رواية عهد الدباغ الفصل التاسع 9 – بقلم سعاد محمد سلامة

رواية عهد الدباغ – الفصل التاسع 9

بعد مرور أسبوع
بمنزل محي، إحتفال كالاحتفالات السابقة لأحفاده الفتاتان، لكن البعض يُعظم فى هذا الأحتفال فهو إحتفال بأول حفيد ذكر.. وليس ذلك فقط فوالد الصبي هو “الملك” ذو الصيت الاعلى بل والأقوى… لذلك البعض يُضخم المناسبة
❈-❈-❈
بَبهو المنزل
كان مقعد النساء الذي أُعد خصيصًا للاحتفال يعجُّ بالحركة والهمسات.
جلست النسوة في صفوف متناسقة، ثيابهن الملوّنة تتداخل مع بعضها كلوحةٍ شرقية حيّة، وأصواتهن تتعالى بخفوتٍ بين إعجابٍ بالصبي وحديثٍ عن نسبه القوي، وبين فضول لمتابعة من ستكون محظوظة النظرة الأولى له حين تحمله والدته وسط الجميع…
رائحة البخور امتزجت بعطر الأزهار الموضوعة في أرجاء البهو، بينما كانت بعض الجارات يتهامسن بسعادة مصطنعة وأعينهن تلمع بدهاء:
ده حفيد الملك… أكيد حياته هيبقى ليها شكل تاني..
وفي زاوية أخري ، كانت بعض الفتيات يراقبن بهدوء، مبهورات بمهابة المناسبة، متخيلات شكل والده الذي لا يزال البعض يذكر أول ظهور له وكأنه طلة رجل لا يُشبه أحدًا.
وسط مقعد النساء
دلفت فرح زوجة الملك بخطوات هادئة، وجوارها عهد تحمل الصغير بين ذراعيها كما لو كان جوهرة يخشى عليها النسيم… ما إن ظهرن حتى ساد صمت خفيف؛ كأن الجميع توقف عن الحديث في اللحظة ذاتها، ثم بدأت الهمسات تتصاعد من جديد، ولكن بنبرة إعجاب هذه المرة بالأختين اللذان يحملان جمالًا ملحوظً.
كانت فرخ ترتديعباءة راقيقة وبنفس الوقت فخمة… تعكس مكانتها دون مبالغة… حجاب يزيدها رونق.. وملامحها الواثقة تُعطيها هيبة خاصه… أمّا الصغير كان ملفوفً بشرشف صغير باللون الأبيض مع اللون الأزرق مطرز بخيوط فضية، داخل مقعد صغير
اقتربت منهما إجلال بلهفة محمّلة بفخر:
تعالي يا بنتي… خليني أبص على حفيدي.
تبسمت عهد ومدت الطفل إليها بلطف…
تبسمت اجلال تشعر برهبة قليلًا من فرط الشغف، كذالك تخشي عيون الحاسدين… ضمت الصغير إلى صدرها وقرأت بعض ايات القرآن تُحصنه من العيون
… تعلقت أنظار النساء بالطفل فهو رمز هيبةٍ مُمتد.
اقتربت إحدى القريبات، تنحني فوق كتف اجلال لتلقي نظرة:
ما شاء الله… حتى وهو صغير تحسيه ليه وقار كده.
ضحكت أخرى بخبثٍ خفيف:
ابن الملك لازم يطلع ملك زيه.
وبين إعجابٍ لا يخلو من الغيرة، بدأت بعض النسوة يتحيّزن للجلوس قرب الأم، يلقين كلمات المجاملة، ويبحثن عن أي حديث يقرّبهن إليها:
حافظي عليه ربنا يحميه…
استقبلت فرح حديثهن ومباركتهن بابتسامة مهذبة، لكن عهد شعرت بضجر من ذلك الزحام حول فرح وصغيرها، كذالك نظرات وهمسات بعضهن، ودت أن تبتعد فرح من أمام بعضهن حتى لا تُصيبها العين بمكروه.
….. ــــــــــــــــ…
مقعد الرجال
في الساحة الخارجية لمنزل محي، تحت مصابيح معلقة تُلقي ضوءًا ذهبيًا دافئًا، كان مقعد الرجال مزدحمًا وممتلئًا بالهيبة والوجوه المتجهمة التي يحاول أصحابها إخفاء سواء انبهارهم بالحضور…ونفوسهم السوداء
جلس كبار الضيوف قيمة وقامة على المقاعد الأمامية، بينما وقف الشباب في الأطراف يتبادلون النظرات والتهامس، فاليوم ليس احتفالًا عاديًا… اليوم يحتفلون بإبن الملك.
كان محي يجلس على رأس المجلس، هيبته مضاعَفة الليلة، يرتشف قهوته ببطء يليق بمكانته، ووجهه متورد من الفخر.
في الجهة المقابلة، كان الحضور يزداد، رجال من عائلات مرموقة جاؤوا فقط لأن اسم “الملك” وحده كافٍ ليجعلهم يقدمون واجب التهنئة بوقار زائد.
