رواية مغرم بك الفصل الأربعون 40 والأخير – بقلم الهام رفعت

رواية مغرم بك – الفصل الأربعون

 

 

الفصل الأربعون(الأخير)

الفصـل الأربعــــون(الأخيـر)

 

مُغـرَم بـكِ

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

استنبطت وصوله فقامت بوضع الصغيرة في تختها كي تقابله، تحركت زينة ناحية الباب متهللة فإذ به يلج الغرفة في نفس التوقيت، استقبلته ببسمة بشوشة قائلة:

 

-حمد الله على السلامة يا حبيبي

 

تدرج آيان للداخل ثم وضعت هي يديها على سترته من الخلف كي تعاونه على شلحها، نفض يدها من عليه قائلاً بجمود:

 

-ليه مزعلة ماما؟

 

للحظات وقفت خلفه تنظر إليه بعدم فهم، استدارت بعدها حوله لتقف أمامهم قالت باستياء:

 

-آيان هو أنا برضوه هزعّل مامتك، وإنت عارف إنها هي اللي…..

 

قاطعها بحدة مشيرًا بيده كي تتوقف:

 

-زينة ماما تعمل اللي هي عاوزاه، هتقفي قصادها وتقوليلها احترمي نفسك يعني، وعيب عليكي مثلاً اللي بتعمليه، مينفعش كده ومش هسمحلك!!

 

ابتلعت زينة ريقها متوترة من نبرته المزعوجة، سألت بعدم رضى:

 

-وأنا عملت أيه بقى؟، كل ده علشان الولاد اللي كبّروها وهي خايفة على شكلها قدام الناس

 

حين تطاولت في حديثها كان ذراعها في ثانيةٍ خلف ظهرها، تألمت زينة ونظرت له باستنكار أن يعنفها، ردد بغضب:

 

-زينة كلامك على ماما يكون بحدود

 

تأملت ملامحه التي تراها لأول مرة بصدمة، تابع بتحذير:

 

-هي حُـرة في حياتها وتفكيرها، مش من حقك تلوميها على حاجة أو تحطي راسك براسها، وبكرة تكبري وتحسي لما تكوني في نفس عمرها

 

اكتفت زينة بالصمت وبنظرة عتاب تخللتها عبرات متجمعة جاهدت ألا تنزل، ترك آيان ذراعها قائلاً بصلابة:

 

-حضريلي الحمام

 

هزت رأسها لتتحرك من أمامه سريعًا متجهة للمرحاض وبداخلها كادت أن تنفجر، تتبع آيان ولوجها وهو يلعن من بين شفتيه لرؤيتها هكذا، تذكر والدته التي تقف في الخارج لتراقب ما سيفعله ثم دلف إليها، أمام الغرفة وقفت نور مبتسمة باتساع، دنت منه لتقبل وجنتيه بمحبة مرددة:

 

-حبيب مامي

 

ثم ابتعدت نور لتردف باعجاب:

 

-ميرسي يا آيان، متعرفش هي كانت بتضايقني إزاي، طريقتها معايا بتجنني وبتطير عقلي خالص

 

زيف آيان ابتسامة ليقول بألفة موجودة:

 

-أنا مش ممكن أسمح لحد يزعل ماما حبيبتي، بس أنا هخليها تغيّر طريقتها وحضرتك لازم تبقي معاها عادي، مش معقول هتفضلوا كده زعلانين من بعض

 

كلامه الأخير لم يعجبها كثيرًا لذا قالت بإيجاز:

 

-طيب، روح إنت ارتاح علشان جاي من شغلك، وكمان لسه حفلة جواز زين ما إنت لازم تقف معاه

 

رد بامتثال:

 

-حاضر يا مامي

 

لمست خده بلطف ثم استدارت لترحل، نفخ بقوة ليتأهب لولوج الغرفة فحتمًا ستكون ثورة مضطرمة بالداخل في انتظاره……!!

