رواية خليل الروح الفصل الثامن 8 – بقلم مريمه

 رواية خليل الروح الفصل الثامن 8 – بقلم مريمه 

|8|

‘ اسفه يا جدي ، انا مش موافقة .

وتركتهما خلفها ، جالسين بين صدمة لا تُفهم ، وسؤال لم يُطرح 

نظر لجده بصدمة وهو يقول 

‘ طب ليه؟ ماخدتش وقت في التفكير حتي !

كان يتكلم بألم ، مثل طفل تركته أمه في منتصف الطريق إلي المنزل ، ولم يعلم لماذا فعلت بقلبه هذا .

ربت الجد علي كتفه وقال بمواساة

‘ نديها وقتها يا ولدي ، يمكن المفاجأة هي اللي عملت فيها كِده ؛ هنسيبها شوية ونتكلم تاني.

قال بتصميم :

‘ وتالت وعاشر يا جدي ، أنا مش هتراجع عشان رد بايخ وبدون اسباب كِده .

الجد بتأكيد لكلامه وفرحه لتمسك حفيدة بحفيدته الغالية 

‘ جدع يا ولدي ، وأنا في ضهرك وبأذن الله ربنا يحنن جلبها .

“كيف للقلب أن يرفض شئ يُريده بشدة ، هل يمكن للإنسان أن يجرح ذاته مثل هذا الجرح ؟!” 

كانت تجلس في غرفتها منذ تركها لهم ، ساكنة مكانها لا تتحرك ، ولكن هناك بداخلها عاطفة من المشاعر المتناقضة ، عاصفة لا تهدأ ولا تستكين ، لماذا لا يهدأ قلبها؟ كانت تظن أنها بإجابتها تلك سوف ترتاح وتهدأ ، وإذ بقلبها ومشاعرها اقاموا حرب ضد عقلها وافكارها ..

خرجت من سكونها علي صوت اتصال ، القت نظرة علي شاشة الهاتف فوجدت جدها سليمان ، تنهدت واخدت نفس عميق في محاولة لإخراج صوتها طبيعي ، وفتحت المكالمة وقالت بابتسامه

° جلب مريم ، اتوحشتني والله .

اتاها الرد :- يا بكاشة ، لو اتوحشتك صُح، كُنتِ جيتي شوفتيني .

قالت بهدوء :

‘ حجك عليا والله ، أنا بفكر اجي اقعد الاسبوعين دول عِندِكم لعند لما فرح عمر واد عمي يُخلص .

قال بلهفه:

‘ بيتك هينور يا حبيبة جدك ، يلا اجهزي وانا هبعت حد من العيال ياخدك .

قالت بتردد:

‘ بس أنا ماقولتش لجدي ، وحُصل موقف كِده فانا مش عايزاه يفكر اني ماشية من البيت عشان كِده .

سألها :- حُصل إيه، حد زعلك ؟ 

قالت سريعًا :

‘ لا لا  والله ، ماحدش بيزعلني ، بس هي حاجة كِده هقولك عليها بعدين .

سكت لثواني وقال :

‘طب خلاص أنا هصلي العصر في المسجد جنبكم ، وهعدي اخدك ، وهتصرف مع ابن خالتي .

قالت بابتسامة:- ماشي يا جدي ، هستناك .

…………

عصراً في بيت الجد زهران 

دخل الجد سليمان من باب المنزل واستقبله حمزة الذي كان يجلس في حديقة المنزل 

حمزة بترحاب :- يا مُرحب ، وانا اجول الدار نورت .

الجد  سليمان بضحك :

‘ العيلة كُلها كالمنجية كِده ، الدار منوره بيكم يا ولدي .

حمزة وهو ياخذ بيده :

‘ والله منور صُح ، تعالي نخش جوه ، ده جدي وجدتي هيفرحوا جوي .

قال وهو يدخل معه :

‘ محدش منكم صلي في المسجد ليه ، ده انا جولت هقابلكم فيه.

