رواية حمام كليوباترا الفصل التاسع 9 – بقلم سعاد سلامة

رواية حمام كليوباترا – الفصل التاسع

يوم الجمعه

بالسياره بالطريق.

كان جلال شارد الذهن يخشى من أن يعتقد جسور أنه يستغل الفرصه،ويريد تقوية راية عشيرة العبيدى
بإستغلال المُصاهره، بأخذ فتاتين من بنات عشيرة الزيانى مقابل فتاه واحده من عشيرة العبيدى، لتصبح السطوه أقوى لديهم، كذالك كان عامر يشعر بتوجس من رد جسور، لديه يقين أن حيدر نوياه خبيثه ليس كما يدعى أنه يريد تقوية الصله بين العشيرتين.

بينما بسياره أخرى
تحدث فهد بغضب قائلاً:
أنا ما كان بدى إتزوچ دالحين، ليش حشرتنى فى هضا الآمر يا حيدر.

رد حيدر بتهكم: وميتى كان بدك تتزوچ، ولا تنسى دانه كانت المفروض تكون من نصيبك، لو كنت مكانك كنت إتمسكت بيها، وما وافقت على زواچ المبادله هضا، اللى ما بعرف كيف راح يصير ويتقبلوا بقية العشاير هضا آمر نادر حدوثه… إن بنت من العشيره بتتزوچ من خارج عشيرة بوها.

رد فهد: هضا ما قولته، آمر نادر حدوثه، يعنى حصل قبل سابق، بس مكنش لزام تدخلنى فى هضا الآمر، ربنا يسامحك يا ولد بوى، دالحين ما بنعرف رد جسور هيكون أيه، كان بيكفى وبيوفى زواچ
جسور ودانه…. وعامر وأخت جسور.

تعصب حيدر قائلاً: اللى يسمعك يقول إنك كيف ولد عمك عامر وعاشق.

رد فهد بحنق:
أنا لا عاشق ولا معشوق، كل اللى كان بدى شوية وقت قبل خطوة الزواچ، حتى دانه أنا ما كنت بفكر فيها.

رد حيدر ببساطه: طالما دانه ما كانت فى بالك…يبقى ما بتفرق إنك تتزوچ من غيرها.

رد فهد بغضب:بتفرق ولا ما بتفرق،خلاص إنتهى الآمر… يمكن يجى الرفض من جسور.

تنهد حيدر، بداخله يتمنى حدوث هذا وتنفض تلك المبادله، ويلتزم كل منهم عشيرته وتعود المقاطعه بينهم.
…… ــــــــــــــــــــــــ
بداخل خيمة جسور
دخل مؤنس غاضبًا يقول:
بلغنى إنك هتعمل مأدبه على شرف الضيوف.

ردجسور:أهو إنت قولتها ضيوف،ولزام علينا نكرمهم،اعتقد هضا من عادتنا وأعرفنا إن الضيف يُكرم وهدول مو ضيوف،هدول هيبقى بينا وبينهم صِهر.

تهكم مؤنس قائلاً بحنق:
ما بعرف كيف قبلت بها الصهر،كان لازم ترفض وتنهى الموضوع ويعود المقاطعه بينا وبينهم،هدول فى منهم خونه،إتعظ من الماضى والغدر اللى حصل فيه.

تنهد جسور قائلاً:
شيخ مؤنس،أنا مو محتاج كل شوي تذكرني بالغدر اللى حدث بالماضى،بس هضا صفحه وإنتهت ولابد من فتح صفحه جديده،لابد نتحد أصبح عدونا واحد،جبهة النصره هدول الاوغاد بيقوا مع الوقت صار لازم تتحد العشاير فى مواجهتم قبل مايتشعبوا أكتر.

رد مؤنس:عندنا سلاح وذخيره بتكفى إننا ندافع عن حالنا قدامهم،ونبيد عشيرة العبيدى نفسها .

رد جسور:وليش ما نتحد بدل من بنوجه سلاحنا لصدورنا نوجه سلاحنا لصدر عدونا الغادر،عدونا واحد شعارهم الخِسه وما عندهم شرف ولا دين،لا تفكر بس بالسلاح تقدر تتجنب شُره،لآنهم عندهم اللى بيمولهم بإستمرار طول الوقت،بلاش يا شيخ مؤنس عصبيتك دى،أنا لو مش عارف حقيقة قلبك كنت صدقت إنك فعلاً بدك الأذى لـ عشيرة العبيدى،إنت زيي نفسك نعيش بسلام…أعتقد الضيوف على وصول ولزم نستعد للترحيب بيهم،وإنت كبير شيوخ العشيره يا خالى..
ولازم تكون فى المقدمه،لإستقبال الضيوف.

