؟
حينها استطاعت جهاد قراءة موافقة روضة ولهفتها للزواج من أحمد.
ربما أخبرها أحمد قبل أن يهاتف شكري، وكانت على علم بهذا من الأساس ولم تخبرهم بعد وربما لم تكن تعلم ولكنها أحبت الفكرة ورغبت في حدوثها.
لم تبالي جهاد حتى لمعرفة إذا كانت تعلم ولم تخبرهم أو لا، لا يهمها، وما يهمها حقًا أن تكون روضة سعيدة في حياتها، وأي شيء أخر لا يفرق معها، لذا التزمت بالصمت ومر الأمر مرور الكرام.
على الطرف الأخر وبعد إغلاقها الهاتف في وجهه وإنهاء المكالمة بينهما لم يحاول مجددًا الاتصال عليها، ولكن هناك ابتسامة عاشقة احتلت ثغره زادته وسامة وجاذبية فوق وسامته.
لا يصدق حقًا أنه يفعل كل هذا، و وصل الأمر لمرحلة أنه قد أضحى شاعرًا ملقيًا عليها بعض الكلمات الذي لم يخطط لها فقط أطلق العنان لـ لسانه وتولى هو زمام الأمور ليزيد ضربات قلبهما المتيم سوءًا أو عشقًا لا نهاية له!
___________________
بدأ كل من جهاد وإحسان صفحة جديدة، وتعاملت جهاد معها كأن شيء لم يحدث، ولاحظت إحسان هذا مما جعل سخطها من نفسها وأفعالها سابقًا يتفاقم، ولكنها حاولت ولا تزال تحاول تخطي شعورها بالذنب والندم مما فعلته من سوء في حق جهاد ونفسها، كما أن ضياء استمرت في التقرب منها أكثر وبدأت تشاركها في كثير من تفاصيل حياتها ويومها وتأخذ أيضًا باستشارتها.
وبالتأكيد لم تتناسى أي من روضة أو ضياء الاعتذار من سـارة عما بدر منهما في حقها، وكما هو متوقع سامحتهما سـارة على الفور.
ثم مر يوم بعد يوم وفعل آسـر مثل أحمد وغير الاتفاق مع شكري هو الأخر واقناعه بسهولة بالغة بالموافقة وأن كل شيء سيحدث كما هو متفق عليه، فقط سيكون كتب كتاب عوضًا عن الخطبة مثل أحمد تمامًا، وعلى أن يتم الزواج بعد إنتهاء تجهيزات الشقة فقد جاءه هذا الأمر على صحن من ذهب فهو بالأساس كان يريد التعجل في أمر الزواج وطالما أن الشقة لم تنتهي بعد فكتب الكتاب فكرة أفضل كثيرًا عن الخطبة بالنسبة له، فهي بتلك الطريقة ستصبح زوجته حتى ولو لن تذهب يومها معه إلى المنزل ويبقيان تحت سقف واحد ولكن بالأخير ستصبح زوجته وهذا يكفيه ويفيض….
واليوم هو يوم عقد القرآن، اليوم الذي طال انتظاره ومرت الأيام السابقة لهذا اليوم والتي تمت فيه التحضيرات والاستعدادت بصعوبة، ثقيلة على قلوب الأربعة.
الحفلة لم تكن بالكبيرة وتم أقامتها في حديقة منزل سلطان.
المدعوين هم الأقارب والأصدقاء المقربة فقط.
ارتدت كل من روضة، وضياء فستان بسيط للغاية باللون الأبيض لا يوجد اختلاف بينهما بعد أن قررا ارتداء فستان مشابه وحجاب بذات اللون، وزينة بسيطة وضعتها لهما ريهام.
أما عن أحمد وكما اعتاد الجميع منه، فقد ارتدى بذلة باللون البرتقالي الداكن مخالفًا الألوان التقليدية من أسود وأبيض ضاربًا بهم عرض الحائط، مقررًا أن يكون مميزًا ويرتدي لون لا يرتديه الرجال كثيرًا خاصة في مثل تلك المناسبات.
أما عن آسـر فقد ارتدى بذلة سوداء اللون وبفضل جاذبيته وجسده الرياضي المتناسق ظهر وسيمًا للغاية خاصة في عيون ضياء الذي لا يبالي أو يهتم سوى برأيها، هي وحدها من تهمه.
تم عقد قرآن آسـر وضياء أولًا بعد أن اقتنع أحمد بصعوبة شديدة وافتعل شجارًا صغيرًا مع آسـر متعللًا بأنه من طلب أولًا واقنع شكري بكتب الكتاب وما هو إلا مقلد له، ولكن بالأخير اقتنع و وافق بعد أن تدخل جابـر وأخبره بأن يكون الثاني و الأخير حتى يكون ختامها مسك وكم نالت تلك الجملة إعجابه وأحبها وظل يكررها بداخله بينه وبينه نفسه “ختامها مسك..”
فلا يوجد ختام أفضل من زواجه بحبيبة قلبه “رضوى” كما يحب أن يدعوها وأطلق عليها.
عقب إنتهاء المأذون لم يتردد آسـر بمفارقة مكانه والنهوض مقتربًا منها أولًا قبل الجميع.
مسك يديها وارتكز ببصره على أيديهم المتماسكة، ابتلع ريقه ثم رفع بصره ونظر تلك المرة داخل عيونها بكل حب يحمله بداخله لها وأعين ترقرقت بها دموع ولكنها كانت دموع الفرح، دموع السعادة والذي يذوقها لأول مرة متمتم بصوت عاشق لأقصى درجة، متحاملًا على نفسه وعلى قلبه المسكين المشتاق لعناق منها:
-ألف مليون مبروك ليا وعليا.
ختم حديثه مقتربًا من جبهتها يميل عليها تاركًا قبلة شغوفة حنونة أعلاها، موصدًا لجفونه يستمتع بتلك اللحظة الذي سبق له وشعر كثيرًا أنها لن تحدث إلا في الأحلام ولكنها حدثت بالفعل.
لا يصدق حتى الآن أن يديه تعانق يدها وشفتاه تلامسها حقًا ويقبلها أمام أعين الجميع وأنها أصبحت زوجة لـه.
