رواية عشق يحيى – الفصل الثامن
P 8
صباح جديد
ليلى فتحت عينيها وهي بتتمطع بخفة، حضنت المخدة وهي بتمرّغ وشها فيها بدلع وكسل.
بسّ فجأة… تجمّدت.
المخدة دي كانت بتنبض ..
فتحت عينيها ببطء، وبصت حواليها بارتباك، لحد ما اكتشفت إن “المخدة” دي ما كانتش مخدة أصلًا…ده صدر يحيى
شهقت بخضة، واتسعت عينيها، ووشها احمر في لحظة.
بدأت تتسحب بحذر، خطوة بخطوة، كأنها بتتعامل مع قنبلة موقوتة، وطلعت من بين حضنه بسرعة وهي بتحبس أنفاسها.
جريت على الحمّام، وقلبها بيدق زي الطبل.
غسلت وشها بمية ساقعة، تبص في المراية وتتنهد بخجل:
ـ “يا نهار أبيض… كنت نايمة فين أنا؟”
مدت إيدها علشان تربط شعرها، بس وقفت فجأة…
افتكرت كلام يحيى اللي قاله امبارح عن شعرها ، ابتسمت بخجل وقررت تسيب شعرها ينسدل بخفة على كتفها، وخصلة قصيرة لامست خدها برقة(قُصه).
خرجت من الحمّام وهي بتتنفس بعمق… لكن اتصدمت من اللي قدامها.
وقفت مكانها متجمدة، وعينيها اتسعت أكتر.
يحيى كان واقف بيقلع هدومه ونصه العلوي عاري ولسه هيكمل،، لكن سمع صوتها فجأة
اتنفض مكانه، بص لها بسرعة، وقال بإرتباك واضح:
ـ ” آسف والله، نسيت ،، لسه مش متعوّد عالوضع الجديد.”
ضحك بخفة وهو بيحاول يخفف الموقف:
ـ “أنا متعود أول ما أصحى أدخل آخد شاور على طول ”
هي نزلت عينيها في الأرض وقالت بخفوت:
ـ “تمام… خلاص.”
واتجهت ناحية الدولاب بسرعة، تحضر هدومها اللي هتنزل بيها واللي كانت عبارة عن عباية استقبال سوداء عليها خطوط دهبي أنيقة، ومعاها حجاب أسود ناعم، شكلها كان بسيط بس راقي جدًا.
بعد شوية، خرج يحيى من الحمّام وهو لابس قميص جملي فاتح وجينز غامق، شعره لسه مبلول وريحته عطره مالية المكان.
وقف قدامها من غير ما يتكلم، وهي كانت قصاد المراية بتظبط الحجاب.
اتسمر في مكانه، عيونه اتعلقت بيها، أول مرة يشوفها بعباية بيتي …
همس وهو بيبص عليها بانبهار:
ـ “سبحان الله… كده خطر.”
هي التفتت له بسرعة وقالت بخجل:
ـ “يحيى!”
ضحك وقال:
ـ “إيه؟ هو أنا قلت حاجة غلط؟”
سكتوا لحظة، ويحيى لسه هيكمل، لكن الشغالة خبطت الباب بخفة.
ـ “الفطار جاهز يا يحيى بيه ومدام منال بعتتني أقولك انت والمدام تنزلوا .”
بص يحيى لليلى وقال بابتسامة دافية:
ـ “يلا يا مدام، نفطر قبل ما الأكل يبرد.”
هي عضّت شفايفها بخجل بسيط، وقالت :
ـ “حاضر ”
_________________________________
ليلى ويحيى نزلوا سوا على السلالم، خطواتهم بطيئة والجو كله هدوء غريب.
كانت لسه مش مصدقة إن ده بقى وضعها الجديد… هي ويحيى، متجوزين فعلاً.
لكن أول ما عين يحيى وقعت على عمر قاعد على السفرة،ملامحه اتبدّلت
وفي ثانية كان محاوط وسط ليلي بإيده كأنه بيثبت لعمر إنها ملكه ..
