رواية الحب كما ينبغي – الفصل التاسع
الفصل التاسع
الحب كما ينبغي.
فاطمة محمد.
الفصل التاسع:
في اليوم التالي، كان يوسف يجلس على طاولة الإفطار كي يتناول فطاره قبل ذهابه إلى عمله مثلما طلبت منه والدته.
لكنه جلس ولم يذق الطعام وكيف يذيقه والخوف والقلق يتملكان منه وهو يدرك بتواجد عمه نضال رفقة أحمد بمفردهم ويغلقان عليهما باب حجرة المكتب.
متحدثًا مع نفسه بسره:
“ربنا يستر وميكنش بيعمل اللي في دماغي واطلع انا ظالمه، يارب يكون حفظ السر ومفتنش يارب، يارب كان يتقطع لساني قبل ما اقولك كل حاجة يا أحمد.”
في ذات الوقت وبعدما حقق أحمد شكوك يوسف وأخبر عمه بكل شيء، فتح نضال باب الحجرة وانطلق منها سريعًا قاصدًا غرفة ابنه.
وصل أمامها واقتحمها بعيون تشع غضبًا وبحثً عن ابنه الذي لم يكن يلزم الفراش بل كان يخرج من دورة المياة وبيده منشفة يمسح بها وجهه.
وبعدما رأى والده وقبل أن يتحدث ويقول أي شيء كان والده يغلق الباب بعنف يعكس ما يحدث بداخله مقتربًا من ابنه، متحدث بنبرة يغلفها الغضب والصدمة:
-بقى أنت تعمل كدة!!!! ابني أنا يعمل كدة في بنات الناس ويضحك عليهم، اش حال كنت بشتكيلك من عمك وبقولك على مصيبة من مصايبه، ملقتش غير جابر وتقلده!!!!
لم يستوعب فريد بعد ما يحدث وعما يتحدث نضال فـ اخر شيء قد يخطر بجاله أن يكون يوسف قد فشى بسره، فقال بنبرة هادئة ضاعفت من ثوران الآخر:
-في إيه يا بابا مش فاهم حاجة من حضرتك انا عملت إيه ؟؟
اقترب منه خطوه قائلًا بملامح مشمئزة من فعلته:
-عملت اللي حكتهولك عن جابر و روحت كلمت بنت على أنك آسر، طب وبعدين ناوي تعمل ايه بعد كدة؟؟ بتخدع وتضحك على مين قولي عليها ولا على نفسك يا فريد؟؟؟
طب بتحبها ولا بتتسلى، لو بتحبها وعملت كدة يبقى انت مبتحبهاش عشان اللي بيحب مبيخدعش ويوجع حبيبه وبخداعك ليها ده واللي أكيد هتكشفه سواء دلوقتي أو بعدين هتوجعها، ولو بتتسلى يبقى اتفو عليا عشان معرفتش اربيك.
أوصد فريد جفونه شاعرًا بكسره وخجل لم يعايشه من قبل، قائلًا بصوت متحشرج محاولًا تبرير ما فعله وسرده لاسبابه التي دفعته لهذا الفعل الشنيع:
-بابا أنا.
لم يرد نضال سماع صوته أو سماع أي شيء، معترفًا بما يعتريه الآن:
-متقولش حاجة عشان مش عايز اسمع صوتك، انا قرفان منك.
مع تلك الكلمات القاسية لم يتحمل فريد وانفجر باكيًا قائلًا كل ما يشعر به ويكبته بداخله:
-والله ما بتسلى ولا قصدي حاجة وحشة، بس انا علطول بتساب يا بابا، وتعبت من اني اتساب عشان تخين، كأن التخين معندوش مشاعر ولا بيحس، محدش يعرف اننا بنبقى حساسين بزيادة واي كلمة بتتقال حوالين الموضوع ده حتى لو هزار بتوجعنا وبتأثر فينا ويتسبب جوانا وجع مش بيروح وبيفضل مرافقنا، انا عملت كدة عشان نفسي أحس أني بني آدم بيتحب وبيحب.
