رواية تمرد عاشق الفصل الخامس والثلاثون 35 – بقلم سيلا وليد

رواية تمرد عاشق – الفصل الخامس والثلاثون

البارت الخامس والثلاثون

البارت الخامس والثلاثون

بسم الله الرحمن الرحيم

سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم

عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته

الأماكن لا تساوي شيئًا وهي خالية ممن نحب

و الحنين هو إحساسنا الدافىء بالشوق إلى إنسان ما

إلى مكان ما   إلى شـعور ما  إلى حلم ما إلى

أشياء تلاشت وأختفت

ولكن عطرها مازال يملأ ذاكرتنا ومكانا

أشياء نتمنى أن تعود إلينا وأن نعود إليها في

محاولة بائسة منا  لإعادة لحظات جميلة

وزمان رائع أدار ظـهرهُ لنا ورحل كالحلم الهادئ

فإذا كان النسيان قافلة تسير

فالحنين قاطع طريق

فتحت عيناها وجدت نفسها بغرفة من اللون الأبيض… نظرت حولها ولم ترى أحدا

يبدو إنها بالمشفى… وضعت يـديها على وجهها وأحـست بوخزة مؤلمة أصابت شقها الايسر عندما

تذكرت حبيبها زوجها  مالك قلبها… نزلت من الفراش وهو تتمتم باسمه

“جواد”  همـست بها وهي تتحرك بهدوء… فتحت الباب بهدوء… وجدت صهيب يجلس أمام الغرفة يضع رأسه بين راحتيه

التفت حولها تبحث بقلبها قبل عينيها

وقفت مستندة على جدران باب الغرفة

– “صهيب”…همـست بها تناديه… لم يكن يسمع همـسها فكان في ملكوت أحزانه عندما اتصل به باسم وأخبره… بخبر هوى قلبه في بحر أحزانه لطيلة سنوات عمره

كيف يخبر والده…؟

كيف سيكون الخبر على قلب والدتها؟

آهة باحتراق خرجت من جوف قلبه…

ماذا ستفعلين صغيرتنا…؟

لقد كُبلتي من أحزانك مالايطيقه قلباً ولا عقلا

ظلت تناظره بصمت… هنا شـعرت بالخوف… ولكن كيف وقلبُها يطمئنها

– فين جواد ياصهيب اتأخر ليه..!!

أغمض عيناه وسـحب نفسا عميقا وكأنه داخل فوق صراع مابين احزانه وصموده

رفع عيناه التي انسدلت دمو عه على وجـنتيه رافضة صموده الوهمي… رأها حازم الذي وصل للتو

– زوزو حبيبتي عاملة إيه… تقدمت نغم تحاوط جـسدها

تعالي ارتاحي علشان اللي في بطنك… متنسيش إنك حامل… نظراتها ثابتة فقط على صهيب ودموعه… كأنها لم ترى غيره حولها

بادلها نظراتها اخيراً.. وقف متجها لها

– روحي مع مدام نغم ارتاحي… لازم ترتاحي الدكتور قال

قاطعته

– اخوك فين؟  فين جوزي؟

ارتجـف قلبه لدى سماعه لكلماتها… وجمودها أمامه… حاول  رسم الجمود على ملامحه محاولا ألا يضعف أمامها

– مليكة جاية بعد شوية هي وسيف… حبيبتي لازم ترتاحي… قاطعته بصوت مرتـجف رغم غصة مؤلمة من هروبه من جوابها

وصل ريان حيث مكانهم… نظر لها

– حمدالله على سلامتك دكتور غزل… ناظرته واردفت

– جواد كلم حضرتك مش كدا يا بشمهندس

نظر للأسفل بأسى وحزنا… فكل الأخبار تؤكد خبر وفـاته… فهمت مايؤلم قلبها عندما ناظرتهم جميعا

استندت على الجدار خلفها

– عايزة أنزل القاهرة دلوقتي.. انتوا جايبيني هنا ليه… جواد هيرجع على البيت ويزعل لو ملقنيش… انسدلت دموع نغم بغزارة على وجهها من حالتها… تمنت ألا تكون بمكانها بيوما ابدا

اقترب حازم محاوط جـسدها

– حبيبتي مينفعش تنزلي القاهرة دلوقتي

إنتِ تعبانة والحمل في خطر…

والدنيا ملغمة شرطة حتى عمي راح الفيوم هو ونهى.. مينفعش تنزلي دلوقتي

صرخت بقـهر زوجة لم تعلم شيئا على زوجها

– محدش هنا  له الحق يقولي أعمل ايه… انا هستنى جوزي في بيتي

أشفق عليها كثيرا ويعطيها كل الحق بما تشـعر به فالأمر مؤلم وصعب… رمق زوجته بنظرة فهمتها فورا

– غزل حبيبتي تعالي دلوقتي ارتاحي الدكتور يطمنا عليكي وبعد كدا اعملي اللي انتِ ترتحيله

– عايزة أكلم جوزي الأول… أطمن عليه حد يديني تليفون

❈-❈-❈

اقترب صهيب وضـمها لأحـضانه

– غزل انتِ مؤمنه بقضاء ربنا…  “قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا ”

خرجت سريعا من أحـضانه… تناظره بعينان تغشاها الدموع

– متكملش ياصهيب… أنا جوزي هيجي هو وعدني وأنا بثق في وعده

سـحبها حازم ليدخلها الغرفة… ولكنها وجدت سيف بأخر الممر الذي تقف به… ابتسمت له عندما أقترب

– غزل جواد عايش… أسرعت له وأمـسكت بيـديه

– كنت عارفة ياسيف… هو وعدني.. تعالى وديني عنده

– أنت اتجننت ياحمـار… إيه اللي بتقوله دا

ناظره سيف

– أنا متجننتش جواد عايش… مالقوش جـثته في العربية… الطب الشرعي قال دا واحد تاني… باسم قالي كدا

صـفعه على خـديه بقوه

– فوق ياسيف واتقبّل اخوك مات… دار حولهم لازم تتقبلوا الحقيقة أخوك مات

وضعت يـديها باذنيها وصرخت

– باااااس محدش يتكلم…… مش عايزة أسمع صوت حد فيكم… أنا جوزي عايش

جـذبها صهيب بقوة ونظر لها بغضـب

لا لازم تسمعي جواد مات.. الشرطة اكدتلنا الخبر ودا من إمبارح… عربيته انفـجرت ووقعت في البحر.. وهو كان فيها ياغزل… لازم تقنعي نفسك بكدا.  وفوقي علشان ولادك اللي في بطنك… دفعه ريان بقوة

– ايه اللي بتقوله دا.. ضـمتها نغم لأحـضانها

غزل لازم تهدي علشان اللي في بطنك.. ارتـجف جـسدها بالكامل مع كلمات صهيب

– هو اللي مجنون… جواد عايش أنا متأكدة… جوزي عايش… حبيبي عايش… “جواد” همـست بها وسقطت ذاهبة لعالم لا يوجد به غيرها… تلقّها حازم بين يـديه

وبدأ يتحدث بغضـب مع صهيب….. ودّ لو يخـنقه بيـديه مما صفـعه بها

أسرع سيف لأحضار الطبيبة

جلس يمـسح بعنـف على وجهه…. الدنيا أصبحت تخـنقه بما سيواجه ويتحمله… اليوم سيكون بديلا لأخيه ولكن كيف يتحمل مايراه وما يسمعه

جلس ريان بجواره.. ممـسدا على ظـهره

– معرفش أقولك إيه… غير أنا مش مصدق الأخبار دي الصراحة… لفت له يتمنى مايشـعر به حقيقا… يتمنى أن يكون كا بوسا ويفيق منه… قاطعه اتصال مليكة

سمع لصوت بكائها

– إنتوا فين ياصهيب وليه روحنا الفيوم… وإيه الأخبار اللي شوفتها دي… معقول جواد… أبوك ممكن يروح فيها ياصهيب

وقف يحاول التنفس لا يعلم ماذا يفعل

أمانته التي تصارع الآمها وعدم تصديقها… ولا والده الذي لو علم… سيسقط  وربما يموت من أحزانه

حاول يملأ رئتيه بالأكسجين… لا يشـعر بشيئا غير الاختـناق اخيراً خرج صوته

– فين بابا يامليكة… حاولي متخلهوش يشوف أي أخبار هو كدا كدا مسافر بكرة العمرة هو وماما… ودا كويس

صاحت بوجهه

– فين جواد ياصهيب أوعى تقولي إنه مات فعلا… اخوك فين حبيبي… طمن قلبي… وليه حازم مابيردش على تليفوناتي… استمعت لصوت ضوضاء بالخارج… نظرت من النافذة… وجدت كم من الصحفيين الذين يتجهون لمنزلهم… والأمن يحاول منعهم

❈-❈-❈

صهيب فيه صحفين كتير قدام البيت

مـسح على وجهه بعـنف وأردف

– هبعتلك حازم وسيف حالا… وانتِ حاولي تتعاملي بحذر… احنا لسة حبيبي منعرفش جواد فين… قالها وتمنى أن يكون كلماته حقيقية

– صحيح ياصهيب يعني جواد مامـتش صح… ايوة هو أكيد خاطف غزل كعادته ويومين وهيرجع… ماهي غزل برضو مش موجودة من إمبارح  دا مطمني شوية

أغمض عيناه قهـ ر وألماً على مايسمعه

نظر لحازم وسيف اللذان يقفان على باب الغرفة بصمت

حبيبتي لازم أقفل وحازم وسيف هيجلكم

خرج الطبيب… وقف متجها له

– ايه أخبارها يادكتور

هي كويسة أنا أدتلها مهدأ مش هتصحى قبل أربع ساعات.. الصدمة غلط على اللي في بطنها ماننساش إنها في شهورها الأولى وكمان توأم..

