رواية الحب كما ينبغي الفصل السابع والثلاثون 37 – بقلم فاطمة محمد

رواية الحب كما ينبغي – الفصل السابع والثلاثون

الفصل السابع والثلاثون

الفصل السابع والثلاثون

الحب كما ينبغي.

فاطمة محمد.

الفصل السابع والثلاثون:

وصل صابـر أمام زهـر وريهام اللواتي يتشاجران مع ياسين الراغب في أخذ ريهام بصحبته رغمًا عنها.

وكلما تدخل أحد وحاول إنقاذ ريهام من براثنه كان يصرخ عليه كالأسد الثائر بأنها زوجته ولا يتدخل فيما يعنيه كي لا يسمع ما لا يرضيه.

يتجاهل صرخات زهـر عليه والتي كانت تسارع بتكذيبه تخبر من حولها بمناداه الآمن.

ولكن لا حياة لمن تنادي ولم يفعل أحد شيء، فالبعض يقفون ويكتفون بمشاهدة ما يحدث كأنه عرض مسرحي.

وآخرون يصورون ما يحدث على هواتفهم.

لم ينطق صابـر بل قام بأمساك ياسين الذي يوليه ظهره يجبره ويغصبه على الالتفاف كي يصبح وجهه مقابلًا له.

وقبل أن يستوعب ياسين ما يحدث كان ينال نصيبه من اللكمات القوية المبرحة على وجهه.

فقد ياسين توازنه وتعثر ساقطًا أرضًا.

احتدت عيناه وصر على أسنانه بقوة حتى برز فكيه، يصرخ على صابـر الذي سرعان ما تعرف عليه هو وبقية الشباب بعدما رأهم في حفل زفاف وسـام صديقه السابق عندما حضر رفقة ريهام مسبقًا.

أو يسبه بوقاحة وببذائه إذا صح القـول.

في ذات الوقت اقترب أحمد من زهـر وآسـر من خلفه يسألها بلهفة وأعين تجوب عليها بقلق وخوف شديد:

-أنتِ كويسة يا زهـر؟؟ الحيوان ده عملك حاجة؟؟

هنا وهزت رأسها تؤكد لهم:

-أيـوة قعد يشتم في وسـام وكان عايـز ياخد ريهام معاه بالعافية.

وصلت كلماتها إلى مسامع صابـر فلم يعد بإمكانه التحكم في أعصابه أكثر من هذا.

تزامنًا مع نهوض ياسين من على الأرض ونفضه لملابسه بغضب واضح…

لم تقف جهاد و روضة وضياء محلك سر، بل تقدموا من زهـر وريهام يطمئنون عليهم يتأكدون بأنهم بخير لم يمسهم ضرر أو أذى.

حضر ثلاثة أفراد من الآمن يركضون نحو الشجار كي ينهون تلك المهزلة ويعود الآمن والاستقرار بالمكان بعيدًا عن تلك الحالة من الهرج والمرج.

اقترب أحمد منهم وتحدث معهم يشرح لهم.

بينما تقدم آسـر وصابـر من ياسين في ذات اللحظة الذي تحدث بها أحمد مع الآمن، وكأنهم من عناصر الشرطة وقد قاما بالقبض على مجرم ما…

يسحبان إياه معهما لخارج المركز التجاري بأكمله، فلم يمانع أو يعترض ياسين وخرج برفقتهم مستسلمًا لهم نافضًا يدهم عنه.

اتبعتهم جهاد ومعها روضة وضياء وكذلك حاسبت زهـر وذهبت رفقة ريهام خلفهم.

انهى أحمد حديثه مع الآمن ثم سارع بملاحقتهم كي يلحق باخيه وآسـر.

على يقين بأن كل منهما مجنون أكثر من الآخـر.

بالخارج وبعيدًا عن المول، اقترب صابـر بوجهه منه بغضب أعمى ونبرة خافضة لكن قاتمة حلت من أعماق الجحيم، يحاول التحكم بنفسه وباعصابه حتى لا يرتكب جناية أمام الفتيات:

-مالك ومال أختي يا *** مش عيب لما تبقى شحط وقد البغل وتتشطر على بنات لوحدهم.

سبق آسـر ياسين بالرد هاتفًا باستهزاء وسخرية وتقليل منه:

-عيب إزاي بس أنت مش شايف ولا إيـه ده زي أختهم برضو.

عض ياسين على شفتيه السفلية بقوة مبتسمًا بسمة مريبة تعكس ما يدور بداخله ينظر داخل عين صابـر تارة وآسـر تارة آخرى:

-جامـد أنت كدة أنت وهو، متعرفوش أني ممكن اوديكوا في ستين داهية أو ورا الشمس زي ما بيقولوا بس أنا مش كدة ولا من النوع ده، أنا بحب أخد حقي بنفسي محبش حد ياخدهولي.

حاول أحمد فض ما يحدث وأنهاء هذا الاشتباك، يهمس للاثنان بكلمات لم ينصت لها ياسين من الأساس:

-ممكن يلا بقى، خلاص الحمدلله عدت على خير مش عايزين مشاكل والموضوع يكبر.

أثناء همس أحمد تدخلت جهاد وصدح صوتها من خلفهم تجيب على كلمات ياسين بعدما اثارت استفزازها وحاولت إلا تجيب عليه وتدخل في جدال معه ولكنها فشلت وصاحت بتلك الكلمات:

-لا أنت اللي جامد كدة وشبح ومفيش منك اتنين يا دكر البط أنت وأنت رايح تتشطر عليهم وهما لوحدهم وشمس مين دي اللي هتوديهم وراها؟؟ الشمس دي اللي أنت مش هتشوفها تاني إن شاء الله.