مسح دموعه التي تسيل على وجنتيه بظهر يديه كالطفل الصغير، مضيفًا بصدق:
-انا لو واحدة كانت قبلتني بوزني و بشكلي ده مكنتش هفكر اعمل كدة، بس كل اللي قبلتهم بتوع مظاهر، أنا آسف لحضرتك واني خيبت ظنك فيا وخليتك قرفان مني بس صدقني انا قرفان من نفسي اكتر من حضرتك بكتير أوي، و اوعدك اني مش هكلمها تاني ومن هنا و رايح مش هفكر لا في حب ولا مشاعر وهفكر بعقلي وبس.
تأثر بحديثه، هيئته، ودموعه، لم يهون عليه أن يتركه ويقسى عليه، بل دنا منه أكثر واخذه لاحضانه جبرًا وهو يخبره:
-متعيطش ياض، وايه مش هفكر لا في حب ولا مشاعر دي وبتكلم كأن الموضوع بأيدك وأنت اللي بتتحكم فيه ده لو بالسهولة دي مكنش حد غلب.
أنهى كلماته مخرجًا إياه من أحضانه معانقًا وجهه، متابعًا بحنو شديد يناقض غضبه عند قدومه له:
-مش كل صوابعك زي بعضها و زي ما فيه بيهتموا بالمظاهر، فيه اللي بيهتموا بالجوهر يعني لا شكل ولا وزن و لا لون بيفرق معاهم كل اللي بيفرق معاهم الشخص ده من جواه إيه، يعني يا فرحتها بشكله وعضلاته وهو بيصبحها بعلقه ويمسيها بعلقه وبيخونها مع أي نون نسوه يقابلها.
اخذ نضال نفسًا عميقًا قبل أن يهتف براحة:
-الحمدلله اني لحقتك بدري بدري، والبنت اللي بتكلمها دي صارحها ولو بتحبك فعلا وبتحب اللي هي بتكلم معاه مش صورته هتكمل معاك، صارحها وقولها اسبابك ولو خذلتك اعرف أن ربنا شايلك الأحسن وهتقابل اللي تستاهلك وتحبك زي ما أنت عشان أنت مش وحش يا فريد وصدقني الحب ده أجمل شيء ممكن يحصل مع البني آدم.
انفرج الباب فجأة وطل منه أحمد قائلًا بتصفيق:
-عشرة على عشرة يا نضول اسمع كلام أبوك ياض يا فريد.
ضيق فريد عينيه مستمعًا لكلمات والده المصوبة إليه ويشوبها المرح:
-اه نسيت اقولك أهم حاجة تاني مرة متحكيش حاجة لـ أحمد عشان مبيتبلش في بُقه فولة.
وببسمة بلهاء ردد أحمد موضحًا لعمه:
-لا ما هو نسيت اقولك هو مقاليش أنا هو قال لـ يوسف ويوسف اللي قالي وانا جيت قولت لحضرتك بس.
لانت تعابير فريد وشعر بخيبة الأمل والخذلان نحو يوسف الذي لم يحفظ سره بل فضحه أمام أحمد الذي لن يصمت ويكتفى باخباره لوالده بل سيكون شاملًا لباقي أفراد عائلته.
***************
خرج “يوسف” من المنزل متجهًا نحو سيارته، رافعًا يده مهندمًا من وضع نظارته على عينيه مبتلعًا ريقه بتوتر، يرغب بالفرار والهروب من فريد فآخر شيء قد يريده ويتمناه بتلك اللحظة هو مواجهته بعدما فشل في صون وحفظ سره.
ولكن جاءت الرياح بما لا تشتهي السفن، وتناهى إليه صوت فريد ينادي عليه رافقه غلقه لباب المنزل من خلفه
تسمر للحظات وارتعدت فرائصه، واسرع من خطواته، متأهبًا لصعود سيارته.