تمام شكرا لحضرتك… قالها حازم بهدوء

اتجه لريان

– بنشكرك يا بشمهندس إنت معنا من إمبارح  فيك تروح ترتاح..

– مفيش تعب ولا حاجة… أنا هوصل الشركة عندي اجتماع… ونغم هتكون معها… وياريت لو ترجع لعندي في البيت… جواد اخر كلامه تفضل عندي علشان يطمن عليها

قاطعه سيف

– هو قصده تقعد في مكان يخصك مش عند حضرتك ابداً وتكون تحت حمايتك… أومأ حازم على صدق حديث سيف

– خلاص إحنا نأجر بيت هنا وهروح أجيب مراتي تقعد معها..

– لا مفيش حد هيجي… وزي ماالبشمهندس قال… هي هتفضل عنده.. هو هيتصرف

لازم نبعد فترة علشان الأنظار علينا… متنسوش إن عم غزل هربان من السجن ومش هيسكت إلا لما يوصلها… وإحنا اللي ممكن نعرفه مكانها… غياب جواد جه في مصلحته

ربت ريان على كتـفه

– انا تحت أمركم طبعا وزي ماقولتلك جواد موصيني  .. وحاضر هشفلها مكان قريب خاص بيا ونغم هتلازمها… لحد مانتأكد من الخبر ولا جواد يظـهر… قاطعه إتصال هاتفه

تحرك مغادر يعتذر

– سلام لازم اتحرك…

– أيوة… جحظت عيناه مما استمع لصوت المتصل… وقف يستمع باهتمام

– لا ابدا الحمدلله… تمام متقلقش… ماهي إلا دقيقتين فقط  … ارتاح قليلا  وإتجه لعمله

بعد أسبوع الحال كماهو

خرجت غزل من المستشفى إلى منزل خاص بريان مع مكوث نهى بجوارها… وحسين الذي ذهب بصحبة زوجته إلى الأراضي المقدسة ولا يعلم ماصار… ظنا أن ابنه في مكانا ما هو وزوجته

جلست تستنشق بعد الهواء النقي عله يهدي  من نيـران إشياقها له كان الجو يشبه الصقيع اصطدم وجهها بالبرد القاسي الذي لفح وجهها من الشرفة المطلة على البحر…

فاليوم إحدى ليالي الشتاء من شهر يناير،

أغمضت عيناها وتمنت بدخوله إليها حتى يدفئها بقـُبلاته الساخنة على بشـرتها الباردة

فتحت عيناها عندما

اتجهت نهى إليها بطعامها

– صباح الخير ياجميل… عاملة ايه وحبايب خالتو المجانيين عاملين ايه

– فين صهيب؟

فركت يـديها وهربت من انظارها… طالعتها بهدوء

– الجواب صعب أوي كدا متعرفيش جوزك فين؟

أجابتها بحزنا

– نزل القاهرة علشان يعملوا عزا جواد… عمو حسين عرف وتعبان في المستشفى…

وقفت كأنها تلقت صاعقة على رأسها

– ايه الهبل دا… عزا ايه ونعي إيه… أنا جوزي عايش… اتجهت للخزانه… وأخرجت ملابسها وارتدهم سريعا

وقفت تنظر لها بصدمة

– غزل رايحة فين…؟

أجابتها بضيق

– مش شغلك يانهى… تنهدت بضيق فهي في حالة لا تسمع للنقاش

استدارت لها عندما وجدت حزنها

– رايحة اشوف جوزك ليه متعمد يعصـبني يانهى… طُرق الباب وظهرت العاملة

– استاذة نغم تحت منتظرة حضرتك

أومأت لها بهدوء

– تمام روحي قدملها حاجة وأنا نازلة… اتجهت  لنهى بنظرها

– انتِ مش سامعة صوت إبنك… روحي شوفي بيعيط ليه

اقتربت لها تضـمها لأحـضانها

– غزل حبيبتي فوقي ياقلبي.. أنا عارفة صدمتك كبيرة بس دي ارادة ربنا

ابتسمت لها

– أنا كويسة حبيبتي وكويسة أوي… وضعت يـديها على أحشائها… ولادي هيجوا وأبوهم هو اللي هيشلهم ويسميهم…

هزت رأ سها بوجع من حالتها… اتجهت ووقفت أمامها

– غزل بقالنا أسبوع وانتِ على حالتك دي… حبيبتي.. قاطعتها

– نهى نغم تحت عايزة اشوفها علشان ننزل القاهرة… لمي حاجة الولد علشان ترجعي

معايا.. ملوش لازمة قعدتك هنا

تنهـدت نهى بحزن عليها لا تعلم ماذا تفعل لكي تخرجها من حالتها…

– عمك يحيى هرب من السجن ياغزل… إنتِ عارفة معنى دا إيه… دا ممكن يوصلك وينتقم لمو ت ابنه

ربتت على كتـفها

-متخافيش… زاهر معايا وجواد هيرجع يوقفه عند حده… وأنا مش ضعيفة يانهى

❈-❈-❈

وقفت أمام نغم

– حبيبتي ليه بتتعبي نفسك أنا كويسة ونهى عندي

طالعتها نغم بحزن فقد فقدت كثيرا من وزنها مع ذبـول بشـرتها وبهتانها

اقتربت وجـذبتها لتجلسها بجوارها

– عايزة اقولك أنا مؤمنة بكلامك ويقينك برجوع جوزك…بس دا ميمنعش إننا نحافظ على أمانته لحد مايرجع

– أنا لازم أنزل القاهرة يانغم .. عايزة اطمن على بابا حسين

بعد فترة اتجهت لمسكنهم بالقاهرة.. دلفت للمنزل بهدوء وجدت نجاة التي تجلس تنظر في شرودها الحزين ولبسها الأسود … خطت الى أن وصلت إليها

– عاملة إيه ياماما… ارتجـف قلبها عندما استمعت لصوتها… رفعت نظـرها إليها… فجأة تساقطت دموعها

– غزل حبيبتي يابنتي ضـمتها بقوة أم فُقدت وليدها لفترة والآن وجدته

خرجت من أحـضانها تنـظر بأعين تغشاها الدموع.. أحـست بوخزة مؤلمة لقلبها… قبّـلت رأسها

– عاملة إيه حبيبتي وقاعدة كدا ليه… وإيه كل الأمن اللي برة دول..

ظلت تناظر إليها كغريق وجد ضالته فيها… حيث رأت إبنها الفقيد فيها.. رفعت يـديها تحاوط وجهها…

– حبيبي كان بيحبك وبيموت فيكي… كأني شيفاه قدامي..  جـذبتها وأجلستها بجوارها تضـمها لأحـضانها وكأنها تستـنـشق رائحة إبنها بها

تناست بما يدور حولها… فقط تضـمها لأحـضانها… وتتساقط دموعها

خرجت من أحـضانها

– ماما حبيبتي بتعيطي ليه.. انتوا ليه مش مصدقين إن جواد عايش… وصل صهيب للتو عندما أخبرته نهى بقدومهما

– إيه اللي جابك من إسكندرية ياغزل

لم تتجه له وكأنه لم يكن موجودا.. ظلت تنظر إلى نجاة

اتجه إليها ووقف أمامها

– مبترديش عليا أنا مش بكلمك… ليه جيتي من إسكندرية من غير ماتعرفيني

اهتـزت نظراتها للحظات أمام غضـبه الذي صورته بالهمجية

– ليه أخد إذنك… مفكر نفسك مين…

جـذبها بقوة حتى أوقفها

– غزل إنتِ شايفة حالة الكل إزاي… بلاش تتسرعي حاولي تخرجي من صـدمتك دي جوزك مات… وصل الجميع على صرخات صهيب

