رواية الحب كما ينبغي الفصل الأول 1 – بقلم فاطمة محمد

رواية الحب كما ينبغي – الفصل الأول

 

 

الفصل الأول

الحب كما ينبغي.

 

فاطمة محمد.

 

الفصل الأول:

داخل إحدى الغرف التي يدوي بداخلها رنين المنبه كي يُقظ صاحبه.

 

استيقظ الشاب على صوته وسرعان ما اغلقه ونهض من نومه بطريقة آلية، وكأنه إنسان آلي وليس بشر، يطمع ويطمح بالنوم أكثر، خاصة إذا كان اليوم هو عطلته.

 

هب عن الفراش، ولامست قدميه الأرض وقبل أن يخطو أي خطوات أضافية ويبتعد عن فراشه كان يرتبه بذات الطريقة الذي استيقظ بها.

لحظات وكان ينتهي من أمر فراشه، متحركًا نحو الخزانة مخرجًا ملابس له ثم أوصدها بهدوء وتحرك قاصدًا دورة المياه.

دقائق فقط وكان يخرج متقدمًا من التسريحة ملتقطًا قنينة عطره المفضل لينثر القليل عليه، ثم عاود إغلاقها و وضعها مثلما كانت تمامًا.

 

منطلقًا من حجرته متجهًا نحو المطبخ كي يعد له فنجانًا من القهوة السادة والذي أيضًا اعتاد عليها.

 

منتهزًا تلك الحالة من السكون والصمت التي تعم أرجاء المنزل ولن تكون متوفرة بعد وقت قليل وبمجرد استيقاظهم، راغبًا في الجلوس بحديقة المنزل واستنشاق الهواء، وارتشاف قهوته بتمزج مستمعًا بهذا الهدوء.

وهذا ما حدث معه وظل جالسًا دون أن يشعر بالوقت، أو حتى يدركه..فقط ما يدركه ويتمناه أن يظل بهذا الهدوء والسلام بعيدًا عن عائلته الكبيرة من والدين والده، واعمامه و زوجاتهم، وابنائهم فالجميع يعيش معًا وتحت سقف واحد.

أخذ نفسًا عميقًا ثم اطلقه بهدوء، وسارع بترك مكانه وبدأ بالسير واضعًا يديه داخل جيب سرواله.

وعلى حين غرة ظهر أمامه جده مروان (والد والدته) والذي يقبع بالمنزل المقابل مباشرة، صارخًا بوجهه وكأنه قد مسك به بجرم مشهود:

 

-أنت مين يالا؟؟!

طرح “مروان” سؤاله بأعين قد ضاقت شكًا، وقبل أن يأخذ جوابه كان يخمن متابعًا:

 

-أنت أكيد حرامي وجاي تسرق البيت، بس على مين قفشتك خلاص، يا ناس حرامي، جاي يسرقنا في عز النهار..

أوصد الشاب جفونه بنفاذ صبر محاولًا قدر الإمكان التحكم بذاته وبأعصابه، واضعًا يديه على يده التي تقبض على ملابسه وتسببت في انكماشها، قائلًا من بين أسنانه:

 

-حرامي مين بس، ارحم اللي خلفوني يا جدو، أنا مش حرامي، أنا صابر ابن بنتك.

ارتفع حاجبي “مروان” ورفض تركه، متمتم بإصرار وسخط:

 

-يخربيت بجاحتك، بنتي مين، أنا معنديش بنات يا أخويا، أنا اصلا لسة متجوزتش ومخلفتش، عرفت أنك كداب.

نفذ صبره وقال بنبرة غاضبة:

 

-طيب أنا حرامي، وكداب، وسبني بقى عشان قربت أفقد اعصابي وأنا لما بفقد أعصابي مبشوفش قدامي وممكن اتغابى، وأنا مش عايز اعمل كدة احترامًا ليك، ولأمي وأنك جدي ومينفعش اعمل معاك كدة نهائي.

-جدك مين يا حيوان، بقى أنا جدك يا شحط يا بغل أنت.

-يا مصبر الوحش على الجحش.

اتسعت عين مروان وصاح:

 

-أنا جحش ياض؟؟

-لا أنا اللي وحش، اوعي بقى يا جدو عشان صدقني مش عايز اتغابى عليك ومراعي حالتك.

-شوف برضو هيقولي جدو.

بتلك اللحظة خرج “أحمد” من المنزل وهو يدندن ويقفز بطريقة بلهاء، ولكنه توقف عن الدندنة ما أن التقطت عينيه ما يحدث بين شقيقه التوأم وجده “مروان” والد والدته، والذي يعاني من الزهايمر.

ارتفع حاجبيه وقال مندفعًا نحوهم:

 

-احيييه سيبه يا جدو.

وقف قبالتهم وهو يحاول الفصال بينهم متمتم:

 

-في ايه يا جدو، ماذا حدث؟ ماذا فعلت يا أخي تحدث؟

-يا عم متعصبنيش أنت كمان، أنا مهببتش حاجة هو اللي مسك فيا وانا كل ده صابر وحاطط جزمة في بُقي.