أحد الرجال همس لجاره:
افتكر يوم فرحه… الحارة كلها اتقلبت النهارده إبنه.. لازم الاحتفال يبقى على مستوى.
آخر هز رأسه موافقًا:
فاروق ابن الدباغ له سطوة مكان ما يدخل الهيبة ترافقه
امتزجت اصوات المديح مع رائحة العود السائدة فى المكان، وأكواب الضيافة التي تُمرر بين الرجال، والوجوه التي تنتظر شيئًا… أو بالأحرى شخصًا.
فحتى وإن كان الاحتفال لأجل طفل، إلا أن الجميع يعرف أن دخول الملك لمجلس الرجال سيكون الحدث الحقيقي الذي ينتظره الكل، كبيرهم قبل صغيرهم.
وبينما الحديث يحتدم، توقفت الأيدي فجأة عن المصافحة، وانخفضت الأصوات تلقائيًا…
حين ظهر فاروق بظله الفخم يحمل صغيره متوجهًا نحو محي وقام بإعطاؤه الصغير، حمله بسعادة بالغه… التف حوله أيضًا
محسن مُبتسمً يمزح مع كنان وفاروق…مشهد ذو هيبة تليق برجال إمبراطورية الدباغ
لكن بعض الخبثاء يشعرون بالحقد وقوة وسطوة الدباغ الذي كان هذا الإحتفال تتويجً له قبل ذلك الصغير الذي اعطي رسالة أن
“محي الدين الدباغ”
قوي بهؤلاء الرجال الذي يضمهم بقبضة يد واحدة.
…. ـــــــــــــــــ…
بعد وقت
دلفت عهد الى شقة فرح تحمل الصغير، توجهن الى غرفة النوم جلست على أحد المقاعد قائلة:
أكيد إنتِ هلكانه ممدي جسمك عالسرير…
أخيرًا طنط اجلال قالت خدوا ياسين وإطلعوا، أنا كنت خلاص هقوم أطرد الستات، لاء وكمان فاروق واخد ياسين فى قعدة الرجالة، الولد لسه صغير على البهدلة دي.
ضحكت فرح قائلة:
أنا ضحكت لما مكنتيش عاوزه تدي ياسين لـ فاروق… لو مش طنط اجلال ادخلت كنتِ إتخانقتي معاه.
زفرت عهد قائلة:
ده طفل ابن ايام واللى حصل ده بهدلة له… الحمد لله أنا كنت خلاص إتخنقت من البهرجه فى المظاهر دي… ولا عشان هو ولد بيتباهوا بيه.
ضحكت فرح قائلة:
بالعكس إنتِ مشوفتيش سبوع بنت رابيا ومحسن…ده جنبه بسيط.
تهكمت عهد قائلة:
بهرجه فارغة.
ضحكت فرح… بينما تهكمت عهد قائلة:
بهرجة زايده زي الانتيكات والتحف، ولا الشقة دي، أول مره أشوف شقة فيها تلات أوض نوم… طبعًا بسبب وسع الشقة.
أومأت فرح ببسمة قائلة:
أوضة نوم رئيسية والتانيه أوضة نوم للأطفال.
تهكمت عهد قائلة:
والاوضة التالتة للضيوف.
هزت فرح رأسها بنفي قائلة بتفسير :
لاء دي بتاع فاروق، أوقات بيسهر يشتغل عشان ميزعجنيش.
تهكمت عهد قائلة بنزق:
ميزعجكيش ليه،هو الشغل مش بيخلص عنده ولا ايه…حتى وهو نايم..عالعموم الحمد لله اليوم مر وانتهي…ريحي عالسرير،وخدي إبنك أهو،أنا فى ستات فكروا إن أنا اللى مرات فاروف بسبب إن شايلاه معظم الوقت،معرفش أنا بتخنق من الاطفال وهما نفسهم مش بيرتاحوا معايا،لكن الغتت ده مبسوط معايا،وجابلي شُبهة.
ضحكت فرح قائلة:
على رأي طنط اجلال
“الخاله والدة”.
نظرت عهد بنزق قائلة بحنق:
الخالة اتبهدلت، وأنا عندى رحلة طيران بكره الساعة سبعة الصبح، يادوب أرجع شقة بابا أنام ساعتين عشان أبقي فايقة…
صمتت ثم نظرت لـ فرح بسعادة وحب:
ربنا يفرح قلبك بيه ويكبر ومتفكريش فى الخلف تاني قبل ما ياسين يدخل المدرسة.. أو كفايه على كده…ومتسمعيش كلام الست مامت رابيا…دي ست عقلها ضارب محستش منها براحة خالص.
ضحكت فرح قائلة:
ده طبعك اساسًا مش بتحسي بالراحة مع حد، أنا كنت فرحانه أوي وإنتِ جانبي النهاردة، عقبال ما أردهالك فى خطوبتك قريب يارب.
