رواية الحب كما ينبغي – الفصل الرابع والثلاثون
الفصل الرابع والثلاثون
الحب كما ينبغي.
فاطمة محمد.
الفصل الرابع والثلاثون:
-إيـه اللي بتقوله ده، أنـا مش فاهمة أنت بتكلم عن إيـه أكيد أنت غلطان وملغبط.
نكرت جهاد وأدعت الغباء وعدم الفهم، متحدثة بصوت ونبرة جاهدت لإخراجها طبيعية بعد تلقيها لتلك الصدمة والتي لم تكن بالسهلة أو الهينة بل كانت صدمة قوية لم تتعرض لمثلها من قبل.
أصر صابـر على فهمها لحديثه ولكل كلمة نطق بها، متحدث بخشونة:
-الله!! هو مش كنتي لسة بتقولي أنك دوغري بتلفي ودوري وتنكري لية بقى دلوقتي؟؟ اللي بتعمليه ده ميدخلش ذمتي بتعريفة وكفاية كدب بقى وخليكي صريحة زي ما أنا صريح معاكي و….
-أيـوة يا صابـر، أنا اللي كنت بكلمـك، أنا اللي حبيتك وجريت وراك، أنا اللي حاولت أخليك تاخد بالك مني وتحس بيـا وبمشاعري ناحيتك، ارتحت كدة مبسوط!!
ردت عليه وقاطعته بنبرة قوية، قوة لم تكن بصوتها فقط بل انعكست على تعابير وجهها، تدافع عن نفسها وعن حبها لـه.
لانت ملامحه وقال ينفي صحة كلماتها الأخيرة:
-لا، لا أنا لا مرتاح ولا مبسوط، كفايـة أوي لحد كدة، كفايـة مسخرة وقلة أدب، أنتي عيلة صغيرة ولا إيـه! متعرفيش الفرق بين الصح والغلط، الحلال والحرام، والله لو متعرفيش نعرفك ونكسب فيكي ثواب، إيـه رأيك؟!
حافظت على قوة تعابيرها رغم ارتجافة جسدها،يديها، وشفتيها.
اهتزت كليًا، شعور بالإنكسار والتحطم يغزوها بكامل قوته.
-هرد عليك وأكسب أنا ثواب فيك يا صابـر، في ناس لما بتحب بتفكر بعقلها أكتر من قلبها واللي بيسوقهم عقلهم، وفي ناس برضو بتفكر بقلبها أكتر من عقلها وقلبها وقتها هو اللي بيسوقها وبتلغي المنطق والعقل، وأنا مع الأسف طلعت من النوع التاني اللي قلبها بيسوقها وبمشي وراه وبلغي عقلي زي ما أنت شوفت كدة، حبيتك إيـه الغلط في أني أحبك وأحاول عشان حبي ده، إيـه المشكلة!!
ردها لم يعجبه بالمرة بل جعله يغتاظ، ويشتعل صدره أكثر وأكثر..
فمن الممكن أن تخطئ ليس هناك شخص معصومًا من الخطأ ولكن تتمادى في هذا الخطأ ولا تشعر به من هذا الأساس ولا ترى نفسك مخطأ..
هنا تكمن المشكلة الأساسية…
-أنتي بجد لسة بتسألي فين المشكلة!!! للدرجة دي مش حاسة أنتي عملتي وهببتي إيـه!!! مفيش واحدة محترمة تبادر وتبدأ كلام مع واحد هي متعرفوش جو أنك تكلميني وتشغليني ده يخليني اخد عنك صورة مهببة ميخلنيش أعجب بيكي ولا حتى أحبك! مفيش راجل عاقل يحب أنه يربط نفسه ولا يتجوز واحدة بالأخلاق دي!!
كان يتابع وقع حديثه عليها أثناء نطقه، توقف لوهلة يدقق بعيناها ليرى تلك الدموع التي تقاومها بشدة وبقوة كي لا تخرج منهما:
-وحتى لو حصل يا جهاد هيبقى في مشكلة في الثقة ثقته فيكي هتبقى معدومة، الواحد منا لما بيحب يستقر ويتجوز ويختار شريكة حياته بيختار اللي تصونه اللي يعرف يثق فيها، اللي يبقى سايبها مع عياله وهو عارف أنها هطلعهم عارفين الصح من الغلط والحلال من الحرام يا جهاد، مبناخدش اللي بتجري ورانا واللي بنشوفها جريئة وبجحة، الواحد مننا يحب البنت اللي عندها حياء وبتكسف.
لم يكتفي بذلك القدر من الحديث بل أضاف من جديد وبنبرة قاسية جعلتها تلعن هذا الحب وهذا القلب الذي وقع في غرامه:
-جبتي ثقتك فيا دي منين علشان تكلميني؟؟ افرضي طلعت ابن حرام واستغليتك، ما أنتي رامية نفسك عليا والدنيا سهلة مستغلكيش ليه!!!! وبعدين كلمة حب دي كبيرة أوي معتقدش أني عملت أي حاجة أو نطقت معاكي بكلمة تخليكي تحبيني إلا بقى لو كنتي حبيتي أني متريش وأعزب فـ لية لا عـ……
-اسكت، متكملش، مش عايـزة اسمع منك حاجة تاني خلاص كفايـة أنت إيـه مبتحسش، ولا شايفني أنا اللي حلوفة ومبحسش لا يا صابـر اللي قدامك بني آدمة وعندها قلب.. ومع الأسف قلب غلط وحبك، معاك حق على فكرة أنا أسفة بس مش ليك أسفة لنفسي مكنش ينفع اخلي قلبي يحبك، أنت عداك العيب وأزح كمان، وقبل ما المهزلة دي تنتهي أحب أقولك وأصححلك أني محبتكش عشان متريش زي ما بتقول لو كنت مش لاقي تاكل وبتاكل العيش حاف كنت برضو حبيتك مكنش هيفرق معايا.