فقدت قدرتها على الحركة او الكلام… هـزت رأسها واردفت بصوتا مرتجف

– أنت مجنون اكيد… كلكم مجانين… أنا جوزي عايش

جـذبتها مليكة لأحـضانها وظلت تبكـي

كل ذرة بمشـاعرها تنتحب من حالتها أمامها

نظرت لمليكة وأشارت لها

– مليكة انتِ مصدقة إن جواد… ارتجـفت شـفتيها… وزعت نظراتها  بين الجميع

كلكم مصدقين

اتجه صهيب لسيف

– خُدها مع زاهر وصلها إسكندرية ويارب ميكنش حد لاحظ وجودها هنا

إقتربت ووقفت أمامه بصدمة

– نعم إنت مين علشان تقولي اروح فين وآجي منين… لتكونش تفكر اني مصدقة تخاريفكم إن جواد مش هيرجع… ولا تكون مفكر إنك جوزي

– اعتبريها من النهاردة كدا.. جحظت عيـناها من كلماته… دفـعته بكل قوتها… وصفـعته بقوتها

برقت عيناه وتنافرت عروقه من فعلتها… اقترب كثور الهائج

– كنت عارف ياغزل صعب التعامل معاكي.. بس بحذرك دلوقتي مفيش كلام هيتراجع بعد كلامي… ودلوقتي هترجعي اسكندرية بالطيارة كمان وهتفضلي هناك لحد ماتولدي… اقترب أكثر حتى أصبح بمواجهتها، ينظر إليها والشـرر يتطاير من مقلتيه… واردف مايكـسر ظـهر البعير

– أنا دلوقتي مكان جواد سمعتيني وغصب عنك… اتجهت نهى لهما  لكي تهدئه عندما ساءت الاحوال بينهما…

صهيب إهدى حبيبي مينفعش

صرخ بوجهها:  محدش يقولي إهدى… أنا مش مجنون… أنا قولت اللي عندي

نظرت نهى له بصدمة ثم اتجهت بنظرها لغزل

ولكن غزل أصبحت كالمُهر الجريح

– اخرص أنت مفكر نفسك مين… أنا متجوزة من جواد الألفي اللي هيفضل اسمه مرابطني بآخر يوم من عمري… فوق ياحضرة الدكتور… متعملش عليا كبير.. أنا مش ضعيفة… أقتربت وهمـست له بصوتا كاد أن يكون متزنا رغم شراسة نظراتها له

– أنا غزل جواد الألفي تربيته قبل ماأكون مراته…

ومتفكرش أني هقبل لمجرد هزار حتى

أنا رافضة كل اللي بتعملوه دا… أنا جوزي عايش وهيرجع وقريب أوي

وطول ماأنا مدفنتوش بأيـدي يبقى عايش ياحضرة المهندس الذكي… وهيرجع وهعلمه وأعملك الأدب

نظرت حولها في أرجاء المنزل ووضعت يـديها على أحشائها

– حتى هو  قريب مني أقرب من اللي في بطني.. أشارت لقلبها طول مدا بينبض جواد عايش… بدل ما واقف تتشرط عليا روح شيل نعي اخوك اللي ملى السوشيال ميديا… وياريت مشفوش وشك قدامي… لأني هزعلك بجد

قالتها ثم تحركت مغادرة

جلس صهيب واضعا رأسه بين راحتيه

– روح وراها ياسيف… او كلم حازم يهديها

ربتت نهى على اكتـافه

– ليه بتكلمها كدا ياصهيب… كنت قاسي معها… مـسح على وجهه بعنـف

– لازم تخرج من صدمتها… لازم أقسى عليها… دي رافضة الحقيقة، خايف عليها بعد كدا

– متخلهاش تمشي ياصهيب هاتلي غزل في حـضني يابني كفاية جواد وأبوك

جلس على عقبيه أمامها

– ماما حبيبتي لازم غزل تبعد عننا الفترة دي.. علشان نقدر نحافظ عليها وعلى اللي في بطـنها… أنا لوحدي..بتخبط من الكل

شهـقت والدته شهـقات متتالية بصوتا مرتفع

– أنا كمان حاسة إن جواد عايش.. حاسة أنه قريب مننا يابني…

– إنت هتعملي زيها ياماما..

خـدني لأبوك ياصهيب عايزة أروح أشوفه يابني

بعد أكثر من ساعتين وصلت اسكندرية وهي تشـعر بالآم في أسفل بطنها… أسرعت للأريكة الموجودة بغرفة المعيشة… ظلت تبـكي بوجع قلبها.  .. والآلام داخل أحشائها  … صرخت من شدة الآمها… اتتها العاملة

– دكتور إنتِ تعبانة… اتصلك بنغم هانم أشارت بنعم

بعد قليل وصلت نغم بالطبيب

حذّرها الطبيب من حركتها ومن سفرها… ولكن لم تأخذ بكلماته

– أعطاها بعض الأدوية الخاصة بتثبيت الحمل.. مع تحـذيراته المستمرة… كان يظـهر عليها الأ لم والحزن في آن واحد

دخلت نغم إليها بنوع من  الشوربة المفيدة لحملها ولتدفئتها في هذا الجو القاسي بالأسكندرية

وضعت الطعام بجوارها… ربتت على ذراعيها

– لازم تاكلي أي حاجة ياحبيبتي… إنتِ إزاي تعملي حاجة زي كدا… لسة في شهورك الأولى وتسافري المسافة دي كلها وترجعي في نفس اليوم… مـسدت على شعـرها عندما وجدت دموعها تنسدل كشلال على وجـنتيها

– عايزة أنام لو سمحتي يانغم… روحي لأولادك… حازم كلمني وجاي هو ومليكة في الطريق… قاطعها صوت هاتفها

– ايوة حبيبي… لا… بعدت عنها بعض الخطوات وأردفت

– تعبانة أوي ياريان والدكتور  مطمنيش لوجع بطـنها وضـهرها بيقول ممكن تفقدهم في أي وقت

كان يقف بجواره… شـعر بأن الارض تميد به واصبح  قاب قوسين أو أدنى من فقدان وعيه… عندما شـعر بآلامها

جلس يضع رأ سه بين يـديه عاجز لا يعي ماذا يدور حوله.. شعـور بضعف الدنيا يحتل كيـانه ورغبته في ضـمها واطمئنانها

انتهى ريان من مكالمة زوجته واتجه جالسا بجواره

– هتعمل إيه… الدكتور مش مطمن للحمل… وكمان هي لسة مُصّرة إنك عايش

ابتسم عندما تخيل حالتها وهي تناطح الجميع… فجأة استمع لرنين هاتف ريان

– خُد دي مكالمة فيديو نغم هتصورها زي ماطلبت منها

أمـسك الهاتف ويـديه ترتـجف…

وقف ينظر بهاتف ريان الذي تركه وغادر للخارج

تتسطح على الفراش تمـسك بصورته وتضـمها لقلبها وتنسدل دمو عها بصمت

تتحدث إلي الصورة بقلبا مفطور

– ليه محدش مصدقني إنك عايش.. لامـست صورته بأناملها الرقيقة

– كدا ينفع ياجود… أنا زعلانة منك ومخصماك… قدرت تبعد عني شهر كامل يا حبيبي.. طيب أنا  موحشتكش… وضعت يـديها على أحشائها

– ولادك دول ذنبهم  إيه… أزالت دموعها وأردفت

– طيب تعالى علشان أنت وحشتني أوي.. تعالى أشبع منك ومن ريحتك وبعدين اختفي تاني

ضـمت الصور لصـدرها كادت أن تعتـصرها

وآهة خرجت من أعماقها… آه ياوجع قلبي عليك ياحبيبي وأنا معرفش إيه اللي حصل معاك… آه… ياااارب… الصبر من عندك يارب

كان يستمع إليها تكاد مقلتيها تخرج من محجريها وقلبه أوشك على التوقف من فرط ألـمه عليها.. انسدلت دمو عه… اسرع للخارج… قابله ريان

– رايح فين ياجواد؟

– رايحلها مستحيل أسبها دقيقة واحدة وهي كدا… أمـسكه من ذرا عيه

– بس دي مخاطره … متنساش أهلك في أمان دلوقتي علشان فكروا إنك مُـت… ولسة ممسكوش عمها… وسفرها للقاهرة دا ممكن يكون فيه خطر… يعني  حد راقبها

شوف انا مقتنع باللي قاله حضرة الضابط باسم…يمـسكوا بس الناس اللي بدأو يكبروا في البلد…ويبيعوا ويشتروا في البلد بفلوسهم القـذرة…واكمل مفسرا

– يعني دلوقتي انت  ميـت في نظرهم.. هيبدأوا يخروج من صمتهم ويلعبوا… في نفس الوقت أهلك بأمان

أما عن عمها مستحيل يعرف يوصلها… واحنا مأمننها كويس…

اقعد وأنا عندي فكرة حلوة هتريحك

نظر له عندما وصله مايفكر به

– لا بلاش، أنا مُصر أروحلها

– و يحصل اللي يحصل.. أهم حاجة اروحلها حالا… توقف

-زاهر قال مفيش حد شافهم هي مقعدتش غير دقايق هناك… غير عربيات الأمن محاصرة المكان… أنا لازم أروح اطمن عليها

