رواية ملاذي و قسوتي – الفصل الخامس والعشرون
الخامس والعشرون
بعد عودتها من بيت ريم قد اصرت الجدة
راضية على المبيات مع ريم لعدة أيام لحين ان تتحسن حالة حفيدتها النفسية هي ووالدتها( فوزية)…
دلفت حياة الى غرفة نومهما لتراه يستلقي
على الفراش ببنطال بيتي فقط وفي يداه الهاتف يشغل عقله به…
رفعت حاجبيها وهي تطلع عليه بضيق فمن وقت خروجهما من البيت الى حين عودتهما إليه لم يتحدثون مع بعضهما وهي التزمت الصمت بسبب صمته
الفظ ذلك……
رفع سالم عيناه عليها ونظر لها ببرود قائلاً
“مالك واقفه كده ليه مش ناويه تنامي…. ”
نظرت له بخبث لترد عليه بضيق زائف…
“ناويه أنام طبعاً…. بس ازاي هنام وانت
نايم قدامي بشكل ده…… ”
رفع حاجباه بعدم فهم…
“نعم ؟! ….هو انتي اول مره تشوفيني
كده…. ”
اولته ظهرها وهي ترد عليه بمكر…
“مش أول مرة بس إحنا زعلانين وطول
ما احنا زعلانين مع بعض نلزم حدودنا..”
سألها باستفهام..
“حدود إيه بظبط……. مش فاهم…. ”
نظرت له وابتسمت بخبث….
“يعني أنتَ تنام على الارض وانا انام على السرير وقبل ده كله تستر نفسك بفانله
بكم…. عشان انا بتكسف….. ”
فغر شفتاه بصدمة من حديثها…
“بتكسفي… واستر نفسي طب ماتحجب احسن.. ”
كبحت ضحكتها وهي تستفزه أكثر….
“واللهِ الموضوع ده على حسب قوة
إيمانك …..مـ ”
“اخرسي….وتعالي اتخمدي جمبي ومن غير
صوت تنامي…… “هدر بها بقلة صبر وهو يمرر يده على وجهه بقهر من غبائها المستمر بكثرة هذه الأيام أهذا بسبب الحمل…..
“ربنا يكون في عونك يابني….”تحدث داخله بجزع وهو ينظر الى بطنها البارزة قليلاً ……
مسك الهاتف مره آخرى وعبث به بملل…..
دخلت الى المرحاض تأخذ حمام بارد ثم منامة وردية ألون عبارة عن هوت شورت قصير جداً يبزر مُتتصف فخذيها حتى اخر ساقيها ، ومن الأعلى ترتدي قطعة حريرة بحمالات رفيعة…
نظرت الى هيئتها في المرآة وهي تجفف شعرها بالمجفف….
ذهولت من مظهرها هذا كانت الثياب تبرز مفاتن جسدها بسخاء وتجعلها اكثر انوثه وجمال….
“تفتكري هيتأثر يابت ياحياة…. ”
تحدثت الى نفسها عبر المرآة باعتداد..
“لازم يتأثر مفيش بعد كده إغراء يعني…. ”
ابتسمت بمكر وهي تنوي الخروج اليه كغزالة
شهية تنادي صيادها الماهر للنيل منها….
خرجت من باب الحمام وهي تحرك حدقتاها
يمينًا ويسارًا لتجد الغرفة فارغة قد خرج وتركها بعد كل هذا العناء في تجهيز نفسها
رحل !….
لوت شفتيها باحباط مغمغمة…
“راح فين ده؟!….”
دبت بالأرض بقدميها زافرة بحنق لتسمع صوتٍ رجولي عابث من خلفها يعلق بمداعبة
وقحة….
“انتي نسيتي تلبسي البنطلون وانتي
خارجه… ”
انتفضت شاهقة بصدمة وهي تنظر خلفها
لتراه مباشرةً أمامها وحين تلاقت أعينهما
غمز لها بشقاوة ذكورية …..
“انتَ كنت فين…….و إزاي تُخضني كده…. ”
رد سالم بجمود…
“هكون فين يعني موجود سلامة النظر ياحضرية.. ”
عضت على شفتيها وهي تقف مكانها بتلك الهيئة المُغرية …….فقال هو….