فقد فعلت به الأفاعيل، حركت فؤاده وجعلته يهواها، كما عذبته أيام وشهور، أحيانًا كان يفقد الأمل في أن يجتمع بها وتصبح له، وأحيانًا أخرى كان يتسرب له الأمل مجددًا، كانت حالته لا تسر عدو أو حبيب وكان سهل عليه أن يرى حياتـه ويتابعها خاصة بعد رفضها لـه المتكرر، لكن منذ أن استوطنت قلبه وهو لا يرغب في أخرى، هي فقط من خفق لها القلب وأقامت به، هي الحلم الذي طال ترقبه كثيرًا ولكن في نهاية الأمر وبتوفيق من الله عز وجل تم تحقيقه ونالها والحلم أخيرًا أضحى واقعًا، فقد ظفر بها ولم يعد بحاجة لشيء أكثر.
أما عنها هي فالخجل تسلل إليها، وانتابتها رجفة بمجرد أن مسك بيدها ولامس جبهتها بشفتيه الغليظة شاعرة بأنفاسه قريبة منها تلفحها بقوة.
وقبل أن تهرب وتحقق مبتغاها تشبث بها بقوة رافضًا هروبها وتركها وابتعادها عنه، متمتم أمام الجميع ببسمة ومزاح خفيف:
-رايحة على فين؟؟؟ أنا لسة ملبستكيش الشبكة! الشبكة لازم تتلبس أنا دافع فيها دم قلبي.
ضحك من حولهم، بينما تعالت ضربات قلبها ورضخت بتوتر، ليضع بأصبعها دبلته وهي كذلك واضعة له الدبلة في أصبعه، وبعد أنتهاءها التقط الباقي من الشبكة و وضعه لها، لحظات وانتهى الأمر وبدأ هو وهي في أستقبال المباركات والتهاني من الجميع.
ومن جديد، عاد مقتربًا منها بعد أن فرقهم من حولهم هامسًا لها بمشاعر مفرطة لا يستطع مقاومتها بعد تلك اللحظة:
-بحبـك.
___________________
على الجانب الأخر، وبالسؤال عن صابر وجهاد فما يحدث معهما هو كالآتي….
يلازمها كـ ظلها، يذهب خلفها أينما ذهبت حتى أثناء عقد القرآن وقف بجانبها لا يبالي بأحد.
فالجميع بات على علم برغبته بها كزوجة وحبيبة والأمر فقط يقف على موافقتها.
انتبهت لما يفعله وكيف أضحى قريبًا منها، فرائحة عطره تغلغلتها وجعلتها تتوتر ولكنها نجحت في إخفاء هذا التوتر.
وبالأخير وعندما حان دور كل من روضة وأحمد وعاد الجميع يقف حول الطاولة ينصتون إلى حديث المأذون في مكبر الصوت، حركت رأسها ونظرت إليه وياليتها لم تفعل وكأنه كان يحملق بها بالفعل وبمجرد استدارتها تقابلت عيونهما التي تهيم عشقًا ببعضهما البعض ولكنها تكابر.
ازداد توترها وقالت من بين أسنانها بصوت لم يسمعه سواه:
-أنت هتفضل لازقلي كدة كتير؟
وبشرود هائم أجابها بنبرة تحمل من العشق ما يجعلها تستلم :
-والله لو مش عجبك اتجوزيني، ها إيـه رأيك موافقة تتجوزيني؟!
وببساطة ورفض تتمسك قالت:
-لا.
تنهد باستسلام بعد رفضها الذي لم يأتي من أعماق قلبها ويعاتبها عليه الآن:
-مدام لا يبقى استحملي وبطلي تشتكي عشان أنا هفضل لازق فيكي كدة لحد ما اسمع اللي عايز اسمعه…أنا أساسًا لو حد تاني مكاني كان زمانه بطحك بحاجة وده علشان كان زمانا بنتجوز أحنا كمان دلوقتي وبدل الفرحتين يبقوا تلاتة بس هقول إيـه بقى بحبك ولازم استحملك وأي حاجة تعمليها زي العسل على قلبي.
وللمرة الثانية ينتهي المأذون وتصبح روضة زوجة لـ أحمد والذي اعلن تهوره وعشقه وسارع بالاقتراب منها ملتهمًا ما يفصله عنها معانقًا إياهًا عناقًا اشتاق لـه وتمناه كثيرًا، وبكل عفوية وخجل طفيف بادلته روضة وتمسكت به كالطفلة مما جعله يرفعها عن الأرض يزيد من تمسكه بها دافنًا لوجهه يستنشق رائحتها الجميلة، صارخًا بعلو صوته يعترف أمام الجميع:
-بحبـــك…..بحبها كله سامعني؟؟؟؟؟؟؟أنا بحبها بموت فيها ….قلبي مدقش غير ليها ومفيش واحدة قدرت تخطفني وتسرق قلبي زي ما هي عملت….أنا ربنا بيحبني عشان رزقني بيها وقابلتها حابب أشكر كل شخص وإنسان وبني آدم كان سبب في أني اقابلها واشوفها، من أول محمد ابن عمي خليل لحد طه الروش ربنا لا يمسيه بالخير.
ابتلع ريقه ثم قام بتركها وجعل قدميها تلامس الأرض، يطالعها بنظرات ناطقة تعكس ما يعتريه من مشاعر حب سكنته بفضلها هي، مضيفًا :
-وأنا أهو بوعدك قدام كل الناس الحلوة دي أني هفضل أحبك لحد أخر نفس فيا وهكون دايمًا عند حسن ظنك بيا وفيا وعايزك تعرفي أنك كتير أوي عليا.
ختم حديثه معانقًا لها من جديد……
انتهز صابـر انشغال الجميع بتلك اللحظة الرومانسية بين أحمد و روضة، هامسًا لجهاد من جديد خاصة بعد أن رآها متأثرة بحديث أخيه :
-ما أنتِ الكلام الحلو بيحوق فيكي أهو أومال أنا مش شغال معايا ليه ده أنتِ مشخصناها معايا بقى.
