رواية العبث الأخير (ركاب سفينة نوح) – الفصل التاسع
[العبث التاسِع]
[العبث التاسِع]
_رُكاب سفينة نوح.
•عنوان الفصل/ جحيم مُظلِم.
” لقد رأيتُ الشيطان بأشكال عِدة، رأيتهُ يسرِق، يقتُل، ينشُر الرذيلة في الأرض، جميعهُم كانوا من بني جنسي، من بني أدم، لكِن الشيطان بـِ ذاتهُ! لم يُفارِق عرشهُ.. كان يُحرِكهُم بهمسات خفية، لم يستطع أحد الإستماع إليها سِوا دُميتهُ قليلة الإيمان، لقد كان ولازال عدوك الأبدي.. هو الشيطان! ” _بقلمي
ملحوظة للمرة الألف / أنا غير مُضطرة من وقت للتاني شرح نفس النُقطة لمُجرد إن حضرتك قررت تتجاهلها، قبل نزول فصول العبث الأخير نزلت توضيحات ما قبل العبث الأخير، نزلت فيس بوك وواتباد فـ من غير المُمكِن إنك مشوفتهاش كونك تجاهلتها دي مش مُشكلتي، التوضيحات قالت إن الرواية دي مش هتناسب البعض، لذلك يُمكنك عدم قراءتها، فيها مشاهد مش هتناسب ناس كتير لكِنها ضرورية.. فـ أنا مش هستفاد أي حاجة من تعليق حضرتك إن مشاهد نوح إنت مش قادر تتحملها وتعبتك رغم إني كاتبة تحذيرات يعني مفاجئتكش مثلًا، ولو شايف الرواية بقى فيها مط وتتمنى إنها متطولش فـ أسفة هي برضو غير مُناسبة ليك أنا كـ كاتبة عندي أحداث هتناسب نهايتها ماليش علاقة بإستعجالك وإنك عاوز تخلصها وخلاص، لما تخلص إبقى إقرأها وإعمل سكيب للمشاهد بنفسك لكِن متقوليش أكتب إيه وإزاي أنا كاتبة حُرة مش تحت إمرة حد إتحكم في نفسك مش فيا!، حاجة أخيرة أي تعليق مش مُناسب خصوصًا في الواتباد مش هرُد عليك ومش هنجرف في نقاش عقيم معاك يقِل مني همسح التعليق وهعمل حظر عشان في ناس كتير أوي مش محترمة ومبتراعيش إن الكاتِب بيتأثر، في خلاف ذلِك قِراءة مُمتِعة.
_________________________________________
المكان: منزل أعلى تل مُرتفِع.
تحديدًا: جناح نوح.
كانت ممدة جنب نوح على السرير وهي مدارية جسمها وجسمُه باللحاف الرمادي وشعرها منثور على المخدة، باصة للشباك وشايفة المطر بينزل بـِ بُطء على الإزاز فـ قالت بهدوء: بحسك مُتقلِب، زي المطر بالظبط، مرة بتحب أوي، ومرة بتكرهه أوي، والشعورين عندك من غير أسباب، بحاول أدورلك على سبب للي عملتُه مش لاقية بجد يا نوح.
بلع ريقُه وهو بيمسح وشُه بإيديه وكان لسه لابِس ساعتُه فقط وقال: ومتدوريش، دماغك هتتعبك على الفاضي.
إتعدلت رفيف وسندت على كوعها وهي بتبُصله وبتقول: طب هُما ماشي هقولك صُحابك وخونتهُم، بس أنا مراتك! سِت كانت حامل مِنك وشايلة إسمك، ليه كُنت مِن ضِمن إنتقامك!
نوح وهو باصص قُدامُه قال بتكشيرة: عشان تنشفي، مكانش عاجبني أبدًا رقتك مع العالم، كُنت عايز أختصها ليا وبس، طبيعتك دي هتخليكِ من بعدي تتبهدلي، معندكيش مناعة من الأذية والغدر فـ هتتعاملي بـ وشِك الطيب بالتالي مُمكِن حد يستغلك وياخد فلوسك مثلًا.