“مش ناوية تكملي لبسك….. ”
اتسعت عينيها باستفهام….
“نعم ازاي يعني مش فاهمه…. ”
نظر على نصفها السفلي قائلاً بمكر…
“يعني البنطلون…….. فين البنطلون….”
قالت بأسلوب بارد يماثله….
“مافيش بنطلون……موضته كده… ”
رفع حاجبه وهو يقول بنبرة ذات معنى …
“اه موضته ! ….حلوه الموضة دي البسيها علطول…”
اشتعلت عينا سالم برغبة بها ولكن حاول السيطرة على نيران أشواقه الآن فمزال
العقاب في بدايته…
عضت على شفتيها وهي تبتعد عنه تنوي النوم الان فقد رأت الصراع في عينا سالم والتردد والمحزن في لأمر إنهُ يكابر أشواقه وعشقه لها بالابتعاد عنها…..
مزال مصمم على ابعادها والنفور منها…
قالت باستياء….
“انا داخله أنام….. تصبح على خير….”
لم يعقب على جملتها فقد تركها وتحرك نحو
الشرفة المتواجدة في غرفتهما الخاصة…
يشعل السجائر ويحرق اعصابة وما تبقى
من قلبه الملتاع على جمار حبها….
نزلت دموعها على وسادتها بقهر وقلبها
ينادي معذبة ان يرفق به ولو قليل فلم
تعد تتحمل هذا التنائي والهجر منه…..
أنها بدون سالم كـوردة بدون راوي والحب سقاءً لروحها وقلبها فـهل سيتركها هكذا
تموت عطشان للهوى !…..
ظلت بين وحشة الفراق تتألم بصمت باكية
حتى غفت بتعب تاركه نفسها تطفو على
حلم لقياه طالما انهُ يمتنع بكبرياء ان
يتلاقى بالواقع….
دلف سالم بعد لحظات الى الغرفة أشعل
ضوء المصباح وراها ذاهبة في ثبات
عميق فترك نفسه يتأملها بعينين عاشقتان
لها حد النخاع…..
كيف يهجرها وقلب ملك يداها كيف يبعدها
عنه وهو يموت لوعةٍ واشتياق لها….
ظل يحدق بها بعينان تحاربان حُسنها وتأثيرها
القوي عليه….هيهات من هذا العشق….وهيهات
من حبك يـاحـيـاة….
نزل على عقبيه أمام حافة الفراش كالمسحور
امامها يتخلل باصابعه خصلات شعرها الأسود
الناعم…..وعيناه تطوف بتمعن عليها وكأنه
أمام أجمل الأشياء القيمة التي حصل
عليها دون حسبان ؟!….
اعترف بصوتٍ خشن صادق….
“بحبك اوي ياحياة…..وتعبان من غيرك….
وعارف انك تعبتي مني ومن قسوتي عليكي….بس أوعدك هنرجع في الوقت
اللي هتأكد فيه انك بجد اتعلمتي من غلطتك
وانك مش بساهل تضحي بيا وباللي بينا…”
قطف القبل من وجنتها قائلًا بعهد
عاشق…..
“هنرجع ياحبيبتي وعد…هنرجع وهنبقا أحسن
من الأول…..عشاني وعشانك وعشان ولادنا..”
وضع يده على بطنها مستشعرًا هذا الشعور
الجديد بينهما جزءًا منه يحيا بداخل رحِمها
فخفق قلبه بشدة وهو يميل طابع القبل على بطنها البارزة قليلا… ثم دثرها بالغطاء
بعدها جيدًا….
مستقل بجوارها يضمها الى صدره مكتفي
بهذا القدر معها….بينما هي غارقة في أحلام
لقياه وعشقه غافلة عن ما يحدث غافلة عن
سماع آهات الشوق عن عاشق ينشد قربها
لكنه يتمسك في اللحظة الأخيرة
بالصبر…. فقط الصبر….
فكل شيء يحتاج للصبر…
……………………………………………………..
