رواية ملاذي و قسوتي الفصل الخامس 5 – بقلم دهب عطية

رواية ملاذي و قسوتي – الفصل الخامس

جفل سالم لبرهة ثم نظر لها بحدة ارعبتها….

 

تراجعت للخلف خطوة وهي تتشدق
بتبرير كالأطفال…
“على فكره دي مش شتيمه ..اكيد وانت صغير كنت حيات امك ودنيتها …فى عشان كده بفكرك بس بالغالية مش اكتر …”

 

عض على شفتيه بغيظ من اسلوبها وطريقتها معه التي تحتاج لضبط وتهذيب !!…

 

نظر الى تيا قائلاً بخبث…
“تيا ما رايك ان نسبح قليلاً..”

 

ابتسمت بسعادة ثم قالت ..
“حقاً اتمنى ولكني لأ اجيد السباحه ..”

 

“ساعلمكِ هيا بنا ….”

 

عضت حياة على شفتيها قائلة بتوعد
“ماشي ياابن زهيره انت اللي بدأت …”

 

اقتربت حياة من تيا قبل ان تذهب ووقفت امامها وهمست لها في اذنيها ببعض
الكلمات …

 

اتسعت عينا تيا وعبس وجهها ، ثم نظرت لسالم باحتقار وذهبت سريعاً من امامه …

 

ابتسمت حياة بشماته له ثم ادارة وجهها عنه

 

ضاقت عينا سالم وهو ينظر لها
بشك….
“إنتي قولتلها إيه خلاها تجري كده زي المجنونه ..”

 

ردت عليه ببرود…
“معرفش روح اسألها ..” كادت ان تذهب
امسك معصمها وهتف بحدة افزعتها ..
“حياة بلاش تستفزيني اكتر من كده…قولتلها إيه… “

 

كادت ان تزيد لهيبه ولكنها اجابته بخوفٍ من غضبه الجالي على وجهه….. ردت بتلعثم وخوف..
“ابداً يعني آلموضوع مش محتاج كل العصبية دي انا بس قولتها انك متحرش تحت الماء ..”

 

اتسعت عينا سالم بدهشة تمتزج بالغضب
فهتف من تحت أسنانه بغل ….
“يعني انتي قولتي عليا اني متحرش ..”

 

كبحت ضحكتها وردت عليه ببرود
مستفز …
“نسيت تقول تحت الماء …”

 

رفعها فجأه من على الأرض الى ذراعيه بغضب ..

 

شهقت بصدمه وهتفت بارتباك…
“بتعمل ايه يادكتور سالم ….”

 

رد عليها بسخط وهو يدخل بها الى البحر ..
“انتي خليتي فيها دكتور ياستي خلي البساط احمدي وبعدين خايفه من أي انا نازل اتحرش تحت الماء …”

 

“وواخدني معاك ليه انا مالي….”

 

رد عليها بسماجة…
“اكيد مش هتحرش بسمك يعني ….افهمي انتي وجودك مهم ….. “

 

قالت بترجي كالاطفال ..
” لا انا منفعش سبني ابوس ايدك ..”

 

وضعها امامه في قلب الماء وهو يقول
بخبث وقح…
“بلاش استعجال كدا كده هنبوس …”

 

نظرت له بترجي وتردد….
“اا انا اسفه أوعدك الموضوع ده مش هيتكرر تاتي …..”

 

نظر لها بخبث قائلا بمكر شيطاني ….
“وصرفها فين بقا اسفه دي …”

 

عضت على شفتيها قائلة بارتباك
“انت عايز اي بظبط …”

 

نظر الى عينيها البنية الامعة والى وجهها الشاحب بخجل والمرتاب بشدةٍ منه وحتى هذا السؤال الذي طرح عليه هو عاجز بقوة
عن أجابه مناسبه له

 

رد بمصدقية وحيرة يعجز القلم عن وصفها …
” انا ذات نفسي مش عارف انا عايز ايه منك بس انا محتاج إنك انتي إللي تفهمي انا عايز إيه منك…”

 

رمقته ببلاهة فشعرت بيداه تسحب
خصرها بقوة نحوه…
“سالم انت بتوجعني …”هتفت بحرج من
قربه لها وهذا الجسد القوي العريض الذي تشعر بحرارته برغم من وجودهم في قلب الماء البارد ..وضعت يداها بتلقأئية على
صدره العاري العريض بسبب القفز فوق الأمواج العابرة …

 

اغمضت عيناها بالقرب منه وسرى في جسدها
مشاعر عديدة يصعب ترجمتها بين وبين نفسها…..