أوقفه ريان

– حازم ومدام مليكة في الطريق… وقف يطالعه

أنا لازم اشوفها وأطمنها…

زفر ريان بو جع على حالته

– عارف أن الموضوع صعب… بس خلينا متفقين ان كدا أأمن لها… وأحسن حاجة إنها معتقدة إنك عايش



جلس عاجزا يتمنى لو يصل إليها ويأخذها بأحـضانه… يستمتع برائحتها… حقا لقد اشتاق لها حد المو ت

عند غزل

امـسكت نغم حقيبة يـديها مقبّـلة رأسها

– .. وأنا نص ساعة كدا هشوف الولاد وأجيلك

ربتت على يـد نغم

– أنا كويسه.. ماتشغليش بالك وزي ماقولت حازم ومليكة على وصول

خرجت نغم وتركتها بمفردها… امـسكت الهاتف تنظر لوصورهما… وجدت صورهما التي كانت بشرم الشيخ

تذكرت باليوم التالي

فلاش باك

فتحت عيناها… وجدته يجلس يناظرها بنظراته العاشقة.. اقترب من شـفاها مقتـطفا قبُـلـته الصباحية

– صباح الحب ياقلبي… رفعت أناملها على وجهه

– صباح العشق ياحبيبي… نزل بجـسده محاوطا خـصرها

– دا كله نوم… ينفع كدا تسبيني الوقت دا كله مشتقالك

وضعت يـديها بخـصلاته

– آسفه حبيبي نمت ومحـستش بنفسي… جـذبها بقوة لأحـضانه… تمنى أن يدخلها بقلبه…

بعد فترة من قُبـلاته الصباحية… إتجه بها للمرحاض ليتنعما بحمامهما الدافئ

عصرا توجها لمطعم مشهور بهذه القرية التي يستقرون بها… كان المكان هادئا على غير عادته في فصل الصيف

تناول غدائهما… ثم اتجه وأركبها الناقة… وظل يسيرا لمخيم بعيدا بمسافة قليلة

انزلها بهدوء محاوطاً خـصرها

– حلو ركوب الجمل

– جدا ياحبيبي…تحـس إنك شوية وتمسك السحاب

قهقه عليها:

– حبيبي إنتِ كنتي راكبة جمل مش بارشوت…ضحكت مثله

– ماهو عامل زي البارشوت برضو

رجع مساءا بعدما زارا بعضا من الأماكن السياحية  الموجودة بالقرب منهما

قام بإشعال المدفأة… وأحضر الطعام الذي جلبوه من الخارج كان عبارة عن أنواع البيتزا التي يحبونها سوياً… أشعل الأضاءة الخافته مع الموسيقى الهادئه..

جلس ينتظرها حتى تنهي حمامها

بالأعلى أخرجت بدلة الرقص التي أبتعتها اليوم من إحدى المحلات التي شاهدتها… استغلت انشغاله بالهاتف… وقامت بشرائها

ارتدتها مع لمـساتها التجميلية… برسم عينيها بالكحل العربي… وأحمر شـفاه ذات اللون الداكن… مع خلخالها… تاركة خـصلاتها للعنان… مع رائحتها الخلابة… فقد استخدمت أفضل العطور  إليها… نظرت برضا لنفسها بالمرآة… ثم إتجهت للأسفل حافية القدمين

كان يجلس يواليها ظـهره… والتفت عندما استمع لصوت خُلخالها… اتسعت بؤبؤته شيئا فشيئا عندما رآها بتلك الطلة

بدلة رقص يقال عليها لايوجد بها أقمشة من قطعة واحدة…معظمها من الخيوط… تبرز  جـسدها الرشيق ومنحـنياتها الخـطرة وبياض بشرتها  بسخاء، تاه أمام عينيها… ناهيك عن  لمـساتها التجميلة ورائحتها التي نُفذت لرئتيه

خطى إليها بتمهل… كانت تهبط درجات السلم الخشبي بدلالها الأنثوي… كأنها تخطو فوق قلبه الذي أصبحت نبضاته الهادرة تتخبط بين ضلوعه وكأنها تعلن ثورتها في عشقه لها… تطلبه بالكثير في ذلك الوقت

وصلت اخيرا اليه… ينظر إليها فقط…

بدأ يدندن لها

❈-❈-❈

تقابلت العيون التي اوقـدت نيـران العشق بقلبهما… جـذبها بقوة حتى أصبحت بأحـضانه… رفع أنامله يتلمـس وجهها بعشق… بدأ يدندن لها

– حبيبتي ترقص حافية القدمين

لفحت أنفاسه الساخنة صفحة وجهها الناعم.. بل شـعرت بحرارته المنبعثة من جـسده… عندما حاوطها بذراعيه دافنا أنفاسه بعنـقها

– ناوية على إيه يا حبيبة جود

رفعت نفسها وطوقت عنـقه متحدثة بدلال ناوية أعيش جوزي حبيبي في سعادة محدش عاشها قبله في حياته… اقتربت تنظر لشفتيه مرة ولعيناه مرة… رافعة يـديها متحـسـسة ذقـنه النابتة

– ناوية اخليه ميشوفش غير غزل بس…

ناوية اخليه يمشي و وجهه ينور بسعادة الدنيا… همـست أمام شـفتيه بشـفاها المطلية بالأحمر الناري

– عايزة جوزي حبيبي أسعد را جل في الدنيا دي كلها.. قالتها وخطت لهاتفه تغلق الموسيقى الهادئة وتبدلها بأغنية شعبية للرقص

خـلع شاله الملتحف به حول عنـقه… وتقدم بخطواته اليها… ممـسكا هاتفه من يـديها… وقام بتشغيله لأغنية الرقص

وقف أمامها رافعا شاله مقربها إليه عندما صدحت الأغنية بالاجواء… حاوط خـصرها وعقد شاله حولها واردف وهو مازال مطوق خـصرها

– عايز أشوف إبداع مراتي حبيبتي… ضحكت بدلال أمامه… وقامت تتحرك بخـجل في البداية… جلس أمامها ونظـراته تفـترسها

– كان جـسدها يتمايل برقة مع الموسيقى… مبدعة بحركاتها الأنثوية… رغم انه رأى رقـصـاتها قبل ذلك ولكن اليوم مختلف… بحركات الاغـراء لديها… قدمها الحافيتين تتحركان ببطئ مع صوت خلخالها بتناغم حركاتها… تتمايل برقة أمامه.. كأنها تتمايل و تتلاعب بقلبه… بات مذهولا من حركاتها عندما نست خجلها منه وذهبت بعالم رقصها مع الموسيقى…

جنيته صغيرته تكاد تفقده عقله مثلما فقدته قلبه… جـسدها يظـهر أمامه بطريقتها المغـرية مما أهلكت روحه وخلاياه بالكامل… وقف متجها إليها عندما فقد قدره تحمله… كانت نظراتهما متشابكتين ببعضها… ضغط على هاتفه… وقام بحملها دون أي حديث متجها بها للأريكة التي توضع بغرفة المعيشة… .. خفـق قلبه بشده وشـعر بجـمرات تحـرقه داخليا… سيّطر الخـجل عليها وشعـرت بقلبها كاد ان يخرج من ضلوعها من همـساته لها بكلمات عشقه..  وضعها على الاريكة بهدوء كأنها أغلى الجواهر لديه وضع يـديه على بشرتها التي تظهر أمامه بوضوح… استنشق رائحتها التي اذابته واشعـلت نيـرانه أكثر فأكثر… وضعت يـديها على عينيها خجلًا من نظراته  خرجت من ذكرياتها

وازدادت دمو عها عندما شعـرت باشتياقها المتعب لقلبها…

❈-❈-❈

بعد شهرين ومازال الوضع كما هو

اتت نغم لتأخذها هي ومليكة لمتابعتها الشهرية..

كان يجلس بغرفة ملازمة لغرفة الكشف.. وبابها مفتوحا حتى يسمع مايقال

تسطـحت على فراش الكشف

وقفت نغم تنظر للذي يقف بداخل الغرفة يكاد قلبه يخرج من بين ضلوعه

– الأوضاع مش تمام أوي يادكتورة … فيه جنين فيهم ضعيف جدا.. أنا المرة اللي فاتت حذرتك

– بحاول أكل والله بس مش قادرة… كل حاجه برجعها يادكتورة

وقفت تنظر لها

– شكلك مش عايزة الحمل دا يادكتورة

ارتجـف قلبها واضعه يـديها عليهما

– الحمل دا أغلى من حياتي يادكتورة

انشـطر قلبه لصوتها الحزين

زفرت الدكتورة من حالتها الميؤسة

– احنا دخلنا الشهر الخامس..دلوقتى لو عايزة تعرفي نوعهم ايه..

