رواية الحب كما ينبغي – الفصل التاسع والعشرون
الفصل التاسع والعشرون
الحب كما ينبغي.
فاطمة محمد.
الفصل التاسع والعشرون.
يقف صابـر حائرًا مشتتًا الذهن عقب ذهاب جابـر مع آسـر مباشرة، وتنعكس تلك الحيرة وهذا التشتت عليه، مما جعل أحمد ينتبه لتلك الحالة الذي بات عليها عقب مغادرة والده.
لم يكبح قلقه كثيرًا وصاح يسأله:
-أنت كويس يا صابـر.
أبصره صابـر مندهشًا من قدرته على معرفة حالته والشعور به دون أن ينطق بحرف.
ابتسم له بعدما زفر مطولًا حاسمًا أمره أخيرًا مجيب على سؤال أحمد بنبرة دافئة:
-كويس متقلقش، أنا هسيبك واغيب بس نصاية أو ساعة بالكتير مش هتأخر عن كدة وماما زي ما بابا قالك أكيد على وصول خلاص.
حاول أحمد الإعتدال قليلًا بجسده كي يصبح جالسًا بدلًا من جسده الممدد.
لاحظ محمد محاولته تلك فسارع بالأقتراب منه يرغب بمساعدته وتصحيح وضعية الوسادة من خلف ظهره.
تزامنًا مع تحرك صابـر هو الآخر لـمساعدته.
خرج سؤال أحمد أثناء قرب الاثنان منه هاتفًا:
-رايح فيـن؟.
استمع صابـر لسؤاله وهو ينـاظر محمد منزعجًا من اهتمامه بـ أحمد بحضوره.
مما جعله يرفع كف يده ويربت به على ذراع محمد يخبره من بين أسنانه:
-ريح أنت، أنا لسة موجود ممشتش لما امشي ابقى ساعده لو أحتاج ده منـك.
ارتفع حاجبي محمد وهو يوافق ويمتثل لحديث صابر متراجعًا للخلف سعيدًا هو الآخر بذلك الأهتمام الذي يراه من جانب صابـر تجاه أحمد.
احتلـت البسمة وجه أحمد متفهمًا انزعاجه وضيقه من فعله محمد.
مسمتعًا إلى جـواب صابـر وهو يعتدل بوقفته متأهبًا للمغادرة:
-مش هتأخـر.
ضيق أحمد عيناه بعض الشيء ليفهم أخيرًا نية أخيه وإلى أين ينوي الذهاب.
ولكن قبل ذهابه تمامًا ومفارقته للغرفة نظـر نحو محمد ويوسف ينبه كل منهما:
-خلوا بالكم منه لحد ما ارجع ومحدش فيكم يضايقه اللي هيفكر فيكم يضايقه هاكله واقرقشه بسناني.
تحولت نبرته مع نطقه للكلمات الأخيرة إلى وعـيد وتهديـد.
اندهش يوسف وتساءل في ذات اللحظة الذي تحرك بها صابـر وغادر الغرفـة:
-هنضايقه ليه يعني هو عمل حاجة ده مضروب بالسكينة ومغدور بيـه، هنيجي عليه أحنا كمان مش كفاية الغريب هيبقى القريب كمان.
بالطبع لم ينصت صابـر إلى كلمات يوسف فصاح محمد يجيب على اندهاشه:
-سيبك منه باينه خرف بدري بدري.
تساءل يوسف من جديد مفكرًا بصوت عالي:
-هو رايح فين أصلًا وليه مرضيش يقول هو ســـر!!!!!
-أنـا عـارف هـو رايـح فيـن.
تبسم وجه أحمد وهو يخبرهم بمعرفته لمكان ذهابـه فـ من غيره سيكون مدركًا متفهمًا لنوايـا أخيه الغير منطوق بها ســواه…………..
بمنـزل شكـري، لا يزال آسـر ممسكًا به وجابر يحاول تخليصه من قبضة آسـر عن طريق لسانه فقط.
أما يده فكان لها رأي آخـر وتعارض ما يتفوه وينطق به لسانه.
فقد كان يساعد آسـر بالحقيقة ويسدد الضربات معه…
-سيبه يا آسـر بقولك سيبه يا ولد، ميصحش كدة أنا موجود، والله عيبه في حقي، وسع بقى بقولك….
ومع أول دفعة من يد جابر لـ آسر استجاب لها وترك شكري ليسارع جابر قافزًا بجسده كي يطول رقبته ممسكًا بها محاوطًا إياها بذراعيه وهو يقول:
-ليـه تطلع الوحش اللي جوه ها ليـه ما أنا كنت مبطل شقاوة بترجعني تاني ليها ليه، صدق اللي قـال اللي يـلعب مع الديـب يستحمـل التعذيـب، ده أنا هفضل بطلها لحد ما أبطلها.
قاومـه شكري وحاول الفكاك من حصاره ومع ضعف بنية جابـر مقارنة بـ آسر الذي كان لا يقوى شكري عليه استطاع ونجح بفك حصار جابر والتخلص منه دافعًا إيـاه بقوة وهو يطلق سبة قذرة من فمه.
حضرت الفتيات على أصواتهم في نفس اللحظة الذي ترنح بها جسد جابـر وقبل أن يتعثر ويسقط أرضًا مسك به آسـر ولحق به بسرعة البرق منقذًا إياه من ارتطام جسده بالأرضية الصلبة.
ورغم إلحاق آسـر بعمه إلا أن قلقه النابع من حبه جعله يتساءل هل هو بخير أم لا.
«أنت كويس يا جابـر.»
أماء له جابـر يؤكد له متحدث:
-الحمدلله أنا بخير وكله على ما يـرام.