 

مالى سالم عليها في لحظة ضعف يقطف القبل
من وجنتاها الحمراوان ففاقت حياة من هذه الحالة ، دفعته بقوة قائلة بصياح…

 

“سالم لو سمحت ……..كفايه.. ”

 

اغمض عيناه بضيق منها ومن تهوره معها ومن ذلك الضعف الذي يظهر امامها بوضوح…

 

نعم كل ما يحدث امامها منه ليس إلا ضعف ومراهقه متأخرة معها….

 

ابتعد عنها وحملها على ذراعيه بصمت الى بر البحر وضعها على رمال الشاطئ قائلاً بضيق مكتوم من نفسه وهو يغرز اصابعه في شعره….
“حياة انا مكنتش أقصد…. الـ. ”

 

قاطعته قائلة بجدية….
“سالم احنا لازم نتكلم مع بعض شويه ..”

 

” تمام غيري هدومك وتعالي نتكلم ..”

 

“لا خلينا اخر اليوم أكون اكلت ورد ونايمتها لان الكلام اللي لازم نقوله مش لازم ورد تسمع بيه او اي حد يعرف عنه حاجه …”ذهبت الى الداخل وهي تحمل ابنتها الصغيرة في احضانها …

 

حك ذقنه بفضول من حديثها الجاد معه ولاول
مره تكون جدية هكذا …كور كف يده بغضب
بعد ان خمن عقله حديثها الغامض… قال بضيق
“استحاله اطلقها حتى لو دي رغبتها ….”
………………………………………………
وضعت ابنتها على الفراش ودثرتها جيدًا بالغطاء ثم قبلتها واخفضت الأضاءة
عليها…..

 

دلفت الى شرفة غرفتها تحاول التفكير وترتيب ما ستتحدث به.. تشعر بدوامات داخلها وتشويش مزمن داخل عقلها… لا
تزال غير مهيئة لبدأ الحديث معه ؟…

 

صدح هاتفها التي تحتفظ به بين يديها بعدم اهتمام نظرت الى اسم المتصل ، تنهدت بتوتر بعد ان رأت اسم سالم يضيء الهاتف
“الوو…”

 

“ورد نامت ولا لسه ..”

 

عضت على شفتيها بإرتباك… نعم متأكده انه ينتظرها مثلما قالت له منذ ساعات …
(اكيد لن يتجاهل حديثك كفاكِ حماقةٍ ياحياة)
رد عقلها عليها مُستنكر سؤالها…

 

طال صمتها على ان تجيب عليه…. علم انها تتردد في هذا الحديث الذي يبرهن انه شئ لن يروقه ابداً..

 

“حياة انا قاعد على البحر هستناكي ياريت
متتاخريش عليا ..”

 

اكتفى بجملةٍ هادئه بها امرًا يقطع التردد بداخلها….

 

اغلق الخط وزفر بحنق ..سأله عقله بتردد
(ماذا تفعل اذا طلبت الطلاق ..)

 

رد بحدة وتسارع…. “هدفنها مكانها …”

 

رد عقله باستنكار
(هل اعجبت بها ام ان العلاقة من لمسه واحده قد تطورات داخلك ياسالم ، تأثرت بجنس حواء واصبحت تتحدث كالمجنون… اذا كانت تريد البعد وافق…. وانتقم منها بحرمانها من ابنتها ورد …)

 

“دا اللي هيحصل …”رد بدون تفكير ..
فقط كل مايشعر به معها انجذاب إليها شهوة
داخله تريدها ، هو على يقين أنه اذا اكتملت العلاقة بينهما كاي زوجين سياتي يوماً ويمل منها ويبتعد عنها لن تكون حياة( ملاذه) الى لأجل شهوة ورغبة بها رغبة تحركه فقط
لأجلها هذا ما اقنع نفسه به !! …

 

لكن لهذا القلب الخام في قربها رأي اخر ولكن
منذ متى وسالم ينظر الى مشاعره وقلبه وتلك التراهات كما دوماً يعتقد ؟!..