فردت رفيف دراعها وهي بتقول بضحكة قُصيرة: على رأي ستي الله يرحمها إيش ياخُد الريح من البلاط.
نوح بدون ما يبُصلها قال: إنتِ وريثتي الوحيدة يا رفيف، أنا مش هورث فلوسي لحد غيرك، عشان لما ولادنا يكبروا يبقوا ملوك ميحتاجوش لحد.
رفيف بصتلُه بخضه وقربت وهي بتحاوطُه بإيديها وبتحُط راسها على قلبه وقالت: بعد الشر عنك، ليه السيرة الوحشة دي؟ تصدق رغم كُل اللي إنت عملتُه معايا مبستحملش فكرة يجرالك حاجة، أنا لسه بحبك يا نوح.
ضم راسها ليه بدراعُه وهو بيبوس راسها وبيقول: وأنا كمان بحبك عشان كدا عاوز أأمِنك، مش ضامِن اللي هيحصل، بس عاوزك تخلي بالِك من نفسك، وتعرفي إني حبيتك بجد مضحكتش عليكِ، أنا أصلًا معنديش عُقدة من الستات، كُل الحكاية إني مش نسوانجي ومكانش عندي وقت للعلاقات، لما شوفتك غيرتي فيا الفِكرة دي.
قبل ما رفيف ترُد سمعوا صوت خبط على باب الجناح بس خبط هادي فـ قلب نوح عينيه وهو بيقول لرفيف: مقربتلكيش بالكامل اهو عشان انتِ لسه والدة، قومي إلبسي حاجة وأنا هشوف مين على الباب.
قامت رفيف راحت على الحمام ولبس نوح الروب بتاعُه، وقف على باب الجناح وفتحه وهو باصص بتكشيرة لمرام اللي واقفة قُدامه وبتقول بصدمة مُزيفة: نوح باشا بحسب حضرتك خرجت فـ جيت أخُد الصينية من رفيف هانِم.
نوح بهدوء: مش أنا مكلِف أمنة بالموضوع دا تقريبًا؟
مرام بدلع خرج منها بدون قصد: كُلنا خدامينك يا باشا.
شاورلها براسُه وقال: خُشي خُديها وإخرُجي.
خرج نوح لـ برا ودخلت مرام وهي بتبُص على الأوضة، الهدوم اللي على الأرض، والسرير الغير مُنظم، فـ كشرت بضيق وهي بتشيل الصينية، عدت من جنب نوح وهي بتقول: أنا موجودة لو إحتاجتني في أي شيء.
مردش عليها فـ مشيت، قبل ما يقفِل الباب لقى واحِد مِن الأرانِب واقف بالماسك بتاعُه من بعيد وبيشاور لـ نوح.
خرج نوح من الجناح وهو بيقرب للأرنب وبيقول بجدية: في جديد!
الأرنب بوقاحة: البنت المُعاقة المحبوسة فوق، عانلة دوشة ومش راضية تسكُت كُل ما ندخُلها.
نوح برفعة حاجِب: تِصدق كُنت ناسيها؟
الأرنب بطاعة: إحنا مش ناسيينها يا باشا، بنحُكلها أكل ومياه من وقت للتاني بس مبتبطلش هذيان بالكلام.
نوح بضيق: طب نادي أربعة من زمايلك عشان طالعينلها.
_________________________________________
المكان: سيارة عيسى.
كان سايق بضيق وهو باصِص قُدامُه ومياسة جنبُه مكتفة إيديها ولسه بتهز في جسمها جامد قالت بضيق: لو سمحت وقف العربية ونزلني هِنا إنت ملكش أي حُكم عليا.
تجاهل كلامها وهو باصص قُدامُه وقال بنرفزة: مين دا؟ وكان قاعد بيتكلم معاكِ بأريحية كِدا ليه إلا لو إنتِ فتحالُه سِكة!
بصتلُه وهي مبرقة وقالت: مسمحلكش لا إنت ولا غيرك، وقف العربية عاوزة أنزِل.
