رواية عازف بنيران قلبي – الفصل الثاني والخمسون
الجزء الثاني من الفصل الأخير
أيتها العازفة على أوتار الروح
رفقًا بقلب فى صمته بوح
رفقًا بعيون فى عيناكى تسرح
رفقًا بصوت
من كثرة الصراخ باح
يا أيتها العازفة
على أوتار الروح
رفقًا بعاشق متيم بالروح
#راكان_البنداري
❈-❈-❈
انطلق مدفع الإفطار مع أول يوم رمضاني في وسط فرحة الجميع، ماأجملك شهر الخير،، فله الكثير من الأهمية للقلوب، فهو
شهر المغفرة، شهر الصفاء والمحبة، و حبيبنا المصطفى صلى الله عليه وسلم من أجمل أحاديثه النبوية الشريفة عن هذا الشهر الفضيل حيث : قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (إذا جاءَ رَمَضانُ فُتِّحَتْ أبْوابُ الجَنَّةِ، وغُلِّقَتْ أبْوابُ النَّارِ، وصُفِّدَتِ الشَّياطِينُ).
وقال ايضا -: (مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ)
-: (مَن قَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا واحْتِسَابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ).
: (مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ). صدقت يارسول الله
توقف الجميع لقيام صلاة المغرب بعدما قامت ليلى بتوزيع التمر عليهم قائلة:
-ماتنسوش الدعوات، قالتها مبتسمة وهي تنظر إلى نوح:
دكتورنا العظيم وحياة بنت خالتك تدعيلي بحاجة حلوة.
قاطعتها سيلين:
-اشمعنى نوح طيب ماتقولي لجوزك يالولة دا حتى الأقربون أولى بالمعروف، بتر حديثهما :نوح
-ربنا يسعدك ياليلى..ابتسمت تومئ برأسها، تحرك نوح خلف حمزة ويونس..
اتجهت بنظرها لراكان:
-لا ماهو راكان مابينسنيش من الدعوات مش كدا ياأبو كيان..نهض مبتسمًا:
-أكيد ياأم أمير..طبع قبلةً على جبينها:
-ربنا يخليكي ليا حبيبتي.
نظر لتلك التمرة وتحدث:
-لازم منها؟..ربتت على كفه:
-حلوة حبيبي، كلها دي سُنة، وبلاش شرب العصاير دلوقتي..تحرك الجميع لإقامة صلاة المغرب..توقف بجوارها:
-أي حاجة منك حلوة يالولة، قبل جبينها، ثم رفع ذقنها:
كل رمضان وإنتِ معايا حبيبتي..ابتسمت له ثم أمَّنت:
-هنروح نصلي لما تخلصوا.
أومأت برأسها تطالع أثره، وجلست على المائدة تنتظر عودتهم..دقائق وتحركت تقوم بترتيب المائدة بمساعدة الخادمة:
-منى سلطة المستشار نسيتيها؟..وكمان أكل عمو أسعد.
-عمو حسن السفرجي هيجبهم يامدام..أومأت لها ثم هتفت قائلة:
-حطي المشروبات دي وزعيها على الجميع، بلاش العصائر المسكرة دي ابعديها دلوقتي، الدكتور يونس متنسيش العرق سوس بتاعه، والتمر لنوح.
اومأت لها:
-كله تمام يامدام..ممكن ترتاحي وأنا هجيب الباقي..هزت رأسها رافضة:
-لأ، صبي بس الكوبايات دي وجهزيها ومتكتريش، علشان يعرفوا يفطروا.
-الأستاذ حمزة وعمو جلال مابشربوش تمر، بلاش منه، نظرت للذي بيد العاملة:
-إيه دا؟! ضحكت العاملة وأجابتها:
-دا خروب..قهقهت ليلى على ذكرياته، ثم لوحت بيديها:
-دا وديه قدام نوح وأسما، ابعديه عن راكان، وصلت زينب تنظر للمائدة التي تعج بخيرات ذاك الشهر:
-بسم الله ماشاءالله، خلصتوا أهو، رفعت ليلى نظرها إليها:
-ماما زينب كل سنة وحضرتك وسطينا، ربتت على كتفها وتحدثت برضا:
-وإنتِ وسط عيالك يابنتي، وصلت الفتيات أسما ودرة وسيلين..
هرولت سيلين:
-الله أيه الحلويات دي، أنا عايزة آكل دا كله..ضربتها درة على رأسها:
-اهدي يامفجوعة اللي يسمعك يقول البنت تخينة.
جذبت المقعد وتناولت بعض المحشيات:
-الله الله ياماما زينب طعمه خطير..قهقه الجميع عليها، جذبت ليلى الصحن من أمامها:
-يابنتي اهدي، جوزك لسة مجاش، خليه يشاركك أول فطار.
رفعت حاجبها ساخرة:
-شوف مين اللي بيتكلم، دا إحنا معلمين على الجيران..
-اتلمي يابت واستني جوزك وبطلي رغي..اتجهت بنظرها لأسما:
-أسوم كل سنة وإنتي طيبة ياقلبي..ضمتها أسما بحب:
-كل سنة وإحنا مع بعض ياليلى، ربنا ما يحرمنا من بعض أبدًا..
أمن الجميع على دعوة أسما..تحركت درة متسائلة:
-ليلى محتاجة مساعدة لو حاجة ناقصة؟.
هزت رأسها بالنفي قائلة:
-لأ ياقلبي كله جاهز، اقعدي جنب جوزك هنا.
وصلت العاملة ببعض الأطباق:
-كدا تمام يامدام ليلى..أومأت ليلى قائلة:
-خلاص روحي إنتِ علشان تفطري
ومش محتاجة عمو عثمان السفرجي، كلكم افطروا مع بعض..أومأت ثم تحركت الخادمة..
وصلت داليا متسائلة:
-كل سنة وحضرتك طيبة يامدام ليلى..استدارت تطالعها بصمت ثم أومأت برأسها:
-وإنتِ طيبة ياداليا، جيتي ليه مش هتفطري ولا إيه؟.
فركت كفيها تنظر إلى راكان القادم بجوار نوح ثم أردفت قائلة:
-لأ، ماهو حضرة المستشار قالي أفطر معاكم..شعرت بوخزٍ بصدرها فرغم ذلك ابتسمت وجلست تشير إليها:
-تنوري، اتفضلي،توقفت درة بجوارها:
-ليلى إنتِ مصلتيش!..كانت نظراتها لداليا، فرفعت رأسها وأجابتها:
-هصلي بعد الفطار، وصل راكان إليهم، جذب مقعد وجلس بجوارها حدجها بنظرةٍ صامتة، وجد نظراتها لداليا..رفع نظره إلى داليا:
-كل سنة وإنتِ طيبة ياداليا نورتينا، اتجهت ليلى بنظراتها مذهولة من حديثه..
جلس الجميع على المائدة..صمتت ونظرت لطعامها دون حديث ولكن قلبها يئن وينزف داخليًا..
أمسك كوبًا من العصير واتجه يهمس إليها:
-حبيبي اشربي العصير وشك أصفر ليه؟..تفتكري من الصيام..كانت نظراتها مؤلمة لروحه..هز رأسه قائلًا:
-اشربي حبيبي العصير، الكل بيبص علينا..
أخذت الكوب وارتشفت القليل منه، بدأ الجميع بتناول الطعام مع مزحات يونس لراكان..حمحم راكان ونظر إلى داليا:
-أنا بشكرك قدام الكل ياداليا، منكرش وقوفك معانا الفترة اللي فاتت، ومننساش طبعًا وقوفك في القضية، وعلشان كدا النهاردة حبيت أكافئك بالفطار الجماعي أولًا،
وكمان فيه مركز فتحتهولك تستقلي بيه بحياتك وتبني كيان لنفسك..
اتجه بأنظاره إلى ليلى واستأنف:
-دي هدية مدام ليلى، ولازم تقبليها، الولاد كبروا ومبقوش محتاجين لمربية..
تلألأت عبراتها بذاك الرجل العظيم الذي وهبها الله إياه..ضغطت على كفيه بابتسامة بعدما فهمت مايدور بداخله..
-ربنا يبارك فيك ياحبيبي..رفع كفيها ولثمه هامسًا لها:
-كل سنة وإنتِ طيبة ياقلبي..حمحم يونس:
-لاحظ إننا قاعدين ياعم الحبيب، ابتسم دون حديث..
تحدثت داليا:
-أنا بتشكر حضرتك، لكن أنا مبسوطة بتربية الولاد هنا، يعني مش محتاجة
ل school nursery..
مسح فمه بالمحرمة:
-بس أنا مبقتش محتاج لمربية، قالها ثم نهض يوزع نظراته إليهم:
-طبعًا مفيش حد غريب، إفطار شهي، أنا شبعت..نهضت ليلى خلفه:
-ماأكلتش حاجة..
شبعت ياحبيبتي كملي افطارك..قالها وتحرك إلى طاولة دائرية بعيدة بعض الشيء وقام بإشعال سيجارته..
جذبت سيلين كف ليلى التي توقفت تنظر لأثره:
-اقعدي افطري، إنتِ تايهة على راكان..جلست ونظراتها عليه:
-يخربيت السجاير اللي بتهلك الصحة على الفاضي.
ضغطت سيلين على كفها:
-افطري يالولة أومال فين اللي لازم أربيه..
ابتسمت إلى سيلين دون حديث، بدأ الجميع يتناولون الطعام في جوٍّ من الحب، توقفت داليا مستئذنة:
-شكرًا شبعت الحمدلله..تحركت متجهة إليه:
توقفت خلف جلوسه ثم تحدثت:
-ممكن أتكلم مع حضرتك، استدار برأسه وأشار إليها بالجلوس..فركت كفيها ثم تلعثمت بالحديث:
-مش عايزة أمشي، أنا مرتاحة مع الولاد، نفث تبغه وظلت نظراته عليها دون حديث حتى ارتبكت بجلوسها:
-بس الولاد كبروا مش محتاجينك ياداليا، فيه ميس جديدة هتابع معاهم دراستهم، وطبعًا دي هتكون مستواها التعليمي مرموق، سوري ياداليا، تعليمك مش هيأهلهم لمستويات عقلية..