 

ارتدت فستان طويل محتشم ازرق يزين ببعض الورود الصغيرة مع حجاب رقيق اللون وحذاء رياضي يسهل السير على رمال
الشاطئ …

 

خرجت إليه ورفعت عيناها وهي تسير للامام وجدته يجلس شارداً ويغرز اصابعه في الرمال الصفراء وكان المكان هادئ والبحر في اجمل اوقاته الساهرة (الليل) والقمر يداعب الاموج العالية بطلته المعاكسة عليها وهذهِ الرياح العابرة تبرد نيران مخادعه اشعلتها قلوب
لم يفهم اصحابها أوجاعها المتناثرة !…

 

جلست امامه وتنهدت بهدوء ولم تحاول ان تلتفت بوجهها له..فعل هو نفس الشيء لم يرفع عينيه عليها بل ظل ينظر امام البحر بشرود ….

 

وهكذا حياة فعلت شردت في ارتطام الأمواج العالية برمال الصفراء… وكأن الهواء العابر يرفرف حجابها بجمالاً….

 

“سقعانه ؟! …”سالها وهو مزال ينظر امامه بصمت مبهم…

 

“لا ابداً الجو جميل ..”عضت على شفتيها بتوتر اكثر وعقلها يصرخ بها ان تكف عن الحماقة وتتحدث معه …

 

“قولي ياحياه انا سمعك …”تحدث مره اخرى بهدوء مريب كما يقال السكون الذي يسبق العاصفة ….

 

بلعت ريقها بتوتر مما يدور بداخلها الان..
هل ترتب الحديث ام تتحدث بتلقائية وهي تعلم ان تلقائيتها في الحديث تدمر كل شئ

 

ردت عليه بخفوت مرتبك وهي تنظر له
“احنا لازم نتكلم في علاقتنا انا وانت مش معقول هنسيب كل حاجه ماشيه كده ..”

 

نظر لها بحدة وهتف باستهزاء
“مالها يعني علاقتنا ببعض….زوجين زي
اي زوجين ….. “

 

“لا احنا مش زي اي زوجين ولا جوزنا كان طبيعي ولا كان في بينا اي استلطاف او
حتى إحترام …”

 

نظرت له بتفحص لترى أثار حديثها عليه وتغير ملامحه بغضب قبض على كف يده ونظر لها بحدةٍ قائلا بصرامة قاسية ..

 

“إنتي عايز اي بظبط ، لو بتقولي الكلمتين دول دلوقتي عشان تطلبي الطلاق….”

 

صمت لبرهة ثم تابع بتهديد….
” خليكي عارفه ان لو ده حصل مش هتشوفي ضُفر وأحد من بنتك لو طلقتك ومش بس كده انتي مش هيكون ليكي قعده معانا في البيت ولا في النجع فى اوزني كلامك كويس عشان هتخسري كتير ياحضريه…”

 

حين يغضب يناديها بالحضرية كعلامةٍ على سخريته منها لأنها فتاة المدينة التي لم تتشرب من طباع البدو ولم تحيا في اراضي
الصحراء الحارة كما فعل ابناءها…..

 

وحين يكون هادئاً يناديها باسمها متنسيًا هويتها ومن اين أتت….

 

شخصية تصيبها باحتقار نفسها من هذا المأزق التي وضعت نفسها به بأن تكون
زوجة هذا السالم الجلف…

 

نظرت له بهدوء تخفي اثار حديثه وفظاظة
أسلوبه معها وقالت…

 

“احنا ممكن نتفق مع بعض على حاجه
بس ياريت تخليني أكمل كلامي للاخر
يادكتور سالم ..”

 

نظر لها بانزعاج واغاظه اللقب المصاحب لاسمه فقال بضيق…..
“اتفضلي سمعيني….يادكتوره حياة ..”