علق احمد وهو يهز كتفيه:

 

-ما لازم تبقى صابر ما أنت أسمك صابر، بقولك إيه يا جدو بعد إذن حضرتك يعني لو مفيهاش إساءة أدب ممكن تسيب اخي، وتفلته من قبضتك، أحسن يرفع ايده علينا وايده اصلا مزربة، ممكن؟

انعقد حاجبي مروان وبدلًا ما كان يمسك بتلابيب واحد فقط، بات ممسكًا بالاثنان مغمغم بشراسة وهو يهزهم بعنف:

 

-أنت مين أنت كمان، اكيد شريكه في السرقة.

-سرقة ايه بس صلي على النبي كدة، أنا أحمد ابن بنتك ثراء.

ارتفع حاجبيه ورمق الاثنان ثم قال مستنكرًا:

 

-انتوا إيه حكايتكم بضبط هو كل ما همسك واحد هيقولي أنا ابن ثراء؟؟؟

رد عليه أحمد يؤكد له:

 

-ما هي دي الحقيقة، انا هفكرك، ده صابر وأنا أحمد اخوه الكبير، اكبر منه بخمس دقايق بحالهم، ولاد بنتك ثراء، ها افتكرت؟

ارتخت قسمات مروان وصاح بترقب:

 

-أنتوا ولاد جابر؟؟

تنهد أحمد براحة وقال:

 

-خمسة عليك يا جدي، ها هي الذاكرة تعود، افلتني بقى، أنا لست متفرغًا و ورايا مشاغل بالكوم.

هزهم مروان من جديد متمتم بغضب كبير:

 

-برضو هيقولي جدي.

هنا ونفخ صابر وقال بنبرة قوية:

 

-استغفر الله العظيم يارب، ما تسبني بقى يا جدي، عشان بجد زهقت من موال كل كام يوم ده، واعصابي هتفلت.

اتسعت عين أحمد وصاح معترضًا:

 

-عيب ياض ده جدنا، ولازم نحترمه، ونستحمله وبعدين متتعصبش العصبية مش حلوة عشانك واخاف عليك من كترها يطقلك عرق.

لم يصمت صابر وعقب على كلماته بذات النبرة القوية:

 

-اقسم بالله يا أحمد همد ايدي عليك وهعملك كيس ملاكمة.

التوى ثغر احمد وعلق بأسف:

 

-واطي وتعملها يا خسارة الإخوة، عايز تضرب أخوك الكبير، لا بجد يا خسارة، فينك ياما تيجي تشوفي وتسمعي ابنك الصغير وهو بيقل أدبه وعايز يضرب اخوه الكبير.

-أنت هتصدق نفسك يالا، خمس دقايق إيه دول اللي هيعملوك كبير، اتوكس بدل ما اجيبك تحت رجلي افعصك.

-تفعصني ليه يسطا هل أنا طماطم أمامك؟

تلك المرة هزهم مروان بقوة مضاعفة لم تؤثر بصابر، وتسببت في ترنح أحمد نظرًا لضعف بنيته مقارنة مع شقيقه ذو الجسد الرياضي.

 

-انتوا هتحكوا قاعدين على المصطبة انتوا، تعالوا معايا أنا هبلغ البوليس يجي يقبض عليكم.

أجابه أحمد بحسرة:

 

-بوليس ايه بس يا جدو استهدى بالله، وبصلنا كويس كدة احنا ولاد ثراء بنتك وربنا، ما تعمل حاجة يا صابر بعضلاتك اللي مش باينلها أول من آخر دي، أوعى ياض تكون نفخهم ولا بتاخد حاجة كدة ولا كدة والله أقول لـ أبوك وأعمامك وجدك، بس مش جدك ده لا جدك سلطان على سنح ورمح……

صر صابر على أسنانه وتمتم بغل ونفاذ صبر:

 

-نافخ ايه ارحمني واخرس بدل ما امسكك وانفخ فيك أنا وأنت سبني بقى يا جدو، انا كنت قاعد في روقان ومبسوط بتعكنن عليا ليه بس؟

رفض مروان تركهم وبدأ بالتحرك بهم جبرًا نحو باب المنزل، مغمغم بشراسة:

 

-جدو في عينك، ومش سايبكم، لازم ابلغ عنكم يا شوية حرامية، القانون لازم ياخد مجراه.

أنهى كلماته واقفًا محله، مطالعًا المنزل الذي يقف أمامه، ضيق عينيه بدهشة ثم تساءل:

 

-ايه البيت ده؟؟ ده مش بيتنا؟؟

رد عليه أحمد يؤكد له:

 

-أيوة فعلا مش بيتك أنت ده بيتنا إحنا، بيت سلطان و ولاده و أحفاده، أما بيتك أنت بقى فهناك في وش البيت ده.

وبحركة مباغتة استطاع صابر نفض يد مروان عنه، مهندمًا ملابسه بضيق واضح و قسمات مظلمة تعكس مدى غضبه.