 

__________________________________

حين عودتهم لم يتركه قط ليحمله بين ذراعيه حتى وقتما يغفا قليلاً، تعجبت رسيل من ذلك ثم نظرت له مضيقة عينيها وهو جالس على التخت يلاعب الصغير، ألقت شيء ما بيدها على الأريكة باهمال ثم تحركت ببطء نحوه قائلة بسخط وهي تضم ذراعيها حول صدرها:

 

-ممكن بقى أعرف سبب اهتمامك بالولد قوي كده؟!

 

رد ببسمة وهو يهتم بمداعبة الصغير:

 

-فيه أيه يا رسيل، دا بيبي يعني لازم اهتم بيه، وكمان الواد قمر وعاجبني

 

جلست على حافة التخت وعارضت:

 

-ما كل ولادك حلوين، اشمعنا هو!!

 

التفت بنظراته لها قائلاً بغزل:

 

-علشان شبهك، ارتاحتي بقى

 

ابتسمت رسيل له فرحة بما تفوه به، مالت عليه لتحتضن ذراعه ورأسها على كتفه مردده بحبٍ سافر:

 

-حبيبي

 

أبعد ذراعه ليضمها لصدره بشدة قائلاً بعشق:

 

-رسيل إنتي غالية عندي قوي، باحبك وباحب كل ولادي علشان إنتي اللي جبتهوملي

 

ابتهجت رسيل وهي بين يديه، قالت بدلال:

 

-طيب ما راسل فيه شبه مني

 

رد وهو يتنفس عبيرها المغرٍ:

 

-لكن دا كإني شايفك قدامي، كله حاجة فيه بتشبهك

 

من فرط سعادتها من محبته لها جاء الوقت لتعلن عما قررته له قائلة وهي ترفع رأسها ناظرة إليه:

 

-مش عاوز تعرف هاسمي الولد أيه؟

 

تذكر أيهم أنها لم تختار اسمًا بعد، سأل بفضول:

 

-قولي يا رسيل، اختارتي أيه!

 

اتسعت بسمتها حتى لاحت معها أسنانها البيضاء قائلة بولهٍ:

 

-أيهم

 

تفاجأ أيهم بذلك فقالت معللة:

 

-علشان بتحبه لأنه شبهي فهاسميه على اسمك

 

لم يحجف مسرته من ذلك ليردد بامتنان:

 

-ربنا ما يحرمني منك

 

تنهدت لتقول باشتياق:

 

-أنا وحشتني البلد قوي، بما إن مدام نور خدت أجازة علشان تسافر مع جوزها وما فيش شغل الفترة دي أيه رأيك نروح البلد شوية، وحشتني قوي والحصان بتاعي وكل حيواناتي

 

خطرت فكرة على ذهن أيهم ليقول بحماس:

 

-أيه رأيك أجيبلك الحيوانات دي هنا؟، مستعد أعملهم مكان مخصوص

 

لمعت عيناها وهي تسأل:

 

-بجد يا أيهم؟

 

رد بجدية شديدة:

 

-بجد يا رسيل، نروح البلد نقعد شوية وبعدين نرجع بيهم، مش صعبة ولا حاجة

 

ضغطت على شفتيها السفلية وهي تفكر في تيقظها من نومها على أصوات حيواناتها كحياتها السابقة ثم ابتسمت كأنها في حلم رائع، ردت بترحيبٍ شديد بتلك الفكرة الهائلة:

 

-موافقة، عاوزاهم يجوا هنا…………!!

 

___________________________________

انتهى من اغتساله ليدلف من المرحاض مرتدي ملابسه المنزلية ويجفف شعره الطويل قليلاً بالمنشفة، وجدها تحمل الصغيرة وترضعها من قنينتها الخاصة فتحرك نحوها محاولاً استجماع كلماته ليراضيها، كانت زينة جالسة شاعرة بتقدمه نحوها لكنها عابسة مستاءة من حديثه معها بهذا الشكل، باتت جلستها متوترة حين جلس بجانبها فحاولت أن تبتعد عنه متحاشية حتى الإختلاط به، لف ذراعه على عنقها ليقربها منه فهتفت بعدم قبول:

 

-متقربش مني خالص ولا تحط إيدك عليا

 

كأنه لم يسمعها فقال مبتسمًا بتودد:

 

-آسف، مكنش بإيدي أزعلك، أنا بس عاوزك حلوة مع ماما وتكسبيها

 

لم ترد زينة وكتمت ضيقها في نفسها، سأل بتعجب:

 

-ساكتة ليه ما تتكلمي؟!