نظرت لها عهد قائلة:
لاء انسي شكرًا أنا مبفكرش غير فى شغلى وبس، رحلة بكرة رايحة لندن بفكر أحضر رهان من بتوع الخيول، يمكن اكسب الرهان وأخد جايزة حصان وأبيعه وبتمنه أنافس جوزك فى تجارة الخيول.
ضحكت فرح بينما سبحت عهد قائلة:
شغل المضيفات له وقت اهو يبقي ليا بيزنيس خاص…رغم اني مش بفهم فى الخيول،ولابحب أقرب منها،بس مشروع مربح…وأهو أستفاد من نسب الوحش العملاق.
❈-❈-❈
بشقة رابيا
دلفت خلف والدتها تحمل طفلتها الكبرى الغافية توجهت نحو غرفتها وضعتها بمهدها ودثرتها ثم توجهت نحو والدتها التى جلست بالردهه تحمل طفلتها الصغري، أخذتها منها ثم جلست تبتسم لها بحنان بينما تحدثت والدتها بنزق وحُنق ونبرة غيظ وحقد :
شايفه السبوع بتاع إبن سِلفك، الغورية كلها هتتحاكا عنه لسنين، طبعًا مش أول حفيد لـ محسن الدباغ كمان وإبن الملك… حظ بيروح للى مش محتاج، مش زي حظك، بنتين.
ارتعشت أطراف رابيا للحظة، ثم غامت نظرتها، تدمع عيونها دون أن تنزل دمعة:
أنا خلفت اللي ربنا كتبه يا ماما… ومش هنكسف من نعمة ربنا، فى غيري مش لاقي، الحمد لله، ربنا يبارك فيهم، ولو مكتوب ليا الولد هيجي.
-خايبه، طول عمرك، واحدة غيرك لازم تبقي واعية وعنيها وسط راسها، البت “فرح” من أول ما شوفتها مسهوكة، وشكلها قدرت تضحك على عقل فاروق، وكمان جابت الولد، اللى هيوصل نسل سطوة عيلة الدباغ، أكيد الولد ده هيبقي له مكانة كبيرة، مشوفتيش عمتك اجلال والفرحة اللى على وشها ده كان ناقص تقوم ترقص وسط الحريم.
هكذا قالت والدة رابيا بينما رفعت رابيا عينيها نحو والدتها، تنفست ببطء محاولة تثبيت انفعالها، وصوت ابنتها الصغيرة يختلط بتنهداتها..تحدثت بهدوء يغلفه الألم:
يا ماما… هو نصيبي كده… وبعدين أنا مالي ومال اللي بيعملوه ، أنا مش فارق معايا كل المظاهر دي، اللى يهمنى محسن نفسي يتغير ويحس بقلبي، أوقات بتمني لو كنت مكان فرح فى حاجه واحدة بس، معاملة فاروق لها قدامنا، اللى يشوفه يقول بيحبها من أول ما شافها، رغم كان عاوز يتجوز من أختها
قهقهت والدتها بسخرية مريرة:
طبعًا مالِك هو إنتي مش شايفة الناس بتقارن مش سامعة كلام الحريم،اللى بتقول شوفي سِلفتها… واللى بتقول سلفتها جابت الولد، وإنك لو مش بنت أخو الحجه إجلال مكنش بقى ليكِ مكانه
اهتز قلب رابيا بقسوة مؤلمة، وضمت صغيرتها إلى صدرها
همست بغيظ مكتوم:
أنا مش ناقصة عشان أتحط فى مقارنة.. البنات رزق، ونعمة… ومحسن مش فى دماغه ومش مضايق، بالعكس الحاجه الوحيدة اللى بحس إن محسن مرتاح وهو بيتعامل معاهم
تأملت والدتها وجهها قائلة بحدة أقل لكن بمرارة واضحة:
عارفة يا بنتي… بس الدنيا دي ظالمة.. واللي معاه ولد على كتفه سند…أسأليني أنا البنات دايمًا حظهم قليل وأهو سِلفك دلوقتي الكل شايفها صاحبة القيمة.
إعترضت رابيا قائلة:
اللى بيربي بنات بيدخل الجنة يا ماما، كفاية نبرة الإحساس بالذنب، بصي لبنت خالتي معاها صبيان وجوزها مغلبها، ومش عارفة تربي ولادها اللى لسه مكملش عشر سنين ساب تعليمه وصايع ومش عارفة تسيطر علي عيالها، مش الولد هو اللى هيخلي محسن يحس بوجع قلبي من جفاه.
تهكمت والدتها قائلة:
خليكِ كده خايبه،ولما سلفتك تبقي هي الكل فى الكل وإنت تابع ومالكيش مكانة متبقيش تبكي وخلى هوسك بـ محسن ينفعك،ده هو نقطة ضعفك،ضعيفة قدامه مالكيش كيان..جوازات كتير تمت من غير حب بين الزوجين،بس الست الناصحة اللى تعرف تعلق قلب الراجل بها وتخليه يعمل اللى هي عوزاه،لكن إنت..نايمة تحت جناح اجلال ومالكيش شخصية مفيش غير نعم وحاضر،وبكره لما صحتك تروح محدش هينفعك لو مصحيتيش
مش بعيد تجى اللى تعرف تستغل ضعك، إنت تقوليلي حب جوزي وكلام فارغ.. الحب مش بيسد نقص ولا إحتياج.