اتسعت عين مروان، ودنا منه مرة أخرى كي يمسك به ولا يجعله يفلت من قبضته ويهرب بجريمته، فرفض صابر أن يتم الامساك به وبدأ بالابتعاد عنه متحركًا بخطوات سريعة داخل المنزل…

ومروان خلفه يلحق به وهو لايزال ممسكًا بـ أحمد الذي يتعثر ويرجوه:

 

-دي مش معاملة دي، لو عايز تمسح الأرض بهدومي قولي والله اقلعهم مش خسارة فيك، بس مش كدة أنت كدة مسحت بيا الأرض ومسحت بيا الأرض هنا مش كلام لا دي فعليًا.

اغلق صابر باب المنزل بوجهه مروان قبل أن يلحق به للداخل فاتسعت عين مروان من فعلته و وقاحته، وقبل أن يبدي أي رد فعل كان أحمد يخرج له المفتاح ويمد يده له، قائلًا:

 

-اتفضل يا جدو المفتاح اهو، سبني بقى.

انتشل المفتاح من يده هاتفًا:

 

-كمان معاكم المفاتيح يا شوية حرامية.

-حرامية صحاب بيت بقى معلش، مبنحبش نخشلكم لا من شباك ولا من سور من الباب علطول، إحنا ناس دوغري.

فتح مروان الباب وهو يصيح بعلو صوته بحثًا عن ذلك اللص:

 

-أنت فين يا حرامي يا بن الحرامي، شريكك في أيدي وهيعترف عليك بكل حاجة وهجيبك يعني هجيبك هتروح مني فين يعني؟؟؟

صاح أحمد بنبرة مشابهة:

 

-اه هتروح فين يعني هتجاب يعني هتجاب، بقولك ايه يا جدو ممكن توطي صوتك شوية محدش لسة صحي.

-اوطي صوتي ايه، ده أنا هفرج عليكم أمه لا إله إلا الله، وهجيب عيال صغيرة يزفوكم ويجروا وراكم ويقولوا الحرامية اهم الحرامية اهم..بس لما اقفش شريكك هو فين؟؟

رفع أحمد يديه وأشار نحو الأعلى يخبره:

 

-أكيد في اوضته، و اوضته فوق، بس خلي بالك ده عصبي وعيل بارد وتنح هتقولي ازاي عصبي وبارد مع بعض هقولك معرفش أمر ربنا.

-أنت هتحكي معايا ياض هتصاحبني، بينا نطلعله نمسكه.

وقبل أن يتحرك كان “جابر” يهبط الدرج بهدوء و ببطء شديد، قائلًا بدهشة:

 

-حمايا العزيز؟ ماذا تفعل هنا في الصباح الباكر؟ هل رأيتنا في الحلم أم ماذا؟

انعقد حاجبي مروان ومال على أحمد يسأله بهمس:

 

-مين ده؟ شريكم؟

نفى أحمد برأسه مجيبًا إياه بهمس مماثل له:

 

-لا أبونا، وجوز بنتك اتجوزها زمان رغمًا عن أنفك، عشان كدة أنت مش بتقبله ولا بتقبلنا.

ارتخت قسمات مروان وعاد ينظر نحو جابر ثم إلى أحمد وعلى الفور ضاقت عينيه وصاح متذكرًا:

 

-ده جابر صح؟

-ازغرط أيوة هو، امسك فيه هو بقى، أنا مليش ذنب في عملته المهببة مش أنا اللي قولتله يتجوز ماما وأنت مش بطيقه.

وبالفعل حرره مروان واستبدله بجابر الذي سرعان ما قال مازحًا:

 

-آه هو الزهايمر اشتغل تاني، لا بص مش هتخانق معاك لو قولت ايه وعملت ايه، أنا فوض أمري إلى الله.

********************

بالأعلى، خرج “يوسف” من غرفته موصدًا الباب خلفه بهدوء شديد، وعلى الفور انعقد حاجبيه مستمعًا لتلك الاصوات التي تأتي من الأسفل.

 

رفع يديه معدلًا من وضع نظارته الطبيه العريضة والتي تخفي الكثير من ملامحه واعتاد على ارتدائها منذ أن كان صغير لضعف بصره، متقدمًا بحذر من الدرج كي يرى من أعلاه ما يحدث، وأثناء فعله لهذا ظهر “أحمد” أمامه من العدم.

 

اوقفه يوسف يستفسر منه:

 

-في إيه يا أحمد؟

-هيكون إيه يعني يا أخويا أبويا وجدي بيتخانقوا يعني مفيش جديد، وقبلها مسك فيا وفي صابر ومصمم أننا حرامية.

ابتسم يوسف قائلًا:

 

-طب أرجع الاوضة لحد ما الخناقة دي تخلص ولا إيه النظام؟

-يا عم اعمل اللي تعمله، سبني بقى و وسع كدة أنا ورايا مشاغل بالكوم.

