رواية بين الحب والانتقام الفصل الثامن 8 – بقلم نور الهادي

رواية بين الحب والانتقام – الفصل الثامن

الفصل الثامن

الفصل الثامن

قال علي – اسمها إيه؟

ردت ميرفت بعد تردد:

– اسمها… سهير.

بصّ لها علي، ملامحه اتبدلت للحظة لما سمع الاسم، وبعدين سكت، كأنه بيربط خيوط في دماغه.

قالت ميرفت وهي تلاحظ نظرته:

– ده كان اسمها، وهي الأولى إنك تسألها بنفسك مش أنا… لأن حسن عمره ما كان بيطلع سر لحد، خصوصًا عن شغله، لا قبل ما يسيبه ولا بعد.

قال علي وهو يثبت نظره عليها:

– بتشتغل فين؟

هزّت ميرفت راسها وقالت:

– معرفش عنها كتير… بس على ما أظن شغالة في كباريه. حسن اتعرف عليها من هناك.

سكت علي، عيناه غارقتان في تفكير ثقيل، كأنه سمع حاجة كانت ناقصاه.

وفجأة دخلت بنت صغيرة وهي تقول بصوت طفولي:

– ماما!

قالت ميرفت وهي تحاول تخفي توترها:

– ادخلي نامي يا حبيبتي، كفاية لعب النهارده.

البنت نظرت لعلي وقالت بفضول:

– مين ده يا ماما؟

بصّ علي للبنت نظرة سريعة، وبصّ بعدها لميرفت اللي قالت

– أنا قلتلك كل حاجة، مفيش حاجة ممكن تفيدك أكتر من كده.

قال علي وهو يقوم:

– شكراً.

استغربت هي شكره، لكن ارتاحت إنه قرر يمشي.

وقفت مكانها تتابعه بعينيها وهو بيخرج، والبنت شدّت طرف فستانها وقالت:

– مين ده يا ماما؟

حضنتها ميرفت وقالت بنبرة هادئة فيها غصة:

– مش حد مهم يا حبيبتي.

ركب علي عربيته بسرعة، قلبه بيخبط في صدره من التفكير، فتح تليفونه وضغط على رقم معين، لكن مفيش رد. كرّر الاتصال مرة واثنين، وبرضه مفيش إجابة.

شدّ على الدركسيون وساق بأقصى سرعة، عينيه مركزة في الطريق بس ذهنه بعيد تمامًا، تايه ما بين غضب وقلق وأسئلة مش لاقي ليها إجابة.

على الجانب الآخر، كان رضوان في عربيته الفخمة، ماسك ظرف فيه صور بيبص عليها ببرود، وبعدين حطها جوه الظرف وقفله كويس.

وصل شاب راكب موتوسيكل، قرب من شباك العربية، فتح رضوان الإزاز ومد له الظرف وقال بصوت واطي فيه نبرة أمر:

– عارف هتعمل إيه؟

أومأ الشاب برأسه وقال:

– تمام يا بيه.

خد الظرف ومشي، والموتوسيكل صوته بيغيب في الزحمة.

بعد شوية، وصل الشاب قدام شركة بدران، نزل ودخل من البوابة.

أمين الأمن وقفه وقال:

– رايح لمين؟

رد الشاب بثقة:

– معايا طرد لبدران بيه.

قال الأمن وهو بيبص للظرف:

– وريني كده.

رد الشاب بسرعة:

– لا، ده طرد شخصي، مقفول ومينفعش يتفتح.

بصله الراجل شوية، وبعد تفكير قال:

– تمام، هاته، أنا هسلمه للبيه لما يوصل.

سلّمه الظرف ولف راجع ناحية الموتوسيكل، وقبل ما يركب، بص وراه ناحية عربية رضوان اللي كانت لسه واقفة في ظل الرصيف، بيتابع بعينيه كل خطوة.

انطلق الشاب بالموتوسيكل، وبعدها بلحظات وصلت عربية بدران قدام الشركة.

الأمن جري ناحيته باحترام وقال:

– بدران بيه، في طرد لحضرتك جه من شوية.

رفع بدران حاجبه باستغراب وبص للظرف اللي كان لسه في إيد الراجل، والهدوء اللي في وشه كان يخفي وراه عاصفة جايه.

قال بدران باستغراب:

– طرد إيه؟

أداله الأمن الظرف، أخده بدران وهو بيبص عليه باستفهام، ملاحظ ختم غريب على طرفه. ما اتكلمش، دخل الشركة بخطوات هادية ووصل لمكتبه، قفل الباب ووقف لحظة يتأمل الظرف، نظرة شك وترقب في عينيه.

في نفس الوقت، كان رضوان لسه في عربيته، ابتسم وهو بيشوف من بعيد الظرف داخل مع بدران وقال برضا:

– تمام… كده اللعبة ابتدت.

مد إيده للسواق وقال – امشي.

لكن فجأة، لمحت عينه عربية جاية من بعيد بسرعة كبيرة، قربت لدرجة إنه عرف صاحبها فورًا.

شدّ على السواق – اقف!

وقف السواق بالعربية، وعيون رضوان تابعت علي وهو بينزل من عربيته بسرعة، ملامحه مشدودة كأن في نار جواه.

رضوان همس بدهشة:

– علي؟ إيه اللي جايبه هنا دلوقتي؟

فضل يبص عليه وهو داخل الشركة بخطوات سريعة جدًا كأنه بيجري ورا حاجة مصيرية.

دخل علي المبنى، شافته السكرتيرة ووقفت بسرعة:

– أهلاً مستر علي.

قال بنبرة مستعجلة من غير حتى ما يبصلها:

– بدران فين؟

قالت باستغراب:

– بدران بيه لسه داخل مكتبه من دقايق.

ما استناش، اتحرك بخطوات سريعة ناحية مكتب بدران، فتح الباب على طول من غير ما يخبط.

كان بدران ماسك التليفون بيتكلم، ورفع عينه فجأة وهو شايف علي داخل كده بعصبية.

قال بدران بنبرة فيها استغراب:

– في إيه يا علي؟

رد علي، صوته منخفض لكنه مشحون:

– لا، كمل مكالمتك.

كمّل بدران مكالمته اللي كانت عن الشغل، بينما علي كان بيبص حوالين المكتب، عينه وقعت على ظرف واضح على الترابيزة. قرب منه وشاف إنه لسه مقفول، يعني بدران ما فتحهوش. مدّ إيده ناحية الظرف، بس في اللحظة دي بدران خلص المكالمة ولف ناحيته.

قال بدران وهو بيقلب في ورق:

– بعدين بقى في أم العقودات دي.

سأله علي – في حاجة؟

رد بدران وهو بيرفع نظره:

– شحنة كبيرة أوي اتأخرت في تسليمها لحد دلوقتي.

خد الظرف من على المكتب وقال:

– إيه ده؟ هو عندك؟

بدران :– تقصد الظرف ده؟

قال علي:

– أيوه، ده مبعوتلي.

رفع بدران حاجبه:

– إزاي؟ الرجالة قالولي إنه بتاعي بالاسم.

قال علي وهو بيحاول يوضح:

– أنا قولت للمندوب يوصله على شركة بدران، فهو افتكر إنه ليك.

أومأ بدران بتفهم وهو بيبص للظرف:

– فيه إيه الظرف ده؟

قال علي ببساطة:

– صور شخصية.

ابتسم بدران وقال – صور قديمة ولا إيه؟ خليني أشوف أخويا وهو صغير.

قال علي بسرعة وهو بيمنعه:

– مش صوري، دي صور واحدة كنت على علاقة بيها في أمريكا.

سكت بدران لحظة، وبصله على بنظرة قوية، ممدّ إيده وقال بنبرة جدية:

– اديني الظرف.

سلمه علي الظرف، فابتسم بدران وقال

– كنت عارف إنك مش سهل… ولا يمكن كل ده تعقد كده من غير جواز.

كان ناوي يلمسه وهو بيهزر، بس علي شد جسمه الورى بسرعة.

بدران قال– حوار اللمس عندك ده معقد يا علي… المتلازمة دي بتمنعني أقرب منك، نفسي والله أحضنك يا أخي.

قال علي بهدوء:

– قريب يا بدران.

رفع بدران نظره باستغراب:

– قريب إيه؟ هتتعالج؟

هزّ علي راسه وقال بنبرة ثابتة:

– ملهوش علاج… لكن ليه زوال.

اتعقدت ملامح بدران وهو مش فاهم قصده بالضبط، فابتسم علي ابتسامة خفيفة وقال:

– أسيبك تكمل شغلك.

خرج علي وسابه، وبدران بيتابعه بنظرة فيها صمت وتساؤل.

نزل علي من الشركة رايح لعربيته، ولسه بيفتح الباب، عربية كانت بتركن قريب منه. نزلت منها نادين بابتسامة:

– علي!

التفت وشافها، وقال بهدوء:

– إزيك يا نادين؟

ردت بلهجة كلها فرحة:

– بخير… لما شوفتك.

ابتسم، وهي سألته:

– رايح فين؟

قال علي:

– كنت جاي آخد حاجة وماشي، عندي شغل.

قالت نادين وهي بتقرب منه شوية:

– شغلك كتير أوي يا علي… لدرجة إني مش بلحق أشوفك.

سكت علي لحظة، وبص لها بابتسامة صغيرة من غير ما يرد. بعدها بص في ساعته وقال:

– أنا لازم أمشي.

قالت بسرعة:

– انت وراك حاجة؟

رد وهو بيركب العربية:

– قولتلك عندي شغل.

أومأت له نادين وقالت بابتسامة خفيفة:

– ماشي.

بص لها وقال قبل ما يقفل الباب:

– موريكيش حاجة بكرة؟ نتغدى سوا.

اتسعت ابتسامتها برقه وقالت بثقه

– موريش… اتفقنا.

ركب عربيته ومشي، ونادين فضلت واقفة مكانها، عينيها متعلقة بيه وهو بيبعد.

على الطريق، كان علي سايق بسرعة وهو شارد التفكير، وفجأة عربية قطعت عليه الطريق بعنف. ضغط على الفرامل بكل قوته قبل ما تحصل حادثة في آخر لحظة، واترج جسمه من الصدمة. رفع عينه ناحية العربية اللي وقفت قدامه وشاف رضوان نازل منها، ملامحه مليانة غضب.

نزل علي بسرعة وقال بعصبية:

– إيه اللي انت عاملته ده يا رضوان؟!

رد رضوان بصوت عالي:

– أنا اللي أسألك! إيه اللي انت هببته ده يا علي؟

تجمد علي مكانه وقال بنبرة حادة:

– عرفت منين؟

اقترب رضوان خطوة وقال وهو بيكتم غضبه:

– رد عليّ يا علي… الظرف فين؟! ليه خدته من بدران قبل ما يشوفه؟!

قال علي بهدوء متماسك:

– ده كان الحل.

صرخ رضوان:

– الحل لإيه؟! إنك تمنعه يشوف الصور اللي انت بنفسك حاطط ناس يراقبوها عشان يوصلوهالك، وفي الآخر تخفيها من إيده؟! خدته ليه يا علي؟ إزاي تعمل كده؟

نظر له علي بثبات وقال:

– أنا اللي خططت، وأنا اللي نفذت، وبإيدي سلمتك الظرف… ورجعته. خلاص، الموضوع انتهى.

قال رضوان بعصبية متزايدة:

– لأ، مخلصناش! ده مش اللي اتفقنا عليه!

قال علي ببرود:

– كل حاجة بعملها ليها سبب، ومنعت بدران يشوف الصور… لأن الوقت لسه مجاش.

قال رضوان بحدة:

– أمال إمتى؟

قال علي وهو بيولع سيجارة بهدوء غريب:

– لما آخد منها اللي أنا عايزه.

ضيق رضوان عينه وقال باستغراب:

– تاخد من مين؟

قال علي وهو بينفث دخان السيجارة:

– سهير.

تجمد رضوان مكانه، وقال بنبرة فيها صدمة:

– إيه علاقتك بسهير؟

بص له علي بنظرة غامضة وقال:

– طلعت طرف مهم… في قضيتي.

قال رضوان وهو بيحاول يفهم:

– مش فاهمني يا علي، إيه علاقة سهير بقضيتك أنت؟

قال علي بهدوء غامض:

– مش مهم تعرف دلوقتي، المهم إنها تفضل بخير… لحد ما آخد كل اللي يهمني.

بصله رضوان بصمت طويل، ملامحه متوترة، قبض إيده بقوة وهو بيحاول يسيطر على غضبه، بينما علي ركب عربيته ولف سريعا بالعربية وسابه واقف في نص الطريق، بيحاول يهدى نفسه.

في الناحية التانية، كانت وعد خارجه من المركز لعد اكا خلصت، شافتها ياسمين من بعيد وصرخت بحماس:

– وعااااد!

جريت عليها بسرعة، وحضنتها وهي بتضحك وقالت:

– كنتي فين كل ده؟ قلقتيني يا بنتي!

بصتلها وعد باستغراب وقالت:

– مغبتش كل ده، في إيه؟

قالت ياسمين بنبرة عتاب لطيفة:

– كنت قلقانة عليكي بسبب غيابك وسفرك كده فجأة من غير ما تقوليلي.

اتعجبت وعد وقالت:

– سفري؟!

قالت ياسمين:

– أيوه، بس المفروض كنتي تعرفينا حتى بدل ما عيلتك تقلق عليكي.

قالت وعد:

– جبتي الكلام ده منين؟

قالت ياسمين وهي تبتسم:

– من يوسف.