بعد مرور اسبوعين……. في الساعة الثانية صباحاً نظرت له وهو مستلقي على الفراش ونائماً لا يشعر بشيءٍ من حوله….. عضت على شفتيها وهي تقترب منه وتدفع ذراعه ببطء وهي تقول …
“سالم……سالم….. قوم….ياسالم قوم…. ”
فتح عينيه ببطء ناظراً لها بتكاسل وعدم
فهم
“في إيه ياحياة…… بتولدي ولا إيه…. ”
ففرت حياة شفتيها بذهول وهي تجيبه…
“بولد إيه بس انا لسه في اول شهور
الحمل… ”
زفر بضيق ….
“طب بتصحيني ليه….. ”
ابتسمت بمكر وبصياح انثوي مجنون
قالت
“سالم……. انا بتوحم …..”
” ممم شاطره…. نامي بقا…. “وضع الوسادة على رأسه عائد إلى النوم….
جذبت الوسادة بحنق وهي تزمجر به
“هو إيه اللي شاطرة…. مش لازم تعرف
انا بتوحم على إيه….. ”
رد عليها وهو مغمض العينان…
“الصبح ياحياة انا تعبان وهصحى للشغل
بدري زي كل يوم…… ”
أيقظته مرة آخرى وهي تقول بحدة…
“ماهو عشان أنت بتروح الشغل بدري يبقى لازم تعرف انا بتوحم على إيه وتجيبه ليا لحسان ابنك يطلع فيه وحمة في وشه….
مش انت بتخاف على ابنك برضه
وهو أهم حد عندك…. ”
قالت اخر جملتها بنبرة ذات معنى……
نهض بضيق وهو يزفر بحدة….
“اتفضلي قولي ابن الكلب اللي جوا ده
بيتوحم على إيه …..”
ابتسمت وهي تصفق بسعادة خبيثة…
“شاورما……. وشبسي……. وبيبسي دايت….”
فغر شفتيه بصدمة سائلاً بدهشه….
“انتي متاكده أن ابني هو اللي عايز الأكل ده…. وسؤال هو ابني طالب بيبسي ….. ”
توسعت الإبتسامة أكثر على محياها
وهي تقول…
“اااه ودايت كمان حتى اساله…. ”
سند وجهه على كف يده وهو يتطلع عليها قائلاً بشك….
“أسأله ؟….. اسألو ازاي ….”
جذبت كف يده بين يدها ووضعته على بطنها
وهي تبتسم بسعادة من قربه و هدوء ملامحه وانظاره كذلك…همست برقة ناعمة…
“قوله يااستاذ حمزه انك انت اللي طلبت الطلبات دي……. يمكن باباي يصدق…..”
ابتسم وهو يمرر يده على بروز بطنها بحنان
ثم رد عليها بعد تنهيدة…
“طب انا هروح أدور على مطعم بس برا النجع عشان النجع مفهوش مطاعم ….بس بلاش بيبسي عشان غلط في فترة الحمل والشبسي كمان مش هكتر منه… ”
مرر يده مره اخرى على بروز بطنها ثم انحنى قليلاً وطبع قبله مكان موضع يديه …
سارت الرجفة جميلة قوية بسائر جسدها ارتفعت عيناه عليها مبتسمًا قبل ان يتركها
ويدلف الى الحمام….
اخرجت حياة زفرت عذاب من هذا البعد
والمسافات الكبيرة بينهما…الم يحن إليها
ويرحم قلبها وقلبه……
استقل سالم السيارة وهو يمسح عيناه بالمنديل الورقي مزال يشعر أنه على الفراش نائماً….ولكن حاول التركيز قدر الإمكان ليقود السيارة حيثُ وجهة معينة………
دخل البيت بعد ساعة ونصف ثم الى
الغرفة فوجدها تنتظر في الشرفة تغطي
الإطار المفتوح بستارة الكبيرة وشق
صغير في المنتصف يظهر المكان الخلاب
كانت ترتدي منامتها القصيرة التي اعتادت ان ترتديها في كل يوم تدلف به الى النوم وغيرها من تلك التصاميم المُغرية ترتديهم دوماً امامه
عندما يكنا بمفردهم…..
لكنه مزال عنيد يقاوم جمالها واغراءها..فهو
يريد اثباتات أكثر من تلك الاشياء العابرة…
“الأكل ياحياة…… “وضع الطعام على منضدة صغيرة في شرفة الجالسه بها…..