قاطعتها لا مش عايزة أعرف…المرة الجاية أبوهم هيكون معايا إن شاءالله وقتها يبقى قولي…قالتها مع انسدال عبراتها…ضـمتها مليكة لأحـضانها

– اهدي يازوزو حبيبتي…احنا قولنا الزعل مش حلو  وبيرفع الضغط… ساندتها مليكه وساعدتها في اعتدال ملابسها  … متجهة للمقعد… أنا تعبانة عايزة أروّح يا مليكة

ضـمتها مليكة وخرجت لحازم الذي ينتظرهما بالخارج… جلست نغم أمام الطبيبة ودخل حازم بعد خروجها

– ايه يادكتورة اخبار الحمل..؟. هنا خرج جواد من الغرفة.. جحظت عيناه عندما رآه

– “جواد “أردف بها بذهول… اقترب جواد يضـمه ويربت على ظـهره

دفـعه حازم بقوة

– إنت ازاي…!! اومال دفـنا مين مكانك… وقفت الطبيبة أنا هلف على المرضى بتوعي

خرجت الطبيبة وتابعتها نغم الذي نظرت لهما

– أنا هلحق غزل ومليكة… اومأ جواد لها

– شكراً يامدام نغم

كان يقف مذهولا مما يحدث حوله… يشـعر بصاعقة على رأسه… لا يعي مايدار

– معقول أنت عايش… يعني تلات شهور عايشين في حزن ووجع وأنت عايش… نظـر للباب الذي خرجت منه غزل

– ذنبها إيه تعيش الحزن دا كله… ذنبها إيه كل ليلة تنام ودموعها على خـدها… لدرجة دي محدش فرق معاك… توقف عن الحديث

– صهيب كان يعرف… أشار بيـديه

– لا اكيد… معقول لا… ظل يرددها كالمجنون

جـذبه جواد وأجلسه بجواره

– اقعد ياغبي واحكيلك كل حاجه… محدش، يعرف غير ريان

– إنت اللي كنت في الشقة من اسبوعين… إنت اللي غزل شافتك وفضلت تنادي عليك وأنا فكرتها إتجننت

– ياحازم كان لازم أعمل كدا… في مهمة صعبة ولازم نعملها بدون خسارة حد فينا… باسم ابنه اتقـتل قدامه عارف دا معناه إيه

معناه ممكن أموت لو حد فيكم حصله حاجة… أنا لازم احميكم لحد مانقبض، عليهم…

قطب جبينه:

– وغزل ياجواد ذنبها إيه تعيش الوجع دا وهي حامل…

دي بتموت قدامي كل يوم وأنا عاجز… ولا صهيب اللي عمّال يخنـقها بتحكمه ومفكرها اتجننت علشان يفوقها من صـدمتها… تعرف قالها إيه

ضيق عيـناه متسائلا

– عمل إيه صهيب… وقف حازم ونظر لخارج النافذة

– قالها هتجوزك… هـزة عنيـفة أصابت جـسده مما جعلته فقد قدرته على الحركة والنطق

– صهيب قالها كدا… مـسح حازم على وجهه بعنـف… الدنيا والعة فوق ماتتصور بينهم

هو مفكرها تحت صـدمتها وعايز يخرجها بصدمة أكبر… وهي كرهته ومش مستحمله تشوفه قدامها

أومأ برأسه بفهم

– دلوقتي خد مليكة وأرجع القاهرة ومش هحذرك ياحازم ممنوع حد يعرف حاليا… حتى مليكة أنا هنا اسبوع وبعد كدا ريان هيكلمك ترجع هنا

-إفهم من كدا إنك هتشوف غزل…

تنهـد بحزن يعلم أن المواجهة ستكون قاسية

❈-❈-❈

مساءاً كانت تتسطح على فراشها… وهي تبتسم من حركات أولادها دخلت العاملة بكوب من العصير الطازج… مع بعض الفواكه

– البشمهندس حازم وصاني لازم حضرتك تاكلي الحاجات دي كلها..

اومأت برأسها و تحدثت

– تمام يانهلة فيكي تروحي ترتاحي أنا هشرب العصير واخد شاور وأنام

ابتسمت لها العاملة

– تحبي أجهزلك الحمام..ابتسمت غزل

–  متشكرة اوي…

قطبت جبينها وتسائلت

– غريبة نغم ماجتش النهارده…

أجابتها العاملة بإبتسامتها

– اتصلت من شوية أطمنت عليكي وسألت إن مليكة هانم مشيت ولالا

– تمام روحي إنتِ… بعد قليل تحركت للمرحاض بعد ما العامله خرجت…

بعد فترة تجلس أمام المرآة تحاول أن تجـفف شـعرها… ولكن جـسدها متعب للغاية… اتجهت للخزانة أخرجت تي شيرت يخصه مريحا لأعـصابها وجـسدها… ارتدت إسدالها…جلست تؤدي فرضها من صلاة العشاء ثم  اتجهت لفراشها… تمددت وأمـسكت هاتفها مع تناولها بعض الفواكه… كانت تشاهد بعض عمليات إستئصال الأورام… شعـرت بحركة داخل أحشائها

– مالكم ياحبايبي النهاردة… ابتسمت وهي تملـس على بطـنها… شكلكم فرحانين بالشاور زي مامي… ولا تكونوا بترحبوا بريحة بابي في تي شيرته… نظرت للبعيد ثم

وضعت يـديها على بطـنها

– شوفتوا بابي عمل فينا إيه… طيب أنا مشتقاله ونفسي أشوفه حالا أعمل ايه… سمعت طرقات على باب الغرفة

– قطبت جبينها وتسائلت

– معقولة نهلة لسة صاحية؟

أدخل… قالتها بصوتا متعبا… دلف بحركات بطيئة ليرى ردة فعلها… في نفس الوقت سمعت رنين هاتفها فكان المتصل نهى

أمـسكت هاتفها تجيب نهى… ولكن سقـ كط الهاتف من يـديها عندما تسـربت  رائحته لأنـفها  رفعت عيناها… تنظر لذلك الذي يقف أمامها كطفل منتظر العقاب…

اتسعت حدقتيها شيئا فشيئا.. وصدمة قوية زلـزلت كيـانها… شعـرت برجفة شديدة بجـسدها عندما أقـترب منها

ورغم ماشـعرت به إلا أنها وقفت سريعا… أسرع إليها عندما وجدها تريد الاعتدال… جـثى على ركـبتيه أمامها

ممـسكا بوجهها حتى يتمالك نفسه لقوة اشتياقه لها… سكنت لثواني تتأمل قسمات وجهه الجميل

رفعت أناملها تتحـسـس وجهه

– حبيبي أنت قدامي صح أنا مبحلمش…

ضـمته بقوة وظلت تبكـي بشهـقات مرتفعة شقـت قلبه لنصفين… ظلت تبكـي وتبكـي إلى أن أختفى صوت بكائها…وبدأت تتمـسح به كقطة أليفة ولا تنطق سوى أحمدك وأشكر فضلك يارب

آهة وآهة من فراق حبيب ظن البعض إنه دفن ولم يعود

ولكن كيف لقلب العاشق أن  يصدق مايُقال ومازالت نبضاته تنبض بالحياة

وضعت يـديها على فـمها لتمنع شـهقات بكائها.. فقط تريد أن تستـمـتع بأحـضانه

فقط تريد أن تصدق إنه واقع وليس بأحلامها  الورديه

أقترب يطبع قـ كبلة عميقة فوق جـ كبينها المغطى بخـصلاتها الناعمة التي تنسدل بعشوائية على وجهها… لامـست وجهه.. واغمضت عيناها تستـمـتع بشـفتاه على جبـينها… حركت يـديها على وجهه بالكامل

كنت متأكدة أنك عايش… فكروني مجنـونة

هو أنا فعلا مجنـونة…مجنـونة بحبك

أقترب مقـبلا شـفتيها بقبـلة عميقة.. ليبرد نـار اشتياقه لها… ظل يقـبلها لوقت طويل… طوقت عنـقه… وبادلته جنونه القاسي في عشقها. له بدأت تعاقبه بشراسة بقُبـلتها له..