اتسعت عيون وعد وقالت بسرعة:

– يوسف؟ أخويا؟

قالت ياسمين:

– أيوه، هو اللي كلّمني.

قالت وعد بنبرة حذرة:

– كلمك ليه؟

ابتسمت ياسمين بخفة وقالت:

– عشان باين إن باباكي كان قلقان، فهو قاللي أقول إنك عندي عشان ميحصلش مشاكل. ولما سألته عليكي قال إنك مسافرة، فاطمنت. بس بعد كده بقى لازم تبلغي باباكي يا وعد، مش معقولة تغيبي كده فجأة. أنا نفسي اتفاجئت!

سكتت وعد لحظة وقالت وهي بتفكر:

– يعني يوسف هو اللي كلمك؟

ضحكت ياسمين وقالت وهي بتغمزها:

– شوفتِ؟ وانتي اللي كنتي مانعاه يكلمني!

قالت وعد وهي مبرقة شوية:

– لا، أنا مش مانعاه… بس منعًا للمشاكل.

قالت ياسمين بخفة دم:

– مشاكل إيه بس؟ ده لو ارتبطت بيه تبقي معقدة أوي! ده أنا وهو اتقابلنا وكان جنتل جدًا، وشكرني كمان.

بصتلها وعد وتنهدت وقالت بهدوء:

– يلا يا ياسمين عشان منتأخرش.

قالت ياسمين بثقة وهي بتعدل شعرها:

– على فكرة يا وعد، يوسف مش هيتجوز غيري.

ابتسمت وعد بخفة وقالت:

– مفهوم… ده لو فكر يتجوز أصلًا.

ضحكت ياسمين وقالت:

– لا، أنا هخليه هو اللي عايزني.

ردت وعد وهي بضحكة بسيطة:

– هتفرّحي ماما أوي كده.

رن تليفونها بصّت على المتصل، اتفاجئت إن اللي بيتصل هو علي.

ردّت بسرعة وقالت:

– ألو؟

جالها صوته الهادئ الواضح:

– تعالى الفيلا.

اتربكت وقالت:

– دلوقتي؟

قال علي بجدية:

– أيوه، انتي مش خلصتي كليتك؟

قالت وعد:

– آه، بس السواق بره، هيلاحظ.

قال علي بنبرة أمر خفيفة:

– قوليله أي حاجة يا وعد… هتلاقي عربية مستنياكي ورا سور المستشفى.

سكتت لحظة، فسمع صوته تاني وهو بيقول بهدوء:

– متتأخريش.

وقبل ما تلحق ترد، كان قافل المكالمة.

خدت نفسها بعمق، ودعت صحابها بابتسامة مصطنعة، وخرجت من الكلية. أول ما شافت عربية والدها والسواق، راحت ناحيته وقالت له:

– امشي، أنا خارجة مع صحابي شوية.

قال السواق بتردد:

– أوصّل حضرتك فين يا آنسة وعد؟

قالت بسرعة:

– لا، أنا مش عايزة حد يلف معايا. هطلب أوبر وأنا راجعة… أو أرجع معاهم.

أومأ السواق باحترام، وركب العربية ومشي. استنت شوية لحد ما تأكدت إن العربية اختفت من قدام المركز كله.

مشيت ناحية السور اللي قالها عليه علي، تبص حواليها، لقت عربيات كتير واقفة، مش عارفة أنهي واحدة يقصدها.

لكن شافت راجل واقف بعيد، أول ما شافها اتحرك ناحيتها، فتح باب عربية سودة فخمة، واقف مستنيها بهدوء.

قربت منه وعد بحذر وقالت بصوت واطي:

– علي بعتك؟

قال بهدوء وهو بيمد إيده ناحية العربية:

– اتفضّلي.

عرفت وعد إنه تبعه، فركبت من غير كلام. سكّر الباب وراها، وراح قعد مكان السواق، وبدأ يتحرك بالعربية بهدوء.

الطريق كله كان صامت، مافيش صوت غير صوت العربية، وعد ساكتة، والراجل سايق من غير ما يلف ولا كلمة.

لحد ما وصلوا عند الفيلا.

نزلت وعد، ودخلت على طول من غير ما تستنى.

البيت كان ساكن، مفيهوش ولا صوت، وكأن مفيش حد فيه.

راحت على المكتب… مفيش حد.

طلعت فوق ناحية الأوضة، فتحت الباب، لكن علي ماكانش هناك.

قالت وهي بتبص حوالينها بقلق:

– قالّي أجي له وهو اصلا مش موجود…

عيونها وقعت على شنط كتير متكومة جنب السرير.

قربت منها، بصت باستغراب، وبعد تردد فتحت واحدة منهم.

اتفاجئت إنها مليانة هدوم نسائية جديدة، ألوانها متنوعة وأنيقة.

رجّعت الغطا بسرعة بخجل، لكن فضولها خلاها تفتح شنطة تانية،

لقيت فساتين وملابس منزل من ماركات عالمية، شكلها غالي جدًا.

قبل ما تستوعب الموقف، سمعت صوت وراها بيقول بنبرة هادية:

– اتأخرت عليكي؟

لفّت بسرعة، لقت علي واقف وراها، ماسك الموبايل في إيده وبيبتسم ابتسامة خفيفة.

قالت بتوتر وهي بتشير على الشنط:

– إيه كل اللبس ده؟

قال علي ببساطة:

– قولتي إنك عايزة لبس لقعادك هنا.

قالت بدهشة:

– بس ده كتير جدًا! وبعدين… جبت كل الحاجات دي إزاي؟

قال علي وهو بيقرب منها بخطوات واثقة:

– واحدة من المحل اختارت الحاجات وبعتها هنا.

سكتت وعد لحظة، وبصت له بعيون فيها ارتباك،

قال علي وهو بيقرب أكتر وبيمسك إيدها برفق:

– مالِك؟

قالت بخجل:

– كنت متخيّلة إنك إنت اللي اخترت الحاجات بنفسك.

قالها بابتسامة جانبية:

– ما هو أنا اللي جايبها.

قالت بسرعة وهي بتحاول تخفي ارتباكها:

– الحاجات دي فيها تفاصيل زيادة… دي تدل على إن اللي اختارها عنده خبرة… كتير أوي.

ضحك علي بخفة، وعيونه بتلمع وهو بيقول:

– غيرانة؟

رفعت عينيها ليه، قلبها دق غصب عنها…

وسكتت.

لكنه كان شايف الإجابة في نظرتها من غير ما تنطق.

قالت وعد ووشها محمر، صوتها واطي ومتلخبط:

– مش بعد ما عرفت إن بنت من المحل هي اللي جابتهم خلاص… فأنت كده أمان.

بيقرب منها:– أمان أنا؟

أومات له وعد بخجل وقالت وهي بتبص في عينه:

– مش بشوف غيرك أمان… من زمان وانت كده.

سكتت لحظة، ثم همست:

– يمكن كنت بعيد… بس دايمًا قريب.

علي كان ساكت، بيبصلها بنظرة فيها حنان غريب.

مد إيده برفق، ولمس رقبتها ثم خده على وشها، وقال بهدوء:

– عايزك دايمًا تشوفيني كده.

ابتسمت بخجل، وبعدت خطوة بسيطة عنه،

قام هو ومد إيده ناحية السرير، مسك حقيبة صغيرة وادهالها.

بصت له باستغراب وقالت:

– إيه ده؟

قال علي وهو بيبصلها بنظرة عميقة:

– عايزك تلبسي ده النهارده.

فتحت الحقيبة ببطء، ولما شافت اللي جواها، وشها احمر أكتر،

لسانها عقد، وماقدرتش ترفع عينيها ناحيته.

ابتسم علي وهو شايف ارتباكها، قرب من ودنها وهمس بصوت دافي:

– ده اللي اخترته ليكي مخصوص.

لمس خدها بلطف، وباس رقبتها بخفة وقال:

– طاعة الزوج مهمة… متتأخريش.

ومشي بهدوء ناحية الحمّام،

ولما الباب اتقفل وراه، قدرت وعد تاخد نفسها أخيرًا.

بصّت على الحقيبة مرة تانية،

وبعينين مرتبكة تابعت القميص اللي كان جوّاه…

قميص اختاره هو ليها بنفسه.

خرج علي من الحمّام بعد شويه، وقف مكانه يتأملها.

كانت وعد واقفة في نص الأوضة، لابسة القميص الأسود اللي بيظهر أكتر ما بيخفي، بتحاول تقفل الروب وتشده لتحت عشان تغطي جمال ساقيها وبشرتها الناعمة.

قال علي – ده مش ترينج، هيتقطع في إيدك.

اتصدمت، ولفت بسرعة لما شافته واقف وراها، قالت بتوتر:

– أنا كنت…

قاطعها علي وهو بيقرب منها وبيبص لها من فوق لتحت:

– شكلك جميل قوي.

اتكسفت، وابتسامة صغيرة طلعت غصب عنها، فكل كلمة بيقولها كانت بتخلي قلبها يدق أسرع.

قال علي وهو بيلاحظ توترها:

– مالك متوترة ليه؟

قالت وعد بخجل:– مفيش.

رد علي بابتسامة جانبية:– التوتر ده مني؟

نفت بسرعة وقالت:– هيتصلوا عليّا، وأنا ما قولتش لحد غير السواق.

قرب منها وقال بهدوء:– وإنتِ هنا، مش عايزك تفكّري في حد غيري… اتفقنا؟

سكتت، لكن هزّت راسها بالموافقة.

سحبها علي ناحيته، فاتفاجئت.

مدّ إيده على ضهرها، وفي لحظة سحب التوكة من شعرها، فاتفرد شعرها الحرير حوالين وشها.

ارتبكت وعد وقالت بصوت واطي:

– علي…

قال بابتسامة وهو قريب منها جدًا:

– بحب اسمي لما بسمعه منك.

قرب أكتر، ومسك خصلة من شعرها يشمّها، صوته بقى أهدى وهو عند رقبتها:

– كل حاجة فيكي قادرة تخليني شخص تاني يا وعد.

قالت وعد بتردد:

– دي حاجة حلوة ولا وحشة؟

ضحك علي بخفة وقال:

– معرفش لحد دلوقتي… بس اللي متأكد منه إنك مأثرة فيّا أكتر من أي واحدة.

قالت وعد بخجل:

– عشان بتحبني؟

بصلها علي بهدوء، ولما قالت كده، أومأ إيجابًا وقال بابتسامة خفيفة:

– عشان بحبك.

ابتسمت وعد وهي تهمس:

– وأنا كمان.

قال علي بصوت منخفض:– اسمعها منك.

قربت منه، همست عند ودنه – بحبك قوي… بحبك أكتر من أي حد.

ابتسم علي، وعيونه ما سابتش عيونها، النظرة دي كانت كفيلة تخليه يغرق فيها أكتر.

ضمّها لصدره بقوة وقال وهو بيهمس قرب ودنها:

– إنتِ ملكي.

سحب حبل الروب بهدوء، وكتفيها ارتجفوا مع أنفاسه القريبة، قلبها كان بيدق بسرعة، حضنته أكتر، فضمها بين دراعيه ورفعها بخفة، وقال وهو بصوت دافئ مليان شغف:

– ملكي أنا يا وعد.

مالك بيوصل على فيلة بدران وبيركن عربيته دخل مكتب على وفتح الدرج قال

-حاطط الملف فين

فتح الدرج يدور الباب اتفتح عليه بص مالك لقاها بنت باين من لبسها إنها الخدامه بصيتله وقالت

-ا..انت مين

قال مالك- مساعد على

قالت – وبتعمل اى هنا

قال مالك-طلب منى ملف بجيبهوله يا…..

قالت- رنا اسمى رنا

اومأ لها بتفهم ورجع يدور لقاها لسا واقفه فقال – عايزه حاجه من هنا

قالت رنا- كنت بحسبك على بيه

قال مالك- ف حاجه

قالت رنا- مش عارفه اقول ولا لا بس الهانم كانت هنا بردة وبتدور ع حاجه

استغرب مالك قال- الهانم قصدك رانيا

اومات له ومشيت لحقها فورا قال-استنى

مسك ايدها منعها جه صوت وكان يوسف الى سمع صوت وراح يبص بس وقف لما ملقاش حد، كان مالك ماسك رنا وحاطط إيده على بقها وهى ساكته

مشي يوسف باستغراب بصيت رنا لمالك قالت

-ف اى

قال مالك- شوفتى رانيا خدت حاجه وهى خارجه

قالت رنا- لا معتقدش كانت خارجه ايدها فاضيه

اومأ لها وبعد عنها قال -بس لى قولتيلى

قالت رنا- معرفش بس وعد بتحب عمها وبتقول إنه طيب وبدل ما اقولها قولت اقول لأي حد تبعه لانى مش بحب المشاكل ولو طنط فاطمه عرفت بالكلام الى قولتهولك وانى حتى شوفت الهانم هتزعقلى جامد مش بعيد تمشينى

سكت مالك وهو باصصلها قال – انتى بتحبى وعد

قالت رنا- جدا يمكن هى أكتر حد هنا طيب وعاملنى كويس ولما تحب حد الحد ده هحبه انا كمان

قال مالك- اسمك رنا مش كده

اومات له ربت عليها قال – محدش هيعرف بنقاشنا متقلقيش بس احتمال اعوزك

قالت رنا- انا ليه؟!

قال مالك- بنقدر الخدمه وعلى مش بيفرط ف اتباعه

قالت رنا- انا معملتش حاجه

قال مالك- اشوفك بعدين

مشي وسابها وهي مش فاهمه اي حاجه

في الفيلا، على السرير، كان علي مستلقي ووعد في حضنه.