صمتت تبتلع ريقها ثم تابعت كأنها لم تتوقف:
-لما كلمتك وحاولت معاك مكنتش شايفة أن ده غلط كنت شايفة نفسي صح وقدامك ولاد عمك شوف عملوا إيه عشان حبهم ميضعش منهم، اشمعنا الراجل لما يدافع ويجري ويعافر عشان حبه بتصقفوله ولو واحدة هي اللي خدت الخطوة دي بتعلقولها المشانق اشمعنا؟؟؟
-علشان أنتي بنت، البنت متجريش ورا حد البنت بتعزز نفسها وبتحافظ على كرامتها، الراجل هو اللي يعافر علشان يوصلها مش هي أبدًا، البنت المفروض تتحلى بالحياء والأخلاق وتحترم وتعمل بدينها مينفعش تاخد دور الراجل في النقطة دي بذات عشان أسباب كتير قولتلهالك معنديش استعداد اكررها تاني….
لم يعد بإمكانها الصمود أمامه أكثر.
لذا قامت بالرحيل والمغادرة بسرعة البرق دون أن تنطق بحرف آخر، حتى أنها لم تبدي أي اهتمام لـ أحمد الذي كان يقف على مقربة و استمع للحديث الدائر بينهم.
بعـد رحيلها اقترب أحمد من صابر وهو يشعر بالحزن والشفقة عليها يعاتبه لما قاله وارتكبه في حقها:
-ليه كدة يا صابـر ليه بجد!!! دي بتحبك ليه تجرحها بالشكل ده حرام عليك.
وبانفعال طفيف أجابه صابـر وهو يكز على أسنانه:
-ومش حرام عليها نفسها؟؟ كان لازم تفوق يا أحمد كان لازم أفوقها، أنا وهي مستحيل نجتمع أو نبقى لبعض لازم تشيل الأوهام والأحلام دي من دماغها.
لم تلج جهاد المنزل بل اتخذت جانبًا من الحديقة بعيدًا عن الجميع ملجأ لها.
جلست كالقرفصاء دافنة وجهها بين يديها تشجع وتقوي نفسها لا ترغب في الانفتاح بالبكاء فإذا حدث وبكت سيعلم الجميع بأمر بكائها من عيونها التي ستنتفخ ويتبقى بها أثر هذا البكاء.
“متعيطيش، متعيطيش، مش دلوقتي، متبينيش ضعفك قدامه، قاومـي طول عُمرك قوية عُمرك ما كنتي ضعيفة ولاهتكوني..”
وبعد تحفيز نفسها بتلك الكلمات رفعت وجهها وهي ترسم بسمة زائفة لم تكن تصل لعيونها ثم تحركت و دخلت المنزل ليراها شكري ويخبرها بمناداة شقيقاتها والإستعداد للرحيل…
~~~~♡♡♡♡~~~~
انكمش وجه ضياء بعدم فهم أو استيعاب لما تفوه بـه آسـر..
هل عرض عليها الزواج للتـو.!!!!!!
كان آخر رجل تتوقع منه أن يعرض عليها الزواج أو أنه قد يرغب بالزواج بالأساس.
وللحق لن يلومها أحد فهو عاشق النساء، رافق العديد والعديد.
والآن يعلن رغبته بالزواج ومنها هي تحديدًا.
سكونها و وجهها الذي عبر عما يعتريها الآن جعل القلق والخوف ينهش به نهشًا.
ارتعب من هذا السكون وعدم إيجابها.
ابتلع ريقه وسألهـا من جديد بتوتر ملحوظ:
-ساكتة ليه يا ضياء! قولي حاجة متسكتيش كدة أنا عايز أتجوزك عايز أكمل حياتي معاكِ مش عايزك تبعدي عني وعن عيوني ثانية واحدة حتى عايزك قدامي علطول، قلبي كل ما افتكرك أو شافك بـ…
لم تتركه يتابع ما لديه ويعترف بالمزيد، بل قامت بمقاطعته قائلة باستنكار وصدمة لم تفارقها بعـد:
-أنت مجنون!!! جواز إيـه ده اللي بتكلم عنه هو أنا بطيقك أصلًا، أنا أطيق العمى ولا أطيقك ولا أنت حلوف مبتحسش، لو مش حاسس أحب أقولهالك في وشك، أنا مش بطيقك مش بقبلك مش عشان وقفتلي مرة ولا اتنين يبقى خلاص المفروض اقع في غرامك زي الهبلة، لو فاكر كدة تبقى غلطان، وبعدين أنت اكس يارا صاحبتي وأنا مش واطية أوي كدة عشان اسيب كل الرجالة وابصلك أو أفكر فيك أنت.
شعر وكأن دلو مملوء بماء مثلج قد سقط على رأسه..
هل رفضته حقًا للتو أم أنه يتوهم!!
بعد هذا الكم من الفتيات والعلاقات الذي ولج بها ورغبة كل واحدة منهم بالارتباط بـه رسميًا وبالنهاية لم يرتبط أويفكر بموضوع الزواج بأي فتاة من قبل.
والآن وبعد أخذه القرار وعرضه عليها ترفضه.