ليلى حاولت تبعد إيده عنها بخجل وهي بتهمس:
ـ “شيل إيدك يا يحيى…”
بس هو ردّ ببرود واضح، صوته هادي بس حاد:
ـ “انتي مراتي، مش محتاجة تخافي من حد.”
هي اتجمدت، قلبها دق بسرعة، والجو في الصالة اتغير لحظة.
لكن منال بسرعة قامت من مكانها بابتسامة واسعة ، حضنت ليلى وقالت بحنية:
ـ “ألف مبروك يا حبيبتي… ربي يسعدكم ويهنيكم.”
لينا كانت قاعدة في جنب السفرة، ابتسمت بخفة وملامح وشها بتظهر قد إيه هي فرحانه ليهم بصدق :
ـ مبروك يا ليلى ، مبروك يا يحيى ”
يحيى اللي اكتفى بابتسامة صغيرة، وليلي ردت بود : الله يبارك فيكي يا لينا
بعد ما قعدوا، الخدم بدأوا يحطوا الأكل، الجو رجع يهدأ، لحد ما الجد مسك كوب الشاي بتاعه وقال بصوت واضح:
ـ “أنا شايف إن يحيى وليلى يستغلوا أول كام يوم بعد جوازهم، ويسافروا شهر عسل.”
ليلى اتلبكت فورًا، ووشها احمر وهي تقول بخجل:
ـ “جدو، مفيش داعي والله… .”
منال اتدخلت : ليه ياحبيبتي سافرولكم كام يوم اتبسطوا فيهم
سكتت، وبصّت لتحت وهي بتحاول تخبي ارتباكها.
يحيى مال ناحيتها بهدوء وقال بصوت واطي :
ـ “تحبي شهر العسل جوه مصر ولا برّه؟”
بصت له وهي بتبتسم بخجل، وقالت:
ـ “جوه مصر… نفسي من زمان أزور دهب.”
هو رد بنفس الهدوء وبنظرة فيها دفء:
ـ “تمام… يبقى دهب.”
ابتسمت برقه .
في الوقت ده الجد رجع يوجّه كلامه ناحية لينا، اللي كانت قاعدة في هدوء بتاكل.
ـ “أنا كلمت واحد من معارفي… هيظبّطلك تدريب في شركة ريان الألفي.
من النهارده هتبتدي هناك، ودي بداية جديدة ليكي.”
لينا بصت له بامتنان، عينيها لمعت، وقالت بصوت متهدج:
ـ “أنا… أنا مش عارفة أشكرك إزاي يا جدو.”
قبل ما تكمل، صوت ميادة قطع الهدوء:
ـ “بس يا بابا، إزاي يعني؟ الشركة دي كبيرة، ومين قال إنها مستعدة تشتغل؟!”
الجد لفّ لها بنظرة صارمة، وقال بحدة لأول مرة من الصبح:
ـ “كفاية يا ميادة. من النهاردة، ملكِيش دعوة بلينا.
من يوم وفاة جوزك، وأنا كنت فاكر إنك هتبقي قد المسؤولية وهتعرفي تربي ولادك ، لكن واضح إنك فشلتِ في ده.”
الكلمة دي كسرت الموقف.
ميادة وشها اتبدل، حاولت تتكلم بس صوتها اختفى.
الكل سكت، .
لينا ما قدرتش تمسك نفسها، قامت من مكانها بسرعة، وارتمت في حضنه، والدموع نازلة وهي بتقول بصوت مبحوح:
ـ “بحبك يا جدو…”
هو حضنها بحنان وقال بابتسامة أبوية دافية:
ـ “وأنا كمان بموت فيكي يا قلب جدو .”
ليلى كانت متابعه الحوار باهتمام وهي مبسوطة من تغير لينا المفاجئ،، لكنها فرحت ليها وقالت بتمثيل الغيرة : الله الله يا جدو ،وأنا مليش نفس أحضنك أنا كمان ولا إيه ؟
الجد بلهفه : إزاي بقا تعالي يا بنت الغالي.