بصلها وهو بيتأمل ملامحها الهادية، مسح شعرها اللي نازل على وشها وقال بنغمة دافئة:

– عارف إنك مش نايمة.

اتكسفت وعد، غطّت نص وشها، فتحت عينيها تبصله بنظرة ناعمة وقالت بهمس:

– مش هتقوم؟

ضحك علي بخفة:– لا

قالت وعد وهي بتعدل نفسها وبتشد القميص عليها:– خليك، أنا هقوم.

رفع حاجبه وقال:– رايحة فين؟

قالت :– ماما أكيد رنّت عليا كذا مرة، وبابا كمان… لازم أروح، اتأخرت.

قبل ما تكمل، سحبها علي بقوة خفيفة، رجّعها لصدره وقال بصوت واطي وهو بيبصلها:

– تروحي فين؟

قالت وعد وهي بتحاول تبصله وتخفي ابتسامتها:

– البيت… عند بابا.

قال علي بهدوء حاسم:

– مفيش مرواح… هتِقعدي معايا النهارده.

اتسعت عيون وعد وقالت بتوتر:

– بس بابا… هقوله إيه؟

رد عليها بثقة:

– شوفي أي حجة يا وعد، المهم إنك مش هتمشي.

قالت وهي بتتنهد:

– كدبت عليه المرة اللي فاتت…

بصت له وأضافت بصوت منخفض:

– شكلي هكدب كتير بسببك يا علي.

قال علي بابتسامة خفيفة تخفي ضيقه:

– مضايقة إنك هتقعدي معايا؟

سكتت، وده خلاه يتغير، قام ببرود وهو يقول:

– تمام… هخلي السواق يوصلك.

مسكت إيده بسرعة وقالت بلهجة حزينة:

– لا… أنا عايزة أقعد معاك.

أنا بتضايق لما ببعد عنك، وفرحت لما جبتني هنا… يا ريتني أقدر أفضَل معاك على طول يا علي.

نظر ليها وقال بنغمة جادة:

– وعد، اتكلمنا عن الموضوع ده قبل كده.

هزّت راسها إيجابًا وقالت بإصرار هادي:

– عارفة… ومعنديش مانع.

ظروفك أياً كانت، أنا قابلتها.

ولو كدبة صغيرة هتخليني أقعد معاك وقت أكتر… هكدب.

ولو الكدبة هتخليني أكون معاك، مستعدة أعيش العمر كله أعمل كده… عشان نفضل سوا.

مد علي إيده، مسكها برفق وقربها منه، وباسها من شفايفها قبلة طويلة، قلبها دق بسرعة، وبادلته بخجل، ولما بعد عنها كان صوته مبحوح وضعيف:

– مش قادر أبعد عنك.

همست وعد:

– متبعدش.

قال علي وهو بيحاول يسيطر على نفسه:

– مش لصالحك… إنتِ اللي هتتأذي، واللي ياذيك… ياذيني أنا.

الكلمة دي خلتها تسكت، وقلبها يدق من قوتها.

لمس رقبتها بخفة، وبعدها بلحظة رن تليفونه.

رد بهدوء:

– كله تمام.

قفل المكالمة، بصلها وقال:– العشا جاهز.

قالت وعد – عشا؟

– أيوه… إنتِ مش جعانة؟

قالت وعد وهي تبتسم بخفة:

– جعانة الصراحة.

رد علي بابتسامة دافئة:

– طب البسي يلا.

ابتسمت بخجل، وأومأت له. وقبل ما يخرج التفت ناحيتها وسألها بنبرة جادة:

– انتي خدتي الحبوب اللي قولتلك عليها؟

أومأت إيجابًا وقالت بهدوء:

– أيوه، خدتها… متقلقش.

قال علي وهو بيشد نظره فيها:

– متنسيش تاخديها في ميعادها كل مرة، مفهوم؟

هزّت راسها بطاعة، ومشي علي بهدوء، وهي فضلت تبصله لحد ما اختفى عن عينها.

بعد شوية، نزلت وعد وهي لابسة فستان أسود ناعم بسيط، لأنها عارفة إن اللون ده أكتر حاجة بيحبها.

بصّت حواليها في الفيلا وما لقتوش، لكن من الشباك لمحت طيفه برا. خرجت بخطوات هادية، وشافت منظر غريب وجميل في نفس الوقت.

نار صغيرة مقيدة جوه خندق حجري أنيق، والجو حواليها هادي بطريقة تخلّي القلب يرتاح.

وكان في مرجيحة خشب متعلقة قُرب النار، وعلى واقف هناك ماسك قنينة في إيده، بيشرب منها بهدوء، ووشه مضي بنور اللهب.

لما شافها، شاورلها بابتسامة خفيفة.

قربت منه وقالت وهي بتتأمل المكان:

– المكان ده غريب… تصميم فيلتك عموماً كله مميز.

قال علي وهو بيتابع النار بنظره:

– أنا اللي اخترت يتعمل كده.

قالت وعد بدهشة:

– إيه ده؟

قال علي بنبرة هادية فيها شرود:

– شُفت حاجة شبهه في مطعم بأمريكا، وحبيت أعملها هنا… نوع من الاسترخاء.

ضحكت وعد بخفة وقالت وهي تبص للنار:

– مش من المرجيحة، أكيد بتتكلم عن النار.

بص لها علي وقال بابتسامة غامضة:

– بهدا وبعرف أفكر لما ببص فيها.

قالت وعد وهي تضحك بخفة:

– أنت غريب جداً يا علي.

مدّ علي إيده ليها، مسكتها وعد من غير تردد ومشيت معاه.

قعدوا سوا على المرجيحة العريضة اللي بتتحرك بخفة وسط نسيم الليل، وضمها بذراعه ناحيته لحد ما بقت متكئة على صدره.

ابتسمت وعد وهي حاسة براحة وسعادة أول مرة تعرف معناهم، المكان كله كان ليه طابع غريب… هدوء، نار، ودفء مش شبه أي حاجة عاشتها قبل كده.

قالت وعد بصوت خفيف وهي مغمضة عينيها:

– حبيت قبل كده؟

ابتسم علي من كتر أسئلتها، وقال بنغمة فيها هدوء وغموض:

– ليه بتسألي كده؟

قالت وعد بنبرة مرحة:

– قولّي، مش هزعل يعنى… خالتو نادين؟

علي بهدوء وقال:

– إسألي نفسك… أنا بسمح لحد يلمسني غيرك؟ نادين عندها الصلاحية اللي عندك؟

هز راسه وهو بيبص لها نظرة ثابتة:

– مستحيل.

بصّت له وعد باستغراب وقالت بفضول:

– يعني إنت عندك مشكلة مع لمس الناس؟ وسواس نظافة؟ ولا نوعه إيه بالظبط؟ واشمعنا أنا؟ ليه أنا الوحيدة اللي ينفع ألمسك؟

سكت علي لحظة، وهي افتكرت أخوها وأبوها لما كانوا دايمًا بيتكلموا عن حذره في التعامل.

قالت وعد وهي تبص لإيده:

– ليه أنا عندي الصلاحية دي؟

قال علي بجديه وهو يطالعها بعينه:

– لأن إيدك نضيفة.

بصّت له بعيون بريئة وقالت باستغراب وهي تبص على إيديها:

– نضيفة؟ قصدك بغسلها كتير؟

ابتسم علي وحاول يكتم ضحكته، فقالت وعد بنغمة متضايقة شوية:

– بتتريق عليا؟ أنا مش فاهماك بجد.

قال علي وهو يبص قدامه في النار:

– لما تكبري هتفهمي.

قالت وعد بابتسامة خفيفة وهي تبص له بطرف عينها:

– هكبر أكتر من كده يا ضرغامى؟

بصّ لها علي، واتسعت ابتسامته من نغمة دلعها،

سحبها ناحيته بهدوء، وحضنها بصمت

في الصبح بدري، وعد رجعت بيتها. كانت داخلة مبتسمة ولسه سامعة صوته فودانها. قابلت فاطمه عند باب الفيلا، اللي قالت بدهشة:

ـ انتي لسه راجعة دلوقتي؟

ردت وعد بسرعة:

ـ بس وطّي صوتك، في حد صاحي؟

ـ لا، بس سمعت يوسف بيه بيسأل عليكي.

ـ طب وبابا؟

ـ الصراحة مركزتش.

طلعت وعد أوضتها بهدوء، كأنها حرامية داخلة تخفي جريمتها. رغم إن ليلتها البارح كانت من أجمل لياليها، لكن أول ما بترجع هنا بتحس إنها في سجن كبير… سجن ذنبها اللي بيخنقها يوم بعد يوم.

كانت سهير راجعة البيت. فجأة عربية وقفت قدامها مرة واحدة، اتخضت وقالت بغضب:

ـ إنت…؟

قبل ما تكمل شتايمها، شافت راجل نازل من العربية بخطوات واثقة، شامخ وهيبته تلفت النظر.

قال بهدوء:

ـ سهير.

بصتله وقالت بتحدي:

ـ إنت تعرفني؟

ـ أعرفك… وأظن كمان إنك تعرفيني، بس الذكريات عندك يمكن مش واضحة.

ـ أنا مابنساش حد… اسمك إيه؟

ـ علي.

ضحكت بسخرية:

ـ أول مرة أسمع الاسم ده.

قرب منها خطوة، وقال ببرود:

ـ وقعتِ دي ف الكباريه.

بصت في إيده، لقت ساعة رجالي… ساعته يوسف اللي بتلبسها علشان تتواصل معاه. اتصدمت وسحبتها بسرعة من إيده:

ـ وقعتها إمتى دي؟

بصلها علي بنظرة ثابتة، فقالت بسرعة:

ـ شكراً… بس جيت ورايا بس عشان تديهالي.. معتقدش؟

ابتسم ابتسامة خفيفة، كأن عرف انها ذكيه كفايه انها تكون نفسها الى طانت عشيقة حسن، وقال بنبرة فيها غموض:

ـ هنتقابل تاني.

ـ نتقابل؟

ما ردش، بس طلع عربيته ومشي.

رجع علي الفيلا بتاعته، رجّالته واقفين صف جنب العربيات، أول ما شافوه وقفوا باستعداد.

واحد منهم سأل:

ـ النهارده يا باشا؟

قال علي ببرود:

ـ مش عايز غلطة واحدة.

سابهم ودخل الفيلا، والكل طلع بالعربيات وسابوا المكان فاضي تمامًا، كأنهم عارفين إن سيدهم مش محتاج حراسة.

دخل علي، ولع الولاعة، شعل سجارته… بس ساب الولاعة مولعة قدامه.

النور المنعكس منها لمس عينه، وكأن شرارة نار جواه فاضلة مولعة ومش راضية تطفي.

غمض عينه، وأسند ظهره بهدوء، في صمت مليان غضب مكتوم.

وعد كانت قاعدة في الفيلا، حاسة بإرهاق غريب، جسمها تقيل ومش قادرة تقوم. اتملت على السرير، وفجأة سمعت خبطة على الباب.

قالت بهدوء:ـ ادخل.

دخلت الخدامة وقالت:ـ أحضّر الفطار يا هانم؟

ـ انتو لسه ما عملتوش؟

ـ أنا طلعت أسألك، أصل محدش هيفطر.

ـ ليه؟

ـ رانيا هانم خارجة.

ـ طب فين يوسف وبابا وعل..عمى؟

ـ في الشغل يا هانم.

ـ يعني مفيش حد هنا غيري؟

ـ أيوه، أحضّرك الأكل دلوقتي؟

ـ لا، مش عايزة دلوقتي.

أشارتلها تخرج، وبعد ما الباب اتقفل، فضلت وعد ساكتة لحظات…

البيت ساكت، وهي لوحدها تمامًا.تنفست وقالت لنفسها

ـ مفيش مانع أخرجله.

لبست بسرعة، ومن غير ما تبعت له أو تستأذن، قررت تعملها مفاجأة وتستناه في الفيلا.

لبست بسرعة، ومن غير ما تبعت له أو تستأذن، قررت تعملها مفاجأة وتستناه في الفيلا.

لما وصلت هناك، استغربت إن الرجالة بتوعه مش موجودين، والجو غريب كأنه فاضي على غير العادة.دخلت بخطوات هادية، ولمحت من بعيد حد قاعد في الصالة….قربت شوية…وشافته.

علي كان نايم على الكرسي، ووشه باين عليه التعب، بس وسامته كانت أوضح من أي مرة شافته فيها.

وقفت تبصله، ابتسامة خفيفة ظهرت على شفايفها وهي تهمس لنفسها بإعجاب:

ـ قد إيه أنا محظوظة… إنه هو حبني أنا، دون عن كل البنات.

قعدت جنبه بهدوء، وهو ما حسش بيها، واضح فعلاً إنه نايم بعمق.

بصتله تاني… لقت ملامحه بدأت تتغير، حاجبه اتعقد، وعينه بتتحرك تحت جفنه كأنه بيشوف حلم مش مريح.

مدت إيدها بخوف خفيف ناحية إيده، همست:

ـ علي…

أضواء العربيات عالية جدًا، والصوت ملوش آخر…

صوت البوليس، الإسعاف، وصريخ الناس مالي المكان.

الأرض كلها دم، وبنت مرمية على الأسفلت، ملامحها مشوّهة، وعينيها مفتوحين وهي بتلفظ أنفاسها الأخيرة بين دراعين شاب ماسكها بقوة.

عينه كانت بتنطق بالذعر، مش شبهه خالص، كأنه مش الأسد اللي الكل بيخافه، كأنه طفل تايه وسط النار.