ومن شدة صدمته سألها بترقب وهدوء يناقض قلبه الذي يرتجف خوفًا من خسارتها:
-يعني إيـه مش فاهم أنتي بتهزري ولا بتكلمي جد!
-بهزر!! معتقدش أن في بيني وبينك هزار، أنا كلامي واضح يا آسر أنا مستحيل أبصلك، لو آخر راجل على وجه الأرض مستحيل يبقى في حاجة بيني وبينك، معرفش أنت إزاي جه في دماغك أني ممكن أوافق عليك!! حقيقي مش فاهمة ولا أنت عشان مش عارف تطولني وشغالة صد فيك ملقتش غير الدخلة دي؟ لا وعاملي فيها دنجوان ومقطع السمكة وديلها فكرة قديمة واتعملت كتير أوي فنصيحة مني جدد دخلاتك وطرقك في الشقط.
كادت ترحل بعد إلقائها لكلماتها الجارحة القاسية الخالية من الرحمة والشفقة لكنه لم يسمح لها وأوقفها دون أن يلمسها، واقفًا أمامها يعيق مغادرتها قائلًا بكل صدق وأعين تترجاها لتصديقه فقط تلك المرة:
-ضياء أنا مش بكدب عليكي والله العظيم مش بكدب عليكي وصادق معاكي في كل كلمة قولتلها، أنتي غير أي واحدة أنا عرفتها، أنا مش بخدعك ولا بضحك عليكي أنا فعلًا عايز أتجوزك صدقيني.
-بتاع إيـه أصدقك، هقولك على حاجة عشان اريحك وارتاح حتى لو افترضنا أنك صادق وأنك بتكلم جد فـ أنا مش مصدقاك، ومش هصدقك ومش بثقك فيك ولا عُمري هثق فيك، بالنسبالي هتفضل آسـر اللي كان وهو مع صاحبتي بيلف حواليا من وراها، يعني مش بعيد وأنا معاك تلف على واحدة صاحبتي برضو من ورايا مش بعيدة عليك، آه لو تعرف أنا شيفاك إزاي دلوقتي عُمرك ما كنت هتفكر تيجي وتقولي حاجة زي دي ولا كنت هتقف قدامي الوقفة دي، وآخر مرة توقفني وتكلم معايا أنا وأنت مفيش بينا ولا هيبقى فيه أي حاجة تستدعي أننا نقف الوقفة دي.
~~~~♡♡♡♡~~~~
بعد رحيل زهران، و شكري وبناته رفقة يوسف ومحمد وأحمد والذين أصروا على توصيلهم وخاصة أحمد الذي كان يرغب بفتح حديث مع جهاد وجهًا لوجه بأي شكل وطريقة.
صعد آسـر إلى غرفته، أغلق على نفسه وشعور بأن جسده متيبس جامد لا يفارقه.
يشعر بأنه يتوهم وما حدث ليس بحقيقي.
ذهب وجلس على طرف الفراش بأهمال والعديد من المشاعر المختلطة المختلفة والغير مفهومة تغمره.
فـ تارة يشعر بأنه نادم وقد تعجل وأتخذ القرار دون حساب النتائج وبلحظة تهور وإندفاع منه.
وتارة أخرى يشعر بالغضب تجاهها لتكذيبه وتكذيب مشاعره الصادقة ورغبته بالزواج منها وأكمال حياته معها هي دونًا عن الجميع.
وتارة بالغضب والسخط تجاه نفسه، يراها محقة بكل كلمة قالتها، كيف تثق به وتكمل معه حياتها!!!
هو السبب الرئيسي لما توصلت الأمور معها.
ولكن ماذا يفعل بقلبه الذي ينزف الآن يلقى كامل اللوم والعتاب عليه.
لوم وعتاب فات آوانهم ولم يعد لهما أهمية بعد خسارتها.
نعم أحبها بل عشقها، وقع قلبه ضحية لها ولكن خسرها قبل أن يتهنى بذلك الحب والمشاعر الجديدة عليه تمامًا.
لم يمر بهما من قبل.
لم يهوى قلبه قبلها.
كانت الأولى وستكون الأخيرة.
سيحتفظ بهذا الحب داخله ولنفسه.
أخذ نفسًا عميقًا يملؤه الألم وهو يحسم قراره مقررًا دفن هذا الحب داخل قلبه.
لن يخبر به أحد.
ستكون هي سر صغير بينه وبين قلبه.
لن يتعرض لها من جديد فهي تبغضه بغض لن يذهب بل سيظل قائمًا حاضرًا.
ستكون أمام عيونه ولكنه سيجبر نفسه على غض بصره عنها.
ولكن حتى لو فعلها ماذا يفعل بقلبه الذي تشغله وبجنون……
بقى هذا السؤال عالقًا بذهنه لم يجد له جواب ورُبما لن يجد أبـدًا.
~~~~♡♡♡♡~~~~
بسيارة محمد، تواجد خلف المقود وإسلام تجلس بالمقعد القابع جواره لا يصدق أي منهما موافقة وسماح شكري لها على جلوسها بجانبه ولكن بالتأكيد لم يكن الاثنان بمفردهم بل تواجد بالأريكة الخلفية كلا من رضا وعصمت، فالأخيرة كانت نائمة بعمق بعد أخذها العديد من الصور لنفسها، أما رضا فكانت تنظر من النافذة لا تشعر بالنعاس.
سرق محمد نظرة للخلف فرآها مستيقظة وما أن التفت إليها حتى ابتسمت لـه وقالت:
-بتبصلي ليه ولما نتقلب دلوقتي.