أفصح يوسف له المجال كي يمر، وبعد مروره ظل هو واقفًا مكانه يفكر فيما عليه فعله فالطالما كان هادئًا، حنونًا، محبًا للهدوء.

 

حسم آمر وقرر إيقاظ أبناء أعمامه، فارق مكانه ثم تقدم من أقرب حجرة إليه.

وقف أمامها وطرق على الباب يطلب الأذن بالدخول:

 

-آسر..آسر ممكن ادخل.

فتح أحمد باب غرفته فتحة صغيرة وطل برأسه فقط يجيب على استفسار يوسف والذي نما إليه بأسلوب مرح فكاهي:

 

-نايم يسطا نايم هيرد عليك ازاي، خش علطول أنت لسة هتخبط !

اعترض يوسف وقال بتوتر بسيط:

 

-لا طبعا مينفعش ادخل غير لما يقولي، في حاجة اسمها احترام خصوصية البني آدمين.

ارتفع حاجبي أحمد وعلق ساخرًا:

 

-صح مينفعش تدخل وهو نايم، عشان لو عملت كدة يبقى بتقتحم خصوصيته ويمكن مخدته ولا دولابه مش مغطين وشهم وهما مبيكشفوش على رجالة غير آسر، واد يا يوسف متشلنيش خش ياض وشوف كنت داخله ليه.

أوصد الباب في وجهه تاركًا إياه في حيرة من آمره.

 

لحظات وكان يوسف يفتح الباب بحذر شديد ويدخل رأسه فقط، ينادي عليه بصوت خافض:

 

-آسر، آسر.

سقط بصره عليه ممددًا على الفراش ويذهب في سبات عميق.

 

لازم الصمت ودخل مغلق الباب خلفه، مقتربًا من الفراش يهزه برفق مناديًا عليه:

 

-آسر، يلا اصحى، يا آسر.

فتح “آسر” عين واحدة يجيبه بصوت متحشرج ناعس:

 

-اصحى ليه؟ انا نايم وش الصبح، سبني شوية، اقولك لف لفة على الباقي وابقى ارجعلي أو مترجعش وصدقني هحبك فوق الحب حب.

جلس يوسف على طرف الفراش يلقي عليه حديثه ونصائحه الذين أطلقوا عليها إسم “محاضرة”.

 

-وليه تنام وش الصبح، أي بني آدم المفروض ينام بدري، ويصحى بدري، النوم بدري مفيد والصحيان بدري برضو مفيد، وبليل اتعمل عشان ننام، والنهار عشان نمارس حياتنا و أنشطتنا، يعني اللي بتعمله ده ضد الطبيعة وضد الفطرة.

فتح آسر عينيه واجابه بلامبالاه:

 

-متحبكهاش الله يكرمك، وسبني نايم، روح شوف فريد ولا أحمد ولا محمد، اقولك روح لصابر.

بتلك اللحظة دوى رنين هاتفه الموضوع أعلى الكومود، فمد يديه وانتشل الهاتف مجيبًا عليه تحت متابعة يوسف له:

“صباح التوت يا قمر يا كيوت.”

لانت قسمات يوسف وبدأ عليه الانهماك بطريقة حديث إن عمه مع الفتاة.

 

وظل على تلك الحالة حتى انتبه لاتفاقه معها على المقابلة اليوم.

فهتف بصوت هامس:

 

-آسر مش هينفع تخرج انهاردة، انهاردة اليوم عائلي، قولها حرام عشان متفضلش مستنية وفي الاخر متعرفش تروحلها.

رفع أسر يديه و وضعها أمام ثغره يحثه على التزام الصمت، منهيًا حديثه مع الفتاة بوعد بلقائها اليوم.

وما أن اغلق معها حتى صاح وهو يهب عن الفراش:

 

-أنت عبيط يا يوسف هو أنت فاكرني هقابلها بجد، دول كلمتين عشان تحل عن دماغي، انا أصلا زهقت وبفكر اخلع منها، فكرالي نفسها امي، عايزة كل يوم تصحيني قبل ما تروح المدرسة، ده غير بقى الاسطوانة الحمضانة بتاعة انت فين بتعمل إيه، مع مين، فطرت ولا لسة، اتغديت ولا لسة، اتعشيت ولا لسة، وحاجة آخر تلزيق.

اتسعت عين يوسف وهتف مستنكرًا:

 

-مدرسة ايه !!! انت بتحب عيلة لسة في مدرسة يا آسر، و يا ترى هي في ابتدائي ولا إعدادي؟؟

رد عليه آسر قبل أن يغلق باب دورة المياه بوجهه:

 

-لا لسة في الحضانة يا ظريف.

جحظت عين “يوسف” مردد مع ذاته بصدمة من حديثه الذي صدقه بالفعل:

 

-حضانة !!! بتكلم واحدة في حضانة، ودي لما لما تيجي تجوزها هتستناها كام سنة دي ؟؟؟

****************

-فريد، فريد، الحق آسر ابن عمك بيكلم واحدة لسة في حضانة، يا فريد اصحى شوف المصيبة، آسر بيكلم بنت صغيرة لسة في الحضانة.