صمتت رابيا تشعر بآسف من حديث والدتها الغليظ، ضمت صغيرتها لصدرها، غير مُنتبهه لـ محسن الذي سمع جزء من حديثهن، وأمنية رابيا ان يشعر بلوعة قلبها، لكن هو أيضًا غير مستوعب مشاعره الضالة… لا يستطيع الا الإنصياع للقدر الذي إنفرض عليه.
….. ــــــــــــــ…
إنفض السبوع وغادر كُل النساء تقريبًا لكن لصلتها القوية مع إجلال تبقت “أم صبري”
جلست مع إجلال بود تتحدثن،الى أن قالت بطيبة نيه:
هو الواد كنان مش خلص جيش،انا فاكره إن محسن إتجوز وهو نفس عمره كده،بقولك إيه يا حجه،بدل ما البت تطير منك خسارة،اخطبيها لـ كنان.
لم تفهم إجلال غرض أم صبري،وتسألت:
البت مين.
أجابتها:
أخت مرات فاروق،متقلش عنها جمال،والله لو الواد صبري يليق بيها ما كنت إستنيت، وأهو إنتِ معاشره أختها واهو السلايف يبقوا أخوات.
نظرت لها إجلال وتوترت قائلة:
كنان لسه صغير، كمان غير محسن وفاروق، وأنا مش بختار لحد، هو حُر وقفلي عالكلام ده.
كادت أم صبري أن تلح لكن أصمتتها إجلال وهي تهمس لنفسها:
ياريت كان ينفع، بس بُعد عهد أفضل.
❈-❈-❈
بعد مرور خمس شهور
بشقة فاروق
ليلًا
كالعادة تلك الغرفة يستخدمها كغرفة مكتب كذالك غرفة نوم ثالثة…
كان جالس على الفراش يعكف على حاسوبه يقوم بدراسة بعض المناقصات، إنتهي أو بالأصح شعر بالإرهاق
خلع نظارته الطبيه وجنب الجاسوب وتمدد على الفراش يتثائب بإرهاق، كاد يغفو لكن فتح عينيه على صوت بُكاء، إعتدل جالسً وحسم أمره وذهب الى غرفة النوم الأخري دلف تبسم لـ فرح التي رفعت رأسها ونظرت له مُبتسمة قائلة:
عياط ياسين أزعجك.
أومأ رأسه بـ لا وجلس جوارهما على الفراش، ينظر الى صغيرة الذي شبع من صدرها ويبدوا أنه لا يود النوم… أخذه منها وحمله بين يديه بعاطفة الأبوة…
كم شعرت فرح بسعادة فى تلك اللحظة، وفاروق يُداعب صغيرهم… مشاعر كثيرة تضغي عليها
أحيانًا تشعر أنه بعيد أو شارد عنها
وأحيان أخرى قريب للغاية بالتأكيد يشعر بمشاعر قلبها، مازالت حائرة فى فهم مشاعره… هل هو مثلما قالت عنه إجلال يفكر بعقله فقط ولا يستطيع التعبير عن مشاعره..
بذكر مشاعره… لا تنكر أنها بلحظاتهم الحميمية تشعر به معها بكامل عقله وجسده، وحتى صمته يكون مُحمّلًا بالكثير…
لكنها فقط… تريد كلمة، إشارة، أي شيء يقول لها دون مواربة إنه يشعر بها… ويحبها…
حولت نظرها إليه… كان يضحك بخفوت لياسين الذي بدأ يصدر أصواتًا عشوائية، فارتسمت على شفتيها ابتسامة ممتنة
أومأت فرح برأسها قليلًا وهي تراقب فاروق يحمل ياسين، يهدئه ويقربه من صدره وكأنه يحتضن جزءًا من روحه… لحظة دافئة… لكن داخلها حرارة أخرى بدأت تتصاعد، شيئًا لم تستطع إخفاءه
بعد وقت قيل تثائب ياسين وبدأ يستسلم لنُعاس خفيف، فنهض فاروق ووضعه برفق في مهده… ظل واقفًا لحظة يراقب تنفس الصغير ثم التفت نحو فرح… وكانت تنظر إليه بطريقة لم يعتدها.
رفع حاجبه قليلًا بإستفسار قائلًا:
في إيه بتبصي لى كده ليه.
ابتسمت بخجل، لكنها لم تُجب… فقط كانت عيناها تقولان أكثر بكثير مما تستطيع الكلمات قوله… عاد يجلس جوارها، لكن هذه المرة اقترب منها أكثر… حتى صوته حين خرج كان أجشّ قليلًا وهو يعاود سؤاله
بتبصي كده ليه.