وما أن نجح وجلس بمقعده خلف المقود، كان الآخر وصل ونظر إليه من خلال النافذة
ابتلع يوسف ريقه ثم فتح له النافذة مغمغم بتبرير ودافع عن ذاته:
-اقسم بالله ما كنت هحكيله ولا كنت اعرف انه هيحكي لعمي، انا منكرش اني كنت عايز احكي لعمي اللي حكتهولي بليل بس مقدرتش اعمل ده وهو طلع في وشي وقالي أنه مش هيقول لحد.
التوى ثغره ببسمة ساخرة، قائلًا تلك الكلمات التي وقعت على الآخر كدلو من الماء البارد:
-تعرف يا يوسف أنا المفروض اشكرك عشان ورتني وشك الحقيقي وعرفت إنت إيه، وعلى العموم شكرًا يا سيدي أنك صونت السر ومطلعتوش برة، واسف لنفسي عشان كنت معتبرك أكتر من اخويا مش ابني عمي وبس، بس ده المتوقع منك، واحد معندوش شخصية، بيخاف من أمه وهو في السن ده، طب أنا على الأقل مشكلتي في وزني وليها حل وهو اني اخس، إنما أنت ملكش حل وهتفضل ضعيف ودلدول لماما، وضيف الجديدة بقى وهي أنك فتان زي أحمد بضبط مفرقتش عنه حاجة.
غادر عقب القائه لكلماته القاسية والذي كان يدرك قسوتها وتعمد طرحها على مسامعها كي يتألم مثلما آلمه بطعنه بظهره.
بينما بقى يوسف مثلما هو، جامدًا، لا يرمش، ينظر باللاشيء من أمامه وكلمات فريد لا تتوقف عن التكرر على أذنيه….
ولم يخرج من تلك الحالة إلا عندما شعر بغضب لم يسبق له وشعر به مطلقًا صرخة عنيفة مكتومة، ضاربًا مقود السيارة من أمامه، متمتم بغضب ناري مكررًا حديثه عدة مرات متتالية:
“أنا مش دلدول، ومش ضعيف، وهوريكم أنا إيه…..
-أنا مش دلدول، ومش ضعيف، وهوريكم أنا إيه…..”
****************
-لا لا متقولش أنك بتحبني للدرجة دي وجاي تاخدني معاك بدل ما اتعب واسوق، معقول يا جدع بتحبني اوي كدة، حقيقي انا مصدوم، ايه ده وكمان جايبلي ورد؟! حقًا انا مصدوم.
هتف أحمد كلماته بعدما التقط بصره وسام الذي جاء بهذا الوقت الباكر.
رد وسام ينفي ما يثرثر به:
-حرف زيادة وهتبقى مضروب مش مصدوم، و ورد إيه اللي اجبهولك يا معفن، و بعدين اعدي عليك اخدك ليه هو انت نوغة، وسع كدة خليني اشوف أختك اللي هي مراتي.
ارتفع حاجبي أحمد وقال:
-تطلعلها فين لمؤاخذه هو احنا أكياس جوافة على رأي الحاج جابر على سنح و رمح؟
زفر وسام ثم عقب من بين أسنانه:
-أحمد غور من وشي بدل وربي ارمي الورد وهمسك فيك ومش هحلك غير مدغدغ.
جاء آسر الذي هبط من غرفته للتو، قائلًا بمرح:
-الله!!! أنت تاني مش لسة شايفك بليل ؟؟ هيبقى صبح وليل طب ما نشوفلك أوضة هنا وتقيم معانا.
وزع وسام انظاره على الإثنان ثم قال:
-طب ما امسك فيكم انتوا الاتنين واريح البشرية منكم.
-لا ياعم انا لسة متجوزتش ومدخلتش دنيا، اقولك ريح البشرية من أحمد، قولي جاي تشوف زهر صح؟
اسودت عينيه ودنا من آسر وهو يخفض يديه التي تحمل الورود الحمراء المفضلة لدي زهر، قائلًا بغيرة قد سيطرت عليه بعدما استمع لهذا الغليظ ينطق حروف اسمها:
-اسمها ميتقالش وميتنطقش ولو حصل تاني قول على نفسك يا رحمن يا رحيم.