القى يوسف كلماته على مسامع فريد المُمدد على ظهره ولايزال نائمًا، يهزه بصدمة تليح على وجهه.

فتح فريد عينيه مفزوعًا، ثم قال:

 

-في إيه يا عم، حد يصحي حد كدة..

-مش وقته، بقولك آسر بيكلم واحدة لسة في حضانة.

هب فريد من نومته بصعوبة لوزنه الزائد، فهو يعاني من السمنة، والتي جعلته أقل وسامة مقارنة مع البقية.

أسند ظهره بظهر الفراش، مغمغم:

 

-حضانة مين يا ابني أنت عبيط؟؟

-صدقني هو قالي كدة، أنا مش كداب.

زفر فريد واضعًا يديه على كتفيه، موضحًا له مدركًا طيبته وبلاهته الزائدة المبالغ بها والتي تجعله يصدق أي شيء يقال، غير قادرًا على تمييز الحقيقة من السخرية.

-يوسف يا حبيبي هتلاقيه بيشتغلك، الكلام اللي بتقوله ده هبل ومستحيل، أنت لازم تبطل هبل ومش أي حاجة تتقالك تصدقها، وبعدين بالعقل كدة في حضانة دي يعني عيلة لسة بيبي لا تفقه شيء في الحياة، وبعدين اللي أعرفه أن اللي بيكلمها في ثانوية عامة وتبقى صاحبة البت اللي قصي بيكلمها.

-وأنت عرفت منين الكلام ده؟

-هيكون من مين يعني أكيد أحمد يعني، هو ده بيتبلى في بُقه فولة أصلا؟

*************************

داهم “أحمد” غرفة شقيقه صابر، والجًا الغرفة بأعين تجوب بها بعدم أعجاب من تنظيمها وترتيبها بهذا الشكل الذي لايتناسب مع كونه شابًا، فمن يراها قد يظنها تعود لفتاة عاشقة للنظافة وترتيب حجرتها، قائلًا بصوت عالي وصل إلى صابر الواقف داخل الشرفة المفتوحة على مصراعيها:

 

-مبسوط أنت وأنت قاعد في اوضة لوحدك بعيد عن توأمك الكبير، لا حقيقي اخص، لا ومش اخص واحدة لا دي مليون اخص، مليون اخص على شقيق ظننته يحبني واعتدت عليه، وحين اولته ظهري طعنني وانتقل لغرفة أخرى تاركًا أخيه خلفه وحيدًا.

التفت إليه صابر وطالعه من خلف الستائر البيضاء الشفافة، يجيبه بسخرية ممزوجه ببروده المعتاد منه:

 

-أنت مش ناوي تنسى بقى وتبطل تكلم في الموضوع ده، انا سايبلك الاوضة من سنين، من وأحنا لسة عيال صغيرة، وأنت عارف كويس ليه، وياريت تبطل تعيد وتزيد في الموضوع ده، عشان خلاص زهقت، ولو فتحته قدامي تاني هيصدر مني رد فعل مش هيعجبك ولا هيعجب حد.

ارتفع حاجبي أحمد ورد عليه وهو يقترب بهدوء محاولًا تقليد طريقته بالحديث، مجيب عليه بذات الطريقة الباردة:

 

-ده أنت بتهددني بقى !! أنت متعرفش اني مبتهددش، مش أحمد جابر سلطان اللي يتهدد، أنا بهدد وبس يا شبح.

تحرك صابر خطوة واحدة كي يقترب منه ويعلق على كلماته وربما يتطاول عليه بيديه، لولا فزع الآخر وتحول قسماته ونبرته من بادرة إلى أخرى مفزوعة، عائدًا بادراجه نحو الخارج ولسانه لا يردد إلا تلك الكلمات:

 

-خلاص بهزر، بهزر وربنا يخربيت اللي يهزر معاك يا جدع.

ظل صابر يتابع خروجه بل وصفعه للباب من خلفه بتعابير جامدة وكأنه إنسان آلي خالي من المشاعر.

أما بالخارج فقد تعثر أحمد بتلك السجادة الطويلة الموضوعة بطول الطرقة وأمام أبواب الغرف وما كاد يعتدل ويهندم ذاته ويستجمع شتاته حتى صدح صوت ضحكات أنثوية من خلفه، يحفظها عن ظهر قلب.

استدار ببطء يطالع صاحبة الضحكات، مستمعًا لسؤالها المشاغب:

 

-مالك يا أحمد، صابر مد أيده عليك ولا ايه؟؟

وباندفاع رد يدافع عن نفسه:

 

-مين ده اللي يمد ايده عليا، لا عاش ولا كان اللي يعمل كدة ولو حد فكر يعملها اقطعله أيده قبلها يا مجنونة أنتِ.