عيسى بنفس العصبية والغيرة: ما ترُدي على سؤالي هو أنا هقعُد أكلم نفسي كتير؟؟
بصتلُه مياسة وقالت ببرود: واحد بيحبني وعاوز يتقدملي، دا يضايقك فـ شيء؟
سكت عيسى وملامِح وشُه بهتت، بعدها قال: وهتقبلي تكوني لـ راجل غيري عادي!
بصت مياسة قُدامها وقالت: ما إنت مع واحدة غيري عادي، ولا إنت مش هاين عليك تسيب الإستبن بتاعتك تروح من تحت إيدك؟
إتنهد عيسى وقال: مش هكذب عليكِ وأقولك محبيتش غيرك لإن دا مش حقيقي، بس إنتِ شايفة الوضع إنك الست الأهم في حياتي من بعد والدتي، ونقاشنا حوالين نُقطة أمل دي بقى نِقاش عقيم.
مياسة بدون روح: كويس إنك عارِف، فـ من فضلك نزلني على جنب، النمرة اللي عملتها من شوية مأثرتش فيا.
ركن عيسى على جنب، جت مياسة تنزل مسك معصم إيدها وهو بيبُصلها
بصت ليه وهي مستنية يقول اللي عاوزه، فـ قلع السلسلة بتاعتُه وحطها حوالين رقبتها وهو بيقول: خليها معاكِ، على الأقل عشان تفتكريني بيها.
قالت وهي بتنزل والسلسلة حوالين رقبتها: متقلقش، اللي إنت عملتُه فيا كفيل يفكرني بيك العُمر كُله.
نزلت من العربية وقفلت الباب، وقفت تاكسي ومشيت.. وهو لسه واقِف مكانُه بيبُص لأثرها.
_________________________________________
المكان: حارة المنيل
تحديدًا: الشارع أمام منزل الغُريبي.
كانت واقفة والدة عيسى بتنقي خُضار مِن الراجِل اللي بيعدي بعربيتُه كُل يوم، وفي شخص لابِس بدلة وواقِف على مقرِبة مِنها وهو بيبُصاها بتدقيق.
والدة عيسى للبياع: هي البطاطس مزرعة كِدا ليه؟ مال حاجتك بقالها إسبوع مش مظبوطة كِدا؟
البياع: دا اللي موجود في السوق يا حجة.
مدت لُه الكيس اللي معاها عشان يوزنُه، بعدها حاسبتُه وأخدت الكيس.. جاية تمشي عشان تدخُل العُمارة وقفها الراجِل اللي لابِس بدلة وهو بيقول بـِ رسمية: صباح الخير يافندم.
إتخضت ورجعت لورا خطوة بعدها ضيقت عينيها وهي بتقول: خير يابني؟
كان ماسك مفاتيح عربية، لفها على صوابعُه وهو بيقول بفضول: مفيش شقة فاضية للبيع في العُمارة دي؟
واة عيسى بإستغراب من هيئتُه النظيفة ومِن حالة العُمارة: بيع؟ لا يابني مُمكِن إيجار، على العموم إسأل عطية البواب.
جت عشان تتحرك تاني وقف قُدامها مرة تانية وهو بيقول بسُرعة: طب، مفيش شقة فاضية عامة يعني كان فيها حد وسابها وسافر مثلًا، أو هاجِر ومش راجِع..
صوت والدة عيسى إبتدى يعلى شوية وهي بتقوله: هو جرى إيه؟ مالك نازل فيا أسئلة إنت تعرفني؟؟
كان لسه هينطق لقى عربية عيسى وقفت فجأة وعملت صوت قوي، فـ جري الراجِل دا وركِب عربية كانت واقفة على جنب مستنياه، وطلعوا بالعربية بسُرعة، جِه عيسى عشان يركب عربيتُه تاني بعد ما نزل مِنها على أساس يطاردهُم بس والدتُه مسكت دراعُه وهي بتقول: إنت جيت فـ إيه وماشي فـ ايه؟
عيسى عينيه رفت وهو بيقول: الراجل دا كان واقِف معاكِ بيقول إيه؟
عدلت طرحتها وهي بتقول: طب تعالى ندخُل وأقولك.