 

“انت هتتريق بعد اذنك ..”ردت عليه بحنق وكادت ان تنهض من جانبه …مسك معصم يدها قائلاً بلهجة حاول ان تكون أقل
حادة..
” قعدي هنا….. انا سامعك …”

 

زفرت بضيق ثم تابعت وهي تنظر امامها
“الكلام دا هيكون بيني وبينك يعني
محدش هيعرف بيها….”

 

رد عليها بتأكيد….
“دا شئ طبيعي ان اللي بينا احنا الاتنين
مش هيخرج برا ..”…

 

تابعت الحديث وقالت…..
“احنا اتجوزنا عشان سبب واحد وهو (ورد )بنتي انا اتجوزتك عشان افضل جمب بنتي وانت اتجوزتني عشان تحافظ على بنت اخوك حسن اللي هو جوزي …..”

 

عيل صبره منها….
” استغفرالله العظيم…..قصدك اللي كان جوزك…. “

 

تابعت حياة بتردد …
“ااه.. المهم ان كل اللي عايزه اوصله ليك
اني مش مستعده لي لــ …”

 

صمتت بحرج من المتابعه فالكلام في هذا الموضوع حساس خصوصا بينهما فهم
مزالوا اغراب عن بعضهما…..وبينهما
حواجز يصعب اختراقها….

 

نظر لها فقرأ على صفحة وجهها المسطور
فقال بجفاء….
” قصدك ان مينفعش المسك دلوقتي صح ..”

 

توردت وجنتيها بالخجل والحنق وهي
تكمل…
“انا مش مستعده لحاجة زي دي ، احنا
لازم ندي لبعض فرصه…فرصه نحترم بيها بعض ونقرب بيها من بعض كصحاب مش كزوجين ولو ارتحنا في حياتنا بعدها اكيد هيكون كل واحد شايل لتاني مشاعر وغلاوه…. وذكره حلوة نقدر نعدي بيها المرحلة دي…واهوه نخفف على بعض الضغط.. “

 

اعجب بحديثها جدًا هي محقه علاقتهما تحتاج الى فرصة وقرب بدون اي ضغوطات ….
اذا تعاملت معه حياة كزوج دوماً سترى (حسن )امامها وسالم ايضاً سيراها زوجة شقيقة الصغير عنوة عنه… لكن اذا سمح له ولها ببعض التفاهم والتقرب الودي ممكن ان تنجح الزيجة مع بعض الاحترام والتفاهم…ويتاقلم كلاً منهم على طباع الآخر مع الوقت……

 

اكملت حياة حديثها بتريث …
”ولو مقدرناش نكمل…وجوزنا منجحش …يبقى لازم أخد منك حريتي وطلقني ومش بس كده كمان ورد هتفضل في حضني طول مانا عايشه …”

 

نظر لها قائلا بهدوء بارد كالثلج..
“موافق بس انا كمان ليا شرط …”

 

نظرت له قائلة بتوجس
“شرط إيه؟ ..”

 

تنهد وهو ينظر الى سواد البحر آثار الليل الحالك عليها…
“اولاً هتباتي معايا في نفس الاوضه دا بعد طبعاً ما تطمني على بنتك وتنام في حضنك زي كل يوم ، تاني حاجه انا موافق على كلامك وهنفذ اللي انتي عيزاه…..ومعاملتي من النهاردة هتتغير معاكي ومش هتلاقي مني غير كل آدب واحترام ليكي وبنتك هتفضل في عنيا ودي مش محتاج اطمنك عليها عشان ورد غلاوتها من غلاوة الغالي الله يرحمه…بس اعرفي ان هعمل كل ده عشان خاطر ورد متبعدش لا عنك ولا عننا….وكمان عشان دي وصية اخويا قبل مايموت اللي وصاني عليكي
وعلى بنتك قبل ما يموت بدقايق……”

 

عقدت حياة حاجبيه وهي تهتف بعدم فهم…
“مش فاهمه…ازاي وصاك علينا…..”

 

تنهد سالم بعمق وهو يحكي لها حديث أخيه عنهما وهو على فراش الموت…..