-تعرف تسكت ومتبقاش فصيل، ركز مع أخوك وابن عمك أحسن.
رفض وأضاف بكلمات ذات مغزى:
-لا ما أنا لقيت الأحسن والأحلى كمان وخلاص مركز أهو.
___________________
-إيـه ده! في إيـه؟! بتعيط ليه متعيطش يا صاحب عُمري وافرح كدة هو في حد يعيط برضو في يوم زي ده، عندك أنا مثلًا مستحيل اعيط يوم فرح عيالي، افرح بقى متبقاش نكدي كدة.
ألقى زهران صديق جابر الصدوق كلماته المهونة فـ لم ينسى جابر أن يدعوه في مثل هذا اليوم وبالتأكيد لبى لـه زهران دعوته وجاء كي يحضر ويكون معه في هذا اليوم الأسعد بالنسبة لـ أي أب.
ولكن دموع جابر التي تساقطت على وجهه عقب زواج أحمد واعترافه بالحب لها أمام الجميع جعله يتأثر كثيرًا ولم يعد بإمكانه المقاومة أكثر.
-حاولت معيطش والله بس معرفتش شوفت كلام أحمد ؟؟ ابني طلع رومانسي ومخبي علينا صحيح ياما تحت السواهي دواهي وابني طلع داهية كبيرة، عارف يا زهران كان نفسي افرح بصابـر أوي ويكتب كتابه هو كمان على جهاد بس البت راكبة دماغها ربنا يسعدهم يارب واشيل ولادهم.
جاء شكري حانق الوجه مقاطعًا للحديث بين الصديقان متمتم بانفعال مما حدث:
-ينفع اللي حصل ده واحد يبوس والتاني يحضن وحاجة في منتهى قلة الأدب ده كتب كتاب ده مش فرح.
عقد جابـر حاجبيه ونظر نحو زهران يسأله:
-واحد باس والتاني حضن زهران أنا في حاجة فاتتني؟
رد زهران وهو يحدق بشكري بدهشة من حديثه:
-والله نفس اللي كنت هسأله هو في حاجة فاتتنا شافها هو وأحنا لا.
-مش عارف، قلة أدب إيـه يا شكري ده البوسة كانت في القورة يعني منتهى الأحترام وخالية من أي فتن وممكن ابوسها لصديق عُمري عادي مفيهاش حاجة مش كدة يا زهورة؟
-كدة يا جبورة.
وبعد حصوله على تأكيد من صديقه أضاف متابعا دفاعه عن آسـر وأحمد:
-بالنسبة الحضن بقى فـ ده برضو حضن برئ خالي من الفتن.
انفعل شكري من دفاعه عنهما بدلًا من موافقته الرأي:
-عبيط أنا قدامك حضن إيـه ده اللي خالي من الفتن ابنك مهموش حد وحضن البت قدامنا كلنا وأنا مرضتش أتكلم وسكت وكتمت في نفسي عشان خاطركم بس.
سارع جابر بالتعليق:
-طب اديك قولتلها بعضمة لسانك كان قدامنا مش أحسن ما يعملها من وراك، ده أنـه يعملها قدامك قمة في الأدب والأحترام والتربية مش كدة يا زهورة؟
-كدة يا جبورة ده أكيد قمة في الأدب والأخلاق كمان زي ما قولت.
هنا ونفد صبر شكري وصاح بالاثنان:
-هو أنتوا بتغنوا وتردوا على بعض؟ اجبلك طبلة عشان تطبل لصاحبك حلو؟
نفى زهران وطلب منه:
-لا مش عايز طبلة هاتلي شيشة أحسن.
-شيشة إيـه دلوقتي يا زهورة هو ده وقته ده؟! ده بيتهم ابني وابن أخويا أنهم متربوش..بقولك إيـه يا شكري أنا عيالي مبتغلطش ومن حقهم يعبروا عن فرحتهم بالطريقة اللي شايفينها وبعدين آسـر لما باس باس مراته وابني لما حضن حضن برضو مراته يلا اتكل بقى ومتعكرش مزاجنا الحلو.
تلك المرة جاء التعليق من زهران متمتم بسخرية:
-لا حوش مزاجك الحلو أوي ده أنت كنت لسة بتعيط طلعت عيوطة خليك زيي كدة…ما تطرقنا يا أبو البنات عايز أقوله كلمتين سر ما بينا محبش تعرفهم.
كز شكري على أسنانه و كم تمنى أن ينال من هذان الأحمقان لكنه اكتفى بالتهديد والتوعد قائلًا:
-ماشي أنا غلطان أني أتكلمت معاك أنا هروح لأبوك يشوف أمور المسخرة دي.
لم يلتزم جابر الصمت وهتف عاليًا أثناء مغادرته:
-هات أخرك ومش هكلمك ولما تخلص هطلع اعلمك.
ثم حول بصره نحو زهران، وسأله بفضول:
-ها يا زهورة إيـه الكلام السر اللي عايز تقوله؟؟؟ كلي آذان صاغية إليك.
-لا ولا سر ولا حاجة أنا كنت هعلق بس على لون بدلة ابنك بس لما لقيتك بتعيط سكت أنا عندي نظر برضو.
تنهد جابـر وعلق وهو يتأمل بذلة أحمد المخيبة للآمال:
-عجبك اللون ولا إيـه؟؟ أوعى تقول أنه عجبك والله ازعل واسحب منك لقب صديق عُمري وأشوف صديق للعُمر غيرك.
سارع زهران بالنفي وهتف بصدق:
-لا عجبتني إيـه دي زي الزفت، مش فاهم إيـه الالوان اللي العيال دي بتلبسها واحد فسدقي والتاني لابسلي برتقاني أحنا فين هنا!!!
-مين اللي لبس فسدقي ابنك نضال؟
هز رأسه نافيًا يخبره:
-لا نضال بيلبس أسود في أسود، اللي بكلم عنه ده دياب الصايع صاحبه ما أنا حكيلك عنه.