رد بهدوء :

‘ صلينا في المسجد اللي علي اول البلد ، جدي كان حابب يصلي فيه انهارده .

كان سيرد فقاطعه صوت الجدة وهي تقول بفرحه لقدوم اخاها 

‘ سليمان بنفسه عِندِنا ؟ ده احنا ندبح عجل دلوقت.

ضحك وقال وهو يطبع قبله علي رأسها : 

‘ جولت اجي اشوف خيتي اللي مطنشاني دي.

قالت بلهفة:

‘ لا والله يا خوي ، بس إنتَ عارف مابقدرش اتحرك كتير .

قال بمرح رغم كِبر سنه:

‘ كبرتي وعجزتي إنتِ وجوزك ، اتعلموا مني كيف تفضلوا شباب. 

تعالت ضحكاتها هي وحمزة ، وقاطعهم خروج الجد زهران من مكتبة

قال بترحاب شديد ومحبة لصاحبة وإبن خالته والأخ الأكبر لزوجته

‘ يا مُرحب يا مُرحب بواد خالتي ونسيبي .

اقترب منه واحتضنه واكمل 

‘ الدار منوره بيكَ يا سليمان ، أنا كُنت ناوي اجيلك بعد صلاة المغرب.

الجد سليمان بابتسامه:

‘  ماحبتش اتعبك يا خوي وجيت .

قال بفرحة:- نورت بيتك والله ، تعالي نقعد في المكتب .

اخذه واتجه للمكتب بعدما طلب منهم احضار القهوة .

بداخل المكتب 

الجد زهران :- عايز اجولك علي حاجة مُهمة .

الجد سليمان بتساؤل:- خير يا زهران قلقتني ، قول .

بدأ يحكي لما ما حدث بينه وبين مريم وياسين ورفضها السريع بدون اسباب.

الجد سليمان بحيره:

‘ والله يا خوي ماعرفش اجولك إيه؟ ياسين زين الرجال ، دين واخلاق وعلام وابن اصول ، أنا موافق عليه ، بس الرأي رأيها.

الجد زهران بضيق :

‘ رفضت بسرعة البرق يا خوي ! أنا استغربتها جوي ، دي مريم اللي بتحب تبجي هادية في قراراتها ، تيجي عن قرار زي دِه وتقفلها في وشنا كِده !

الجد سليمان بعد سكوت دام لثوانٍ معدودة:

‘ خير يا خوي خير ، أنا هاخدها تجعد في بيتها اسبوعين كِده ، تفكر براحتها وتصفي دماغها.

الجد زهران بسرعة:

‘ جول كِده، إنتَ جاي تاخدها تقعد جارك وتسيبني لحالي؟

الجد سليمان وهو يضحك:

‘ براحة علي نفسك يابوي مالك ؟ مش بيتها وتجعد فيه براحتها ، وكمان إنتَ ناسي إن فرح واد عمها بعد عشر ليالي ، محتاجينها معانا .

الجد زهران برفض :

‘ لا لا اسبوعين كتير ، هما ليلتين تقعدهم عِنِدِكم وتاجي .

رد عليه بحزم وهو يُنهي الجدال:

‘ زهران ! ماتعملش زي العيال ، بت ابني هتيجي معايا دلوقت وتقعد في بيت ابوها براحتها وتيجي براحتها ، ومش عايز اعتراض ، انا سايبهالك بمزاجي .

سكت ولم يجادله كثيراً ، هو يعلم أن مكانها الأصلي عنده 

فقال بهدوء:

‘ ماشي يا واد خالتي ، هبعت حد يجولها إنك هنا عشان تجهز.

اشار له بالجلوس مرة اخري وهو يقول

‘ خليك مُطرحك ، حبيبة جدها عارفة إني جاي وهتلاقيها نازلة دلوقت.

 ‘ ده أنتوا متفقين بجي؟ 

الجد سليمان بضحك:- مالكش فيه يا راجل يا عجوز …

قاطع كلامهم دخولها وهي تقول بمرح

° جلبي مايتحملش الفخامة دِي كِلتها ؟ سليمان والزهران قدامي مع بعضيهم؟!

