رواية المتنقبة الحسناء – الفصل السابع
الفصل السابع
الله اكبر
سبحان الله العظيم
سبحان الله وبحمده
الفصل السابع
اختنقت الكلمات في حنجرتها وقد أجهشت بالبكاء ثم صرخت وقالت: “مها يا ماما عملت حادثة هي ووالداتها ونقلوهم المستشفى والاستقبال في المستشفى كلمني لأني آخر رقم مها اتصلت بيه قبل الحادثة.!”
(لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم..
قالها علي وزياد وأسعد في نفس واحد.)
قالت زينب بحزن: “لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم؛ يا رب سلم يلا ادخلي البسي بسرعة”.
قال أسعد: “أنا معايا العربية ركنتها بعيد شوية هانزل بسرعة أجيبها تحت البيت على ما تجهزوا”..
رد علي: “مش عايزين نتعبك..!”
رد عليه أسعد: “تعب إيه بس.؟! هانزل بسرعة وأنتظركم تحت”.
أشار له زياد قائلا: “استنى هاجي معاك أنا وعلي”..
(ظهر على ملامح زياد القلق ولكن ثقته في ربه كانت دائماً تقوي قلبه؛ ظل يدعو طيلة الطريق أن يحفظ الله حبيبته ووالدتها, أما حسناء ظلت الدموع تتساقط منها وقلبها يخفق بشدة، ويدها ترتعش من الخوف على صديقة عمرها فربتت عليها زينب لتُطمئنها قليلاً)
نظر أسعد إلى علي وقال متسائلاً: “علي هي مين مها دي؟! تقرب لوالدتك ولا إيه؟!!”
رد عليه قائلًا: “دي صديقة حسناء الوحيدة وتعرفها من زمان أوي ودخلوا الكلية سوا عشان ما يبعدوش عن بعض, حسناء بتعتبرها أخت لها؛ بنت محترمة ومن أسرة طيبة”..
أسعد بابتسامة: “بسم الله ما شاء الله ربنا يستر بإذن الله..
تنهد بقلق ثم قال: “يا رب آمين”..
بعد قليل وصلوا إلى المستشفى؛ وسأل زياد الاستقبال على مكانهم..
سأل زياد الدكتور بقلق: “يا دكتور هما فين دلوقتي؟!”
الدكتور: “البنت واخدة مهدئ ونايمة وإصابتها خفيفة الحمد الله شوية كدمات وجرح في اليد اليمنى”..
قالت حسناء بعد أن ظهر على ملامحها الاطمئنان قليلاً: “الحمد الله يا رب؛ طيب هي فين.؟! عايزة أدخل لها اسمحلي يا دكتور بالله عليك هي هتبقى كويسة لما تصحى وتلاقيني جنبها”..
أشار بيده بالنفي: “هي قدامها كام ساعة على ما تفوق ساعتها ابقي ادخلي شوفيها”..
ما زال قلب زينب مقبوض وقالت بصوت خافت: “ووالدتها فين وعاملة إيه يا دكتور؟!!”
أحنى رأسه بحزن شديد وهو يقول: “للأسف الأم توفيت من لحظات, البقاء لله”..
زينب ببكاء: “ونعم بالله؛ إنا لله وإنا إليه راجعون”..
زياد بحزن: “لا حول ولا قوة إلا بالله, هو إيه سبب اللي حصل ده يا دكتور.؟! أقصد إيه حصلهم ومين اللي عمل فيهم كده؟!!”
الدكتور: “هما كانوا بيعدوا الطريق تقريباً وفجأة ظهرت عربية ملاكي وخبطتهم وجريت؛ ده كلام الشهود اللي شافوا الحادثة”..
(بكت حسناء ولم تتفوه بكلمة وقلبها يعتصر حزناً على والدة مها التي كانت تحبها بشدة)
أسعد: البقاء لله؛ وحسبنا الله ونعم الوكيل..
نظر لهم الدكتور بجدية قائلا: “يا ريت تحاسبوا المستشفى وتخلصوا الإجراءات عشان تاخدوا الأم الصبح بإذن الله وعلى الظهر تطلع الجنازة”..
حسناء بحرقة وبكاء: “علي روح البيت لوالد مها وبلغه اللي حصل”.
علي بأسف: “حاضر, أنا مش عارف هاقوله الخبر ده إزاي.؟!!”
أسعد وهو يستعد للمشي: “عن إذنكم هروح أخلص إجراءات الدفن”..
لحق زياد به وقال: “استنى يا أسعد؛ هاجي معاك”..
نظر له علي وقال: “خليك أنت معاهم يا زياد عشان لو احتاجوا حاجة؛ وأنا هاخد أسعد ونروح نبلغ والد مها ونرجع نخلص الإجراءات”..
زياد بابتسامة حزينة: “جزاك الله خيرا يا أسعد”..
أسعد: “وجزاك مثله وزيادة مضاعفة”..