___________________
طوال حفل كتب الكتاب حاول قُصي إدعاء الانشغال وعدم الأهتمام رغم أن اهتمامه بأكمله كان بها، من حين لأخر يختلس النظرات نحوها كاللصوص وعندما يشعر بأنها على وشك الإمساك به بالجرم المشهود كان يبعد عيونه عنها.
حاله لا يسره و رؤيته لها تفعل به شيء غريب لا يفهمه و لا يرغب حتى في فعلها.
ولكي لا يستسلم ويذهب للحديث معها حول اهتمامه صوب آسـر والذي وجده منشغلًا مع عروسه و زوجته.
نعم عليه الإعتراف أن آسـر لن يكون معه أغلب الوقت مثلما كان فالآن أصبح له زوجة كان من قبل عاشقًا لها وكاد أن يموت من بعادها والآن أمست بين يديه!!!!!
فهل يتركها ويهتم به هو!!!
إلتوى فمه ساخرًا مجيبًا على نفسه بأنه من المؤكد لا لن يحدث.
نفض تلك الغيرة المتمكنة منه ودنا من صديقه مقاطعًا رقصته الرومانسية مع زوجته يبارك لهما:
-ألف مبروك مرة تانية، مين يصدق أن آسـر يتجوز خلي بالك بيحبك من بدري أوي واتعذب كتير بسببك فخلي بالك منه بقى ومتزعليهوش.
حدقت ضياء بـ آسـر الذي حافظ على ابتسامته كي لا تتوتر الأجواء بعد كلمات قُصي:
-إيـه ده في إيـه هو أنت مامته؟؟؟؟؟ مامته مقالتليش كدة!!
ابتسم لها قُصي وأخبرها ببساطة:
-اديني قولتلك.
نزع آسـر يديه عن خصرها مقتربًا من قُصي يهمس له:
-ده أنا ههينك.
ثم ابتعد متمتم بصوت عالي:
-حبيبي يا قُصي.
ربت الأخر على كتفه وأخبره:
-أنا عاملك مفاجأة ليك أنت وأحمد على فكرة وعلى وصول خلاص يارب تعجبكم وتعجب الكل.
رمقه آسـر بشك ثم سأله محاولًا تخمين ما يدور في باله:
-مفاجأة إيـه؟؟؟؟؟
-مينفعش أقول دي تتشاف علطول، بس متقلقش مفاجأة حلوة والله أنا كـ قُصي هنبسط بيها حتى العروسة والمعازيم.
بعد دقائق معدودة من تركه وابتعاده عن آسـر فشل فشلًا كبيرًا في تجاهلها أكثر من ذلك!!!
لم يستطع كبح حواسه و رغبته في التطلع إليها ومتابعتها دون أن تشعر.
رغم إدعائه العكس تمامًا مندهشًا وغاضبًا من تجاهلها وعدم محاولتها حتى التطلع به مثلما يفعل هو ويحدث معه!!!!
وأثناء مراقبته لها انتبه إلى حديثها مع زهـر والتي شارفت على النهوض والتحرك معها لولا رفض سـارة بأن تأتي معها ثم فارقت محلها والطاولة الجالسة عليها برفقة زهـر و وسام الحامل لابنته المستيقظة ويضمها لاحضانه.
حرك رأسه واستدار مستمرًا في مراقبتها وترصد حركاتها، وبمجرد أن رأها تلج المنزل حتى ابتسم بسمة ماكرة ونهض من خلفها متعقبًا خطواتها.
في ذات الوقت وبمجرد دخولها المنزل والنظر من حولها قامت بخلع حذائها العالي التي ترتديه وسبب لها الألم حاملة إياه بين يديها متبعة إرشادات و وصف زهر لها لدورة المياة غافلة عن الذي بات خلفها ويسير بهدوء.
وصلت أمام المرحاض وفتحت بابه والجة وقبل أن تقوم بغلقه شهقت بفزع وتراجع جسدها من ظهوره المباغت لها من العدم!!!!!!!
قائلة بصوت مهزوز انتابه الخوف:
-أنت مجنون حد يخض حد كدة!!!!!!
ابتسم لها بسمة كان الغرض منها استفزازها وبالفعل نجح في فعل هذا مغمغم:
-أنتِ لسة بتسألي؟ متأكديش لسة!!؟ عامة آه يا ستي مجنون واجن مني مش هتلاقي.
ومن بين أسنانها وبغضب قالت وهي تلتقط حذائها الذي تساقط من يديها حين فزعها:
-طب اعمل إيـه دلوقتي اتف في وشك والله لو عملتها محدش هيغلطني أنت اللي قولتلي لو شوفتك تاني اتف عليك بس مع الأسف تربيتي تمنعني أني اعملها، أنت بطاردني ليه؟؟؟؟ أكيد مش عايز تتجوزني أنت قولت أنك مش بتاع جواز! طب يبقى إيـه عايز نتصاحب؟ قولتلك مش بصاحب عيال.
-ومين قالك أني عيل؟
-مش لازم حد يقولي الكتاب باين من عنوانه والحركات اللي بتعملها وكل شوية تنطلي دي حركات عيال الرجالة ميعملوهاش!!
-طب اديني عملتها وصححتلك مفاهيمك اللي بايظة وغلط خالص دي، خلينا بقى نتكلم كلمتين حلوين إيـه رأيك؟؟؟ أنا عايزك بس تسمعيني، جربي كدة تسمعيني والله مش هتخسري حاجة ده بالعكس.
ختم حديثه متقدمًا منها بضعة خطوات للأمام تنم عن نيته في الانفراد بها، اتسعت عيونها من وقاحته وقبل أن يفعلها ويلج للداخل كانت تخبره وهي ترفع يدها ملوحة بالحذاء:
-أنت تاني يـاض؟؟مش قولتلك هبطحك، أنت عايز تتبطح صح طب خد بقـى..
ختمت حديثها مباغتة إياه بكعب حذائها النحيل والعالي والذي تضارب مع جبينه بقوة وسبب له الألم الشديد.
لم يصدق فعلتها وجنونها و وضع يده محل ضربتها مغمغم بألم واضح وهو يبصرها:
-آه…أنتِ مجنونة إيـه اللي هببتيه ده، إيـه الغشامة دي!!!!