ارتفع حاجبي آسر وقبل أن يتدهور ويندفع بقول أو فعل شيء كان أحمد يتدخل هامسًا له:
-إلحق ده بيهددك ياسطا، انا لو مكانك مسكتش.
-بتقوله ايه ياض أنت سمعني عشان مش سامع.
سأله وسام، فأجاب عليه أحمد:
-بقوله اتقي شر الحليم إذا غضب.
ضحك آسر عاليًا وعلق على أفعال أحمد:
-لا أنت مسخرة بجد يخربيتك، وعموما كان بيقولي مسكتش وأنه لو مكاني مش هيسكت بس مدام يا حمادة انت مش مكاني وانا مش مكانك فـ أنا هسكت وبعدين وسام ده حبيبي وبحب انكشه و زهر دي أختي ومقدر حبك وغيرتك، وبعدين لسة واقف عندك ليه مش عايزة تشوفها ولا إيه ؟
قرع جرس الباب واسرع آسر لفتحة تاركًا أحمد يعيق صعود وسام متعمدًا فعل هذا متلذذًا بما يحدث.
فتح الباب فوجد قصي صديقه المقرب فقال:
-ايه ده أنت جيت.
-اه جيت مع وسام بس كان معايا مكالمة والبت كلت وداني واضح كدة أن كل البنات رغاية، هما مالهم دول بيتخانقوا ليه.
قصد بسؤال الأخير أخيه و أحمد فرد آسر بلامبالاه:
-سيبك منهم، وقولي بت مين اللي كلت ودنك همسة ولا واحدة جديدة.
غمز له مع قوله الأخيرة، فأكد له قصي:
-لا مش همسة أنا بلكتها امبارح و دي واحدة جديدة بس إيه مقولكش، اي واحدة عرفتها قبلها كانت صفر على الشمال جمبها.
-فخور بيك ياض، انا بقى حطيت صاحبة يارا وهمسة اللي اسمها ضياء في دماغي ومش سايبها غير لما ترفع الرايه البيضا وتقول سلمت وحبيت.
-بتتكلم عن مين ياض أنت وهو، اعترف يا حيوان منك له؟؟؟
كان هذا صوت مروان الذي باغتهم بمجيئه كي يطمئن على حال حفيدته، بل وسؤاله وكأنه كان ينصت إليهم ولم ينتبهوا إليه.
رد آسر بهدوء:
-لا مفيش يا جدو متشغلش بالك.
-جدو في عينك ده انا لو مشيت جمبك في الشارع ياض هيفتكروك انت اللي جدو قال جدو قال، وانت ياض.
صوب الأخيرة لـ قصي يستفسر منه وهو يصفعه على عنقه:
-مبتسألش على جدك إياس ليه ياض ها؟
انتبه أحمد الذي يتشاحن مع وسام ومن حين لآخر يتراجع ويبدل الحديث معه يمنعه من رؤيته شقيقته، مقررًا الصعود معه، إلى جده الذي جاء بل ومن حديثه يتضح تذكره وعدم نسيانه لشيء.
دنا منهم تاركًا وسام قائلًا بطريقة مسرحية:
-ما أنت فاكر كل حاجة اهو و ممسكتش فيهم وقولت حرامية، ولا انت بتيجي عليا أنا واخويا الغلبان بس.
عقد مروان حاجبيه ومال على آسر يسأله:
-مين الحيوان ده؟؟؟ شغال هنا ولا إيه.
-نـــــعم ؟!!! حيوان وشغال في جملة واحدة حقًا لم اعد أتحمل تلك المعاملة، تعالي ياما شوفي اللي بيجرا مع ابنك ياما.
كاد يكمل صياحه لولا رؤيته لمكان وسام فارغًا.
اتسعت عينيه وهتف مهللًا:
-جايلك يا وسام الكلب، يابا، ياما، الواد بيستفرد بالبت وانتوا نايمين على ودانكم.