كان بالفعل قد نظر أمامه معلقًا على كلماتها:
-يا شيخة تفي من بُقك.
-لا مش قادرة اتف دلوقتي وبعدين الجو سقعة لو فتحت الشباك هبرد هبقى اتف لما انزل..
ابتسمت إسلام بسمة بسيطة التقطها هو وكانت قادرة على سلب أنفاسه.
ابتسم هو الآخر وقال يمزح مع إسلام حبيبة قلبه:
-عارفة حاسس بـ إيه دلوقتي؟
ردت إسلام عليه قائلة بتحذير وهي تشير بعينيها تجاه رضا والتي اختارها شكري للصعود معهم دونًا عن الجميع لسبب ما.
-مش عايزة أعرف ركز على الطريق الله يكرمك.
ورغم فهمه لإشاراتها إلا أنه لم يتراجع فيما رغب بقوله:
-طب ما أنا مركز اسمعيني بس، أنا حاسس كأننا متجوزين و مخلفين رضا وعصمت.
انكمش وجه رضا وعلقت بدلًا من إسلام بانزعاج:
-بس متقولش تخلفنا على فكرة أنا مش صغيرة أنا كبيرة، بقولك إيـه هو أنا ينفع أسالك سؤال بس تجاوبني؟ ممكن؟
نظر لها من خلال المرآة وقال موافقًا:
-والله على حسب لو أعرف رد السؤال هجاوبك مش هبخل عليكي مهما كان أخت المدام برضو.
-هو آسـر عنده كام سنة؟ ومرتبط ولا لا، عمو أبو الشيشة قال أنه بتاع بنات هو الكلام ده بجد؟
فهم محمد مغزى سؤالها وأدرك أعجابها بـه، ابتسم ثم أجابها بمرح:
-ليه؟ تحبي أجوزهولك.
اتسعت ابتسامتها وقالت:
-معنديش مانع لو هو وافق أنا كدة كدة موافقة حتى لو بتاع بنات أنا هخليه ميبقاش بتاع بنات هخليه بتاع رضا وبس.
هنا ونهرتها إسلام ملتفته إليها برأسها متحدثه معها بعدم رضا:
-عيب أوي الكلام اللي بتقوليه ده حتى لو بهزار مينفعش، آخر مرة اسمعك بتكلمي في الموضوع ده، ومسموش آسـر حاف كدة هو مش قدك تقوليله عمو من هنا ورايح أنتي سامعة……..
في سيارة يوسف كان شكري من يجلس بجواره أما بالخلف جلست برق وضياء مما جعل يوسف عابس الوجه مردد تلك الكلمات بينه وبين نفسه:
«يا بن المحظوظة يا محمد، يعني كان لازم عمو يقع في ارابيزي أنا، مش عيشة دي بقى..»
بعد ذلك الحديث الذي دار بينه وبين نفسه، خرج صوت شكري يسأله يدعي عدم فهمه لسبب هذا الوجوم على وجهه:
-مالك يا بني وشك مقلوب ليه؟ في حاجة مضيقاك ولا حاجة؟
انتبه يوسف إليه ثم أجابه ينفي حديثه بأدب وتهذيب يزيد برق تعلقًا وإعجابًا به:
-لا أبدًا يا عمو معقول أضايق وحضرتك قاعد جمبي طب ده أنا حتى أبقى مبفهمش.
ضحك شكري ثم ربت على كتفه قائلًا بنبرة ذات مغزى:
-أنا قولت كدة برضو، بس حلوة عربيتك عجبتني، بفكر أجيب واحدة زيها.
أثناء حديثه سرق يوسف نظرة نحوها من خلال المرآة الأمامية لتتلاقي عيونهم بواسطة المرآة بنظرة لم تكن بالطويلة، فقد أشاحت هي عيونها عنه أولًا وهو ثانيًا يبصر الطريق أمامه لا يهمه الحديث الذي ينطق به شكري.
انهى شكري ثرثرته والتزم الصمت لثواني.
قطع هذا الصمت تلك التنهيدة التي خرجت من يوسف ثم لاحقها تلك الكلمات التي لم تكن من القلب:
«منور والله يا حمايا، العربية بتزغرط مش مصدقة أنك قاعد جمبي…..»
أما عن سيارة أحمد فكانت تجلس بجواره جهاد، وبالخلف جلست روضة وإحسان.
نظرات روضة ترتكز على أحمد تتأمله أثناء قيادته وليتها لم تفعل.
فأثناء هذا التأمل انتبهت ولاحظت نظراته لأختها جهاد.
شعرت بأن قلبها على وشك التوقف وتساءلت على الفور وهي تبصرها.
هل يكن مشاعر نحو جهاد ولذلك لا يشعر بها!!!!
مجرد التفكير بتلك النقطة جعلها ترفع يدها وتضعها على فمها بصدمة لتدرك لما لم يشعر بها فقلبه ليس بخالي بل مشغول بجهاد.
هنا ورأته ينظر لجهاد الشاردة تمامًا وتوليه جانب وجهها تنظر من النافذة، وعيناه تحكي الكثير والكثير، حتى أنه لم ينتبه إليها وكان غافلًا عن متابعتها له.
أغمضت عينيها وتمنت أن يكون وهم ليس إلا.
فإذا كان حقيقة فهي هكذا واقعة في مصيبة وكارثة لا تعرف ما هو حلها…….
أما عن جهاد فكانت تقاوم حتى تلك اللحظة كي لاتنهار، تشتاق إلى اللحظة التي ستدخل بها غرفتها وتحرر دموعها من السجن التي حبستهم خلف قبضانه.
