رواية طوفان الدرة الفصل الخامس والثلاثون 35 – بقلم سعاد سلامة

رواية طوفان الدرة – الفصل الخامس والثلاثون

بعد مرور عِدة أيام
بمنزل مرعي
إستقبلت زوجته تلك الضيفة بترحيب كبير
تعلم فضلها على إبنتها منذ سنوات وهي تدعمها، حتى بعد ما إنتهت من دراسة الدبلوم، وفرت لها عمل…
تحدثت بهدوء:
بصي يا أم زينه انا النهاردة جايه فى أمر خاص
انتِ عارفة ان المشغل بتاعي مش بشغل فيه غير الناس المحترمة، وفى شاب إسمه أكرم ده المشرف بتاع المشغل، ويبقي ابن عمي ومتربي قدام عنيا، ولو مش واثقة فى أخلاقه مكنتش وافقت اتوسط له وأجي النهاردة أطلب إيد زينه له.

فرحة ما بعدها فرحة فى قلب والدة زينة كذالك زينة التى تقف بالقرب منهن سعادة بقلبها لا توصف، بالتأكيد ستوافق، فهذا هو طوق النجاة لها من براثن ذلك الوغد وليد…
لكن ذهبت الفرحة سُدى حين دخل مرعي، وسمع الجزء الاخير وعرض تلك السيدة وتحدث برفض قاطع:
طلبك مرفوض.
❈-❈-❈
بمنزل طوفان
تبسمت لـ شكريه قائلة:
عندي نواقص فى أدوات الرسم،اتصلت عالمحل اللى بشتري منه وقالى موجودة هروح أجيبها مش هتاخر.

ابتسمت لها بحنان قائلة:
بدل البهدله، كنتِ خلتيه جابها لحد هنا.

هزت جود راسها بمرح قائلة:
ليه، أنا فاضية وأهو أخرج أتهوى شوية من قاعدة البيت، كمان، فى كذا محل شوفت لهم اعلانات عالنت هروح أشوف منتجاتهم ولو عجبتني حاجه هشتريها… مش هتأخر.

ابتسمت لها شكرية قائلة:
ترجعي بالسلامه ركزي فى الطريق وبلاش سرعة زايدة.

ضحكت جود قائلة:
اطمني انا يادوب لسه بعرف اسوق، وبسوق زي السلحفة بالظبط.

ضحكت شكرية وتنهدت تشعر بأسي على حال جود صاحبة القلب البرئ التى بدأت شبابها بصدمة لا تستحقها.. زواج فاشل تجربة حُسبت عليها قيدت قلبها، لكن لم تنزع منه الطيبة،كذالك البسمة…تنهدت بتمنى قائلة بهمس:
ربنا يصلح حالك ويعوض قلبك باللى تستحقيه.

غادرت جود بالسيارة عبر ذلك الطريق… كانت تقود بسرعة متوسطة كعادتها، لكن
لوهلة ارتبكت حين ظهرت تلك السيارة أمامها، لم تستطع التحكم في أنفاسها ولا في السيارة ببديهية اوقفت السيارة فجأة إنتفضت السيارة قليلًا… ظلت بالسيارة تلتقط أنفاسها، هي مازالت جديدة العهد بقيادة السيارات لحظات حتى عاد تنفسها طبيعيًا ورفعت نظرها للأمام لتزفر نفسها بضجر حين رأت
توقفت تلك السيارة أمامها ببطء، وانفتح الباب ليخرج منها حاتم يترجل نحوها… لشعورها بالارتباك وعدم مهارتها بالقيادة نظرت خلفها، الطريق صغير ولن تستطيع العودة للخلف بسهولة ظلت جالسة بالسيارة، حتى توقف حاتم جوار السيارة يدُق على زجاج الباب المجاور لها.