عيسى بإستعجال: قوليلي بس يماا!
والدة عيسى بتعجُب: أبدًا، دا مهفوف، بيقولي العمارة فيها شقة للبيع قولتلُه لا رجع يقولي طب مفيش شقة فاضية صحابها سابوها ونسيوها، وأول ما إنت جيت طلع يجري زي ما إنت شايف.
بص عيسى لـ الرصيف اللي كانت راكنة عندُه العربية، لقى ثلاث محلات، صيدلية ومحل عصير قصب وجراچ المنطقة اللي ماسكُه واحد وبياخُد أجرة على الركن في جراچُه، إفتكر عيسى الوضعية اللي كانت واقفة بيها العربية، ضهرها كان للصيدلية، والصيدلية فيها كاميرا، فـ قال لأُمه بهدوء: تمام إطلعي إنتِ البيت يما هخلص كام حوار وأجيلك، هو يوسف فين؟
والدتُه بهدوء: عند حماتُه هو ونيللي، متتأخرش يا عيسى.
هز راسُه وطلعت والدتُه للعُمارة، مد إيدُه لرقبتُه عشان يحُط حديدة السلسلة في بوقُه ملقهاش إفتكر إنُه إداها لمياسة، فـ عدل الأيس كاب على راسُه وجِه يتحرك لقى بنت بتوقف قُدامُه وبتقول بـِ رِقة: إزيك يا عيسى.
رمش بعينُه مرتين وهو بيبعدها عن الصيدلية، وبيبُص للبنت اللي واقفة قُدامُه، ملامِح حزينة، شفايف بتترعش عايزة تتكلم لكِن مبيخرُجش مِنها صوت، شعرها أشقر بس مش طبيعي هي صبغاه، ضيق عينيه وهو بيفتكر..
_مُنذ سنوات.
رفع عيسى أمل وقعدها على كبوت عربية واحِد من الجيران، وهو مشتريلها حاجة حلوة وبيفتحهالها، وبُثينة قاعدة على السلمتين بتوع مدخل العُمارة بتبُصلهُم وهي ماسكة ساندوتش مامتها عملاهولها، مدت أمل إيدها لعيسى بالكيكة اللي فتحهالها عشان ياخُد قطمة فـ أخد وأكلت هي بعدُه وهي بتقول: أنا شوفت مع ماما فيلم قديم، أبيض وإسود.
سند عيسى على الكبوت بإيديه الإتنين وهي قاعدة بين إيديه وقالها: كان حلو زيك؟
ضحكت بطفولية وهي بتقول: كان غريب، زيك.
عيسى بتساؤل: إزاي؟
أمل وهي بتاكُل وشعرها الطويل بيطير: مره رُعب ومزيكا رُعب، ومرة حُب ورقص.
قربت بُثينة مِنهُم وهي واقفة على بُعد خطوة مِنهُم، أمل عينيها إتحركت وراسها ثابتة، كانت الدُنيا ليل، وقالت لعيسى في ودانُه بوشوشة: دي بُثينة!
_الوقت الحالي
عيسى فاق على صوت بُثينة وهي بتقول: سرحت؟
عيسى بإبتسامة بهتانة عشان إفتكر أمل تاني: إزيك يا بُثينة.
عينيها كانت بتلمع بالدموع وهي مُبتسِمة وضامة شفايفها بحُزن، بعدها ضحكت وخط من الدموع نزل على خدها وهي سنانها باينة وقالت بوجع: إنت فاكرني!
عيسى بإبتسامة حزينة: أه طبعًا.
مسحت الخط اللي نزل منها بطرف صوباعها وقالت بهدوء: كُنت خايفة أقربلك دلوقتي متعرفنيش، وأتحرِج
إنت بخير؟
هز راسُه بمعنى أه وقالها بتساؤل: إنتِ أخبارك إيه؟
قالتلُه ببُهتان: عايشة الحمدُلله.