البنت بصّت له والدموع ماليه عينيها، همست بصوت مكسور:

ـ علي… اهرب.

مسكت إيده بكل ضعفها وقالت:

ـ كان نفسي أعيش معاك… اهرب يا علي… مجرمين.

سالت دمعة من عينيها، همست بعدها بهدوء:

ـ بحبك.

وبعدين سكتت للأبد.علي فضل ماسكها، وعينيه دمعتين نازلين على وشه الملطخ بالدم.

وعد بتبصله متعرفش بيشوف اى بس شافت دمعة نازلة من عينه، استغربت جدًا، مدت إيدها بخوف ولمسته:

ـ علي؟

فتح عينه فجأة، بعينين حمرا من البكاء، ومسِك إيدها بقوة.

قالت بدهشة:

ـ على ده انا… مالك؟

مردش، بس عينيه كانت بتصرخ.

قالت بخوف:

ـ انت كويس؟ شوفت كابوس؟

حط إيده على راسه وقال بصوت مخنوق:

ـ م… ماتت.

هي مفهمتش، بس قربت منه فورًا، حضنته زي أم بتطبطب على ابنها، وقالت بهدوء:

ـ كان كابوس يا علي… اهدى، خلاص.

ضمها أكتر، وشه في صدرها، وقال بصوت مبحوح:

ـ وعد…

ـ أنا معاك دايمًا.

سكت شوية، وبص في الفراغ كأنه بيكلم نفسه وقال:

ـ انتي هتكتبي نهايتي.

استغربت وعد، قلبها اتقبض من الجملة، بس ما سألتش، فضلت قريبة منه، حاسة إن حضنها هو الأمان الوحيد اللي ليه دلوقتي.

ولما هدي شوية، سابها بهدوء، قعدت جنبه وقالت بنعومة:

ـ كنت بحسبك مش هنا.

اتعدل علي ـ جيتي إزاي؟

ابتسمت وعد بخفة وقالت:

ـ مفيش كلية، ومفيش حد في البيت، قولت أجيلك… أصلي بحب أستغل الفرص.

سكت علي لحظة، بصّ لها بنظرة طويلة،

قالت هي بهدوء وهي تحاول تكسر الصمت:

ـ وانت ما رحتش الشركة ليه؟

قال علي بابتسامة صغيرة:

ـ كنت عارف إنك جايه… فقولت أستناكي.

دق قلبها، وابتسمت غصب عنها، وهي مش مصدقة قد إيه الكلمة دي بسيطة بس مؤثرة.

في الشركة، كان يوسف واقف مع بدران في المكتب الكبير.

قال بدران بثقة:

ـ الموسم ده هيشهد الشركة كمؤسسة كبيرة.

رد يوسف بحماس:

ـ عارف يا بابا، وأنا مهتم بالحدث بنفسي، مش هسيب تفصيلة.

قال بدران بابتسامة فخر:

ـ كنت بطمح من زمان إن الشركة دي تبقى من المؤسسات الرئيسية في البلد، والسنادي النتيجة هتظهر.

قال يوسف وهو بيبتسم:

ـ أقسم لك يا بابا، افتتاح الأسواق السنادي محدش هيكون أعلى منك فيه.

ضحك بدران بثقة وقال:

ـ هيحصل يا يوسف… هيحصل.

في الصباح،

كانت وعد واقفة قدام المراية، بتمشط شعرها بهدوء وابتسامة صغيرة مرسومة على وشها.

جه علي من وراها، سحبها بخفة من خصرها وضماها لصدره، وقال بصوت واطي:

ـ بتقومي من جنبي ليه؟

قالت وهي بتضحك بخجل، وقلبها بيدق بسرعة:

ـ عشان صحيت واتأكدت إنك كمان صحيت.

ضحك علي بخفّة، وقال وهو بيقربها أكتر:

ـ طب صحيتيني ليه وأنا نايم مرتاح كده؟

قالت وعد بهمس:

ـ يمكن عشان متعودش أبدأ يومي من غيرك.

دفن علي وشه في رقبتها، نفسها اتلخبط، ووشها احمر فجأة من التوتر.

قالت بخفوت:

ـ ع.. علي!

همهم علي وهو لسه قريب منها:

ـ نعم؟

قالت وهي بتحاول تسيطر على صوتها:

ـ لازم أمشي… عشان متأخرش أكتر من كده.

لفها علي ناحيته وقال بهدوء:

ـ متوتريش لما تشوفيني، ده بيخلي الناس تحس إن في حاجة.

قالت وعد بتوتر صادق:

ـ مش بعرف أكون زيك.

قال علي بابتسامة جانبية:

ـ لازم تعرفي.

أومأت وعد بتفهم وقالت بنغمة هادئة:

ـ هحاول… طب مش جاي الفيلا؟ يعنى هتكون معايا ولا لأ؟

قال علي وهو بيبصلها بعمق:

ـ أنا معاكي على طول… أنا ظلك يا وعد.

ابتسمت بخفة، وقربت منه بجرأة غير معتادة، وباسته على خده بهدوء.

قلب علي دق بسرعة، اللعنة… هي فعلاً بتقدر تضعفه كل مرة.

ابتسمت له بخجل وهي بتبعد، ودعته ومشيت، وهو لسه عينيه بتتبعها لحد ما اختفت عن نظره.

في أوضته، كان بدران راجع لسه من الشغل، قاعد مع رانيا وبيتكلم بنبرة فيها قلق واضح:

ـ وعد فين؟ ملقيتهاش في أوضتها.

قالت رانيا وهي بتحاول تبان هادية:

ـ معرفش، هي قالت للسواق إنها خارجة مع صحابها.

قال بدران بحدة خفيفة:

ـ تاني؟

ردت رانيا بحذر:

ـ معرفش… بقت تخرج كتير، ده غير صحبتها اللي كل شوية تبات عندها.

قال بدران وهو بيحاول يفتكر:

ـ اسمها إيه؟

قالت رانيا:

ـ مبسألهاش كتير عشان متضايقش مني ولا تحس إني مش واثقة فيها، بس أظن إنها يا عند ياسمين يا عند نيلي.

سكت بدران وهو حاسس بضيق من تصرفات بنته وغيابها المستمر في الفترة الأخيرة.

بصّت له رانيا بفضول وقالت:

ـ هو في حاجة؟

ما ردش، قام من مكانه ونزل.

ولما نزل تحت، قابل وعد وهي داخلة من باب الفيلا.

قال بنبرة هادئة لكنها فيها حدة خفيفة:

ـ كنتي فين؟

اتخضّت وعد لما سمعت صوته، خصوصًا إنها كانت مرهقة جدًا.

اتعدلت بسرعة وقالت بابتسامة متوترة:

ـ بابا…

قال بدران وهو بيلاحظ ارتباكها:

ـ مالك؟ اتخضّيتي ليه؟

قالت وعد بسرعة:

ـ لا، مفيش حاجة… بس استغربت إنك هنا.

قال بدران:

ـ أول مرة أرجع بدري عنك… ولا انتي اللي بقيتي تتأخري؟

قالت وعد وهي بتحاول تبرر:

ـ لسه الساعة 11 يا بابا، كنت مع صحابي.

قال بدران بصرامة هادية:

ـ كل يوم؟

قالت وعد وهي بتحاول تمسك أعصابها:

ـ بفضل أقعد معاهم يا بابا، لو عندك اعتراض عرفني… مش شايفة إني بغلط لما أخرج، خصوصًا وأنا مش مقصّرة في مذاكرتي.

قال بدران وهو بيبصلها بنظرة فيها معنى أعمق من الكلام:

ـ انتي عارفة الغلط من الصح يا وعد فمش هعرفك

سكتت وعد عند الجملة دي، حسّت إنها وقعت في فخ الصراحة اللي مش قادرة تقولها.

قالت بهدوء وهي بتحاول تهرب من الموقف:

ـ عن إذنك، هطلع أوضتي.

مشيت من قدّامه، مش عارفة دي الكذبة الكام في سلسلة أكاذيبها اللي بقت تقلّها كل يوم أكتر.

كذبت على الكل… حتى على نفسها.

بس الكذبة دي كانت جميلة، زيها.

كذبة بتحاول تحفظ بيها سرها، وتحمي بيها حبها…

كانت نايمة ف أوضتها، بتحاول تنام ومش قادرة. مش عارفة ليه اليومين دول حاسة بضيق وخنقة غريبة.

قامت فتحت موبايلها، كانت عايزة تكلم علي، بس أول ما بصّت على الساعة لقت الوقت متأخر. قالت في سرّها: “أكيد نايم… نومه خفيف بلاش اصحيه.”

قامت خرجت من الأوضة بهدوء

وهي ماشية ف الممر قابلت يوسف أخوها.

يوسف: “لسا منمتيش يا وعد؟”

وعد بابتسامة خفيفة: ” إنت لسا راجع من بره؟”

يوسف: “أه، لسه… مالك؟ شكلك تعبانة.”

وعد : “قلق من النوم؟”

بعدت ونزلت تحت المطبخ خدت إزازه تشرب وهى بتقفل التلاجه شافت أخوها فى وشها اتخضت منه قالت

-يوسف خضيتنى

قال يةسف- لى انتى بتعملى حاجه غلط

استغربت وعد من نبرته قالت- بشرب انت عايز تشرب

ابتسم يوسف قال- وعدد… مش عايزه تقوليلى حاجه

قالت وعد- حاجة اى

بصلها يوسف بجديه وقال – كنتى فين وبايته عن مين لما خرجتى من هنا

قالت وعد بتوتر- منا قولتلك احنا هنعيد الكلام

لسا هتمشي مسكها يوسف قال – وووعد

بصتله وعد وهو قال – عارف انك مكنتيش عند صحبتك

قرب منها قال- تحبى اقولك انا ولا تقوليلى انتى

سكتت وهى بصاله بتوتر قرب يوسف منها قال- قولتى إنك كنتى عند نيلى ونا بدورى دورت كنت عايز اعرف نيلى الى قعدت عندها ٣ل٤اريام..اتفجأت ان نسلى اصلا مسافره يعنى مش ف بيتها..البيت فاضى مفيهوش غير الخدم..الخدم يا وعد

ارتبكت وعد قليلا لكن تملكت نفسها قالت- انت دورت ورايا يا يوسف رايح تسأل صحبتى أما كنت عندها أو لا

قال يةسف- ما مقولتش كده

وعد قالت- يكفى لنك بتكدبنى وروحت اتاكدت انى كدابه..بس نيلى مسافره يوم رجوعى بظبط وممكن تروح تتأكد من معاد السياره لأنى رجعت بسبب كده وهي انى عملت سفرتها فخدت بعض ورجعت ع البيت و

وكنت هعقد ف أوتيل بس لقيت بابا عرف الحقيقه وكرامتى رجعت فنبقاش ليه داعى ابات برا البيت…. وده كل حاجه يا يوسف

سكت يوسف وهو باصصلها قالت وعد- روح اتأكد منها بردو

لسا هتمشي مسكها ايدها قال – وعد نا مش بشك فيكى

وعد- دايما بتفشو ورايا كنت أتوقع كده من بابا مش منك

يةسف- انا سالت لأنى كنت خليف عليكى

– من ايييه

يوسف: “مش عارف، شكلك غريب اليومين دول.”

وعد وهي بتحاول تخبي قلقها: ” إرهاق… من المذاكرة يعنى، هيكون ف إيه غير كده.”

يوسف: “إرهاق ولا حاجة تانية؟ أصل دى مش أول مرة ألاحظك كده.”

سكتت وعد وبصت له باستغراب.

يوسف مد إيده ولمس كفها وقال بهدوء: “فيه حد مزعلك… ولا بتحبي؟”

اتكسفت وعد جدًا وقالت بسرعة: “أكيد لا! أنا… أنا بس مشغولة شوية.”

يوسف ضحك بخفة وقال: “بصي يا وعد، مفيش بنت ف سنك متحبش، بس خدي بالك. الرجالة كلهم تعبانين، ليهم غرض واحد… أنا وانتي عارفينه.”

وعد اتوترت وقالت: “انت بتقول إيه يا يوسف؟!”

يوسف: “بقولك اللى أعرفه… عشان أنا واحد منهم.”

بصّت له وعد بصدمة وقالت بخفوت: “يعني إنت كمان تعبان؟”

يوسف سكت، نظره راح بعيد كأنه رجع لماضي وجواه حاجة وجعاه.

بعد لحظة ساب إيدها وقال بهدوء: “بس لو فعلاً بتحبي… عرفيني عليه. لو هو كويس، هخلي بابا يروحله ويتكلم معاه.”

قالت وعد:

“مفيش حد أصلًا يا يوسف، إنت عملت من موضوع صغير حوار كبير. كل اللي فيا إرهاق… مش أكتر.”

بصلها يوسف شوية، عينيه فيها قلق وقال بهدوء:

“إنتِ أدرى يا وعد بس هستنى تقوليلى الحقيقه الى مخبياها.”

مد إيده ربت على خدها بابتسامة خفيفة وقال:

“يلا نامي.”

ابتسمت وعد ابتسامة خفيفة بتحاول تخفي اللي جواها وقالت:

“تصبح على خير.”

دخلت أوضتها وسابته، ولما بقت لوحدها، فضلت ساكتة.

كلام يوسف عن غدر الرجالة وغرضهم كان بيرن في ودانها.