حقًا تشتاق وتتلهف لحدوث هذا لعلها ترتاح ويسكن قلبها.
بعد دقائق صفت الثلاث سيارات وهبط الجميع وقاما بتوديع الثلاث شباب وشكرهم شكري، ثم ولج البناية والبنات خلفه وقبل أن تختفي جهاد وتلج هي الآخرى.
هتف أحمد بأسمها:
-جهـاد.
التفتت إليه ولكن ليس بمفردها بل التفتت أيضًا روضة له لترى عيناه المرتكزة على شقيقتها والذي قام بإيقافها.
تجمعت غصة بحلقها ابتلعتها بصعوبة، ثم اولتهم ظهره و تابعت طريقها.
بينما قالت جهاد قبل أن يقول أي شيء:
-مش قادرة أتكلم يا أحمد معلش نكلم وقت تاني.
حقًا كان يشعر بالشفقة نحوها، مدركًا مدى قساوة صابـر عليها اليوم.
-بس أنا عايز أتكلم معاكي دلوقتي لازم تعرفي أن صابـر….
قاطعته منزعجة من سماع اسمه قائلة برفض لهذا الحديث:
-مش عايزة اسمع عنه حاجة ومتفتحش معايا موضوعه ولا تكلم معايا عنه لو سمحت يا أحمد، تصبح على خير.
قالت الأخيرة مفارقة مكانها حتى اختفت عن أنظاره.
رفع يده ومسح على شعره وهو يردد بخفوت:
-إيـه اللي عملته ده بس يا صابـر……
~~~~♡♡♡♡~~~~
وأخيرًا وبعد طول انتظار دخلت جهاد غرفتها، باتت بها وأصبح بإمكانها الانفجار بكاءًا والإنهيار مثلما تريد..
فاليوم تعرضت لموقف بشع، لا يمكن إيصاف بشاعته من قوته.
لم تتعرض لمثل هذا الموقف من قبل ولم يأتي ببالها حتى أنها ستوضع بـه ذات يوم.
سمعت ما لم تحب بالمرة…
وضعت نفسها بموقف لا تحسد عليه.
وبالنهاية هي من فعلت هذا بنفسها.
هي المسؤولة لا أحد غيرها…
دفعت جسدها على الفراش دون أن تبدل ملابسها حتى، وكانت الغرفة فارغة لا تتواجد بها إسلام فقد تواجدت بتلك اللحظة داخل دورة المياه..
دفنت جهاد رأسها بالوسادة تبكي كما لم تبكي من قبل.
وانهارت كما لم يحدث من قبل.
قلبها محطم، انكسر وتمزق لإشلاء.
كلماته كانت قاسية جعلتها تندم وتلعن نفسها…
ظلت دموعها تنهمر كالشلالات من عيونها ويصاحب تلك الدموع شهقات لم تستطع التحكم بها أو كبحها.
تكرهه كثيرًا بتلك اللحظة، تشعر بأن حبها نحوه تحول لبغض.
ومن بين دموعها وانهيارها خرج صوتها ضعيفًا وكأنها تخبر وتقنع قلبها المتيم:
-بكرهك يا صابـر بكرهك….
وبتلك اللحظة دخلت إسلام الغرفة وعلى الفور نما إلى مسمعها صوت بكائها وتلك الشهقات.
اقتربت منها سريعًا والقلق ينهش فؤادها على شقيقتها تسألها بقلق حقيقي:
-إيـه ده في إيـه بتعيطي ليه، إيـه اللي حصل مالك يا جهاد..
أجابتها دون أن ترفع عينيها نحوها:
-بكرهه يا إسلام بكرهه.
-هو مين ده؟؟؟
تلك المرة رفعت رأسها نحوها تبصرها بعيونها الحمراء مندفعة بالحديث معبرة عن كرهها الغير حقيقي تجاهه:
-صابـر أنا بكرهـه.
ضاقت عين إسلام قليلًا ثم هتفت بعدم فهم:
-لا، واحدة واحدة كدة وفهميني في إيـه وقبل كل ده بطلي عياط أنا مكرهش في حياتي قد أن واحدة فيكم تعيط، متعيطيش بقولك.
وبالفعل سردت جهاد عليها كل ما حدث وفعلته من البداية معه حتى تلك النهاية التي توصلت إليها اليوم معه وكيف قام بمواجهتها وجرحها بتلك القسوة….
ظلت إسلام تستمع إليها دون أن تقاطعها.
انتظرت حتى انتهت تمامًا وما أن صمتت جهاد وحل السكون بالغرفة حتى قالت باستياء:
-مش مصدقة أنك عملتي كدة أنا مصدومة، معقول ترخصي نفسك أوي كدة، ناقصك إيـه أنتي عشان تروحي تجري ورا راجل، وتقلي من كرامتك وتبوظي شكلك كدة قدامه، وبتعيطي ومش عجبك كلامه، الراجل مغلطش معاه حق في كل كلمة قالهالك، كنتي مستنية منه إيـه يحبك ويقولك هكلم أبوكي واتجوزك مستحيل ده يحصل.
-أنا مغلطش يا إسلام أنا حبيته..
-لا غلطي متبقيش غلطانة وبجحة وتبرري غلطك، لو مكنتيش عارفة أنك غلط واللي بتعمليه ده ميصحش كنتي حكتيلي على الأقل بس أنتي خبيتي ده حتى عليا وده معناه أنك من جواكي عارفة أنك غلط وأني هغلطك، بس الشيطان عماكي وهمك أنك كدة ماشية صح بس أنتي مشيتي في سكة كان ممكن اخرتها توديكي في ستين داهية..