من جديد أطلق شكري سبة بذيئة لا يبالي بتدخل فتياته واللواتي حاولن تهدأته وحثه على الكف والتوقف عن الشجار.
بل زاده تدخلهم غضبًا وعصبية، منفعلًا بقوة صارخًا بعلو صوته على جابـر وآسـر ملتهمًا ما يفصله عنه يرفع يده بالهواء ينـوي ضرب جابـر وذلك لأنه الحلقة الأضعف.
ولكن قبل أن يصدر أي رد فعل من آسـر الذي فارت دمائه من رؤية يد شكري المعلقة واندفاعه ونظراته المصوبة كليًا نحو عمـه، استمعوا لتلك الكلمات.
«نزل أيدك اوعى تفكر تلمســـه.»
التفتوا لصوت ذلك الشخص الذي جاء منذ لحظات ورن الجرس أثناء عراكهم وتسللت رضا وفتحت له.
ملحقًا بيد شكري المحلقة بالهواء قبل أن تمس بجابـر وقام على الفور بـ لويها وجعلها خلف ظهر شكري متسببًا في تأوهه هامسًا له بتلك الكلمات والتي لم تعجز عن بث وزرع الخوف بل الرعب إليه.
«ولما أكسرلك أيدك اللي فرحان وبتتفشخر بيها دي هتبقى مبسوط، الراجل اللي أنت شتمته ورفعت أيدك وكنت هتضربه ده أبويـا، عارف يعني إيه أبويــا!! يعني مستحملش أن حد يلمس منه شعره، تفتكر أي واحد مكاني يشوف أبوه كان هيضرب هيسكت ويسيب اللي كان هيعمل فيه كدة، تحب دلوقتي امسخرك وأقل منك، مش تحترم نفسك كدة وتخليك محترم بدل ما أنت جايب قلة القيمة والتهزيق لنفسك وأنت في السن ده….»
ارتكز بصر “جهاد” عليه لم تستطع نزع أو تحريك عينيها عنه، تعشق ذلك الجانب به من حنان، إحتواء، وأهتمام وحب كبير لأهله.
حنان، إحتواء، أهتمام، وحب تفتقدهم، لا تنسى دفاعه المستميت عن أخيه بلقائهم الأول، والآن يفعل المثل مع والده يدافع عنه ويحميه بل قد يصل الأمر إلى فدائه بروحه.
أغمضت عينيها تشعر بوخزة موضع قلبها وهي تتساءل العديد والعديد من «لما»…
لما لا يهتم والدها بهم بهذا الشكل!!!!!
لما لا يحتويهم ويشعرهم بوجوده!!!
لما يجعل الغريب يأخذ دوره ويأخذ هو محل الغريب وتتبادل الأدوار…
لم تجد أي أجابات لأسئلتها بالوقت الراهن.
فتحت عينيها مبصرة والدها والذي تراجع وظهر عليه التوتر والخوف من هيئة ونظرات صابـر المريبة والمرعبة بالنسبة لـه.
ابتلع شكري ريقه وهو يدافع عن نفسه مشيرًا نحو جابر يخبره:
-أبوك هو اللي جاي يتهجم عليا في بيتي.
ارتفع حاجبي جابـر وصاح بتذمر:
-يا سلام وأنا مجنون بقى هتهجم عليك كدة مني لنفسي، ده أنا جايلك لحد عندك علشان اعتذرلك عن اللي آسـر عمله وأتكلم معاك بالحُسنى بس واضح أن حتى الكلام خسارة فيك هو أنا مش قولتلك أني شديت ود آسـر علشان ضربك.
خطف شكري نظرة نحو صابـر الجامد فارض هيبته وقوته من حوله مسببًا في إرباك شكري:
-آه قولت.
هز جابـر رأسه وهو يناظر آسـر قائلًا:
-أنا بقى دلوقتي هـبوسه على عملته دي خد بوسة ياض يا آسـر تسلم أيدك يـــاض ويخليلك عضلاتك يتربوا في عزك إن شاء الله.
وبالفعل قام بوضع قبلة على وجنتيه مما جعل شكري يستشاط فصاح يشهد صابـر عليه:
-طب شايف يرضيك كدة!!!! بقى ده بذمتك ينفع، دي أصول؟!
وقبل أن يعلق صابـر صاح آسـر به يدافع عن الفتيات:
-أنت واحد بيضرب وبيمد أيده على بناته أنت آخر واحد تكلم عن الأصول، الأصول دي أنت متعرفهاش ولا شميت ريحتها.
أعجب جابـر بحديث آسـر فطالعه من جديد مغمغم:
-أنت إيه حكايتك النهاردة بتقول دُرر خد بوسة تاني يـاض.
قام بتقبيله من جديد على مرأى من الجميع.
كز شكري على أسنانه وقال مصوبًا حديثه لصابـر:
-عجبك اللي بيحصل ده بقى أنا حتة عيل من دور عيالي يهزقني كدة قول حاجة يا أستاذ.
أجاب آسـر من جديد بغضب وتذمر:
-العيل ده أرجل منك على الأقل عُمري ما أفكر امد أيدي على واحدة أنا مش ناقص زيك وبطلع نقصي على غيري.
ازداد إنبهار جابـر به فسارع باحتضانه قائلًا بعدم تصديق:
-لا ده أنت ترجعلي قلبي اللي سرقته ده يا حرامي إيـه الواد الحلاوة دي.