ضحكوا بصوت مرتفع علي حفيدتهم 

الجد سليمان :- والله انا اللي جلبي مايحملش جمالك يا جلبي.

اقتربت منه وطبعت قبله علي يديه وقالت :- حبيبي يا غالي.

الجد زهران بضيق مصطنع:- شوف البت نازله حب في الراجل ولا كأني موجود ؟

اقتربت منه واحتضنه وقالت :- مانتَ واخد الدلع كله ، سيبني ادلعه شويه.

‘ يابخت اللي مريم تدلعه ، السلام عليكم يا حاج سليمان .

كان دخوله بمثابة زلزال علي كيانها ، نظرت ارضاً بعد جُملته 

فاتجه هو ليسلم علي جدها 

الجد سليمان :- وعليكم السلام يا دكتور ، عامل إيه يا ولدي؟

قال :- مش بخير والله يا جدي ؟

الجد سليمان بتساؤل :- ليه يا ولدي ، مالك؟

‘ محتاج مُسكن للقلب!

الجد زهران بمشاكسه:- مانت دكتور يا واد ، اكتب علي نوع المسكن واحنا نطلبه ونجبهولك.

قال بحزن :- طلبته والله ، بس هو رفض يعالجني.

الجد سليمان بضحك:- ليه يا ولدي ، جولي علي اسمه وانا ادورلك عليه واجيبهولك.

قال وهو يغمز للجد :- الاسم من اربع حروف ، ومحل السكن قلب ياسين الزهران .

تعالت ضحكات اجدادها ، وهي تقف تتمني الارض تنشق وتبتلعها 

صمتت لثواني ثم قالت وهي تبتعد بنظرها عنهم 

‘ يلا يا جدي عشان منتاخرش ، هستناك برا .

وهربت من امامهم لتستطيع التنفس  

ما هذا الرجل الذي اقتحم حياتها بلا موعد ! 

هي ..هي وافكاره البلهاء السبب في رجوعه .

قالت وهي تنظر للسماء :

° اللهم اختر لي ولا تُخيرني ، حلها من عندك يارب عشان مريم تعبت من التفكير .

انتظرت جدها لدقايق حتي خرج ومعه ياسين وجدها زهران 

كان يرتسم علي وجهه ملامح الحُزن بسبب ذهابها من المنزل 

ولكن هل له حق الاعتراض ؟

همس بداخله:- مليش حق اجولها خليكي ! هي تمشي وتسيب ياسين هيطق .

الجد زهران وهو يحضتنها:

‘ خلي بالك من نفسك يا بتي ، وكلمني كل يوم.

° حاضر يا حبيبي ، ماتقلقش عليا.

وبعدما سلمت علي جدها ، اخذها جدها سليمان وذهبوا الي بيتهم ، وتتركوا ورائهم قلب يتألم من فراقها .

……………

التفكير الزائد يقتل النفس ، أن تظل تفكر مراراً وتكراراَ بدون أن تصل لقرار ، هذا ابشع انواع التفكير علي الإطلاق .

خمسة ليالي وهي في بيت والدها رحمة الله عليه 

خمسة ليالي تحاول عدم التفكير في الأمر ولكن باتت كل محاولتها بالفشل ، ولكن مهلاً؟ لمَ لم تلجأ إلي ربها مثلما تفعل دائماً!

انتبهت لنفسها وقالت بصدمة:-

‘ أنا مصلتش استخارة ليه؟ كِيف هملت الاستخارة في أمر زي دِي؟

عمالة افكر واحسبها في دماغي وشايله من بالي أن المدبر هو الله عزوجل ! ما خاب من استخار ، ده الاستخارة فيها تسليم وتفويض كامل لله ، وربنا بيختار الخير دايماً ، حتي لو مش باين في دلوقت .

