رواية جرح فتى الفصل الأول 1 – بقلم ولاء عمر

رواية جرح فتى – الفصل الأول

ــ أنا خدت الشقة دي من وراهم بعد ما حوشت تحويشة عمري، من وأنا في تالتة ابتدائي وأنا بنزل أشتغل وأساعد أمي وإخواتي في مصاريف البيت إتهانت وإتداس عليا كتير كدا كفاية، بقالي سنين شغال ومرمطون ليهم، مجاتش على دلوقتي إني أفكر في نفسي يا خليل.

كنت قاعدة في البلكونة وسمعته وهو بيتكلم في الموبايل، وهو مين هو جارنا اللي ساكن جنبنا بقاله كام شهر بس أنا معتزلة العالم ومبطلعش إلا قلة القليل.

دخلت ولا كأني سمعت حاجة وسحبت نفسي ودخلت أوضتي، تاني يوم كان الجمعة، كالعادة يعني لازم ماما تصحينا بدري أنا و عبدالله أخويا علشان نروق البيت ونجهز الفطار.

بالفعل عملنا كدا بعد ما اتخانقنا خمستلاف مرة في نفس الدقيقة على حاجات تافهة وماما جات زعقت لنا وقالت لنا إننا كبار مش صغيرين على اللي بنعمله دا بس إحنا آه صغيرين، أنا يدوبك اتنين وعشرين والواد عبدالله اتناشر سنة.

سمعت الباب بيخبط فلبست خمار البيت وفتحت الباب.
كان شاب طويل، ملامحه عادية بس حلوة ما أنكرش.. إيه لحظة.

ــ صباح الخير ، معلش ممكن شاكوش ومسامير ورأس توم.

رديت عليه بعد ما دماغي عملت إيرور:
ــ إيه؟! منين بيودي على فين يا أستاذ.

ــ بصي، عايز شاكوش علشان بصلح الشباك النهاردة وفي إجازة، ولو معندكوش مسامير أنا ممكن أنزل أشتري، أما رأس التوم فـ هي علشان بعمل أكل والتوم خلص من عندي.

دخلت لبابا جوا وقولت له وهو جابهم و طلعهم ليه.

ــ بابا هو دا جارنا اللي بقاله كتير ساكن جنبنا ومحدش إتعامل معاه قبل كدا صح؟

ــ أيوا هو، بس عادي أنا إتعاملت معاه قبل كدا كذا مرة وهو شاب كويس وباين عليه بيشقى يا بنتي كتر خيره، كنت بقابله في المسجد في صلاة الفجر، نخلص صلاة وبعدها يأخد بعضه ويمشي على شغله، يلا إكوي لي الجلابية علشان عايز ألحق صلاة الجمعة.

ــ حاضر يا حبيبي.

دخلت كويتها وإديتها له وبعدها طلعت البلكونة أسقي الريحان والورد بتوعي.

ــ ما طبيعي محدش يعرف علي دا غير لو عايزين فلوس، غير كدا علي دا لو ما.ت محدش هيعرف بموته ولا حد هيدور عليه غير وقت ما تحتاجوه.

مش قصدي أتصنت والله بس هو اللي صوته عالي.

رفع رأسه للسماء وقال بتعب :
ــ يارب أنا والله تعبت، عوضني خير وراضيني وإرضيني، بقالي سنين بتعب بلا راحة، أنا والله مدرك إنها دار شقاء، بس تعبت والله.

إتنهد وميل رأسه على السور وأنا دخلت قبل ما يأخذ باله مني.

قلبي وجعني عليه، أصل ليه حد يوصل لحد الإحساس دا، ليه حد يحسس حد إنه بلا قيمة، قيمته فلوس ومصلحة ومصالح بتتقضي وبس، مؤلمة والله .

دخلت وجهزت الغدا وصليت وعلى بال ما خلصت صلاة كان بابا و عبدالله جُم ودخلت صحيت ماما .

ــ هخلص أكل وأدخل أصلح عند علي جارنا الشباك اللي هو مش عارف يعمل فيه حاجة دا.

بالمناسبة بابا فاتح ورشة نجارة ورثها من جدو بس هو حالياً وسعها وبيتاجر في الموبيليا.

ــ أختك جاية بعد شوية، إدخلي جهزي حاجة تشربها هي وجوزها، وإنزلي بعدها هاتي حلويات وشيبسي لتالين.

ــ ماما إحلفي كدا إنك مش لاقياني قدام باب جامع ولا متبنياني، ما أهو مش معقول من ساعة ما صحيت وألف حوالين نفسي كدا كأني نحلة.

قالت بنبرة تهكمية كعادتها:
ــ وهو أنتِ عملتي إيه غير جهزتي الفطار والغدا وروقتي الشقة أنتِ وأخوكي؟!