-ممكن تسكتي أنتِ ومتدخليش!! ممكــن؟

ألقى صابـر تلك الكلمات على مسامعها بعد أن التفت برأسه فقط ينظر داخل عيناها بنظرات كادت تخترقها.

انتبه ياسين إليها وحول كامل أنظاره عليها، مبصرًا إياها من أعلاها لأسفلها بنظرات ذات مغزى.

بعدما استدار صابـر انتبه لنظراته وقبل أن يعلق سبقه آسـر ساخطًا مما رآه من نظرات دنيئة صوبها لجهاد.

-بصلي هنا كدة بدل ما أخزقلك عينك دي واخليك أعمى.

لم يغيب نظراته عن أحمد أيضًا قائلًا بسخرية:

-أنت لسة هتهدد خزق واعميه علطول هو أنا مش كنت لسة بقولكم مش عايزين مشاكل، متسمعوش مني ربوه لحد ما البوليس يجي يفض الاشتباك بينا ومتقلقوش عمو خالد أكيد هيطلعنا منها زي الشعرة من العجينة.

حول ياسين أنظاره نحو ريهام تلك المرة والتي رأت ما فعل وكيف نظر لتلك الفتاة.

ريهام الذي لم يراعي حبها وعشقها له يومًا فهل سيفعل هذا اليوم!!!!!

من سابع المستحيلات فهو ليس ببشر أو حيوان فبعض الحيوانات تتسم بالوفاء الذي لا يدرك عنه شيء.

أما هو شيء عجزت عن فهمه أو وصفه.

-عجبك كدة!!!! كان هيجرا إيـه بقى لو كنتي قومتي وجيتي معايا وسمعتي الكلمتين اللي عندي بدل ما خليتي اللي يسوا واللي ميسواش يطاول عليا بأيده، ويتكلم معايـا.

وبقوة ردت ريهام عليه على مرأى ومسمع من الجميع:

-هو أنت إيـه مبتفهمش؟؟ أنا وأنت خلاص مفيش بينا حاجة خلاص اطلقنا وخلصت منك، أنا مش طيقاك أنا بقيت بكرهك أنا مش عايزة أشوفك ولا ألمحك مش عايزة اسمع حتى صوتك أنت عايز مني إيـه بقى مش كفاية اللي عملته فيا مش كفاية خيانتك ليا سبني بقى وابعد عني.

ضربت جهاد على صدرها وهي تردد بصدمة مبصرة ريهام:

-يا مصيبتي خانك؟؟؟ وسيباه سليم كدة مدشدتيش عضمه ليه وخليته مش نافع عبيطة كنتي اعمليله عاهة مستديمة…يلا هنقول إيـه هي الرجالـة كدة ميملاش عينهم غير التراب، حسبي الله ونعم الوكيل في كل راجل خاين وعينه زايغه وبهيم وحمار مبيراعيش المشاعر ولا يفهم فيها.

ردت زهـر على جهاد:

-ميستاهلش أصلًا وبعدين هي تزعل على حد عليه القيمة مش تزعل على أشباه الرجال.

نجحت زهـر في استفزاز ياسين مما جعله يعلق على كلماتها:

-طب بلاش أنتِ تكلمي علشان ممكن ازعلك و..

لم يتابع بفضل هجوم آسـر وصابـر وأحمد معًا عليه.

منزعجين حانقين بل غاضبين من أجل زهـر وجرأته على تهديدها أمامهم دون تردد أو خوف.

تأوه من اللكمات المتفرقة الذي ينالها..

لم يطول الأمر وتوقفوا عن ضربه..

فلم يصمت وقال بعلو صوته يتابع ما توقف عنده:

-أشباه الرجال اللي بحق هو اللي أنتِ متجوزاه وعايشة معاه ومخليكي شايفة الدنيا وردي، قولتهالك وهقولها تاني وسـام عايش حياته برة بالطول والعرض.

هاج أحمد وهتف يدافع عن وسـام:

-اخرس يا حيوان متكلمش عنه كدة، وسام ده متربي عشر مرات مش زيك متربتش ولا مرة.

ردت زهـر باهتياج هي الآخرى:

-قولـه يا أحمد ده فاكر وسـام زيـه وفاكرني هصدق تبقى عبيط وأنا مش ساذجة ولا عيلة عشان اصدق واحد بأخلاقك العالية.

ابتسم بسمة ساخرة وهو يمسح الدماء عن شفتيه التي انجرحت:

-ومالـه بكرة الأيام هتثبتلك كلامي.

احكم صابـر قبضته على ملابسه يكاد يخنقه يهمس له بصوت مخيف محذر:

-اسمع بقى أنت تغور من هنا ومش عايز ألمحك تاني، اقسم بالله لو لمحتك ولا لو هوبت من أختي وجوزها ولا حتى صاحبتها اللي بقت طليقتك ومتخصكش لكون عامل معاك الصح وأخليك تندم على اليوم اللي شيطانك فيه سوحك، يلا غور في ستين داهية..غــــــــور.

قال الأخيرة وهو يدفعه من أمامه ويحرره من قبضته.