قامت سريعًا وذهبت للوضوء لكي تلجأ إلي ربها ، وبعد دقايق كانت انتهت من صلاتها وجلست تدعوا الله كثيراً ، أن يُريح قلبها ويرزقها الأمان وراحة القلب ، وبعدما انتهت من هذه الجلسة ، كان قلبها يشعر بالراحة ، مجرد تفويضك الأمر لله يُشعرك بالراحة التامة .

………..

صباحا في بيت الزهران .

كان يجلس مكانها علي سطح المنزل ، التقط مصحفها الموضوع علي منضدة بجواره ، وبدأ يقرأ بِه ، وبعد فترة اغلقه وهو يبتسم عندما تذكر حوارهم وهو يطلب منها ان تحفظه قرآن مع الاطفال ، ورفضها لذلك 

وهو بالفعل نفذ اقتراحها ان يحفظ مع عمه عبدالله ، ومنذ ذلك الوقت وهو مستمر في تكمله حفظ كتاب الله ، تنهد وقال 

‘ يارب حنن جلبها بجي عشان تحفظني القرآن ، وتعملي اكل بالليل عشان بجوع كتير .

حمزة ضاحكاَ من ورائه:

‘ عايز تتجوز البت عشان تعملك اكل يا ياسين ؟ ده انا كده احذر بت عمتي واجولها اوعي تتجوزيه.

القي في وجهه الوسادة وهو يقول بضيق:

‘ مش محتاجة تحذير ياخوي ، هي مقفلاها .

ضحك وقال :- عارفة مصلحتها البت دي ، مين يستحملك اصلاً.

نظر له نظرة تحذيرية فصحح كلامة

‘ قصدي يعني …بص هي مريم بحالات كتير ، ممكن اللي كان ماسك الشيفت وقتها قال لأ ، وممكن اللي يمسك الشيفت لما تفاتحها تاني في الموضوع يقول آه.

‘ إنت كِده بتصلح اللي جولته في الأول ؟ ياريت كانت تبجي موجودة وتسمعك .

قال سريعاَ:

‘ اوعي تجولها يا ياسين ؟ دي بتحل ليا أي مشكله تُحصل في اللاب ، وبتعملي حاجات كتير بحتاجها في الشُغل.

‘ آه يا بتاع مصلحتك ، اتجوزها بس وانا اخليها تقطع علاقتها بيك، إنت والعيال اللي تحت دول.

قال بمرح وهو يجري من امامه:

‘ ولا تقدر ، دي المريوم حبيبة جلبنا دي .

استفزته الجملة كثيراً ، وذهب سريعاً وراء أخيه وهي عازم علي تربيته من أول وجديد.

……………….

بداخل بيت سليمان كانت الاوضاع مُغايرة تماماً

فقد اقترب زفاف احفادهم ، لذلك تسمع دائماً اصوات الزغاريط تصدر من بيتهم ، والشباب يدقون الدفوف ليلاً ونهاراً.

بداخل غُرفة واسعه من غُرف المنزل كانت تقف وبيدها دُف تدق عليه ، وبجوارها اختها وبنات اعمامها وحريم المنزل 

قالت بصوت مرتفع :

‘ ١ ، ٢ ،٣ ، يلااا 

فردوا عليها تلقائياَ

” يا أبو اللبايش يا قصب ….عِندِنا فرح واتنَصَب ” 

اكملوا غُناء وهي تدق الدُف كعادتها في افراح منزلهم التي لا يتم بها تشغيل المعازف أو تلك الاغاني وما يُسمي بالمهرجات ، ولا يكون بها اختلاط بين الرجال والنساء ، وهذا كان أفضل ما بالأمر ، لكي يأخذون راحتهم ويفعلون ما يُريدون.

” لم يقل لكل الأسلام لا تفرح وتقيم افراح ، بل ديننا دين سُرور ..

افرح واقم حفلات وحفلات كيفما تُريد ، ولكن لا تغضب الله الذي اعطاك تلك السعادة ؛ زينوا افراحكم بترككم لتلك المعازف والأشياء ” 

‘ مررريم !