زفرت نفسها ورفعت رأسها تنظر له لحظات كان الصمت، تأملت
ملامحه التي أصبحت بشوشة عكس ذلك العبوس السابق… كذالك ظهرت بعض الخطوط الخفيفة حول عينيه، كذالك النظرة اختلفت… ليست نفس النظرة السابقة التي كانت تمقتها…حتى الابتسامة ليست نفسها التي كان يطعنها بها حين تشعر ان ابتسامتة لها جافة…
ارتجف قلبها بمرارة، لكن هذه المرة لم يكن ضعفها حاضرًا، بل غضبها الذي حاولت دفنه طويلًا..ها هو يقف قريب منها بخطوة، عينيه مثبتتان على ملامحها،حتى صوته تبدل عن الذي عرفته يومًا بنبرة قسوة تحول الى نبرة هادئة، يقف امامها بجرأة ليست جديدة عليه قائلًا بنبرة واثقة:
جود… ممكن تنزلى من العربية نتكلم بس خمس دقايق مش أكتر .

رفعت ذقنها بعناد، تُقاوم ارتجاف يدها وهي تُمسك بمقود السيارة قائلة ببرود جارح:
لاء، ولو سمحت إبعد عربيتك عن الطريق خليني أعدى.

عاد يدُق على الزجاج بتصميم… فتحت الزجاج ونظرت له بغضب قائلة بتعنيف:
إنت خلاص اتوقفت عن شغلك كـ ظابط شرطة وبقت كل مهمتك هي إنك تطاردني فى كل مكان، أنا خلاص بقيت بفكر قبل ما أخرج من البيت هتطلع لى منين، كفاية مطاردات خلاص يا…

توقفت ماذا تقول قبل أن تنطق إسمه، ودت وجود صيغة أكثر رسمية، لا يهم حتى ان كان موقوفً عن العمل، فربما نطقها بتلك الصيغة تجعلة يشعر بالمرارة… بالفعل نطقتها بحنُق:. كفاية مطاردات يا حضرة الظابط مش
مش ناقص غير تحطلي كمين قدام البيت.

غصبً ضحك بمرح… ولم يهتم بتلك الكنية التى نطقتها قبل إسمه…. نظرت نحوه تلاقت عينياهم لاول مرة ترى بعينيه بريقًا غامضًا لا تعرف أهو ندمٌ صادق أم مجرد مراوغة جديدة.

بعناد ظلت فى السيارة و وقامت بالضغط على ذر رفع الزجاج لكن حاتم لاحظ رفع الزجاج وضع يده قبل أن ترفع الزجاج غصبً توققت، تنظر له باستهجان قائلة:
شيل ايدك من عالازاز، وإبعد عربيتك دي وخليني أكمل طريقي.

بتصميم من حاتم لم يهتم وتجرأ وفتح باب السيارة، ينظر لها، رفعت نظرها له باستهجان قبل ان تتحدث تجرأ وأخذ مفاتيح السيارة من المقود وابتعد قليلًا كي يجبرها على النزول من السيارة… اغتاظت جود من ذلك وترجلت من السيارة تشعر بغضب، للحظات
وقفت متسمّرة أمام باب السيارة، أنفاسها متلاحقة، وقلبها يدق بجنون… أمامها يقف الرجل الذي كان يومًا كل عالمها، ثم فجأة صار جرحها الأكبر…. اقترب منها بخطوات ثابتة، عيناه تجولان في ملامحها وكأنهما يسرقانها من جديد.

تحدث بصوت منخفض لكنه محمّل بثقة يعرفها جيدًا:
تعرفي إني بسببك بقيت القراية… انا حتى كُتب المدرسة مكنتش بقرأها

أطبقت أصابعها على حقيبتها بقوة لتمنع ارتجافها، رفعت رأسها بعناد وقالت ببرود جارح:
بصراحة بعد كلامنا فى المعرض ما توقعتش أشوفك تاني… إنت بقيت أسوأ كابوس فى حياتي..افهم احنا إنتهينا.

رغم غصة قلبه لكن ابتسم بخفة، ابتسامة كانت قديمًا رغم جفافها كانت تذيب قلبها لكنها الآن تمقتها،تحدث ببرود متغاضيًا:
قريت كل الكُتب اللى أنتِ سيببها فى شقتنا و..