طالعته بصمت وعجزت عن الحديث..سحب نفسًا من تبغه واسترسل مستطردًا:
-عندك مدام ليلى شوفيها لو هي هتحتاجك هتقولك، هي المسؤولة الأولى عن الاولاد، ورغم كدا بأكدلك أنا مش محتاجك، وطبعًا عوضتك بالأحسن.
نهضت تهز رأسها:
-شكرًا لحضرتك..على مائدة الطعام، كانت تراقبه بعينيها..
ربتت سيلين تنظر إلى الطعام:
-يابنتي مأكلتيش، اتجهت إلى يونس الذي نهض من مكانه متجهًا إلى راكان:
-يونس رايح فين؟.
شبعت ياقلبي، هشرب سيجارة كملي أكلك براحتك، تحرك إلى ابنته التي تجلس بجوار فريال وخالد والديه:
-نٓانٓا..أكلت وشبعت قمر بابا..نهضت ترفع ذراعيها لوالدها:
-بابي هيلعب مع قمر..أشار لمربيتها:
-خديها جهزيها للخروج، قبّل رأس والده والدته مبتسمًا؛
-كل سنة وأنتِم طيبين ومعايا دايمًا..ربت خالد على كتفه:
-ربنا يبارك فيك ياحبيبي، رفع نظره لعمه جلال الذي يجلس شاردًا توجه إليه:
-نورت القصر ياجلجل، إيه ياراجل مكنتش ناوي تيجي إلا لما حد يرحلك..
-عامل إيه يادكتور، قالها وهو يتحرك متجهًا إلى راكان..توقف عدي متجهًا إلى سارة:
-سارة عايزك في موضوع بعد ماتخلصي فطورك.
هزت رأسها:
-أكيد ياعدي..تحرك متجهًا إلى الجميع:
-ميرو حبيبي، فطرت كويس ياقلبي؟..
جلس بجوار والدته:
-الحمد لله يامامي، هدخل آخد شاور وأنام، معرفش عايز أنام..طبعت قبلة على جبينه:
-دا عادي حبيبي، أول يوم بيكون مرهق، وبعد الفطار جسمنا بيتقل شوية، روح مع أنطي داليا، وريح شوية.
أومأ برأسه ثم أشار على كيان وتساءل:
-طيب كوكي، اتجهت ببصرها لكيان التي تحركت بجوار زينب وقمر فأجابته:
-كوكي هتلعب مع قمر، اطلع أنتَ حبيبي ارتاح علشان ميرو يصلي العشا وميكسلش..
طبع قبلةً على وجنة والدته وتحرك للمنزل.
تنهدت براحة وهي تراه متجهًا للداخل..ابتسمت أسما:
-أمير كبر ماشاء الله وبقى راجل ياليلى.
لمعت عيناها بالدموع:
-كبر أوي أوي ياأسما واتعلق براكان أوي، مكنتش أتوقع علاقتهم تبقى كدا، رغم إن راكان ناشف في تربيته..احتضنت كفها:
-ليلى حبيبتي دا من رحمة ربنا بيكي عوضك بزوج ياخد العقل، وأطفال ربنا يباركلك فيهم.
ابتسمت لها وأجابتها:
-وعوضني بيكي ياحبيبة قلبي..
نهض الاولاد متجهين للحديقة مع مربيتهم..انتهى الجميع من الإفطار، توجه الرجال إلى الجلوس بمكان والنساء بالمقابل..جلست سيلين بجوار درة وأسما وبدأوا يتحدثون عن طفولتهم..
بينما تحركت ليلى إلى الداخل تبحث عن داليا، وجدتها تجلس بركنٍ من الحديقة مظلم وتبكي بصمت:
-داليا!!.نهضت سريعًا تزيل عبراتها:
-أيوة يامدام ليلى..تحركت إلى أن جلست بجوارها:
-قاعدة كدا ليه؟.أشاحت ببصرها بعيدًا عنها مردفة:
-مفيش، أومأت برأسها ونظراتها تفترسها ثم تنهدت قائلة:
قومي جهزي الولاد علشان هنخرج بعد صلاة القيام.
نهضت وتحركت بعض الخطوات، ثم توقفت:
-ممكن أطلب منك طلب، نهضت متجهة إليها وانتظرت حديثها:
-ممكن أفضل مع الولاد، أنا مش محتاجة الشغل التاني.
سحبت نفسًا محاولةً السيطرة على غضبها فأردفت بهدوء:
-الموضوع منتهي ياداليا ، ومتنسيش إن راكان أعلن وخلاص، وهتكملي معانا لأخر شهر رمضان، قالتها وتحركت..
بمكانٍ هادئ، جلست زينب بجوار أسعد:
-أنا سعيدة أوي ياأسعد، رغم الوجع اللي شوفته، لكن دا ميمنعش من سعادتي.
انسابت عبراتها واستأنفت:
-3ولاد ليا ربنا أكرمني بيهم ورجع أخدهم مني، ورغم كدا رضيت بقضاء ربنا علشان عارفة ومتأكدة إن عنده الأفضل..الحمدلله على كل حال وأكيد هيشفعولي يوم القيامة، مش كدا ياأسعد؟.
احتضنها من أكتافها:
-أكيد يازيزو، ربنا عنده الأفضل والأجمل، بس أحنا بشر والفراق صعب..لمست وجنتيه وانسابت عبراتها:
-إنتَ أجمل هدية من ربنا ياحبيبي، ربنا يباركلي فيك ومايحرمنيش منك..
رفع كفها وقبلها:
-إنتِ ست أصيلة يازينب، ومهما أشكرك مش هوافيكي حقك، كفاية تربية راكان وسيلين وهبتي حياتك ليهم رغم أنهم مش ولادك..
هزت رأسها رافضةً حديثه ثم أشارت على قلبها:
-لأ..غلطان ياأسعد دول ولادي غصب عن أي حد، راكان روحي وسيلين قلبي من جوا، مقدرش يبعدوا عني يوم واحد.
أزالت عبراتها وأردفت:
-طيب أقولك سر، أنا اللي ساعدت يونس أنه يقنع سيلين رغم كنت رافضاه في الأول، بس قولت أهو يونس بحضني ومش هيقدر يبعدها عني، خوفت أوي البنت تبعد عني، أنا كنت بتحمل سفر تعليمها بالعافية..
لثم جبينها وربت على ظهرها:
-مش بقولك إنك أصيلة يازوزو ..ربنا ما يحرمنا منك حبيبتي..وصل خالد بجوار جلال أخوة أسعد:
-إيه ياأسعد هنقطع خلوتك بمراتك..ضحك أسعد وهو يطالع زينب:
-مراتي دي جنتي في الدنيا والآخرة ياخالد.
أومأ جلال موافقًا:
-فعلا ياأسعد زينب ست أصيلة..توقفت زينب مبتسمة:
-ربنا يخليك ياأبو فرح وعلشان كدا هروح أجبلكم حلويات، البت ليلى عاملة شوية كنافة هتعجبكم أوي..
-أه والنبي ياأم راكان أصل الواحد حاسس أنه مشبعش، أكلكم بيجوع..
قالها خالد بمزاح بوصول فريال إليهم..همست زينب من جملة خالد بعيونٍ لامعة من السعادة:
-أم راكان..ياااه ياخالد ياما اتمنيت حد يقولي الكلمة دي.
ربتت فريال على كتفها:
-تستهاليها يازينب، ومتزعليش مني أنا كنت بغير منك..سحبت فريال من كفها:
-تعالي نروح نجبلهم حلويات..
❈-❈-❈
عند ليلى ودرة..
-عاملة إيه يالولة..لسة راكان واخد موقف منك؟.
ابتسمت تهز رأسها بالنفي:
-لأ ياقلبي أحنا كويسين، قوليلي سيف عامل إيه والبت جنجونة..ابتسمت وهي تنظر لسيف:
-كويسين، بس جنة شقية مبتنمش..إنما قوليلي هتفطري مع بابا إمتى؟.
تنهدت ثم تحدثت:
-ماما زينب وعمو أسعد هيسافرو بعد يومين هيروحوا يعملوا عمرة، وقتها يبقى نروح لبابا، كمان خطوبة كريم قريبة معرفش راكان هيوافق أقعد هناك ولا لأ..
بتر حديثهم سيلين وهي تقوم بتوزيع الكنافة:
-لولة تحفة المانجو عاملة شغل أوي للكنافة، قامت بتذوقها:
-أممم واو يادرة أختك هتخليني أزيد في رمضان ماأخسش..طيب ماتخفي ياحبيبتي بدل ما إنتِ طالعة نازلة بتاكلي كدا زي المحرومة وسايبة ولادك..
قالها يونس متهكمًا..ابتسمت درة وتوقفت تأخذ منه تيم:
-هاتلي عريس بنتي دا، ألعب معه شوية..اتجه بنظره لليلى:
-أختك كيوتي وبتغلط، وأنا مؤدب ومش هرد عليها..
ضحكت ليلى وهي تحمل تيم من درة:
-متزعلش ياسيدي، هناخد تيم لكيان..
-نعم ياختي..يعني أسيب حمزة وأتخبط في جوزك، ليه حد قالك العيال دي لقيها على باب الجامع؟!..
قهقهت بصوتٍ مرتفع وهي تقبل تيم على وجنتيه:
-إنت تطول..قطع حديثهم وصول راكان وجذب الطفل وناوله ليونس وسحبها:
-تعالي معايا عايزك..تحركت تلاحق خطواته السريعة..ولج لغرفة المكتب ودفعها بقوة:
-إيه اللي شوفته تحت دا..ضيقت عيناها متسائلة:
-إيه اللي حصل؟!.اقترب يضغط على ذراعيها بغضب:
-واقفة تضحكي مع يونس كدا ليه؟.
وإزاي تبوسي الولد بالطريقة دي قدامه، اتجننتي.دا مهما كان راجل غريب عنك.
-راكان إهدى إحنا كنا بنهزر، متنساش إن يونس أخوك وبقالنا سنين بنقعد مع بعض كلنا ونهزر، ليه المرة دي متعصب كدا؟..