ضاقت عينيها وظلت ترمقه بنظرات متفرسة، جعلت الأخر يقترب منها ممسكًا بيديها يرجوها بهمس:

 

-استري على اخوكي الكبير، ومتقوليش لحد شكلي هيبقى زبالة يا زهر، يرضيكي اخوكي منظره يبقى زبالة قدام العيلة؟

ردت عليه زهر، شقيقتهم الصغرى والتي تصغرهم بعام واحد فقط:

 

-لا يا حبيبي متخافش أنت كدة كدة شكلك زبالة من غير حاجة، وكلهم عارفين صابر و وسام بيعملوا فيك إيه وانك مبتعرفش تعمل معاهم حاجة، يعني أنا مش لسة هعرفهم هما عارفين اصلا.

ابتلع ريقه على ذكر “وسام” والذي يكبره بثماني سنوات ويكون ابن صديق والده، و زوج شقيقته بذات الوقت فقد عقد قرآنه عليها في حفل بسيط وقبل انتهائها من دراستها متفقين على أن يتم حفل الزفاف عقب تخرجها، ولكن هذا لم يحدث حتى الآن رغم تخرجها ونيل شهادتها فكلما اقترب الموعد تقم هي بتأجيله لأسباب غير منطقية بررها الجميع بأنه خوف ما يسبق الحياة الزوجية.

-وهما دول حد يعرف يعمل معاهم حاجة بأجسامهم دي، بس متخافيش يا بت بكرة هلعب في الجيم بتاع وسام واعمل عضلات أكبر من عضلاته هو وصابر، صحيح بقولك إيه.

-ايه قول؟؟

اقترب منها وعانق عنقها يهمس لها:

 

-هو أنتِ متاكدة من خطوة الجواز من وسام؟؟ يعني أنتِ قد القرار ده؟ وهتستحملي عواقبه؟؟ انا عارف أنه كاتب عليكي بس إحنا لسة فيها، ممكن نفركش قبل الفرح عادي، انا خايف عليكي صدقيني.

قطبت حاجبيها و سألته بدهشة:

 

-عواقب ايه مش فاهمة؟ ونفركش ليه !!

-عشان حمارة مش عارف هفضل افهم فيكي لحد امتى، ركزي معايا وافتحي ودانك، دلوقتي جوزك عامل زي الثور، فده لما هتعيشي معاه في بيت واحد وهتتخانقي معاه، هيبقى خطر عليكي، ولو مد أيده عليكي لقدر الله مش هنعرف نوقفله يا ماما، ومش بعيد نضرب معاكي.

وبهمس مماثل قالت ببسمة :

 

-لا متخافش وسام حنين ومش هيمد أيده عليا، ولو بعد الشر حصل، هبقى اوقفله صابر.

استحسن أحمد تلك الفكرة، وعلى الفور ابتعد قائلًا ببسمة واسعة:

 

-احبك وأنتِ بتفكري احنا نوقفهم قصاد بعض لحد ما يخلصوا على بعض ونرتاح منهم بدل الرعب اللي عملينه فينا ده، ألا هو هيجي امتى.

كادت بسمتها أن تختفي لكنها حافظت على تعابير وجهها مجيبة إياه بهدوء:

 

-مش عارفة كلمته اول ما صحيت بس مردش.

وقبل أن يعقب ويتفوه بأي شيء قالت وهي تهم بالعودة داخل حجرتها عازمة على الاتصال به مرة أخرى:

 

-بقولك إيه أنزل أنت وأنا هجرب اكلمه تاني.

على الطرف الآخر كان يتواجد حبيبها داخل غرفته المفضلة والأقرب إلى قلبه بالمنزل.

 

حيث تتواجد بها الأجهزة الرياضية والأوزان الثقيلة الذي كان يحملها ويمرن نفسه فلا يكفيه عمله بصالة الألعاب الرياضية الذي قام بفتحها ويعمل بها كمدرب.

 

مستمعًا للموسيقى مستمرًا في تدريبه رغم إرهاقه وشعوره بالألم وتصبب العرق من جسده.

 

إلا أنه لا يتوقف شاعرًا بالغضب يسيطر عليه ويتملك منه كليًا.

 

وبالطبع حبيبته السبب بتلك الحالة..

انفرج باب الغرفة ودخلت منه “أبرار” زوجة والده و وأم أخيه والذي لم يراها يومًا زوجة أب.

 

بل كانت أمًا له ولم تفرق يومًا بينه وبين ابنها الحقيقي.

اغلقت الموسيقى التي تصدح بالإرجاء مجبرة إياه على الإيقاف وترك الوزن الذي يحمله، قائلة:

 

-في إيه يا وسام؟؟؟

هز رأسه مجيبًا بسؤال آخر:

 

-في ايه يا ماما؟

تفرست النظر إليه ثم إجابته بهدوء:

 

-مالك؟ متخانق مع زهر ؟؟

-لا مش متخانق إحنا زي الفل وعشرة على عشرة.