ثم دفـعته بعيدا عنها عندما أستعادت وعيها من إشتياقها

شهـقات خافتة انفلتت منها عندما وجدت نفسها ابتعدت عنه… جلس بجوارها ضـامما إياها لجـسده… وضع ذقنه على رأسها

كان مايؤرق روحه أكثر مواجهتها بعد غيابه… رغم اشتياقه الجارف لها ولكن قلبه يأن أحتراقا لرؤيته لها بهذا الحال

– حبيبي وحشتيني فوق إحتمال قوة البشر… عارف إنك زعلانة مني…تنـهد بحزن

– ليكي حق ياقلبي… ولو عايزة تضربيني وتطـرديني مش هقولك لا… رفع ذقنها ناظرا لترانيمها المقدسة لقلبه

– صدقيني غصب عني… كان لازم أعمل كدا

مطت شـفتاها بحزن ونظرت للأسفل وتحدثت بصوتا حزينا

– أنا كنت بموت كل يوم… وحضرتك عايش ومش قادر تطمن روحي… كل يوم أصبّر نفسي وأقول هيجي النهاردة… وأستناك

رفعت عيناها وتلاقت بعيناه

– كنت قاسي أوي ياجواد… كنت قاسي كعادتك معايا… انسـدلت عبراتها تحـرق وجنـتيها

– عندك حق تعمل أكتر من كدا… ما أنت سبتني قبل كدا أكتر من أربع سنين… ايه يعني لما أعملها تاني كام شهر و أوجع قلبها تاني..

انتفـض قلبه وجعا وألما من كلاماتها وبدأت دقاته في التفاني عندما حكمت عليه.. ورغم ماشـعر به إلا إن دموعها تكـوي قلبه

– “غزل ” خرج اسمها  من بين شـفتيه بنبرة مثـيرة مستمـتع بنطقها… رفع وجهها بين راحتيه ينظر لعيناها مقـبّلا خـديها… مقتربا من شفـتيها

– أنا كنت بتعـذب أكتر منك حبيبي… كنت بتمنى اسمع إسمي بس منهم… قالها وهو يلمس شفـاها… اقترب أكثر

– وحشتيني لدرجة خايف عليكي مني… قالها مغمضا عينيه وهو يدفن أنفاسه بعنـقها مقـبله بهدوء طاغي لروحها

كانت  ترتجف بين أحـضانه… حبست أنفاسها وأرتفعت دقات قلبها التي كادت تشق صـدرها… أغمضت عيناها تحمد ربها على وجوده بجانبها أولا… تستـمـتع بلمـساته وهمـساته بعشقه لها… ورغم اشتياقها الجا كرف له وتمنيها سحـق نفسها بداخل أحضـانه إلا إنها

استدارت ووضعت  رأسها على الوسادة أخيرا وهي تبكـي من السعادة  وتبتسم من وجوده واقسمت لتعاقبه عقابها الشديد

ضـمها لأحـ ضانه يهمـس بجانب أذنيها

-إنسي ياروحي اللي بتفكري فيه… مستحيل تبعدي ولا لحظة عني… أقشـعر جـسدها من أنفاسه الحارة التي ضربت بشرة عنـقها عندما رفع خـصلاتها دافنا وجهه يرويها بوابل  قبلاته العاشقة

التفتت له عندما جـذبها لوجهه.. نظرت بعينان تقطر دموعا ووجـعا من غيابه

زفرة خافتة خرجت من جوفه

– بعد ماسبتك اتحصرنا في الوقت اللي بنحاول نقبـض عليهم هم حاصرونا… كان فيه منهم قدام حضانة حمزة ابن باسم… خطـفوه ليومين وفي الآخر رجعوه لأبوه مقـتول

وضعت يـديها على فـمها من الصـدمة

باسم اتصل قبل مانروح للدكتورة… وعرفت إن حمزة مات والناس دي ميتلعبش معها… عارف اننا جهاز كبير بس إنتِ متعرفيش بتحاربي مين بالضبط… استنشق بعض الهواء يملأ رئتيه

– شكل الولد وهو غرقان بدمه و جعني أوي ذنبه إيه… لو تشوفي حالة باسم وقتها… انسدلت دموعه على وجـنتيه

لما اتحاصرنا وإنت بين أيـدي مفكرتش في غير حاجة واحدة أكيد إنهم هيروحوا لأهلي… ويموتوكي… جـذبها يضـمها بقوة

كأنها أصابها شيئا

أخرجها من أحـضانه

– وبالفعل كان فيه عربية عند الفيلا.. وحصل هجوم بين الفريقين والشرطة ادّخلت والحمد لله عرفوا يسيطروا… وخليت سيف ياخد بابا وماما ومليكة ونهى للفيوم… مفيش قدامي غير صهيب وحازم اللي بقالي فترة بعلمهم إزاي يأمنوا نفسهم كويس ويتدربوا… غير الحراسة

عمك قطـع شريانه ونقلوه للمستشفى وهرب من هناك… خارج علشان ينتـقم وياخد حقه…

لمـس وجـنتيها وتحدث

– عمك كان شغال مع مهربين أثـار وتجار أسلحة وغسيل أموال… ساعدوه وعرف يهرب واللي كنت خايف منه حصل… راقبنا وعرف مكانا وبعت اللي يقدر يحاصرنا… اتصلت بريان مكنش قدامي حد بعيد عن عمك مايعرفوش… وإحنا حاولنا  نخرج من الحـرب اللي كانت بين المافيا وبين الشرطة

باسم قالي اركب العربية وادخل من طريق النيل… وكانت دي خطة انهم يضربو عربيتي او يفجروها في الوقت اللي قبل طريق النيل في الاشارة… لقيت عربيتي اتفتحت وواحد من ضباط المخابرات خرجني وركب واحد تاني وخرجنا في إشارة مرور… دا مااخدش غير دقيقة بالضبط.. كان فيه أكتر من تلات عربيات محاصريني… يعني كنا مخططين لكل حاجة… وفعلا ضربوا العربية واتفـجرت ووقعت في النيل

والباقي إنتِ تعرفيه

ليه مااتصلتش ياجواد بيا… اربع شهور ولا مرة قدرت… ولا بابا حسين مصعبش عليك

مـسك وجهها بين يـديه

– مكنش ينفع تليفوناتكم مكناش نعرف متراقبة ولا لا… اخدنا احتياطتنا… بعد شهر من الحادثة… فعلا خرجوا وبدأ يشتغلوا تاني

مسكنا الكتير منهم بس لسة اتنين وعمك… دول قربنا نوصلهم يعني خلاص

المخابرات مش ساكتة وإحنا كمان

– و إشاعة موتك فادتهم بإيه

ابتسم يملـس على شعـرها

رجعت سينا ياقلبي علشان دا مكان الخطر كله… فكان لازم اصطداهم واحد واحد وهم مفكرني اني مُـت وبدأ يشتغلوا براحتهم

– بس مكنش بيعدي يوم واحد من غير مااشوفك وأسمع صوتك… اقترب وقبـلها بقبـلاته العاشقة.. لسة زعلانه ياام عيالي

فجأة ضحكت بصوتا مرتفع مفـزعة من مكانها

أمـسكت يـديه ووضعتها على بطـنها

– شوف العيال دول بيعملوا إيه… من ساعة مارجعت من عند الدكتور ماسكتوش

ابتسم عندما شـعر بحركاتهما تحت يـديه

– عاملين إيه حبايب بابي… مين فيكم الوحش الضعيف اللي مبيكلش كويس،

برقت عيناها من كلماته…

كنت هناك.. رفع تي شيرتيه الخاص الذي ترتديه وقـبّل بطـنها

– كل كشف بكون هناك… وأنا اللي بحجزلك… رفعت أناملها أخيراً على وجهه

واقتربت تقبـله برقة… تولى قـبلتها وهو يلتـهب بنيـران إشياقه الجارف لها.. ليأخذها مرحبا بجنان الخلد الخاصة بهما وحدهما

بعد فترة كانت تجلس بأحـضانه يُطعمها الفواكه وهو يضـمها بقوة لأحـضانه

– ايه موضوعك إنتِ وصهيب دا

توقفت عن الطعام

– ولا حاجة… صهيب وإنت عارف هزاره التقيل… بس وربي لأعلمه الأدب… دا مفكرني اتجننت… ولكنها توقفت فجأة

هو كان يعرف إنك عايش… دا عاملي كبير عيلة

وضع الموز بفـمها… لسة حازم قايلي النهاردة… متزعليش منه هو كان خايف عليكي لتكوني اتجننتي فعلاً ياحبي…

نظر إليها ودقات قلبه بالإرتفاع

بحبك بجنون وحبيتك اكتر لما عرفت اللي عملتيه في صهيب.. وضع جبينه فوق جبينها

– لدرجة دي ثقتك  أني عايش… لامـست وجهه وقبـلت خـديه… العشق بنبض القلوب ياحبيبي… وطول ماقلبي بينبض بإسمك إنت عايش ومحاوطني بآمانك

-إيه الجمال دا… التيشيرت مخليكي قمر

ضحكت عليه بأصوات مرتفعة

– لا والله يعني هو حلو وأنا لا

اعتدلت على ركـبتيها الذي يصل اخر لبـسها فأظهرت سيقانها.. أمامه واضعة يـديها بخـصرها

– هو فعلا اللي حلو علشان بتاعك وفيه ريحتك اللي بتريح أعصابي

– غزل اسكتي مش هسألك تاني على حاجة… عايز ولادي يجوا بالسلامة.. تحركت أناملها بخفة على ملامح وجهه التي تعشقها ثم رفعت وجهه مضيقة عيناها