اتسعت عين مروان وهلل معه:
-ولسة واقف عندك يا حيوان، اجري ياض نلحقه ونحلق عليه، بنت بنتي لا والله لـ اشرب من دمه.
ركض كلا من مروان وأحمد، ومن خلفهم جابر الذي استمع إلى حديثهم قاصدين غرفتها.
وعلى حين غره فتح أحمد باب غرفتها وهو يصيح بغضب ومن خلفه كلا من جابر ومروان:
-هـو فــــــــــــــــين ؟؟؟؟؟
وللصدمة لم يجدهم بمفردهم مثلما توقع بل تواجدت ثراء برفقتهم، مطالعة ابنها بدهشة تتساءل:
-في إيه يا احمد؟؟
استغرق ثواني حتى استجمع كلماته، قائلًا:
-طيب بالاذن انا بقى عشان اتاخرت، سلام عليكم.
وقبل أن يغادر مسك به جابر يهزه وينهره على فزعه له:
-وعليكم السلام ورحمه الله وبركاته يا أخويا، ده انا هنفخك كالبالون على الخضة دي.
-اقسم بالله افتكرته هيتغرغر بيها وهيحط رأسنا في الطين، فقولت ألحقه، بس الحمدلله ماما لحقته.
-لحقت مين وسام هو اللي قالي اطلع واشوفها بس مقولهاش أنه برة، انا مش فاهمة انتوا بتعملوا ايه.
وأثناء حدوث كل هذا كان وسام لا يهتم لأي شيء سواها، جلس جوارها على طرف الفراش ومنحها الورود فخرج صوتها خجولًا:
-صباح الخير.
وبنبرة تهيم بها عشقًا أجابها لا يشعر بوجود أحد من حولهم:
-يا احلى صباح الخير سمعتها في حياتي.
****************
هبط “محمد” من سيارته بعدما صفها في مكانها و ضبط هيئته من ترك اغراضه الباهظة كي تلائم ما يدعيه من فقر وحاجة للعمل.
متابعًا ما يتبقى من مسافة تفصله عن الحارة والمطعم سيرًا على الأقدام.
يهدأ قلبه و روعه فها هو على وشك رؤيتها بعد غيابها البارحة وحرمانه من تواجدها من حوله.
فعند سؤاله عن سبب غيابها طيلة اليوم كان رد شقيقتها بأنها تشعر بالإرهاق وترغب بأخذ راحة.
وصل أخيرًا و ولج المطعم ورغمًا عن إرادته كانت عينيه تدور بحثًا عنها ولكن خابت أحلامه وآماله برؤيتها فلم تكن متواجدة، بل تواجدت شقيقاتها جهاد وبرق.
ابتلع ريقه وحاول عدم إظهار أي شيء عليه، ولكن كان سؤاله فاضحًا لما يحمله من مشاعر خاصة نحوها، متحدثًا مع برق:
-هي آنسة إسلام فين؟
طالعته برق بطرف عينيها ثم إجابته بهدوء:
-منزلتش انهاردة ويلا بلاش لكاعه الله يخليك خلينا نشوف شغلنا.
-حاضر.
أجابها بنبرة تملك منها خيبة الأمل، مفارقًا مكانه كي يباشر عمله، محاولًا إقناع ذاته بأنها قد تأتي وتمل من جلسة المنزل.
****************
خرج “شكري” من غرفته بعدما استيقظ من نومه فوجد إسلام تجلس بالصالون أمام التلفاز ويتضح عليها الشرود، فصاح بصوت عالي:
-افترا ده ولا مش افترا، الزفت ده مش بيسحب كهربا، شغال لنفسه؟؟ اتنيلي اطفيه الفلوس مش بتيجي من الهوا، وبعدين أنتِ بتهببي ايه هنا ومنزلتيش ليه ؟؟
ردت عليه وهي تنفذ له رغبته وتنهض من مكانها وتغلق التلفاز:
-مفيش يا بابا، تعبانة شوية، مفيهاش حاجة لما اريح شوية، هقوم احضرلك الفطار.