أماء له مؤنس بمهاوده،رغم عدم إقتناعهُ.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ…..
بالمنزل
كان قلب سالمه يضُخ سريعًا، تمتزج الاحاسيس بقلبها، احاسيس السعادة والعشق
العشق الذى كانت تخشى ان يندثر بسبب أعرافهم، بدأ ينتصر، خطوه كبيره على طريق التغيير لكن فى نفس الوقت خطوه لو وضعت بمكان خطأ ستكون فوق جذور شائكه تُدمى القلوب.

نفضت عنها ذالك وتشبثت بالأمل حين دخلت غنوه الى الغرفه تدندن بعض أغانى الأعراس التراثيه لهم.
…. ـــــــــــــــــــــــــــــ
قبل قليل بالثكنه العسكريه
إنتهى سيزار من التدريب الصباحى للمُجندين دخل الى غرفة قائد الثكنه تبسم حين نهض له ماهر قائلاً:
خلصت تدريب جنودى قبلك وجيتلك عشان نروح سوا نحضر طلب الشيخ جلال لأخت الشيخ جسور.

أخذ سيزار زجاجة المياه وتجرع منها القليل ثم وضعها مكانها وجلس على أحد المقاعد قائلاً:
بس إحنا مش هنحضر،الامر ده خاص بينهم هما وبس،زى أمر عائلى كده أحنا بنتابع من بعيد بس مينفعش ندخل فى شؤنهم،وإلا هنخسر الخطوه اللى قدمناها لهم،إننا معاهم لكن مش هنفرض نفسنا ولا قوانينا عليهم.

تفهم ماهر حديث سيزار وجلس هو الآخر قائلاً:
فعلًا فاتت عليا دى،لكن سيزار طبعًا مُحنك ومتوفتش عليه.

تبسم سيزار قائلاً:
مش حِنكه قد ما هو فهم لطبيعة المنطقه هنا،بدو
والبدو ليهم اعرافهم وقوانيهم الخاصه بهم واللى بيحصل ده يعتبر إختراق لها،بس آن الآوان أنهم يتمردوا على الأعراف دى،قبل كده كان صعب البدو يدخلوا عيالهم المدراس سواء بنات أو صبيان،جت الحكومه وفرضت عليهم إلزام إنهم يدخلوا عيالهم المدارس،طبعًا كان صعب إمتثالهم بس الحكومه ألزمتهم،والأ هيتحرموا من مزايا كتير أبسطها إن يكون لهم عضو فى البرلمان،وطبعًا النفس البشريه عندها تطلُع،فى المناصب دى وانشأت الحكومه مدارس هناك قريبه منهم،ورغم ذالك هما راوغوا الحكومه،الولاد والبنات بيرحوا المدرسه فى السنه مره ويادوب بيكملوا علام الابتدائي بالعافيه، يمكن مفيش غير ولاد الشيوخ هما اللى بيعدوا للثانويه بالعافيه.

رد ماهر:طبيعه خاصه بتفرض عليهم خصائصها الجافه مع إنها محصوره بين الجبال والبحر…عندك جبل النداهه سمعت عليه أساطير كتير أن روح كليوباترا ساكنه الجبل ده.

تنهد سيزار مُبتسمًا يتذكر تلك النداهه التى تسببت فى سُهاده ليالى،وعلى ذكرها كان هاتفه الخليوى يصدح،أخرجه من جيبه ونظر للشاشه وتبسم،ثم نظر لـ ماهر الذى قال بمزاح:
واضح إن سيزار هيدخل القفص قريب،هطلع اخد جوله فى المُعسكر وأرجعلك تكون خلصت حب فى الموبايل.

قطب سيزار حاجبيه بمرح…إنتظر الى أن خرج ماهر من الغرفه ثم قام بالرد:
مش مصدق
نداهة الجبل بنفسها بتتصل عليا،أكيد أنا فى حلم.

تبسمت عوالى قائله:
عشان تعرف إنك محظوظ،يا سيادة القائد،بصراحه لقيت عندى شبكه فى الموبايل على غير العاده مصدقتش نفسى قولت أتأكد إنها مش شبكه وهميه،ورقمك هو اللى طلع قدامى حظك بقى.

ضحك سيزار بقهقه قائلاً:هعتبر النهارده يوم حظى،ويزيد حظى سعد لو أروح دلوقتى جبل النداهه عندى وقت راحه لحد التدريب المسائى وبسهوله ألغيه وأنتظر النداهه لحد الفجر.