قاطعته بحدة وهي تتراجع خطوة للخلف:
كُتب إيه، كفاية ياحاتم متفكرش إن كان صعب عليا أكرهك، إنت محيت كل إحساس يوم حسيت به اتجاهك تعرف أن كان سهل أغفر لك أي شئ لكن خيانتك ليا،وإنت بتوصل الود والغرام بينك وبين خطيبتك السابقة..وبتقابلها طبعًا كنت ضامن مشاعري،أو عالاقل كنت خلاص حققت انتقامك من طوقان،هزمتني وكسرتني كنت ضعيفة وقتها… بس دلوقتي لأ. ما بقاش ليك مكان في حياتي….

ساد صمت لوهلة، عينيه تتفحصانها كأنه يحاول إيجاد خيط ضعف واحد يمسك به… ثم تمتم بنبرة مكسورة لأول مرة:
جود أنا كنت حاسس بضياع صدقيني مقابلتي لـ ماهيتاب كانت….

بعصبية منها قاطعته تشعر بمرارة:
صدفة… كفاية كنت مخادع بلاش كمان تبقي كداب… تعرف يا حاتم أكتر شئ بحمد عليه ربنا هو إن الجنين اللى كان ممكن يربطنا ببعض نزل، كان هيبقي وصمة ليا منك، تعرف إنى خوفت أكره إبن أخويا بسببك، لكن اللى حصل العكس، رغم لو كان حملي كمل كان هيبقي عندى طفل فى نفس عمره، بس تصدق ربنا له حكمة، لو كان عندى ولد منك كنت هكرهه وأحب إبن طوفان أكتر منه… لان طوفان هو اللى فى عز وجعي كان الصدر الحنين اللى ضمني، رغم شوفت فى عينه ندم وعذاب، سمعته وهو بيزعق لـ درة اللى بيعشقها،لمجرد جابت إسمك قدامي وطردها من المستشفى وبيلوم نفسه…مكنش أناني ولا خاين زيك…ولا متخاذل وإبن أمه…أيوه كنت بتبقي شايف معاملة الست والدتك ليا وتقليلها من شآني وكدبها وادعائها،رغم ذلك بتصدق،الوحيد اللى كان بطيب خاطري بكلمتين هو والدك
جود بنت “نوح مهران” اللي كان الأكل بيتحط لها عالسرير مفكرتش لا فى دلع ولا إتكبرت بالعكس كان نفسي بس فى بسمة وكلمة شُكر،لكن لو قولتها هتكبر عليكم،مش ده كلام الست والدتك…سمعتكم كذا مرة مكنتش بتصنت كانت بتبقي صُدف عشان تبين قدامي قد ايه أنا كنت ساذجة لما اتنازلت من البداية…كنت بتعامل بقلبي…
قلبي اللى دلوقتي حطيت عليه لجام…أوعي تقكر إن لسه لك مشاعر فى قلبي، تعرف أنا إتقدم ليا كام عريس الفترة اللى فاتت، ولاد عائلات معروفة ولها قيمتها ومنهم اللى متجوزش قبل كده، شباب متترفضش، بس أنا مش عاوزة أظلم حد معايا، أو اظلم نفسي بتجربة تانية ممكن تكون أفضل من التجربة الأولى.

تجمّدت الكلمات على لسانه، قلبه ارتجف رغمًا عنه، لكنها تماسك، زفر بقوة وكاد يتحدث، لكنها
تركته،وتوجهت نحو سيارتها هو مازال واقف خلفها، يراقبها بنظرة ندم…

لم تنجُ خطواتها من صوته الذي لحقها، أوقفها كأنها ما زالت أسيرة تلك السنوات الماضية:
تفتكري كلامك ده هيخليني أستسلم… أنا رجعت علشانك… ومش هسيبك تاني.

التفتت نحوه بحدة، عينيها تتقدان بالجرح الذي لم يُمحَ:
ـ رجعت علشاني…

توقفت تضحك بسخرية موجعة قائلة:
تفتكر عندي استعداد أعيش الكابوس مرتين.