صمتت لوهلة ثم أضافت تخبرها بصوت حاسم قوي:
-كلام معاه تاني مش هيحصل، تنسيه وتمحيه تمامًا من دماغك، مش هيبقى بالنسبالك أكتر من أنه ابن عم محمد ويوسف وبس أنتي سامعة؟؟؟
~~~~♡♡♡♡~~~~
بعد منتصف الليل، استيقظت زهـر من النوم، بعدما نامت باكرًا اليوم ولم تذهب للعشاء بمنزل عائلتها للتعرف على الفتيات اللواتي يرغبن محمد ويوسف بالزواج بهم.
متحججة بأن وسام منشغلًا ولديه بعض الأعمال ليقوم بها.
ولكن بالحقيقة كانت تشعر بالإعياء البسيط ولم ترغب بأن تثير قلقهم وتخرب الليلة لذا فضلت عدم الذهاب والتحجج بوسـام.
حركت رأسها ورأت وسـام الممدد بجوارها يغط في سبات عميق للغاية ويداه تلتف حول خصرها فمنذ شعوره بتعبها لم يتركها وظل يهتم بها حتى عندما رغبت بالنوم باكرًا ظل جوارها حتى ذهب بسبات عميق دون أن يشعر.
حركت يديها ورفعتها بهدوء والتقطت هاتفها.
وجدت الكثير من الرسائل على تطبيق المراسلة (الواتس اب).
سواء كان من جابـر أو أحمد، حتى صابر، وثراء أرسلا لها.
أجابت عليهم وبعد انتهائها وجدت رسالة أيضًا من ريهام.
فمنذ لقائهم بذلك المقهى وهما يتحدثان يوميًا..
زادت أحاديثهم ومعرفتهم ببعضهم البعض أكثر وأكثر.
ومثلما أخبرت زهـر وسـام لم تترك ريهام لحزنها فكلما شعرت بحزنها أو شيء ما يضايقها كانت تحادثها ولا تتركها إلا وهي تضحك متناسية الحزن تمامًا.
«غريبة نايمة وقفلة بدري أوي النهاردة أنتي كويسة يا زهر أنا بس خايفة اتصل تكوني نايمة وأقلق نومك لما تفتحي طمنيني عليكي ضروري..»
كانت تلك الرسالة من ريهام، تحتوي على الكثير من القلق والخوف على صديقتها الجديدة.
سارعت زهـر بالرد عليها تطمأنها عبر تلك الرسالة:
«مش عارفة تعبت شوية وحسيت أني مش قادرة اقعد ومعدتي وجعاني تقريبًا خدت برد..»
قرأت ريهام الرسالة وسرعان ما عقدت حاجبيها وبسمة مخمنة ترتسم على وجهها وهي تكتب لها:
«متأكدة أنه برد مش حاجة تانية؟»
لم يصل مغزى كلماتها إليها فسألتها:
«أومال هيكون إيـه لو مش برد يعني، لا هو برد شكله.»
سارت عين ريهام على الرسالة المرسلة فأجابتها على الفور تقترح عليها:
«طيب إيـه رأيك لو فاضية بكرة نروح نكشف ونطمن عليكي ونشوف ده برد ولا حاجة تانية.»
«مفيش داعي يا بنتي متكبريش الموضوع..»
«مكبرش إيـه بس الموضوع شكله كبير وشكلي هقولك ألف مبروك يتربى في عزك..»
اتسعت عين زهـر وهي تستوعب للتو ما كانت تقصده ريهام من البداية وعما كان يدور مغزى كلماتها:
«قصدك أني ممكن أبقى حامل؟! يعني ده مش دور برد…»
«وارد جدًا وعشان كدة أحنا نروح بكرة ونعرف إيـه اللي عندك بضبط..»
وبالتأكيد وافقت زهـر لم تمانع….
انهت الحديث معها ثم تركت الهاتف جانبًا.
تقلبت ونامت على جانبها لتقابل بوجهها وسـام.
رفعت يدها وحركت أناملها بخفة على وجهه، وبسمة مشرقة تزين وجهها الجميل، قائلة بهمس وحماس كبير:
-شكلنا هنبقى بابي ومامي ولا إيـه، يارب أكون حامل بجد، أنا مش عارفة لو الكلام ده بجد هقولك الخبر إزاي، أنا لازم أفكر في حاجة كريتيف محدش عملها ولا فكر فيها قبل كدة……..
في مساء اليوم التالي وبعد عودة وسام من العمل وما أن خطى بقدمه داخل المنزل حتى صدحت كلمات تلك الأغنية عاليًا متسببة في فزعه:
“ألو.. ألو.. ألو… بابا فين… بابا هنا.. هنا أهو.. قوله مين…”
أغلق وسام شاشة التلفاز متسببًا في إيقاف الأغنية..
كاد يتحرك لولا صوت زهر الذي صدح وهي تردد بصوت عالي:
“قوله عمه.. عمه مين.. أقوله مين بيكلمه…”
قاطعها وسـام منزعجًا من نبرة صوتها العالية متمتم بضيق بسيط:
-وطي صوتك يا فنانة هطرش وهبقى وسـام الأطرش.
كانت تبتسم له ابتسامة نوعًا ما بلهاء، مجيبة على حديثه بسؤال مستعينة بكلمات الأغنية:
-بابا فين؟؟؟
ثم ردت على نفسها وهي تشير نحو وسـام الذي لا يستطع فهم ما تفعله:
-بابا هنا.. هنا أهو..