مسكت ذراعه وهي تقف أمامه قائلة بصوت
انثوي ناعم….
“سالم….. تعالى كُل معايا….. ”
نظر لها والى قربها الذي يشعل نيران أشواقه
رد عليهآ برفض…
“مليش نفس كلي انتي…. ااه جبتلك
عصير برتقال فرش بدل البيبسي… ”
عقدة يديها حول عنقه وهي تهتف بنفس الصوت الرقيق….
“شكراً….. بس انا مش هعرف أكل لوحدي تعالى كُل معايا بقا…. ”
امتنع قائلا…..
“بس انا مليش نفس…. ”
ابتسمت برقة وهي تقول….
“انا هفتح نفسك….. ”
جلسا على مقعد أمام تلك المنضدة الصغيرة ثم فتحت حياة علب الطعام بدورها وبدات بوضع الطعام على المنضدة وهو يتطلع عليها بتراقب..
بعد حوالي نصف ساعة قد انتهى الاثنين من تناول الطعام وكلاً منهما يلتزم الصمت طوال النصف ساعة…..
جلس سالم على المقعد مشعل السجارة وعينيه شاردة في البعيد دخلت حياة حينها ووضعت كوبين من الشاي الساخن أمامه..
نظر لها ورفع حاجبيه قائلاً بهدوء..
“اي ده ياحياة…… انا فاكر اني طلبت قهوة…. ”
جلست بجانبه وقالت بفتور….
“بلاش قهوة الشاي أرحم نفسك شويه منها….وهات دي بلاش كمان سجاير…. ”
وضعت السجارة في المنفضة ناظرة له بتحد وجدته يبتسم بسخرية قائلاً…
“ويترا ده خوف ولا سيطره عليا…. ”
ردت عليه بحزن مبهم…
“وتفتكر أنت في حد يقدر يسيطر عليك… ”
نظر لها بشك وتراقب يشعر أنها تريد قول
شيئاً ما
“عايز إيه ياحياة…. اتكلمي انا سمعك…. ”
نظرت الى عمق عيناه وهي تقول بحزن
“عايزه حياتنا ترجع زي الأول…. عايزاك ترجع زي الأول معايا …..وبلاش النظرة دي اللي بتخليني أصدق انك شاكك في حبي ليك… ”
“انتي اللي عملتي كده مش أنا…. انتي اللي
مقدرتيش تحبيني…… ”
نزلت دموعها من تصريح جارح لها…سُرعان
ما اخبرته بحزن…..
“انت أهلي ياسالم اهلي ودنيتي ازاي شايف بس اني مش بحبك….. ”
رد عليها وهي يبعد عيناه عن عينيها الباكية وهو يقول بقسوة….
“أفعالك هي اللي قالت كده هروبك مني وبعدك عني افعالك وانتي واقفه قدامي وبتقولي انك هتنزلي اللي في بطنك عشان ميكونش في بينا حاجة….
” مع انك واثقه ومتاكده ان اللي بينا أكبر من اسم على ورق أو طفل بنتشارك فيه…. ”
قالت حياة بتمهل وصدق…
“انا عارفه اني مُتسرعه في تصرفاتي وفي كلامي كمان… لكن لازم تعرف ياسالم انك كنت في بداية جوزنا وطول الوقت بتضغط عليا بطرقتك ومعاملتك معايا وكلامك ليا… دا حتى نظرتك كانت بتقل مني وبتحسسني قد إيه انا أقل من اني اعيش معاك تحت سقف بيت واحد …عشان كُنت في ملجأ وكـ. ”
قاطعه عن الحديث بضيق ….
“ممكن تكلمي من غير ماتجيبي سيرة الملجأ وحياتك قبلي كانت عامله ازاي…… ”
“دي الحقيقه ياسالم….. “نزلت دموعها فور انتهى جملتها….