اقترب منها أكثر، المسافة بينهما تضيق، كأن الهواء يختنق بين أنفاسهما رغم وسع المكان:
يمكن ضعفت… بس صدقيني دلوقتي بحبك و…

ضحكت بسخرية مريرة، تلك الضحكة التي تُخفي دمعة تأبى النزول وقاطعته:
دلوقتي بتحبني… للإسف فات الوقت.

اقترب أكثر، وكاد يمسك يدها لكنها تراجعت بحدة، وكأن مجرد لمسته تعيدها إلى سنوات العذاب.
قالت بصوت مبحوح لكنه صارم:
أوعاك تلمسني… وإبعد عن طريقي كفاية مطاردات مش هتكسب منها أي شئ، وبلاش تضطريني عشان أخلص من مطارداتك، أوافق على أول عريس يتقدم لي.

تركت كلمتها تتردّد في صمت، ثم استدارت ومضت مبتعدة، بينما عينيه تلتمعان بمزيج غامض بين الندم والإصرار… مزيج يوحي أنه لم يأتِ ليلتقي بها فقط، بل ليحارب لاستعادتها، حتى لو كل شيء في داخلها يصرخ بالرفض…

نظرت نحوه بحِدة قائلة:
لو سمحت إبعد عربيتك من طريقي… اللى زيي ميلقش بمقامها توقف فى نص الطريق فُرجة للى يسوا واللى ميسواش

نظر نحوها وفكر وفكر، كلماتها قاسية، لكن لديها كل الحق بها… لكن هو لن يستسلم، وإن لم تنفع المطارادات لابد من طريق آخر…
ذهب نحو سيارته وبالفعل إستقام بها على الطريق،بنفس الوقت مرت جود بسيارتها سريعًا كأنها تهرب.
❈-❈-❈
بعد وقت بنفس اليوم
بـ مبني تابع للشرطة
أدي حاتم التحية العسكرية…
نظر له القائد قائلًا:
إتأخرت عشر دقايق يا حضرة الضابط.

تحدث متأسفً:
آسف يا أفندم محسبتش وقت الطريق.

ابتسم له القائد قائلًا:
طبعًا وصلك نسخة من تقرير الردار اللى لقط نمرة شاسية العربية الكاميون اللي نزل منها المجرم اللى اعتدى عليك، للآسف زي ما إنت توقعت إن العربية مسروقة، وطبعًا فى هدف من ورا سرقة سلاحك، ولغاية دلوقتي مظهرش السلاح، لازم ناخد حذرنا، القيادة لو مش واثقة إنك ظابط كُفأ، كمان إنت أكدت كفاءتك لما إتعاملت مع المجرمين اللى كانوا حاولوا مطاردة زوجة طوفان مهران، رغم وقتها مكنش معاك سلاح بس عرفت تتعامل بمهارة وده حسِن من موقفك قدام لجنة التحقيق… وإنت عارف إن قرار وقفك عن العمل مجرد إشاعة ووضع مؤقت.

أومأ حاتم قائلًا:
تأكد يا أفندم إنى مش هرتاح غير لما ارجع سلاحي من تاني، أنا عارف إن سلاح الضابط بمثابة شرفه المهني.

هز القائد رأسه مؤكدًا:
الثقة دي مطلوبة، بس لازم تبقى صاحي كويس… في حد خطط كويس للضربة اللي اتعرضت ليها… وسرقة السلاح دي مش مجرد صدفة، دي خطوة في خطة أكبر.

أومأ حاتم له بتأكيد ذلك، فكر القائد للحظات ثم تحدث بجدية:
عدم ظهور السلاح لغاية دلوقتي لغز ولازم تنتبة، أكيد فى غرض لسرقة سلاحك.. ممكن اللى سرقة ينفذ بيه عملية اغتيال لشخص قريب منك.

وافق حاتم على ذلك قائلًا:
ده فعلًا يا أفندم اللى فكرت فيه، ومتأكد مش هيطول كتير.

وافقه القائد قائلًا وهو يشبك أصابعه فوق المكتب:
تمام، عاوزك تكون في قمة الحذر… حكاية وقفك عن العمل وتحويلك لمحاكمة عسكرية أكيد هيكون لها خلفية، مش مجرد إجراء إداري… في حد ورا الكواليس بيحرك الخيوط ضدك.