بادله آسـر حضنه وقبل أن يتحدث شكري وينطق بأي شيء تحدث صابـر كي ينهي ما يحدث الآن خاطفًا نظرة سريعة نحو الفتيات لتحظى جهاد بنظرة مطولة مقارنة بالبقية متذكرًا حديث آسـر ويوسف وأنها كانت إحدى ضحاياه بالأمس:
-اسمع بقى يا اسمك إيه أنا كلامي بقوله مرة واحدة بس، كلامي مبيتكررش، لو سمعت أنك رفعت أيدك على واحدة فيهم مش هقولك أنا هعمل فيك إيه، هسيبك تتفاجئ ومتفتكرش أنك لو عملت ده أنا مش هعرف لا هعرف وساعتها مش هسكت والله ما هسكت.
أنهى صابر حديثه مربتًا بكفه على ذراع شكري وهو ينظر داخل عينيه بتوعد جعل شكري يرتعب ويرتبك للغاية.
تحرك جابر كي يغادر وهو يطالعه بوعيد هو الآخر مقلدًا لصابـر.
تنهد صابـر وقبل ذهابه لم ينسى خطف نظرة نحوها فلا يغيب عنه حالتها.
فهي تلك المرة كانت مختلفة، منطفئة وهو لم يعهدها هكذا.
ومع تحرك آسـر ورغمًا عنه هو الآخر وبدون أن يشعر نظر لضياء بجانب عينيه فوجدها تبصره وما أن تقابلت عينيهم بذلك اللقاء القصير حتى تحاشته وأخفضت بصرها عنه.
~~~~♡♡♡♡~~~~
يقود ياسين سيارته بجنون ذاهبًا باتجاه منزل ياسمين.
طامحًا بل طامعًا في إخراج ذلك الغضب المتواجد بداخله وبالطبع لن يكون هناك من أفضل منها.
متوعدًا بينه وبين نفسه بأن يجعلها تدفع ثمن فعلتها غاليًا فما حدث لن يمر مرور الكرام وسيبدأ بها طالما هي الأضعف.
لن يكون “ياسين” إذا لم يجعلها تتوسله و تطلب الغفران منـه.
ولكن لن يكون هناك غفران أو رحمـة.
أما عن وســام فـ دوره لم يأتي بعـد ولكنه قادم لا محـال.
وصل بعد دقائق وصف سيارته ثم تحرك ودخل البناية التي تمكث بها.
ضغط على زر المصعد يطلبه ولكن لم يتحمل الإنتظار ومن سوء حظها أنها لم تكن بدور عالي بل كانت تمكث بالدور الرابع.
اندفع نحو الدرجات ثم صعدها جميعًا حتى وصل أمام باب شقتها..
قرع الجرس بيد وباليد الأخرى كان يضرب على الباب بقوة…
انتفضت ياسمين الواقفة بمنتصف غرفة نومها تستعد للهبوط على صوت تلك الطرقات.
تحركت من مكانها وهي تصيح بغضب بالطارق:
-طيب يا اللي بتخبط يــــــوه هو أنا واقفة ورا الباب ما تصبر الله !!!!
دنت من الباب ونظرت من العين السحرية كي تعرف هوية الطارق.
وجدته “ياسين” لتدرك بأنه قد عرف من زوجته ما فعلته.
زين وجهها بسمة جانبية ولم تتردد بفتح الباب لـه وليتهـا لم تفعل.
فقد قابلت بوجهها طوفان من الغضب.
غضب لم ولن ترى مثله مجددًا بحياتها.
لم يتمهل ورفع يده يمسكها من خصلاتها يجذبها لداخل المنزل مغلقًا الباب من خلفه ولسانه يطلق العديد والعديد من الشتائم.
ابتلعت ريقها ورفعت يدها تمسك بيده التي تمسك بها وتتسبب في شعورها بالألم متحدثة بتشنج وانفعال من هجومه المباغت القوي.
-في إيــه أنت اتجننت يا ياسين!!
دفعها لتسقط أرضًا مكررًا كلماتها بطريقة ساخرة:
-اتجننت!!!!هو أنتي لسة شوفتي جنان الجنان لسة مجاش وقته بس متستعجليش..
وقعت عينيها على يده التي تتسلل إلى حزام سرواله مما صدمها من رد فعله التي لم تتوقعها أو تحسب حسابها بالمرة!!
توقعت أن يصرخ، يتشاجر معها لكن ما يفعله الآن لا يسمى سوى جنـون!!!!
-أنت بتعمل إيـــــه أنت اتجننت بجد، أنت هتضربني بالحزام!!!!!!!!
وأثناء خلعه له ردد بذات الطريقة الساخرة والأعين التي تعكس الجحيم القادم على يده:
-مش قولتلك الجنان لسة مجاش ده ولا حاجة في اللي هعمله فيكي بقى تعملي فيا أنا كدة !!!!!!! بتضربيني على قفايا و بتلعبي من ورايا، رايحة تبعتي صورنا لريهام وتتصوري في الشقة وتبعتلها عملتي كدة ليه انطقي ما أنتي مش عبيطة وعارفة أني أكيد هعرف.
-عشان أربيك مش نسيالك زمان من قبل ما تعرفها وتجوزها لما قولتلك نتجوز وأنت مرضتش تجوزني، فاكر ساعتها قولتلي إيه ضحكت واتريقت أني بطلب منك نتجوز كأن مش من حقي أحب وأتجوز زي أي واحدة……..فيها إيه يميزها ويخليها أحسن مني عشان تختارها و تتجوزها وتعيشها في بيت زي اللي عايشة فيه!! ليه أنا مش مكانها ليه متجوزتكش وعشت معاك فيه، أيوة يا ياسين بعتلها وأنا عارفة أنك هتعرف بس أنا مش فارق معايا تعرف ولا متعرفش كدة كدة مش هتجوزني المهم أني بعتلها وعرفتها بعلاقتنا.