 

كما هي ظلت واجمة متجاهلة حديثه حتى زاد استغرابه ليعيد سؤاله بتبرم:

 

-زينة ردي عليا هتسيبيني اكلم نفسي؟

 

بغيظ أبعدته عنها ليتراجع بظهره ناظرًا إليها بذهول، هتفت بصوت منفعل:

 

-عاوزني أرد أقولك أيه؟، لو اتكلمت على مامتك أكيد هتطلعني غلطانة حتى لو السبب منها وهتقولي احترمي نفسك

 

ثم عاودت النظر الصغيرة مغتاظة منه، دافع عن نفسه قائلاً:

 

-زينة ماما كانت متضايقة وحساسة جدًا لو حد عاملها وحش، طول عمري باشوفها مدّلعة قوي وكل حاجة عندها، بابا ميقدرش يزعلها حتى لو غلطت، تقومي لو عملت حاجة تستفزيها، ومتنكريش يا زينة إنتي بتعملي كده!

 

كلحت قسماتها فما تفعله من باب المزح ليس إلا! كون الأخيرة تتضايق من وجود الصغار، ردت بكمد:

 

-هي مش بتحب الولاد ومش طيقاهم

 

رد باحتجاج:

 

-مش معقول، دي بنفسها بتجيبلهم الألعاب وعملتلهم اوضة مخصوص ليهم، حتى الدادات بتجيب علشان يهتموا بالولاد بس سيادتك مش عاوزة

 

فكرت زينة في كل ذلك ولم تنكر، قالت باستنكار:

 

-بس أنا باحترمها ومش بقل أدبي، بس حاجات باعملها علشان تصرفاتها ناحية الولاد مش بتعجبني!

 

التصق بها قائلاً بود:

 

-علشان خاطري كلميها كويس، كفاية أنا باحبك وكلهم هنا بيعاملوكي إزاي، مجتش من ماما عملت حاجة ضايقتك، هي صاحبة كل حاجة هنا والفيلا باسمها على فكرة

 

ردت بتذمر:

 

-يبقى نرجع فيلتنا مش عاوزة اقعد هنا، عاوزة آخد راحتي

 

رد بإنكار:

 

-وهنا يا زينة ما كلنا واحد، وكمان هما حابين وجودنا في وسطهم، مش أنا اللي مختار كده، وبابا كمان بيموت في الولاد وعاوزهم جنبه

 

تنهدت بقوة متحيرة في ذلك الموقف، خطف قبلة قد وضعها على خدها فنظرت له لاوية شفتيها، قال بلطافة:

 

-خليكي معاها كويسة وصدقيني هتغيّر معاملتها معاكي، استحمليها ماما رقيقة وجميلة، هي بس كبّرت نفسها بدري لما جوزتنا صغيرين

 

نظرت له زينة بشرود فيما قاله، تابع بتوسل محبب:

 

-متخليهاش تندم إنها جوزتني بدري، عاوزاها تبقى مبسوطة منك

 

-والولاد؟

 

استفهمت بتكهن فرد بألفة وهو يتأملها بتوق:

 

-متشغليش بالك، حتى ماما خلت ماريان متخلفش دلوقت وقدامك لسه مخلفتش مع إنها دخلت الجامعة، وماما مع الوقت هتتعود

 

لم تجد عيبًا في حديثه فليكفي محبة الجميع لها وحياتها الترفة والمنعمة التي تحظى بها بينهم، مسد آيان على شعرها ونظراته تعرب عن حبه لها، ابتسمت لتمتثل لكل ذلك قائلة:

 

-اللي تشوفه يا آيان، هعمل اللي بتقول عليه وهنشوف، وكل ده علشان باحبك

 

ضمها لأحضانه وكل ذرةٍ به تعشق حتى نفسها، أيضًا يحب والدته ولا يريد أن يتخاصمن فسوف يوضع في موقف يستصعب عليه فيه أن يحكم، تناسى ذلك مؤقتًا ليصبح معها هي ومحاولاً أن ينهي ذلك النزاع، فاق من شروده ليجد حبيبته بين يديه والتي حلم بها، سألته زينة بشغف:

 

-هتفضل تحبني على طول ولا في يوم هتزعل مني؟! ……..