ابتعد ياسين عنهم وهو ينظر لكل من ريهـام و زهـر، آسـر، صابـر و..أحمد بتوعـــــد.

~~~~♡♡♡♡~~~~

بعد ذهاب ياسين، سقط القناع الزائف عن وجه ريهام وخارت قواها، لم تعد تلك القوية التي كانت تجيب عليه الند بالند.

بل أضحت امرأة أخرى هشة ضعيفة تبكي بلا توقف.

لا تهتم بتواجد أغراب كل ما تريده وترغب به بتلك اللحظة هو البكاء فقط…..

هرولت زهـر تضمها لأحضانها تربت على ظهرها بهدوء وحنان دفين تخبرها بتلك الكلمات:

-بس يا ريهام بس يا بت ده ميستاهلش دمعة من عيونك الحلوة دي، ده يستاهل ياخد بالجزمة على وشه، متعيطيش، أنا أصلًا بتلكك هتلاقيني عيط معاكي في قلب الشارع وقلبناها مناحة.

تأثرت الفتيات بحالتها فاقتربت ضياء و روضة في ذات اللحظة، تربت كل منهم على ظهرها يحاولون تهدأتها..

سواء بذلك الحنان الذي انعكس بفعلتهم ولمستهم أو كلماتهم المهونة المختلفة ولكنها تحمل ذات المعنى مثل:

-بس اهدي متعيطيش معيش مناديل والله.

متزعليش.

-حقك عليا أنا.

لم تقف جهاد محلها بل تقدمت منها هى الآخرى تخبرها بتأثر بشديد:

-خلاص بقى متعيطيش ده حيوان، ده أنتي المفروض تزغرطي أنك خلصتي منه.

ردت عليها زهـر تؤكد لها:

-أنا والله أول ما عرفت رقعت زغروطة.

-أهو شايفة الناس اللي بتفهم بقولك إيـه مش خسارة فيكي الزغروطة دي حلال عليكي.

رفعت جهاد يدها تقربها من فمها على وشك إطلاق “زغروطة” مثلما أخبرت ريهام، لا تهتم أو تبالي بأنهم يتواجدون بالشارع وأنها بتلك الفعلة ستلفت الأنظار إليها.

ولكن قبل أن تفعلها خرجت ريهام من أحضان زهـر وقالت بنفس واحد مع ضياء و روضة:

-لا…متزغرطيش…….!!!!

توقفت عن فعلها وهي تسألهم:

-مزغرطش ليه يعني؟

هنا وقالت ريهام تجيبها من بين دموعها:

-عشان هتفرجي علينا الناس وهيبصوا علينا.

-صح معاكي حق لما أنا ازغرط في قلب الشارع هيبصوا عليا، لكن عياطك أنتِ على طليقك الخاين ده في الشارع ده اللي مش هيفرج علينا الناس.

هنا ودافعت ريهام عن نفسها تخبرهم:

-أنا مش بعيط عليه، أنا بس صعبان عليا نفسي وآه واحدة تعيط في الشارع دي عادي ممكن تحصل لكن تزغرطي كدة من غير لا هدف ولا سبب دي اللي غريبة مش بتحصل أصلًا.

ردت عليها جهاد وتدخل في النقاش ضياء و روضة و زهـر.

على مسافة ليست بالبعيدة كان يقف الثلاث شباب ينظرون نحو الفتيات.

فبعد أنهيار ريهام وبكائها ابتعدوا قليلًا  وتركوا الفتيات معها.

هتف آسـر وعيونه تبصر ما يحدث بينهم وكيف استطاعوا ايقاف بكاء ريهام والآن يتحدثون وكأنهم رفاق وأصدقاء منذ سنوات:

-البنات دي غريبة أوي.

أجابه أحمد وهو يفهم مقصده وينظر تجاهم ولكنه يبصر روضة على وجه التحديد:

-ولا غريبة ولا حاجة يا بن عمي، كل الحكاية انهم اثبتوا مقولة الفتيات للفتيات وقت الضيق والشدة…

عقد صابـر حاجبيه يسأله بدهشة:

-ده مين اللي قال المقولة دي أول مرة اسمعها؟؟!

رد عليه أحمد وهو لا يزال يبصر روضة ويشير بيده تجاه نفسه:

-العبد لله.. أنـا طبعًا لسة مألفها حالًا بالًا يا أخي العزيز والله وقولت مش خسارة فيكم.

زين وجه صابـر بسمة بسيطة.

ولم يتحدث أحمد مجددًا بل ظل مصوب نظراته نحوها يشعر بشعور غريب نحوها.

ألا وهو تمنيه بقائها أمام عيونه.

أن يظل هكذا يبصرها فلو ظل يفعل لن يكل أو يمل منها ومن تأمل جمالها المميز والساحر بنظره.

يتساءل هل كانت هكذا من البداية وهو المغفل الذي لم يلاحظ إلا الآن!!!!

أيضًا ثبت آسـر بصره على ضياء.

ظل معلق عيونه بها يتابع ابتسامتها التي تزيدها جمالًا فوق جمالها.

عيونها التي تضيق لتضحى اكثر روعة..

ازدرد ريقه يتذكر رفضها لـه ومعاملتها السيئة معـه..

ظنها البشع بـه الذي لا يدرى كيف جاء بذهنها!!

هل تراه بتلك البشاعة!؟

هل حقًا تكرهه!!!

اغمض عيونه لوهلة يخبر ذاته بأنه قد وقع في مأزق.