تبسمت عوالى وفكرت قليلاً ثم قالت:
الليله هيبقى القمر أحدب، ما سمعتش فى الأساطير إن القمر الأحدب بيرمز فى الاساطير القديمه للنحس.

ضحك سيزار قائلاً:
انا مُحارب ومجازف وعندى إستعداد أتحدى الاساطير وأطوعها لصالحى.

مغرور…،واضح إن الشبكه عندى بدأت تقطع.

ضحك قائلاً: لأ واثق من نفسى،سلام.

أغلق سيزار الهاتف يبتسم وخرج من الغرفه الى خارج الثكنه العسكريه تقابل مع ماهر الذى قال:.غريبه أنا توقعت المكالمه تقعد ساعه،يظهر الشبكه هنا بتقطع كتير.

قطب سيزار حاجبيه قائلاً:.خليك هنا وعشان التدريب المسائي…عندى مشوار مهم.

تخابث ماهر قائلاً:براحتك أنا سداد يا سيادة القائد،بس بلاش تستغل الزماله،ولا أقولك يمكن أحتاجك فى يوم برضوا تسد مكانى بس بلاش تبات خارج الثكنه،معندناش قائد يبات بره كتيبته.

لكم سيزار ماهر بصدره قائلاً:
بلاش رغى كتير،سلام.
…..ـــــــــــــــــــــــــ
بـ خيمة جسور الزيانى
إستقبل هو ومؤنس ومجموعه من كبار شيوخ العشيره
جلال ومعه حيدر وعامر وفهد.

بعد الترحيب بينهم
جلسوا جميعًا يحتسون القهوه العربيه،عدا حيدر الذى بداخله غِل وهو يرى ذالك التآلف اللطيف بيم رجال العشيرتين وذالك الترحيب الفخم من جسور لهم.

قاطع ذالك الحديث حيدر الهادىٕ قائلاً:
ليش يا شيخ جلال ما بتقول على سبب زيارتنا اليوم لـ الشيخ جسور.

نظر جسور لـ حيدر نظرة ترقُب، لديه خلفيه سابقه عن شخصية حيدر الآنانيه، وقال:
مافى سبب لحتى يشرف ديارنا الشيخ جلال، هضا ديارنا مفتوحه لأحبابنا دوم.

بإبتسامه هادئه نظر جلال لـ جسور قائلاً:
ولد جود واشراف يا وليدى، وهضا بيشرفنى آنى أطلب يد أختك للزواچ من عامر.

نظر حيدر لـ جلال وقال:
نسيت يا شيخ جلال إننا كمان عرفنا إن الشيخ جسور عنده أخت تانيه و بدنا نطلب يدها كمان لـ الشيخ فهد العبيدى.

تفاجئ ليس جسور فقط بل مؤنس أيضًا ونظر نحو جسور الذى صمت لدقيقه، فهم جسور معنى نظرة مؤنس أنها كما قولت لك، وهذا بداية الرد على كرمك معهم أعتبروه تساهُل منك وتطمعوا.

لم بتعدى الوقت الدقيقه لكن كانت بالنسبه
لـ عامر وجلال وقت طويل، بينما فهد لا يهتم، أما حيدر يترقب ويتوقع رفض جسور أو حتى….

تفاجئ قبل أن يضع الإحتمال الآخر وهو التآجيل للمشاوره، لكن جسور كان الأدهى وعلم بخبث نواياه وقال:
ردى هيكون بعد ما أسمع الطلب اللى سمعته منك من الشيخ جلال بنفسه.

إحتدت النظرات بين حيدر وجسور الداهيه كما هو مُلقب بين العشائر، كما أنه أعتبر قوله إستقلال من هيبتهُ، لكن تغاضى عن ذالك يترقب رد جسور بعد حديث جلال:
بدنا الصهر بينا يزيد يا شيخ جسور ويقوى بطلب يد أختك التانيه، لـ فهد ولد خوى.

للحظه تردد جسور فى الموافقه وتذكر والد فهد الذى غدر سابقًا بالصداقه وتسبب بمقتل والدايه، لكن ما سمعه عن فهد انه عكس شخصية حيدر وأنه شخص ذو ثقه من الشيخ جلال… نظر نحو مؤنس الذى يومئ رأسه بالرفض، لكن خيب جسور رأيهُ وقال:
وأنا بيشرفنى الصهر بينا يا شيخ جلال وانا الكسبان
رجُلين من زينة شباب الباديه.