كلماتها كل حرف نطقت به كان يزيد من حالته سوءًا ويضاعف غضبه انتظرها حتى انتهت ثم انتشل الحزام عن خصره ولفه حول يده ثم مال نحوها مستندًا على ركبته اليمنى ممسكًا بها من خصلاتها من جديد يقرب أذنيها من فمه يهمس لها بنبرة أتى بها من أعماق الجحيم:
-تبقي عبيطة لو فاكرة أني مميزك أو أنك حاجة علشان بخونها معاكي مش أنتي لوحدك اللي في حياتي، في فحياتي غيرك و زيك كتير أوي بس اللي هعمله فيكي دلوقتي هيمزك فعلًا عندي، خلاص حريتك انتهت ومش هتشوفي الشارع تاني ودلوقتي هرنك علقة محترمة، علقة موت زي ما بيقولوا بس متخافيش مش هتموتي في أيدي أنا هعالجك وهسيب جروحك تلم وبعد ما تلم هرنك العلقة تاني وبعدين اسيبك تخفي وبعدين هضربك تاني وهكذا إلى ما لانهاية وكدة كدة أنتي ملكيش حد يسأل فيكي ولا يدور ورايا ده أنا حتى لو قتلتك محدش هيعرف، بس أنا مش هقتلك أنا هعذبك على نار هادية.
ابتعد عنها يناظر عيونها التي تنطق بكل شيء من خوف ورعب مما تجهله وبانتظارها.
هزت رأسها تنفي حديثه لا تصدق بأنه سيفعل ما قاله:
-أنت أكيد بتهزر صح أنت عايز تخوفني بس صح؟
ابتسم لها ابتسامة شيطانية متلذذًا ويغذي قوته من الرعب الذي يتدفق من عينيها:
-أنا مش عيل عشان اهزر معاكي أنا راجل وقد كل حرف بقوله وهتشوفي بعينك دلوقتي.
أنهى حديثه وهو يربت بيده على خصلاتها متمتم بسخرية مخيفة:
-اربطي حزام الأمان فالطائرة على وشك الإقـلاع………
~~~~♡♡♡♡~~~~
-في إيـه يا محمد قولنا مالك شكلك زعلان والزعل باين عليك جدًا على فكرة، متكتمش جواك وفضفض.
نطق “يوسف” كلماته يلقيها على مسمع من محمد وأحمد.
ناظر محمد الاثنان ثم أجاب على استفسار يوسف باسمها:
-إســلام.
لاح التفكير على وجه أحمد وهو يسأله:
-مالها إسلام.
-طلبت منها نتقابل ونتكلم، قررت أصارحها وأقولها كل حاجة ومكدبش عليها من تاني ونفتح صفحة جديدة لأني مبقتش قادر أتحمل القلق والخوف اللي بعيشه في كل لحظة وثانية، كنت بخاف تعرف قبل ما أنا أصارحها بكل حاجة وأقولها مبرراتي والدافع ورا كل ده، بس مع الأسف.
اعترى الفضول يوسف وطرح سؤاله يمنحه كامل أهتمامه وتركيزه:
-مع الأسف إيـه! إيـه اللي حصل.
-طلعت عارفة يا يوسف عارفة أني كداب وعارفة كل حاجة وساكتة، شكلي كان وحش أوي قدامها، وقت ما قالتلي أنها عارفة كل حاجة اتمنيت الأرض تنشق وتبلعني واختفي تمامًا عن وجه الأرض.
تحركت عين أحمد على الاثنان محركًا جسده ببطء شديد كي يعود ممددًا وأثناء محاولته للتمدد للهرب من محمد، اعترى الانزعاج يوسف وصاح بتفكير:
-طب وهي عرفت منين أصلًا!!!
-مش عارف مسألتهاش ومش مهتم أعرف.
وقعت عين محمد أثناء جوابه على سؤال يوسف على أحمد والذي كان لا يزال يتسلل بجسده أسفل الغطاء.
وما أن انتبه لنظرات محمد المُسلطة عليه حتى سارع بالتهرب من عيونه منتشلًا الغطاء يخفي به وجهـه المكشوف لهما.
ضاقـت عين محمد وتقدم عدة خطوات من أحمد حتى بات واقفًا فوق رأسه.
شعر أحمد باقترابه فابتلع ريقه تزامنًا مع إلقاء محمد لسؤاله:
-أنت مش كـــدة!!!! قول متخافش مش هعملك حاجة هي كدة كدة بايظة خلاص ومش هستفاد حاجة لو فكرت أهوب منك.
أجابه ولا يزال يخفي نفسه أسفل الغطاء متمتم بعدم فهم زائف:
-أنا إيـه مش فاهم، أرجو منك عدم الشرح لأني شخص مريض مطعون مغدور به من قِبل الناس والزمان ويحتاج إلى الراحة الآن إذ أمكن.
اقترب يوسف هو الآخر وهو يؤكد:
-صح مفيش غير أحمد أكيد هو اللي قالها.
هنا نزع أحمد الغطاء عن رأسه فقط، مدافعًا عن نفسه:
-أنا مقولتلهاش حاجة، عارفين رضا أختهم الصغيرة أهي هي دي منبع المصايب جرجرتني في الكلام ومن غير ما أقصد قولتلها أنك ابن عمي وأن جدنا سلطان زمان كان على قده بس الزهر لعب معاه و ورث واحد قريبه غني فـ اغتنينا فهي عرفت أنك كدبت عليهم فـراحت قالت لروضة وهي بقى اللي قالت لـ إسلام.
عقب انتهائه عاد خافيًا وجهه، وبتلقائية سأله يوسف:
-طب وأنت عرفت منين التفاصيل دي كلها!!!! أنت عايش معاهم!
أجاب عليه وهو يعيد نزع الغطاء:
-هنهزر!! أكيد معرفتش لوحدي مبشمش على ضهر أيدي أنا.