جذبها من ذراعها بقوة جعلها تجلس داخل أحضانه ووبخها برفق حاني…
“الحقيقيه دي مش مهمه عندي….. انا عيلتك ودنيتك وكل حاجة ليكي يعني انتي مش يتيمه انتي بنتي ياحياة بنتي ومراتي وحبيبتي من يوم ما دخلتي حياتي وبقيتي مراتي …. حبيبتي اللي مهما عملت هيفضل المهزء اللي جوايا يديها الف عذر…”
ابتسمت بدموع وهي بين أحضانه واكملت حديثها بحزن…
” صدقني ياسالم.. انا لم خدت حبوب منع الحمل كانت في بداية جوزنا كنت خايفه
وقتها من علاقتنا ببعض وكنت لسه مش عرفاك كويس…. بس صدقني لم عرفتك وحبيتك….. بطلتها واللهِ ما كدبت عليك لم قولتلك اني بطلتها …..وعمري ماكدبت عليك من ناحية حبي ليك أقسم بالله انا حبيتك
بجد ….
” وحتى لم فكرت أهرب كنت عايزه اهرب عشان اريحك مني وترتاح من العذاب اللي سببته ليك ..”
ضمها الى أحضانه وهو يرد عليها بصوتٍ حزين….
“وانتِ شايفه انك لم تبعديني عن روحي
هرتاح.. ”
ظنت أنهُ يتحدث عن صغيرهما القادم
فردت عليه بصدق…..
“عارفه اني أنانية لم فكرت ابعد عنك ابنك بس… ”
“روحي هو انتي ياحياة… ”
توقف العالم بأسره من حولهما ربما توقفت
النسائم العابرة حولهما ربما كل شيء توقف في لحظتها الى خفقات قلبها العالية
وانفاسهما الاهثة معًا….
همست بأسمه بشفاه فاغر بدهشة جميلة
وكأنها سمعت للتو قصيدة غزل…باسمها
لم تخرج إلا لها….
“سالم…… ”
لمعة مقلتاه بالدموع وهو يكشف عن جانب ضعفه وعشقه لها….في لحظة نادرة لاول مرة
تراه بها….سالم شاهين يبكي !!…
معجزة الحب صنعت رجلاً عاشقاً عجز القلم عن وصف مشاعره النقية والصادقه نحو زوجته…
همس سالم معترفًا بتهدج….
“انا بحبك ياحياة…. وعايزك جمبي…. انا عارف اني صعب وطبعي حامي… وانتي استحملتي كتير مني أذا كان زمان او دلوقتي…..
عارف اني تعبتك معايا ياحياة… بس انا حبيتك اوي….حربت نفسي كتير عشان ابعد عنك بس مقدرتش… حاسس اني ادمنتك ادمنت حبك وحضنك وقربك وكلامك…
“مينفعش أبدأ يومي من غير ما
اشوفك قدامي ولا ينفع تغفلي عيني من غير ما احس بنفسك جمبي…. يمكن مش هعرف أقول كل اللي جواياا من ناحيتك ….. بس كل اللي هعرف أقوله ليكي اني عايزك معايا
ومش عايز حاجة تانيه من الدنيا غيرك…. ”
كلام متقطع ولكن صادق… نعم رجلاً لم يعرف
يوماً معنى تلك المشاعر يصعب عليه كشف كل مايعتريه نحوها ولكنه حاول ان يسرد بعض المشاعر المكنونة بداخله لها…
حاول قدر الإمكان الخروج من قوقعة الثبات والصمت تلك حاول حتى تشعر هي ويستوعب
عقلها انه أطلق عليها هذا اللقب لأنها…
(ملاذ حياته) الذي لن يتنازل عنها مهم
مر عليهم..
مسحت حياة دمعه منفردة انحدرت على لحيته…نظرت لها وهي تنزل دموعها بل توقف… تحدثت مثل الطفلة المشتته
حزنٍ …
“سالم انت هتسامحني صح…. احنا هنرجع لبعض انت عارف اني مش هقدر أعيش بشكل ده بعيد عنك… ”
مسح دموعها هو ايضًا و تحدث بحنو..
“كفايه عياط ياحبيبتي.. خلاص انا مش زعلان منك وانتي كمان مش زعلانه مني
مش كده؟!… ”
همهمت وهي تنزل دموعها وللمره الأول دموع سعادة على أنتهاء كابوس الخصام بينهما !….
ظلت باحضانها لفترة طويله تدفن وجهها داخل صدره تستنشق أكبر قدر من رائحته الرجولية الممزوجه بعطرة الناعم على الأنف …
اما هو فظل يمسد على شعرها تارة ويطبع قبلة عليه تارةٍ اخرى….