بل غارقًا في محيط العشق لا يعرف سبيلًا للنجـاة.

فتح عيونه وليته لم يفعل.

تلاقت عيونه معها متسببة في شعوره بمشاعر يعجز لسانه عن وصفها والكلمات عن إيصالها.

سارع بإبعاد عينه يكره هذا الضعف نحوها.

أولاها ظهره يغمض عيونه بقوة.

والمريب والمفجع أنه بمجرد أن أوصد جفونه آتت وحضرت صورتها بذهنه.

سارع بفتحهم وهو يردد بكلمات وصلت لـ أحمد وصابـر:

-لا كدة كتير..كتير بجد هو في إيـه!!!!!!!!!!

اساء أحمد فهم مغزى كلماته وظن أنه يتحدث عنهم فقال يؤكد:

-معاك حق كدة كتير بجد، يلا بينا نروحلهم خلينا نروح.

نظر إليه آسـر يسأله:

-هما مين دول!!

-البنات هيكون مين يعني؟؟

-لا اتفضلوا أنتوا أنا مستنيكم.

ارتفع حاجب صابـر وظل صامتًا عكس أحمد الذي استفسر:

-ما تيجي معانا هتقف هنا تعمل إيـه؟

-يا عم ملكش دعوة، يا سيدي رجلي منملة مش هعرف اتحرك ملكش دعوة بيـا.

تحرك الاثنان وظل آسـر مكانه.

اقتربا من الفتيات فصاح أحمد ببسمة عريضة:

-يارب تكوني بقيتي أحسن أخت ريهام.

ردت عليه بهدوء:

-الحمدلله.

صوب صابـر حديثه لزهـر يسألها:

-هتروحي يا زهـر؟

-أه لازم أروح.

هز صابـر رأسه قائلًا:

-طيب يلا عشان أوصلك لحد البيت وأنت يا أحمد وصل البنات بعربيتك وأنا وآسـر هناخد تاكسي ونروح زهـر وآنسة ريهام.

جاء الثلاث معًا بسيارة أحمد لذا قال صابـر تلك الكلمات راغبًا في منح فرصة لاخيه للتقرب من الفتاة الذي يعجب بها والذي كان من السهل على صابـر اكتشاف ذلك رغم نفي أحمد لحديثه ومشاعره نحوها مسبقًا.

اشتعل صدر جهاد بغيرة لا مثيل لها.

لم تفكر وقالت باندفاع وهي تلتقط أغراضها التي قامت بشرائها وكانت تضعهم أرضًا جوار قدميها:

-آه روح أنت وآسـر وصلوا أختك وصاحبتها وأحنا أحمد يوصلنا ومالـه يلا يا أحمد.

اتسعت بسمة أحمد أكثر وأكثر قائلًا:

-إذن هيا بنا.

تحركت جهاد وهي ترمق صابـر بشزر تشعر برغبة عارمة بالإمساك به وخنقه وكتم أنفاسه.

ومن خلفها تحركت روضة وضياء الراغبان في انتهاء كل هذا عاجلًا وليس أجلًا.

تحرك أحمد هو الآخر ينظر لصابـر والذي ما أن جاءت عينه بعيونه حتى غمز له وابتسم بسمة ماكرة.

لاح على وجه أحمد عدم معرفته لسبب غمزة أخيه وربُما هذا ما أراد إيصاله.

التقطت عين آسـر ما يحدث من تحرك أحمد رفقة الثلاث فتيات.

وفي نفس اللحظة نادى صابـر باسمه يخبره:

-آسـر يلا عشان نروح زهر وصاحبتها.

بعد ذهاب ضياء لم يجد آسر ما يعيق اقترابـه.

شعرت ريهام بالحرج وقالت بحياء بسيط:

-مفيش داعي مش عايزة اتعبكم معايا كفاية أوي اللي حصل لحد دلوقتي.

ردت زهـر عليها تنهرها:

-متقوليش كدة تاني علشان مزعلش منك وبعدين أنتِ هتيجي معايا البيت نقعد سوا شوية مش هسيبك تروحي وأنتِ لسة في احتمالية أنك تعيطي وكدة كدة لسة بدري على رجوع وسـام وصابـر وآسـر هيوصلونا بدل ما نلاقي الحيوان ده اتعرضلنا تاني ولا حاجة…

انهت كلماته ثم مالت تهمس له بخفوت شديد تمزح معها مستغلة أنشغال صابـر وآسـر بحمل حقائبهم عنهم والتي كانت تحوي على مشترياتهم:

-إيـه رأيك في أخويا صابـر حلو مش كدة؟؟

فهمت ريهام مغزى كلماتها وتفهمت مزحها معها فابتسمت لها دون تعقيب فتابعت زهـر بمرح أكبر:

-لو مش عجبك متكسفيش في غيره، عندك آسـر ابن عمي وابن خالتي في ذات اللحظة، ولو معجبكيش آسـر في أحمد أخويا برضو عسل وأطيب منه متلاقيش وهيضحكك والله.

هنا وردت ريهام تبادلها مزاحها:

-طب ولو معجبنيش أحمد كمان إيـه الحل ساعتها؟؟

ردت زهر ببساطة:

-لا مش هنغلب متخافيش في فـريد برضو والله واد غلبان عرفت أنه مرتبط دلوقتي ببنت مصرية إيطالية تقريبًا، جدو مروان من ساعة ما شافها انهبل عليها بس عادي اخليه يسيبها وترتبطوا أنتِ وهو، أنتِ بس شاوري.

-امشي يا زهـر امشي أنا أساسًا كرهت الصنف كلـه.

