رواية ملاذي و قسوتي – الفصل الأول
هي فتاة يتيمة عاشت سنوات عمرها في ملجأ
بين من تشابهة ظروفهن مثلها ونشاءت دون عائلة حقيقية كباقي البشر لذلك اعتادت على نظرات الجميع لها….وكانت الحياة دومًا ترمي لها الفتات من كل شيء حتى سعادتها لم تكتمل مع زوجها(حسن)وتركها في لمح
البصر اخذه الموت…وخسرت شخصًا كان
احن الناس عليها…. وظلت هي هنا تحيا على ذكريات قليلة جمعت بينهما وقد كرست حياتها
وعمرها القادم الى ابنتها قطعة منه ومنها
(ورد)هدية الرزاق لها….
وبالقسوة المعروفة اجابها بعناد…
“مش بمزاجك ياحضريه دا بمزاج حضرتي
ولم حضرتي يا أمر الحريم تنفذ …ولا إيه يابنت الاصول .. ”
لمحه من الاحتقار راتها بين قسوة كلمات لتشعر بنسل حاد يخترق صدرها فانزلت مقلتاها بانكسار حزين…..
الى متى ستظل تتقبل اهانته لها وتقليل منها
بنظرات والكلام المبطن….
هل هذا قاضي( نجع العرب)الحافظ كتاب الله
انه معها يتحول للنقيض لرجلا بغيض قاسي
نذل……
صاح سالم بنفاذ صبر بعد وقوفها أمامه صامته شاردة….
“هتفضلي واقفه كده كتير على فوق يلا بلاش عطله …”
وامام عينيه الحانقة صعدت (حياة) بغضب
وهي تنظر له نظرة تشي بمدى كرهها وبغضها
له…..
————————————————
وصل سالم الى قاعة كبيرة يستخدمها لإدارة
شئون (نجع العرب)كقاضي وحاكم ينهي به
جلس على مقعده الكبير وسط هذه الغرفة
الشاسعه…واشار الى رجلا عملاق من رجاله
الاوفياء…
“جابر دخل ……الناس اللي وجفه برا …”
رد جابر بإحترام
“اوامرك ياكبير ….”
دخل شاب في عمر الثلاثون حاد الملامح
لكنه حاني النظرات ويتبعه رجلا اخر اكبر
سنًا بشوش الوجه يعلو جبينه علامة صلاة
نظر سالم لهم عن كثب مردفًا بحبور….
“هاك مرحب…مرحب بمحمد والخال منعم….
ايش الأخبار….”
“الحمدلله…”
رد الاثنين معًا وهم ينظروا لبعضهما بما
يشي بالكثير فتولى سالم فتح الموضوع
بسؤال…
“اتفضلو…..ويش بينتكم…..ان شاءالله خير..”
رد محمد الأصغر سنًا بقلة حيلة…
“الحكاية عنده هو ياكبير النجع …اخوي الكبير بيريد يحرمني انا وأخواتي البنات من ورث ابوي… يرضيك كده ياكبير نجع العرب …عايز يخالف شرع ربنا …. “
نظر سالم الى منعم منتظر رده على
إتهام شقيقة الأصغر محمد ..
“ايش رايك في الكلام ده يامنعم….صدج تريد تحرم اخواتك البنات من ورثهم وكمان هتحرم اخوك معاهم ؟! ..”
رد منعم بحدةٍ وسخريةٍ….
”دي عادتنا ياقاضي نجع العرب ..الحريم مالهمش ورث عندنا …..”
شعر سالم بان الحديث ينجرف للاهانة له وتقليل من مكانته وايضًا الرجل متباهي
بفعلته وكأنها الصواب للجميع….
“معاك حق من عوايدنا اننا نخالف شرع ربنا
بس نبي نفهم منك انت رافض تعطي اخوك ورثه ليه متصنف من الحريم إياك ….”
رد منعم بسرعة ونفي….