همست بخجل:
معرفش…
اقترب أكثر، حتى صارت أنفاسه تلامس وجهها
يده تحركت نحو أصابعها، لامستها أولًا بخفة… ثم تشابكت معها… نظرت لعينه ووجدت ذلك الشيء التي كانت تبحث عنه دومًا… دفء، رغبة، ولهفة مكبوتة خلف صمته المعتاد.
برأسها كأن سؤال لم يخرج رغمًا عنها مازال عقلها حائر:
فاروق… إنت بعيد عني ولا أنا اللي فاكرة كده.
لا جواب بل ظل السؤال حبيس رأسها…
مد يده بخفة نحو وجنتها، رفع ذقنها قليلًا… واقترب حتى التقت شفتيه بشفتيها قبلة بطيئة، خفيفة في البداية… ثم أعمق، وكأنها الإجابة الوحيدة التي يجيدها…
تعلّقت أصابعها بقميصه، وانسحب هو قليلًا فقط ليلتقط أنفاسه، ثم همس قرب شفتيها
بإسمها بنبرة تملكت من لسانه فقط:
فرح.
تبسمت بخجل، لكن بسمتها تلك اختفت حين جذبها إليه أكثر، يحيط خصرها بيديه يقربها منه حتى تلاصق جسدها بجسده… تلك اللحظة التي تشعر فيها أنه لا يفكّر بعقله إطلاقًا… بل بها هي فقط… ارتفع نبض قلبها، وارتفع صوته معها وهو يهمس عند أذنها:
قربي أكتر.
وانسابت اللحظة بينهما…
عميقة، دافئة، ومليئة برغبة لا تحتاج كلمات…
اقتربت منه فرح كما طلب… أو كما طلب جسده دون أن ينطق… لم تكن بينهما مسافة تُذكر، أنفاسه الدافئة تلامس رقبتها، وصوته المنخفض ينساب داخلها كهمسة لا تُقاوم…
أحاط خصرها بذراعه وجذبها لصدره، فوضعت يديها على كتفيه بتلقائية دون أن تقصد تستسلم لتلك المشاعر… رفع عينيه نحوها… نظرة طويلة، كأنها لحظة صامتة يقرأ فيها كل ما يدور في قلبها…
كأنها بدأت تتجرأ.. رفعت يديها أحاطت بهما وجنتيه، لمسته بخفة، لكنها شعرت باهتزاز خفيف تحت يدها… لم يكن ارتباكًا، بل رغبة يحاول السيطرة عليها… اقتربت منه أكثر، ولم ينتظر هذه المررة ضمها لصدره بقوة، دفء جسده يحتضنها بالكامل…
قبلاتها الأولى كانت على وجنته، بخجل… لكن خجلها لم يدم.
رفع وجهها من ذقنها، قبلها قبلة أطول… أعمق… قبلة جعلت أنفاسها تختل.
يهمس بين قُبلة وأخرى، ربما ليس كلام غزل، لكن مجرد نُطق إسمها بتلك الانفاس المسلوبة
أغمضت عينيها، تشعر بيديه تُعانق ظهرها، تتحرك ببطء، بوعي كامل بكل ملمس وكل انحناءة…
سحبها نحوه حتى التصقت تمامًا به، وكأن كل الشكوك التي مرت بداخلها سابقًا تُمحى الآن، تذوب بين ذراعيه.
همست قرب أذنه بصوت مرتجف:
فاروق…
أجابها وهو يمرر أنامله ببطء على جانب رقبتها، يترك رجفة صغيرة تسري فيها:
أيوه يا فرح…
رفعت وجهها له، كأنها ستقول شيئًا… لكنه سبقها، وضع إصبعه بخفة على شفتيها:
متتكلميش… خليكي معايا بس.
ثم عاد يضمها، بقبلة أطول من كل ما سبق، قبلة تحمل شوق الأيام الماضية وصمته الطويل… وكل ما لا يعرف قوله بالكلمات… تسربت الليلة بهدوءٍ حولهما،
دفء يزداد، ونبض يتسارع…
وقربٌ لا يُفهم ايًا منهم إذا عشِق… أم شيء آخر، لكن أيًا كان هو لطيف لهما الإثنين.
❈-❈-❈
باليوم التالي
ظهرًا
بغرفة المعيشة
وقف كنان خلف ذلك المقعد يضع يديه فوق كتفي إجلال يقوم بحركات تدليك.. رغم أنه فاشل، لكن بداخل إجلال فضول معرفة سبب ذلك الاهتمام التي على يقين أن له هدف، فهي تفهمه جيدًا لكن مُستمتعة بذلك بشعور أمومة..الى أن شعرت بألم من قسوة يديه تنفست قائلة بتحذير:
خف إيدك شوية.
إنتبه كنان وفعل مثلما أرادت، ثم تنحنح أكثر من مرة.. كما توقعت لن ينتظر كثيرًا، تفوهت بمرح:
قول اللى عندك،من غير ما تكسر فى عضم كتافي.