أكدت قائلة بقوة:
-برافو عليك أنا فعلًا مجنونة وقت ما أحب ابقى مجنونة ولا أنت فاكر مفيش مجنون و وقح وزبالة غيرك!!!! أنت فاكر عشان عدتهالك المرة اللي فاتت أني سهلة لا ده اكلك بسناني غور بقى من وشي بدل والله اطلع واحكي لجهاد وجدو سلطان وافضحك في العيلة كلها واوريك الغشامة على حق.
جز على أسنانه ولا يزال الألم يرافقه، يبصرها بغضب وحنق…
رفضها له وسلبه أي فرص للحديث معها والتعرف عليها والتسلية معها يجعله يصل لأعلى درجات الثوران…..هناك نيران تتأجج بين ثنايا صدره لا يعلم كيف يبردها ويجعلها تخمد.
وقبل أن يرحل بالفعل هتف بعيون تشتعل:
-ماشي يا سـارة…ماشي…أنا اللي غلطان والنهاردة كانت أخر مرة هتكلم معاكي فيها وأخر فرصة ليكي أنك تكسبيني، بس ملحوقة ولو لقتيني جاي بكلمك ولا بعبرك تاني تفي على وشي بحق وحقيقي….أنا اللي استاهل والله، كتك نيلة أومال لو كنتي حلوة شوية كنتي عملتي إيـه؟؟ طب جربي تشيلي الميكب اللي على وشك ده والله أحمد هيطلع أحلى منك.
كاذب، وهو يعلم بأنه كاذب فقط قال ما قاله لتخفيف الحرج الذي يشعر به، ولكنه في الحقيقة يعلم جيدًا أنها جميلة حتى ولو أزالت ما تضعه من زينة على وجهها.
وقبل أن يرحل ولأن كلماته جرحتها وأهانت أنوثتها، قالت مدعية القوة والثبات أمامه:
-رأيك فيا ده اللي ملوش أي ستين لازمة تاخده معاك وأنت ماشي وترميه في الزبالة، مش على أخر الزمن هستنى منك أنت تقولي أنا حلوة ولا لا.
جز على أسنانه ولم يجد ما يجيب به، ولكنه هتف بشكل ساخر وكلمات دون جدوى يخفي خلفها ما يشعر به من نيران متأججة:
-رأيي أنا ملوش ستين لازمة؟؟؟ ستين؟؟مش كانت بتتقال تلاتين خلتيها ستين…أنا ماشي وعلى الله ألمحك تاني عشان أنا مبقتش طيقك، ده أنا كنت اعمى وفتحت أنا أول حاجة هعملها لما اروح هصلى ركعتين شكر لله.
___________________
فريـد، فريـد.
نادت زهـر بعلو صوتها تنادي عليه، ولكنه بفضل الموسيقى العالية وانشغاله بالرقص مع الشباب احتفالا بـ آسـر وأحمد لم يسمعها.
طالعها وسـام مندهشًا مما تفعله، متمتم بجوار أذنيها كي تسمعه جيدًا:
-أنتِ بتهببي إيـه وبتنادي عليه ليه؟؟
ردت عليه بذات الطريقة مع الحرص على ألا تسمعها ريهام الجالسة معها على ذات الطاولة ولكنها من حسن حظها كانت تتحدث مع سـارة التي عادت للطاولة للتو مبتسمة وكأن شيء لم يحدث:
-عايزة أجوزه لريهام، ما تروح تناديه عشان ننجز؟
تساءل وسـام بعدم فهم:
-ننجز إيـه مش فاهم؟؟ أنتِ هتعمليلي فيها خاطبة يا زهـر، ركزي معايا أنا وبنتنا أبوس أيدك.
-ما أنا مركزة أهو، بس عايزة أفرح بـ ريهام يا وسام البت شافت كتير من ياسين وفريـد أنا عرفاه وحفظاه كويس، حنين وطيب وهيحبها بعون الله، وبعدين هي سنجل وهو كمان، يبقى مفيش حاجة تمنع، يلا بقى ناديه هات نور وروح ارقص معاهم واسحبه من غير ما حد يحس.
-مش عايز أروح يا زهـر وبعدين بدل ما تركزي مع فريـد و ريهام ركزي مع صابـر أخوكي وجهاد و وفقي بينهم هما.
-وهو أنا مستنية يعني تقولي اهتم بأخواتي؟؟ أنت لو تعبت نفسك وبصيت بصة على صابـر هتعرف أنه مش محتاجني أساسًا ده لازق في جهاد لازقة سودا، حبيب اخته عامل اللي عليه وبزيادة..زيادة أوي بصراحة، المهم متوهنيش ودخلني في مليون موضوع وتنسيني الأساسي هتروح تنادي فريـد ولا لا؟
-لا.
زمت زهـر شفتيها كطفلة صغيرة أحزنها الرد والرفض، وقبل أن تتهور وتفعل أو حتى تفكر في شيء جديد، كان فريـد يأتي إليهم دون الحاجة لدعوة من أحدهما، مصوبًا حديثه لوسام بأنفاس لاهثة:
-أنت مش بتشاركنا الرقص ليه؟؟ سبت إيـه للناس الكبيرة.
وقبل أن يحصل على جواب منه وتخرج الكلمات من فم وسـام كان يسلط بصره على ريهام، قائلًا ببسمة وصوت عالي حتى يجذب اهتمامها نحوه:
-أزيك عاملة إيـه؟
وبخجل طفيف أجابت عليه:
-الحمدلله، وألف مبروك عقبالك.
-الله يخليكي و…..أنتِ مخطوبة أو متجوزة؟ أو حتى مرتبطة؟
اتسعت ابتسامة زهـر وسارعت هامسة لزوجها:
-ألحق ده الملعب مولع من غير أي تدخل مني، شوفته وهو بيشقطها؟
تبخر خجل ريهام وحل محله الوجوم وهي تستمع لجوابه تنظر إليه بعدم فهم وذهول من سؤاله المباغت.