~~~~♡♡♡♡~~~~

في سيارة أحمد، جلست جهاد بجواره، وخلفه بالأريكة الخلفية جلست ضياء، وبجوارها روضة جالسة خلف مقعد جهاد.

انطلق بطريقه يشعر بضيق بسيط يجهل سببه.

كل ما يدركه فقط أنه تمنى لو كانت هي من تجلس بجواره وتحل محل جهاد.

كان السكون هو ما يسيطر على الأجواء.

سكون لم يقطعه سوى جهاد التي تنهدت بصوت مسموع وهي تعقد ساعديها أمام صدرها تتساءل بشيء من السخرية:

-يا ترى أخوك وآسـر وصلوا زهـر وصاحبتها ولا لسة في الطريق.

رد عليها أحمد بهدوء:

-الله أعلم ليس لدي جواب لسؤالك.

-طب شغلنا حاجة كدة تفرفشنا بدل الجو الكئيب ده.

وبالفعل قامت بتشغيل أغنية ما انتقتها بنفسها.

كانت كلماتها حزينة للغاية يملؤها اللوم والعتاب.

وعلى حين غرة رددت تلك الكلمات التي لامستها بشدة بعلو صوتها متسببة في فزع شقيقاتها الجالسات بالخلف.

“اتــقــي ربنا فيـــا.. بزيادة حس بيـــا.. ”

نظر أحمد صوبها وهو يردد بفزع:

-اتقي أنتِ ربنا في ودانا….. هو ده اللي شغلنا حاجة تفرفشنا هي دي الفرفشة في نظرك أومال لو عايزة حاجة تقطيع شرايين هتشغلي إيـه!!

وقبل أن تجيبه وصل إليهم صوت روضة المنفعل قليلًا:

-جهاد اسكتي واطفي الزفت ده مش ناقصين وش كفاية لو سمحتي أنا مصدعة.

التفتت ضياء إليها منتبهه لعصبيتها الزائدة وربُما لم تكن عصبية من الأساس.

بل غيرة واضحة.

اغلقت جهاد بالفعل الأغاني، ثم استدارت لها برأسها تسألها:

-في إيـه متشنجة ليه وبطلعي زعابيبك عليا ليه؟؟

-مفيش بس مصدعة بقولك.

التفت أحمد برأسه نحوها، دارت عيونه على وجهها ثم عاد يبصر أمامه وعيونه تدور بلهفة كأنه يبحث عن شيء ما.

وعلى سبيل الصدمة توقف بالسيارة جانبًا بعدما وجد ضالته.

مخبرًا إياهم وهو يخلع حزام الآمان ويهبط من السيارة:

-ثواني وراجع علطول.

تابعته عيون كل من جهاد و روضة فوجدوه يلج الصيدلية.

عقدت روضة حاجبيها بدهشة.

بينما ابتسمت جهاد وهي تدرك سبب وقوفه وماذا يفعل بالداخل.

أما ضياء فقد باتت في عالم آخــر.

ثلاث دقائق وكان أحمد يخرج من الصيدلية وهو يحمل حقيبة صغيرة بلاستيكية تحمل اسم وشعار الصيدلية، لم يذهب باتجاه السيارة بل اتجه نحو المتجر “سوبـر ماركت”.

غاب بداخله للحظات ثم خرج وهو يحمل حقيبة اخرى بلاستيكية تحوي على زجاجة مياة معدنية وشيء ما لتتناوله.

استقل السيارة ثم التفت للخلف يصوب اهتمامه ونظراته لروضة يخبرها وهو يمد يده لها بالحقائب.

” اتفضلي يا روضة، عندك مسكن في الشنطة الصغيرة بس متخديهوش من غير ما تأكلي حاجة ماما علطول كانت بتقولي كدة، فجبتلك باتيه كُليه الأول وبعد كدة خدي الدوا، وفي عندك ازازة ماية، وإن شاء الله الصداع هيروح. ”

لماذا يفعل هذا معها!!!

لما يُصر على جعل خفقاتها تتزعزع وتصبح غير مستقرة!!!

ابتلعت ريقها وهي تلتقط الحقائب من يده بخجل وحياء واضح قائلة:

-مكنش في داعي تعبت نفسك شكرًا يا أحمد.

اهتز قلبه وكيانه بأكمله.

منحها بسمة حنونة شغوفة وهو ينفي:

-تعبك راحـــة……….

ومتشكرنيش أنا معملتش حاجة….و يلا افتحي بقى الباتية وكُليه وبعدين خدي الدوا.

عاد يبصر أمامه وقام بتشغيل السيارة…

وقبل أن تفتح الحقيبة التفتت إليها جهاد تغمز لها بمكر وهي تحرك شفتيها فقط بتلك الكلمة التي استطاعت روضة قرائتها بسهولة وجعلت العديد والعديد من الأسئلة تدور برأسها من جديد:

-والعــــــة.

إذا كان يكن مشاعر خاصة لجهاد إذن لما اهتم بها الآن………..

~~~~♡♡♡♡~~~~

-كنتوا فين يا بت أنتِ وهي؟؟؟

طرح شكري سؤالـه على مسامع الثلاث فتيات اللواتي عادوا للمنزل للتو.

اقتربت منه جهاد وهي تحمل الحقائب التي تتواجد بها مشترياتها وأغراضها الجديدة، بينما التوأمتان يتبادلان النظرات القلقة:

-حسيت أني مخنوقة فـ نزلت أجيب حاجات أروق على نفسي وخدت معايا روضة و ضياء علشان اتخانقوا من المذاكرة فقولت أفك عنهم شوية هما كمان.

-آه قولتي…وأنا طيشة بقى كيس جوافة ملكيش أب أنتي وهي عشان تاخدوا الأذن منه مش كدة؟؟

لاح الاستنكار على قسمات جهاد وهي تتساءل:

-حضرتك كنت نايم، اعتبرنا نازلين نفتح المطعم ونقف فيه، افتكر أننا لما كنا بننزل نفتح أنا وبرق وإسلام مكناش بناخد إذن ومكنتش بتقولنا حاجة.

اقترب منها شكري وهو يخبرها بغضب مكتوم:

-لا يا روح أمك أنا مش طيشة وقبل ما تنزلي أو تتحركي ابقى عارف رايحة فين والكلام مش ليكي لوحدك..الكلام ليكوا أنتوا كمان و توصلوا الكلمتين لمقاصيف الرقبة التانين.. ومن بكرة المطعم تفتحيه…. وأنتوا هتنزلوا تقفوا معاها تساعدوها مكان برق وإسلام.

لاحت الدهشة على وجه روضة وكذلك ضياء التي قالت:

-إزاي يعني يا بابا طب والمذاكرة والامتحانات؟؟؟

-حوش يا بت المذاكرة اللي بتذاكريها أنا قولت اللي عندي ولو على المذاكرة، ومدام قلبكم عليها أوي كدة يبقى تذاكروا وأنتوا شغالين عادي مفيش مشكلة الموضوع مش صعب……

~~~~♡♡♡♡~~~~

وصل ياسين بسيارته أمام منزل يقبع بمنطقة مهجورة، بعيدًا عن الإزدحام والبشر.