ارتفع حاجبيها ثم قالت:

 

-طيب هعمل نفسي مصدقاك وهعمل نفسي معرفش أنك لما بتبقى متخانق معاها بتبقى بالمنظر ده وبتقعد تطلع غلك في الرياضة، ويلا ادخل خد شور عقبال ما احضر الفطار.

تركته ورحلت فظل ينظر أثرها، وبدون أن يشعر كان يكز على أسنانه ويلتقط هاتفه ويذهب تجاه غرفته وهو يعبث به..

 

وعلى الفور وجد مكالمات فائتة منها لم يسمعها بفضل الموسيقى.

شرد قليلًا يفكر فيما عليه فعله الآن، وبالنهاية قرر تجاهلها في هذا الوقت كي لا تزيد الأمور سوءًا ومحادثتها لاحقًا وحينما يهدأ.

***************

ولجت أبرار المطبخ كي تعد الفطار مثلما أخبرت وسام، وأثناء فعلها لهذا نادت بصوت عالى على ابنها التي سبق لها ايقاظه عدة مرات حتى الآن ولم ينهض بعد.

-واد يا قصي قوم ياض عشان زهقت، هبعتلك أخوك يجيبك من قفاك.

تناهى صوتها العالى إلى مسامع أبنها والذي كان يتحدث بالهاتف بهذا الوقت مع صديقته.

 

فلحق ذاته وكتم الصوت كي لا يصل صراخها إلى فتاته مجيبًا إياها:

 

-صحيت يا مامي، صحيت، وجاي اهو.

ثم عاد ملغيًا كتمه للصوت متحدثًا مع الفتاة:

 

-كنا بنقول ايه يا حبيبتي؟؟

ردت عليه بنعومة تتصنعها:

 

-كنا بنقول هتعدي عليا بكرة بعد المدرسة ومعاك آسر عشان هو كمان يشوف يارا.

-اه صح، قوليلي بقى تحبي نروح فين بكرة؟؟

وقبل أن يستمع لجوابها استمع لوالدته التي تنادي عليه مرة أخرى واستمعت أيضًا تلك المرة فتاته والتي تدعو “همسة”.

صر على أسنانه وقال:

 

-جاي يا مامي جاي.

ابتسمت الفتاة وسألته بعفوية متعمدة:

 

-دي مامتك؟؟

استفزه سؤالها ورد عليها بسماجة:

 

-لا بابي وبقوله مامي، ايه السؤال ده يا همسة.

أطلقت ضحكة عالية ثم ردت:

 

-معلش معلش، يلا بقى روح شوف مامتك وأنا كمان هقعد اذاكر.

-ماشي، وهكلمك تاني لما اعرف أنتِ عارفة النهاردة الجمعة والعيلة بتتجمع، يلا سلام يا قلبي.

-سلام.

وما أن أغلق حتى وجد أبرار تردد بصياح مزعج:

 

-يا قصي بقى.

رد عليها بزهق وصوت عالي مماثل وهو يخرج من غرفته:

 

-ياما بقى، جاي ياما وربنا، دي مبقتش عيشة دي.

*******************

خرج “وسام” من دورة المياه، حاملًا بين يديه منشفة يمسح بها على رأسه وخصلاته شبه المنعدمة.

 

منتبهًا لهاتفه ولاسمها الذي يزين شاشته

 

“زهرتي”.

أخذ نفسًا عميقًا يصارع كل ما يدور بداخله، مقررًا الإيجاب عليها.

 

“صباح الخير”.

تراقص قلبها ما أن استمعت لصوته أخيرًا، قائلة:

 

“صباح النور يا وسام، فينك مش بترد عليا ليه؟ أنت زعلان مني؟”

ورغم إدراكها للحقيقة وإدراكها لصبره عليها وانتظاره لها الكثير من السنوات، إلا أنها سألته والقته بوجهه، مما جعله يجيب مستنكرًا:

 

“ازعل منك ليه؟؟ هو أنتِ بتعملي حاجة تزعل؟؟ ده كل ما في الأمر أني خطبتك بعد الثانوية العامة، وكتبت عليكي في إجازة نص السنة لسنة رابعة، والمفروض كنا نعمل الفرح بعد ما تخلصي علطول، واديكي خلصتي و الإجازة خلصت والسنة الدراسية الجديدة بدأت، وجاية امبارح تقوليلي نأجل تاني؟؟ لا تاني ايه قولي عاشر، ايه بقى اللي يزعل في كدة !! أنا مش زعلان خالص أنا مبسوط جدا ومنشكح كمان”.

ابتلعت ريقها وانعقد لسانها لا تدري بما عليها أخباره فهي حتى لا تعترف مع ذاتها باسبابها الحقيقية التى تجعلها تؤجل موعد زواجهم.