وبسبب نظراتها وحالها التي تبدل من شتات لشتات أخر، سارع بتصليح فعلته وتبرريها:
-لا أنتِ فهمتي إيـه والله ما أقصد حاجة، أنا بسأل بس عشان لو متجوزة وقولتلك عقبالك هيبقى وحش فـ..
قاطعتهما زهـر ضاربة على الطاولة بخفة متمتمة:
-في إيـه يا أستاذ فريد خلاص متبررش اللي قولته، عمومًا ريهام منفصلة ومفيش في حياتها حد، فقولها عقبالكم عادي.
جحظت عين ريهام ورمقتها بغضب وإحراج كبير.
انتبهت زهـر لنظراتها نحوها، فقالت على الفور:
-في إيـه بتبصيلي ليه أنا قصدي عقبالكم اللي هو عقبالكم أنتوا الاتنين ما أنتوا سناجل ومش لازم يكون قصدي تكونوا سوا يعني.
تنهدت ريهام ولم يعد بإمكانها النظر إليه من جديد خاصة بعد ما حدث، أما عنه فكان عكسها تمامًا وانتهز تفاديها له وتجنب النظر له مباشرة معلقًا عيونه بها.
لحظات ونهضت سـارة الغير مبالية لما يحدث، تلبي دعوة إسلام لهما كي تتقدمان وتشاركان الفتيات التصفيق والاحتفال وبالفعل نهضت تاركة ريهام رفقة زهـر و وسـام وفريـد، بعد أن رفضت الأخيرة الذهاب معها مقررة التحجج والذهاب من هنا في أسرع وقت ممكن.
فكلمات زهـر و وجوده قد سبب لها توتر وإحراج كبير.
بعد ذهاب سـارة، حركت زهر حاجبيها لزوجها تشير له كي يذهب ويبتعد عن الطاولة ورغم تأفف وسـام الذي فهم ما يدور في بالها من تركهما على انفراد ويتيحان لهما الفرصة في الحديث حتى ولو كلمات قليلة، ذهب مقتربًا من جابر و زهران.
بينما انتظرت هي ثلاث دقائق ثم هتفت بصوت عالي وكأن وسام ينادي عليها:
-نعم يا حبيبي جاية هو.
وقبل أن ترحل تمامًا مسكت بها ريهام وقالت لها بصوت خافض وتهديد:
-لو قومتي همسك في زمارة رقبتك، خليكي زي ما أنتِ احسنلك صدقيني.
-هو أحسنلي فعلًا أنتِ مبتكدبيش بس مش هيبقى احسنلك أنتِ اسمعي مني…أيوة يا بابا جاية أهو.
نطقت كلماتها الأخيرة وكأن جابر تلك المرة هو من ينادي عليها، تاركة الاثنان معًا على ذات الطاولة.
لاحت شبة بسمة على وجه فريـد، ثم سريعًا ما بدأ حديثه الذي لم يخطط له وخرج بشكل عفوي للغاية:
-أنتِ اللي عاملة الميكب لضياء و روضة مش كدة؟؟ حلو جدًا أول مرة يعجبني ميكب كدة.
قلبت عيونها تفكر في ماهية كلماته!!!!
رأت تعليقه مريب!!!
على الأقل بالنسبة له!!
أي رجل هذا الذي ينتبه ويمنح تركيزه مع زينة المرأة بل ويعلق عليها.
لاحظ نظراتها وفهم ما دار وأن كلماته ومدحه لها ولعملها فهمته بشكل خاطئ:
-لا أنتِ فهمتي إيـه لتاني مرة، أنتِ سيئة الظن علطول كدة، أنا مش بركز في الحاجات دي على فكرة، بس معجبنيش السكوت ده فحبيت اقطعه، بس واضح أني جيت اكحلها عميتها.
هزت رأسها بتفهم ثم قالت قبل أن تنهض وتتركه بمفرده متحركة صوب الفتيات كي تودعهم وترحل:
-حصل خير بعد أذنك وألف مبروك.
-الله يبارك فيكي، وعقبالك إن شاء الله.
___________________
لا يزال يذهب خلفها ويستمر في ملاحقتها أينما ذهبت!!!!!
لم تعد تتحمل ما يفعله من أفعال تشبه المراهقين!!
طفح الكيل وقررت تجنبه وتتعامل كأنها لا تراه.
ولكن ذهب ذاك القرار في مهب الريح ما أن وجدته يتدخل ويمنعها من التحرك خطوة واحدة واقفًا أمامها بجسده الذي يفوقها طولًا وعرضًا.
نظرت في عيونه والتي قد ضاقت تخبره بوجوم:
-هو ممكن تبعد؟!!!!
-لا، هو أنتِ فاكرة نفسك هترقصي بجد وأنا هسيبك عادي؟؟ ما انقطك بالمرة ولا امسكلك طبلة اطبلك!!!
حديثه خرج ساخرًا متهكمًا بسبب غيرته التي اشعلت صدره ما أن رأها ترغب في مشاركة الفتيات وضياء وروضة الرقص.
كما أنه كان عاليًا حتى تسمعه جيدًا ولا يعيق صوت الأغاني وصول كلماته إليها.
ردت بقوة وبصوت عالي هي الأخرى، فكان يبدو الاثنان من بعيد وكأنها يتشاجران سويًا:
-هو حد قالك أني هتحزم؟ ولا لابسة بدلة رقص وسع بقولك متبقاش تنح كدة، مش كفاية لازقلي خلي بالك أنت أفورت.
هز رأسه يؤكد لها:
-يا ستي أنا أوفر وبموت في الأفورة، وبرضو مش هترقصي يا جهاد، هو أنا إيـه قدامك كيس جوافة، أنا محبش حد يبصلك بصة، واللي يبصلك اقسم بالله اخزق عينه.
تنهدت، حاولت أن تهدأ عن طريق أخذ شهيق ثم زفير…
وهو فقط يكتفي بمراقبة فعلتها وبعد تكرارها للأمر والذي بالمناسبة لم يساهم في شي، قالت:
-خلي بالك أنا بدأت اجيب أخرى.