“لا بس انا عرضت عليه نقسم ورث ابوي علينا
احنا الاتنين بس هو رفض وصمم قبل ماياخد
جرش واحد اعطي لاخواتي البنا حقوقهم ..وانا قولتله اني هعطيهم مبلغ
بسيط كده من الورث ا …”
قاطعه سالم بسخط…
“هتعطيهم صدقه يعني ، ولا وفيك الخير ياولاد العم ، كمل يامنعم ساكت ليه ..ولا
أكمل انا عنك فى قررت تشيل لحالك الليلة… وتمن الفلوس الى هتورثها من ابوك ، طب لم تقابل ربنا هتقوله إيه …والغريبه ان علامة الصلاة على جبينك يعني عارف ربنا واكيد
جه وقت عليك وقرأت القران ووقفت عند
آية معينه بتقول
(بسم الله الرحمن الرحيم …
يوصيكم الله في اولـٰدكم للذكرِ مِثل حظِ الأنثيـين )
صدق الله العظيم ….في نفس الآية ربك
قال بسم الله الرحمن الرحيم
(تلك حدود الله ومن يطع الله ورسوله يدخله جنـٰتٍ تجرىِ من تحتها الأنهـٰر خـٰلدِين فيها…)صدق
الله العظيم ….وطبعاً اللي هيخالف حدود الله
هينول عكس اللي ربنا ذكره….ها اي رايك ياحج منعم ….”
زمجر الرجل قليلًا وهو يتطلع الى شقيقة محمد الاصغر الذي يحدق به لعله يتراجع
عن قراره هتف منعم بعض برهة بتشتت واضح…
“بس دي عادتنا ومش لازم نغَيرهَا …”
رد عليه سالم قائلا بثبات….
“عادات غلط لا الشرع حلالها ولا ربنا ورسول
وصى بيها بالعكس ربنا أكد ان الست ليها حق
تورث مع الراجل وراجل ربنا كرمه لم اعطاه مثل حظ الاثنيين ….وبعدين بلاش مماطلة في الحديث انت عارف انك لو منعت اخواتك البنات واخوك من الورث هتكون بتشيل ذنب إنت مش قده وراح يضله متعلق في رقبتك لحد يوم الدين ….وانا مش بغصبك ياحج منعم انت أكبر مني وفاهم دينك بيقول
إيه ….”
اكتفى سالم بالقاء النصيحة بثبات وثقة كاشف عن الأمر بابسط الطرق تجعل المعارض في حيرة من أمره
لم تكن كل المشاكل المطروح حلها دائمًا
من هذا النوع ولكن اكثرها تكن من أجل
ورث وطمع وعادات مزال يتشبث بها البعض حتى بعد علمهم انها تخالف شرع الله …..
قال منعم بعد صمت متلعثم بحرج …
“انا محتاچ أعيد كلامك في دماغي ياكبير
وان شاء الله هعمل الى ربنا يقدرني عليه….”
ابتسم محمد بأمل وقال….
“الله يرضى عليك ياخوي صلي استخاره وتقرب من ربنا واكيد هيلهمك بي اللي يرضا لينا وليك …”
اومأ الرجل بحرج….
“الله المستعان ، بعد اذنك ياسالم بيه ….”
اوما سالم له براسه وغادر الأخوة مع بعضهم
مال جابر هذا الضخم الذي يعتبر ذراع سالم اليمين يسأل سالم بتعجب…
“ليه كلمته بالحسنة ياكبير كان بامكانك
تچبره انه يتنزل لاخواته عن ورثهم …”
رد عليه سالم قائلا بخشونة متريثًا…..
“في حاجات ما تسير بالقوة ياجابر لازم تيچي عن إقتناع….. ومنعم راچل كبير وعارف دينه كويس لكن ساعات العادات اللي تربينه عليها بتچبارنا نعملها بدون ما نفكر حرام ولا حلال وكله عشان اللي حواليك ما يحكي عنك شين…”
اومأ جابر بتفهم وابتسم قائلا بإعجاب
من حديث سالم وقراراته الحكيمة
التي يتخذها مع اهالي هذا النجع …
“بصراحه ياسالم بيه انت قليل اوي على انك تكون قاضي بس في نجع العرب …”
“إيه حكاوي الحريم ديه ياجابر …”
دوى من خلفهم صوت بغيض خرج من
لسان وليد ابن عم سالم الذي دلف
الى القاعة بعدها….