-امشي من قدامي علشان مزعلكيش،
اقتربت منه:
-لازم نتخانق حتى أول يوم في رمضان..رمقها بنظرة غاضبة فتحركت دون حديث..
تحركت للخارج ويكاد غضبها يحرق صدرها، تحرك خلفها:
-ليلى..توقفت تواليه ظهرها تضغط على فستانها، استدارت له وعيناها تلمع بالدموع..زفر الهواء دفعةً واحدة، ثم اقترب يحاوطها بذراعيه:
-مش من حقي أغير على مراتي؟..استمع الى صوت خلفه:
-راكاااان..استدار ينظر خلفه، توقف الجميع على صرخات فرح..اتجه بخطواتٍ مهرولة وعيناه على والدته، وصلت تحتضن ابنها وتبكي بشهقات مرتفعة:
-ابني، ابني مات..شهقات من الجميع، أما زينب التي توقفت وكأن ابنها فقدته للتو، تحركت إلى أن وصلت إلى فرح الجاثية على الأرض تحتضنه وتبكي بشهقاتٍ مرتفعة، جلست بجوارها ومدت يدها تجذب الطفل منها:
-فرح..ماله سليم، مش هو اتحسن وبقى كويس؟.أيوة آخر مرة كنت عندكم كان كويس، إيه اللي حصله؟..
انسابت عبراتها كزخات المطر تطالعها بصمت، ثم رفعت عيناها لليلى المنكمشة بوقفتها تنظر إليهم بذهول، وهناك أسئلة تراود عقلها بقوة:
-راكان هو في إيه؟!..تحرك راكان إلى والدتها..
جذب والدته:
-قومي ياماما، جذب الولد من أحضانها ثم اتجه إلى يونس الذي أخذه بهدوء، صرخت فرح ونهضت فزعة:
-ابني محدش هياخده مني ابني..لا..لا..
جذبها راكان يبعدها عن يونس الذي أخذ الطفل متجهًا للداخل، بدأت تصرخ وتلكم راكان:
-ابني، عايزة ابني..احتضنتها سارة أختها وظلت تبكي على بكائها..حقنها نوح بمهدئ، ثم حملها راكان متجهًا بها إلى بيت عمه..تجمع الجميع بمنزل جلال وحالة حزن سيطرت على الوجوه، رغم أنه لم يكن شرعيًا ولكن فطرة النسان الذي تربى عليها، جعله حزينًا على فقدان الطفل الذي لم يكن سوى ضحية..
جلس أسعد بجوارها يحاوطها مربتًا على ظهرها:
-حبيبتي اهدي، خلاص يازينب مالناش نصيب فيه.
رفعت نظرها لليلى الصامتة:
-أنا عارفة إنك زعلتي مني لكن غصب عني يابنتي، كان لازم أراعيه وأخده في حضني ماهو ابن ابني.
طأطأت ليلى رأسها دون حديث، ربتت أسما على ظهرها:
-ليلى مش زعلانة من حضرتك ياماما، هي صعبان عليها الولد، مش كدا ياليلى؟..أومأت ليلى ثم نهضت وجلست بجوارها:
-أنا مش زعلانة من حضرتك، إنتِ أم ومهما كان اللي عملتيه علشان ابن ابنك، ربنا يربط على قلبك ياماما زينب..قالتها وتحركت دون حديثٍ آخر
❈-❈-❈
بعد عدة ساعات، رجع راكان ويونس بعدما قاموا بدفن الطفل بجوار والده..توقف يونس متسائلاً:
-كدا فرح هترجع بيت أبوها..أخرج زفرة حارة من أعماق جوفه ثم أردف:
-ترجع يايونس، مبقاش ليها حد، وعمو جلال كمان هيرجع بيته مع مراته الجديدة محدش يقدر يعاتبه في اللي حصل.
أومأ يونس متفهمًا ثم استدار متجهًا لبيته..ولج راكان للداخل وجد السكون يعم المكان..صعد إلى غرفة أولاده، كانت تجلس شاردة على فراش ابنها الذي يصلي بركنٍ بغرفته، ولج للداخل وجلس بجوارها:
-قاعدة كدا ليه، وفين زين وكيان؟..
تراجعت تستند على ظهر الفراش وأجابته:
-كيان هتبات مع قمر، وزين نايم، ماما زينب أصرت تاخده ينام في حضنها الليلة.
رفعت بصرها وسألته:
-ليه خبيت عليا مرض الولد، وليه معرفتنيش أن ماما زينب بتزورهم باستمرار؟.
حمحم ينظر إلى أمير الذي أنهى صلاته فأردف:
-قومي ارتاحي وبعدين نكمل كلامنا..أشاحت ببصرها بعيدًا ثم هتفت:
-أمير عنده تيست بكرة لازم أراجعله شوية، روح نام وارتاح..أومأ وتحرك دون حديث..
خرج متنهدًا..هو يريد أن يصل إلى فراشه ويلقي بثقل همومه عليه، فلقد اكتفى من ثقل هموم الجميع.
بعد فترة هبطت للأسفل وقامت بإعداد وجبة خفيفة من الطعام الذي يميل إليه ثم صعدت إليه..
توقفت تطالعه بصمت بعدما تركت الطعام على طاولة دائرية، ثم اتجهت إليه، جلست بجواره، رفعت أناملها تخلل خصلاته، منذ فترة طويلة وهما مبتعدان عن بعضهما..
ظلت تحرك أناملها وسط خصلاته هامسةً اسمه..
-همهم بصوته مرهقًا، بعدين حبيبي، هرتاح شوية وأقوم.
ابتسمت ثم نهضت بعدما طبعت قبلة على وجنتيه، وقامت بإغلاق الإضاءة واتجهت إلى غرفتها، ظلت لبعض الوقت تتصفح هاتفها حتى وقت السحور..
❈-❈-❈
بمنزل يونس..
كانت تغفو بعمق على صدره، ظل يمسد على خصلاتها وذكريات الماضي تتوالى أمام عينيه..تراجع بجسده يجذبها لأحضانه وتذكر منذ عشرين عامًا كيف تجمع بنوح وحمزة..
-خرج من المدرسة الثانوية يبحث عن سليم، وجده جالسًا على الدراجة البخارية:
-أوووه، إيه دي يابني؟.ابتسم سليم وأشار عليها:
-إيه رأيك حلوة صح..ضيق عيناه ودار حولها وقام بالتصفير:
-حلوووو ياسلوم، بس مقولتش الحلوة دي منين؟..أعدل ياقته وابتسم:
-اشترتها من واحد..
-واحد!..قالها يونس مذهولًا، ثم اقترب متسائلًا:
-يعني مش عمو أسعد اللي جابه، هز رأسه رافضًا:
-لأ يابني دا واحد صاحبي قال فيه واحد بيبعهم..استمعوا لصوت خلفهم:
-خلصتوا يافاشلين، اقترب راكان ينظر للدراجة:
-بتاعة مين دي؟!
حمحم سليم متوترًا ثم هتف:
-دي بتاعة واحد صاحبي اشتريتها منه،
تحرك يفحصها ثم تحدث:
-نعم!!اشتريتها!.يعني إيه اشتريتها دي؟.ليه مقولتش لبابا ولا لعمو
وبعدين دي شكلها مستعمل، إنتَ أهبل ياله!..
استمع إلى رنين هاتفه:
-أيوة يانوح، أنا عند مدرسة أخويا، تمام ياسيدي مستنيك ثم اتجه ببصره إلى سليم:
-الموتور دا ترجعه لصاحبه ياجحش، من إمتى وإحنا بنشتري حاجات مستعملة؟.
صعد عليه يونس:
-حلو ياراكان سيبه، وكمان شكله رخيص.
قولي ياسليم جايبه بكام دا؟..
-بمية ألف، جحظت عيناه فتحدث
-هو إيه دا ياله اللي بمية ألف؟.،شكلك اتجننت، دا آخره عشرين وتبقى خسران كمان.
وصل نوح إليهم:
-راكي حبيبي، تعانق الصديقان، ثم أشار على يونس:
-يونس ابن عمي، ودا سليم أخويا،
ثم اتجه إلى نوح:
-دا نوح صديق، اقترب يونس:
-أهلًا ياأستاذ نوح..هز راكان رأسه:
-لأ يابني دا في طب ياحمار، الأستاذ زمانه جاي، اتجه نوح إلى الدراجة البخارية يشير إليها:
-البتاعة دي شبه بتاعة حمزة، قطب مابين جبينه ثم اقترب ينظر إليها:
-لأ، حمزة مستحيل يبيع مكنته هو بيحبها دا كأنها بنته، حتى عمره مايبيعها بالمبلغ دا.
قام الاتصال بحمزة..على الجانب الآخر:
-أيوة يانوح..فينك يابني، أنا مع راكان،
تنهد حمزة قائلًا:
-الموتور اتسرق يانوح، وأنا في القسم، توسعت عيناه فأردف:
-طب تعال على اللوكيشن دا ضروري..
وصل بعد قليل، ينظر بذهول الى الدراجة البخارية:
-إيه اللي جاب دي هنا؟.رفع نظره الى يونس الذي جلس عليها وكأنه امتلكها..
وصل حمزة يجذبه من ثيابه وبدأ يلكمه عدة مرات حتى ترنح يونس، حاول راكان ونوح ابعاده عنه ولكن حمزة كان كالتور المفترس..
فاق يونس من ذكرياته على قبلات زوجته:
-لسة صاحي؟..ضمها لأحضانه:
-هنام بعد السحور..المهم عاملة إيه ياروحي دلوقتي؟..
اعتدلت تجذب الغطاء على جسدها:
-تعرف فرح صعبانة عليا أوي، رغم اللي عملته بس صعبت عليا، فقدان الابن غالي أوي يايونس..
جذب رأسها لصدره:
-أكيد حبيبتي، فرح اتماديت وحاولت معاها لكن شيطانها كان مسيطر عليها، راكان بيفكر يسفرها برة، بس ماأعتقدش إنها توافق.