 

____________________________________

رحل والداه ليتوجهوا حيث مكان عقد قرانه، انتظر زين في غرفته لا يريد الخروج منها ومترددًا في تلك الخطوة التي سيأخذها، لم ينكر سعادته بحديثه الأخير معها، لكن لم يبعث ذلك في قلبه هل تحبه أو من العدم؟، جلس دافنًا وجهه بين راحتيه يفكر بتعمُقٍ حتى رن هاتفه، على الفور كان متطلعًا على شاشته بلهفة ليجد نفسه يبتسم، أجل هي؟، أجاب متماسكًا ألا يظهر شيء في نبرته:

 

-إنتي فين؟

 

رغم عدم إعلانه شغفه لمجيئها لكن اندفع في سؤاله هذا، ردت بتوتر قاتل:

 

-أنا في الفيلا يا زين

 

كانت خطوتها جريئة لتذهب هناك بنفسها، نهض من مكانه متسائلاً بصلابة مزيفة:

 

-لواحدك؟

 

زاد ارتباكها وهي تؤكد بتوجس داخلي:

 

-لواحدي، ومتفكرش خايفة منك

 

نبرتها المرتعشة حين تتحدث جعلته يبتسم بمكر، كان يهاتفها وهو يتحرك مغادرًا الشقة ليتوجه إليها، سألته بترقب:

 

-هتروح تتجوز يا زين ولا هتجيلي؟

 

-إنتي شايفة أيه؟

 

سألها وهو يركب سيارته لترد بقلق:

 

-إنت مش بتحبني، أكيد هتبهدلني وتذلني بجوازك عليا، بس أنا مش هرضى بكده!

 

قاد سيارته وبداخله جزء يريد أن ينتقم منها والآخر متلهفًا في رؤيتها واشباع نظراته المهتافة بالتطلع عليها، رد باقتضاب مريب:

 

-سلام

 

شهقت حينما ختم الحديث معها لتهتف بعجالة:

 

-زين فهمني هتعمل أيه….

 

كان قد أغلق الهاتف ليتركها هكذا متخوفة لتعاني مثلما كان هو، ضغط أرقام هاتف والده وحين جاء صوته قال بجمود:

 

-بابا أنا مش جاي

 

انصدم حسام من قراره المباغت دون مبررات حيث لم يعطيه زين الفرصة ليسأله ثم أغلق هاتفه…

 

وجدته مريم بحالة ذهول جمة فاستفهمت بفضول:

 

-حسام كنت بتكلم مين وقالك أيه؟

 

وعي حسام لها ثم تعالت نبضاته، همس لها بحذر:

 

-ابنك بيقول مش جاي يا مريم…….!!

 

____________________________________

ظلت تتحرك في غرفتها وتصرخ بهيستيرية:

 

-إزاي تروحله لواحدها، أكيد هيعملها حاجة وحشة علشان سابته وهي مراته، قلبي مش مطمن

 

رد عليها كارم بمعارضة:

 

-هو مش جوزها يا ايمان علشان يتحكم فيها وكمان تروحله بنفسها، دا فرحه النهاردة قصدها أيه تنزل فجأة وتروح عنده، مش دا اللي هربت منه

 

ردت موضحة ببؤس:

 

-لما نزلت قالت إنه مطلقهاش واكتشفت إنه مزور ورقة الطلاق بالصدفة علشان يوم ما تنزل متجوزة يسجنها وتروح في مصيبة

 

رد منصدمًا من تفكير الأخير:

 

-وصلت بزين يعمل كده، واللي هتجوزها النهاردة وكلهم معزومين في فرحه دول مش عارفين إنه لسه متجوز

 

ردت بخوف متجاهلة أن تفكر في شيء آخر غير ابنتها:

 

-اتصرف يا كارم ممكن يمد إيده عليها ويضربها ويأذيها

 

أخذ كارم الموضوع بجدية ليسألها باهتمام:

 

-هي راحتله فين؟!………..