رفعت حياة رأسها عليه تلاقت اعينهما بشوق واضح.. همس سالم وهو يطبع قبله بالقرب من شفتيها…
“وحشتيني اوي.. وبقالك أسبوعين شغاله فقرات إغراء مش بترحم… ”
خبطت على كتفه برفق وزمت شفتاها
بعبوس ومزاح…
“وياريتك اتأثرت……”
ابتسم على عبوس ملامحها وهو يقول بعبث…
“بصراحه كنت بتأثر بس كنت بقاوم بالعافيه… بس مش مهم ملحوقه…. ”
شهقت بصدمة وهو يحملها على ذراعيه
في لحظة….
“سالم بتعمل إيه… ”
رد عليها بوقاحه وهو يدلف بها الى الغرفة
“هعوض اللي فاتنا في زعل… ولا انتي مش شاطره غير في فقرات الإغراء بس…. ”
وضعها على الفراش برفق ….وخلع تيشرت الذي كان يرتديه ظهرت عضلات ذراعيه وعرض صدره مقارنة بخصره المنحوت وبطنه المسطحة التي تحتلها عدة خطوط جذابة بسبب ممارسته للرياضة…
حتى قامة طوله تسحر عينيها به… كل شيء به يجعلها تقف مكانها تدقق النظر به باعجاب و مخجل ان نظرت لملامحها الان في المرآة !
اقترب منها بمكر بعد تلك النظرات الصارخة بالاعجاب….
“النظره دي تطمن اوي…. بس انا عايزك برضه تسيبي نفسك خالص ….و ورقه وقلم كده وتسجلي اللحظة التاريخيه دي…. ”
فاقت حياة من شرودها به وعضت على شفتيها وقالت بحرج زائف…
“على فكره انت قليل الادب…. ”
“على فكره مش محتاج شهادتك…. ”
اقترب منها وبدأ في قطف رحيق الحياة من شفتيها لتذوب بين يديه منصهرة من حرارة افعاله معها تركت جسدها يطفو على نهر الغرام في أجمل اللحظات الخاصة بينهما…
لينسى كلاً منهم مايدور حولهما فقط يداعب خلوتهما شروق الشمس وعزف العصافير من حول الشرف……. وهم منغمسين في عالمًا
اوتاره صاخبة كصخب اشواقهم….
__________________________________
فتحت عيناها ببطء فوجدت نفسها تستلقي بين أحضانه…..أبتسمت بسعادة وهي تقول ببطء
“معقول مكنش حلم….. ”
اقتربت منه تتمعن في ملامحه الرجولية الجذابة لاح عقلها مقتطفات من ليلة أمس
الشاعرية….كانت ليلة دافئة جامحة بالمشاعر
تناثر الشوق وهجر الأيام السابقة على الفراش خالق ساحة مضطرمة بالحميمية مجنونة بينهما……
عقلت بوقاحة تلائم لحظات أمس…
“أم كانت حتة ليله…. ”
ابتعدت عنه بعد لحظات الى الحمام….
بينما استيقظ سالم بعد مدة فوجدها تخرج
من الحمام ويحيط جسدها منشفة قصيرة
ومنشفة آخرى تجفف بها شعرها……
نظرت له بوجهٍ متورد كـبسمتها الناعمة….
“صباح الخير ياحبيبي…. ”
أبتسم لها ببال رائق مجيبًا…
“صباح النور….. الساعة كام دلوقتي …. ”
نظرت في هاتفها وردت عليه وهي تجفف شعرها أمام المرآة…..
“حداشر الضهر…..”
نهض من مكانه بتكاسل وتطلع عليها فوجدها
منشغلة امام المرآة ……نداها بخشونة حادة…
“حياه تعالي هنا قدامي…. ”
نظرت حياة له بحيرة… وسالت بتردد
” مالك ياسالم بتبصلي كدا ليه.. ”
رفع حاجباه ورد عليها بصرامة
“لم تيجي قدامي هتعرفي…. ”
اتجهت نحوه ووقفت أمامه بريبه وهي تطرح السؤال من جديد…
“في إيه ياسالم مالك…. اااه.. ”
وضعها سريعاً على الفراش بخفة وهو فوقها ثم ابتسم بعدها بمكر قائلاً بعبث….