قبل جبينها وهمس أمام شفتيها:
-حبيبي الحنون، نسيتي فرح عملت إيه؟..
تمسحت بصدره وأردفت:
-المهم أنا فين دلوقتي يايونس، مش عايزة حاجة تانية..رفع ذقنها ولمس وجنتيها:
-بس يونس منسيش ضي القمر عملت فيه أيه، علشان توصل للمرحلة دي..
مسد على خصلاتها وأردف:
-تعبت أوي ياسيلي، وتعبتيني أوي، رغم الماضي وجعنا إلا إني سعيد دلوقتي ومستحيل أنسى أي وقت بينا..رفعت رأسها ودنت منه تحتضنه، ولكن كيف يتوقف سيل مشاعر ذاك العاشق المجنون..
❈-❈-❈
بمزرعة نوح..
جلس الجميع أمام شاشة التلفاز بجو من الحب، نهضت نهال والدة نوح وأحضرت بعض الحلويات ووضعتها أمامهم:
-نوح وأسما مأكلتوش أي حاجة من وقت مارجعتوا، جبت مهلبية خفيفة ، محبتش تاكلوا أي حاجة تقيلة..تمدد نوح يضع رأسه على ساق أسما:
-والله ياست الكل بطني مليانة ومش قادر أحط حاجة في بوقي، شوفي أسما..
هزت رأسها رافضة:
-شبعانة والله ياماما تقلت في الفطار، طنط زينب وليلى عاملين كل أنواع الأكل، وأنا أكلت هناك على فترتين، لكمها نوح:
-فجعانة ياأسما، مجنونة تاكلي مرتين!!.
مسدت على خصلاته مردفة:
-ليلى بنت خالتك مجنونة كل شوية تجيب أكل وتحط قدامنا، دي درة أُغمى عليها من كتر ماأكلت حلويات، حبيبي المفروض نعزمهم إحنا كمان، شوف يوم يكونوا فاضين واعزمهم..
اعتدل جالسًا وأردف:
-أكيد ياماما، بس راكان مابيخرجش أول أسبوع من بيته، هو متعود أول يوم يجمع العيلة كلها وبعد كدا بيحب يفطر مع عيلته، وبابا عارف كدا علشان كدا وافق نفطر هناك، ودا تعود من سنين إننا نفطر أول يوم مع بعض حتى قبل الجواز..
أومأت والدته متفهمة ثم تحدثت:
-أخواتك بكرة هيجيوا يفطروا معانا، وطبعًا بما أننا هنقعد معاكم شهر رمضان فهم هيجوا على هنا، مش عايزاك تزعل وتضايق إنتَ وأسما.
توسعت عيناه بذهول ثم أردف بنبرةٍ حزينة:
-إيه اللي بتقوليه دا ياماما؟!.بيتي هو بيتكم، إحنا اللي ضيوف عندكم، ومتنسيش دا خير بابا وأملاكه كلها، أنا ما إلا إني أدير وبس.
ربتت على كتفه وتحدثت بحبور:
-ربنا يخليك لينا ياحبيبي، أخواتك قالوا كدا كمان، قالوا نوح مستحيل يزعل..
-ماما أخواتي زيي زيهم، يعني حقهم في مال باباهم، بلاش تعملي حساسية في الموضوع دا.
وصل يحيى الذي يحمل قدحًا من القهوة وأردف:
-بس المزرعة دي تعبك وشقاك ياحبيبي من وقت مااتخرجت وإنتَ مهتم بيها، أه أنا اشتريتها بس دي كانت خرابة مش بالجمال دا..
اتجه ببصره إلى أسما واستأنف:
-ومنكرش كمان دور أسما في الخضروات والفواكه، وأسيا في سلالات الحيوانات..
قبل نوح كفيها:
-عندك حق يابابا لو حد له فضل في المزرعة دي يبقى أسوم حبيبة قلبي، لكزته أسما هامسة:
-نوح اتجننت اعمل احترام لعمو ومامتك..تراقص بحاجبيه:
-إيه ياأسوم مش بقول الحق..
ابتسمت خجلًا من نظراته وحركاته، استمعت إلى صوت طفلتها فنهضت متجهة إليها:
-ملاكي صحيت ليه..بكت الطفلة ورفعت كفيها لكي تحملها والدتها..حملتها وتحركت بها للداخل، كان يحيى يراقب دخولها فهمس:
-عندك حق يابني إنك تحب أسما، البنت طلعت أصيلة أوي، بصراحة تفوقت على والدك يادكتور..
نهض نوح وهو يحمل صحنًا من المهلبية متجهًا إلى والده:
-اتفضل يادكتور، وأحسن حاجة تروح تحج مع عمو أسعد، علشان تقتنع إن أسما تربية نوح الكومي مش منير العشري أبدًا..
قالها وتحرك للداخل..
بمنزل حمزة..انتهت درة من صلاة القيام تبحث عن زوجها، وجدته يقوم بإعداد القهوة:
-حمزة هتشرب قهوة دلوقتي مش هتنام؟..حاوطها من أكتافها:
-عندي قضية عايز أشتغل عليها حبيبتي، إنتِ نامي، وأنا هصحيكي للسحور..رفعت نفسها وطبعت قبلة على وجنتيه:
-تصبح على خير ياحبيبي.
أومأ لها بابتسامة:
-وإنتِ من أهل الجنة ياحبي..
اتجه لغرفة مكتبه وجلس يتابع إحدى قضاياه، استمع إلى رنين هاتفه:
-أيوة ياجاسر..
على الجانب الآخر:
-بتصل براكان مابيردش، بقولك عايز منك خدمة، وبما أنا ظابط مينفعش أدخل..
ظل يستمع إليه فأردف:
-اعتبره حصل، بس قبل أي حاجة الدنيا هتتقلب علشان تبقى عارف..
-حمزة اعمل اللي بقولك عليه، وإياك تعرَّف بابا، عايز قضية أقل فيها عشرين سنة..
قهقه حمزة ثم مسح أنفه قائلًا:
-اللعب حلو ياكنج بس أعرف العبارة قبل أي حاجة..سبَّه جاسر وأغلق الهاتف..ظل يقهقه عليه وهو ينقر بقلمه قائلًا:
-بقيت شرس ياجاسر، وأنا بحب ألعب مع الشرسين..
استمع إلى خطوات ابنه، دلف الطفل وهو يفرك عينيه:
-بابي..اتجه إليه يحمله، ثم طبع قبلةً على وجنته:
-حبيبي إيه اللي صحاك؟..فرك الطفل بعينيه:
-عايز أشرب يابابي، وصلت المربية قائلة:
-آسفة استاذ حمزة كنت بصلي وهو خرج..أشار إليها:
-خلاص مش مشكلة، شربيه كوباية لبن وخليكي معاه لما ينام..وصل سيف يمسك بنطال والده:
-عايز مامي..حمله حمزة وأجلسه على سطح المكتب:
-حبيبي مامي تعبانة، روح مع أنطي نور هتحكيلك حدوتة حلوة..ومامي لما تصحى هخليها تروح عند سيف..
رفع كفه وقبله واستأنف حديثه:
-سيف شطور أوي وهيسمع كلام بابي علشان بكرة بابي ياخده الملاهي.
نزل الطفل متجهًا إلى مربيته يلوح لوالده:
-سيف هيشرب اللبن وينام بسرعة..ابتسم حمزة ثم جلس ينهي عمله، قطع انغماسه بالعمل رنين هاتفه..
تراجع بجسده وقام بالرد:
-حبيبي عامل إيه وأخبار ماما؟..أجابه على الجانب الآخر:
-كويسين حبيبي، كنت بقولك أحفادي وحشوني ماتجيب مراتك وتقضوا معانا أسبوع..
أرجع خصلاته للخلف وتنهيدة خرجت من أعماقه بتفكير:
-والله يابابا الأيام دي عندي قضايا كتير في المكتب، غير البرج السكني اللي أصحابي مشغولين بيه، مينفعش أسيبهم في الظروف دي، لكن أوعدك في أقرب وقت أعرف أسافر هجيب درة والولاد أكيد..
ابتسم والده بتهكم:
-زي كل مرة ياحمزة، يابني معرفش ليه مُصر تفضل في مصر، إيه اللي عجبك في العيشة عندك؟.
أرجع رأسه على المقعد وأجابه بنبرةٍ شجية كعاشق:
-طيبة أهلها، الونس اللي بتلاقيه في روحهم الحلوة يابابا، الحب والحنان اللي بجد مش مجرد شعارات، الصداقة اللي بتخليك قوي وضهرك محمي ومطمن على نفسك علشان وقت ماتوقع هتلاقي اللي يسندك، السند ياوالدي العزيز ودا مش هلاقيه غير في مصر..
قهقه والده بصوتٍ مرتفع:
-لا..دا إنتَ حالتك صعبة يابني..نقر حمزة بقلمه على مكتبه:
-ماترجع تستقر هنا بقى يابابا، هتفضل متغرب على طول..
أجابه والده بهدوء:
-حبيبي أنا اتعودت على الحياة هنا، صعب أرجع مصر تاتي، بقالي عمر هنا ياحمزة..أومأ حمزة متفهمًا، ظل لبعض الوقت يتحدث ثم أغلق الهاتف متجهًا إلى زوجته لإيقاظها لتناول السحور..
❈-❈-❈
بقصر البنداري..
استيقظ بعد فترة يبحث عنها ظنًّا أنها باتت بأحضانه، اعتدل يمسح على وجهه:
-كنت بحلم..هذا ما حدَّث به نفسه، توقف متجهًا للمرحاض بعدما نظر بساعته، توضأ واتجه ليقيم صلاة الشفع والوتر، ثم توجه إلى غرفتها، وجد الغرفة خالية، ترجل للأسفل وجد الجميع جالسون يشاهدون بعض البرامج المشورة بهذا الشهر..
تحرك حتى وصل إليهم:
-أنتوا منمتوش؟..رفعت زينب عينيها الحزينة إليه وأجابته:
-مجليش نوم، خلصت صلاة وقعدت مع ليلى، اتجه ببصره ينظر لتلك التي تتناول الفستق ونظراتها لشاشة التلفاز ..تحرك إلى أن وصل إليها ثم جلس بجوارها جاذبًا من يديها السرفيس الذي يُوضع به المسليات..