ــ ولا أي حاجة يا حبيبتي هاتي بس أنزل أجيب الحاجات واشتري عصير.

خدت منها الفلوس ولبست ونزلت على أقرب سوبر ماركت .

سمعت صوت واحد كان بيعاكس لكني ما إلتفتش ليه لحد ما قرب مني وكان هيلمسني، محستش غير بواحد بيسحبه وبيلكمه.

ــ أنت شايف نفسك راجل يعني لما تقرب من واحدة وتعاكسها ورايح كمان تتحرش بيها ؟! شكل المرجلة معدتش عليك.

قال كدا وهو بيضربه وكمل كلامه:
ــ وبعدين دي بنت المعلم زيدان، يعني فكر تقرب لها تاني واسمك هيتمحي من المنطقة ولا إيه يا وحش؟

بص ليا وقال :
ــ أي خدمة يا أستاذة.

قولت بتوتر من الموقف وإمتنان ليه:
ــ شكراً.. شكراً ليك يا أستاذ .

مقدرتش أمسك دموعي ومشيت جري وأنا بعيط وبتدارك الموقف.
طلعت البيت على دا الحال وفتحت لي ماما .

ــ يا بنتي مالك؟في إيه ؟ دا أنتِ كنتي نازلة بتضحكي ومفيش حاجة!

قعدت على أقرب كرسي وانهارت وبدأت أحكي.
ــ في واحد حاول يتحرش بيا يا ماما، عاكسني وتجاهلته علشان يسكت بس هو تمادى وحاول يلمسني… بس.. بس جارنا اللي في وشنا مسكه ضربه وإداله العلقة التمام.

قربت مني وحضنتني وهي بتطمني:
ــ إهدي يا حبيبتي الحمد لله إن الموضوع عدا وإن الجدع دا ساعدك.

قولت ودموعي لسة بتنزل بخوف
ــ طيب ولو مكانش موجود يا ماما كان إيه هيحصل لي؟ يا ماما دا حاول..

قاطعت كلامي وهي بتطبطب عليا وتقوم من مكانها وقالت بهدوء:
ــ عدي الموضوع يا فاتن وإقفليه عشان مش ناقصين مشاكل.

ــ بس يا ماما ءءاا..

ــ مبسش يا فاتن، قولت قفلي على الموضوع وبعد كدا إبقي وسعي لبسك عن كدا، متخليش حد يقولك بم حتى مفهوم؟

بصيت ليها بعدم فهم، أو بمعنى اوضح إستنكار ورفض لفكرها وقولت:
ــ حضرتك أنا لبسي كله واسع، أنا مبلبسش بناطيل برا البيت، دا أنا لبسي كله جيب ودريسات ومفيش فيهم حاجة مفصلاني، حتى طرحي طويلة، هو علشان شخص مريض حاول يعمل حاجة زي كدا يبقى العيب فيا مش في دماغه؟!

كملت كلام بحزن ووجع:
ــ كنت مستنية حضرتك تفهمي خوفي وتقدريه، تفهمي إن الغلط مش مني، تحتويني وتطبطبي عليا؛ دا مش بعيد لو كان لمسني ولا عمل لي حاجة كنتي جيبتي الغلط كله عليا! كنتي وقفتي في صف اللي بيقولوا إن الواحد من دول مش غلطان لاء دا إحنا كبنات اللي غلطانين.

دخلت أوضتي وقفلت الباب، قربت من السرير وقعدت، رفعت كفوفي على وشي وإنهارت، ماما اللي جابت اللوم عليا من موقف النهاردة هي نفسها اللي لما كان حد يشكي مني وأنا صغيرة ليها إني عملت مشكلة بتصدقه وتضربني .

نفسها اللي بتأنبني على كل كبيرة وصغيرة، قمة الأسى والله.

قومت وبصيت من الشباك وأنا حاطة طرحة على رأسي وسندت عليه وبصيت للدنيا حواليا.

شوفت واحد بيطير الحمام بتاعه وفاتح له الغِيّة وهما بيطيروا.
في لحظات كتير بتخلي الواحد مننا يكون طير بجناحين، وقت ما يحس إنها ضاقت بيه يطير في السما.

أو… أو يلاقي حد يفضفض له.

جات إختي برا وجوزها فطلعت قعدت معاهم لحد ما دخل بابا وهو متعصب ونادى عليا فقربت منه.

ــ مين الجدع اللي حاول يعاكسك دا؟

ــ والله يا بابا ما أعرفه، أنا أصلاً خوفت أرد عليه زي ما ماما على طول بتقولي … ولولا..

قطع كلامي وهو بيقول:
ــ يعني إيه تسكتي له وتمشي؟

الفصل التالي اضغط هنا

يتبع.. (رواية جرح فتى) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.

أضف تعليق