تبسم قائلًا بخباثه ومراوغة:
هو لما ادلعك وأعملك مساچ يُفك عضمك اللى تاعبه الحج محي أبقي عندي هدف، أنا هدفي راحتك يا ماما.
-ماما
أعادت قولها، ثم ضحكت قائلة:
إتحشم وبلاش تلف وتدور.
ضحك قائلًا:
كده دايمًا فقساني يا حجة إجلال… بصي بقي يا ماما هجيب من الآخر:
إنتِ عارفه إنى إتخرجت من الجامعة بتقدير قبل ما أدخل الجيش.
ضحكت قائلة:
ده اللى بستغرب له، رغم شقاوتك لكن كنت شاطر فى الجامعة وبتنجح بتقدير، ورغم ده عقوبات الجيش كانت كتير، مقالبك فى زمايلك ورؤسائك كانت السبب، ها قولى من الآخر بقى كتافي بدأت تخشن.
ضحك قائلًا:
أنا أستلمت شغلي فى الجامعة كمُعيد يرضيكِ أروح الجامعة مواصلات.
تفوهت بإستغراب:
هتروح مواصلات ليه…مش عندك عربية كنت بتروح بها الجامعة قبل ما تتخرج.
مسك بحديثها قائلًا:
أهو قولتي قبل ما أتخرج،كنت طالب،يعني مبقتش تليق بيا كمُعيد عاوز عربية جديدة وتكون نفس ماركة الواد محسن… جربتها من وراه فيها كماليات إيه بقي، دي العربية اللى تليق بـ كنان الدباغ
تصنم كنان عن الحديث كذالك عن تدليك كتفي إجلال حين سمع صوت محي الخشن وهو يقول بتعسُف:
بتعمل إيه يا أخرة صبري، مقرب من مراتي كده ليه يالا، إبعد إيدك عنها مش قايل لك ألف مرة إنت بالذات متقربش منها.
ببلاهه توقف كنان، ورفع يديه لأعلى قائلًا بغمز مرح:
كنت بفُك لها تشنج كتافها اللى إنت السبب فيه، قولتلك قبل كده خف شوية يا حج إنت خلاص بقيت جِد وماما رقيقة وبسكوتاية، وإنت مش عاتقها بجبروتك.
بصعوبة أخفي محي بسمته بينما ضحكت اجلال قائلة:
إتحشم بلاش وقاحة.
إقترب محي وجلس جوار اجلال وضم كتفيها قائلًا:
مالكش دعوة مراتي وأنا حُر معاها.. لمستي لها بلسم، يلا شوف طريقك بعيد عنها وبلاش تتحنجل لها، أكيد لك غرض.
نظر كنان لـ اجلال وبسمتها لـ محي قائلًا بمرح:
بسهولة كده نسيتي تعب إيديا وانا بدلك لك رقابتك وكتافك، بسبب القاسي اللى قعد جنبك، وكمان بتبتسمي له، يا خسارة تعبي معاكِ، أقول إيه، ما أهو زي ما يكون ساحر لك… يعيني عليا دايمًا كده ماليش حظ.
ضحك الإثنين من طريقته الدرامية الهزلية… تحدث محي قائلًا:
قول عاوز إيه من الآخر.
سريعًا جلس كنان على مقعد قريب منهما قائلًا:
عاوز عربية زي بتاعت الواد محسن، أروح بها الجامعة.
نظر له محي بتفكير ثم تحدث بسؤال:
إحترم أخوك الكبير وبلاش كلمة الواد دي بتعصبه… وبعدين محسن جايب العربية من شغله إنت هتدفع تمنها منين.
ببجاحه تحدث سريعًا:
وإنت فين يا حج هو انا مش إبنك برضوا ولا إيه.
بمزح تحدث محي:
ولا إيه.
ضحك كنان وبدأ الحديث بمحايله لكن محي يستمتع بمساومة ذلك الاحمق.. نظر كنان الى اجلال ورسم الصعبانيه قائلًا:
إدخلى يا ماما، شايفه المعاملة.
ضحكت اجلال قائلة:
ماليش فيه، إنت وأبوك أحرار.
تصعب كنان بمرح قائلًا:
بتتخلي عني، بتسلميني له تسليم أهالي، طب حتى إتسهوكي عليه وقولى له عشان خاطري يا حج.
ضحكت، كذالك محي الذي تحدث بإستمتاع من طريقة كنان، لكن تخابث قائلًا:
أنا موافق أجيب لك عربية زي بتاع محسن بس ليا شرط.
سريعـًا نهض من مكانه وإنحني على يده يُقبلها قائلًا:
ربنا يخليك لينا يا بابا، أوعدك مش هقرب من مراتك ومش هعمل لها مساچ لحد ما أحتاج لحاجة تانيه.
ضحك الإثنين، تحدث محي:
مش تعرف الشرط الأول.
تفوه سريعًا:
أي شرط هقبله المهم أجيب العربية.