“انا مخدتش اصطبحتِ ياوحش…. ”
ضحكت بذهول من هذا التصرف الشقي
منه…..فقالت بتنهيدة طويلة….
“تصدق أنا كان هاين عليا أطلع مخي اعصره عشان أعرف انت بتبصلي كده ليه على الصبح بس على العموم خد…. “قبلته في وجنته برقة….
فغر شفتاه بعدم رضا …
“اي ده انتي بتبوسي بنتك…. الاصطباحه مش كده……… كده…. ”
اقترب منها وكاد ان يقبلها في فمها اعترضت حياة قائلة….
“سالم إحنا اتاخرنا وانت كمان عندك شغلك و…. ”
قاطعها بوقاحة قال ….
“كل يتأجل إلا اصطباحت الصبح….. ”
هتفت حياة بضيق من جملته السوقية….
“اي اصطباحه ديه هو احنا بنحشش….”
“انتي حشيشت قلبي…. ”
رد عليها قبل ان يكتم باقي حديثها بقبلةٍ
حارة…..
(حب سالم شاهين شعلة مشاعر لا تخمد !!)
—————
بعد مرور شهر…..
في بيت بكر شاهين كانت تبكي خيرية وتتحدث بعويل وقهر….
“اخوكي اتحكم عليه بالإعدام ياريهام اخوكي هيموت ياريهام خلاص راح ابني راح بسبب سالم شاهين حسبي الله ونعم وكيل فيك ياابن زهيره منك لله…. ااه يابني ااه ينضري….. منهم لله ربنا ينتقم منهم ابني هيتعدم وهما عايشين حياتهم ومرتحين….. حسبي ألله ونعم الوكيل….. ”
مع كل كلمة تخرج من خيرية تشعل نيران الإنتقام والحقد داخل ريهام التي اعتصرت ورقة المحكمة التي بها حكم الإعدام على اخيها ، قبضة عليها بين يديها بقوة وغل…
وعينيها تتوهج بنيران الغضب والانتقام
فقد حان حرق قلب (سالم شاهين)على
من حدث كل شيءٍ بسببها….
“بلاش تعيطي ياماااا عيطي لم ناخد حق
وليد منهم….. ”
نزلت دموع خيرية وهي تقول بعويل..
“احنا مش قدهم ياريهام ابعدي عن سالم تعالي نسافر…. تعالي نخرج من النجع ده وكفايه كده كفايه موت ابوكي….. واخوكي…. اخوكي اللي هيتعدم قريب اوي…..
” ياحبيبي يابني روحت مني وانت لسه في عز شبابك يابني….. ”
نظرت ريهام الى خيرية بضيق وعيون حمراء
مُخيفة وقالت بنبرة مبهمه….
“مش هسافر قبل ما اخد بطار أخويا……”
صعدت الى غرفتها سريعاً….. أغلقت الباب عليها وانحنت تحت فراشها لتاخذ هذهِ القنينة البلاستيكية متوسطة الحجم …..
إبتسمت بتهكم وهي تستنشق رائحة البنزين التي تفوح منها…
والفكرة تلعب على اوتار انتقامها بإصرار !!…..
—————
وقفت أمام سيارته وكانت ترتدي عباءة محتشمة وحجاب أنيق عليها ولا تضع شيء على وجهها فقط كحل أسود يزيد جمال بُنيتيها الداكنة…
دلفت بجواره داخل السيارته بابتسامة
مشرقة وهي تقول بحب…….
“كآن ممكن أروح مع ريم انهارده لدكتوره زي كل مرة…..وكنت أنت روحت المصنع….. ”
حرك وقود السيارة وهو يرد عليها بخفوت..
“انتي قولتي بنفسك ريم بتروح معاكي كل مره….يعني المرادي هروح انا معاكي …..”
هتفت بشك ومزاح…
“انت بتغير ولا إيه…. ”
هز راسه وهو يقول بمزاح…
“اغير من مين.. من ريم؟…. لا طبعاً بلاش افوره…انا بغير عليكِ من هدومك أصلا….. ”
ضحكت وهي تسأله…
“بتغير من هدومي طب ليه…. ”
نظر لها بوقاحة وهو يهمس لها بعبث..