جالسًا على مقعدًا ما بجانب سالم يقول بغلاظة…
“اي ياسالم ياابن عمي مش تنقي رجالتك
اللي مش فالحين غير في تطبيل ليك…”
هتف سالم بغضب
“ولــــــيــــد…….هتقعد هنا تقعد بأدبك انا مش بحب الطريقه الرخيصه دي في الحديث …”
نظر وليد الى جابر الذي ابتسم نحوه بتشفي
ثم التفت الى سالم مخفف من بغضه الواضح إليه…
“حقك عليه ياابن عمي ..اصلي مزاجي مش رايق اليومين دول …..”
نظر له قال باستهزاء سائلًا بسخط…
“ليه ان شاء الله… بدور على عروسه مكان اللي طلقتها …”
ابتسم وليد بمكر حاول اخفاءه متابع بحزن
“بصراحه انا طلقت الحريم كلها اللي كانت على ذمتي وناوي اختم حياتي مع واحده
بس ….هو عمي رافت مش حكيلك ولا إيه اني نبي مرات المرحوم في الحلال…. “
وقف سالم بغضب بعد ان سمع الحديث
“وليد .”..
اشار بيداه الى الرجال الذين يقفون في
قاعة المجلس…برحيل فهم الجميع اشارته فورًا وتباعدا عنهم
فمسك وليد فجأه من ياقة جلبابه الأبيض بقوة وهو يهدر من بين اسنانه بحده….
“عيب تكلم عن حريم بيت رافت شاهين في
قاعة مجلس مليانه رجاله في كل حته ….
وكمان اللي بتكلم عليها ديه هتكون مراتي.
ومن هنا لوقتها ما نريدكش تخطي برجلك عتبت البيت تاني…..فاهم.. ”
ترك ياقة جلبابه الأبيض بقرف قائلا ببرود…
“وااه نسيت أخبرك….طلبك مرفوض وبلغت الحج رافت يبلغك بيه بس شكله نسي …فى انا ببلغك بنفسي ….”
نظر له وليد بغل وحقد ثم ترك القاعة وذهب وهو يلعنه ويلعن هذا الحظ الذي دومًا يرافق هذا السالم وحده.. ..
__________________________________
تقف في المطبخ ذو المساحة الكبيرة
تبأشر الطعام مع خدم البيت الكبير…..
قالت حياة بسعادة
“انا هحضر حاجه حلوه لورد يامريم
وكملي إنتِ وام خالد بقيت الاكل ….”
اومأت مريم مبتسمة برقة…
ابتسمت ام خالد السيدة الكبيرة قائله
بود …
“متقلقيش ياحياه يابنتي كل حاجه هتبقى چاهزه في معادها ….اعملي انتي الحلا لورد وفرحيها…”
ابتسمت حياة قائلة بسعادة ..
“انا هعمل كريم كراميل للبيت كله وهعمل حسابكم كمان….”
بدات تفتح الادراج تبحث عن المكونات بحماس وابتسامة تزين ثغرها …..
دخلت ورد ذات الأربعة سنوات على حياة في المطبخ فتاة جميلة رقيقة عنيده..تشبه امها في كل شيء في ملامحها وفي بعض الطباع …
“ماما …… بتعملي إيه …”
تركت حياة ما بيداها وهبطت لمستوى الصغيرة وابتسمت بامومة وهي تمرر
أصبعها على انف الصغيرة قائلة بحنان …
“بعمل كريم كراميل لأحلى ورد في البيت …… “
ابتسمت ورد ببراءة وقالت..
“طب هساعدك ….”
نظرت حياة يمين ويسار وللاعلى وللاسفل كا
علامةٍ على التفكير بطريقة طفولية مضحكه ..
“بصي هو انا طبعاً نفسي تساعديني وكل حاجه بس تيته راضيه فوق قعده لواحدها تفتكري هتزعل لو سبناها احنا الاتنين وقعدنا هنا نعمل الكريم كراميل وهي لوحدها فوق ….”
ردت الصغيرة بعد تفكير طفولي وقالت
“لا ياماما مينفعش خلاص انا هروح قعد معاها على ماتخلصي …..”قبلت والدتها وركضت للأعلى حيث غرفة الجدة راضية …
ابتسمت حياة بعد خروج ابنتها لتعود الى
ماكانت تنوي البدأ به ….