إعتدل محي وضع ساق فوق أخري قائلًا:
العربية هتجي قسط
وأنا هدفع مقدمة العربية بس، وباقي الأقساط إنت اللى هتسددها.
نظر له كنان بمفاجأه قائلًا بحيرة:
وانا هجيب باقية الأقساط منين… ده مرتبي فى الجامعة ميجبش فردة كاوتش.
تفوه محي بإصرار مرح:
هو ده اللى عندي وماليش دعوة بالأقساط… ها موافق ولا أتراجع.
وقف كنان ينظر لدقائق يّفكر ثم تحدث بمرح:
قلبك قاسي يا حج… أنا موافق تدفع تمن مقدمة العربية وانا هعرف أتصرف وأجيب باقي الأقساط.
ضحك محي كذالك اجلال سائلة بإستفسار:
وهتجيب الأقساط دي منين.
تصعب كنان بمرح:
هضطر أشتغل شُغل إضافي جنب الجامعة… هشوف الواد فاروق لو عاوز مساعد له انا موافق أشتغل مدير معاه.
ضحك محي قائلًا:
مدير، يبقي تشتغل مع محسن مش فاروق.
تنهد كنان قائلًا:
لاء الواد محسن خلقه ضيق ومش هيتحملني،لكن الملك باله طويل وبيتحمل.
أومأ له محي قائلًا:
إنت حُر تدبر نفسك،لاني مش هدفع غير المقدمة والقسط اللى هتتأخر فيه ماليش دعوة.
تنهد كنان وهو يتصعب قائلًا:
وقتها هستلف من الواد محسن قلبه طيب.
تنهدت اجلال بآسف تشعر بغصه فى قلبها لكن تبسمت..فضحك محي…كذالك كنان قائلًا:
أنا خلاص إختارت العربية وكلمت صاحب معرض السيارات ويادوب عالاتفاق…المسا أنا وإنت يا بابا نروح له،ولا هتديني الشيك بتاع المقدمة.
تبسم محي وأعتدل فى جلسته قائلًا:
لاء قولي قيمة المقدمة وأنا أكتبلك شيك بها.
اخبره كنان بقيمة المقدمة…نظر له محي باعتراض مرح:
مش كتير أوي المبلغ ده.
هز كنان رأسه قائلًا:
مش حسب إمكانيات وماركة العربية…كمان كفاية إن أنا اللى هدفع بقية تمنها من تعبي.
ضحك محي قائلًا:
تمام إتفضل الشيك اهو ومشوفكش تقرب من مراتي.
أخذ كنان الشيك،ثم نظر له قائلًا:
ان شاءالله مش هقرب منها لمدة شهر،عند دفع أول قسط.
ضحك محي قائلًا:
إنسي لو قلبت قرد،مش دافع أكتر من الشيك اللى فى ايدك يلا مع نفسك شوف طريقة تسدد باقية الاقساط.
تذمر كنان بمرح قائلًا:
تمام يا بابا لما صورتي تنزل عالنت من ضمن الغارمين هصعب عليك.
ضحك محي دون رد،بينما قالت اجلال:
بعيد الشر عنك ان شاءالله هتسدد الأقساط.
غمز كنان لها قائلًا:
أعتبر ده وعد منك يا سلطانة الغورية.
ضحكت اجلال وتذمر محي قائلًا بتعسف:
كلمة كمان وهكلم البنك يمنع صرف الشيك.
تذمر كنان قائلًا:
خلاص بلاش قسوة انا ماشي،بس قبل ما أمشي لازم أبوس سلطانة قلبي.
خطف قبله على وجنتها تضايق محي مرح وهو ينظر الى كنان الذي هرول من أمامه.
ضحكت اجلال ونظرت لـ محي وتبسمت…تبسم لها هو الآخر،تنهدت بسعادة قائلة:
كنت إديته قيمة العربية كلها وخلاص ولا إنت قاصد حاجه فى دماغك.
أومأ لها مبتسمً قائلًا:
كنان من صغره مش هاوي الشغل زي أخواته،بس لما بيحتاجوا له بيقف معاهم،والمفروض ينضم لهم،بس هو عاجبه وجاهة مدرس الجامعة..بس لازم كمان يبقي عنده خبره،هو مش هيشتغل،هيدور على أخواته ياخد منهم،أنا بقي هفرض عليهم يشدوه معاهم للشغل،من باب المعرفة جنب شغله فى الجامعة.
فهمت قصده وتبسمت قائلة:
عندك حق،ربنا يخليك لهم ياحج ودايمًا فى ضهرهم.
تبسم وضمها قائلًا:
ويخليكِ لينا يا سلطانة الغورية، لسه كتافك بتوجعك.
ضحكت قائلة:
والله وجعوني أكتر من بعد مساچ كنان إيده قاسيه.
❈-❈-❈
بمنزل والد فرح
إبتسمت فرح بخفة وهي تتسلل للغرفة، كانت عهد غافية تمامًا كما أخبرتها والدتها، ملتفة في الفراش كطفلة مدللة لا تستيقظ إلا على مزاجها.