-بكلمك مابترديش ليه؟..رفعت نظرها إليه ثم اتجهت ببصرها للمسليات:
-ماما زينب ردت، مالوش لزوم ردي، وبعدين مال ردي بالفستق، هات ياراكان وبطل شغل الاطفال دا،
رفع حاجبه ساخرًا:
-أطفال، طيب قومي عايز آكل، ومش هاكل من إيد حد غير إيدك.
ضحكت زينب ثم أردفت:
-سيبها ياراكان هخلي منى تعملك حاجة..
-لأ ، قالها ونظراته عليها، ثم أشار بعينيه متحدثًا:
-هي اللي حكمت ياماما، قال إيه مش عايزة آكل غير من إيدها..
مش كدا يامدام؟..تأففت ثم نهضت قائلة:
-بدل قولت يامدام يبقى أكيد ياروحي، قالتها متحركة وهي تهمهم..
سامعك على فكرة.
ولجت إلى داخل المطبخ وابتسامة تزين ثغرها، اتجهت للثلاجة تحضر له أطيب الأنواع بقلبٍ ينبض عشقًا، ولجت الخادمة:
-مدام ليلى..حضرتك ارتاحي وأنا هجهز الأكل للمستشار ..
هزت رأسها رافضة:
-لأ، روحي إنتِ دلوقتي ووقت السحور هبعتلك، تحركت العاملة للخارج..وقفت لتقطيع بعض الخضروات..شعرت بوجود أحدًا خلفها، حاوطها بذراعه يدفن رأسه بعنقها:
-كدا تخليني نايم لوحدي، وقاعدة تاكلي فسدق وبندق..تراجعت برأسها للخلف هامسة:
-راكان بتعمل إيه؟..ممكن حد يدخل ويشوفنا، عيب كدا.
أدارها له، رفع ذقنها وحاوطها بعينيه:
-زعلان منك بجد..عقدت ذراعها تطالعه بسخرية:
-شوف مين اللي بيتكلم، مش
حضرتك اللي فارض العقاب، شكل حضرة المستشار بينسى.
رفعها على حين غفلة على الرخامة وحاوطها بذراعه:
-إحنا اتصافينا على فكرة..نزلت غاضبة وهتفت بسخط:
-وأنا متصفتيش، مش الجارية بتاعة حضرتك وقت ماتحب ووقت ماتكره،
تراجع بعض الخطوات ثم استدار متحركًا للخارج دون حديث..
ذُهلت من فعلته، ظنت أنه سيراضيها بكلامه المعسول الذي اشتاقت له، قبضت على منامتها ثم ضربت الأرض بأقدامها:
-ماشي ياراكان..اتجهت لإنهاء وجبة طعامه، خرجت بعد قليل ووضعت الطعام على المائدة:
-جهزتلك أكل..كان ينظر بهاتفه، رفع نظره الى الطعام ثم اتجه إليها:
-غيرت رأيي، هاخد زبادي بس، هاتيه وعايزه طازة.
برقت عيناها تنظر لزينب التي وضعت كفها على فمها تمنع ضحكاتها، وصل أسعد يوزع نظراته بينهم:
-مالكم؟..ضيقت ليلى عيناها ثم اتجهت ببصرها لأسعد:
-عمو أسعد جهزت السحور بدري النهاردة، بالهنا على قلبك إنتَ وماما زينب..قالتها واتجهت إلى المطبخ وخرجت بعد دقائق معدودة بيديها سرفيس، ثم وضعته بغضب أمامه:
-دا اللي موجود، عجبك تاكله إنتَ حر مش عجبك قوم صلي ركعتين وادعي لنفسك بالهداية..ثم استدارت إلى زينب وأسعد:
-بالهنا على قلوبكم أنا شبعانة والنوم خلاص بيروادني بعد إذنكم ..قالتها وتحركت للأعلى..
اتجهت زينب لابنها:
-غلطت المرة دي ياسيادة المستشار، يعني وقفت وعملت كل الأكل اللي حضرتك بتحبه، وفي الآخر تقولها غيرت رأيي..
تراجع مستندًا على المقعد مردفًا:
-ماما الدنيا مش خربت يعني، قولت ماليش نفس، ثم اتجه لوالده:
-وبعدين أنتوا هتتسحروا بيه، يعني تعبها مرحش ولا حاجة..زفرت زينب غاضبة من أفعاله قائلة:
-أنا عارفة إنك أعقل من كدا وبطل شغل العيال دا، أنا لو منها كنت شلت الأكل وحميتك بيه..
توسعت عيناه بذهول فأشار على نفسه:
-الكلام دا ليا ياست الكل؟!..نصب عوده وحمل بيده كوب الزبادي واستدار متحركًا:
-طيب الأكل عندك ياست ماما بالهنا إنتي وسعودي..
وصل إلى غرفتها دفع الباب ولكن وجده مغلقًا..ركله بقدمه:
-ماشي ياليلى، هتروحي مني فين، قالها واتجه إلى غرفته..
❈-❈-❈
باليوم التالي عصر اليوم عاد من عمله..هرولت كيان إليه:
-بابي..حملها يطبع قبلةً على وجنتيها:
-حبيبة بابي، فين أخواتك ياقلبي؟..أشارت لباب الغرفة وتحدثت:
-زين جوا مع نانا وأنطي داليا، وأمير في النادي مع مامي..
مسد على خصلاتها ثم أنزلها:
-طيب روحي العبي بالجيمز بتاعك، هوصل لجدو جلال وراجع..
تحركت خطوة ثم تراجعت إليه، بابي..
استدار متوقفًا ينظر إليها:
أشارت بكفيها قائلة:
-وطي عايزة أقولك حاجة..
انحنى يستمع إليها:
-مش حضرتك قولت اللي بيفطر في رمضان بيروح النار، علشان كدا ميرو بيصوم.
ضيق عيناه منتظرًا باقي حديثها، فلوحت بكفيها:
-طب ليه مامي كانت بتاكل إمبارح بالنهار مانجة؟.وكمان شوفتها بتاكل فراولة، مش كدا مامي هتروح النار؟..
ابتسامة ساخرة تجلت على ملامحه، فحاوط ابنته قائلًا:
-كوكي بتسمع كلام بابي مش كدا؟.
أومأت برأسها بالموافقة..فأكمل قائلًا:
-متتكلميش تاني وتقولي حاجات تشوفيها، علشان كدا عيب يابابي أوكيه؟.
أومأت برأسها:
-أوكيه بابي..أشار لها:
-ياله حبيبتي روحي العبي، تحركت متجهة للخارج فأوقفها:
-كوكي..استدارت له، فتحرك متجهًا إليها، طبع قبلةً على جبينها قائلًا:
-أي حاجة تخص مامي بس تقوليها لبابي وبس، حتى أمير ممنوع تقوليله حاجة، أوكيه؟.
حاوطت عنقه وهمست له:
-بابي هيعاقب مامي، صح يابابي؟.
ذهب ببصره البعيد وابتسم:
-أكيد ياروح بابي، ياله روحي.
وصل إلى بيت جلال، دلف للداخل متسائلًا:
-فين فرح؟!
أجابته سارة:
-قافلة على نفسها..دلف إليها بعدما طرق على باب غرفتها، وجدها تجلس على الفراش تحتضن ثياب طفلها وعبراتها تنساب على خديها بصمت..
تنهد ثم تحرك متجهًا إليها وجلس بجوارها على الفراش قائلًا:
-رغم إنك أذيتيني أوي، وأذيتي سليم الله يرحمه، بس عمري مافكرت عقابك يكون بالقسوة دي، انا حاولت أقرب من الولد علشان سليم الله يرحمه مش علشانك أبدًا..
رفعت نظرها إليه وهمست بنبرةٍ متقطعة:
-ابني وحشني أوي ياراكان، قلبي وجعني عليه، لسة صغير أوي..
جذبها يضمها لأحضانه يربت على خصلاتها:
-ادعيله بالرحمة يافرح، مش يمكن يكون شفيعك يوم القيامة، أخرجها يحتضن وجهها:
-مش هقدر أقولك انسيه، بس أقدر أقولك ساعات ربنا بيختبرنا لنقوى، إنتِ جواكي حاجة نضيفة وكويسة، ولو مكنتيش كدا مكنتش وقفت جنبك، اللي شفعلك عندي حبك لسليم الله يرحمه، علشان كدا بقولك انسي الماضي وابني حياة جديدة ونضيفة بعيد عن الخداع والكذب..
نهض من مكانه ثم أشار على خصلاتها:
-الأول لازم توقفي مع نفسك وتراجعيه وتدخلي من باب التوبة، نلبس حجابنا اللي ربنا أمرنا بيه، ونتقي ربنا في أعمالنا وأقوالنا، وبلاش نبص للناس على إننا الملوك وهم العبيد..
أزالت عبراتها قائلة:
-ياااه ياراكان اتغيرت أوي..
ابتسامة تجلت بملامحه فلمعت عيناه قائلًا:
-ربنا يرزقك بشخص يغيرك للأحسن يافرح..ياله قومي اتوضي وصلي وادعي ربنا بقلبك، وإن شاءالله حبيبتي قلبك هيرتاح..
استدار متحركًا فاستمع إلى همسها:
-شكرًا يابن عمي، استدار بابتسامةٍ مريحة أرسلت لقلبها الأمان ثم تحرك متجهًا إلى منزله..
بعد عدة ساعات دلف إلى غرفتها وجدها تغفو بهدوء..
تحرك حتى وصل إليها:
-ليلى..فتحت عينيها تنظر إليه مستفهمة:
-فيه حاجة؟..جلس على المقعد، ثم أردف:
-أه..نمتي قبل ماتاكلي الزبادي ليه؟..
نفخت وجنتيها بضجر، ثم رفعت كفيها وأرجعت خصلاتها المتمردة
ثم رفعت بصرها إليه:
-أكيد بتهزر ياراكان، جايلي في نص الليل علشان تقولي ماأكلتش زبادي ليه، هو أصلًا وقت السحور جه، نظرت بالساعة ثم جلست على ركبتيها وأشارت بسبباتها:
-اطلع روح كل زباديك برة، أنا تعبانة وعايزة أنام..