ليلي جريت وحضنت جدها بحب ، والكل متابع بحب.. والبعض بحقد وغل .
__________________________________
في شقة ضحى، كانت قاعدة على سريرها،
والموبايل في إيدها، صوت زين من السماعة ناعم وهادئ، فيه نغمة محبوبة بتطمنها.
بصراحة يا ضحى… أنتِ بقيتي جزء من كل تفصيلة في يومي، حتى لما بسكت، بحس إني عايز أكلمك.”
ضحى سكتت، صوت نفسها اتغير، ابتسامتها اتحولت لدفء،
وقالت بخجل واضح:
ـ “يا زين…”
لكن قبل ما تكمل، الباب اتفتح بعنف
أمها دخلت الأوضة، ملامحها متوترة وصوتها عالي:
ـ “ضحى!!! اقفلي التلفون ده حالاً!”
ضحى اتخضّت، حاولت تلملم نفسها بسرعة وهي تقول:
ـ “ماما، فيه ايه …
أمها بصوت حادّ مليان غضب:
ـ “انتي فاكرة إن عشان أبوكي مات يبقى خلاص؟ إنك هتعيشي بدماغك؟
ده أنا اللي هكسّر رقبتك!”
ضحى دموعها بدأت تنزل، وهي بتهمس:
ـ “ماما، والله ما عملت حاجة غلط…”
أمها زعقت أكتر، صوتها كان بيرج المكان:
ـ “كل يوم وأنا سامعة كلامكم التافه في التلفون
وانتي خلاص فكيتي الجبس، يعني مفيش داعي لكلامكم عالموبايل كل يوم
من النهاردة مفيش مكالمات، وهتمسحي رقمه.. مفهووم؟
وخرجت من الأوضة وهي بتخبط الباب وراها بقوة.
ضحى فضلت قاعدة مكانها، دموعها بتنزل على خدّها وهي بتحاول تمنع شهقتها.
زين كان سامع الحوار كله لإن ضحى ملحقتش تقفل المكالمه واتنهد بضيق قبل ما يقفل هو المكالمه ويغرق في أفكاره
________________________________
لينا كانت سايقة عربيتها ، ملامحها مركزة، عينيها رايحة جاية بين الطريق و الـGPS اللي بيقول:
> “بعد ٣٠٠ متر، انعطفي يسارًا.”
كانت متوترة شوية، بتحاول توصل على معادها لأول يوم تدريب في الشركة .
بس وهي مركزة عالـ GPS …
بوووووم
صوت خبط قوي هزّ العربية
لينا شهقت، ، بسرعة كانت فتحت الباب ونزلت، والغضب سبقها قبل أي تفكير.
ـ “إنت أعمى يا جدع؟! مش شايف ولا إيه؟!”
من العربية التانية نزل شاب طويل، وسيم، ملامحه حادة وغضبة، لابس قميص اسود مفتوح أول زرارين ونظارة شمس على شعره الأسود اللي الهوا لعب فيه.
قال بصوت عالي:
ـ “أنا اللي أعمى؟! دي انتي اللي سايقه زي القطر من غير ما تبصي قدامك”
الصوتين طلعوا مع بعض، وكل واحد بيحاول يعلّي على التاني.
الناس بدأت تتجمع حواليهم، واحد من اللي واقفين قال :
ـ “اهدوا يا جماعة، حصل خير.”
بس محدش فيهم سامع.
لينا كانت منفعلة جدًا، عينيها بتلمع من الغضب، وقالت بنبرة حادة:
ـ “ما أنت لو كنت راجل محترم كنت اعتذرت وخلاص ”
ابتسم بسخرية وهو بيقول:
ـ “اعتذر؟ عن إيه بالضبط؟ عن إنك مش عارفة تسوقي؟”
الناس بدأت تضحك، وده زود غليان لينا أكتر.
قربت منه خطوة وقالت:
ـ “أنا اللي مش عارفة أسوق؟ ده أنا اللي هعلّمك الأدب ”
وركبت عربيتها بسرعة وداست بنزين بكل عنف.