جاء السؤال من محمد تلك المرة يسأله بنفاذ صبر:
-أومـال عرفت منين يا أستاذ أحمد بيـه.
ابتسم أحمد له وهو يخبره ببساطة:
-من جهـاد أفـكورس.
-جهاد هي الحكاية فيها جهاد كمان!!! ده كله عارف بقى ده أنا مفضوح من زمان أوي وأنا معرفش!! إلحقني يا يوسف حاسس أن هيجرالي حاجة.
هنا واتسعت عين يوسف واقترب من أحمد لا يبالي بـ محمد بالوقت الحالي مصوبًا سؤاله لـ أحمد بلهفة وخوف:
-طب وأنا إيه! برق تعرف عني كل حاجة برضو!!!!
-لا طبعًا، أينعم جهاد عارفة بحكايتك بس معتقدش أنها قالتها متقلقش أنا مأكد عليها وهي قالتلي عيب عليا، فـ أنا عيب عليا أفكر في كدة..
عض يوسف على شفتاه ولم يعد بإمكانه الحديث على يقين بأنها قد باتت تدرك بأمره.
بعد ثواني من استيعابه هز رأسه بتفهم وهو يتذكر ذلك اللقاء بالبناية عندما أخبرته بعكس ما ترغب به وما يتناقض مع حديث أحمد حول صفات فتى أحلامها:
-أنا كدة فهمت خلاص.
سأله أحمد بفضول:
-فهمت إيه يا يوسف فهمني معاك علشان أنا لسة مفهمتش.
كز على أسنانه وهو يجيب بعصبية طفيفة:
-وهي دي محتاجة شرح أنت لسة مفهمتش كل ده أنها عرفت علشان كدة لما اتكلمت معاها قالتلي مواصفات عكس المواصفات اللي بتحلم بيها!!!!!!!!! أنا روحت في داهية أنا شكلي بقى وحش أوي قدامها وياريته وحش بس ده عبيط وأهبل كمان.
~~~~♡♡♡♡~~~~
استقل “جابـر” سيارته عقب هبوطه من البنايـة منطلقًا بطريقه نحو المستشفى، أما عن آسر فقد استقل السيارة مع صابـر جالسًا بجواره.
مستندًا برأسه على المقعد من خلفه وبالتأكيد يفكر بها!!!
وفيما عانتـه مع أب كهذا وبتلك العقلية!!!!
شعر بالإختناق والأستحقار من نفسه ومما كان يفعله معهـا.
نادمًا وبقوة، متعهـدًا، قاطعـًا وعد بينه وبين نفسه بألا يعترض طريقها أو يضايقها مرة أخرى فهي لديها ما يكفيها.
كما أنـه لا يراهـا تستحق التلاعب بها.
أو بالحقيقة لا تستحق أي فتاة أن يتلاعب بقلبها ومشاعرها فلكل واحدة حياة وجزء مخفي عن الجميع لا يدركه إلا الله.
فتح النافذة وأغمض عينيه يستنشق هذا الهواء البارد سامحًا له أن يلفح بشرته.
حرك صابـر عيناه يبصره، ثم خرج صوته يسأله بهدوء زاده جاذبية:
-هترجع البيت أمتى؟
فتح آسـر جفونه ثم حرك رأسه لتصبح باتجاه صابر ينظر إليه بنظرات فاقدة للشغف وللحياة:
-ممشتش منه بمزاجي علشان تسألني سؤال زي ده كأن أنا كنت عايز كدة، بتسأل الشخص الغلط على فكرة.
-بالعكس بسأل سؤالي للشخص الصح، أوعى تفكر أن عمي عابد قسي عليك أو أنه مبيحبكش تبقى عبيط لو فكرت كدة أو عقلك صورلك ده، عمي مش عجبه حالك ولا أي حد يعجبه حالك أنت وقُصي.
أماء آسر برأسه يوافق على حديثه، هاتفًا بتأكيد:
-أنا معاك في اللي بتقوله وجدًا على فكرة، لو أنا مكان بابا وعندي ولد بأخلاقي دي مكنش هيعجبني برضو، بس في حاجة بسيطة أنت مش واخد بالك منها.
تساءل صابـر وهو يتابع قيادته:
-إيـه هي الحاجة دي!
-في فرق بين أنه يكون مش عجبه حالي وعايز حالي ده ينصلح، وبين أنه ميصدقنيش، أنا أكتر حاجة وجعتني يوم ما طردني مش حوار الطرد لا، حوار أنه مفيش ثقة في ابنه وأنه صدق يارا وأمها وأني عملت كدة بجد ودخلت بيتهم واتلاعبت بيها وبـ أمها مهما كنت وحش يا صابـر مش هتوصل وقاحتي وبجاحتي أني اعمل كدة، أنا كنت واضح وصريح معاها من الأول وعُمري ما دخلتلها بيت ولا شوفت أمها قبل كدة.
التقط نفسًا طويلًا ثم حرره وهو يضيف بشرود:
-كان نفسي يصدقني ويقولها لا ابني ميعملش كدة، بس….
قاطعه صابـر يدافع عن عمـه:
-بس إيه يا آسـر أنت تعبان في دماغك!!! يصدقك إزاي وهو عارف أنك خاربها وكل شوية تصاحب دي وتسيب دي!!! إزاي يجي في تفكيره أن أم البنت دي بتكدب، أي حد مكانه كان طبيعي هيصدق الست.