إنصدم حيدر وشعر بخزي مثل الشيطان حين يُنطق إسم الله يحترق من داخلهُ، جسور فاز عليه بالمراوغه،فبدل ان يُماطل بالرد
جاوب بالقبول وتشرف انه أخذ صِهرين من عشيرة العبيدي، وأصبح هو الفائز اليوم بالحِنكه، لكن هل مازال هنالك جوله أخرى، لا جسور أغلق الطريق عليه.

وبالآكثر حين قال:
بعرف يا شيخ جلال آنى لابد آجى لحدا ديارك وأطلب منك يد العروس وهضا شرف إلى.

إبتسم جلال يشعر بفخر من عقل هذا الشاب، هو ورث أبيه وإزداد فطنه عنه وقال:
بيشرفى إتيانه بأى وقت لديارنا يا شيخ جسور.

إبتسم جسور قائلاً: بالغد هتكون زيارتى لديارك يا شيخ جلال، وخير البر عاجله، بقترح إن الزفاف يتم بأقرب وقت ما فى داعى للتآجيل.

إبتسم جلال قائلاً: ومهر العروستين هيكون مضاعف

تبسم جسور قائلاً: أهل كرم يا شيخ جلال.
ــــــــــــــــــــــــــ……
بسفح جبل النداهه
جلس سيزار على حرف ذالك البئر يتلاعب فى المياه بيدهُ…. الى أن سمع:.
حاذر من نداهة الجبل…

رفع وجهه ونظر أمامه مُبتسمًا يقول:
كنت متاكد إنك هتجى.

تبسمت بدلالها:
مش خايف من نداهة الجبل تغدر بيك مره تانيه.

نهض سيزار وسار الى أن أصبح أمامها ورفع يده وازاح ذالك البُرقع عن وجهها قائلاً:
لا يُلدغ المؤمن من النداهه مرتين.

تبسمت بدلال قائله:
بس النداهه خيال بتشوفه وأنت مغمض بس.

رد سيزار: بس انا النداهه اللى ندهتلى حقيقه مش خيال يا عوالى… ومش هتقدر تختفى عنى مره تانيه لآنى عرفت بداية طريقها ونهايته معايا مفتوحه.

ردت عوالى بإستفهام: كل شى له بدايه ونهايه،بس أيه بدايته؟
ونهايته أيه؟.

رد سيزار بثقه: بدايته كانت هنا ومالوش نهايه.

ردت عوالى: واضح إنك متأثر بصفتك العسكريه.

تنهد سيزار قائلاً:عمرى ما أرفع راية الأستسلام
مُحارب لآخر نفس يا عوالى،والظفر من نصيبى.

نظرت له عوالى بإعجاب يزداد مع زيادة نبضات ذالك الخافق بداخلها وقالت:
بس أنا عوالى جلال العبيدى،الملعونه.

وأنا” محمد سليم” قلبي ميعرفش غير الإيمان بالقدر اللى جابك وجابنى لهنا فى ليله قمريه سحرنى ضؤها اللى كان مُسلط على وجهك…بين الخيال والحقيقه بحثت عنك وكان عندى إستعداد أفتش بين نسوان العشاير هنا،بس قلبى كان حاسس إننا هنتقابل تانى،وأحنا أهو فى نفس المكان اللى إتقابلنا فيه قبل كده فى وضح النهار.
……ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بمنزل جسور
انصدمت غنوه بعد ان علمت من جدتها انها هى الأخرى ستتزوج من عشيرة العبيدى وقالت:
هضا مستحيل.

ردت الجده:وليش مستحيل إنت مو صغيره بعمرك كان معى صبى.

ردت غنوه:هضا كان جهل يا حني،أنا ما بدى إتزوچ الحين.

تهكمت سالمه التى آتت مُبتسمه:وليش يا شاديه ما بدك تتزوچى الحين،بدك ترعى الغنمات بالباديه وتغنى لهم.

ردت غنوه:بتتمسخرى علي،أنا كان بدى إتزوچ متلك عن قصة حب،شاب يتحدى مشانى.

تبسمت الجده قائله:
جسور خبرنى بآن باكر هيروح يخطب يد بنت الشيخ جلال ويحددوا موعد العُرس بأقرب وقت،يعنى خلاص إنتهى الآمر.

تذمرت غنوه بطفوله،ضحكن عليها الجده وسالمه،بينما هى همست لنفسها:كان
بدى أعرف مين هضا الغبى اللى دعت عليه والدته.

الفصل التالي اضغط هنا

يتبع.. (رواية حمام كليوباترا) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.

أضف تعليق