حست ساعتها إنها فعلاً خسرت أعظم حاجة كانت ممكن تفضل ليها…

ليه حسّت إن النصيحة دي جات متأخرة؟

ليه وجعها الكلام كأنه طالع من قلبها هي مش منه؟

وليه النور اللي كان جواها بقى بيتألم من مجرد كلمة “غرض”؟

—–

سهير فى الكباريه واقفه فى البار بتشرب كاسها جه واحد من وراها زقها ولزق فيها اضايقت قالت

-يابن ال…

سكتت لما شافت سلا.ح عليها وإنها فهمت غلط بصيتله برعب قال بهدوء

-امشي

قالت سهير- انت مين

-لو فكرنى تعملى اى حركه غبيه هتكونى بتضحى بحياتك، امشي يلا

مشيت معاه وراجل كان بيخفى سلا.حه فى هدومه وهى ماشيه معاه بقلق قالت

-على فين

مردش عليها وهى فضلت ماشيه معاه بقلق لحد ما وصلت لاوضه وأول ما ،خلت الباب اتقفل عليها باحكام بصيت للاوضه كانت عارفاها كويس اوض حجر الكباريه الخاصه العائله للصوت وعازله عن الناس تماما

شافت حد قاعد بيدخن سيجارته قال- مخضوضه ليه اعقدى

قالت سهير- انت مين

– قولتلك هنتقابل تانى لحقتى تنسي

بصيتله بدهشه قالت- على

قال على- اعقدى

-لعقد اى وتطلع مين انت اصلا والراجل ده… ده معاه سلا.ح

قال على- اى خايفه؟!

بصيتله بضيق قالت- انت زعيم عصا.به ولا اى

قال على- لو خايفه على حياتك فأنا مش هأذيكى لأنى محتاجك

قالت سهير- محتاجين ف اى بقا

قال على- حسن

اتبظلت ملامحها لما سمعت الاسم ده قال على – كويس اوى إنك لسا منسيتهوش

قالت سهير- ح..حسن

قال على- مش جاى أسألك عن علاقتكم الخاصه هو ما.ت وانا كان ليا عنده حاجه سبها معاكى انتى

ارتبكت بعدين بصيتله وقالت- معرفش حد بلاسم ده انت ملغبط بينى وبين حد

لسا بتلف سمعت صوت تعمير سلا.ح وإنها بيتوجه عليها ارتجفت ولفيت بجنب عينها لقته بكل برود بيصو..ب عليها قال

– افتكرتيه ولا لسا

ارتجفت وقالت- قولتلك معرفش حد بلاسم ده صدقنى

قال على وهو يبتسم- انا هنا عشان افكرك يا سهير بحسن نفسه كنتى ع علاقه بيه سريه

رفع عينه ليها واردف – حسن إلى قت.لتيه

اتصدمت وسار فى جسدها رعب من الى سمعاه، قرب على منها قال

– مثلى على حد غيرى لكن انا لا

سهير برجفه- ا..انت مين بظبط

قال على- هتعرفى بس مش دلوقتى

نزل مسد.سه قال – عايزك تجاوبيني ع حاجات تهمني لو تهمك روحك وعايزه تخرجى سليمه من هنا

سكتت بس حركت راسها بايمائه وهو بعد مسد.سه عنها قال

-اعقدى

قعدت بخوف قالت- انت الى كنت بتراقبنى

قال على- المراقبه حاجه والى انا عايزه حاجه تانيه

قالت سهير-يعنى اى

قال على- قت.لتيه ليه

قالة سهير وهى بتقوم- نا مقتلتش حد ا.

ضغط على كتفها وقعدها تانى وقال- قت،لتيه ليه…. بلاش الانفعال ده بيفضحك اكتر ثم انا مش هبلغ عنك لا القانون يفرقلى ولا انتى تفرقيلى

قالت سهير- أمال اى الى يفرقلك

قال على- قضيه عايش عشانها وانتى دخلتها ولو مفتدنيش هتعلنى عدوتك معايا… عايز اعرف منك عن حسن

قالت سهير- نا كنت بعمل كل حاجه بيقولهالى

قال على- مين

قالت سهير- يوسف حبيبى..أنا أعرفه من قبل ما أعرف حسن

قال على- يوسف بدران

سكتت سهير لأنه عارف اسمه قال على- كملى

قالت سهير- تعرف يوسف

قال على – بقولك كملى

قالت سهير- يوسف قالى إنه عايزنى بخدمه وهو ان ف ظابط عامل قلق فى حياته وعايز يعرف حجم تهديده عليه قد اى وان أنا دورى اوقعه واشوف الى يعرفه والى لسا مدكنه فى دماغه

قال على- يعرف اى بظبط

اترددت سهير ضغط على على كتفها بش.ر قال – اتكلمى

قالت سهير -الموضوع مكنش سهل بس انا خليت حسن يأمنلى لدرجه ان قال حاجات عمره مقالها وأعتقد أن ده كلفه حياته

قال على- ازاى

قالت سهير- حسن كان خمورجى وبتاع نسوان انا اعرف الرجاله من نوع ده كويس اعرف الرجاله أكتر حاجه ف الدنيا دى، حاولت أقرب من حسن وهو عرف انى ستارز فى الكباريه فحب الموضوع لما عرف انى مش اى واحده.. الراجل يحب يكون ف ايده الست الى عين كل الرجاله عليها.. يحس انه مميز لان الراجل طبيعته نرجسي ودى حقيقة شخصيتكم…. وده اللي أنا اشتغلت عليه مع حسن

رفعت عينها لعلى وقالت- اديته كل حاجه وخليته يدمنى أكتر من إزازة الخمره الى كانت ملازمه إيده لحد ما فتح بير أسراره الى قاسم يموت بيه… خليته يسكر جامد لدرجه ميعرفش هو بيقول اى وسألته عن شغله الى مش بيتكلم عنه وبيهرب من اى موضوع متعلق بيه

———

كانت سهير قاعده جنب حسن إلى نايم غرقان فى سكره

قالت سهير- ليه سبت وظيفتك

قال حسن- كنت مضطر

سهير- مضطر ليه

قال حسن- مستلزمات حياتى

سهير- انت هتضحك عليا حياة اى وانت قاعد هنا معايا حتى عيلتك مش بتسأل عليهم

قال حسن- عايزه تقولى اى

صبيتله كأس قالت- انت كنت ظابط ورتبه عاليه فجأه اتنازلت عن كل ده بعد حياتك الى ضيعتها ف القانون

ضحك حين ضحكه كبيره قال- قانون… أنا اشتغلت١٠سنين ومشوفتش قانون

سهير- سيبت شغلك ليه يا حسن

قال حسن – مكانى اتنفى من هناك ثم انا هعوز اشتغل ليه وأنا معايا ملايين تعيشني لحد ما اموت

قالت سهير- جبتهم منين

حسن- ها..من التأمين

سهير- من إمتى بتكون تأمينات بالمبالغ دى

قربت منه ومسحت ايدها على صدره قالت بهزار – انت كنت مرتشي ولا اى

قال حسن بضحك- كان زمانى ف وظيفتى بردو

سهير- أمال مشيت يا ليه

حسن- قالو اختفى من القانون من بعد القضيه

سهير- مين الى قالك و قضية اى

حسن- قضية كبيره كبيره اوى اتسترت عليها ودفنت الحق مع المظلوم.. صدقينى مفيش حاجه اسمها قانون فى حاجه اسمها فلوس وسلطه… وانا اخترت الفلوس

سهير-عملت اى احكى

حسن- الموضوع كبير اوى الحلفات وقتها كان بحياتى بس مقدرش اقول انى نسيت بالعكس ف سلاح قوة كبير ف ايدى سلا..ح يدمر ناس تقيله من اتتقل ناس ف البلد.. ف ايدى قوه عظمى

سهير- ازاى وانت بتقول إنك دفنته

– عامل لكل حاجه حساب وحافظ ملف القضيه.. الملف إلى خيبته واستسترت عليه الحقايق المندوب كلها ف ايدى انا..ملف واحد بس يتفتح وتنفتح أبواب ما يعلم ببتا الا إلى خلقك وخلقني

سهير- الملف ده فين

-عايزه تعرفى

اومات له قرب منها بكل توجس وقال- ف مكان ميعرفوش حد غيرى

———-☆

قال على بانفعال- الملف ده فين

سهير- معرف..

مسكها جامد من رقبتها وزقها جامد ف الحيطه وهو بيضغط على عنقها قال

-الملف فييين انطقققى، فكرك حياتك هتكون أغلى من الملف عندى

سهير- صدقنى معرفش مكانه مععرفش من ساعة ما اختفى

على- قصدك اى

قالت سهير- حسن قالى ع مكانه ولما كنت هروح اشوفه ملقيتهوش سألت يوسف يكون خده لأنى كنت بسمعه كلامنا كله هو قالى إنه اهتم بالملف ورجع لصاحبه بس هو مش معاه

قال على- يعنى اى مش معاكى ولا مع يوسف ازاى

سهير- معرفش بس يوسف صا،ق هو مش بيكدب لو فعلا معاه هيقول لأنه مش بيهمه حد ومش مضطر يكدب عليا

خفف على ايده من عليها وهى خدت نفسها فورا وبتكح، قال على

– قت.لتى حسن لى

-مش انا مش انا

-أمال مين

سكتت وعيونها دمعت قرب منها قال- انتى الى ق..تلتيه ولا يوسف

سهير- يوسف ادانى ازازة خمره ادهاله وإنها جايه من برا وهو كان بيحب الخمره زى مشروبه المفضل..مكنتش اعرف ان فيها سم

على- سم؟!

اومات له قالت- كان بيشربها معايا ولما مشي مفعول الس.م اشتغل وعمل حادثه بالعربيه سرعت موته بالعربيه قبل السم

قال على- كنتي عارفه ان الإزازه فيها حاجه

سهير- اه يوسف حذرنى اشرب منها وعملت بتحذيره ولما ما..ت حسن بقيت ف خوف يمكن عملت حاجات كتير غلط بس مأجرمتش لدرجه القت،ل

على- شايفك مش خايفه يا سهير غير ع روحك

سهير- يوسف معايا وهو قالى ان الموضوع انتهى واسمى مستحيل يتجاب

على- صدقتيه

شهير- اصدقه أكتر من نفسي انا ف امان

على- تفتكرى إنك ف امان فعلا بعد اما دخلك ف قضيه كبيره زى دى لمصلحته الشخصيه… بعد موقفك الحالى ندمانه ولا لو طلب منك حاجه هتعمليها

سعير- هعيد إلى طلبه منى يكفى إنه يعتمد عليا ويكون معايا

على- وحسن

سهير- كان مجرد هدف زي اى راجل بسعاله

قال على- مش غريبه حبيبك يرميك ع راجل وعلا.قه وانتى معاه لاحل غرضه الشخصى

سكتت قرب منها قال- أما ان شغلنتك لا زالت مأثره عليه أو أنه عارف يستغلك صح

سهير- ولو بيستغلنى معنديش مانع

بصتله ف عينه وهو فضل باصص لها بعدين قال- الكلام حلو لكن الحقيقه واحده

سهير- عايز تقول اى

على- اثبتى ع كلامك لهل يتغير بكره

رجع مسد.سه لبنطاله ومشي وقفته سهير قالت- مقولتش انت مين

زقها بعيد عنه قال- اياكى تلمسينى

خافت جدا من نبرته وصوته بل عيونه إلى اتحولت

سهير- ا

على- اتكبلك وقت اضافى لعمرك يا سهير..مبروك

خرج وسابها وهى استغربت منه بس خافت من كلامه ومكنتش مصدقه انها لسا عايشه

خرجت فورا تلحقه بس ملقيتهنش وقفت الجرسون قالت

-راح فين إلى اسمه علي ده

-على مين

زقته بضيق ومشيت على برا مكنش ف حد ولا حتى عربيات تاخد رقمها كأنه اختفى

——-

في يوم وعد فى الكليه وعد كانت فى نص المحاضره تعبانه بصتلها ياسمين قالت

-ركزى الدكتور بصلك كتير

قالت وعد- مش عارفه مالى

قامت وعد وقفت قال الدكتور – ف حاجه يا وعد

قالت وعد- عن اذنك يا دكتور بس انا تعبانه تسمحلى بس اقف بره شويه

سكت لان الدكتور يعرفها وعارف اجتهادها فوافق باجترام وخرجت وعد

قررت تقعد شوية على دكة قدام الكلية.فتحت شنطتها تشرب ميه، وفي نفس اللحظة موبايلها رن — “علي”.

بصّت على الرقم، ولسه هترد… لقت حد بيقعد جنبها بهدوء.

رفعت عينيها بسرعة، واتفاجئت.

كان “حازم”.

بصلها بابتسامة بسيطة وقال:

“إزيك يا وعد؟”

فضلت باصة له لحظة، قلبها اتشد وافتكرت وجع قديم.

قالت بخفوت:

“الحمد لله… كويسة، وإنت؟”

قال حازم وهو بيحاول يخفف التوتر:

“أنا كويس، شوفتك وإنتِ خارجة من المعمل، قولت أسلم.”

قالت وعد بهدوء:

“آه… كنت مرهقة شوية.”

بصلها حازم مطول، نظرته فيها حاجة غريبة خلتها تتوتر.

قال بهدوء:

“عارف إنك مستغربة من كلامي… بسبب الارتباط اللي كان بينا.”

رفعت وعد عينيها وقالت:

“بس مكنش في ارتباط أصلًا.”

ابتسم حازم وقال بثقة:

“كان هيكون فيه.”

ردّت وعد بحسم:

“كل حاجة قِسمة ونصيب… وبعدين، أنت نفسك مش كنت مقتنع بجواز الصالونات. أعتقد إنك كنت مجبر زَيّي.”