توقفوا عندنا سمعوا طرقات علي الباب ، فقالت 

° مين !

اتاها الرد 

‘ أنا معتز ، اجهزي وتعالي جدك عايزك .

نظرت لهم بضيق وقالت

° ايه بجي الفصلان ده ، هنزل واجي نكمل ، خليكم مكانكم.

وقفت تتأكد من حجابها الذي كان عبارة عن عبائه بسيطة وخمار 

اتجهت لأسفل فوجدت جدها سليمان يجلس ومعه ياسين!

همست نفسها:

‘ اثبتي يا بت يا مريم ، ده واد عمك ، عادي يعني .

اقترتب منهم والقت السلام واتاها الرد منهم 

جدها سليمان وهو يقوم :

‘ واد خالك عايز يتحدد معاكِ في حاجة يا مريم ، اقعدي اسمعيه وانا جاركم إهنه.

القي عبارته وذهب لمقعد يبعد عنهم وجلس عليه .

‘ هتفضلي واقفه؟ 

انتبهت له وهزت رأسها بلا وجلست امامه .

قال بابتسامه:

‘ كيفيك يا بت عمتي؟

ردت بهدوء :

°بخير الحمد لله يا واد خالي ، اخبار اللي في الدار إيه؟

‘ مابيشفوش طعم الراحة في بُعدك!

نظرت له بتحذير وقالت:

‘ انتبه لكلامك يا دكتور ، أنت اه واد عمتي ، بس الكلام اللي من تحت لتحت دِه ماينفعش معايا.

قال بضحك:

‘ طب ما نخليه ينفع يا بت الحلال ، منشفه دماغك ليه؟

صمتت فقال بهدوء:

‘ بصي يا مريم أنا سيبتك تبعدي وتاخد فرصتك في التفكير ، وبخصوص ردك يومها ، ولا يهز فيا شعره ، ماكنش ردك النهائي ، وماكنش الرد اللي أنا مستنيه ، ف لوسمحتِ ، ممكن تشاركيني افكارك وتجولي لي رفضتي ..خايفة من إيه يا مريم ؟ 

نظرت له بهدوء ثم نظرت لجدها فهز رأسه لها لكي تتحدث 

تنهدت وقالت:

‘ بص يا دكتور ، إنتَ الف واحده تتمناك والله ، بس أنا..

قاطعها 

‘ وأنا ماعيزش الف واحدة ، أنا رايد واحدة ونفسي تفتح جلبها وتقولي مخاوفها .

وضعت وجهها بيد يدها واخذت نفس عميق ثم عادت لوضعها وقالت:

‘ بس مفيش زعل ؟

‘ ومين يزعل من المَريمة؟!

ابتسمت ثم قالت:

‘ في حاجات كتير مخوفاني ، يعني الخوف العادي من الجواز والمسؤولية ، إني هبجي مسؤولة عن بيت وأسرة وأنا حتي الآن مش قادرة أبجي مسؤولة عن نفسي مسؤولية كاملة ، خوف من إنك تيجي في يوم وتبجي عايز تسافر تاني ومتبقاش حابب العيشة إهنه زي ما قولتها وإنت مسافر قبل سابق ، خوف من عصبيتك وخوف من عنادي وإني ماحبش اخد اوامر من حد ، فاكيف هيجي حد كِده ويقرر عني كُل شئ ، خايفة من…

تنهدت ثواني واكملت :- خايفة إنك تمل في يوم من تعبي ، ياسين انا بيجي عليا وقت وبتعب جوي ، وبفضل نايمة ومابقدرش اعمل شئ ، آه أنا متابعة وكلي وشربي والعلاج ومهتمة بنفسي ، بس بيحصلي كِده كُل مده ، والخوف الأكبر بجي إن عيالي يورثوا السكر مني ، أو إن اصلاً اوجه صعوبه في الحمل بسبب المرض .