قالها بتساؤل عشان ميحرجهاش وميحسسهاش إنها مضيقاه: بتشتغلي ولا لسه؟
بُثينة بهدوء: أه شغالة في الحضانة اللي بعد شارعين.
قالها بهدوء: ربنا يوفقك، مبسوط إني شوفتِك.
وإداها ظهرُه وجِه يمشي فـ قالت بُثينة بلهفة: هو إنت ليه مبتجيش المنطقة هِنا كتير؟
وقف عيسى في مكانُه، ولف بصلها بإستغراب وقال بهزار ممزوج بتساؤل: بتراقبيني ولا إيه؟
بلت بُثينة شفايفها بلسانها وهي بتقول: أنا ماليش صُحاب لسه يا عيسى، فـ هوايتي أقعُد في البلكونة أتفرج على اللي رايح واللي جاي، مبشوفكش بينهُم بقالي مُدة كبيرة، حسيت إن الكلام اللي بيتقال عن أمل أثر فيك.
وسعت عيون عيسى وقال بتأهُب: كلام إيه اللي بيتقال عن أمل؟
إرتكبت بُثينة شوية وبعدها قالت: بيقولوا، إنهُم بالليل بيشوفوا نور أوضتها مفتوح، رغم إن مُفتاح الشقة معاك، بيتفتح ويتقفل، وفي حد شاف خيالها واقِف عند الشباك.
عيسى بأمل: يعني عايشة!
بُثينة وهي بتعدل شعرها اللي بوظُه الهوا: بيشوفوا خيالها وهي طفلة، لو عايشة كانت هتبقى في سننا، مسمعتش عن الأرواح الغاضِبة قبل كِدا؟
بدأ عيسى يتنفس بسُرعة وهو بيقول: يعني إيه!
بُثينة بهدوء: لما شخص بيتقتل، غدر.. بتفضل روحه متعلقة في المكان اللي إتقتل فيه، بغضب.. لغاية ما حقه يجيلُه.
عيسى وهو بيفتكر قتـ| لُه للي قتـ| لوها قال بهمس: يبقى المفروض روحها إتحررت.
بُثينة بتساؤل: إيه مش سامعة؟ عيسى فاق من شرودُه وقال بجدية: عن إذنك ورايا مشوار مُهم.
تجاوزها وراح ناحية الصيدلية وهي واقفة مكانها بتبُص لطيفُه، دخل عيسى الصيدلية ولقى فيها شاب
قاعد فـ قالُه عيسى: إزيك يا محمد.
مد الصيدلي إيدُه وهو بيقول: حبيبي يا عيسى عاش من شافك.
هرش عيسى في دقنُه وهو بيقول: بقولك في عربية ركنت قُدامك إنت ومخيمر بتاع الجراچ، بس ضهرها للصيدلية بتاعتك، عايز بس أعرف رقمها اللي ظاهر في الكاميرا عندك.
الصيدلي بتوتُر: ما إنت عارف إن تفريغ أي كاميرا لازم تدخُل من الشُرطة انت فاهم الحتة دي.
بصلُه عيسى وقال: وإنت عارفني كويس يا محمد مبعملش حوارات لأهل منطقتي، إنت عارف غلاوتكُم عندي إزاي، متقلقش دا في السكرتة بيني وبينك.
إتحرك محمد من ورا الڤاترينا وقلب اللوحة لـ مُغلق، وبعدها قال لعيسى: الشاشات في مخزن الدوا تعالى.
عيسى وهو بيتحرك سحب خافِض لسان محطوط على الڤاترينا وحطُه في بوقه وهو بيضغط عليه بسنانُه بغيظ،
_________________________________________
المكان: مجهول..
تحديدًا: غُرفة صغيرة نوعًا ما.