هزّ راسه وقال بابتسامة خفيفة:

“لأ، مكنتش مجبر.”

قالت وعد باستغراب:

“يعني كنت موافق؟”

ابتسم وقال بهدوء:

“مفيش حد بيخلّيني أعمل حاجة غصب عني… حتى لو كانوا أهلي.”

بصّت له وعد بتساؤل وقالت:

“أنت مش مرتبط؟ الجامعة كلها بتقول إنك أنت ودكتورة نهال في علاقة… وبتيجي عشانها.”

ضحك حازم وقال:

“نهال صاحبتي… وفي بينا بيزنس.”

اومات وعد بتفهم، ولسه بتفكر في كلامه، رنّ موبايلها تاني.

بصّت على الشاشة… “علي”.

قامت بسرعة تمشي، لكن قبل ما تتحرك، حسّت بإيده تمسكها.

بصّتله باستغراب وقالت بحدة:

“في إيه؟!”

بصّ لها حازم وقال بنبرة فيها رجاء:

“رايحة فين؟ اقعدي، نتكلم شوية… ممكن نروح كافيه أو مطعم.”

قالت وعد ببرود:

“ليه؟”

ردّ حازم بهدوء:

“عايز أتكلم معاكي… بس كده.”

بصّت له وعد لحظة، حيرانة بين تردّدها وكلامه، وفجأة صوت قوي جه من وراهم:

“وااااعد!”

اتلفتت بخضة، واتجمدت مكانها لما شافت علي واقف مش بعيد، عيونه مولعة غضب.

بعدت فورًا عن حازم، والصدمة باينة على وشها.

بصلها حازم، وبعدين بص لعلي باستغراب.

مشيّت وعد بسرعة، لكن حازم وقفها وقال باستغراب:

“مين ده؟”

مردّتش، كملت تمشي لحد ما وصلت لعلي اللي مسك إيدها بقوة.

بصّت له بتوتر وقالت:

“علي…”

ردّ بصوت خافت لكن مرعب:

“اركبي.”

دخلها العربية وقفل الباب بقوة، وانطلق بسرعة جنونية.

وعد كانت تبصله بخوف وقالت بصوت مرتجف:

“علي… في إيه؟”

ردّ وهو ماسك الدركسيون بقوة:

“هتعرفي في إيه لما نوصل!”

داس بنزين أكتر، وصوت العربية كان بيشق الهوا.

قلبها كان هيتخلع من مكانه، أول مرة تشوفه بالشكل ده.

وصلوا الفيلا، وفتح الباب بعصبية.

مسك إيدها بقسوة وقالت بألم:

“آه… علي، إيدي!”

ماسمعش، وكأنه مش شايفها، ولا سامع أنينها.

الرجالة اللي في الفيلا وقفين مكانهم، محدش فيهم بيتحرك، وكأنهم تماثيل.

كانت حاسة إنهم لو شافوه بيقت.لها مش هيتدخلوا، بالعكس، هيغطّوا على كل حاجة.

دخلها الأوضة وقفل الباب وراه بعنف.

بصّ لها بعينين مليانة غضب وقال بصوت غليظ:

“إيه اللي وقفك معاه؟! بتخليه كمان يمسك إيدك؟!”

قالت وعد بسرعة وهي بتحاول تهدي:

“أنت فاهم غلط يا علي… أنا كنت بتكلم معاه عادي!”

قرب منها خطوة بخطوة، وصوته نزل أهدى لكن أخطر:

“كم مرة قلتلك؟ كم مرة حذرتك؟!

قلتلك إنتي ليّ أنا… بس ليّ!”

اتراجعت وعد بخوف وقالت بصوتها المرتعش:

“ابعد يا علي… بالله عليك.”

وقف قريب منها جدًا، وقال بنبرة مبحوحة من الألم والغضب:

“أنا مش قادر أتحكم في نفسي لما بشوفك مع غيري…

فاهمة يعني إيه غيرتي؟ فاهمة يعني إيه تبقي كلّي؟”

كانت بتبصله بخوف، ودموعها على خدها، مش عارفة هو هيعمل إيه بعد كده.

أما هو فوقف ساكت لحظة، وبعدين بص بعيد، خبط بإيده في الدولاب بقوة وقال بصوت مهزوم:

“أنا حذرتك يا وعد… حذرتك.”

اقترب منها بعنف كأنه فقد السيطرة على نفسه، كانت عيناه مضطربتين، مشاعر غريبة ما بين الغضب والجنون.

مدّ يده ناحيتها بعصبية، فانتفضت وعد في مكانها، صوته كان حادًا، ونَفَسه متقطع.

“علي… إبعد!”

لكنّه كان غارق في لحظة فقد فيها وعيه بنفسه.

لحد ما سمع صوت شهقة خافتة خرجت منها، شهقة ألم وخوف… شهقة كسرت كل شيء جواه.

وقف متصلب مكانه، كأنه فاق من كابوسه فجأة.

نظرت له بعينين دامعتين، وقالت بصوتها المرتعش:

“إياك تعمل كده فيا… متخلينيش أكرهك، مش عايزة أكرهك يا علي، بالله عليك.”

كلماتها دخلت قلبه كطعنة هادية.

سكت، وصدره بيعلو ويهبط بسرعة.

قالت وهي تبتعد عنه خطوة:

“إنت بتخوفني… أنا فعلاً خايفة منك، من اللى انت فيه دلوقتي.”

بصّ لها علي وهو بيحاول يسيطر على أنفاسه، صوته نزل خافت وهو بيقول:

“كنتِ بتعملي إيه معاه؟”

قالت وعد وهي بتحاول تهدي الموقف:

“ماكنتش معاه يا علي… كنت طالعة من الكلية، قابلته صدفة، والله ما كنت أعرف إنه هناك أصلاً.”

سكت لحظة، وبعدين قال بنبرة فيها وجع:

“حازم ده… نفسه اللي كان متقدملك؟”

اترددت، وبعدين قالت بخفوت:

“أيوه، بس مافيش بينا حاجة… مافيش.”

ضمّ علي إيده بقوة وكأنه بيكتم نار الغيرة جواه.

قرب منها بخطوة، لكن المرة دي عيونه كانت مختلفة، فيها وجع وندم مش غضب.

قالت وعد بخفوت وهي تبصله بعينين باكيات:

“صدقني، مافيش غير سوء تفاهم بسيط… أنا كنت همشي، بس شُفتك.

مافيش راجل باقعد معاه، ولا بكلمه… غيرك.”

سكت علي للحظة طويلة، والهواء بينهما كان تقيل لدرجة الخنقة.

قال علي: “وعد…”

بصت له، فمد يده وسحبها نحوه.

“الخيانة عندي موت.” قالها بحزم.

“خيانه أنا يا علي؟” قالت وعد بسرعة. “أنا محبتش غيرك.”

“أثبتيلي.” نظر لها بجدية، قربت منه، وبادلتها نظراته وابتسامته. حتى بعد أن ابتعد قليلاً لتلتقط نفسها، ظل يحدق في عينيها الصقريتين، ومد يده لمسك وجهها بعشق. قلبها دق بشدة.

قال علي بصوت خافت: “وحشتيني.”

قالت وعد بخجل وابتسامة: “وانت كمان.”

اقتربت منه، لكنه فجأة توقف، ثم أخرج من جيبه شيئًا وأعطاها إياه.

“مش هحذرك تاني… انسيهاش.” قال علي ببرود.

أومأت وعد وأخذت ما أعطاها، وشربت بعض الماء لتستعيد هدوءها. جلس بجانبها، مد يده لتزيح خصلة من شعرها خلف أذنها، واقترب منها مجددًا…

كانت وعد نائمة صامتة، وكأن تعب الأيام أو الحزن خيم على وجهها.

قامت ببطء وهي تشعر بالألم، فنظر لها علي وقال: “مالك؟”

“مفيش…” أجابت بصوت منخفض.

اقترب منها وقال: “حاسه بحاجة… منين الألم ده؟”

لمحت وعد نفسها مرهقة، فاقترب علي وحملها برفق على صدره. قالت وهي ترتاح: “خلاص يا علي.”

دخل بها الحمام، وشغّل المياه الدافئة، بينما ظل واقفًا بالقرب منها.

“خلاص نزليني…” قالت وعد بنبرة خافتة.

قال علي بابتسامة هادئة: “أنا آسف… عارف إن ضغطت عليكي، بس الغيرة كانت عمياء. وحتى ليكي… مش قادر أبعد عنك.”

وعد قالت بهدوء: “كويسه… متقلقش عليا.”

بصلها علي، وهو مدرك إنها صغيرة أمام قوته، فاعتذر لها صامتًا. كان على وشك الابتعاد، لكن وعد وقفته وقالت: “علي… أي نوع الحبوب اللي بتاخدها؟”

سكت علي لحظة، ثم قال: “اعتقد إنك عارفة يا دكتورة…” وبص لها بعينين جادتين: “منع حمل.”

ترددت وعد وقالت: “يعني… أنت مش عايز إننا…”

قاطعه علي: “الموضوع مش مرتبط بينا بشكل مباشر، أنا بعمل كده عشان علاقتنا.”

قالت وعد محتارة: “مش فاهمة…”

رد علي: “أنا قلتلك… ظروفي بتحكم عليا. لازم آخد احتياطات عشان علاقتنا والنتائج اللي ممكن تحصل.”

سألته وعد: “إيه ظروفك اللي بتمنعك… وتمنع حبنا؟”

ابتسم علي بنبرة غامضة: “هييجي يوم وهتفهمي.”

ومسح شعرها بلطف، ثم خرج، تاركًا وعد تفكر في كلماته.

في الليل، كان هناك مخزن كبير، واقف عنده حراسان. قال الأول: “أنا سامع صوت.”

رد الثاني: “صوت إيه؟ المنطقة بعيدة عن السكان.”

ظهر فجأة من بعيد صوت أكبر، يدل على اقتراب أحدهم.

فجأة، ظهرت سيارات متعددة ضخمة، فارتاع الحراسان لأنهما لم يكن لديهما أي إنذار بوصول أحد.

رفعوا أجهزة الاتصال وقالوا: “في ناس غريبة… تعالوا فورًا!”

كانت السيارات تتحرك بسرعة عالية، فرفع الحراس مسدساتهم وأطلقوا النار، لكنها اصطدمت بالعربيات وارتدت، مما أربكهم.

السيارة كانت ستدهسهم، لكنها توقفت في اللحظة الأخيرة، تاركة المكان مشحونًا بالخوف والتوتر.

ونزل من العربيات رجال ضخام وكثيرون، وقبل ما يلحقوا يضربوهم، أطلقوا النار عليهم ولوحوا بأسلحتهم، فسقط بعضهم أرضًا.

وصل حراس آخرون بعد البلاغ، وانصدموا من قوة هؤلاء الرجال الغرباء، ودخلوا في عراك عنيف معهم، ليسقط العديد منهم أرضًا بسبب كثرتهم وشدة قوتهم.

تخطت المجموعة جثث المصابين وفتحت باب المخزن العملاق بقوة، فظهر بداخل المخزن صناديق كبيرة معبأة وكأنها بضاعة ثمينة.

قال حد بينهم : “معاكم خمس دقايق تنقلوها للعربيات.”

انقضّ الرجال، وحملوا الكثير منها، بينما كانت الشاحنات الكبيرة في انتظارهم ليحملوا البضاعة فيها.

راقب واحد منهم الساعة باستمرار، حتى دقت، فرفع عينه ليتأكد أن جميع الرجال قد نقلوا البضاعة. ثم نظر إلى المخزن الفارغ وقال: “متسبوش فاضي… حطوا هدية الباشا زي ما قال.”

أومأ الرجال بطاعة، وركبوا العربيات معهم، بينما أغلق الباقون باب المخزن بقوة كما كان. ثم عادوا إلى عربياتهم المحملة وانطلقوا مبتعدين عن المكان بالكامل.

فجأة، توقفت عربية أمامهم، ونزل منها مالك واقف أمامهم

نزل الحد الى بينهم وقال بابتسامه “كنت عارف إنك بتراقب.”

سأله أحدهم بدهشة: “مالك… عملت إيه يا سيف؟”

قال سيف: “اتأكد بنفسك ولا غلطة.”

سكت، وشاهد العربيات والرجال يشاورون له إنهم تممو، فقال: “اركب أنت يلا… هما عارفين طريقهم.”

ابتسم سيف وقال للرجال: “باي يا رجالة.”

بصره بريبة، ذلك الشاب بدا ساذجًا أم مريبًا؟ ركب مع مالك، وكل واحد سلك طريقه لوحده.

قال سيف: “كده الباشا هيعتمد عليا أكتر.”

قال مالك: “هو معتمد عليك أصلاً؟ مكنش حاطك في مهمة زي دي.”

ابتسم سيف وقال: “وأنت معتمد عليا.”

قال مالك: “لا.”

—–

في الليل، كان الجميع في هدوء نائم، حتى جاء صوت رنين الهاتف.

قام بدران من نومه بضيق، على صوت الاتصالات التي ترد إليه.

استيقظت رانيا وسألته: “في إيه؟”

أعطاها تليفونه وقال: “هنشوف… أكيد كارثة.”

أخذ الهاتف، فوجئ يوسف بالاتصال، رد عليه: “إيه يا يوسف؟ إيه ده؟”

قال يوسف: “في مصيبة يبابا.”

قال بدران بقلق: “مصيبة إيه؟ اتكلم.”

قال يوسف: “شحنات الروس كلها… والبضاعة اختفت.”

صدم بدران، ووقف فجأة من مكانه.