 

أضاف سالم بعد ان سرد الامر…
“دي كل الحكايه….يعني جوازي منك من الأول مكنش بارادتي…انا بنفذ وصية اخويا وبحافظ على مراته وبنته زي ماكان عايز…. “

 

تحجرت الدموع بعينان حياة وهي تنظر للبحر بحزن وحنين لزوجها الراحل ولا تعرف لم احتل فمها مرارة كالعلقم القاسي وهي تعيد جملة سالم التي اصابتها في مقتلها….
(يعني جوازي منك من الأول….مكنش بارادتي…)

 

تابع سالم حديثه وهو يتأمل حزنها بهدوء…
“بصي ياحياه انا عارف ان طبعيّ صعب عليكي ويمكن اكون غير حسن ومختلفين في حاجات كتير بس لازم تعرفي اني مكمل عشان وصية اخويا مش اكتر ولازم انتي كمان تكملي معايا عشان كده وعشان بنتك واذا كان على حقوقي الشرعية منك فى انا عمري ما هطالبك بيها غير لم احس ان احنا بقينا فعلاً زي اي اتنين متجوزين… “

 

نظرت له سائلة…
“وانت شايف ان ده هيحصل ازاي واحنا مش..”

 

“هيحصل مع العشرة والتعود …انا مش محتاج حاجه منك غير كده و وجودك معايا كزوجه إحترامك ليا ولاهلي وانك تفهمي مع الوقت طباعي وارتاح معاكي دا عندي كفايه أوي…..”

 

سألته بتردد وحرج…
“يعني معندكش مشكله لو مقدرتش أحبك
او انت مقدرتش تحبني …”

 

رد عليها بجمود جمد اطرافها. …
“لا متقلقيش انا مش من النوع اللي بيجري ورا الحب والتفاهات دي ،انا اهم حاجه عندي في الجواز واحده تفهمني وتريحني وتقضيلي طلباتي…وتكون ام ولادي بعض كده….غير كده مبدورش لا على حب ولا غيره…..”

 

شعرت بصدمة من كلامه ولكنها ايقنت ان هذا وسالم وسالم والحب صعب يتقابلان……لم تعرف لمَ طرحت هذا السؤال بمنتهى الجراءة…..
“طب افرض حبيت في يوم من الأيام …”

 

نظر لها لبرهة قبل ان يجيب بين صوت الأمواج المتراطمة بحدة وكأنه عزف قاسي يدوي على مشاعرهما الباردة معاً…نظر لها نظرة خاليه من التعبير ومجردة من
المشاعر …
“الحب لو قابلني ياحياة هيتعب جامد معايا
واستحاله يقابلني زي مانا واستحال اقابله..”

 

بعد مرور ساعتين ……

 

خرجت من الحمام بعد ان ارتدت منامة
انيقه من اللون الأصفر وتركت شعرها
ينساب على ظهرها بحرية …

 

دلفت الى الفراش بتنهيدة تحمل الكثير والكثير من الحيرة وتوتر ولأرتياح ايضاً بعد حديثها مع (سالم ) نعم ارتاح قلبها قليلاً بعد ان علمت ان زواجها منه رغبة من حسن منذ
البداية ! ، وفيض الراحة تزايد اكثر حينما اعطى لها سالم بعض الحرية في طلب
حقوقة الشرعية منها التي ستتأجل حتى
تكن هي على استعداد تام.. وهي لن تكون
على استعداد حتى ان انتظر العمر كله !!.

 

شرد عقلها عنوة عنه في حديث سالم عن الحب ورأيته الغريبة عن الزواج… مجرد واجبات يقوم بها الزوجين بدون مشاعر
او عاطفة بينهما كيف هذا هل هناك من يعيش في تلك الكوابيس غيرها…….

 

اغمضت عينيها وهي تذكر نفسها انها اول امراه ستعيش تلك الحياة الجافة معه….

 

لكن لا بأس هذا افضل فهي ليست خاوية المشاعر والقلب لتفكر بارتباط عاطفي مع سالم بعد موت زوجها يكفي حب واحد أغلق عليه القلب واكتفى…….