كانت قاعدة قُدام المرايا بتبُص لشعرها الأشقر الطويل، مسكت قُطنه حطتها في مياه ورد وحسست بيها تحت عينيها وعينيها الإتنين بيرفوا وبيدمعوا، بعدت القُطنة وهي بترمش كذا مرة، سمعت صوت خبط على باب أوضتها فـ قالت بالفرنسية: إدخُل
دخل الشخص وهو بيبُص ليها بإعجاب وقال: هتتحركِ إنهاردة تعملي أي لقطة تلفتي إنتباهُه؟
من غير ما تبُصله قالت بهدوء وتُقل في الحروف: بلاش إنهاردة أنا مُجهدة.
وطى وحط راسُه عند رقبتها من ورا وهو بيبُصلها في المرايا وبيقول: إحنا مش شغالين بمزاج اللي جابوكِ، يا تعرفيه إنتِ مين بس بعد ما تسحليه في دوامة ملهاش نهاية، يا إما هنخلص عليكِ والمرة دي هتصيب بجد.
كشرت وبدأت تتنفس بسُرعة وقالت: أنا شوفت الموت بأشكال كتير، مش هخاف من تهديدك ووعيدك، برا!.
إتعدل وهو بيقفل الزُرار اللي عند رقبتُه وقال: هنشوف هترسى على إيه.
خرج مِن الأوضة فـ رمِت هي القُطنة وإتنهدت بضيق.
__________________________________________
المكان: بناية جديدة في مكان أخر.
تحديدًا: الشارِع العام.
كانت لابسة تيشيرت كت أحمر، وعليه چاكيت جلد إسود وبنطلون إسود، وفاردة شعرها اللي بدأت خُصلاتُه الشقرا تنبت من منبت الفروة والخصلات السودا تبهت، بتجُر العربية اللي فيها بنتها قمر ورايحة تجيب حاجات لبيتها.
وقف قُدامها أيمن وهو حاطط بلاستر جروح في وشُه فـ غمضت هي عينيها بإحراج وقربت خطوتين مِنُه وهي بتقول بأسف: أنا حقيقي بعتذرلك، مكونتش أعرف إن طليقي هيظهر فجأة ويسبب الفوضى دي.
أيمن بغضب: ولما هو طليقك عمل كدا ليه إلا إذا كان لسه بيحبك؟
عيون مياسة ملت دموع محبوسة وإبتسمت بحسرة وقالت: صدقني هو مُمكِن يكون عمل كدا لأي سبب في الدُنيا إلا إنُه بيحبني، هو بيحب واحدة تانية متقلقش من النُقطة دي.
هدي أيمن شوية وقالها بهدوء: طب رايحة فين دلوقتي؟
غمضت عينيها ثانيتين عشان تجفف الدموع وبعدها بفتحتهُم وقالت بإبتسامة وتنهيدة: هروح أجيب شوية حاجات للبيت، وإنت شوفتني صُدفة ولا كُنت مستنيني؟
أيمن بهدوء وهو باصصلها: كُنت مستنيكِ.
سكتت ومردتش عليه، مكانتش حاسة تجاهُه بأي مشاعِر.. هي لسه بتحِب عيسى، شاور أيمن قُدامُه وهو بيقول: إتفضلي طيب هوصلك.
مياسة بذوق: لا مش مستاهلة بجد، دا قريب مِن هِنا.
أيمن بإصرار: لازم عشان محدش يضايقك.
ضحكت جواها وهي شيفاه متخرشم من عيسى ومشيت وهي بتقول بهدوء: في حاجة مُهمة لازم تعرفها عني.
أيمن بفضول: حاجة إيه؟
مياسة بهدوء وهي باصة قُدامها: أنا إتجوزت مرتين، وأول مرة كُنت حامل والبيبي نزل..
أيمن بصدمة: مرتين! مش باين عليكِ؟
رفعت أكتافها وقالت: نصيب.
أيمن بهدوء: مع ذلِك أنا لسه مُتمسِك بيكِ، إن شاء الله أنسيكِ كُل دا.
إفتكرت عيسى لما قالها كِدا فـ إبتسمت بخيبة وقالت: ربنا يعمل اللي فيه الخير.