بعد قليل من الانتظار، خرجت الممرضة قائلة: “مها فاقت يا جماعة ادخلوا لها عشان لحد دلوقتي متعرفش خبر وفاة والدتها وبتسأل عليها ومش عارفة أبلغها الخبر ازاي”..
(جرت حسناء على الغرفة واحتضنتها؛ عندما نظرت إليها حسناء وجدتها شاحبة الوجه وبها بعض الجروح البسيطة.)
حسناء وعيناها تملؤها الدموع: “أنا جنبك يا حبيبتي مش هسيبك أبداً هتبقي كويسة؛ أنتِ قوية وهتقدري تخرجي من المحنة دي أنا عارفة”..
حاولت النهوض ولكن أعجزها التعب: “حسناء أنتِ جيتي هنا إزاي.؟!!”
ربتت على كتفها: “خليكي نايمة يا حبيبتي عشان متتعبيش؛ اتصلوا بيا من المستشفى وبلغوني عشان كنت آخر رقم أنتِ اتصلتِ بيه؛ سامحيني مأخدتش بالي من اتصالك خالص”.
أمسكت برأسها وقالت:”أنا مش فاكرة حاجة خالص؛ حسناء ماما فين؟! ليه مفيش حد عايز يرد عليا؟!”
(حسناء وقد أخنقتها الكلمات وتساقطت دموعها ثم نظرت لوالدتها تشير لها بالكلام.)
حاولت زينب أن تدخل في نفس مها الطمأنينة فقالت: “إن لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى ولا نقول إلا ما يرضي ربنا إنا لله وإنا إليه راجعون”..
لم تتمالك نفسها وأجهشت بالبكاء ثم صرخت وهي تحاول النهوض حتى تذهب لوالدتها: “يعني إيه.؟! تقصدي إيه.؟! ماما ماتت.؟! انتم أكيد غلطانين؛ يعني خلاص أنا مش هشوف ماما تاني.؟! ده أنا مليش حد غيرها هي وبابا بعد ربنا..!!”
حسناء وقلبها منفطر على صديقتها: “استهدي بالله يا مها واستغفري ربنا وادعيلها ربنا يرحمها..
التقطت أنفاسها بصعوبة ثم قالت بصوت مبحوح: “أستغفر الله العظيم؛ أنا راضية يا رب إنا لله وإنا إليه راجعون”..
(قالت كلماتها وهي تغيب عن الوعي، هرولت حسناء إلى الخارج وهي تصرخ قائلة: نادي للدكتور يا زياد بسرعة.)
(وصل الدكتور بعد أن استغاث بهِ زياد؛ وأعطاها حقنة مهدئة؛ بعد أن أفاقت تسلل مفعول الحقنة بجسدها فرجعت ونامت ودمعها لم يجف من عينيها؛ فجلست زينب بجانبها وظلت تقرأ ما تيسر من القرآن الكريم؛ أما حسناء أمسكت بهاتفها وأخبرت جميع أصدقائهم بالكلية ليحضروا الجنازة باكراً.)
******************
(وصل والد مها وهو متكئ على يد علي وكان في حالة فزع وبكاء مثل الطفل الصغير الذي تاهت عنه والدته.)
قال سعيد (والد مها) وهو في حالة يُرثى لها:
-فين حبيبتي؟ فين عشرة عمري.؟! عايز أسلم عليها قبل ما تمشي؛ راحت كده فجأة مش هشوفها تاني؛ مش هتصحيني زي كل يوم لصلاة الفجر نصلي سوا؛ ماتت الحبيبة والزوجة وماتت كل حاجة حلوة معاها..
زياد بأسى: “البقاء لله يا عمي ربنا يصبرك وأرجوك تماسك قدام مها لأن حالتها صعبة أوي ولسة واخدة مهدئ من شوية”..
هز رأسه وقال بحزن: “ونعم بالله يا ابني؛ بنتي حبيبتي هي عاملة إيه دلوقتي.؟! خدني عندها يا ابني”..
أمسك علي بيده واتجه إلى الغرفة التي ترقد بها مها: “حاضر يا عمي بس بالله عليك تماسك قدامها”
سعيد ببكاء: “ربنا يصبرنا يا ابني على فراقها؛ حاضر هحاول أتماسك قدامها”..
(دخل سعيد لمها وقبلها من وجنتها؛ كانت ما زالت نائمة بسبب المهدئ ولم تشعر بوجود والدها؛ وقف يتأمل في وجهها بحزن وحنين واشتياق لزوجته التي تشبهها مها كثيرا.).. تنفس بشدة وقال: “يا حبيبتي يا بنتي فيكِ من ريحتها؛ أنتِ اللي هتهوني عليا لما باشوفك كأني شوفتها بالضبط”..
زينب: الدوام لله يا أبو مها؛ شد حيلك كده وربنا يصبرك..
سعيد: ونعم بالله؛ كله على الله..