تجهم وجه حاتم وقال بصرامة:
تقصد ايه يا أفندم إن في حد من جوه الجهاز نفسه متورط.

أومأ القائد بحذر:
وارد جدًا… ومش عاوزك تستبعد أي حد، حتى القريبين منك… المجرم اللي استهدفك كان واثق من تحركاتك، وعارف خط سيرك بالظبط… ودي مش معلومة أي حد يقدر يوصلها بسهولة.

أخذ حاتم نفسًا عميقًا قائلًا بعزم:
يعني المهمة مش بس استرجاع السلاح… لكن كمان كشف الخاين.

ابتسم القائد ابتسامة مقتضبة وقال:
بالظبط… وممكن الخاين ده يبقى هو مفتاح العملية كلها.

وقف حاتم وأدى التحية العسكرية مجددًا:
اطمّن يا أفندم، أكيد مش هسمح لخاين وسطنا.

هز القائد رأسه وقال بجدية:
تمام استعد… من النهاردة أنت داخل حرب مش معروف الخصم يا حاتم.

اومأ حاتم برأسه، ثم أدى التحية العسكرية وغادر، فهو حقًا بين حجري رحا
الحجر الأول…عليه استعادة سلاحه قبل أن يستغل فى جريمة
والحجر الآخر
هو إستعادة جود وربما هذا الأصعب الآن،لكن لا شيئ مستحيل.
❈-❈-❈
بعد مرور يومين صباحً
قبلت وجدان يد نوح الصغيرة وهي تُعطيه لـ درة قائلة:
هتوحشك يا نوح، تروحوا وترجعوا بالسلامة، إبقي سلمي لى على جدتك يا درة.

إبتسمت لها درة، بنفس الوقت وصلت جود قائلة:
أنا جاهزة فين طوفان.

أجابتها وجدان:
طوفان طلع الجنينه كان بيرد على الموبايل، اها رجع أهو.

ابتسم طوفان قائلًا:
لو جاهزين يلا بينا، نتوكل عشان نوصل القاهرة قبل الضهر… الطقس بدأ يحرر من تاني.

أومأت له وجدان قائلة:
ايوة عشان نوح مش هيستحمل الحرارة.

ابتسمت جود قائلة:
كل خوفك على نوح،لازم الشمس تنقحه حتى عشان يسمر ويبقي راجل.

ابتسمت وجدان قائلة:
نوح راجل من ضهر راجل،وكفاية مشاغبة فى الواد،بقي شقي بسببك.

ضحكت درة توافق وجدان قائلة:
فعلًا يا طنط عندك حق.

ادعت جود القمص واقتربت من طوفان قائلة:
شايف يا طوفان،الكنه والحما اتفقوا عليا،وده بسبب نوح… وهطلع انا العمة الحرباية.

ضحك قائلًا:
لاء طبعًا إنتِ أحن وأحلى عمة.

تبسمت له، كذالك وجدان التى قالت:
كفاية عطلة يلا اتكلوا على الله عشان توصلوا قبل الشمس ما تبقي قاسية.

تبسم طوفان وأشار لهن ان يسبقنه الى السيارة.

بعد لحظات غص قلب طوفان حين تعمدت درة الصعود الى المقعد الخلفي للسيارة وتركت جود تجلس جواره…كانت جود تنظر نحوها تُشاغب نوح،بينما درة شاردة أحيانًا،الى أن توقف طوفان امام تلك البِناية،إستغربت جود قائلة:
إحنا فين.

أجابها طوفان وهو ينظر نحو درة قائلًا:
ده بيت جِدة درة، انتبهت درة…نظرت نحو البِناية… ترجل طوفان من السياره وفتح الباب الخلفي ينظر لـ درة قائلًا:
طنط زمانها مستنية نوح من بدري.

ابتسمت درة، وأعطته الصغير،ثم ترجلت من السيارة،كذالك جود التى تشعر بالحرج.