هبط من السيارة ثم تقدم من باب المنزل.

اخرج المفتاح وفتح الباب الذي كان يوصده جيدًا.

خطى بقدمه للداخل ثم أنار الضوء وشق طريقة تجاه إحدى الغرف.

والذي كان يغلقها أيضًا ومفتاحها يقبع معه.

فتح الباب ودفعه بيده بقوة وعيونه تسقط عليها..

ياسميـــن.

ومن غيرها قابلت جحيمه وجنونه!!!

نفذ كل كلمة وحرف من تهديده لها.

لم يترك شيء لم يفعله بهـا.

أذاقها من العذاب أشكال وألوان.

حاولت الهرب ونجدة نفسها والهروب من قفصه.

لكن كل محاولاتها باءت بالفشل.

وبالأخير أجبرها على النزول معه والرحيل من هذا المنزل راغبًا بالابتعاد بهـا كي لا يكتشف أحد ما يفعله ويمارسه عليها.

استسلمت خوفًا منه وخوفًا من مواجهه شره.

فقد حاولت من قبل وكل تلك المحاولات لم تزيده إلا شرًا وظلامًا حالكًا.

وصلت لهذا المنزل معه وباتت حبيسة الغرفة المغلقة عليها كليًا، ولا يوجد بها مجال للفرار والخروج منها ويتواجد بداخلها مرحاض صغير لا يتوفر به أيضًا وسيلة للهروب، يضع لها ما يلزمها من طعام وشراب ويغلق عليها ولا يزورها إلا في أوقات معينة.

فتحت عيونها التعيسة المحاطة بأثار من الكدمات لم تزول بعـد.

شفتيها المجروحة وعظم جسدها الذي يؤلمها والملئ أيضًا بالكدمات.

كذلك خصلاتها التي لم تنجو من براثنه ونالت نصيبها وباتت قصيرة غير متساوية بالمرة.

ابتلعت ريقها وارتجف جسدها بقوة، حركت بؤبؤ عيونها تبصر الباب وهي على يقين بما ستواجهه الآن وما هو قادم وبانتظارها.

ترك الباب مفتوح وبدأ بالاقتراب منها.

جلس على طرف الفراش بجوار قدميها قائلًا بشرود:

-اللي حصل النهاردة ده مش هيعدي على خير، كل واحد غلط فيا واتجرء عليا هيدفع التمن غالي أوي، مش أنا اللي أسيب حقي، أنا حقي بأخده من عين التخين وتالت متلت كمان، مش شوية عيال لسة مطلعوش من البيضة يعملوا فيا كدة وكله بسببها لو كانت مشيت معايا واتكلمنا مكنش حصل اللي حصل..

رأت أثار المشاجرة على وجهه وتلقائيًا شعرت بالشماتة نحوه.

ابتسمت رغم وجعها، وخوفها، ضعفها..ومعرفتها بأنها ستزيد غضبه ولن ينفجر إلا بها:

-مش محتاجة اسألك على حاجة وشك باين عليه وبيكلم عن اللي حصل، بس تسلم ايد اللي ضربك بيفهم والله بس ياريته كان كمل جميله وخلص عليك وريحني منك.

رفع عيونه القاتمة ينظر لها بقوة وشر فتابعت لا تبالي:

-أنت مش بني آدم.. أنت شيطان..أنت مريض مستحيل تكون طبيعي أ… آه…..

تأوهت بالأخير حين باغتها بهجومه على خصلاتها وقبضه عليهم بقوة تسببت في إيلامها…

لم تصمت وأضافت بعد هذا الألم:

-اقتلني بقى اقتلني وريحني….

-لا يختي مش هقتلك، القتل راحة ليكِ وأنا مش عايزك ترتاحي والكلام اللي قولتيه ده هتدفعي تمنه ودلوقتي.

أنهى كلماته متابع هجومه يصب كامل غضبه بها، منفجرًا بها كالقنبلة.