بعد نصف ساعه خرجت حياة الى غرفتها
بعد ان وضعت الحلوى في المبرد ….
دخلت اخذت حمام بارد فاليوم من ايام الصيف الحار بشدةٍ وبذات في المناطق الصحراوية مثل هذا النجع تكن الحرارة
أضعاف تحملها…..
ارتدت منامة قصيرة قطنية …وجلست تمشط شعرها لياتي في ذهنها موقف مر عليه اكثر من شهر مع هذا السالم …
كانت تخلع حجابها بضيق فى اليوم اتت أمرأه من نساء نجع العرب لتطلبها لأبنها..في قلب بيت رافت شاهين كانت غافلة عن بوابل الاسئله المتناثرة على مسامعها ، اشتدّ غيظها أكثر عندما ظلت تلك المراة السمينة تتفحص جسدها بيداها وخلعت أيضًا
حجابها بحجة ان ترى شعرها الأسود الناعم وكانت المرأه في منتهى قلة الذوق معها وهي تفتفش فيها وكانها بضاعة اتت الى باب منزلها وقد دفعت بها مالاً باهظاً ويجب التاكد من الجودة بها ! …….
احتقن وجه حياة وقتها وهتفت باستنكار وهي تنهض بغضب…..
” انتي بتعملي اي ياست انتِ …… “
مسمست المرأة السمينة شفتيها بعدم رضا
قائلة ببرود…
“ست مين ياحبيبتي…دا انا هبقى حماتك قريب اوي …..يامرات ابني…. “
لم تنسى حياة الصدمة الجالية على وجهها التي تحولت في لحظة لعتاب للجدة راضية
التي كانت تجلس معهم وشعرت بالحرج لعدم معرفة حياة بالامر مسبقًا ولكن كان هذا العريس رجلاً من عائلة شاهين فكانت ترى راضية انهُ المناسب بعد ان علمت ان سالم دوماً يعنف حياة وينبذها بالحديث ويظهر دوماً كرهه وغطرسته عليها ….
فى كان الأنسب رجلا اخر يتزوج حياة
ويكون من عائلة شاهين …
نزلت دموعها بعد ان جلست على الفراش تنظر لحالها في المرأه بكره وعتاب فالحياة دومًا تقسو عليها حتى بعدما اصبحت زوجه وام ضربتها في عرض الحائط وجعلتها لا شيء
كما كانت في بداية حياتها….وحيده بلا سند….بلا هويه…..
تفاجات بمن يدخل غرفتها فجأه كالثور الهائج دون مقدمات نهضت هي بفزع وشعرت ان هناك كارثه فعلتها حتى يدخل سالم عليها بهذا الشكل …
اقترب منها وصاح بحدة بعد ان اغلق الباب بقوة عليهما….
“انتِ إيه اللي نزلك تحت ياحضريه بدون إذني… إيه كان عاجبك المهزله اللي بتحصل تحت ديه …”
بلعت ريقها قائلة بتوتر….
“انا مكنتش اعرف انها جايه عشان تطلبني لابنها انا كنت برحب بيها كضيفه مش اكتر …”
رجعت للخلف ببطء وارتباك….وبدأ هو بتقدم منها بحدةٍ وكثور الهائج لم يهدأ بل وكأن حديثها يزيد من اشتعاله ولهيبه…. انتفض
في قلبه بقوة لا يعرف من اين خُلقت …وقعت على الفراش بسبب توترها وقلة تركيزها بسبب عصبيته الواضحة امام عينيها
المذعورة …مالى هو عليها قائلا بجمود حاد…
“اسمعيني كويس انتي هنا بس عشان خاطر بنتك لكن لو حبه تجوزي وتعيشي حياتك يبقى برا النجع ده…وكمان لوحدك تنسي ورد نهائي.. لكن لو عايزه تفضلي هنا عشان خاطر بنتك يبقى تنسي الجواز ومش هتطلعي من البيت ده غير على قبرك ..فهمتي ياحضريه ….”
نزلت دموعها بانكسار فسحبت وشاحها تغطي
وجهها بحرج….
شعر سالم بالخطورة من تواجده هنا بعد ان أصبح الغضب داخله شيءٍ آخر ليس له
تفسير لذا اولاها ظهره بحرج من اندفاعه ودخوله عليها دون أستاذنا…..