نصب عوده واتجه إليها ثم انحنى يحاوطها بذراعه:
-الغضب دا كله علشان قولتلك كلي زبادي؟
دنا برأسه فتراجعت للخلف، عانق عيناها بنظراته فتحدث بهمس:
-شكلك متعرفيش فوايد الزبادي ياروحي، غير أنه مهضم ومغذي ومابعطشش، غير أنه لذيذ..
ضيقت عيناها:
-الزبادي!!.غمز بعينيه قائلًا:
-أنا قولت غيره يالولة، هو مش إنتِ صايمة برضو، وتعرفي أهميته؟..
فهمت مايشير إليه فتراجعت متكئة على ظهر فراشها وربعت ذراعيها:
-خلصت دروسك لأهمية الزبادي، اطلع برة وطبق عمليًا بقى، عايزة أنام، مش عايزة دروسك الهابطة، عندك كوكي وأمير، وبكرة زين ينضم لهم، طبق دروسك عليهم..
ضغط على شفتيه واتجه يجلس بجوارها:
-بتغظيني صح، بتنتقمي مني ياتنيتي الغالية؟.
كتمت ابتسامة وأشاحت ببصرها عنه قائلة:
-راكان بجد عايزة أنام، وشكلك فاضي، تدريبات أمير في النادي هلكتني كل يوم غير الشغل، وحضرتك كمان مفيش كلمة تراضيني، كل اللي عليك، عقاب وبس.
رفعت عيناها ونظرت لمقلتيه:
-إنتَ عارف بقالك أد إيه وإنتَ بعيد عني، عارف بقالي أد إيه منمتش في حضنك ولا حسيت بدقات قلبك، عارف دا كله عامل فيا إيه؟..ورغم كدا بحاول أراضيك وإنتَ كأن عقابك ليا بيسعدك، بس هقول ايه ماأنا متعودة على الألم.
تجمعت الدموع تحت أهدابها الكثيفة وشعرت بارتجافةٍ بجسدها وهي تستأنف مرارة بعده:
-بقيت أفرح من مجرد حضن منك أو حتى إبتسامة، أنا تعبانة بجد ومستهلش منك كدا، مش معقول دا..وضع إصبعه على شفتيها:
-اشش..ممكن تسكتي علشان لو حسيتي بربع الاشتياق اللي جوايا، مكنتيش سبتيني كدا..
انسابت عبرة من جفنيها تهز رأسها ..فجذبها يعصرها لأحضانه وآه ملتاعة خرجت من أعماق روحه..
رفعت رأسها تتلمس وجهه قائلة:
-لسة زعلان مني؟.هز رأسه بالنفي واقترب منها هامسًا فوقها:
-مكنتش زعلان منك، كنت مضايق والفرق كبير، طبع قبلةً حارة على جبينها:
-إنتِ روحي ياليلى، عارفة يعني إيه؟..يعني مقدرش يعدي يوم من غير ماأشوفك وأسمع صوتك، بقيتي إدماني ياحبيبي وفرحان بالإدمان دا، ومش عايز أتعالج منه مولاتي..
تمسحت بصدره قائلة:
-وحشتني أوي معذبي..رفع ذقنها وأبحر بشمسه فوق ملامح وجهها الذي يشبه القمر متسائلًا:
-لولة هتاكل الزبادي وتصوم بكرة؟..
نزلت برأسها للأسفل بخجل وهمست له:
-مولاتك أصلًا بتعشق الزبادي ومش هتعرف تصوم من غيره..
قهقه بصوتٍ مرتفع حتى لمعت عيناه بطبقةٍ كرستالية من العبرات قائلًا:
-طيب ماتيجي أقولك على فوائد أخرى بس زبادي بالفراولة مش سادة..
❈-❈-❈
بعدة عدة أسابيع وخاصةً قبل عيد الفطر المبارك بيومين..
انتهى من صلاة القيام ودلف بجوار يونس يبحث عنهم، هرولت قمر إليهم:
-بابي جه..رفعها يونس:
-حبيبة بابي، فين مامي؟.
نزلت سيلين من الأعلى:
-أنا هنا حبيبي خصلتوا؟..تساءل راكان:
-ليلى فين، لسة مجهزتش؟..
أشارت للأعلى:
-لأ..لسة، كانت بتراجع مع أمير، طبعًا داليا مشيت وكل حاجة بقت فوق دماغها، صعد للأعلى قائلًا:
-اسبقونا يايونس، متخدش الولاد معاك علشان هيبقى المكان زحمة..توقف على الدرج واستدار إليه:
-الولاد هنخرجهم في العيد..أومأ يونس، ثم سحب كف سيلين وتحرك للخارج..
ولج للداخل يبحث عنها، استمع الى صوت المياه، تحرك متجهًا إليها، دفع الباب بهدوء ودلف إليها، وقف يرسمها بعينيه للحظات ثم فتح الباب الزجاجي وولج إليها، شعرت به..استدارت ودقات قلبها تتقاذف بعنف، شعرت بأنامله فجحظت عيناها:
-بتعمل إيه هنا يامجنون، اقترب منها قائلًا بملامح لم تبدي شيئًا:
-جاي أساعدك لو محتاجة حاجة، علشان تخلصي بسرعة أصلك اتأخرتي ياروحي..
راكاااان..قهقه عليها مقتربًا منها حتى لم يفصلهما سوى أنفاسهما، ثم جذبها بقوةٍ إليه:
-وحياة المد اللي في راكان دي لازم أساعد مولاتي..ارتجف جسدها بالكامل فتحدثت بتقطع:
-كدا مستحيل أخلص، علشان خاطري اطلع برة عايزة أخلص بسرعة، سيلين تحت تقول عليا إيه؟.
-تؤ تؤ ياروحي، سيلين مشيت مع يونس، وبعدين هتلاقي أجمل من دي مساعدة..
طيب ابعد، هدومك اتغرقت مية..دنا أكثر من الأول وقام بفتح المياه بقوة قائلًا:
-كدا أحسن..ابتسمت تهز رأسها:
-حبيبي المجنون، هز رأسه قائلًا:
-حبيبك بيعشقك، رفعت أناملها على زر قميصه قائلة:
-كدا القميص غرق مية مبقاش له أهمية قالتها بابتسامتها الناعمة، تضع رأسها بصدره وسعادة الكون تحاوطها.
❈-❈-❈
وصل بعد فترة إلى الحسين..تحركت بجواره تخلل أناملها بأنامله، تتابع المشهد الجلل عن كثب:
-راكان قلبي بطنطط بالسعادة المكان روعة حبيبي..حاوط جسدها عندما ولجوا بالزحام..شعور بالهدوء يغلف الأجواء وكأن القلوب هنا استكانتها..تحركت بزهو وسعادة..
-معقول ياليلى عمرك ماجيتي هنا؟..
هزت رأسها بالنفي واحتضنت كتفه:
-عمري ماجيت الحسين، بابا وماما بس اللي كانوا بيجوا، رفعت عيناها إليه:
-بس حبيبي بجد المكان يخطف القلب..
انحنى يهمس لها:
-لمعة العيون الحلوة دي خاصة بحبيبك ياليلى هزعل، وكمان بلاش تضحكي كدا مش ضامن نفسي..
وضعت رأسها بأكتافه تختبئ بابتسامتها الخلابة التي جعلت قلبه ينبض بعنف..
وصلوا للمكان المحدد الذي ينتظره أصدقائه به..تركت ذراعيه وهرولت تحتضن أختها:
-درة وحشتيني..تعانقت الأختان فتحدث حمزة ساخرًا:
-اللي يشوفكم كدا يقول كل واحدة فيكم في بلد..
اتجهت ليلى إليه:
-بقالي أسبوعين ياحضرة الأفاكاتو مشفتهاش..سحبت كفيها وتحركوا بعيدًا بعض الشيء..أما راكان الذي توقف يتساءل:
-فين يونس ونوح؟..
أشار إلى وجودهم:
-قاعدين هناك أهو، ياله اتأخرت ليه كدا؟..
تحرك دون حديث حتى وصل إلى جلوس الجميع:
-عامل إيه يادكتور؟.
-حبيبي كويس، أخبارك إيه، فرحان أوي بالعزومة دي..
نهضت الفتيات:
-هنلف شوية في البازارات دي، لحد مايجي ميعاد السحور، نهض من مكانه يسحب كفها:
-المكان زحمة حبيبتي مينفعش تمشوا في الوقت دا..
اتجه بنظره لأصدقائه:
-تعالوا نلف شوية، تحرك الجميع يتجولون في شوارع الحسين..
كانت تتحرك بجواره كفراشةٍ متنقلة بخفة، تدلف الأماكن الدينية والأثرية، توقفت أمامه:
-راكان ممكن طلب؟.
وضع كفيه بخصره:
-مش ملاحظة طلباتك كترت ياليلى، مع إني قولتلك مفيش حركة في المكان ومجرد ماوصلنا عايزة تلفي المكان كله.
ضغطت على ذراعيه:
-حبيبي بليز توافق..كانت نظراته تطالعها بصمت، لحظات ثم أشار إليها:
-اتفضلي لما أشوف أخرك إيه..ضحكت بصوتٍ خافت وهتفت:
-حبيبي وهو غضبان بيكون قمر، رفع حاجبه ساخرًا:
-لا والله..بيبي أنا علشان تضحكي عليا..هاتي أخرك ياليلى وبلاش شغل السهوكة دي.
مطت شفتيها كالأطفال قائلةً بنبرةٍ أنثوية:
-أنا مسهوكة ياراكان!.زعلانة بجد..ارتفعت ضحكاته، وجذبها متحركًا:
-إن كيدهن عظيم ياروحي..توقفت ونفخت وجنتيها بضجر:
-برضو مقولتش اللي عندي..سحب كمًّا من الهواء ثم زفره وأشار إليها:
-قولي بسرعة.