بعد لحظات تبسم طوفان لتلك التي فتحت باب الشقة تبتسم بترحيب مدت يديها أخذت نوح منه قبلته قائلة:
نوح من يوم العقيقة مشوفتكش غير فى الصور اللى بتبعتها كريمان،لا ده مختلف عن الصور خالص،جاب شكل طوفان.

ابتسم طوفان،بينما نظرت درة لـ جدتها قائلة:
يعني نوح بس هو اللى عاوزه تشوفيه لكن أنا بقي هو حبيبك لكن أنا لاء.

ضحكت جدتها سندت الصغير على يد ومدت يدها الاخري قائلة:
لاء طبعًا إنتِ روحي… وبعدين هتغيري من إبنك.

ابتسمت درة وهي تحتضن جدتها
كذالك رحبت بـ جود…

بينما تحدث شاهر الذي خرج من باب الشقة قائلًا:
إدخلوا جوه بدل سلام السلالم ده.

ابتسم طوفان، بعد لحظات بداخل الشقة، تعمد شاهر الجلوس على طرف مقعد درة وقبل رأسها قائلًا:
هتفضلي تتجنبيني كتير، أشمعنا أنا، طوفان أحسن مني فى إيه، هو كمان كان مشترك معايا، بل الفكرة كلها كانت من تخطيطه… ولا عشان هو اللى فى القلب.

نظرت درة نحو طوفان ثم سرعان ما حايدت النظر له، غص قلبه، لكن تبسمت لـ شاهر،
جلسوا لبعض الوقت ثم نهض طوفان قائلًا:
عندى إجتماع كمان ساعة فى المقر… هرجع المسا أخد جود ودرة ونوح.

ابتسمت الجدة قائلة:
ربنا يوفقك، هعمل حسابك عالعشا أوعي تتأخر زي شاهر وتقولى مواعيد الزباين.

ضحك شاهر قائلًا:
لاء طوفان رجل أعمال مش محامي، ربنا تاب عليه بدري.

ضحكوا جميعًا.. غادر طوفان وخلفه شاهر وظل
جود ودرة برفقة الجدة التى كانت مرحه معهن.

❈-❈-❈
بمنزل حاتم
زفر نفسه بضيق، علم أن جود سافرت الى القاهرة، بالتأكيد فعلت ذلك كيف تتجنب مطاردته لها،
لوهلة شعر بغضب حين تذكر ذلك الناقد الفني الذي كان بالمعرض وأعطاها بطاقة خاصة به مد يده يجذب هاتفه،حاول الاتصال على جود لكن هاتفها يُعطي مُغلقً، ضغط عليه بقوة
تساءل في داخله بمرارة:
هل يُعقل أنها ستلجأ إليه… هو قدم لها عرضً لزيارته بمعرضه الخاص…
وسؤال آخر يوسوس له به عقله:
هل من المُمكن ان تفتح قلبها لذلك الغريب الذي لم تعرفها سوى ساعات قليلة.

والجواب حاضر بعقله حين قالت له
“أنا هوافق على أول شخص يدخل حياتي، عشان تتأكد إنك اتمحيت من حياتي”

أجفل حين غزت رأسه صورتها وهي تبتسم بخجل لذلك الناقد، كيف كانت عيناها تتألقان بفضولها الفني، كأنها لم ترا في القاعة أحدًا سواه…
تحرك باضطراب، شعر أن الأرض تضيق عليه، وأن سفرها لم يكن مجرد صدفة بل هروبًا متعمدًا منها.

همس بين أسنانه بغيظ:
جود… فاكرة إنك هتهربي مني بسهولة القاهرة مش آخر الدنيا، وهتعرفي إن مفيش طريق يبعدك عني.

❈-❈-❈
بالمقر الخاص بـ طوفان،إستقبل شاهر،جلس الاثنين معًا…نفث طوفان دخان السيجارة،فسأله شاهر:
شكل درة زعلانه أوي،كنت متوقع كده منها،إنت شايف رغم مرور وقت على صدمتهت اني بدلت صيغة التوكيل،بس لسه بتعاملني بحزازية،درة من النوع اللى مش بتسامح بسرعة،بس كويس إنك كنت قولت لها على جوازك من روزان،يمكن ده عالأقل خفف شوية من حِِدة الموقف،يمكن لو كانت عرفت من روزان كانت روزان سممت عقلها وإتسرعت زي عادتها،ومش بعيد كانت طلبت الطلاق.