لا يرحمها أو يشفق عليها مستغلًا قوته التي تفوقها وضعفها الذي يجعلها تستلم لفقدان الوعي وتتركه يضرب بها كالجثة الهامدة…..

~~~~♡♡♡♡~~~~

في المساء، داخل منزل يوسف وبـرق.

يجلس الاثنان بجوار بعضهم البعض على الأريكة أمام شاشة التلفاز، مربعين القدم يضعون عليهم غطاء ما وأمامهم الكثير من التسالي والحلوى والعصائر..

تستند بـرق برأسها على كتفيه..

وهو يستند برأسه على رأسها المستندة عليه.

يتلذذ ويستمتع بقربها، عاشقًا لتلك الرائحة التي تفوح من خصلاتها وتمنحه شعورًا بالدفء والسكينة والآمان.

مر بعض الوقت حتى بدأ يشعر باهتزاز جسدها وكأنهي تبكي بصمت.

ابعد رأسه ينظر لوجهها يسألها:

-أنتِ بتعيطي ولا إيـه يا بـرق.

نظرت له وهي تؤكد بكائها:

-أيوة بعيط.

-طب ليه كدة، أنا زعلتك في حاجة طيب؟؟؟

نفت سريعًا فعله لشيء ما يتسبب ببكائها، هاتفه من بين دموعها:

-لا معملتش يا يوسف بس إسلام كانت بتحب الفيلم ده.

وببراءة كبراءة الأطفال سألها:

-طب وأنتِ بتعيطي علشان الفيلم بيعيط ولا علشان إسلام بتحبه؟

ردت موضحة الصورة لـه:

-علشان أخواتي وحشوني أوي لسة متعودتش على غيابهم كنت فاكرة الموضوع أبسط من كدة وأني هبقى عادي لما ابعد عنهم بس طلع الموضوع أصعب مما توقعت..

لم يتحمل رؤية دموعها فسارع بالتهام المسافة التي تبعده عنها يضمها لاحضانه بحنان لعله يبثها ما تفتقده وتشتاق إليه…

ولكن لا يمكن لأحد أن يعوض مكان الشقيقات والأشقاء خاصة لو كانوا مترابطين، يحبون بعضهم البعض.

ظلت يديه تربت على ظهرها يخبرها بصوته العذب:

-طب اهدي يا بـرق علشان خاطري اعمل إيـه طيب دلوقتي عشان تهدي.. أقولك قومي ألبسي ونروحلهم تشوفيهم.

هنا وصاحت ترفض مبتعدة عن أحضانه:

-لا طبعًا مينفعش، بابا يقول إيـه وهو شايفني رجعالـه تاني يوم.

خرجت كلماتها عفوية بها بعض من الخوف بأن يسيء والدها الظن بها ما أن يراها تأتي رفقة زوجها بثاني يوم بعد حفل زفافهما.

تبدلت تعابير يوسف البريئة لآخرى شرسة قائلًا:

-ما يفتكر اللي يفتكره أومال اسيبك بتعيطي يعني..!!!

-خلاص يا يوسف أنا بقيت كويسة خلاص مفيش حاجة.

-مفيش حاجة إزاي يعني أنتِ مش شايفة شكلك، أقولك أنا جتلي فكرة استنيني هنا راجع.

هتف الأخيرة وهو ينهض فسألته بفضول:

-رايح فين؟؟

-اصبري على رزقك راجعلك حالًا.

فارق المنزل تحت أنظارها التي تبدلت لأخرى ممنونة وصوت داخلي يشكر الله عز وجل على ذلك الزوج الصالح الحنون.

وقف يوسف قبالـة شقة محمد وإسلام.

رفع يده وضغط على الجرس وترقب ظهور محمد.

لحظات وكان يفتح له محمد بنفاذ صبـر، قائلًا:

-هو أنت بليل ومراتك الصبح أنتوا بتبدلوا الورديات ولا بتعملوا إيـه بظبط…

ابتلع يوسف ريقه قائلًا:

-في إيـه يا محمد ليه الأسلوب ده، ده أنا حتى ابن عمك ودلوقتي بقيت جارك كمان والنبي عليه أفضل الصلاة والسلام وصى على سابع جار.

-عليه أفضل الصلاة والسلام.

اتفضل يا يوسف خير إيـه اللي جرا المرة دي اللينسيز سرحت تاني؟؟ هي ملهاش أهل يسألوا عليها ولا إيـه؟

ابتسم يوسف على مزحته السخيفة، قائلًا بأعجاب:

-جميلة عجبتني… المهم عشان مطولش عليك ممكن تنادي إسلام تيجي تقعد حبة مع بـرق؟؟؟

فقد محمد السيطرة وسأله بصدمة ممزوجة بغضب:

-نعــــم يا أخويا؟؟؟ عايز إيـه معلش؟؟؟

ابتلع يوسف ريقه وكرر مطلبه على مسمعه:

-إسلام مراتك تيجي تقعد حبة مع برق علشان بتعيط وأخواتها وحشوها وإسلام واحدة منهم.

-والله بقى عايز مراتي تيجي تقعد مع مراتك حبة تهون عليها…ولما تروح هي تقعد معاها أنا اقعد وشي في وش الحيط يعني ولا اعمل إيـه؟؟

رد عليه ببساطة:

-لا طبعًا هقعد معاك أنا أونسك لحد ما يقعدوا شوية مع بعض.

انفعل محمد عليه وسأله بشك:

-أنا مش مرتحالك هو أنت مش عريس ولا أنت إيـه نظامك بضبط ما تقعد مع عروستك يالا…..

لم يتحكم يوسف بأعصابه وقال ساخطًا:

-خلي عند أهلك دم بقولك بتعيط اسيبها تعيط يعني!!!

-ده أنا!!! يا بجاحتك يا أخي غور يا يوسف.

-أغور إيـه نادي مراتك يا محمد مش بهزر.

-أنت عبيط ولا مجنون غور يا يوسف غور وعلى الله تخبط تاني عليا والله هنط في كرشك…..

أغلق الباب بوجهه.

كز يوسف على أسنانه ثم عاد خائب الامل إلى زوجته التي نهضت هي الأخرى وانتظرته خلف الباب.

دفع يوسف الباب الذي كان مواربًا فوجدها أمامه تلف حول جسدها الغطاء تبتسم له وهو تردد بتخمين:

-سبني احزر وافزر كدة… طردوك صح؟؟

-صح أنا اطرد طردة كلاب ومحمد قفل في وشي الباب..

اقتربت منه بـرق محاوطه عنقه بذراعيه وهي تردد بسعادة لا مثيل لها:

-ولا يهمك كفاية محاولتك دي بس عشاني دي عندي بالدنيا وما فيها….

~~~~♡♡♡♡~~~~

غادرت ريهام منزل زهـر بعدما قضت بعض الوقت برفقتها، تبادلا فيها الأحاديث وخففت زهـر عنها كثيرًا..