صمتت بعدما القت جميع مخاوفها في وجهه ، ابتسم ابتسامه هادئة وقال:

‘ كُل دِه في جلبك ؟ يمكن دلوقت ماقدرش امحي كُل مخاوفك دي ، بس هجولك إني هبجي معاكِ في المسؤولية ، أنا مش هتجوزك واشيلك الليلة كُلها لحالك يا مريم ؟ لاا بالعكس ده انا اللي هبجي سايق المركب بمساعدتك ، الجواز حياة بيعشها الأتنين مع بعض ، مش واحد بس اللي هيعيش ! وبخصوص نظرتك عن نفسك وإنك مابتقدريش تشيلي مسؤولية؟ مين جالك كِده ؟ اللي أنا شايفه إنك بت بتعرف تبجي كُل حاجة ، أبنه باره باهلها ، ست بيت مفيش في شطارتها، طالبة ممتازة ، مُعلمة قُرآن تلاقي ، واحدة ناجحة في شغلها تلاقي ، بت عارفة قيمة نفسها ، بتعرف تسيطر علي الامور وبتتعامل بحكمة وهدوء ، وغيره كتير ، إنتِ قد أي مسؤولية بتشيلها لوحدك يا مريم ، مابالك باللي هنشيله مع بعض ؟

صمت ثواني واكمل :- أنا مش هسافر واسيبك لحالك يا مريم ، وده وعد مني ، وانا هتجوزك عشان نقرر مع بعض ، نفكر ونتشارك مع بعض ، مش عشان اقرر عنك ؟ آه ممكن يجي وقت اخد قرار وإنتِ تبجي رافضاه ، بس صدقيني وقتها هبجي شايف حاجة أنتِ عامية عيونك عنها ….وأنا كنت عيل مابيفهمش والدنيا عامية عينيه لما قال ماحبش العيشة إهنه ، الوضع تغير وياسين تغير ، وياسين اللي قدامك مايبعدش ولا يمل ابداً ، إنتِ مافكيش شئ يتعايب ، بتتعبي كُل قد إيه ؟ خايفه من الاسبوع اللي في السنه اللي حالتك بتسوء فيه؟ ده انا اشيلك فوق راسي ، إزاي تفكري إني ممكن اسيبك لسبب زي دِه؟ 

وماقدرش امنع مخاوفك من المستقبل بخصوص الحمل والكلام دِه ؛ أنا بس هجولك إن دي حاجات بتاعة ربنا ، في يده هو ، واللي في يد ربنا مايتخفش منه ولا عليه، من حقك تخافي خوف طبيعي ، بس مش من حقك توقفي حياتك عشان حاجات في علم الغيب.

ساد الصمت لثواني بينهم، لا تُنكر أنه رتب افكارها ومشاعرها ، والأهم من ذلك شعور الأمان الذي تشعر بِه الآن .

اقترب منهم الجد وهو يجلس معهم ويقول:

‘ طلعتوا اللي في جلبكم ولا لسه ؟

ياسين بمرح:

‘ والله اللي في الجلب كتير جووي ، بس هنسمع واحده الزم حدودك تجيب اجلي.

ضحك هو والجد ، وهي ابتسمت وهزت رأسها بقلة حيلة من أفعالة 

فقال الجد وهو ينظر لها :

‘ الواد دِه طلب يدك مني ، وأنا من رأي توافقي أهو نكسب فيه ثواب، قولتي إيه يا حبيبة جدك ؟ 

ياسين سريعا:

‘ اه والله ده أنا غلبان حتي .

نظرت له تارة ولجدها تارة ، ثم قالت وهي تستعد للمغادرة 

° وانا ماحبش اتخلي عن الثواب برضه ، نكسب فيه ثواب ومالوا .

يُتبع….

بقلم_مَريمه

حواديت_مَريمه_وياسين

خليل_الروح

البارت_الثامن

قبل الأخير

 تابع الفصل التالى ” رواية خليل الروح  ” اضغط على اسم الرواية

أضف تعليق