انفعل آسـر وصاح بعصبية من تكذيب والده له:
-بس هو مش أي حد ده أبويا، مهما كان فيا عيوب وبلاوي المفروض أنه أكتر واحد يبقى عارف ابنه، يبقى عارف إيه أخرى وإيه حدودي اللي مستحيل اتخطاها، بس هو معملش ده، طردني طرده الكلاب ومسألش فيا مرفعش عليا سماعة تليفون من ساعة ما مشيت مطمنش عليا، قولي لما أقرب حد ليك ميصدقكش ويصدق الغريب المفروض إحساسك يبقى إيه ها؟؟ هقولك أنا يا صابـر بيبقى إحساس مش قادر توصفه ولا بتبقى قادر من جواك تتحمله.
-أنت دور الضحية هو دورك المفضل ولا إيه؟ أنا شايف أنك متحامل على عمي أوي، علشان أنت مش إمام جامع يا آسـر ده أنت بتاع نسـوان.
طالعه آسـر بإستنكار واستهزاء من كلماته القاسية.
التقط صابـر نظراته فصاح به:
-متبصليش كدة أنت عارف أني مبعرفش ازوق الكلام ولا أجمله، وأنت فعلًا متحامل على عمي أينعـم متوصلش للطرد بس عادي يصدق اللي أتقال في حقك.
مسح آسـر على وجهه ثم قال:
-خلاص هتوب هكره صنفهم علشان ترتاحوا، المهم قولي أنت بقى إيـه اللي جابك تقعد مع يوسف ما أكيد جابر جبوري مطردكش يبقى إيـه اللي جرا بقى وجيت ليه تقعد معانا؟
وبكل صراحة أجابه صابـر:
-جيت عشانكـم، عشانك وعشان يوسف وعشان أحمد، حتى محمد.
جدك سلطان اللي بعتني، أنتوا فاكرين أنه مستغني عنكم ولا حتى ناسيكم وميعرفش عنكم حاجة!! تبقوا هبل أوي.
~~~~♡♡♡♡~~~~
حل المسـاء و رحل الجميع، لم يتبقى مع أحمد سوى صابـر وآسـر.
آسـر الذي لم ينجو من النظرات القاتلة الذي يصوبها صابـر تجاهه بعدما رفض الرحيل مع البقية.
لم يستمر كتمان غيظه كثيرًا وهتف معبرًا عن غيرته التي تلتهمه تدريجيًا.
-أنت إيـه اللي مقعدك ما تقوم تروح!
هز آسـر كتفيه رافضًا للرحيل:
-لا مش هروح قاعد معاكم النهاردة، لو عايز أنت تروح وتريحلك شوية روح أنا موجود مع أحمد مش هسيبه.
وبإندفاع صاح صابـر به:
-ومتسيبهوش ليه يعني وبعدين هو أنا مش عجبك مش مالي عينك اللي هخزقهم دول بعون الله.
زفر آسـر بضجر قائلًا بنفاذ صبر:
-أنت بتقول شكل للبيع!!! هو أنا جيت جمبك دلوقتي ابن عمي وابن خالتي وعايز اقعد معاه في محنته وشدته وأيام طعنته، مالك أنت بقى!!!
-مالي إزاي يعني مش أخويا؟؟ توأمي!! وإيه يعني ابن عمك وابن خالتك مش مبرر برضو لقعدتك ولزقتك دي، ما تقوم تغور بقى بدل ما أبطحك بحاجة أعملك عاهة مستديمة.
كان الاثنان يتشاجران، أما أحمد لم يكن معهم كان ينتابه حالة من الشرود غريبة، يشعر برغبة كبيرة في الأطمئنان عليها، فهي وبدون سابق إنذار هاجمت واقتحمت تفكيره، شغلته بها وجعلته يتساءل عن حالتها الآن بعد معرفته بتعرضها للضرب على يد والدها.
بتلك اللحظة لم يأتي بباله سوى جهاد…
التقط هاتفه الذي تم وضعه بجواره ومن حين لآخر يستخدمه ويعبث به.
جاء برقم جهاد ثم اتصل عليها.
آتاه الرد سريعًا من جانبها مما جعله يردد جاذبًا أنظار صابـر وآسـر إليه.
«مساء الخير أخت جهاد، كيف حالك وأحوالك أتمنى أن تكوني بخير.»
أكدت جهاد هذا قائلة بهدوء لم يعتاد عليه:
«الحمدلله بخير، أنت أزيك دلوقتي طمنا عليك.»
صمت لوهلة ثم أجابها تحت أنظار صابـر:
«الحمدلله، أنا متصل اطمن عليكم آسـر ويوسف قالولي اللي حصل فحبيت أتصل اطمن عليكم، أنتي كويسة أكيد؟»
ومن جديد أجابته بهدوء:
«أيوة الحمدلله.»
«يارب دايمًا طيب و….روضة!! عاملة إيه هي كمان ممكن اكلمها لو صاحية وفاضية ومش هعطلها.»
«ثواني..»
ردت عليه بذات النبرة والتي لم تكن هدوء مثلما ظن بالبداية بل كان إنكسارًا…..
فارقت جهاد غرفتها ودخلت الغرفة الخاصة بـروضة وضياء.
أبصرت روضة وقالت وهي تمد يدها لها بالهاتف:
-أحمد بيسأل عليكي وعايز يكلمك.
اندهشت روضة ولوهلة لم تستوعب أو تصدق بأنه هو من يتواجد على الهاتف يرغب بمحادثتها بل والأطمئنان عليها.
أخذت الهاتف منها مما جعل خفقات قلبها تتعالى رغمًا عنها وتحشرج صوتها.
سعلت قليلًا قبل أن تجيبه ثم وضعت الهاتف على أذنيها و ردت عليه:
-السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وصل إليه صوتها مما جعل البسمة تعلو شفتيه، قائلًا:
-أزيك عاملة إيه دلوقتي يارب تكوني بخير.
-الحمدلله بخير والله.