وقفت فرح لحظة، تتأمل وجه أختها المطمئن… جزء منها كان يريد أن تتركها تنعم بنومها، لكن شوقها للحديث معها كان أقوى… تقدّمت بخطوات هادئة، جلست على حافة الفراش وقامت بالعبث بيد صغيرها على وجه عهد قائلة بمرح!
قول لها … قومي بقى يا نعسانة يا كسلانه، وحشتيني أنا وماما.
فتحت عهد عينيها بغشاوة ثم إبتسمت وهي تُعيد إغماض عينيها تتثائب وهي تتمطئ بيديها قبل ان تفتح عينيها قائلة:
أنا راجعة الفجر وعاوزه انام اسبوع كامل، رحلتين ورا بعض من بلد لبلد.
تبسمت فرح قائلة:
وهناك مش بتنامي ولا إيه.
تثائبت عهد قائلة:
بنام، بس بصراحه رغم مرور وقت على شغلي فى الطيران بس مش برتاح فى النوم غير هنا على سريري ده.
ضحكت فرح بغمز قائلة بخباثة:
مش بتعرفي تنامي عشان حب الصياعة طبعًا تتفسحي وتلفي فى الأسواق بتاع البلدان اللى بتروحيها.
ضحكت عهد قائلة:
وطي صوتك لا ماما تسمعك تقول لـ بابا تروح تلف فى البلدان وتجيلي هنا زي الحمامة الدايخة وتقضيها نوم.
ضحكت فرح قائلة:
طب يلا إصحي نتكلم سوا مع بعض واحشني النم بتاعنا من بعد سبوع ياسين مش بنتكبم غير عالموبايل.
نهضت فرح وهي تنظر الي ياسين وحملته تُقبل وجنتيه قائلة:
إنت كبرت وملامحك إتغيرت بقيت جميل أوي أوي وخدودك دي عاوزه اكلها… بقيت شبه مامي.
ضحكت فرح قائلة:
واضح أنك لسه نعسانة أي حد بيشوف ياسين بيقول شبه باباه.
نظرت عهد الى ياسين بتدقيق حقًا يشبه فاروق لكن تعمدت الإعتراض قائلة:
بقي الملاك البرئ ده شبة الوحش العملاق.
ضحكت فرح قائلة بهيام:
فاروق… ده الملك.
تهكمت عهد بمرح قائلة:
الملك المخلوع.
ضربت فرح كتفها بخفه ثم غمزت بمرح قائلة:
كفايه كلام عن فاروق، ها قوليلى مش هنسمع خبر حلو قريب، سفاريتك دي كلها مش عارفة توقعي طيار ولا حتى مُضيف زيك، الواد فاتي خطب من أسبوعين.
تهكمت عهد قائلة:
ماما قالتلى، وكمان شوفت صور الخطوبه خالتك نزلتهم على صفحتها عالفيسبوك وقريت الكومنتات موتت من الضحك، العروسة زي ما تكون مغصوبه عليه، يلا ربنا يسهل له بعيد عننا… وبعدين يعني يوم ما أوقع شاب يبقي طيار ولا مضيف، عشان نتقابل فوق فى السما…لاء أنا طموحي راجل أعمال من اللى بشورت اللى بيلعبوا جولف.
ضحكت فرح قائلة: هخلي فاروق يشوفلك واحد من أصحابه…أهو يكسب فيكِ ثواب
تهكمت عهد قائلة:
لا مش عاوزه من ناحيته حاجه، أكيد أصحابه زيه بتوع شغل وبس.
ضحكت فرح، صدفه رفعت رأسها قليلًا، لاحظت عهد تلك القطعة المتورمة فى عُنق فرح، رفعت يدها وضعتها مكان تلك المنطقه قائلة بقلق:
إيه ده يا فرح، هي الغُدة رجعت لك تاني.
توترت فرح صامته… تعصبت عهد قائلة:
واضح ده فعلًا… وإزاي فاروق مخدش باله من الورم ده، المفروض تروحي لدكتور… أنا فاكرة الغُدة بهدلتك وإحنا صغيرين… قومي، هغير هدومي ونسيب ياسين مع ماما، ونروح المستشفي اللى هنا فى الكومباوند نعمل آشعة فورًا.
إعترضت فرح قائلة:
بس انا مقولتش لـ فاروق إني هروح المستشفي، وأنا مش تعبانه منها، ممكن يكون…
قاطعتها عهد بغضب:
ممكن يكون إيه، أساسـًا هو المفروض كان أول واحد ياخدك لدكتور، بس هو طبعًا شخص كل دماغه فى الشغل مش فارق معاه صحة مراته.
كادت تعترض لكن عهد أصرت عليها إستسلمت قائلة:
طب هتصل على فاروق أقوله.
نظرت لها عهد بغضب قائلة:
براحتك على ما أغير تكوني إديته تقرير عن خط سيرك.

يتبع.. (رواية عهد الدباغ) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.

أضف تعليق