رواية نقطة أختراق الفصل الثالث 3 - بقلم زينب رشدى
دي مش مشكلتي! أنا بحاول من سنين، والأبلكيشن ده هيقلب الدنيا... عارف ده ممكن يقنع الشباب بأي حاجة: بالسفر برا، بالشغل الشمال، بالشرب... وهكذا. البنات؟ مصر مبقتش أمان، وكل شاب وبنت تعبوا، مبقوش مستحملين!"
......
ريهان (بعصبية): "لا، أنا مبقولش إن ده الصح! بس متجوش تعلقوا أخطائكم عليّا. ما على الرسول إلا البلاغ. وعلى العموم، أنا هكمّل... وهعمل الأبلكيشن، وهتنزل على كل موبايل شاب وبنت في مصر. عن إذنك."
خرجت ريهان من الشقة، ركبت الموتوسيكل، وبدأت تلف في الشوارع دون وجهة، تهرب من أفكارها، حتى عادت صباحًا.
بدّلت ملابسها بسرعة، ثم نزلت إلى الشركة.
دخلت إلى مكتب هشام، الذي كان في انتظارها.
هشام: "في معادك مظبوط."
ريهان: "بحب شغلي بقى."
هشام: "زي ما قلتلك، هتشتغلي مع المساعد بتاعي. هو شاطر جدًا، وكمان في أبلكيشن هتشتغلوا عليه سوا."
ريهان: "أبلكيشن إيه؟"
هشام: "هييجي دلوقتي أسر، وهيفهمك، أنا بعتله خلاص."
دخل أسر، سلّم على هشام، وفوجئ برؤية ريهان.
أسر (بصدمة): "إيه؟! جاب العقربة دي؟!"
ريهان: "عقربة؟!اما إنت قليل الأدب صحيح؟"
أسر: "مفيش غيرك قليلة الأدب والذوق!"
هشام (بعصبية): "بس! إيه اللي بيحصل ده؟!"
أسر: "ما تقولش إن دي اللي هشتغل معاها؟!"
ريهان: "يبقى بتهزر!"
هشام: "ممكن تفهموني في إيه؟ أيوه، إنتوا المفروض تشتغلوا سوا!"
بعد شد وجذب، بدأ هشام يهدّئهم.
هشام: "خلاص، انتوا مش أطفال، وبينكم شغل!"
أسر: "أنا عن نفسي تمام، فهّمها بقى إنها تبطل شغل العيال الصغيرة ده."
ريهان: "أنا صغيرة؟! أنا اللي كسرت تليفونك، وحتى ما اعتذرتش!"
أسر: "لو على التليفون... أجيبلك غيره."
ريهان: "إنت هتجبّي عليا ليه انت؟!"
هشام (مقاطِعًا): "بس! أنا مش بحب لعب العيال ده! روحوا مكتبكم واتكلموا في الشغل... يلا!"
أخذها أسر، وذهبا سويًا إلى المكتب.
أسر: "أنا بقول نبدأ من جديد... وننسى كل اللي فات."
ريهان: "تمام."
أسر (مدّ يده): "أنا أسر المحمدي، مساعد المدير، وبشتغل في البرمجة."
ريهان (وهى تصافحه): "وأنا ريهان عبد الله."
أسر: وانا هشام قالّي عنك كتير، واعجبت بكميّة البرامج اللي عملتيها، وخصوصًا آخر حاجة.
ريهان: مهندس هشام قالّي إن في فكرة عايز تنفّذها.
أسر: بصي بقى، زي ما انتي شايفة، الدنيا بقت مش مظبوطة وكلها مشاكل، وكل يوم نسمع حاجات تخوّف. وعشان كده قرّرت أعمل برنامج يحافظ على الأطفال والشباب اللي أقل من 18.
ريهان: إزاي؟
أسر: هنعمل برنامج تنزّله الأمهات والآباء، ويكتبوا بيانات تليفونات عيالهم. والبرنامج ده يقدر يخليهم يعرفوا بيعملوا إيه على التليفون، وكمان يمنع أي برنامج ضار أو مش كويس ينزل على تليفونهم.
ريهان (بإعجاب): فكرة كويسة جدًا.
أسر: عايز نشتغل عليه سوا
ريهان: موافقة طبعًا، متوقعتش يطلع منك أفكار كده
أسر: ما قلنا نبدأ من جديد.
ريهان: معلش، في حاجة عايزة أعملها عشان أصفّي من ناحيتك.
أسر (باستغراب): حاجة إيه؟
أخرجت ريهان الحاسوب المحمول، وبدأت تعمل عليه أشياء غير مفهومة استغرقت حوالي ربع ساعة.