وببسمة لم تتشكل على محياه ولكنها لمعت في عيونه، أجاب:
-أنا بقى مليش أخر، ومش هترقصي يعني مش هترقصي يا جهاد.
جزت على أسنانها ونظرت خلفه ثم قالت بملامح وجه متلفهة:
-الحقني يا جدو سلطان وشوف ابن ابنك الله يخليك.
استدار صابـر برأسه كي يبصر جده سلطان، ولكن ما أن فعل حتى اكتشف ما فعلته، ارتخت قسمات وجهه مدركًا كذبها وكيف صدقها بكل سذاجة، فلو كان طفلًا كان سيفهم أنها كاذبة لكنه حقًا صدقها، ابتسم ساخرًا من نفسه وعاد ينظر إليها ولكنه لم يجدها….
وعلى الفور نقل بصره تجاه الفتيات اللواتي يشاركون ضياء و روضة الرقص وهو يضم قبضته على يقين بأنها قد انضمت إليهم، ولكنه وبعد بحث بعيون تدور سريعة لم يجدها.
بدأت تعابيره أن تهدأ وتابع بحثه عنها فقد كان كالقط الذي يبحث عن الفأر.
وبتلك الأثناء مسك بذراعيه محمد ابن عمه، يخبره بصوت عالي:
-تعالى ارقص معانا مبترقصش ليه؟
رد بكلمات بسيطة وهو يزيح يده عنه وعيونه لا تهدأ ولا تتوقف عما تفعله من بحث:
-جاي جاي، بدور على حد بس وجاي.
وبمزاح علق محمد:
-حد برضو على محمد الكلام ده، ما تقول جهاد، يا بني أنت بتخبي ليه أنت كدة حويط يعني، صابـر فوق أنت مفضوح وكله ملاحظ.
وبلا مبالاة أجابه:
-طب ما يلاحظوا يا عم، هو أنا بسرق أنا بحب..
رحل بعد اعترافه بأنه عاشق تاركًا محمد في صدمة من حديثه، يجزم على أنه لم يعد كما كان وأصبح مختلفًا، أو شخصًا جديدًا، لكنه لن يندهش فالحب يصنع المعجزات.
وهو خير من يدرك ذلك يكفي ما فعله مع إسلام ويوسف مع بـرق.
صابر ليس الضحية الأولى للحب كما أنه ليس الأخير.
ظل يبحث ويبحث، يتنقل هنا وهناك على أمل أن يجدها، لكن لا أثر لها، كاد عقله أن يجن وقلبه أن يخرج من محله.
اقترب من طاولة زهـر وسألها بترقب وقلق:
-زهـر مشوفتيش جهاد؟؟؟
هزت رأسها وعلقت:
-لا مش كانت لسة واقفة معاك؟؟؟ أنت عملت إيـه للبت؟؟ أوعى تكون كلتها.
-أنتِ بتهزري؟؟؟ أنا اللي غلطان عشان بسألك..
كاد أن يرحل لولا يدها التي مسكت به، تخبره بلهفة تحت أنظار وسـام المتابعة لهما:
-خلاص خلاص، حقك عليا أنا فعلًا بهزر، أقولك على اقتراح حلو، امسك ميكروفون ونادي عليها…..
ثم سرعان ما قامت بجعل صوتها غليظ، متمتمة بطريقة مسرحبة:
-أنتِ فين يا جهاد، يا جهاد أنتِ فين.
ضحك وسـام وهتف بإعجاب:
-طب والله فكرة تجنن ومتخافش مش هتتفضح عشان كدة كدة أنت مفضوح يا صابـر.
-هو في إيه هو كل ما هقف مع حد هيقولي أنت مفضوح، بس الحق مش عليكم الحق عليا أنا…
وكما فعل مع محمد ورحل، فعل المثل مع زهـر و وسـام لتلحق به زهـر بعد أن تركت الطاولة، وتقدمت منه تخبرة بجدية تلك المرة:
-طب استنى يمكن تكون دخلت الحمام جوه تعالى معايا وأنا هشوفهالك.
ثم تحركا معًا كي يلجان المنزل وبعد تحركهم عدة خطوات استدارت زهـر برأسها تبصر إحدى الطاولات الفارغة والتي تتواجد في الخلف وبسمة ماكرة تزين ثغرها………
غافلة عن مروان الذي كان يترك الجميع ويتقدم منها.
وبالتركيز على تلك الطاولة الدائرية المغطاه بمفرش ابيض اللون يغطي جميع الجوانب، تواجدت جهاد أسفله مربعة وحافية القدمين تثرثر مع نفسها بغيظ تارة وتارة أخرى تتألم بسبب قدميها، فقد انتهزت تلك الاستدارة والثواني من التفات صابـر وقامت بخلع الحذاء وركضت سريعًا كالفراشة، منحنية بنصف جسدها العلوي.
“أنا مش فاهمة أنا اروح فين يارب يكون مبسوط وأنا قاعدة هنا عشان اريح دماغي، خليه بقى يدور عليا…..آه يا رجلي ياني ياما…أنا غبية برضو مكنش ينفع البس كعب عالي أوي كدة…..أنا إيـه الهبل اللي أنا عملاه ده، مفيش واحدة عاقلة تقعد القعدة اللي أنا قعداها دي….
وفجأة ارتفع جانب من المفرش ليكشف عن وجه مروان الذي هبط لمستواها وابتسم لها متمتم بمرح يلائمه لا يبالي بالشهقة والفزع الذي ارتسم على وجهها:
-مساء الخير اتمنى مكنش بزعجك، بس شوفتك وأنتِ بتقعدي تحت وجالي فضول اعرف قاعدة كدة ليه؟؟ يعني القعدة عندك مريحة ولا الحال اتبدل والناس دلوقتي بقت تقعد تحت الترابيزات، على أيامي كانوا بيقعدوا فوق، بس أكيد لا مش ده السبب ما الناس قاعدة فوق عادي، أنتِ بقى هنا ليه؟؟؟
_________________
-يعني هتكون راحت فين؟؟؟ دي زي ما تكون فص ملح وداب!!!!!