نظر له طوفان بصدمة،لكن تذكر عقله…
درة رغم معارضتها فى البداية لزواجهم،لكنها لم تطلب الطلاق،كذالك بعدما أخبرها بزواجه السابق من روزان لم تطلب الطلاق…

ألقى طوفان نظرة جانبية على شاهر قبل أن يزيح رماد السيجارة في المنفضة، ثم تحدث بنبرة مُتاثرة:
مش موضوع إني قولتلها يا شاهر… الموضوع إن درة أصلاً قلبها مليان وجع، أي حاجة صغيرة هتخليها تفور من جديد، حتى لو أنا عملت ألف خطوة صح، نظرتها ليا مش هتتغير بسهولة.

مال شاهر للأمام، واضعًا كفيه على ركبتيه:
للآسف درة عقلها صغير وبتتأثر وبتاخد موقف جامد وقلبها اتكسر كذا مره صعب جدًا ترجّع ثقتها بسهولة،وأكيد حاسة جرحتها جامد … وجود روزان في الصورة اديها إحساس إنك سهل تستغني عنها وتروح لغيرها.

رمقه طوفان بحدة خافتة، وصوته خالطه الندم:
روزان كانت غلطة… وندمت عليها من البداية، بس غلطة واضح انها هتفضل تطاردني طول الوقت… المشكلة إن درة مش بس زعلانه… دي حاسة إنها اتخذلت مني، وده أصعب من أي خصام.

شد طوفان نفسًا عميقًا من السيجارة، وصوته غلّفه مزيج من الغضب والمرارة:
روزان قمة الوقاحة،كنت متأكد إنها مش هتسيبني في حالي، ، واستغلت فرصة وأكيد سخفت وقالت لـ درة إن لسه في بينا تواصل … مع إن أنا نفسي بتقزز من وجودها.

رفع نظره نحو شاهر، ملامحه غائمة بحِدة:
روزان حقيرة ومش فارق معاها لو حرقت الدنيا حواليها، المهم تهز صورتي قدام درة … وتزعزع ثقتها فيا،وده اللى وصلت ليه فعلًا.

أمال شاهر رأسه وهو يتأمل وجه طوفان،شعر بالاسف قائلًا:
للآسف، بس أعتقد مع الوقت درة هتتقبل الأمر ببساطة، يعني مسألة وقت، زي ما إتقبلت قبل كده حكاية جوازك منها بالتوكيل.

زفر طوفان نفسه قائلًا:
الأمر مختلف يا شاهر، أنا عِيشت جزء من الإحساس ده وإنت عارف وقت ما درة اتكتب كتابها على حسام… كنت يائس من كل شئ حواليا… درة معظم الوقت ساكته، حتى لما سألتها روزان قالت لها ايه اتهربت من الرد.

هز شاهر رأسه قائلًا:
كويس إنك جبتها معاك هنا، ماما بتقدر تحتويها.

تنهد طوفان بتمني قائلًا:
ياريت.

ابتسم شاهر مازحً:
تصدق بسببك بقيت حاسس اني أسامة منير.

ضحك طوفان كذالك شاهر قائلًا:
قوم انا لغيت مواعيد زباين المكتب بسببك، خلينا نلحق ميعاد العشا.
❈-❈-❈
بالمنيا
عبر الهاتف، بصوت هادئ لكنه ماكر:
طوفان سافر القاهرة النهاردة الصبح.

رد الآخر بسرعة، بنبرة حماس أعمى:
بسيطة… أسافر القاهرة وأنفذ المهمة هناك.

لكن الصوت على الطرف الآخر انفجر فيه غضبًا:
غــبــي قولتلك ألف مرة العملية لازم تتم هنا… في المنيا.
صمت الآخر لحظة، ليسمع أمره وهو يتحدث بصوت منخفض لكن ممزوج بالسُم:
بعد ما تضرب الرصاص على طوفان، السلاح يتشال فورًا ويتحدف في بيت حاتم.