-أنا قلقت عليكي بصراحة وقولت ميصحش تيجي تزوريني وأنا متصلش اطمن عليكي، آه اترددت في الأول وأقعدت أفكر اتصل ولا متصلش بس الحمدلله أني اتصلت وسمعت صوتك.
اتسعت بسمة آسر وسارع بالاقتراب منه والجلوس أمامه يراقبه أثناء حديثه معها.
انتبه أحمد إليه وتبادل معه النظرات مما جعل بسمته تتبخر وهو يحاول تصحيح كلماته الأخيرة الذي تفوه بها:
-أقصد يعني اطمنت عليكي لو في أي حاجة حصلت معاكم تاني و والدك فكر يهوب من حد فيكم اديني رنة بس ولو معكيش رصيد ابعتيلي كلمني شكرًا…
كتم آسـر ضحكته ثم همس له بكلمات لم تصل إليها :
-إيه النتانة اللي بتكلمها فيها دي ما أنت كنت ماشي كويس، إيه اللي اديني رنة أو كلمني شكرًا يا سيدي كلمتك العفو…
تملكته حالة من الحرج والتوتر بفضل كلمات آسـر وقلق من أن تفهمه روضة بشكل خاطئ، فصاح راغبًا في إبعاد أي تفكير خاطئ في حقه:
-آنسة ضياء أخبارها إيه هي كمان والمذاكرة عاملة إيه معاكم؟
أجابته روضة وهي تناظر ضياء التي انتبهت إليها بفضل نظراتها التي باتت مصوبة عليها كليًا:
-الحمدلله قاعدة قدامي بتذاكر أهي.
وبتلقائية شديـدة أخبرها:
-طب اديني اسلم عليها واطمن عليها هي كمان، ما هي كمان زارتني و وجبت معايا.
وبالفعل مدت روضة الهاتف نحو ضياء تخبرها:
-خدي كلمي.
أخذت ضياء الهاتف والدهشة تعتريها كليًا من مطالبته للحديث معها.
فهي بالحقيقة تضع الكتب أمامها ومن يراها قد يظن بأنها منشغلة بالمذاكرة ولكن ذهنها مع طـارق المتغيب تمامًا ولم يهاتفها مرة أخرى حتى الآن ولو مكالمة واحدة مطالبًا بالنقود.
قطبت حاجبيها وصوتها يصل إليه:
«ألــو.»
أجاب أحمد عليها في ذات اللحظة الذي دنا منه آسـر حتى بات بجواره يكاد يلتصق به واضعًا أذنيه بجوار الهاتف ينصت إلى صوتها:
«أزيك يا آنسة ضياء يارب تكوني بخير.»
«الحمدلله بخير يارب أنت اللي تكون بخير، عامل إيه دلوقتي بقيت أحسن.»
رد عليها وهو يشعر بالضيق من آسـر وقبل أن يجيب عليها أبعد الهاتف وهو يهمس له:
-في إيـه ما تقعد على حجري أحسن مينفعش قعدتك بعيد عني كدة، وسع بقى ده أنت لزقة.
انهى كلماته التي لم تأثر بالآخر معلقًا على كلماتها يطمئنها عليه:
«أحسن بكثير عن الأول وده بفضل وكرم من الله عز وجل.»
«طيب الحمدلله مبسوطة أنك بخير…..»
لم ينصت أحمد إلى باقي كلماتها المعتادة والمجاملة بتلك الأوقات، مبعدًا الهاتف يحدث آسـر بهمس:
-أنت في إيه النهاردة طمعان في السرير طيب أقوم واسيبهولك!! أقولك قوم أمشي، صابر مشيه بليز..
رد عليه آسـر بأحتجاج هامس:
-هو أنا كلمتك ولا فتحت بوقي، اتقي الله، وبعدين بتكلم البنات أنت ليـه ها!! وفي الآخر تقولوا آسـر هو اللي بتاع بنات صحيح ياما تحت السواهي دواهي واللي تفتكره أحمد يطلع آسر.
عقد أحمد حاجبيه متناسي أمر الهاتف يسأله:
-إيه اللي تفتكره أحمد يطلع آسـر ده مثل جديد في السوق ده!!!
ابتسم صابر الصامت حتى الآن يشاهد فقط. ما يحدث، مقتربًا من آسر وهو يجيب أحمد:
-لا ده زي اللي تفتكره موسى يطلع فرعون… شوف المكالمة اللي معاك بس وانجز أنا ساكت كل ده وماسك لساني احترامًا وتقديرًا لمكالمتك.
تذكر أحمد أمر ضياء فسارع بالإيجاب عليها معتذرًا منهيًا تلك المحادثة سريعًا، أما عن صابـر فوقف قبالة آسر مغمغم:
-هعد لحد تلاتة لو مختفتش وسبت الأوضة دي هلعب البخت في وشك وهخليك مش نافع و……
قاطعه آسـر هاتفًا بمرح:
-لو فاكر أني باجي بالتهديد تبقى أنت على حق وصح الصح، أنا ماشي هروح أخد شاور واكل وأنام واتغطى أنا غلطان أني قاعد معاكم أصلًا اتفو عليك أنت بس أحمد حبيبي حبيبي……
ركض مع نطقه كلماته الأخيرة مما جعل أحمد يبتسم وهو يردد أثناء رحيله:
-وأنت كمان حبيبي حبيبي…
طالعه صابـر بتلك اللحظة مما جعله يتابع:
-متجيش هنا تاني بقى، مجيئك غير مرغوب به.
بعد دقائق خرج سؤال صابـر مباغتًا لـ أحمد، حيث قال بهدوء مترقب لرد فعله:
-بتحبها!!
رد بعفوية وعدم فهم:
-هي مين دي اللي بحبها!
-روضة أخت جهاد!!!