“ويترى كنتِ نزله للست دي بشعرك كده ….”
سالها فاجابت بنفي سريع….
“لاء وللهِ ياسالم انا كنت نزله بالحجاب انا
لسه خلعاه دلوقتي ….”
خفقه قوية اتت من اعماق قلبه بعد نطقها لاسمه مجردًا مما جعله يصيح دون النظر
اليها….
“اول وآخر مرة تكرر….مفيش جواز هنا.. لو عايزة يبقا برا البيت ده… ”
فاقت من هذهِ الذكرى على دمعه حزينة انسابت على خدها فمسحتها بضيق وهي
تغمغم….
“كفايه عياط ياحياة….إنتِ هتوافقي على جوازك منه بس عشان خاطر بنتك ورد ..
بس لازم تكوني اقوى من كده ..ولازم يتعلم يحترمك ويناديكي باسمك بدل اللقب رخم ده اللي كل شويه يناديكي بيه … ”
قلدت صوته مستهزءه…..
“حضريه حضريه هاتي دي تعالي من هنا اسمعي ده ياحضريه…اوووف بنادم غبي …”
صدح صوت سالم في صالة البيت
الكبير…..“سلام عليكم يااهل الدار ….”
بلعت ريقها بخوف بعد ان سمعت صوته بالاسفل فاغمضت عيناها بتوتر وللحظة
خشت ان يكون سمع سبها إليه…
نظرت لنفسها بصدمة عبر المرآة ….
“اي شغل العيال ده ياحياة مش قولنا
هتبقي جامده وهتربيه…. ايو هو كده ….”
فتحت خزانة الملابس لتخرج عباءة محتشمة… للنزول بها فقد اتى وقت طعام الغداء وحضر سالم بعد يومًا كباقي
الأيام في عمله مابين المصنع وقاعة المفاوضات…
بعد تناول وجبة الغداء جلس الجميع في
صالون البيت سويًا يتبادلا اطراف الحديث
سالم و ورد ابنة حياة والجدة راضية …. ورافت والد سالم …
فقدت هذه العائلة اهم شخصين بها..
الام ولاخ الاصغر (حسن) منذ سنوات …
ولكن وجود (حياة)و ( ورد) ابنتها بهذا
المنزل يهون عليهم الكثير….
اجلس سالم ورد في احضانه قائلا بحنان
“ورد الچوري بتاعتنا… حبيبة عمها
عامله ايه انهارده …”
عانقته الصغيرة بحب وقالت ببراءة
“الحمدلله زين ……زين ياعمي ….”
ضحك الجميع عليها وعلى شقاوة هذه الورد..
بينما اتت حياة وهي تحمل صنية عليها بعض اطباق الحلوى التي اعدتها بيدها اقتربت
منهم قائلة بمحبة ولطف…
“يلا ياجماعه دوقه الكريم كراميل ده وقالولي رايكم فيه ….”
اخذت راضيه الطبق المقدم إليها من يد حياة
قائله بطيبة…
“تسلم ايدك ياحياة يابنتي اكيد زين عشان
من ايدك …..”
اخذ رافت ايضاً من يدها وهو يقول بمجاملة…
“تسلم ايدك ياحياة يابنتي وبعدين من قبل
ما دوقه انا عارف انه لا يقاوم مش أول مره ادوق من ايدك حاجة ..”
ابتسمت هي إليه بإحترام …اتى الدور
على سالم فمدت يداها بطبق الحلوى
وقالت بخفوت ..“اتفضل يادكتور سالم ….”
رفع مقلتاه فوجد خصلة كبيرة من شعرها الأسود تخرج بوضوح من حجابها…اشتعلت عيناه وهو ينظر الى والده والجدة راضية الذين مندمجين بالحديث والطعام…
وقف سالم امامها فجاة قائلا بأمر….
“خلي حد يطلعه على فوق….واعملي حسابك جوازنا هيتم….وهيكون كمان اسبوع دا
بعد اذنكم….”
نظر رافت له بصدمه…
“اسبوع مش كفايه ياسالم دا فرح ولازم
النجع كله يعرف انك اتجوزت ولا انت
هتجوز سُكيتي كده ماتقولي حاجه ياامي ..”
