رواية المتنقبة الحسناء الفصل الثالث 3 – بقلم شيماء عفيفي

رواية المتنقبة الحسناء – الفصل الثالث

الفصل الثالث

الفصل الثالث


استغفر الله

سبحان الله وبحمده

سبحان الله العظيم

الفصل الثالث

ذهبت حسناء إلى غرفة والدتها وهي تتمتم محدثة نفسها: يا ترى ماما عايزاني في إيه؟!!!

حسناء بتوتر: “نعم يا ماما؛ خير يا حبيبتي؟!!!”

والدتها بابتسامة: “خير يا بنتي إن شاء الله؛ عايزة أتكلم معاكي شوية!!”

أخفت قلقها بابتسامة: “اتفضلي ياماما؛ كلي آذانٌ صاغية”..

تبسمت قائلة: “بصي يا بنتي أنتِ دلوقتي كبرتِ ومينفعش تفضلي تلبسي بناطيل كده حتى لو كنتِ بتلبسي طويل عليهم مينفعش بردو؛ وأخوكِ علي كلمني أكتر من مرة إني أتكلم معاكي ومحبش يتكلم هو معاكي عشان مَتزعليش منه”.

استكملت كلامها بتنهيدة: “وكمان يا حبيبتي ربنا ـ عزَّ وجلّ َـ نهى أمهات المؤمنين عن ذلك بقوله: “وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى”. ”

نظرت لها وابتسمت قائلة: “هفهمك أكتر؛ كان في أيام الجاهلية الأولى قبل مبعث النبي ـ صلَّ الله عليه وسلم ـ كانت المرأة بتخرج أمام الرجال مبدية لنحرها ويخرج شيء من شعرها، فنهى الله عز وجل أمهات المؤمنين عن هذا التكشف, عشان كده عايزاكي يا بنتي تلتزمي باللباس الشرعي لباس التقوى والحياء والأخلاق”.

ردت باندفاع: “يا ماما أنا اتعودت عليهم وأنتِ عارفة المواصلات والجامعة مش برتاح إلا فيهم ولو لبست جيبة أو فستان مش هعرف أمشي فيهم وممكن أتكعبل وأقعْ!!”

ربتت على كتفها: “يا حبيبتي أنتِ كل حاجة صعبة عليكِ بتعمليها عشان ترضي ربنا هتحتسبيها لله وربنا ساعتها هيعينك ويحببك كمان في اللبس الواسع”..

تنهدت بقوة: “يا ماما كلامك جميل ومضبوط بس الكلام سهل لكن الفعل صعب؛ ادعيلي يا أمي بالهداية وإني أغيَّر من نفسي وأقدر آخد الخطوة دي!!”

هزت رأسها بحزن: “مش هضغط عليكِ؛ بس عايزاكي تعرفي عشان ترضي ربنا لازم يكون من جواكي أنتِ الأول إنك تتغيري وربنا يهديكِ يا بنتي”.

ظهر على ملامح وجهها الحزن، ثم وقفت وقالت: “يا رب يا ماما هستأذنك بأه هدخل أذاكر شوية على ما زياد يخلص شغله على الكمبيوتر عشان أفتح نت شوية!!”

زينب بابتسامة: “اتفضلي يا بنتي بس ما تطوليش عشان تنامي بدري!!”

عقدت حاجبيها: “أنتِ نسيتِ ولا إيه يا ماما.؟! بكرة السبت ما عنديش محاضرات يعني أسهر براحتي!!”

زينب بابتسامة عريضة: “ماشي يا لمضة”.

******************

لاحظ علي خروج حسناء من غرفة والدته فذهب مسرعًا إليها، ثم قال بقلق: “ها يا أمي كلمتِ حسناء؟!”

تبسمت بحزن: “أيوة يا ابني؛ اتكلمت معاها ولازم نصبر عليها ما ينفعش تلبس حاجة مش مقتنعة بيها لازم تقتنع عشان تآخد الثواب كامل؛ وأنا بكلمها ومرة على مرة هي هتتغير ادعيلها انت بس بالهداية!!”

علي بتكشيرة ظهرت على وجهه: “ماشي يا أمي ربنا يهديها، أنا عارف حسناء مؤدبة وبتراعي ربنا ومش بتحاول تزعلك أبدًا وعشان كده يا ريت كل فترة تكلميها وبإذن الله تسمع كلامك”.

أومأت برأسها إيجابًا: “إن شاء الله يا ابني, ربنا يهدينا جميعا”.

انحنى وطبع قبلة على يدها ثم قال: “آمين يا رب؛ ويبارك فيكِ ويحفظك لينا يا أمي”..

والدته بابتسامة: “ربنا يسترك دنيا وآخرة يا حبيبي”..

تنهد بفرح: “أجمل دعوة والله يا أمي؛ ربنا ما يحرمنيش منك أبداً.”

والدته: “يا رب ويخليكم ليا ويسعدكم يا رب!!!”

******************

خطت بهدوء ثم قالت بصوت خافت: “زياد محتاجة الكمبيوتر شوية، ممكن؟!”

التفت إليها مبتسمًا ثم عقد حاجبيه قائلاً: “إيه الأدب ده كله.؟! عشان بس عايزة حاجة، إنما لو أنا اللي بطلب منك حاجة تذليني..

زفرت بضيق: “يلا بأه قوم بطل رخامة”.

ابتسم بسخرية: لا مش ممكن”.

ضغطت على أسنانها بغيظ: “بقالي كتير ما فتحتش فيس بوك عايزة أبص بصة سريعة قبل ما أدخل أنام!!”