-مش عايز من سحنتك حاجة، كتكم داهية كلكم.
ولج دورة المياة صافعًا الباب بقوة من خلفه، خرجت روضة في ذات الوقت وسألتها:
-في إيه ماله ده؟
-معرفش.
على الجانب الآخر، أعلن هاتف ضياء عن مكالمة من رقم غير مدون، فأجابت عليه:
-الو.
جاء إليها صوته التي تحفظه، متمتم بنبرة مهددة:
-عارفة لو قفلتي من غير ما تسمعيني هعمل فيكي إيه ؟؟ بلاش تعرفي احسنلك واسمعيني بقى يا أشوفك بكرة ونخرج بعد الدرس نكلم زي البني آدمين، يا عليا وعلى أعدائي وصورنا وكلامنا مع بعض هيوصلوا لابوكي وأنتِ اكتر واحدة عارفة أبوكي وعارفة هيعمل فيكي إيه، ده مش بعيد يقتلك يا بت.
لانت قسماتها وسألته بترقب ودموع على وشك الهبوط:
-أنت مش ممكن تعمل كدة صح؟؟؟
-لا عادي اعمل كدة ونص يا بت، بس ده في حالة فضلتي عوجة كدة ومتعدلتيش، بس لو اتعدلتي خير وبركة واحب ما على قلبي.
-طارق أنت مبتحبنيش، عايز ترجعلي ليه؟؟
-اهو مزاجي عايز كدة وبمزاجي برضو هسيبك مش بمزاجك أنتِ يا بنت شكري بتاع الكشري.
****************
في المساء، عاد صابر الى المنزل قاصدًا حجرته، طامعًا في أخذ قسط من النوم كي يرتاح جسده بعد ساعات طويلة من العمل.
فتح باب الغرفة ودخل بارهاق وتعب واضح
وما أن أغلق الباب وامعن النظر بغرفته وما حدث بها حتى دوى صوته عاليًا صارخًا بإسم أخيه بنبرة غاضبة آتى بها من أعماق الجحيم:
-أحــــــــــــــــــــــــمد.
على الطرف الآخر، تحديدًا داخل غرفة فريد أوصد جفونه بقوة وألم بعدما تحطم فؤاده مجددًا و رفضت الفتاة البقاء معه بعدما صارحها بما فعل وبأن الصور لا تعود إليه بل تعود إلى قريب له فكان هذا جوابها الأخير القاسي والذي سيظل يلازمه:
“أنت خدعتني وكدبت عليا، بس أنا عذراك وعارفة أنك عارف أن صعب واحدة تقبل بيك وأنت شكلك كدة، فـ ياريت تحاول تخس حتى لو بتدخل جراحي، عشان لو معملتش ده مفيش واحدة هتقبل بيك وهتكسف تمشي جمبك في الشارع.”
اندفع صابر من غرفته كالمجنون، لسانه لا يتوقف عن مناداة أخيه وعينيه تبحث عنه يتمنى فقط رؤياه.
جاء سلطان على صوت حفيده العالي الجهوري متمتم بصدمة:
-في إيه واد يا صابر بتصرخ كدة ليه.
-أحمد فين؟؟ يا زفت، أنت يا حيوان.
كذلك جاء أعمامه و والده على صوته يستفسرون منه عما فعل:
-في إيه عملك ايه.
-عمله اسود ومنيل وربنا ما هسيبه، هو فين؟؟
لم يقطع حديثه سوى زوجة عمه “وعد” وهي تقترب من زوجها تخبره بخوف شديد:
-اشرف الحقني يوسف تليفونه مقفول من بدري اوي، ومش عادته يتأخر كدة ولا أن تليفونه يتقفل، ولما اتصلت على المطعم قالوا مجاش انهاردة معأنه خارج من بدري، شوفلي ابني فين، اعمل حاجة يا اشرف.
يتبع.
فاطمة محمد.
الفصل التالي: اضغط هنا
يتبع.. (رواية الحب كما ينبغي) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.