ردت راضية بتأكيد على حديث رافت مُضيفه باعتراض…
“صح كلامك يارافت لازم نعمل فرح وناس كلها تعرف ..”
نظر سالم إليهم برفضٍ …
“انا مش عايز فرح ولو على الاشهار وناس تعرف فى دي حاجه بسيطه ….”
ثم حول نظراته المتربصة نحو حياة وقال بغطرسه….
“لكن لو الحضرية نفسها يتعملها فرح زي
سابق …فى ده بقا هتكون فيها ترتيب
تاني ….”
جلست حياة على الاريكة واخذت ابنتها بين احضانها وكانها تحتمي بها….و هي ترد عليه بضيق وجمود…
“لا مش عايزه فرح ….ولو عليا مش عايزه جواز من الأساس بس هنعمل إيه حكم
القوي…..”
“معنى إيه الكلام ده…” نظر لها بقسوة
منتظر توضيح…
لم ترد عليه وظلت تطعم ابنتها في صمت
فحول سالم نظراته الى والده مستئذانًا….
“بعد اذنك يابوي….عايز اتكلم مع حياة
لوحدنا….قبل ما يتم اي شيء….”
وقع قلبها بين قدميها بخوف فقال رأفت بعد
برهة من التفكير حينها سال (راضية)بعيناه
فاوافقت على الأمر متيقنة خير في جلستهما
واتفاقهما المشترك في مصلحة ورد بهذه الزيجة…
“وده رايي انكم تقعده وتكلمه…”
رمشت حياة باهدابها وهي ترفع عينيها على
سالم الذي أشار لها ان تتبعه…
“خلينا نتكلم في المربوعة يام ورد….”
وقفت أمامه تفرك في يداها بتردد ترتب الكلمات في عقلها بقلق ولسانها يابى النطق
خوفًا من ان تخسر ابنتها في لحظة تهور
لكنها تكلمت في النهاية…
“انا مش موافقة على الجواز منك يادكتور سالم….”
سالها دون النظر إليها….. “والسبب ؟!..”
قالت بجدية…
“السبب واضح انا لسه بحب حسن…”
انتاب قلبه شعور قاسٍ ومع ذلك تجاهل
تفسيره وهو يقول بخشونه…
“وانا كمان بحب اخويا… وبنت اخويا
عشان كده قررت اتجوزك….”
قالت بنظرة غاضبة….
“بس انا لسه قايلالك اني مش موافقة…هو بالغصب… ”
نظر لها نظرة مهيبة وحدثها بجفاء…
“اعدلي لسانك سالم شاهين مش بيغصب حرمة عليه مهما كانت… بس مصلحتنا مشتركة وهي ورد….ولو رفضتي يبقا
هنفضل انا وانتي في نفس الدايرة عرسان
داخلين وعرسان خارجين والكل طمعان
فيكي وفي تربية بنت أخويا… وعيلة شاهين
كبيرة والعذب عندنا اكتر….. فالاحسن تبقي
معانا زي ما انتي…. بس مرتي… مش مرت حسن….. وحطي تحت حديثي ده الف خط…”
“إيه قولك….. مستني رد؟!….”
عندما طال الصمت سالها بملل واضح….فقالت
بعناد اهوج….”ردي وصلك….”
قال سالم بثبات…
“وانا قولتلك رفضك هيوصلك لفين… فإيه
الحل ياحضرية….”
اخرجت نفسًا مرتجف وهي تنظر اليه نظرة
بعجز حقيقي…..
لاول مرة يعطي لها فرصة التفكير
بحرية في عقد سيربط بينهما مدى
الحياة….
“خدي وقتك يام ورد… بس اعرفي ان مصلحتك بينا في داري…مش في دار
حد تاني من اهلينا….”
وامات حياة براسها وعقلها يدور في زوبعات من الأفكار المتناقضة مابين كرهها لهذا الرجل
وخوفها من ان يلقوا بها خارج اسوار هذا
المنزل وحدها دون ابنتها الوحيدة…. يتبع
دهب عطية
الفصل التالي اضغط هنا
يتبع.. (رواية ملاذي و قسوتي) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.