نظرت إليه رانيا وقالت: “في إيه يا بدران؟”

أغلق تليفونه، وخرج بسرعة لتغيير ملابسه، وهي لا تفهم حجم الموضوع وكبره، لكنه كان واضحًا في تعامله مع الموقف

وصل بدران على المخزن فورًا، وشاهد وجود الشرطة، تفاجأ جدًا ورأى الحراس يتحققون معهم.

رأى ابنه واقفًا وسط كل هذا الارتباك والحيرة الكبيرة، فذهب إليه فورًا وقال: “يوسف!”

لف يوسف ناحية والده وقال: “بابا.”

نظر بدران حوله فرأى صناديق كثيرة شبيهة بالبضاعة المفقودة، وقال: “البضاعة زي ما هي.”

قال يوسف بدهشة: “دي مش البضاعة!”

استغرب بدران وفتح صندوقًا منها، ليجد بداخله دمى على شكل عرائس.

بص بدران بشدة إلى الدمى، وفتح علبة أخرى فوجد نفس الشيء.

رجع إلى الخلف بصدمه وبص إلى يوسف، فقال: “بابا… حد جه وخد البضاعة! إحنا اتعرضنا لأكبر عملية سرقة… دي مش أي بضاعة… تكلفتها مليار ونص.”

لم يرد بدران مباشرة، لكنه قال بعد لحظة: “مين حط العرائس دي؟”

قال يوسف: “اللي خد البضاعة استبدلها بيها… بس مش فاهم النقطة دي ليه و…”

بص يوسف لأبيه، فوجده ينظر إلي العرائس بنظرة كبيرة في عينه، شبه الفجع.

قال يوسف بقلق: “بابا…”

بدران ظل يحدق بالعرائس بصمت، فقال يوسف مرة أخرى: “بابا…”

فاق بدران ونظر إليه: “في إيه؟”

حينها جاء ظابط وقال: “حضرتك، أعرف إنك مضايق، بس هتلاقى اللي عمل كده في أسرع وقت.”

سأل بدران بغضب: “إزاي ده حصل؟”

قال الظابط: “الشرطة تلقت بلاغ من أحد الحراس، وقالوا إنهم اتعرضوا للضرب ولسه فايقين دلوقتي… وبنحقق مع الجميع.”

سكت بدران بغضب وقال: “اللي عمل كده مش أي حرامي.”

سأله الظابط: “حضرتك شاكك في حد؟”

مرد بدران ولم يرد، ومشى عند الصندوق، ونظر إلى العرائس التي كانت بداخله.

جاء يوسف وقال: “بابا… إحنا في مصيبة.”

رد بدران بجدية: “المصيبة اللي في دماغي مختلفة عن المصيبة اللي في دماغك يا يوسف.”

استغرب يوسف وقال: “يعني إيه؟”

قال بدران: “ملف اتفتح… الملف القديم يا يوسف.”

بص يوسف إليه، وعيناه امتلأت بالذهول والفزع.

قال بدران: “اللي حصل مش مجرد حركة عدو لينا في الشغل وبس… ده حركة تهديد.”

قال يوسف بقلق: “فهمني…”

قال بدران بصوت منخفض: “مني.”

في مكان آخر، كانت وعد جالسة مع رانيا، وكل واحد منهما صامت.

نظرت وعد إلى هاتفها وقالت: “بابا ما قالش لي حاجة.”

قالت رانيا: “الموضوع كبير عن الشركة… شكلها في حاجة.”

قالت وعد: “عمّي هناك؟”

قالت رانيا: “أكيد… بس الموضوع مش قليل، بدران خرج من الليل ولحد العصر مرجعش.”

سكتت وعد، ونظرت إلى الساعة بقلق، وقالت لنفسها: “لازم أروح.”

قالت رانيا بدهشة: “تروحي فين؟”

قالت وعد بحزم: “الشركة.”

في ملعب كبير ومهيأ، كان العملاء واقفين عند حدود الملعب بعيدًا، تحسبًا لأي طارئ.

جاء عامل ومعه كور بيسبول كثيرة، وضع واحدة على الأرض. على كان واقف، ماسك العصا، مرتديًا نظارته الشمسية وملابسه الرياضية التي كانت تبرز عضلاته، وبدأ يضرب الكرة بقوة مذهلة، مظهرًا مهارته في لعبته المفضلة.

ظهرت نادين، وشاهدته، فشدت ذراعيها وقالت بدهشة: “الكل بيجري في توتر من اللي حصل، وإنت قاعد هنا!”

أشار على لرجل ليضع الكرة وقال: “إيه اللي حصل؟”

قالت نادين: “محدش بلغك لأنه تليفونك بعيد عنك، وطبعًا في وقت فراغك… بس في مصيبة كبيرة.”

قال على: “اتكلمي.”

قالت نادين: “شحنة كبيرة جدًا، مخصصة لروسيا، اتسرقت، والحراس اتعرضوا لهجوم… ومعرفش يتصدلهم.”

ضرب على الكرة بقوة أكبر، ثم التفت إلى نادين وقال: “تعرفي معنى اللي حصل ده إيه؟”

قالت نادين: “إنت هادي… ولا أنا بتهيالي؟”

قال على بجدية: “اللي حصل حصل، بس ده يدل على إهمالنا… حد علم علينا كده.”

قالت نادين بدهشة: “إنت حتى متفاجئش؟”

رد على: “مش لازم أبينلك إني مصدوم.”

رجع للعبته، ثم قال: “وبدران فين دلوقتي؟”

قالت نادين: “مضايق جدًا ومتكلمش مع حد… حجم الكارثة كبير، ولازم نشوف هنعمل إيه.”

أومأ على بتفهم وقال: “الشحنة دي كانت شحنة الموسم… اللي هتدخل في حفل افتتاح الأسواق.”

استغربت نادين وقالت: “عرفت منين؟”

ابتسم على، ثم قالت نادين بخجل: “سوري… نسيت إنك رئيس الشركة بردو.”

سكت على وضرب الكرة، بينما نظرت له نادين قليلًا وهي تتأمله. ابتسمت وقالت: “إنت شخصية فريدة يا على.”

قال على: “وكذلك أنت، نادين… إنت مميزة بالنسبالي.”

اقتربت منه ووقفت جنبه وقالت: “منين الكلام ده؟”

بص لها على قليلاً، وعيونهما تلاقت وقال: “من حاجات كتير.”

تحولت نظرتها إلى عشق، ومدت يدها لتلمسه، لكن قبل أن تصل، جاء صوت مالك: “مستر على!”

التفت على، وابتسم باندهاش لما وجد مالك مع وعد، اللي كانت مبتسمة. لكن وجهها تغير لما رأت نادين وهو قريب منها، يتهامسون وكأنهم في لحظة رومانسية.

قالت نادين: “وعد… إيه اللي جابك هنا؟”

لم ترد وعد مباشرة، وبصت إلى على الذي قال: “جيبتيها إزاي؟”

قالت وعد: “كنت في الشركة وسألت عنك يا عمّي… وقولتله يجبني هنا بما إنه جايلك.”

نظرت إلى نادين وقالت: “بس معرفش إن خالتك معاك… واضح إني قطعتكم.”

قالت نادين: “لا… كنت بكلم على عن الشغل… ولخبطه النهارده.”

نظرت في الساعة وقالت: “لازم أمشي… مينفعش أغيب عن الشركة أكتر من كده… ولازم يا على تيجي في اجتماع مهم جدًا.”

قال على: “جاي.”

ابتسمت نادين وقالت: “باي وعد.” سلمت عليها ومشت.

أما وعد، فقد بقيت مبتسمة وهي تعقد على أسنانها، ولما مشيت تجاه على، قالت فورًا: “بتعمل إيه معاك… كنت بتقول إيه عشان تكون قريبة منك؟”

بصلها “علي” وقال بهدوء:

– وعد، صوتك.

ردت بعصبية مكبوتة:

– صوتي؟ وانت ماخدتش بالك من صوتك وانت كنت بتزعقلي يومها عشان حازم؟ ولا انت مسموحلك تزعل وتضايق وأنا لا؟ أشوفك وأسكت كمان؟

اتصدم “علي” من انفجارها، وبصّ لـ”مالك” اللي كان واقف بيتفرج عليهم وكأنه مستمتع رغم جموده.

قال “علي” :

– مفيش حاجة، كنا بنتكلم بس.

ردت “وعد” بحدة:

– متكدبش عليا يا علي، أنا شوفتكم… وكانت هتلمسك.

قال “علي” بصوت عالي:

– وعااااااااااد!

اتخذت موقفها بضيق من صوته العالي، ولفت تمشي بحزن، لكنه مسك إيدها ومنعها.

قال بهدوء عشان يهديها:

– مفيش حاجة تستدعي إنك تكوني كده.

سكتت وهي متوترة، وبصت على “مالك” اللي قال:

– سبنا يا مالك.

رد “مالك” بجدية:

– الموضوع مهم.

قال “علي” وهو بيحاول ينهي الموقف:

– بعدين يا مالك.

أومأ له “مالك” ومشي، بينما كانت “وعد” لسه مضايقة.

قرب “علي” منها وقال عند ودنها بنبرة خفيفة:

– بتغيري؟

قالت “وعد” بصدق:

– لو مش هغير عليك، هغير على مين؟

ابتسم وقال:

– عجبتني غيرتك.

قالت بحزن ممزوج بحب:

– متأذنيش فيها يا علي، أنا بغير عليك جدًا… بغير عليك من أي واحدة تفكر بس تقرب منك. متأذنيش فغيرتي.

قالها “علي” بابتسامة دافية:

– محدش يقدر يقرب مني غيرك.

كلامه هداها، فابتسمت وبصت ناحية الكورة وقالت بخفة:

– بيسيبول، عايزة أجرب.

راحت خدت العصاية، والعامل حطلها الكورة على الأرض وابتعد.

مسكت العصاية مش عارفه تقف عدل ، فـ”علي” قرب منها وعدّل وضع إيدها وهو بيقول:

– كده… دي مسكتها الصح.

دق قلبها وهي حاساه قريب منها، إيده فوق إيدها وضهره محاوطها، بيعلّمها بهدوء.

سحب كوره من العلبه وحطها في إيده، وبعد عنها وهي ماسكة العصاية بقوة، متحمسة.

ضربت ولم تصب وفورا رمى على الكورة اللي في إيده بقوه كبيره لتطيح فى الهواء

“وعد” ابتسمت بفرحة ودهشه كبيرة، قامت ولفت له بحماسوهى تقفز:

– شوفت؟ طارت إزاي!

قال “علي” :

– متوقعتش المهارة دي.

ابتسمت “وعد” بسعادة، وزق “علي” برجله الكورة اللي لسه محطوطة في مكانها لأن “وعد” ملمستهاش، وضربت الهوا. العامل لاحظ الحركة وابتسم، شال الكورة وحطها في الشنطة.

خرجت “وعد” مع “علي” وهي مبتسمة، وقالت:

– أنا جعانة… ممكن ناكل سوا؟

سألها “علي”:

– عايزة تاكلي فين؟

سكتت تفكر، قربت من ودنه وقالت بخفة:

– فـ بيتنا.

اقترب “علي” منها أكتر، وبص في عيونها ثم لشفايفها، وقال:

– انتي عارفة إن أنا أكتر حد مش هيمانع وجودك معايا في البيت… بالعكس، أنا اللي بعوزه.

ابتسمت “وعد” بعشق، لكن فجأة اتألّمت وفقدت توازنها ومبقتش شايفاه كويس.

قال “علي” بقلق:

– وعد…

اتعدلت وهي بتفوق، وقال:

–  مالك؟

قالت “وعد” بخفة:

– دوخت شوية… بس أنا تمام، متقلقش.

استغرب “علي” منها، لكنه شالها، وبصّت له وقالت بخوف:

– ممكن حد يشوفنا.

مردش عليها، وبص لـ”مالك” وقاله:

– تعالى سوق.

أومأ له “مالك”، ورجع “علي” عند العربية، ركب هو و”وعد” ورا، ومالك ساق ومشي.

كانت “وعد” مبتسمة برغم التعب المفاجئ، ولما شالها “علي” ونامت على صدره، حسّت بالفرحه، كأن أي حد يشوفها يعرف إنه حبيبها ومتخافش تتعامل معاه قدام الناس.

رن تليفون “علي”، وكان نادين ردت عليه:

– أنا جاي.

قالت:

– متتاخرش… الاجتماع مش هيكتمل من غيرك.

قفل “علي” التليفون، وبصّت له “وعد” وعرفت إنه هيروح الشركه.

وصلها “علي” بيتها وقال:

– لما تبقي كويسة، كلمينى.

أومأت له ونزلت.

بصّ لها “مالك” قليلًا، ثم بص لـ”علي” وقال:

– رضوان عارف إن في بينكم حاجة؟

قال “علي” – عرف إزاي؟

رد “مالك”:

– معرفش بالظبط، بس لما حد من معارفه قاله إنها بتجيلك كتير، شك فعلاً في وجود حاجة بينكم… وأعتقد هدوءه الحالي أكّدله الشك ده.

قال “علي” ببرود:

– مش مهم… نطلع على الشركة، بلاش أتأخر عليهم.

—-

في أوضه، كانت “وعد” قاعدة على السرير متمدة، دخلت “فاطمة” حاملة صينية صغيرة وقالت بابتسامة:

– عملتلك موز بلبن اللي بتحبيه يا بنتي.

قالت “وعد” بهدوء وتعب باين على ملامحها:

– شكرًا يا طنط فاطمة… أنا تعبانه أوي.