ولفت بسرعة وعدّت جنب عربيته، وخبطت في المراية الجانبية اللي اتكسرت ، متعمدة تغيظه.
هو اتجمد لحظة ، وهو شايفها بتبعد زي الصاروخ بعربيتها ولكن قبلها بصتله نظرة تحدي من مراية عربيتها.
ركب عربيته وقال بغلّ وضرب كفّه في الدركسيون
ورفع نظره في المراية، افتكر شعرها الأشقر وبسبب انهم كانوا واقفين في الشمس كان مائل للبرتقالي،
وقال لنفسه بابتسامة جانبية:
ـ” ماشي يا برتقالة .. ما ابقاش أنا ريان الألفي ، لو ما ندمتك على اللي عملتيه.”
( هووب هووب😉 )
_________________________________
-ضحى كانت قاعدة قدام ليلى في كافتيريا الكلية، إيديها ملفوفة حوالين الكوباية العصير اللي قدامها، وعينيها فيها لمعة زعل خفيف.
ـ “هو أنا كده غلطانة؟ ؟”
ليلى رفعت حاجبها وقالت بحذر:
ـ “بصّي يا ضحى، أنا عارفة إن الكلام وجعك، بس مامتك عندها حق في حاجات.”
ضحى بصتلها باندهاش:
ـ “حق؟ إزاي يعني؟”
ليلى مالت لقدام وقالت بنبرة عاقلة:
ـ “فيه حدود لازم تبقى موجودة، خصوصًا ان مفيش حاجه رسمي بينكم، ومامتك خايفة عليكي مش أكتر. بس خليني أسألك بجد … بتحبي زين؟”
ضحى اتفاجئت بالسؤال، وبصت بعيد وهي بتلعب في طرف الإيد، وبعد لحظة همست:
ـ “مش عارفة… بس أول ما بسمع صوته دقات قلبي بتزيد، ولما بيزعل بحس إني أنا اللي موجوعة… لما بيضحك، بحس إن الدنيا كلها حلوة.”
ليلى ابتسمت بخفة وقالت:
ـ “يبقى بتحبيه يا ضحى.”
ضحى بصتلها بدهشة، ووشها احمر شوية:
ـ “وأنتي؟ بتحبي يحيى؟”
ليلى سكتت لحظة، عينيها راحت بعيد كأنها بتشوفه، وقالت بنبرة حالمة:
ـ “هو… هو مش لدرجه حب، هو أمان. لما بيبصلي بحس إن الدنيا كلها ساكتة، وإن مفيش حاجة ممكن تأذيني طول ما هو جنبي. يحيى دايماً خايف عليا حتى لو مش بيقول….”
ليلى رجعت تبص لها وقالت بنغمة جادة شوية:
ـ “بصي يا ضحى، لو زين فعلاً بيحبك، هيجي ويتقدم رسمي. الحب الحقيقي ما يستخباش، ولا يعيش في السر.”
ضحى سكتت وهي بتفكر في كلامها، معقول زين هيطلع قد للمسؤوليه …
في نهاية اليوم، كانت ليلى راجعة القصر، ، وإيدها على الإزاز، بتبص على الشارع وهي مبتسمة بخفة.
وبتفكر في حياتها اللي في شهور قليلة، حياتها اتشقلبت تمامًا.
من أول ما عرفت إن طول العشرين سنه اللي فاتت كانت عايشه في كذبه،، لحد انتقالها للقصر وحياتها اللي اتغيرت تمامًا …وأخيرا جوازها من يحيى ..
وتحولها من بنت بسيطة في بيت موجود في حارةشعبية، لزوجة راجل زي يحيى الصياد.
من حياة هادية لعالم كله أسرار وقصر مليان وجوه مختلفة… منال الطيبة، ميادة اللي واضح إنها مش طايقاها، وعمر اللي كل مرة تشوفه فيها بتحس بشيء غريب ما بين الضيق من مضايقته لها في الراحه والجايه ومابين الشفقة عليه.