******************
(في الصباح انتهى أسعد وعلي من إجراءات الدفن وجاءت سيارة الإسعاف ونقلت المتوفاة بعد تغسيلها وتكفينها في المستشفى، حتى يذهبوا إلى المسجد لصلاة الجنازة؛ حيث ينتظر الأهل والأقارب والأصدقاء.)
ربتت حسناء على كتفها: “مها يا حبيبتي يلا قومي عشان الجنازة دلوقتي، ربنا يصبرك ويربط على قلبك”..
(أصبحت هزيلة ضعيفة لم تقوَ على القيام فساعدتها حسناء على الوقوف، خلع زياد جاكتا يرتديه وناوله لحسناء كي ترتديه مها؛ التي كانت تنتابها حالة من البكاء من وقت لآخر.)
وصلوا للمسجد؛ وانتهت صلاة الظهر وصلى الإمام صلاة الجنازة ودعا كثيراً للمتوفاة؛ ثم ذهب الرجال إلى المقابر وبعد الانتهاء من دفنها وقف أسعد ثم قال بصوت عالٍ: “عن رسول الله ـ صلىَّ الله عليه وسلم ـ أنه كان إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه فقال: “استغفروا لأخيكم وسلوا له التثبيت فإنه الآن يُسأل”.
ثم رفع أسعد يده للدعاء هاتفا: “اللهم اغفر لها وارحمها واعف عنها وأكرم نُزلها ووسع مدخلها واغسلها بالماء والثلج والبرد ونقها من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس؛ اللهم إنها في ذمتك وحبل جوارك فقها فتنة القبر وعذاب النار وآخر دعوانا أن الحمد الله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه أجمعين؛ آمين؛ أسألكم الدعاء لها..
(انتهت الجنازة؛ وفي المساء جاء أقارب وجيران وأصدقاء مها للعزاء التي كانت في حالة يرثى لها من أثر الصدمة، وانتهى اليوم بكل ما حمل من أحداث مؤلمة.)
******************
(بعد مرور ثلاثة أيام)
حسناء بجدية: “مها أنتِ هتيجي معانا مش هسيبك في الحالة دي لوحدك”..
مها: “مينفعش يا حسناء أسيب بابا لوحده وهو في الحالة دي.!!”
زينب: “بتقولي إيه بس يا حبيبتي.؟! مينفعش الكلام ده؛ أنتِ هتيجي معانا اليومين دول هنستأذن من والدك وأكيد هو مش هيقول حاجة على حتى ما جروحك تخف”..
هزت رأسها بالنفي ثم قالت: “يا خالتو يرضيكِ أسيب بابا لوحده في الحالة دي؟!”
زينب: “لا يا حبيبتي؛ خلاص خليكي معاها يا حسناء قضي معاها طول النهار الفترة دي وكل يوم بالليل حد من اخواتك يجي ياخدك”..
حسناء بابتسامة حزينة: “حاضر يا ماما”..
مها: “ربنا يعزك يا خالتو وجزاكِ الله خيراً على وجودكم معايا الأيام اللي فاتت”..
زينب: “وجزاكِ مثله يا بنتي؛ ومتقوليش كده أنتِ عندي زي حسناء بالضبط؛ ومن النهاردة اعتبريني والدتك التانية”.
قالت بابتسامة حزينة: “أنتِ فعلا زي والدتي يا خالتو ربنا يعزك ويحفظك لينا”..
حسناء محاولة أن تُضحك مها:”احم احم نحنُ هنا, أنا هغير كده”..
مها بابتسامة: “ربنا يخليكِ ليا يا سمسمة؛ ده أنتِ أختي وحبيبتي كمان”..
طبعت حسناء قبلة على خد مها: “أيوة كده وريني ضحتك الجميلة دي؛ يا رب ما تفارق الضحكة وشك تاني أبداً”..
مها بحزن: “آمين؛ بس بعد فقدان الأم الحياة متبقاش لها طعم؛ يلا الحمد لله”..
قالت زينب معاتبة: “احنا قلنا إيه؟!”
مها: “ربنا كريم يا خالة يلهمني الصبر ويقويني”.
زينب: “يا رب يا بنتي؛ أستأذنكم أنا وبالليل هبعت حد من اخواتك يا حسناء ياخدك؛ يلا السلام عليكم..
مها وحسناء: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته..
*********
كانت مها وحيدة أبويها،فكانا كل شيء في حياتها، وأصبحت الآن يتيمة الأم؛ ووالدها مثال الأخلاق والطيبة والوفاء فإنه ما زال يعشق زوجته كثيرا حتى بعد وفاتها عزم ألا يتزوج من غيرها إخلاصا وحبا لها؛ بعد وفاة زوجته فقد طعم الحياة كانت هي التي تضيف طعماً للحياة؛ وتبدلت ضحكته لدمعة؛ ولكنه كان يرى زوجته دائما في ابتسامة مها ابنته التي يحبها ويدللها كثيراً.)
******************
الفصل التالي: اضغط هنا
يتبع.. (رواية المتنقبة الحسناء) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.