_________________________________________
المكان: منزل بدر الكابِر.
نزلت سيليا على السلم وهي لابسة روب وماسكة فوطة كبيرة، ضيقت سيا عينيها وقالت بتساؤل: على فين؟
سيليا بإرهاق: نيمت بدر وسيلا، وهروح أعوم شوية في البيسين.
سيا بتبريقة: إنت مُخك مش فيكِ؟ الجو ثللج دا أنا بالي مع أبوكِ عشان مسافِر مع كينان وقاسِم يوم لشرم الشيخ وراجعين بُكرة، بقول هيعملوا إيه في الجو الثلج دا، وإنتِ تقوليلي بسين، إطلعي إلبسي حاجة تقيلة وبلاش هيافة.
سيليا بزهق: متقلقيش مش هيجرالي حاجة، وبعدين مش هقعُد كتير.
سيا بإبتسامة: كادِر بيتصل، أخوكِ قادر سافر مع أبوكِ رغم إعتراضي.
ابتسمت سيليا وقالت: سلميلي على كادر كتير.
خرجت سيليا للمكان الخلفي اللي فيه حمام السباحة، خلعت الروب وفضلت بالمايوه وهي حاسة ببرودة شوية، نزلت للبسين وبدأت تعوم بعدين سمعت صوت تكتكة، كشرت وهي بتحاول تعرف مصدر الضوء وقالت برعشة: مين؟
ظهر عزيز فجأة فـ برقت وهي بتقول: إنت دخلت إزاي؟؟ الحرس شافوك!
عزيز وهو بيخلع التيشيرت وبينزل للبسين معاها: عيب عليك دا أنا قديم في الحوارات دي، من أيام تكييفات المدرسة البايظة.
كانت خايفة وبتتلفت حواليها وقالتلُه بهمس: عزيز مينفعش بجد بابا مسافر وماما..
قاطعها وهو بيحاوط رقبتها بإيديه الإتنين وبيسحبها ناحيتُه.
إداها قُبلة عميقة وبعدها بصلها وقال: إزاي نازلة بالمنظر دا؟ بمايوه! مش كفاية عليا الفُستان الأحمر!
قالتلُه وهي سانده على دراعاتُه في المياه: إزاي عرفت إني في البسين أصلًا؟
عزيز بإبتسامة: سمعت صوتك وإنتِ بتقولي لمامتك إنك نازلة، تعالي بس عشان وحشتيني.
أداها قُبلة كمان فـ سحبت نفسها بالعافية منُه وهي بتقول: عزيز إحنا لسه متطلقين مينفعش اللي بيحصل دا، طلعني عشان بردانة.
خرج من البسين ومد إيدُه وسحبها لـ برا وهو بيحُط الروب بتاعها عليها وبينشف نفسُه بالفوطة وقال: ما أنا زهقت، حاولت مع أبوكِ مش راضي، وأنا راجل وعندي شعور يعني، مش حابب أقرب لأي ست غير ليكِ، من ساعة ما شوفتك في الكافيه وأنا..
قاطعتُه سيليا وقالت: حاول مع بابي تاني يمكِن يوافِق، صحيح عملت إيه مع نوح؟
عزيز بتنهيدة: معرفش عنُه حاجة من ساعة ما هكر فوني ومسح الفيديو من عليه، بس مش هحلُه دا وعدي ليه.
سيليا سكتت شوية بعدها قالت فجأة: إنت تعرف إن عمتك جاتلي؟
عزيز بصدمة: نعم؟؟ إزاي؟
سيليا وهي بتعدل شعرها المبلول: كُنت في براند ميك أب بدور على ليب ستيك مُعين وشوفتها معرفش عرفت مكاني وتحرُكاتي منين، جت باستني وطولت في البوسة في خدي وعرفتني بنفسها.