الموبايل رن فجأة، قطع حبل أفكارها.
بصّت على الشاشة… رقم غريب.
ردّت وهي بتقرب الموبايل لأذنها:
ـ “ألو… مين معايا؟”
الصمت ساد ثواني… مفيش صوت.
ـ “ألو؟” قالتها تاني بنبرة استغراب.
جالها صوت خافت لكن واثق في نفس الوقت:
ـ “أنا… جوزِك يا ليلى.”
ليلى اتسعت عينيها بدهشة، نبضها زاد فجأة، وصوتها خرج متلخبط:
ـ “يحيى؟!”
ضحك بخفة وقال بنبرة هادية فيها دفء:
ـ “هو في غيري؟”
ـ ” لا بس أصلك إنت عمرك ما كلمتني قبل كده من وقت ما أخدت رقمي.”
ـ “عارف، كنت مستني اللحظة المناسبة.”
ليلى ابتسمت من غير ما تحس، وقالت بخجل:
ـ “طب وإيه اللي خلاك تفتكر تكلم دلوقتي؟”
ـ “خدت إجازة من الشغل.”
ـ “إجازة؟!” قالتها بدهشة.
ـ “أيوه، عشان شهر العسل ،أنا حجزت لينا في فندق في دهب.”
اتسعت ابتسامتها غصب عنها، وبصت من الشباك والفرحة مالية عينيها.
ـ “بجد !!!!.”
سكتت لحظة، وقلبها بيرقص فرح، وقالت بصوت واطي مليان امتنان:
ـ “شكراً يا يحيى…”
المكالمة خلصت، بس الابتسامة ما راحتش من وشها.
كانت حاسة إنها خلاص… بتبدأ فصل جديد من حياتها بس يا تري الفصول كلها هتكون سعيده ؟؟ ده اللي هنعرفوا قدام
(أموت أنا في التشويق والساسبنس😌 )
________________________________
لينا وقفت بعربيتها قدّام مبنى ضخم جدًا، زجاجه بيعكس الشمس كأنه مراية عملاقة.
اسم الشركة مكتوب فوق بالدهبي الكبير:
“الألفي جروب”.
خدت نفس عميق، حاولت تهدي دقات قلبها اللي كانت بتجري كأنها في سباق.
ـ “يلا يا لينا، … ما تخافيش.”
خرجت من العربية بخطوات ثابتة، رغم إن جواها كان فيه دوشة من التوتر.
دخلت المبنى، كل حاجة حواليها بتبرق، الأرض رخام لامع، والناس ماشيين بشياكة، والريحة كلها برفانات فخمة.
وصلت عند مكتب الاستقبال، ابتسمت للسكرتيرة اللي كانت قاعدة ورا مكتب زجاجي أنيق وقالت:
ـ “صباح الخير، أنا لينا الصياد… عندي معاد مع ريان باشا الألفي.”
السكرتيرة رفعت نظرها من الورق بابتسامة رسمية وقالت:
ـ “أهلاً وسهلاً يا أستاذة لينا، أيوه طبعًا… ريان باشا في مكتبه، ممكن تطلعي له على طول. الدور التامن، أول مكتب على اليمين.”
ـ “شكرًا جدًا.” قالتها لينا وهي بتحاول تخفي ارتباكها.
ركبت الأسانسير، وإيديها متشابكة قدامها.
كل طابق الأسانسير بيعدّيه، كان إحساسها بالخوف بيزيد… مش عارفة هتتعامل إزاي، خصوصًا إنها أول مرة تشتغل في شركة .
وصلت الدور التامن.
الأرض مفروشة بسجاد رمادي أنيق، والحوائط فيها صور لمشروعات ضخمة للشركة.
خطت خطواتها الأولى، وقلبها بيخبط بقوة.
وصلت عند باب مكتوب عليه:
“ريان الألفي – المدير التنفيذي”.
خبطت بخفة.
من جوه، جالها صوت رجولي حاد وواثق:
ـ “ادخلي.”