ردد صابـر كلماته بحيرة بعد أن فشل في إيجادها حتى داخل المنزل، فكيف لعقله أن يتوقع جلوسها أسفل الطاولة!!!!
تصرف جنوني غير عقلاني لا يفعله أحد عاقل بالمرة ولكنها في النهاية جهاد.
ارتسم الأسف على وجه زهـر وقالت تعاتبه رغم إدراكها بمكانها وانتبهت إلى اختبائها من أخيها:
-غلطان أنت برضو كنت براحة على البت، اديك طفشتها مش عارفين راحت فين ينفع كدة.
-زهـر أنا مش ناقصك.
بعد تعقيبه على حديثها انتبه إلى مروان الذي يرفع غطاء الطاولة ويبدو أنه يتحدث مع شخص ما.
لاحت شبة بسمة على وجهه تزامنًا مع رؤية زهـر لمروان وما يفعله.
ابتلعت ريقها وحاولت إلهاء صابـر ولكن كان الآوان قد فات.
سارع بمغادرة مكانه والذهاب نحو الطاولة…
في ذات الوقت كانت تتحدث مع مروان تحاول إشغاله عن ذكر سبب جلوسها بهذا الشكل:
-ازيك يا جدو، أخبار حضرتك إيـه، ألف ألف مبروك لأحفادك أحمد وآسـر أكيد الفرحة مش سعياك….
ومن بين كل ما قالته لم يعلق أو يزعجه سوى كلمة “جدو” التي قالتها لتنجح هي في اشغاله بالفعل:
-لا كدة ازعل، جدو إيـه بس ده أنا شكلي جمبهم يبان أصغر منهم، مشوفتنيش أنتِ في شبابي يـاه كانت أيام.
وببسمة واسعة وقلب تزداد خفقاته علقت:
-أكيد كنت دنجوان عصرك، وبصراحة شكلك وأنت صغير كنت اوسم وأحلى منهم، أكيد كنت مجنن البنات.
وقبل أن يأتيها جواب منه وجدت الغطاء يرفع أكثر ويظهر صابـر تلك المرة وعلى وجهه بسمة منتصرة، متمتم:
-حلوة القعدة هنا برضو.
نظر له مروان وهتف بتأييد:
-أنا قولتلها كدة برضو لا وجديدة ياض يا صابـر.
أوشكت جهاد على البكاء وهي تعقب معهم:
-آه كريتيف كدة أنا كجهاد بحب اعمل كل جديد محبش القديم، وبعون الله هطلعلكم القعدة تحت الترابيزة موضة وترند، وسعولي بقى اخرج عشان خلاص مش قادرة اخد نفسي.
وبالفعل أفسح لها صابـر ومروان مجالًا للخروج وتراجعوا للخلف واقفين من جديد، فأبعد صابر بصره عنها حتى اعتدلت ثم عاد ينظر نحوها مقتربًا منها، وقبل أن يحدث حوار بينهم، صدح صوت واحدة من الأغاني المفضلة والمحببة لقلب مروان والذي صفق وسارع بالذهاب نحو الشباب ومشاركتهم الرقص.
بعد ذهابه اقترب صابـر منها، وهتف بسخرية مرحة:
-تحت الترابيزة يا جهاد!!! بتستخبي مني تحت الترابيزة!!
-استخبى!!!! مين قالك أني كنت مستخبية.
-اومال كنتي بتستجمي يعني ولا إيـه.
وقبل أن يحصل على جواب اقترب أكثر يعترف من جديد بعد أن ارهقه عشقها:
-مش كفاية بقى ولا إيـه؟؟؟ مش ناوي تحني؟ طب مش بصعب عليكي وأنتِ شيفاني هموت عليكي؟؟؟أنا بحبـــــك ومحبتش غيرك وعايز أتجوزك النهاردة قبل بكرة يا جهاد.
أثناء حديثه معها بصوت عالي يفوق صوت الأغاني كي يصل لها، انتبه الاثنان أن الصوت أضحى أوضح وعاليـًا بشكل غير متوقع.
اتسعت عيونها قليلًا وظلت تتبادل معه النظرات مكتشفان أن الأغاني قد توقفت وكما سمعت هي سمع البقية والتفتوا جميعًا بلا استثناء يبصرونهما.
أغمضت عيونها وتمنت أن تنشق الأرض وتبتلعها من فرط الخجل أما عنه، فقرر ألا يتوقف ويتابع اعترافه أمام الجميع وبذات الصوت العالي كي يدرك من لم يدرك بعد من يعشق ولمن دق القلب.
-أنا بحبك، ومش مكسوف من حبي ليكي وبقولها وبعلنها صراحة قدام كل الموجودين، أنا بحب جهاد، ومحبتش غيرها ولا هحب ومعنديش أي استعداد أكمل حياتي مع واحدة غيرها، علشان مش هينفع، مش هينفع خالص ده يحصل.
وفجأة جلس على ركبة واحدة ورفع يده وزيف إمساكه لعلبه تحوي على خاتم، وعرض عليها من جديد وبعيون تكاد تنطق من شدة الحب:
-ممكن بعد إذنك تقبلي تتجوزيني وتكملي باقي حياتك معايا!!! ممكن؟؟؟؟
تلك المرة قرر أحمد التدخل ومساعدة أخيه مصفقًا ومطلقًا صفيرًا متمتم بصوت عالي يشجعها على الموافقة ومنحه فرصة:
-وافقي، وافقي.. وافقي…
فعلت روضة مثل زوجها وكذلك آسـر، ضياء، محمد، إسلام، يوسف، برق، عصمت، رضا، زهـر، وسـام، فريـد، قُصي، سـارة وأخيرًا إحسان….
وقبل أن تمنحه جوابًا، دوى صوت طبل بلدي في الأرجاء وظهرت راقصة ترتدي بذلة مخصصة للرقص الشرقي باللون الأحمر من العدم رفقة فرقتها جعلت العيون والاهتمام يتحولان نحوها………………..
««يتبع»»………….
فاطمة محمد.
هستنى رأيكم وتوقعاتكم. 🫵🏻❤✨
الفصل التالي: اضغط هنا
يتبع.. (رواية الحب كما ينبغي) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.