اقتربت وأمسكت ربطة عنقه قائلة:
-حبيبي النهاردة ستة وعشرين رمضان، عايزة أقعد هنا لحد الفجر..
توقف يحدجها بعدم فهم:
-يعني إيه؟!
احتضنت كفه وحاورته بهدوء:
-الليلة ممكن تكون ليلة القدر، عايزة أحضر التهجد هنا، وحياتي ياراكان، الموضوع دا مهم أوي بالنسبالي، وأنا مقررة من البيت..
ضم رأسها لصدره وتحدث:
-حاضر ياليلى، مقدرش أقولك لا في العبادة..
رفع ذقنها وتأمل فرحتها بعينيها اللامعة:
-الابتسامة دي عندي بالدنيا كلها..لثم جبينها عندما همست له:
-ربنا مايحرمني منك ياقلب ليلى.
احتضن كفيها وتحرك متجهًا لشراء مايلزمهم من ذكريات ذلك اليوم..
تحركت تحت ذراعه فضمها بقوة لأحضانه مبتعدًا بها عن الزحام، كأنها جوهرته الغالية..
ابتاعت الكثير من الأشياء التذكارية مع التقاط الصور التذكارية ولا يختلف الأمر عند الآخرين..وصل راكان إلى أصدقائه..جلسوا جميعا في جو من الحب فتحدث يونس قائلًا:
-أول مرة أحس برمضان، الأجواء هنا تحسسك أنك في رمضان بجد..أومأ حمزة موافقه الرأي:
-البركة في لولة هي اللي اقترحت..اتجه نوح بنظره إليها:
-لولة دي أم الأفكار النيرة صح يالولة؟..
-لولة في عينك يامتخلف، هو أنا كيس جوافة ولا إيه؟..
قهقه الجميع فرفع حمزة حاجبه ساخرًا:
-بتغيري يابيضة، ألقاه بعلبة المحارم هاتفًا بنبرةٍ غاضبة:
-بيضة يامتخلف، المهم إيه رأيكم نتهجد النهاردة في الحسين؟..أهو نعمل حاجة تنفعنا في القبر.
ارتفعت ضحكات حمزة ويونس يضربون أيديهما ثم اتجها إلى نوح الصامت:
-سمعت يابني اللي اسمعناه، كانت نظرات نوح ثابتة عليه فاقترب منه:
-لأ..دي بركات لولة..قهقه يونس وهو يغمز له:
-بعد سنة بالظبط هنلاقيك شيخ في المسجد وبتقول الصلاة خيرًا من النوم..
رمقه بنظرة أخرسته:
-مالك ياغبي منك له، ليه دا كله؟..علشان قولت نحضر تهجد، على فكرة أنا بقالي خمس سنين مدوام عليها، حبيت تشاركوني لكن مصاحب شوية حلاليف..
اتجه بنظره لزوجته التي تجلس مع صديقاتها على بعد مسافة وتحدث:
-أنا وليلى كل سنة بنصليها في البيت، أه عارف إنه مينفعش، لكن بنجتهد، النهاردة جالنا فرصة كويسة، هنروحي نصلي لحد الفجر في المسجد..مقولتش هنروح كباريه..
صمت الجميع ولكن قطع الصمت نوح:
-تعرف كان نفسي نعمل كدا، المكان دا يشجعك تقعد طول رمضان هنا.
راحة شقت الصدور، متجهين إلى المسجد لإقامة صلاة التهجد..فلقد أنعم الله عز وجل بفضلها فهي سبب للقرب من الله تعالى، ويباهي الله بعباده ملائكته، وتجعل الله يضحك إليهم ويستبشر بهم.
– المحافظونَ على صلاة التهجد وقيام اللّيل مُحسنونَ مُستحقّون لرحمة الله وجنّته..
وقد ذكرنا الحبيب المصطفى بأهميتها في النفوس حيث قال : إنَّ أَحَبَّ الصِّيَامِ إلَى اللَّهِ صِيَامُ دَاوُد، وَأَحَبَّ الصَّلَاةِ إلَى اللَّهِ صَلَاةُ دَاوُد، كَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ، وَيَقُومُ ثُلُثَهُ، وَيَنَامُ سُدُسَهُ، وَكَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا
❈-❈-❈
انتهى الجميع من روحانيات رمضان ..خرجوا بقلوبٍ نقية إلى الخير جاهدة، ماأجمل العبادات وماأجمل تحولك ياإنسان للقرب إلى الله..اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على إيمانك وطاعتك، رددتها بقلب ينتفض حبًّا لله، اللهم أعد علينا رمضان أعوامًا عديدة واجعلنا من الفائزين بثوابه وليس الخاسرين..
سجدت تدعو بقلبٍ خاشعٍ وعينًا تزرف من العبرات مايغسل الذنوب..ولسانًا مرددًا بالذكر الحكيم والدعاء المجيب، فهو الذي قال بكتابه العظيم ادعوني أستجب لكم..
انتهت الفتيات بعد فترة وخرجوا متجهين إلى أزواجهم لتناول وجبة السحور قبل أذان الفجر بمقدار النصف ساعة..اتجهت تجلس بجواره، حاوطها بذراعيه كالأم التي تحاوط طفلها ثم لثم جبينها قائلًا:
-دا إيه النور دا، أغمضت عيناها بسعادة وهتفت:
-النهاردة أجمل يوم في حياتي ياراكان بجد، عندي راحة وحاسة بأمان غير معقول..
ربت على كتفها:
-إن شاءالله كل سنة نكررها حبيبتي..رفع بصره لأصدقائه الذين يتسامرون:
-إيه مش هتتسحروا، رفعت ليلى نظرها لأسما وضحكت الفتاتان، فأشارت ليلى لسيلين:
-سيلين عايزة تاكل فلافل..جحظت أعين سيلين تشير إلى نفسها نافية:
-أنا مقولتش كدا..ضحكت درة عندما فهمت حديث ليلى فتحدثت:
-ماتقولي ياليلى إنك عايزة تاكلي طعمية إنتي وأسما، ليه تلبسوها للغلبانة؟..
-حمزة اطلبلنا طعمية علشان مدام ليلى لتكون حامل ولا حاجة..لكزتها ليلى بحرج:
-كدا يادرة..ظل صامتًا يطالعها بصمت، هربت من أنظاره هتف يونس:
-سيلين عايزة طعمية حبيبتي؟..
اتجهت لليلى وأومأت برأسها:
-لو ينفع حبيبي ياريت..طلب يونس طعامًا للجميع بعدما طلب كل منهما مايريده..
أمال برأسه بعدما وجد سكونها فتحدث:
-ليه مقولتليش إنك عايزة طعمية، فركت كفيها، وضع كفه على كفها قائلا:
-ليلى مبترديش ليه..رفعت نظرها إليه:
-طلبت منك طلبات كتيرة أوي ياراكان محبتش..ضغط على كفها:
-اسكتي ياليلى..وصل النادل بالطعام، بدأ الجميع بتناول الطعام كلٍّ بجوار زوجته وكأن لا يوجد غيرهم، كانت تتناول الطعام بهدوء تبتعد بنظراتها عنه..ابتسم وهو ينفث سيجارته:
-بتضحك على إيه؟..وبعدين ارمي السيجارة دي وكل ياراكان هزعل منك..
أشار على الطعمية وتهكم:
-آكل طعمية إنتِ مجنونة، أشاحت ببصرها وتجلت ملامحها بالحزن وهتفت:
-متكلهاش عندك أنواع كتيرة مش شرط تاكل الأكل البيئة دا..
أمسك كفها الذي به الطعام ووضعه بفمه يلوكه بهدوء..
نظرت حولها بخجل من فعلته وهمست:
-إيه اللي بتعمله دا يامجنون؟.
غمز بعينيه:
-باكل طعمية حبيبي.
انفرج ثغرها الرقيق بابتسامة عاشقة فهمست:
-بالهنا حبيبي..دنا يهمس لها:
-مش ناوية على خير يامولاتي.
❈-❈-❈
بعد قليل انتهى الجميع من الطعام واتجهوا إلى المسجد لقضاء صلاة الفجر..
خرج متجهين لسياراتهم التي تصف بعيدًا بعض الشيء..
استقلت بجواره السيارة تنظر للخارج بذاك الوقت، السكون يعم المكان وروائح رمضان تسكن القلوب بخروج الجميع من المساجد..
مر يومين إلى أن جاء يوم العيد يوم التهليل والتكبير يوم الفرحة في قلوب الفقير والغني..
استيقظ على تكبيرات العيد، اعتدل بهدوء وأعدل من وضعية رأسها بهدوء، ولكنها فتحت ليلها هامسة بنبرةٍ متحشرجة من النوم:
-صباح الورد حبيبي..انحنى يدفن رأسه بحناياها:
-صباح الحب على عيون حبيبك..رفعت ذراعيها تحاوط عنقه:
-كل عيد وإنتَ جوا حضني ياراكان.. سحب نفسًا ملأ رئتيه من رائحتها العبقة وآه ملتاعة خرجت من أعماق روحه بعشقها..
حاول استجماع ذاته بحضرتها فتحدث:
-كل عيد ومولاتي حبها بيزيد في قلبي، رفع رأسه وتعانقت شمسه بليلها
-“بحبك مولاتي”رفعت كفيها على وجنتيه:
-ومولاتك بتعشق معذبها..اعتدل متجهًا للمرحاض قائلًا:
-لأ، عايز ألحق الصلاة، شكلك مش ناوية على خير..
ضحكت بصوتٍ ناعم قائلة:
-حبيبي العاقل، سحبت مئزرها وارتدته متجهةً إلى غرفة ثيابها جذبت إسدالها وتحركت للخارج..ولجت غرفة ابنها الكبير..مسدت على خصلاته هامسةً بصوتٍ هادئ:
-ميرو، حبيبي قوم ياقلبي علشان تروح تصلي العيد مع بابي..فتح عيناه واعتدل جالسًا على فراشه يفرك عينيه:
-صباح الخير يامامي..طبعت قبلةً على جبينه واجباته:
-صباح الورد ياعيون مامي، قوم ياله علشان تلحق تاخد شاور حبيبي..قالتها وتحركت للخارج..