استنكر هذا الصمت من طرفها فقال ساخطًا:

 

“أنتِ متصلة عشان تسكتي؟؟”

“لا يا وسام متصلة عشان اشوفك جاي امتى، ولما تيجي نتكلم مع بعض”

رفض هذا وقال دفعة واحدة وبنبرة غاضبة:

 

“مش جاي ومعنديش كلام معاكِ، والجوازة هتتأجل تاني زي ما طلبتي، ويارب تكوني مبسوطة”

انزعجت من رفضه المجئ فقالت محاولة الضغط عليه:

 

“يعني ايه مش جاي، أنا عايزة اشوفك، وصدقني مش هضايقك وهنتكلم ومش عايزة اغير ميعاد الفرح، كل حاجة هتفضل زي ما هي، بس تعالى نتكلم.

حل صمت بين الطرفين لم يقطعه سوى صوته المتألم مما تفعله به:

 

“افهم من كدة إيه؟؟ أنتِ بتلعبي بيا يعني؟؟ بتلعبي بمشاعري عشان عارفة أني بحبك من زمان، اسمعي يا زهر لو مش عايزاني قولي وخليكي دوغري بس متلعبيش بيا”.

“أنت بتقول ايه مش عايزاك ازاي يعني، أنت عارف اني بحبك يا وسام، ومعرفتش طعم الحب غير معاك”

“مش بالكلام، بالأفعال، وأفعالك مش بتقول كدة، شوفي عايزة إيه وابقي بلغيني قرارك الأخير يا زهر”.

*******************

حل المساء ولم يحضر وسام بالفعل مع عائلته، ولا يزال الجميع متواجد بمنزل سلطان فقد خصصا يوم الجمعة من كل أسبوع للتجمع، متشاركين مع بعض المزاح والضحكات، وبالطبع بعض الجدالات الطفيفة بين بعض أفراد العائلة.

وبعد بعض الوقت غادرت عائلة الحلواني..

 

وبعد ذهابهم مال “آسر” على أذن قصي والذي يكون الأقرب إليه لتشاركهم ذات الصفات:

 

-واد يا قصي ما تيجي نخرج بليل ونسهر سهرة صباحي من اللي قلبك يحبها.

خطف قصي النظرات نحو أفراد العائلة يسأله بخفوت:

 

-من اللي قلبي يحبها افهم من كدة أن فيها حريم؟

-أكيد ياض، ها ايه رأيك، دايس معايا؟

-دايس جدًا، دايس اوي.

وبحركة مباغتة كان يقف أحمد خلفهم ويدخل برأسه بينهم مسببًا فزعهم مردد :

 

-بتقولوا إيه يا جوز شياطين أنتوا؟؟؟

ابتلع قصي ريقه بينما لكزه آسر مردد بحنق:

 

-أنت مالك يا تنح !!!

أيده جابر وهز رأسه وهو يقول:

 

-صدقت يا ولدي، هو تنح فعلا، واتنح منه مشوفتش.

ابتسم أحمد بسمة واسعة مضيفًا:

 

-ولا هتشوف يا أبي، عشان هو أحمد واحد بس.

ثم عاد مرة أخرى بانظاره نحو آسر وقصي يستفسر منهم:

 

-مقولتوش برضو كنتوا بتقولوا إيه؟؟

تدخل جده “سلطان” قائلًا:

 

-الله !!! أنت مالك بيقولوا إيه ده أنت حشري اوي يالا، الخالق الناطق أبوك.

رمقه جابر بجانب عينيه متمتم بعتاب:

 

-أبي أرجوك لا تقل هذا بحضور الجميع.

هنا وتثاؤب “محمد” واضعًا يديه على فمه، مستأذنًا من الجميع:

 

-بعد أذنكم أنا بقى يا جماعة طالع أنام تصبحوا على خير.

قطب خليل والده حاجبيه وسأله:

 

-هتنام بدري كدة يا محمد؟

-ولا بدري ولا حاجة يا بابا، وبعدين أنا تعبان جدا ومحتاج انام، بس لو حضرتك عايزني اقعد معاكم شوية كمان ممكن اقعد عادي.

ابتسم خليل له ورفض هذا متمتم:

 

-لا يا حبيبي اطلع نام يلا.

استجاب محمد وصعد لغرفته، فقال جابر معلقًا أثناء صعوده، حادقًا بابنائه الاثنان أحمد وصابر:

 

-شايف ياض أنت وهو، شايفين الأدب والاحترام، ايكش تتعلموا؟؟

رفع صابر أنظاره الباردة وثبتها على والده، والذي ما انتبه إليها، حتى قال متراجعًا:

 

-بهزر على فكرة، أنت زي الفل، هو اللي مهزق وقليل رباية.

وبالطبع لم ينصت أحمد لأي من هذا ذاهبًا بذهنه وشروده مع ابن عمه الذي صعد للأعلى كي يذهب بسبات عميق.

 

فهو الوحيد الذي أدرك سره الصغير الذي يخفيه عن الجميع صدفة، مدركًا بأنه ليس بتلك البراءة والاحترام الذي يرسمه أمام الجميع، بل هو مخادع كبير……………………..

يتبع.

فاطمة محمد.

 

الفصل التالي: اضغط هنا

يتبع.. (رواية الحب كما ينبغي) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.

أضف تعليق