قهقه بسخرية: “بصة سريعة بردو؟! أنتِ فاكراني نسيت الإسبوع اللي فات لما فضلتِ قاعدة لحد الفجر.؟!!”

هزت رأسها يمينًا ويسارًا: “النهاردة الجمعة يا ناس، ده اليوم الوحيد اللي بفتح فيه نت وأنت مستولي على الكمبيوتر على طول يلا قوم بأه”.

نهض وهو يبتسم قائلاً: “ماشي افتكري بس الجمايل دي!!”

تبسمت قائلة: “ماشي هافتكرها!”

نظر إليها بجدية قائلا: “ها قوليلي عاملة إيه في الكلية؟!! في حاجة واقفة قدامك أفهمهالك؟!!”

ضحكت بسخرية: “أنتَ اللي هتفهمني؟!! ده عشان أشيل المادة.؟!! لاء متشكرة أوي!!!”

زياد بغيظ: “ماشي ابقي تعالي بأه اتحايلي عليا زي كل سنة وقت الامتحانات عشان أفهِّمك حاجة!!!”

حسناء: “لا يا أخويا شكرًا؛ عندي مها حبيبتي بتفهمني أي حاجة أقف فيها!!!”

زياد بسخرية: “يا ريتك تبقي زي مها وفي ذكائها إنما هقول إيه بأه؟!!”

ضحكت حسناء بِشدة وغمزت له قائلة: “مين يشهد للعروسة.؟! وبعدين أنتَ عرفتْ منين بأه إنها ذكية؟!!!”

زياد بارتباك: “أنتِ مش بتقولي بتفهِّمك؟! تبقى ذكية وبتفهم!!”

حسناء بمكر: طآه طيب, يلا بأه امشي عطلتني كتير كده”.

زياد بضحكة: “ماشي يا سوسة!!!”

خرج زياد، والتفتت حسناء لشاشة الكمبيوتر وبدأتْ تفتح صفحتها على الفيس بوك التي تسمى باسم حسناء المنياوي تسرد فيها الشعر وبعض من خواطر تكتبها..

بدأت تكتب:

< حقك عليا..

لو كنت في يوم مرة ضايقتك

أو جيت عليكِ ووجعت قلبك

أو في مرة نزلت دموعك

باعتذرلك..

آه باعتذر لأني ضَايقتك

حَقك عليا يا أغلى مني

أنتِ حبيبتي وجوا قلبي

بَرَاضِيكي أُمي لأنَكَ حَبيبتي

في زَعلي وَفرحي وَوقت ضيقتي

بَس بَرَدُو أعذريني!!

لَوْ قَصرت في يَوْمَ معاكي

أَوَعَي تَبكي هتبكي عيِني

أوعديني ضَحكتك تسمعيني

لأني بحبك بتمنى رضَاكِ

حقك عليا يا حتة مَنِي

يا اللي ما ليش في الدُنيا غيرك >

بعد انتهائها دخلت بريد الرسائل ترد على رسائل أصدقائها وفجأة انطلق صوت إشعار معلنا قدوم رسالة!!

الاسم (توبة رجل) أما صورة البروفايل رجل يبكي!!

تمتمت محدثة نفسها: إيه الرسالة دي؟! أما أفتح أشوف مكتوب فيها إيه!!!

(قرأت الرسالة وعقدت حاجبيها باستغراب شديد)

توبة رجل: كنت حابب أعبر لك عن إعجابي الشَديد بكلماتك الرائعة عن والدتك وأكيد هي تستاهل كل كلمة كتبتيها لها، أتمنالك مزيدًا من التفوق وشكرًا…!

(زي كل مرة هتتجاهل حسناء الرسالة لأنه الظاهر ما أخدش بَاله إنها كاتبة في الأستيتيوس: لا للدردشة!!!)

أغلقت حسناء الكمبيوتر ولحظات وأذن المؤذن لصلاة الفجر..

حسناء بارتياح: “يا الله صوت المؤذن ده جميل أوي ما شاء الله, هقوم أصحي ماما وعلي وزياد واتوضى وأصلي الفجر وأبقى أقول الأذكار وأنام على طول”.

استيقظ علي وزياد وتوضآ وذهبا إلى المسجد أما زينب وحسناء فقد استعدتا للصلاة..

كان المسجد قريبًا من المنزل وصوت إمام المسجد تسمعه زينب وحسناء جيدًا..

و نظراً لصوته الجميل في تلاوة القرآن الكريم لفتَ انتباه حسناء..

بدأ بفاتحة الكتاب ثم قرأ ما تيسر من القرآن من سورة النور..

بسم الله الرحمن الرحيم

“وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الأِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ”.

بعد انتهاء الإمام من قراءته دخلت حسناء في الصلاة.. وكل ما كانت تدعو به في سجودها دعوتين لأنها دائمًا تشعر بالتقصير..

(اللهم اغفر تقصيري؛ اللهم ردني إليك ردًا جميلًا.)

كانت ترددهما دائمًا؛ وبعد أن انتهتْ من صلاة الفجر؛ قالت: “تقبل الله يا ماما, بعد إذنك بأه هروح أنام تصبحي على خير!!”

والدتها بابتسامة: “مِنَّا ومِنكم يا بنتي, وأنتِ من أهل الجنة”.

تمتمت زينب محدثه نفسها: “سبحان الله كأن الإمام بيوجه الآية لحسناء بطريقة غير مباشرة”.

دخلت حسناء غرفتها وأمسكت المصحف وقرأت ما تيسر من القرآن وعندما انتهت رددتْ أذكار الصباح إلى أن غفت عيناها ثم غطت في النوم.

******************

الفصل التالي: اضغط هنا

يتبع.. (رواية المتنقبة الحسناء) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.

أضف تعليق