عزيز تجاهل كُل دا وقرب من سيليا وهو بيلمس خدها وبيقول: باستك من هنا؟
قرب وباسها من خدها بوسه طويلة وهو ماسك ضهرها، نامت على ظهرها فـ باس هو خدها التاني وقال: طب ومباستكيش من هنا؟
ضحكت بخفية وقالت: مش هتسكُت غير لما تعملنا مصيبة.
قرب ليها وقال: أبوكِ لو مردش عليا هعمل مُصيبة بجد، مش هقدر أصبُر.
قبل ما يقربلها لاحظ حاجة وقال بصدمة: إيه دا؟؟
_________________________________________
المكان: منزل أعلى تل مُرتفع.
تحديدًا: الطابِق السُفلي.
صوت محمد مُنير ” أخر مرة أما سِبتك، كتمت الشكوى ليه! مش كان أحسن حاسبتِك؟ وعرفت القِصة إيه! لكِن محاسبتكيش وقولتلك مفيش كأنك يا حبيبتي أمرك ميهمنيش ”
مرام كانت ماسكة قكعة لحمة كبيرة بتقسمها لأجزاء وبتقول: ذوقه حلو في الأغاني، بحس مُنير دا لـ بتوع التسعينيات وبس.
أمنة وهي بتقطع الخُضار: والله العظيم إنتِ فعلًا ما هتهدي غير لما يعملوا فيكِ حاجة.
خالِد كان ماسِك القناع بتاعُه بإيدُه من ورا الحيطه وبيلاعب بيه أمنة اللي إبتسمت بطفولة لما شافتُه، بص من ورا الحيطة وشاورلها تطلع عشان يكلمها فـ شاورتله بعينيها على الخُضار إنها مش هينفع تسيبُه، شاور بمعصم إيديه على الساعة وبعدين عمل بكف إيدُه رقم خمسة، مفهمتش راح مشي.
دخل واحِد من الأرانِب وهو بيقول: الباشا برا، وقرب ييجي خلصوا بسُرعة.
سحب كوساية نيه من قُدام أمنة وقطمها فـ بصتلُه أمنه بقرف، كان مغطي وشه ماعدا بوقه ومناخيره وعينيه، وقال بضحكة ساخِرة لـ مرام: عارفة حتة اللحمة اللي بتقطعيها دي لحمة إيه؟
إستغربت مرام وقالت: دي لحمة بقري..
قعد هو على الترابيزة وقال: غلطتي في حرف.
مرام بصدمة:!!!!
_________________________________________
المكان: منزل مياسة الجديد.
كانت شايلة قمر اللي مش راضية تسكُت وبتحاول تهديها، فجأة قمر هديت ومياسة شيلاها، رايحة جاية بيها في الصالة وهي بتدندن بموسيقى هادية كدا.
مدت قمر صوابع إيديها الصُغيرة للسلسلة على رقبة مياسة
مياسة بصتلها بطرف عينها وهي بتقول: كخ يا ماما سيبي.
حاولت تبعد إيديها عن السلسلة لكِن قمر كانت لفت صوابعها عليها وهي بتشدها.
مياسة بضيق: سيبي يا قمر جرى إيه هو أبوكِ مسلطك عليا!
قمر كانت لسه بتشدها ناحيتها وهي بتعيط راحت مياسة باست إيديها وهي بتقول: أيوة دي بتاعة بابا، يا بنتي صوابعك غلط عليكِ!
سحبت مياسة السلسلة ناحيتها راحت إتفكت ووقعت على الأرض.
مياسة بشهقة: مبسوطة كِدا، إقعُدي في عربيتك لغاية ما أشوفها إتقطعت ولا إتفكت.
وكت مياسة على الأرض وهي بتجيب السلسلة، لقت الحديدة اللي عيسى بيحُطها في بوقُه مفتوحه نُصين، وواقع منها مُفتاح رُفع إبرة علبة البولوبيف، صُغير ولونه إسود!
يتبع..
#العبث_الأخير. “رُكاب سفينة نوح”
#بقلمييييي
#روزان_مصطفى.
الفصل التالي: اضغط هنا
يتبع.. (رواية العبث الأخير (ركاب سفينة نوح)) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.