ضاقت عيونه قليلًا ثم سألها يتجاهل ما يظنه ما هو إلا مزاح منها:
-واضح أنك بقيتي أحسن كتير عن امبارح الحمدلله، عملتي إيـه النهاردة صحيح مع ريهام.
دارت عينيها يمينًا ويسارًا بحماس كبير، ثم قالت دفعة واحدة وهي تدبدب بقدمها من شدة الفرحة:
-روحت كشفت والدكتورة قالتلي أني حامل، هنبقى بابي ومامي يا وسـام هيجلنا نونو صغير…….
اتسعت عيونه وتعالت ضربات قلبه وهو يردد بصدمة من السعادة:
-حامــل!!! حامل بجد ولا بتهرجي..
-والله حامل هو الموضوع ده في تهريج برضو، أنا طايرة أنا مش مصدقة أنا مش عارفة هستحمل إزاي لحد ما يجي حسة أني هبيض..
-تبيضي إيـه هو أنتي فرخة.
انهى جملته واختتمها وهو يحتضنها ويضمها إليه يرفعها عن الأرض يدور بها بخفة ولسانه ينطق بتلك الكلمات العاكسة لسعادته:
-يعني أنا هبقى بابا وأنتي ماما، مش مصدق حاسس أني بحلم أنا مبسوط أوي، أنا مبسوط خالص، لا مش مبسوط بس أنا كمان طاير، بحبك وبحبه أو بحبها.
اخرجها من أحضانه فسألته بلهفة محاولة تخمين جنسه:
-تفتكر بنت ولا ولد؟
-يا ستي أنا راضي بأي حاجة فيهم، بس أنا قلبي بيقولي أنها بنت مش عارف ليه.
وبتفكير قالت:
-مش عارفة مش قادرة أحدد دلوقتي بس أنا فرحانة بجد…
~~~~♡♡♡♡~~~~
بعد مرور شهر ونصف، ذهبت إسلام وبرق وقاما بشراء الشبكة باليوم الذي اتفقا عليه مسبقًا، وارتدوها بوقتها تنفيذًا لطلب شكري الذي لا يرغب بأقامة حفل للخطوبة…
كذلك انتهت خلال تلك الفترة امتحانات نصف العام الدراسي، واقتنع شكري بتأجيل حفل الزفاف ما دام لن يكون كثيرًا فقط بضعة أيام، كما أنه وقت الإتفاق تناسى تمامًا أمر الإمتحانات لذلك وافق على التأجيل..
والآن داخل واحدة من القاعات المخصصة لحفلات الزفاف والتي تواجدت داخل إحدى الفنادق، كان العمال لا يزالون يضعون اللمسات الأخيرة وينهون التحضيرات..
أما بالأعلى وبواحدة من الغرف كان الشباب جميعهم يتواجدون رفقة يوسف ومحمد واللذان كانا لا يزالان يستعدان ولم ينتهوا بعد.
بينما انتهى كل من صابـر وآسر، وقُصي وكذلك وسـام من الإستعداد يرتدي كل منهم بدلة يا سوداء أو كحلي اللون على النقيض بمحمد ويوسف واللذان ارتدا بدلات بيضاء اللون…
وبداخل دورة المياة تواجد أحمد الذي تأخر ولم يستعد بعد.
فحتى الآن لم يرى أي أحد منهم بدلته حتى صابـر..
مُصرًا على جعلها مفاجأة كي يصدمهم من شدة وسامته وجمال بدلته وجمال لونها….
ثواني قليلة وكان صوته يصدح عاليًا يخبرهم:
-ها جاهزيــن؟؟؟
انتبه الجميع إلى صوته وقبل أن يجيبوا عليه تبادلوا النظرات معًا ثم أجابوا عليه بنفس واحد:
-جاهزين انجـز.
وعلى الفور فتح الباب وطل أحمد بطلته الـ………….
المخيبة للآمـــــال…
اتسعت عيونهم وكان وسام أول من يعلق قائلًا بصدمة:
-إيه التهريج ده!!
جاء دور آسـر متمتم بصدمة هو الآخر:
-تهريج بس!! قول إيه اللون ده أصلًا.
اقترب صابـر من أحمد وهو يسأله بهدوء:
-أنت بتعمل فينا مقلب صح؟؟
صدح صوت يوسف يؤكد:
-لو بتمقلبنا فـ أحنا خلاص أتمقلبنا ادخل غير بقى مفيش وقت..
كذلك هتف قُصي وهو يكتم ضحكاته:
-شكلك مسخرة.
بينما قال محمد بصدمة لا تقل عن البقية بشيء:
-يا مــراري…
تقدم أحمد وافقًا بمنتصف الغرفة واعين الجميع ثابتة عليه، متحدث ببسمة واسعة معجبًا بالبدلة وبلونها إعجابًا شديدًا:
-أنا عارف أني صدمتكم بجمالي وبشياكتي وأناقتي وطلتي البهية الفريدة، اللون ده مش هتلاقوا حد لابسه أصلًا النهاردة غيري.
هز آسـر رأسه يؤكد حدوث هذا بالفعل:
-ده أكيد أنت عندك شك؟؟ مين مجنون ابن مجانين هيلبس بدلة ليموني!!!
لم تنال الكلمة الأخيرة أعجاب أحمد فقال يصحح له:
-ليموني إيـه ده أخضر فسفوري يا جاهل يا عديم الذوق، بس أنا أطلقت عليه اسم آخر وهو أخضر مسخسخ، بس إيه رأيكم شياكة مش كدة..