نظرت لها فاطمة بقلق وقالت:

– شكلك داخله على برد جامد يا وعد.

قالت وعد وهي بتعدل جلستها:

– معرفش… بس أنا تعبانه بقالى فترة كده ومش عارفه ليه.

قربت منها فاطمة وسألتها بحنية:

– مالك يا وعد؟ احكيلي.

نظرت لها وعد وقالت بنبرة هادئة:

– مفيش يا طنط… والله مفيش.

قالت فاطمة:

– في حد مزعلك؟

ردت وعد بسرعة:

– لا… مفيش حاجة، ده تعب عادي بس.

فاطمه- بتحبى ولا اى يا حبيبتى

سكتت وعد قربت منها فاطمه بابتسامه قالت- مين قوليلى انصحك

كانت وعد نفسها تبوح نفسها حد يعرف، قالت فاطمه

-انتى خايفه حد يعرف

قالت وعد- انا فعلا بحب يفاطمه انا عايشه حاله حب كبيره من فتره

ابتسمت فاطمه قالت- باين عليكى

وعد- ويوسف لاحظ بردو

فاطمه- مين انتى مالك متردده تقولى كأنه سر انا عمرى قولت حاجه لحد

وعد- مينفعش

فاطمه-لى.. اسمه اى يا وعد

سكتت قليلا بعدين قالت- اوعدينى إنك مض هتقولى لحد

فاطمه- ورحمة ابنى مهقول لحد

وعد ابتسمت وكأنها استريحت قالت- على

فاكمه- اسمه علي زى على بيه عمك ا….

وعد- لا يطنط على… هو نفسه عمى

اتسعت عين فاطمه قالت- على عمك بتحبيه

اومات لها وعد قالت فاطمه بصدمه – بتحبى عمك يا وعد

حطت وعد ايدها على بقها قالت- بس وطى صوتك

قالت فاطمه- اى الى انتى بتقولى كه ازاى تفكرى بمشاعر ناحيته ده عمك

وعد- مش عمى هو صاحب بابا من زمان لكن مش عمى

فاطمه- انتى بتقولى اى

وعد-صدقينى مفيش اى رابط دم بينا يعنى حبى مش حرام

فاطمه- بتحبى على بيه، هو ده الى انتى بتحبيه يا وعد يابنتى

اومات لها بابتسامه قالت فاطنه- بس ده كبير ده ف مقام ابوكي

وعد- انا مش شايف السن ولا هشوفه، متحسسنيش إنه جدي بالعكس على اوسم راجل شوفته انا مغرمه بيه يداده عارفه يعنى غرام

سكتت فاطمه وهى شايفه الحب ف عينها وهى بتتكلم عنه

قالت وعد- لما بكون معاه مش بعوز اى حاجه من الدنيا بتمنى بس الوقت يعدى بطىء

فاطمه-وهو..هو كمان بيحبك.. يعنى علاقتكم حب ولا حبكم ده ميعرفهوش ولا حكايتك اى

سكتت وعد مش عايزه تدخل ف تفاصيل اكتر من كده فتمشف حقيقه أكتر من إنها بتحبه، خدت وعد الكوباية وشربت منها أول رشفة، لكن فجأة وشها اتغيّر، بعدت الكوباية فورًا وقالت بامتعاض:

– إيه ده؟!

استغربت فاطمة وقالت:

– موز بلبن يا بنتي، مالك؟

قالت وعد وهي مكشرة:

– طعمه وحش… خديه بعيد، اللبن ريحته غريبة وأنا مش قادرة أشربه.

قالت فاطمة متفاجئة:

– إزاي بس؟ ده أكتر حاجة بتحبيها! انتي مش كنتي بتكرهي اللبن لوحده؟ عشان كده بعملهولِك بموز؟ أول مرة تلاحظي ريحته كده!

خدت منها الكوباية، ووعد فضلت ساكتة، إيدها على بطنها وهي حاسة إنها متقلبة من جوه.

قالت فاطمة بقلق:

– انتي كويسة يا وعد؟

ردت وعد بابتسامة ضعيفة:

– أيوه… تمام، يمكن بس محتاجة أرتاح شوية.

قامت “وعد” من على السرير ودخلت الحمام. فتحت المية وغسلت وشها، بس التعب لسه ماسك جسمها كله.

بره، فاطمة شَمّت ريحة العصير… ريحته عادية، مفيهوش أي حاجة تفسّر القرف اللي حصل لوعد.

نادت فاطمة بصوت عالي:

– أعملك أكل يا وعد؟

ردت وعد وهي جوه الحمام:

– لاا… شكراً.

فاطمة خرجت من الأوضة وسبتها.

وعد فضلت واقفة قدام المراية، صامته… نفسها تقيل.

(الإجهاد ده مش طبيعي… علي مش السبب. أنا فعلاً تعبانة… يمكن من جوه… من أعضائي الداخلية!)

في الشركة…

دخل “علي” مكتب بدران، استغرب إنه لوحده.

قال:

– المفروض إن في اجتماع؟

بدران ما ردش… قاعد كأنه مش سامع، غرقان في عالم تاني.

قرب علي ووقف جنبه:

– بتفكر في إيه؟

بص له بدران أخيرًا… كأنه فاق من شروده.

قال بنبرة هادية لكنها تقيلة:

– لغيت الاجتماع… مفيش حاجة تتقال. الموظفين يشوفوا شغلهم… السرقة تمت… وإن شاء الله هترجع.

قال علي بحدة:

– إزاي ده يحصل؟! فين الحراسة يا بدران؟

فجأة انفعل بدران وضرب على المكتب:

– أغبييييا! أغبيااااا!

صوته كان مليان غضب مكتوم ومكسور.

كمل بعصبية:

– قالوا إنهم كانوا كتير… زي كتيبة… ومقدروش يوقفوهم!

قال علي بريبة:

– إنت مقتنع إن بضاعة بالشكل ده هترجع؟ ولا… شاكك في حد معين؟

تنفس بدران ببطء، صوته واطي لكن كلماته تقيلة:

– كان ممكن أشك في أعداء كتير… بس الحركة اللي اتعملت دي… تدل إن عدوي… عارفني من زمااان.

سكت ثواني، وبص لعلي بعمق:

– من زمان أوي… يا علي.

قال علي بصوت هادي لكنه مركز:

– يعني عارفك من ناحية إيه بالظبط؟

سكت بدران لحظة… وعيونه سرحت في ذكرى مرّت قدامه بسرعة…

(الكرتونة… لما فتحها… وشاف العروسة… بل عرائس كتير… نفس الشكل… نفس التصميم… تصنيع قديم، مش حديث…)

المعنى كان واضح:

حد صنع العرايس دي مخصوص… بالعدد ده… وبالشكل ده… عشان يدخلها مخازن بدران… عشان يشوفها… ويفهم الرسالة.

رجع علي يناديه:

– بدران!

فاق بدران من شروده.

قال علي – أعصابك تعبانة….

بدران سكت… بس إيده اتقفلت في قبضة قوية… ومتجمدة من التوتر.

قال علي :

– روح نام… وأنا هكون موجود.

هز بدران راسه بالنفي بعناد:

– مش هيجيلي نوم… غير لما أعرف مين… مين اللي عمل كده! وغرضه إيه!

قال علي ببرود خطير:

– الدمار.

بصله بدران باستغراب:

– دمار؟!

قال علي بثقة:

– أيوه… هدفه يدمر شغلنا اللي بنيّاه سنين.

مسك بدران راسه من الضغط، وقام فجأة.

قال بصوت متعب لكنه حاسم:

– أنا سايبلك الشركة…

رد علي – متقلقش.

خرج بدران… وسابه.

وعلي فضــل واقف لوحده في المكتب…

صامت.

بيفكر.

(اللي داخل يلعب معاهم… مش صفقة خسارة… ده حرب.)

—-

وصل بدران للمخزن اللي كان متشمع من التحقيق.

نزل من عربيته بخطوات سريعة، مش فارق معاه أي حاجة.

مسك الشريط الأحمر بيده… قطعه بعنف…

دخل جوه… والهدوء قاتل.

كان بيتحرك بين الصناديق كأنه داخل مقبرة.

فتح أول صندوق…

عروسة.

فتح الثاني…

نفس العروسة.

فتح الثالث…

نفس الوجه… نفس الفستان… نفس النظرة…

بدران بدأ يحدّف الصناديق بعصبية…

العرايس بتتدحرج على الأرض… بتملأ المكان…

مئات العرايس.

وقف… اتنفس بصعوبة…

بص لتحت… لقى عروسة عند رجله.

انحنى… مسكها بقوة.

وفجـــــأة…

(فلاش باك)

غرفة مظلمة…

بدران قاعد على كرسي…

هدوء مخيف.

على الأرض… جسد صغير ملفوف بملابس بسيطة…

شكل الجسد… أنثى.

قال بدران بنبرة هادية بس مؤلمة:

– هتفضلي مدياني ضهرك كتير…؟

أنا سيبت كل حاجة… وجيتلك مخصوص.

كانت صامتة.

ما بتتحركش… حتى نفسها كان هادي.

كمل بصوت منخفض:

– عارفة إنك حاسة بالخذلان…

وعارفة إن النهاية مش اللي انتي توقعتيها…

بس هرجع وأقولك… أنا حذرتك.

رفع راسه للسقف كأنه بيفكر:

– كنت ممد لك إيدي… وانتي رفضتي.

وفي الآخر… مكانك هيكون هنا…

في السجن.

سكت لحظة… وبص لها بنظرة غريبة بين الشفقة والقسوة:

– كله من غلطك.

مد يده في جيبه… طلع علبة صغيرة.

– أنا جايب لك حاجة…

هتكون معاكي هنا.

ابتسامة خفيفة ظهرت على وجهه:

– وخدت إذن… إني أديهالك بنفسي.

أخرج بدران عروسة شعرها بني رقيق، لابسة فستان كاروهات قديم.

مد إيده لها وهو يقول بنبرة ناعمة لكنها مُخيفة:

– هتسليكِ هنا… خديها، هتتكلمي معاها أكتر من نفسك.

وضع العروسة على الأرض جنبها.

صوتها طلع أخيرًا…

– … هيرجع…

رفعت رأسها بصعوبة…

عيونها حمرا… مليانة دموع… كأنها بكت شهور…

قالت بصوت مبحوح:

– الحــق…

ثم ساد الصمت…

العودة للحاضر

بدران يرجع من ذكرياته فجأة…

مشى بخطوات متسرعة وسط العرايس المنتشرة في الأرض.

داس على واحدة… اتكعبل… ووقع!

رفع راسه…

لقى نفسه محاصر.

العرايس حواليه من كل جهة…

نفس الشكل… نفس الفستان… نفس العينين الفارغتين…

كأن الماضي كله رجع يتحاصر بيه.

بدران – رجع…؟!

صوته كان فيه خوف حقيقي.

مين يرجع؟

إزاي كلمة من سنين ترن دلوقتي؟

هل هي تقصد شخص؟ انتقام؟ لعنة؟

قال بصوت مرتجف لأول مرة:

– كانت تقصد إيه…؟

——

صبح ياسمين ماشية مع وعد في الممر…

ياسمين كل شوية تبص على ضوافرها.

– النيلز مش حساها لايقة عليا… تحسي غريبة؟

وعد كانت ساكتة… ماشية بتقل… كأن جسمها تعبان.

بصتلها ياسمين:

– مالك يا وعد؟

وعد ببرود وتعب:

– عايزة أنام… بقالي كتير بسهر.

ياسمين شهقت:

– من غيري!

ده صحابك بقوا كتير بقا… مش بتفضيلي!

وعد ما ردتش.

ياسمين ضيقت عينيها:

– بتحـبـي… ولا إيه؟

سكتت وعد.

الصمت هنا… مش طبيعي.

ياسمين ابتسمت بسخرية خفيفة:

– يا بنت انطقي… بتحبي مين؟

مافيش رد.

ياسمين وقفت مكانها وقالت بجدية:

– وعد…؟

كانت ياسمين بتتكلم… ولما بصت جنبها ملقتش وعد!

اتجمدت لحظة.

بصت وراها… واتصدمت.

وعد كانت قاعده على الديسك… جسْمها مَيِّل… ووشها شاحب.

جريت عليها ياسمين فوراً: – وعد! وعد! مالك؟!

وعد بصوت مبحوح: – مش قادرة… أقف… حاسة إني هقع.

ياسمين بخضة: – أجبلك مسكن؟ دوا؟ لأ، لازم دكتور يكشف عليكي!

وعد بتوتر: – مستشفى… علي بعد كااام…

ياسمين مسكتها بحزم: – قومي… المستشفى قريبة… متقلقيش، أنا معاكي.

سندتها من وسطها… وعد كانت تقريبا مش شايفة قدامها…

في المستشفى – وعد قاعدة على سرير الكشف، أنفاسها مش مظبوطة.

الدكتورة خلصت الفحص… وقعدت قدامها بهدوء.

– مالك يا وعد؟ قلقانة من إيه؟

وعد : – أنا كويسة يا دكتورة.؟

الدكتورة:

– التعب ده حاساه بقالك قد إيه؟

وعد : –… أنا كويسة.؟!!

الدكتورة أومأت برأسها… وابتسمت ابتسامة مطمئنة: – متقلقيش… ده طبيعي… دي أعراض حمـــل.

هنا… الزمن وقف.

وعد فتحت عينيها على الآخر…

– حمـــل إيه؟!

الدكتورة بكل ثبات: – انتي… حــامل يا وعد

الفصل التالي: اضغط هنا

يتبع.. (رواية بين الحب والانتقام) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.

أضف تعليق