ابتسم أحمد ونفى سريعًا:
-لا طبعًا مفيش الكلام ده، أنا بس بعزها أوي بصراحة وكنت قلقان عليها من ساعة ما سمعت أنها أضربت.
التزم صابـر الصمت لثواني ثم قال بنبرة حاسمة:
-يبقى لسة هتحبها.
-أنت مصمم ليه صدقني روضة عزيزة عليا جدًا بس مش المعزة اللي في دماغك، دي زي زهر بالنسبالي مستحيل يبقى في بينا حاجة.
ابتسم صابـر مجيبًا بتحدي:
-هنشوف الأيام وما بينا.
~~~~♡♡♡♡~~~~
يجلس “يوسف” بالمقعد المجاور لـ محمد والذي كان يقود سيارته وفي طريقه للعودة إلى المنزل…
فقد قرر يوسف اليوم أن ينام بمنزل عائلة والدته وقبل مغادرته المستشفى ترك المفتاح مع آسـر وأخبره بأمر نومه في منزل الحلواني.
وصل محمد وصف السيارة..
ورغم إيقافه للسيارة إلا أن الاثنان لم يتحركا وظلا كما هما فقد علما من آسـر اليوم أمر معرفة جدهم لكل شيء يخصهم وكذلك كشف الفتيات لحقيقتهم.
وبعد مرور دقائق معدودة من جلستهم الصامتة تلك.
أبصر الاثنان بعضهما البعض في ذات اللحظة.
فكان محمد أول من يقطع ذلك الصمت قائلًا:
-هي كدة كدة خربانة من كله صح؟
أكد يوسف وهو يهز رأسه بهدوء:
-صح الصح، أنا خدت قرار…
ضيق محمد عيناه وقال هو الآخر:
-وأنا كمان خدت قرار.
وبشك سأله يوسف:
-أوعى يكون قرارك هو هو نفس قراري؟
ارتفع حاجب محمد وقال بشك هو الآخر:
-وليه متقولش أنك قرارك أنت هو هو نفس قراري أنا، وبعدين أنا اللي اتكلمت الأول وقولتلك كدة كدة هي خربانة.
-طب إيه هو قرارك، قوله كدة؟ يمكن ميطلعش هو هو ونطلع سيئين الظن زي بعض.
هكذا تفوه يوسف فصاح محمد معقبًا وجسده يتأهب للهبوط والترجل من السيارة:
-دلوقتي هنعرف.
لاحق حديثه هبوطه من السيارة، مندفعًا بخطوات شبه راكضة نحو المنزل…
استوعب يوسف فعلته وفهم ما يوشك على فعله وتأكد بأن قرارهم واحد.
هبط على الفور وركض بسرعة البرق يلحق به.
وقبل أن يغلق محمد الباب في وجهه مسك به يوسف وقام بدفعه بخفه.
تركه محمد وقابل بوجهه عمه أشرف فسارع بسؤاله:
-جدو فين يا عمي.
طالعهم أشرف بدهشة وتفاجئ وسعد في ذات الوقت من قدوم ابنه يوسف وقبل أن يمنحه أشرف جوابًا هتف يوسف:
-متقولوش يا بابا، تعالى وشوشني أنا وقولي أنا بس.
تساءل أشرف بتعجب:
-هو في إيه بضبط مالكم!!
لم يجاوبه أي من الاثنان واتجها نحو الدرجات يركض كل منهما يحاول سباق الآخر..
وصل محمد أولًا أمام غرفة سلطان، وضع يده على المقبض ورفع يده كي يطرق عليه ويطلب أذن بالدخول..
ولكن مجئ يوسف و وضعه ليده فوق يد محمد محاولًا منعه، متحدث بتذمر طفولي يماثل أفعالهم الصبيانية:
-أنا اللي هتكلم معاه الأول وسع كدة.
-لا مش وسع أنا اللي وصلت الأول وهتكلم معاه الأول.
وأثناء شجارهم على من يتحدث أولًا معه انفتح الباب منهم على حين غرة وفقد الاثنان توازنهما وسقطا أرضًا.
أصدر يوسف تأوهًا بينما وقعت عين محمد على تلك الأقدام أمامهم.
رفع عيناه ليبصر سلطان ودلال.
والتي سرعان ما هتفت:
-يقطعكم خضتوني و فكرتوني بجابر وعابد زمان وهما صغيرين.
ثم نظرت لزوجها تسأله:
-فاكر يا سلطان لما فتحوا عليك باب الحمام زمان وأنت بتلبي نداء الطبيعة.
أكد سلطان تذكره قائلًا:
-فاكر وهي دي حاجة تتنسي..
ثبت نظراته على محمد ثم حرك بؤبؤ عينيه ونظر نحو يوسف، يستفسر منهم:
-في إيه أنت وهو و إيه الدخلة دي حد يدخل على جده وسته كدة!!!
-أحنا أسفين يا جدو.
هكذا نطق الاثنان معًا وبنفس واحد.
سبق محمد يوسف وقال يطلب منه:
-جدو أنا عايز اتكلم معاك على إنفراد ممكن؟
رفض يوسف تلك الفكرة وصاح معترضًا:
-لا يا جدو أنا اللي عايز أتكلم معاك على إنفراد ممكن؟
-متقلدنيش لو سمحت.
-أنت اللي متقلدنيش لو سمحت.
صاح بهم سلطان هاتفًا بخشونة:
-انجزوا أنتوا الاتنين وقولوا عايزين إيــه.
ومن جديد وفي ذات اللحظة نطق الاثنان بمطلبهم وبنفس واحـد:
-أنا عايز
أتجــــــوز
…………..
««يتبع»»…………..
فاطمة محمد.
الفصل التالي: اضغط هنا
يتبع.. (رواية الحب كما ينبغي) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.