 

___________________________________

وهي جالسة في ردهة الفيلا تنتظره سمعت سيارة ما تلج الفيلا، فطنت “لما” بأنه ربما هو كونه هو فقط من يعرف أنها هنا، تحركت بخطوات متوترة متعثرة ناحية الباب ثم فتحته لتجده أمامها كاد أن يلج، لحظات من الأنظار المتبادلة بينهما منها متشوقة ومنها مرتعبة لكن حملت الشوق بداخلها، طالعها زين بنظرات لو كانت تأكلت لانتهت الآن، تحرك ليلج فتراجعت “لما” مرتبكة وقلبها يدق بشدة، كل خطوة يخطوها نحوها تتراجعها وهي متوجسة من ردة فعله حيالها، لم تدرك حالته سوى أنه جاء ليعنفها، سألته بتزعزع وهي مستمرة في الابتعاد عنه:

 

-خلينا نتفاهم بهدوء، متتسرعش يا زين في أي حاجة

 

كانت تقصد تطاوله باليد عليها، تغيّرت نظراته للغموض وهو يرد:

 

-تفتكري عقابك هيكون أيه؟

 

خافت من نبرته بشدة فتابع هو بعدم رضى:

 

-أكتر من تلت سنين يا “لما” ضاعوا كده، بعتلك ترجعي ورفضتي، وكل ده علشان أيه، كان أيه اللي حصل؟

 

هنا توقفت موضعها لتواجهه فوقف أمامها، هتفت بلوم:

 

-وسيادتك كنت متجوزني ليه؟، نسيت كلامك ليا أول يوم لينا هنا، ولا معاملتك ليا والشك اللي كان جواك من ناحيتي، نسيت كمان عملت معايا أيه قبل ما تطلقني

 

تجاهل كل ما نطقت به فقد كان حينها عديم التفكير، رد بعد اكتراث استفزها:

 

-مراتي وكنت معاكي، فين المشكلة؟، أنا حُر بقى

 

ردت باغتياظ:

 

-وقتها مكنتش مراتك، كنت بتهيني، عاوز تعرفني إني ماليش قيمة، ذلتني وقتها وبعدين طلقتني، عاوزني أعمل أيه بعدها؟

 

نظرات عينيها وتحرك شفتيها وهي تتحدث بانفعال أغوته ليعود للخلف بفكرة متذكرًا حين جمعهما اللقاء الأول، وجد نفسه دون مقدمات يسحبها لترتطم بصدره وذراعيه تطوقها باحكام فاختلجت أعضاؤها، ردد بتمنٍ:

 

-اللي أعرفه دلوقت إني جوزك، وبقالي سنين مشوفتكيش

 

سألت بتلعثم شديد:

 

-تقصد.. تقصد أيه؟

 

تيقنت أن النظرات تلك راغبة ليس محبة، هتفت برفض:

 

-مش هتقربلي، طلقني إنت مش بتحبني، إنت بس عاوزني، شوفتني عجباك عاوزني، صح كده ولا غلطانة

 

حملها أمامه فصرخت ليقول هو مؤكدًا بـرغبة جامحة تملكت منه:

 

-صح اللي بتقوليه، أنا بس عاوزك……..!!