 

اغمضت عيناها بعد كل تلك الأفكار المزدحمه
داخلها منها السلبية ومنها الإيجابية ولكن الحيرة مزالت تنهش عقلها بكثير من الاسئلة..

 

دخل الى الغرفة وجدها ساكنة هادئه يعتريها الظلام أشعل نور الأبجورة الخافضة ..ونظر لها وجدها مغمضت العين ولكن انفاسها الغير منتظمة واهدابها التي تهتز بقوة دليلاً على توترها ..جعله متيقن انها تتصنع النوم حتى تتجنب وجوده معها في نفس الغرفة…

 

دلف الى المرحاض بعد ان اخذ ملابس مريحة ليبدلها قبل ان يدلف الى النوم …

 

تنفست بإرتياح بعد ان اغلق الباب عليه وهتفت برتباك …..
“وبعدين ياحياة هتنامي معاه ازاي لوحدك في نفس الأوضه .. دا مسافة ما دخل الأوضة حسيت اني هموت من الرعب ، ياربي دي اول مره ننام سوا في اوضه واحدة ….”

 

وضعت الوسادة الطويلة في نصف الفراش واستلقت بجسدها على الفراش وهي ترى ان تلك الوسادة ذرع حامي لها منه….

 

فتح سالم باب الحمام أغمضت عينيها بسرعة وتصنعت النوم ..ولكن لمح سالم هذا
المشهد فابتسم باستياء من ان تتغير حياة
وتنضج قليلاً في تصرفاتها …

 

جفف وجهه وشعره الكثيف جيداً ثم خلع التيشرت القطني الذي يرتديه وكما يفضل دوماً النوم عاري الصدر في هذا الجو الحار….

 

نظر بسخط الى الوسادة التي تُضع في منتصف الفراش …ضيق عيناه بتراقب ثم
قال بنفاذ صبر…
“ماشاء الله مساحة السرير كبيرة لدرجة إنك
تحطى مخده في نص…. “

 

لم ترد عليه وتصنعت النوم بحرج …..

 

“انا عارف انك صاحيه ياحياة.. فردي عليا عشان عيب اوي اكون بكلمك وطنشي…”

 

فتحت عيناها ونظرت له بتردد قائلة بغباء وتبرير..
“على فكره انا لسه صاحيه ….والمخده دي
عـ عشان بحب احضن وانا نايمه …”

 

ابتسم بخبث قائلاً بمزاح ساخر….
“لأ بقا طالما بتحبي تحضني وانتي نايمه
يبقى انتِ جيتي للخبره كلها …”

 

رفعت حاجباها لترد باستنكار..
“انت بتتريق صح …”

 

تشدق سالم بجزع….
“اكيد بتزفت اتريق…. شيلي المخده دي ياحياة وستهدي بالله ونامي وخليكي واثقه اني لو عايز اعمل حاجه المخده اللي أنتِ حطاها بينا دي مش هتمنعني عنك…. “

 

عضت على شفتيها بحرج ثم كادت ان تحمل “الوسادة الكبيرة….حملها عنها قال بهدوء
“خليكي انا هشلها …”

 

بعد ان القاها بعيداً دلف الى السرير بهدوء
شهقت حياة قائله بصدمة…
“انت هتنام ازي كده ، انت مش مراعي اني معاك في نفس الأوضه …”

 

ابتسم وهو يقول بمزاح ساخر وهو يستلقي
على الفراش بجوارها….
“لأ مراعي بس انا بحب انام كده في الجوا ده… وبعدين انتي مش غريبة انتي مراتي
ولا إيه.. “

 

احمرت وجنتيها خجلاً ثم دلفت هي ايضاً
واولته ظهرها وهي تحاول اخفاء جسدها بأكمله أسفل الغطاء….

 

حتى سالم اولها ظهره أيضاً واغمض عينيه
بعد تنهيده عميقه تحمل ابتسامة غربية شقت شفتيه للحظات قبل ان يستسلم للنوم…..يتبع

 

دهب عطية

 

 

الفصل التالي اضغط هنا

يتبع.. (رواية ملاذي و قسوتي) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.

أضف تعليق