تنفس ببطء وهو يضيف بلهجة آمره:
ساعتها التهمة هتلزق فيه زي المسمار، ويبقى كداب رسمي لما قال إن سلاحه اتسرق.

صمت الآخر للحظات، يبتلع غصته من الإهانة، ثم رد بصوت متردد يخفي انكساره:
حاضر… زي ما تأمر.

لكن في داخله كان الغليان ينهش صدره، قبضته تشتد على الهاتف كأنه يكاد يسحقه… همس لنفسه بعد أن أنهى المكالمة:
يوم ما هخلص المهمة دي… هتندم إنت على كل كلمة شتيمة قلتها لي.

ألقى الهاتف على المقعد بجواره، وأشعل سيجارة نفث دخانها بتوتر، ينفث دخانها بعصبية. عيناه لمعت بخليط من الطمع والانتقام، بينما صور طوفان وحاتم تتراقص في ذهنه…
الخطة وُضعت… لكنه بدأ يفكر بخطة تانية، خطة تخصه هو وحده… حين يكسب بعد ضرب طوفان و حاتم بحجر واحد.
❈-❈-❈
بالڤيلا الخاصة بـ طوفان بالقاهرة

دلفت جود أولًا وخلفها درة تحمل صغيرها وخلهن طوفان الذي أغلق الباب خلفه إستدارت جود تُشاغب نوح ثم قبلت وجنتيه قائلة:
أنا حاسة بإرهاق، مش واخدة عالسهر، بصراحة طنط جدة درة لذيذة أوي، مكنتش عاوزانا نمشي عشان نوح.

ابتسم طوفان، كذالك درة، قائلة:
أنا كمان عاوزة أنام… نوح شكله هادي كده، طول اليوم منامش ساعتين، بسبب تيتا، كل ما يجي ينعس تشاغبة فيصحي، كويس أهو يمكن ينام دلوقتي للصبح وأنام انا كمان بدون ازعاج منه.

ضحكت جود قائلة:
تصبحوا على خير.
تصبح على خير يا نونو، اوعي اما نرجع المنيا تقول لـ تيتا وجدان انى بدلعك بتزعل اوي.

بعد قليل بغرفة طوفان
خرج من الحمام المُرفق بالغرفة يلف خصره بمنشفة نظر نحو الفراش كانت درة نائمة بعد بدلت ثيابها بمنامة منزلية سمراء،زفر نفسه يشعر بغصة،درة عادت للـ اللون الأسود… ظل الصمت للحظات قبل أن يقطعه همهمات نوح النائم جوارها على الفراش،توجه للناحية الاخرى للفراش،نزع عنه المنشفه ثم تمدد على الفراش ينظر نحو درة التى ادعت الانشغال مع نوح الى أن نعس وغفت هي الأخري،غفى هو الآخر .

بـ صباح اليوم التالي
فتحت درة عينيها بعدما شعرت بملمس أصابع تُمسد على وجنتيها بنعومة،
بمجرد أن فتحت عينيها تبسم طوفان لها قائلًا:
صباح الخير.

ظلت تنظر له للحظات بصمت، تشعر بقيد يديه حولها وعقلها يستوعب كيف وصلت الى النوم صدر طوفان ابتسم طوفان رفع برأسه قليلًا حتى امتزجت انفاسهم… يُقبلها
شعرت بوجنتيها تلتهبان، تاهت بين رغبتها في الفكاك والاستمتاع بدفئ صدره، نظرت له
يعلم أن تلك النظرة لوم وعتاب معًا..، لكن نظراته لها كانت هيامً سحبها له
اقترب أكثر، وبهدوء يُحاكي العاصفة قبل انفجارها، طبع قبلة خفيفة على شفتيها، لم تُدرك نفسها إلا وقد أغمضت عينيها مستسلمة للحظة، قلبها يخفق بجنون.

 

الفصل التالي اضغط هنا

يتبع.. (رواية طوفان الدرة) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.

أضف تعليق