– مش فاهمة تقصد إيه؟

ظل ينظر إليها بنيـران اشتـياقه لها تمركزت عيناه على شـفاها وهي تتحدث تمنى لو يسـحقها… تمنى أن يقضي ليلته معها للصباح كما كان يفعل

اقترب ولمـس كريزتها المغرية لقلبه

– قصدي إنك وحشاني لدرجة مخلياني خايف على الولاد… نامت على كتـفه عندما فهمت مايشير إليه… ممـسكة بيـديه التي وضعتها على أحـشائها

– انتوا بترحبوا ببابي ياحبايب قلبي

تلاقت عيناه بعيناها وارتجـفت شـفتيه ونطق

-” بابي “رغم إنها من أربعة حروف خفيفة إلا أن واقعها على القلب أشد وأشد

حملها وهو يطلق ضحكاته بصخب من فرحته

– وحياة بابي ياحلوين لأخلي بابي يحميكم انتوا ومامي… اطلقت ضحكاتها التي أنارت وجهها وتحدثت بدلال

– دا بابي بيتلكك علشان عايز يعوم مع مامي… بس متخافش البانيو هنا واسع أوي يعني هياخدنا إحنا الأربعة

وقف ونظر لها

– نعم ياختي أربعة مين… هم المفاعيص دول هيدخلوا البانيو معانا… دي وهما جوا علشان بس ادلل  مامي حبيبة قلبي

– جود حبيبي ولادي هيستحموا كل مرة معايا في البانيو واللي عجبه يامرحبتين واللي مش عجبه

رفع حاجبه… يعمل إيه يامامي

– يعمل عريس زي زمان

– وحياتك بابي بيندم ونفسه في ليلة من بتوع زمان والقمصان اللي كانت بتنزل في الأرض زي الرز

ضـمها لصـدره وهو يبتسم بوجهها

تسلملي روحي وضحكتها اللي نورت وجهها

بقولك مفيش رقصة من بتوع زمان

طوقت عنـقه واقتربت ترفع حاجبها كالأطفال

– كان عندنا وخلص ياحبيبي

لا ياحبي طول ماانتِ موجودة عمره مايخلص… اصبري بس  لما تجيبي الحلوين حبايب مامي دول…. وبعد كدا نشوف غيرهم

ظلت تناظره بحب وترسم ملامح وجهه بقلبها… هذا الرجل يعني لها أكسيد الحياة

كيف ستعيش إذا أصابه مكروه… هنا أغمضت عيـناها بألما.. مجرد تخيُلها… أنزلها ومازال محاصر خـصرها وهي تطالع ملامحه القريبة لها… كان منشغلا بوضع سائل الاستحمام وتشغيل المياه… اتجه بنظـره وجدها تطالعه

ابتسم وإردف مشاكسا

– عارف نفسي حلو أوي

وضعت رأسها في صـدره وتنهـدت تتمنى لا تخرج من أحـضانه

– أوي ياجواد… انت أحسن راجل شافته عينيا حبيبي… خرجت من أحـضانه

– ربنا مايحرمني منك أبدا.. لمـست وجهه بحب

– أنا مش محتاجة من الدنيا دي غير حـضنك ليا وأمانك اللي محاوطني.. انسدلت دمعة من عيناها وطالعته

– اوعدني هتخاف على نفسك علشاني ياجواد… أوعدني قبل ماتعمل حاجة فيها خطر على حياتك…

تفتكر حبيبتك هتقدرش تتنفس من غيرك

ظل ينظر لها بصمت… ملامحها الحزينة تصـفعه بقوة…

اليوم فقط كره عمله الذي يعشقه… اليوم فقط تمنى أنه لم يعمل بهذا المجال… اليوم فقط تمنى أن ينفصل عن كل شيئا سواها هي

ضـم وجـهها بين را حتيه وأردف بصوتا مبحوحا بالمشاعر

– أنا عايش وبتنفس علشانك إنتِ وبس… حياتي كلها قبل ما اتجوزك مكنتش حياة… اعتبري أنا اتولدت من يوم ما اتكتبتي على أسمي… من يوم جيتي وقولتي إنك بتحبيني… وقتها بس بقيت أعد كل دقيقة في عمري… وقتها وأنا حـسيت إن كل دقيقة معاكي تساوي عمر وأنا بعيد عنك… عمري ماعرفت معنا الخوف إلا لما بقي دا بينبضلك… بقيت أخاف إن ساعة واحدة تعدي بعيد عنك… بقيت أحسب اليوم بالثواني قبل الساعات وأندم عن أيام وانتِ بعيدة عني

ضـم وجهها مقـبلا خـديها مردفا

علشان غزالتي مستعد أضحي بعمري علشان اسعدها

اردفت بصوت با كـي كلما تذكرت أيامها بدونه

– وازاي غزالتك تعيش وتلاقي السعادة وإنت بعيد عنها

إزاي  هتكون غزالتك وإنت بتضحي بعمرك… هيكون فايدتها إيه وإنت واخد روحها معاك

في فيلا المنشاوي

تجلس بأحـضانه وهي تضحك بصوت صاخب على كلماته…

والله ياريان هتفضل منحـرف طول عمرك

رفع حاجبه بتهـكم

– والإنحراف وحش ياروحي… اقترب وهمـس أمام شـفتيها

– نسيتي دروسي ياحبي… اللي كنتي بتستنيها وبتعدي الوقت علشان تاخديها

دفـعته حتى سقـط على الفراش

– تصدق والله انت رخم… وكنت مدرس فاشل

قهقه عليها بصوته الرجولي

– ايوة عارف ياحبي مدرس فاشل… بدليل الرقص والقمصان المتـقطعة… جـذبها بشدة من خـصرها

– ياقلبي دا انتِ عندك تلات ولاد والرابع جي في السكة.. لما أنا فاشل الناجح إيه

جلست على ركـبتيها أمامه

– عارف إمتى هتكون ناجح ياحبيبي… لما أخلف بنت… غير كدا إنت فاشل… دفـعها على الفراش حتى سقـطت على ظـهرها وظلت تضحك… نظر لها وعيناه كلها رغبة بها

– بقالك يومين يانغومتي بتباتي بعيد عني ودا مش كويس لصحتي

قطع حديثه طرقات على باب الغرفة

أعتدل ناظرا لنغم حتى ترتدي ملابسها

حمحم ثم اردف بصوتا متزنا

– ادخل…

دخل بيجاد وهو ينظر بالأرض

– بابا لو سمحت عايز اتكلم معاك في موضوع…  أرتدت  نغم  مأزرها الطويل… واتجهت له

– مالك يابيجو… زعلان ليه؟

سبينا لوحدنا يانغم… روحي شوفي حمزة

ناظرته ثم اتجهت لبيجاد وتحدثت

– بس هو… نظر لها نظرات فهمتها وخرجت متجه لولدها الآخر

اتجه بيجاد عندما أشار والده بالجلوس

– قول ياحبيبي… سامعك

– أنا النهارده عملت مشكلة في الكلاس  ياداد

– ليه يابيجاد؟ اردف بها بهدوء

نظر بأسفا في الأرض…

– حضرتك يابابا علمتنا.. آيه المنافق

إذا حدّث كذّب، وإذا وعدك أخلف، وإذا اؤتمن خان، وإذا خاصم فجر… رفع نظره لوالده وبدأ يقص عليه

النهارده زميلي عمل حاجة غلط في زميله اللي مخاصمه… وطلب مني أعمل زيه لأنه مبيحبوش

استمع لولده باهتمام… كمل حبيبي

الميس جت وعملت بانش للكلاس كله

أنا وقفت وقولت على اللي حصل

لكن زميلي كذّبني وقال أنا كذاب… وبدأ يقول كلام باد عليا يابابي… فأنا أضيقت

وضربته

ضـمه ريان بأحـضانه

– اولا أنت مغلطش انك قولت الحق… لكن ياحبيبي غلط لما ضـربته… هو إحنا بلطجية يابيجو… يرضيك يجي التيتشر بتاعك يقول باباه معرفش يربيه

نظر للارض بحـزن

– آسف بابي.. هو استفـزني وكان عايزني أكذب واخاصم زميلي وأعمل فيه حاجات باد… ضـم وجـهه بين راحتيخ

– انت قولت للميس اللي هو طلبه

هز رأسه بلا

– مينفعش بابي أقوله حاجة دي نميمة… مامي قالت مينفعش ننقل كلام مش كويس على صحابنا… أنا بس قولت محصلش لما قال للميس إن بيجاد شاف

– برافو عليك حبيبي… وأي حاجة تحصل بعد كدا تيجي وتقولي، وانا هكلم الميس واعرف الموضوع