فتحت الباب بهدوء، ودخلت…
كان ريان الألفي قاعد على كرسي مكتبه، ضهره ليها، وصوته واطي وهو بيقلب في شوية أوراق.
قالت بأدب وهي واقفة عند الباب:
ـ “صباح الخير يا فندم… أنا لينا الصياد، المهندسة الجديدة.”
ريان لف الكرسي بهدوء، وبمجرد ما عينه وقعت عليها…
اتسعت عيناه بذهول.
هي!
نفس البنت اللي خبطت عربيته امبارح
وفي نفس اللحظة، عينيها هي كمان اتسعت بدهشة،
وشها شحب، وصوتها اختفى…
هو… نفس الشاب اللي اتخانقت معاه .
وقف من ورا مكتبه، لابس بدلة رمادي غامقة فخمة،
ملامحه حادة، ونظراته فيها نفس الشرارة اللي كانت في الشارع.
قال بنبرة فيها سخرية لاذعة:
ـ “إنتي… المتدربة الجديدة؟!”
اتجمدت لينا في مكانها، وشها احمر من الإحراج والتوتر، وقالت بصوت متلخبط:
ـ “إنت… إنت فهد الألفي؟!”
رفع حاجبه وهو بيقرب منها بخطوات هادية،
عيناه فيها مزيج من الغضب والتسلية، وقال بنبرة واثقة ساخرة:
ـ ” شكلنا هنقضي أيام شبه وشك يا… برتقالة.”
وقفت لينا مشدوهة، قلبها بيدق بسرعة،
بين الرغبة إنها ترد عليه من إسائته، والخوف إنها تغلط في أول يوم شغلها.
بس كل اللي خرج منها كان همسة واهية وهي بتقول:
ـ “يا نهار أسود…”
هو ابتسم بخفة، لمعة غامضة في عينيه:
ـ “بالظبط… ، يا آنسة لينا الصياد.”
_________________________________
في مكان أول مرة نشوفه…
مستودع كبير على أطراف المدينة،
الإضاءة خافتة، ريحة التراب والحديد سايبة أثر خانق في الجو،
والصمت ما بيتكسرش غير بصوت خطوات تقيلة بتقرب.
رجل ضخم واقف في نص القاعة،
لابس بدلة سودة، ماسك سيجار بين صوابعه،
وعينيه بتلمع بحدة وهو بيتكلم بنبرة آمرة:
ـ أنا مش هقبل أي تأخير تاني، فاهمين؟
واقف قدامه اتنين من رجاله،
وشهم باين عليه التوتر، واحد فيهم قال بخوف:
ـ بس يا باشا، الشرطة بقت مترصداهم في كل تحرك…
والكميات دي كبيرة، ممكن…
المجهول قاطعه بنظرة نار:
ـ قلت تتسلم في أقرب وقت
أنا مش هستنى أسبوع كمان علشان خايف من اللي اسمه يحيى الصياد .
رجاله اتبادلوا نظرات قلق،
لكن المجهول كمل كلامه ببرود:
ـ البضاعة لازم تتحرك قبل ما الليل يخلص،
ولو حاول يتدخل يبقا هو اللي فتح باب جهنم على نفسه …
سكت شوية، سحب نفس من السيجار وقال بنبرة أهدى لكنها مليانة تهديد:
ـ وخصوصا إن الصياد بقى عنده نقطة ضعف أنا سمعت إنه اتجوز وواجب عليا أنقطه..
صدى كلماته اتردد في المكان،
والإضاءة رجعت تضعف أكتر،
بينما دخان السيجار غطّى ملامحه،
ووشه اتدفن في الظلام…
#رواية_عشق_يحيى
#الكاتبة_سلمي_جاد
أشوفكم على خير الفصل الجاي ودمتم سالمين 😙❤️ اللي متحمس للتكمله يعمل لاڤ❤️
🍉Salma Gad 🖋️
الفصل التالي: اضغط هنا
يتبع.. (رواية عشق يحيى) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.