 

____________________________________

منعته أن يخبر أحد بما قاله ابنهما فهتف باستنكار:

 

-يا مريم بقولك ابنك مش جاي، لازم يعرفوا ولا هنلعب بيهم ونخليهم يستنوا على الفاضي

 

هتفت باهتياج رغم انخفاض صوتها:

 

-مش لعب عيال هو، هخليه يرجع يتجوزها، مش بعد ما خلاص فكينا عقدته هيرجع يرفض ويعيش على أوهامه

 

أثناء حديثها لاحظت قدوم السيدة إيمان والسيد كارم الذات حضرا هنا بعدما فشل في معرفة أين “لما”، رمقتهما بنظرات نافرة ثم تحركت نحوهما، انتبه حسام هو الآخر لهما ثم تابعها، قالت لهم مريم بفظاظة:

 

-جايين هنا ليه، عاوزين تخربوها زي المرة اللي فاتت، دا إنتوا بتحلموا!!

 

ردت عليها السيدة إيمان بتجهم:

 

-ابنك فين أنا عاوزة بنتي؟

 

لم تتفهم مريم ما تقصده هذه المرأة لتستشف بحسها أن الأخيرة قد عادت!، وهذا سبب رفض ابنها الحضور، ملأ الغضب نظرات مريم وهيئتها ككل لتخاطبها برفض قاطع:

 

-ابني مش هيرجع لبنتك، بعد ما ضيعت سنين من عُمره جاية علشان تاخده كده، أنا مش موافقة ومش هسيبهولها

 

ردت إيمان بانفعال:

 

-مين قالك إني كمان موافقة، ابنك أهان بنتي وذلها، يعني العيب عليكم مش علينا

 

توتر حسام وهو يتلفت حوله خيفةً من أن يستمع لهم أحد، تدخل ليقول بعقلانية:

 

-خلاص يا مدام ابننا هنعرف نخليه يبعد عن بنتك، بس لو سمحتي اتفضلي مش عاوزين مشاكل

 

وزعت إيمان نظراتها الخانقة عليهم لتأخذ زوجها السيد كارم وتغادر، تتبعتها مريم بنظرات محتدمة وهي تردد:

 

-ناس معندهاش دم، أنا بقى اللى هقف في رجوعه ليها

 

قال حسام بتأنٍ:

 

-سيبيه يا مريم على راحته، مش عاوزين ندّخل في….

 

قاطعته بتصميم ونظرات حادة:

 

-مش هيرجعلها، البنت دي كرهتها، ومش هتكون لابني……..!!

 

____________________________________

لاحظ في هاتفه العديد من المكالمات التي لم يرد عليها بالإضافة لرسائل والدته الغاضبة لتقطع خلوته، اعتدل زين ليرتدي قميصه وهو جالس على التخت، اعتدلت “لما” هي الأخرى مستفهمة بتردد:

 

-بيكلموك علشان تروح، مش كده؟

 

وهو يطالع رسائل والدته اكتفى بهز رأسه كإجابة عليها، قلقت “لما” أن يفعلها ويتزوج عليها فسألته بخوف:

 

-هتروح يا زين؟

 

أدار رأسه لها ليرى الاستياء يشع من عينيها، رغب في الانتقام منها بالزواج لكنه يحبها لا يريد أن تشوب حياتهما خلافات جديدة، لامس بشرة وجهها الناعمة والرقيقة فكم حلم بلمسها، سألها بظلمة:

 

-بتحبيني؟

 

لم تكرهه يومًا لكنها متخوفة من شعوره هو ناحيتها، ردت بتأكيد:

 

-باحبك

 

ابتسم بمكر لتنظر له بشغف قاتل تريد أن يرفض الذهاب، رسائل مريم المنفعلة كان تستحوذ على جزء منه وتهديداتها الصريحة له كانت تفزعه، لم يرد عليها ليستمتع بكل لحظة مع من كانت معه قبل قليل ويرغب في المزيد من حبها، التفت لها قائلاً بنظرات متيمة ماكرة جعلت بسمتها تتسع:

 

-كنا بنقول أيه قبل التليفون…………..!!

أســـتغفرک ربي وأتـوب إلیـکَ

ـــــــــــــــــــــــ♥تمــت♥ـــــــــــــــــــ

اقرأ ايضا روايات كاملة من هنا

الفهرس كاملاً بجميع الفصول عبر الرابط التالي (رواية مغرم بك) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.

أضف تعليق