“بتغطي حاجات كده… “بتر جملته عمدًا
وهو يكمل بلؤم…
” مش مهم متعوضه بليل…. ”
أطلقت ضحكةً رنانة محملة بصدى مرحها
العاشق له….
قاد سيارته وهو يبتسم باستمتاع لملامحها السعيدة فرحاً وحبٍ……
بعد ان اختفت السيارة خرج غريب من خلف الشجرة وهو يبتسم بشر فقد أقترب معاد الثأر الآن !!….
“ماشاء الله كله تمام……. اطلعي كده على الميزان خلينا نعرف وزنك بقا كام….. ”
تحدثت الطبيبة بجملتها وهي تجلس على المقعد وتستند على سطح مكتبها تضيف في ورقة الكشف عدة أدوية لها.. كان سالم يقف بجانبها ليرى وزنها …..
هز رأسه بمزاح وهو ينظر الى الرقم ويهمس لها بخفوت…
“وزنك خمسه وخمسين ياوحش ……”
همست له بنفس الخفوت….
“سالم اكدب وقولها اني ستين كيلو عشان مسمعش محاضرت كل كشف….. كُلي اشربي خُدي الدوا اشربي اللبن نقصك حديد ولحاجات دي كلها….. ”
رفع حاجبيه وهو يرد عليها بجدية….
“لا… ماهو انتي هتاكلي كويس وهتظبطي مواعيد اكلك والدوا كمان… ومن أول النهارده انا اللي هتابع الموضوع ده…….عشان شكلك بتستهبلي ومش بتسمعي الكلام.. ”
زمت شفتيها بعدم رضا وهي تنزل من على ميزان الوزن قائلة بتبرم…..
“صحيح نسيت انك دكتور ….. ”
ذهبت لتجلس على المقعد امام الطبيبة ….
سائلة الطبيبة حياة بابتسامة حانية..
اكيد وزنك لسه زي ماهوا…وحتى التحليل قدامي بتقول إن الانميا عندك مش مظبوطه.. حاولي تهتمي اكتر باكلك وتاكلي الخضروات والفاكهة اللي قولتلك عليهم قبل كده عشان الحديد نسبته تُظبط في جسمك…..والحمدلله النونه بخير وبينمو طبيعي وشكله كده ولد شقي….. بس طبعاً هنتاكد اكتر
من نوع الجنين الشهر الجاي…. ”
أبتسمت حياة وهي تنظر الى سالم بعد ان علمت إن من الممكن ان تنجب ذكر وتسميه(حمزه) كما توقع سالم منذ بداية حملها…..
مسك يدها بعد ان رمقها بحب يصحبه الحنان الطاغي…
سارت معه خارج عيادة الطبيبة… كآن يقود سيارته بهدوء ويشغل الراديو لتدوي موسيقة هادئة في السيارة بأكملها…
سألته حياة بسعادة ….
“سالم تفتكر حمزه هيطلع حلو زيك كده…. ”
أ
بتسم وهو يرد عليها بغرور زائف…
“تفتكري في حد في حلوتي…. ”
وضعت يديها على يده وهي تقول بحب
“لا طبعاً مافيش حد شبهك انت مميز في كل حاجه بس انا نفسي يطلع حمزه شبهك اوي ….. ”
أبتسم لها بحنان وهو يمسك كف يديها ويقربه من شفتيه طابع قبله حانيه عليها وهو يقول بحب..
“هتصدقيني لو قولتلك اني نفسي يطلع شبهك انتي…… ”
ابتسمت بحب واشتبكت أعينهما ببعضها
حتى دوى صوت إطلاق الرصاص من حولهم فتوقف سالم في لحظة بسيارته واشتعلت عيناه وهو يرى غريب الصعيدي أمامه
مُبتسم بشر ومصوب سلاحه على الإطار الأمامي من السيارة…..
سالت حياة سالم بهلع وهي ترى هذا
المشهد بذهول……
“سالم في إيه ومين ده……يتبع…
الفصل التالي اضغط هنا
يتبع.. (رواية ملاذي و قسوتي) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.