نظر لوالده وتحدث

– لو سمحت يابابا أنا مش صغير علشان تيجي وتشكي للميس، أنا بس حبيت أعرف حضرتك  المشكلة وإزاي أنا اتعاملت معها.. وعلى العموم أنا اعتذرت لصديقي.. بس مش هصاحبه تاني لانه طلع مش كويس

ابتسم لولده واضعا يـديه بخـصلاته الغزيرة

– يعني كبرت يااستاذ ومش عايز بابا يساعدك تمام

في غرفة صهيب بالقاهرة

يجلس بالشرفة يتناول قهوته والحزن يخيم على وجهه… اتت وجلست بجواره مربته على ظـهره

– هتفضل لحد إمتى كدا ياصهيب

تنـهد بوجع وحزن بآن واحد متوجها لها

– أنا حاسس إني بقيت يتيم يانهى… ضـهري اتكـسر بدري أوي… الزمن غدر بيا بوجع مش هقدر اشفى منه

جلست على عقبيها امامه ممسكة بوجه

– ليه بتقول كدا ياحبيبي… أنا عارفة مصيبتنا كبيرة… بس ربنا مفيش أحن منه.. صمت هنيهة وأردفت

– صهيب هو انتوا دفـنتوا جواد فعلا.. يعني شوفته

مـسح على وجهه مرجعا خـصلاته للخلف

–  محدش رضي نكشف وشه… وكمان.. وقف فجأة وبدأ يدور حول نفسه

– أنا إزاي حاجة زي دي تفوتني… ايوة صح

مستحيل يكون هو… وقف وقام بتغيير ملابسه سريعا

اتجهت له نهى وتسائلت

– رايح فين ياحبيبي دلوقتي

رايح اسكندريه ضروري… غزل عندها سر اختـفاء جواد

قطبت جبينها وتسائلت

– سر اختفاء جواد… صهيب إنت خرفت

هو جواد… قاطعها

– فيه حاجه غلط ودي لتكون عند غزل ياإما عند باسم اللي محدش يعرف عنه حاجة هو كمان

يعني هتروح اسكندرية الساعة اتناشر ياصهيب

– نهى لازم امشي… لو اللي بفكر فيه صح… صدقيني عمري ماهسامحه… لو عرفت انه عايش وسايبني كدا

امـسكت يـديه

– حبيبي متنساش خناقتك مع غزل… وكمان عمها اللي محدش يعرف عنه حاجة… اهدى وبلاش تتهور

تحرك مغادرا

– لازم اروح… وبعدين متخافيش هاخد بالي كويس

أوقفته:  صهيب غزل مش عايزة تشوفك بلاش تسبب في أزمة نفسية وهي حامل

ملـس خـدها

– حبيبتي متخافيش أنا هعرف أتصرف واشوفها برضو عاملة إزاي بعد مابقت بطيخة

❈-❈-❈

أمام فيلا الألفي ببعض الكيلومترات تقف سيارة موازية لمدخل الفيلا

رآها صهيب ورغم ذلك تحرك مغادرا إلى المطار

في فيلا حازم

– حازم ليه سبنا غزل في الظروف دي لوحدها

آجابها وهو ينظر لجهازه المحمول

– عندي إجتماع مهم الاسبوع دا ومدام نغم عايزة تاخدها عندها أهو تغير جو… بتقول ولادها بيحبوها وهي ارتبطت بيهم

في غرفة حسين

جلس يقرأ آيات الذكر الحكيم… رن هاتفه برسالة عبر الانترنت

– بابا حبيبي عامل ايه… بطلك بخير

ابتسم بإشتياق لولده البكري… دعا له

– ربنا يحميك يابني إنت وكل اللي زيك.. وميحرمنيش منك

يارب هو اللي يدفني مش أنا اللي ادفنه

ربي عبدك ضعيف على ابتلائه فهونه عليه

في شقة غزل

تنام بأحـضانه بعمق… يطوقها بذراعيه مملـسا على وجهها وينظر لها ويحتـرق داخليا كلما تذكر حديث صهيب لها

– ياترى ليه قولت كدا ياصهيب لغزل… حاول التنفس عندما شـعر بالاختناق لمجرد الفكرة نفسها… تألمت بنومها… علم إنها لم تستطع النوم بهدوء بسبب حملها جلس متكأ بظـهره للتخت جاذبا إياها لساقيه لتنام بعمق على جنبها اليمين مربتا على خـصلاتها حتى تتعمق بهدوء نومها… ولكن كيف لها أن تنام وبداخلها معركة محببة لقلبها… فتحت عيـنيها عندما تحركا الطفلان بداخلها… وضعت يـديها على بطـنها حتى يهدأو من حركاتهما

رفع يـديها مقـبلها

– تعبينك حبيبي مش قادرة تنامي

– أوي ياجواد كل ماأنام على جنب يتحركوا… نفسي أنام بنعيم زي زمان… معرفش مالهم النهارده أول مرة يتحركوا كدا… وضع يـديه فوق يـديها على أحشائها

– طبيعي ياحبيبي كل مايكبروا عايزين يتحركوا والمكان ضيق… هانت أهو باقي أربع شهور

أغمضت عيناها وتحدثت وهي مابين النوم واليقظة

– لسة هستنى دا كله…

ضحك عليها ثم نزل بجـسده ملتـقطا شـفاها

– هيعدوا سريعا متخفيش… وأنا مش هسيبك بعد كدا… أسبوع واحد بس وهرجعلك… حاولت الاعتدال ولكنها لم تقو

ساعدها حتى أعتدلت وجلست بجواره

– أسبوع كتير اوي ياحبيبي.. أنا محتاجك

ضـمها لصـدره

– حاولي تستحميلني الاسبوع دا كمان

ناظرها بحزن لتعب حملها

– تعبانة أوي حبيبي

هزت رأسها بلا.. وضعت رأسها على كتـفه

– حمل التوم كدا.. هو مقرف.. بس بعد كدا لما تشوفهم قدامك هتنسى الوجع

وضع أنامله على أحشائها يتحـسـسها

– ربنا يباركلنا فيهم ويجوا بخلقتهم التامة

آمنت على دعائه

رفعت رأ سها إليه

– نفسك في بنات ولا صبيان

رفع خـصلاتها المتمردة وأجابها

– أي حاجة منك حلوة… إحنا نطول.. ياما ناس تتمنى بس عيل.. هنطمع ربنا رزقنا باتنين وعايزين نشرط كمان

قبـلته بخـديه ممـلسه إياه

– ربنا يخليك لينا ياأحسن بابي في الدنيا

رفع حاجبه بتهكم من فعلتها

– بتراضي أخوكي ياقلبي… قهقهت عليه

– هتفضل طول عمرك كدا ياحبي  … اخويا

برقت عيـناه من كلماتها

– نعم ياختي.. اومال إيه اللي في بطنك دول.. وفسيخ رايح وفسيخ جاي.. وأنا بايـدي دي اكلتهملك

امـسكت خـديه كالأطفال

– ياختي كميلة عليه وهو ماسك الفسيخ كأنه ماسك شنطة زبالة

رفع حا جبه

– بتتريقي يازوزو على جوزك ماشي…نامي ياله وبطلي كلام… الله يرحم لما كنتِ  بتقولي هنفضل نتكلم طول الليل

حاوطت جـسده بيـديها

– وحشني أوي ياجواد… خليني اتنعم في حـضنك شويه حبيبي

ضمها بقوة له مقبلا رأسها

– عايزك ترتاحي ياعمري علشان متتعبيش

تمـسحت بصـدره

– طول ماانا في حـضنك مرتاحة وأوي كمان… اعتدل بجلسته واعدلها بحـضنه متمـتعا بأنفاسها ضـامما إياها لصـدره كطفلة في مقتبل عمرها تنام بأحـضان والدها

مـسد على خـصلاتها

– على فكرة أنا بنام معاكي كل يوم..رفعت وجهه له وقطبت جبينها بمعنى إزاي

همـس لها أمام شـفتيها

– جيت كام مرة هنا وانتِ نايمة…غير نغم كانت بتصورك فيديو تبعتهولي…مخبيش عليكي ريان عرض يعمل كاميرا أراقبك بيها بس محبتش الفكرة

– نغم كانت عارفة انك عايش؟

اجابها بهدوء

– لسة عارفة قريب من كام اسبوع بس…لكن ريان عارف من يوم الحا دثة

وضعت رأ سها في حنايا عنـقه عندما استسلمت للنوم وذهبت في سبات عميق

بعد فترة من نومها وهو مازال يجلس محتـضتنها.. أستمع لطرقات الباب… نظر في ساعته… كانت قاربت على الثالثة… استغرب قدوم الزائر بهذا الوقت… قاطع تفكيره زاهر

– صهيب برة على الباب… ميعرفش إن حازم ومليكة مش موجودين

الفصل التالي: اضغط هنا

يتبع.. (رواية تمرد عاشق) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.

أضف تعليق