والآن وبمنتصف المنزل حيث يقف وسـام يردد بصوت عالي ثائر بعدما سردت عليه ما تعرضت له اليوم وهي برفقة ريهام ومن حسن حظهما تواجد أحمد وصابـر وآسـر بذات المكان متفادية ذكر حديث ياسين المسئ عنه:

-إزاي يعني؟؟؟ إزاي كل ده يحصل معاكِ والحيوان ده يتعرضلك ومتكلمنيش وابقى آخر من يعلم إزاي يا زهـر؟؟؟؟

وقفت هي الآخرى بعدما كانت جالسة مقتربة منه متحدثة بهدوء توضح لـه موقفها وسبب عدم اتصالها أو أخباره:

-يا وسـام ما أنا بقولك صابـر وأحمد وآسـر كانوا موجودين وساعدونا والحمدلله محصلش حاجة أكيد لو مكنوش موجودين كنت هكلمك بس الحمدلله ربنا ستر.

كلماتها لم تهدأ من روعه بل أشعلت صدره أكثر وأكثر، يُخيل إليه ما تعرضت له اليوم:

-وأنا فين؟؟؟ أنا جوزك يا زهـر…و الحيوان ده كان في يوم من الأيام زفت صاحبي يعني أنا السبب في أنه يتعرضلك لولايا مكنش حصل كدة ولا كان فكر يهوب منك وبعدين أنتِ ناسية أنك حامل يعني بعد الشر كان ممكن يحصل حاجة..

-يا وسـام بلاش الكلام الأهبل ده، أنا عارفة أنك متعصب دلوقتي ومنفعل كدة من خوفك عليا وعلى البيبي بس خلاص اللي حصل حصل مفيش حاجة بأيدنا ممكن نعملها.

هنا وبرز فكيه من شدة ضغطه على أسنانه قائلًا:

-مين اللي قالك كدة؟؟ هو بعد اللي عمله معاكي النهاردة ده أنا هسيبه!!!! قسمًا عظمًا لوريه النجوم في عز الضهر هخليه يقول حقي برقبتي…

اختتم حديثه وهو يتحرك باندفاع يوليها ظهره على وشك الخروج من المنزل والذهاب إليـه…

ارتعبت مما قد يحدث ويفعله بتلك الحالة فهرولت تجاهه تلحق بـه تمنعه من الخروج واقفة أمامه تخبره بقوة:

-أنت رايح فين؟؟؟ مفيش خروج ومش هتتحرك من هنا أنا مش مستغنية عنك لا أنا ولا ابني… أنا عارفة أن الموضوع يعصب وجدًا كمان وأنت حقك تعمل أكتر من كدة بس لو سمحت أرجوك يا وسـام اهدأ..

-مش قادر يا زهـر مش قادر اهدأ جوايا نار مش هتطفي غير لما امسكه ارنه العلقة اللي هي واخليه يندم على اللحظة هوب فيها منك..

-والله العظيم عارفة يا حبيبي، بس صابـر وآسـر وأحمد مسكتوش ومسكوه عجنوه فـ أنت لو روحت مش هتلاقي فيه حتة سليمة أصلًا ده مدشدش… ده مسكوه دخلوه في ازاز العربية وربطوه ونزلوا فيه بونيات وضرب وكمان كهربوه وآسر طفى علبة سجاير بحالها تحت باطه فـ أنت حرفيًا مش هتلاقي مكان تضرب فيه استنى بقى لما يخف وقتها ممكن تلاقي مكان سليم تضرب فيه..أنت بتبصلي كدة ليه هو أنا أفورت أوي؟؟

ظل يرمقها بنظرات تعكس ما يشعر به فتنحنحت تؤكد:

-يبقى افورت.. خلاص بقى يا وسام بليز اهدأ أقولك تعالى نأكل لقمة وبعدين ننام الجو سقعة أصلًا أوي لو خرجت ممكن يجيلك بعد الشر برد يلا يلا بلا ياسين بلا زفت، يلا علشان خاطري يا وسـام وخاطر ابننا……

~~~~♡♡♡♡~~~~

تتمدد ضياء بجسدها على فراشها مدثرة نفسها بغطاء ثقيل، تستعد للنوم..

لا تفكر بالغد أو بما ينتظرها.

راغبة بالنوم باكرًا بعد أن قامت بإغلاق ضوء الغرفة وتنام بها بمفردها بعدما أخذت روضة بعض الكتب وقررت المذاكرة بالخارج.

بدأ الدفء يتسلل إليها وأغمضت جفونها..

وما كادت تذهب بالنوم حتى أعلن هاتفها اعتراضه على نومها ورن عاليًا متسببًا في فتح جفونها من جديد.

تأففت بصوت عالي وسارعت بأخذ الهاتف.

رأت رقم غير مدون لديها.

عقدت حاجبيها وعلى الفور تغللها الرعب وتذكرت أمر طارق الذي اختفى دون أي مقدمات.

ابتلعت ريقها بتوتر وهي تتمنى ألا يكون هو ويكون أي شخص آخر سواه.

توقف الهاتف عن الرنين مما جعلها تتنفس الصعداء وتشعر براحة كبيرة.

راحة وطمأنينة لم يدومان طويلًا بعدما أعلن هاتفها عن اتصال من ذات الرقم مجددًا…

تلك المرة قررت المواجهة والرد على المتصل فلن تظل بذلك الرعب.

استجمعت قواها وفتحت المكالمة ثم وضعت الهاتف على أذنيها.

وقبل أن تنطق بحرف وصل إليها صوت تعرفت عليه بسهولة و جعل البرودة تعود إليها من جديد وتعلو خفقات قلبها رعبًا وذعرًا….

-عاملة إيـه يا ضياء؟؟

اوصدت جفونها بقوة وصوت داخلها يردد اسمه يؤكد لها شكوكها.

“طــــارق.”

««يتبع»»…..

الفصل التالي: اضغط هنا

يتبع.. (رواية الحب كما ينبغي) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.

أضف تعليق