بعد فترة ولجت للغرفة وجدته يقف أمام المرآة يهندم ثيابه، توقفت بجواره وطالعته بنظرةٍ هائمة:
-صدقتني العباية حلوة أوي لدرجة خايفة تتحسد..
ابتسم إليها وضم رأسها:
-أقولك ومتزعليش، مش حاسسها أوي..
خرجت من أحضانه تهز رأسها رافضةً حديثه:
-وحياة ربنا شكلها تحفة عليك، رفع ذقنها وابتسم قائلًا:
-هي شكلها تحفة علشان أنا اللي لبسها ياحبيبي..
تراجعت قائلة:
-مغرور ياروحي..
-ليا حق، استمع إلى طرقات على باب الغرفة..تحرك للخارج:
-صباح الخير يابابا، خلصت
نمشي،..
-صباح الخير ياأميري، مفيش حضن لبابا وكل سنة وإنتَ طيب؟..اقترب منه قائلًا:
-كل سنة وحضرتك طيب يابابا، آسف
طبع قبلةً على جبينه:
-وإنتَ طيب ياحبيبي، أه خلصت، ياله ياأسدي..
استدار لزوجته:
جهزي كوكي وزين لما نرجع علشان هنخرج كلنا..أومأت برأسها وتحركت لمرحاضها..
❈-❈-❈
بمنزل يونس ..
انتهى من تجهيزه ثم اتجه لزوجته..انحنى يطبع قبلةً على جبينها:
-حبيبتي قومي هنزل أصلي العيد، فوقي وصحصحي لازم نسافر لما أرجع، غمغمت بنومها:
-ماشي حبيبي، شوية وأقوم.
فتحت جفونها بهدوء تنظر إليه، فاعتدلت صارخة:
-يونس وجلباية..أعاااا، من إمتى..قهقه بصوتٍ مرتفع ثم جذب الغطاء وألقاه عليها:
-سيلين لاحظي إنك نايمة إزاي، متخلنيش أغير رأيي..
أشارت على ثيابه تفتح عينيها وتغلقهما:
-قول إني مبحلمش وإنك لابس جلابية، تحركت تمسك كفيه ثم صرخت:
-لأ والله مش بحلم، أنتَ بشحمه ولحمه..
نزل بجسده يحاوطها بذراعه:
-لدرجة دي وحش علشان كدا كل شوية تصرخي؟.
هزت رأسها بالنفي:
-لأ ياحبيبي بالعكس، دا حلو أوي، اعتدل متجهًا للخارج:
-هتتاعقبي ياسيلي بس أرجع وعقابي شديد..
أرجعت خصلاتها تهز رأسها غير مستوعبةً مارأته:
-لأ مستحيل يكون دا يونس، يونس وجلابية، الدنيا حصل فيها إيه!.
عند حمزة..
خرج من المسجد بجوار زوجته وابنه وابنته، أسرع سيف إلى عربة غزل البنات:
بابي..عايز غزل البنات..
توقف ينظر إليه ثم جلس:
-مش قولنا الحاجات دي بتتعب سناننا حبيبي، ليه عايز تاكلها..
أنزل برأسه للأسفل:
-بحبها يابابي..سحبته درة قائلة:
-خلاص ياحمزة سيبه..ذهب حمزة بجواره واتجه لشراء مايريده..عانقت ذراع زوجها وتحركت بعد قضاء صلاة العيد يتجولون في شوارع المدينة، يشاهدون الأطفال وهي تمرح والفرحة تعم الكبار والصغار وصل إلى منزله:
-ادخلي جهزي الولاد علشان هنسافر..
تحركت للداخل وهي تسحب ابنتها وابنها الذي أسرع للداخل..أما حمزة الذي توقف يهاتف أصدقائه لمعايدتهم..
عند نوح خرج من صلاة العيد بصحبة أطفاله، وجد زوجته تنتظره على باب المنزل..
جلست تفتح ذراعيها لأولادها التوأم:
-حبايب مامي كل سنة وأنتم معايا وفي حضني..قبَّل كل واحد منهما قبلةً على وجنتيها:
-كل سنة وحضرتك طيبة يامامي، أخرج ياسين بعض الوريقات ذات فئة المائة جنيه:
-دي عيدية ياسين لمامي حبيبة قلبي، بينما يامن أخرج عقدًا من الفضة وغمز لوالده:
-ودي عيدية من يامن لمامي الجميلة..ثم تساءل:
-فين عيدية الدكتور، مش همشي غير لما أشوفها..
ألقى الكرة أمام المنزل:
-هشوف مين منكم هيفوز، وصل يحيى إليهم:
-كل سنة وأنتم طيبين ياحبايب قلبي، ابتسمت أسما:
-وحضرتك طيب ياعمو، فين ماما هي لسة نايمة؟.
ضحك يحيى متحركًا للداخل:
-بتجهز الكحك والبسكوت، عادات بقى يابنتي لازم الست نهال..نرجع من الصلاة لازم تاكلي من الكحك والبسكوت، وياسلام لو شربتي شاي بلبن جنبهم يبقى أحلى عيدية لست الكل..
ابتسمت وأجابته:
-ربنا يخليها وتعمل طقوسها دايمًا..سحب كف اسما وهتف لوالده:
-هنلف أنا وأسما شوية بالحصان..قالها ثم سحبها متجهًا للخارج:
-الولاد في أمانتك يادكتور.
توقفت أمامه:
-نوح إزاي إنتَ ناسي إننا هنسافر بعد شوية هنتأخر..
حملها ووضعها على الحصان:
-حبيبتي وعدتك ولازم أنفذ وعدي..
❈-❈-❈
بقصر البنداري..
عاد من صلاة العيد ولج لغرفته وجدها تنهي زينتها..
استدارت إليه وابتسامة زينت وجهها..بسط كفيه يضم كفيها، ثم سحبها متجهًا للأريكة، تعالي حبيبتي، نادي الولاد الأول.
هرولت كيان إليه:
-بابي شوفت فستاني حلو إزاي، دا فستان الأميرة باربي.
حملها على ساقيه:
-هو أه ياقلبي فستان الأميرة روبنزل..طبع قبلةً على وجنتيها ثم أخرج هديتها:
-دي لأميرة بابي وأميرة العيلة..أخذتها وقبلته واتجهت سريعًا للأسفل:
-هوريها لأنا..دلف أمير فتح ذراعيه فألقى نفسه بأحضان والده:
-حبيبي الغالي بقى دا هديته غير أي حد..أخرج مفتاح وفتح كفه:
-دي العجلة اللي طلبتها بس خلي بالك برة القصر ممنوع، عندك المكان واسع، والقديمة يبقى شوف أشرف ابن عمو محمد الجنايني وادهاله كأنها هدية حبيبي متقولش حاجة تجرح مشاعره، قوله أنا كبرت عليها ومعدتش تنفعني علشان أنا كبير والعجلة صغيرة، بس لازم تمسحها كويس وتزينها زي ماكنت بتعملها لك، أومأ برأسه ثم تحدث:
-بس حضرتك جبتله حاجات تانية، ملس على رأسه وأجابه:
-أنا حاجة وإنتَ كمان حاجة، لازم تتعود تعمل حاجة خاصة بأمير البنداري محدش يعرفها غيره، بس مش الحاجات الغلط ياحبيبي.
-شكرًا يابابي..قبله وابتسم:
-أهي كلمة بابي دي أحسن شكر في الدنيا كلها..
تحركت إليه بعد خروج ابنها، جلست بأحضانه تضع رأسها بصدره:
-وفين هدية مامي، حاوطها بذراعيه ثم انحنى يهمس لها:
-هدية مامي قلبي، مش كفاية عليها، رفعت رأسها وطالعته:
-دي أغلى وأحسن هدية جاتلي حبيبي..وضعت رأسها على كتفه وشبكت أناملها بأصابعه:
-أنا بهزر مش عايزة حاجة، كفاية وجودك في حياتي، دي أكبر وأعظم هدية.
امسك علبة ووضعها أمامها:
-افتحيها ياقلبي، مقدرش على زعل مولاتي.
ضيقت عينيها تنظر لتلك العلبة:
-إيه دي؟..أشار بعينيه:
-افتحيها ياروحي..ظلت تفتح علبة خلف علبة، فأمسكتها بيديها مستخفة:
-بتهزر ياراكان، فتحت أربع علب وشكلها مش تقيلة جايب علبة فاضية؟..قولتلك مش عايزة حاجة، نهضت من أحضانه فجذبها:
-اقعدي ياهبلة..فتحت علبة أخرى، وإذ بها تنصدم، رفعت بصرها بذهول:
-إيه دا، أكيد بتهزر؟..مش معقول إنت..
قهقهت تهز رأسها ثم اقتربت تحاوط عنقه:
-إيه دا يامحترم، دا شكل حضرة المستشار عايز نمرة؟..
جذبها حتى جلست فوق ساقيه:
-من وقت ماشوفتك بترقصي وأنا طلبت تصميمها وحلفت ياليلى لازم أجبهالك، دلوقتي عايز عيديتي..
ضيقت عيناها متسائلة:
-أنا أديلك عيدية، وياترى حضرة المستشار عايز إيه بعد العيدية دي؟..
دنا يهمس بجوار أذنها حتى لفحت أنفاسه الحارة أذنيها قائلًا:
-ليلة بالبدلة دي، وعلى فكرة مفيش جدال للرفض أنا حجزت في الفندق علشان العيال، وأجلت السفر يعني مش هتنازل ياروح راكان..
-راكاااان..وضع إبهامه على شفتيها:
-مش عايز غير من عيوني حبيبي، دي بس اللي عايز أسمعها، اخترقها بنظراته..
-هسيب إيدي بس هزعل يالولة..أغمضت عيناها ودقات عنيفة بجنبات قلبها من هذا الرجل الذي استحوذ على كيانها، دنت تطبع قبلة ثم تعمقت بعينيه قائلة:
-أحسن عيدية لأحسن راجل في الدنيا.
الفصل التالي: اضغط هنا
يتبع.. (رواية عازف بنيران قلبي) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.