بعد انتهائه من الحديث قال وهو يبصر بدلاتهم سواء كانت السوداء، الكحلي والبيضاء، قائلًا باستنكار:
-إيه الألوان دي أسود وأبيض وكحلي يـعع ملبستوش لون فسفوري زيي ليه، ولا بلاش الحمدلله أنا الوحيد المميز فيكم بصوا كلكم شبه بعض إلا أنا الوحيد المميز اخطف العين كدة..
~~~~♡♡♡♡~~~~
على الطرف الآخر داخل الغرفة التي تتجمع بها الفتيات استعد الجميع حتى إسلام وبرق كل منهما انتهت فقد ارتدت إسلام فستان أبيض كلاسيك راقي بأكمام من قماش الدانتيل مبطن، وحجاب أبيض وطرحة زفاف متوسطة الطول، أما عن برق فقد ارتدت فستان أبيض ناعم للغاية يتسع بداية من منطقة الخصر، وكذلك حجابها التي لم تستغنى عنه، وطرحة زفاف طويلة مقارنة بـ إسلام.
تواجدت زهـر برفقتهم فقد باتت على معرفة مسبقة بهم وأحبتهم كثيرًا..
وكانت ترتدي فستان بسيط بأكمام أسود اللون وحجاب من ذات اللون..
وبعد مرور ساعة تقريبًا تم أخذ العديد من الصور سواء كان لمحمد وإسلام أو برق ويوسف، بواسطة المصور الذي جاءوا بـه والآن حان موعد دخول الأربعة معًا إلى القاعة..
ارتكزت وتعلقت أنظار الجميع بهم، فقد تجاهلت جهاد صابـر تمامًا لم تعيره أي اهتمام كأنه هواء، وهو لم يختلف عنها فتجاهلها هو الآخر ولم يتحدثان معًا، رغم تدقيقه النظر بفستانها رمادي اللون المحتشم الفضفاض فقد كانت الوحيدة التي جذبت انتباه ورغمًا عنه وعن أنفه تأملها.
لم يكن تأمل طويل ولكنه فعل، ثم أبعد بصره وبات يتحاشاها.
كذلك فعل آسـر وتغافل عن تواجد ضياء فكلما لمحها كان يبعد بعينه وينظر باتجاه آخر.
بدأ كتب الكتاب وتم عقد قرآن محمد وإسلام أولًا ثم تلاهم يوسف وبرق.
وأخيرًا وبعد طول انتظار ظفر كل منهما بفتاته لتصبح الآن زوجته أمام الجميع.
انطلقت “الزغاريط” والمباركات من عائلتهم والمقربين منهم..
وبعد مباركة جابـر لهم اقترب من أحمد يهمس لـه:
-إيـه اللي أنت لابسه ده.
وببسمة مشرقة واسعة ارتسمت على وجهه سأله:
-عجبتك صح؟ كنت متأكد يا أبي أنك أنت الوحيد اللي هتعجبك.
هز جابـر رأسه وهو يؤكد بنبرة ساخرة:
-هي عجبتني بس دي تحفة ده أنا هتعمي من حلاوتها.
صدح صوت الأغاني عاليًا واتجه الأربعة نحو خشبة المسرح المتواجدة بالمنتصف وبعض من أصدقائهم وأفراد العائلة خلفهم كي يحتفلون معهم.
تجمع الشباب حول يوسف ومحمد وبدأ الجميع بالرقص..
خاصة أحمد الذي كان لديه فرط من الحركة والنشاط، فظل يرقص بشكل جنوني هستيري، كما أنه بدأ “تعقيب” فقد كان ينزل بجسده ثم يصعد فجأة وباندفاع.
انتبه صابـر لرقصه فمال عليه يخبره بصوت وصل إلى الآخر:
-أنت في إيـه النهاردة مهيبر ليه؟؟ أوعى البنطلون يتقطع وأنت عمال تطلع وتنزل كدة شكلك هيبقى وحش.
رد عليه أحمد وهو لا يتوقف عن الرقص متمتم بصوت عالي كي يصل إلى صابـر:
-يتقطع إيـه ده غالي ده مش عارف أنت أنا دافع فيه كام، متقلقش مش بفلوس حرام هو.
ثم سارع بمشاركة آسـر الرقص وأثناء رقصهم شاركهم جابـر هو الآخر.
رأى حركاتهم بالرقص فرغب بتقليدهم..
هبط بجسده تزامنًا مع أحمد وآسـر..
ولكن صعد آسـر ولم يصعد كل من جابـر وأحمد.
نظر الاثنان لبعضهم فقال جابـر أولًا وهو يشعر بالآلم:
-آه، ظهري مش قادر أنا نزلت آه بس مش عارف أطلع واد يا آسر آسورة خد بأيد جابر جبورة، العضمة كبرت ساعدني ياض.
وعلى الفور هتف أحمد وشعور بالصدمة يلازمه وهو يردد بعدم تصديق وترجي في ذات الوقت:
-يساعدك إيـه ده يساعدني أنا، الحقوني، انجدوني البنطلون شكله اتقطع أو اتمزق أو اتفزق أو الثلاثة معًا أنا حاسس بيــه أو حاسس بهوا إذا صح القول والشرح والوصف………………………
««يتبع»»…………..
فاطمة محمد.
الفصل التالي: اضغط هنا
يتبع.. (رواية الحب كما ينبغي) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.