ريهان (بابتسامة مستفزة): كده خلصنا.
أسر: تقصدي إيه؟
ريهان: شوف اللاب بتاعك كده.
فتح أسر الحاسوب، وانصدم.
أسر: انتي عبيطة؟ بتهكّري اللاب؟ انتي عارفة عليه شغل قد إيه؟
ريهان (ببرود): والتليفون اللي اتكسر كان عليه شغل برضو. وبعدين قلتلك عشان نشتغل على نظيف. وبعدين عيب لما تبقى شاطر في مجالك ومش قادر تحافظ على اللاب بتاعك. ده مخدش في إيدي ربع ساعة. عن إذنك.
أسر: حلو أوي كده... انتي اللي بدأتي.
اشترت ريهان هاتفًا جديدًا، ثم عادت إلى الفيلا، وصعدت إلى غرفتها. فتحت الهاتف واتصلت بـ"العنكبوت".
العنكبوت: خير يا ملكه، مش متعودة تكلميني.
ريهان: عايزين يعملوا برنامج يساعد الأهالي يراقبوا عيالهم.
العنكبوت (ضاحكًا): هههه، في إيه يا ريهان؟ وانتي يعني مش هتعرفي تخلي برنامجنا ينزل، وبرنامج أسر ده ميأثرش عليه؟
ريهان: أكيد هعرف، بس أسر مش سهل، ومش هعمل حاجة ناقصة. ده شغلي.
العنكبوت: وده شغلك برضو. بس ع العموم، اعمليه. وأكيد مش الكل هيعرفه. ولو ده حصل، هنتصرف. (يغلق الاتصال)
ريهان: تمام، هعمله يا عنكبوت، وهتشوف هيأثر على شغلك ولا لأ، عشان تقفل في وشي كويس.
نامت ريهان من تعب اليوم، خاصة أنها لم تنم من الليلة السابقة واستيقظت مبكرًا جدًا. وبعدما استيقظت، أخذت حمامًا، ثم نزلت تجري قليلًا قبل أن تتجه إلى العمل. وصلت الشركة ودخلت مكتبها، وكان أسر موجودًا.
أسر: طيب صبّحي.
ريهان: صباح الخير. نبدأ شغل بقى.
أسر (بابتسامة خبيثة): ياريت.
فتحت ريهان اللابتوب وقالت: بص، فكرت في إيه ده؟
أسر: خير؟ في حاجة؟
ريهان (بضيق): في إيه؟ إن لابي اتهكر! وده عمره ما حصل قبل كده!
أسر: وأهو حصل.
ريهان: انت اللي عملتها، صح؟
أسر: خالصين. فكّيتي بتاعي؟ أفكّلك بتاعك.
ريهان: أنا هقدر أفكّ بتاعي لوحدي.
أسر: طيب حاولي كده.
حاولت ريهان كثيرًا ولم تستطع فكّ الاختراق، وبدأت تتوتر، لأن هذه أول مرة في حياتها يفشل نظام حمايتها أمام أحد.
أسر وضع قدمًا فوق الأخرى وقال بثقة: هااا؟
ريهان (بضيق): أخد معاك وقت؟
أسر: بصراحة، مكدبش عليكي، من ساعة ما سبتك وأنا بحاول. أنا منمتش، بصراحة حمايتك حلوة.
ريهان: الغريب إن مفيش أي إشعار وصلني إن في محاولة اختراق.
أسر: عيب عليكي، هو أنا أي حد؟
ريهان: تمام، هفك اللاب بتاعك، بس عايزة أعرف دخلت على إيه يخصني؟
أسر (بصراحة): بصي يا ريهان، أنا عملت كل ده بس عشان اتعصبت من اللي عملتيه، ووقفتي شغلي، وكنت عايز أوصلّك إن اللي هتعمليه هعرف أعمله. بس إني أدخل على خصوصياتك؟ لا.
ريهان: تمام.
تبادل كلاهما الأجهزة، وبدأ كلٌّ منهما بفكّ الاختراق عن جهاز الآخر.
ريهان: كده نبدأ الشغل.
أسر: تمام.
بدأت ريهان العمل مع أسر، وهي منبهرة بذكائه وأفكاره، لكنها في الوقت نفسه كانت لا تزال منزعجة منه، وغير مصدقة أن أحدًا استطاع اختراق نظامها.
أسر: أنا بقول كفاية كده... أصلا دلوقتي البريك.
ريهان: ماشي.
أسر: تحبي تيجي تتغدي معايا؟
ريهان: شكرًا، اتفضل انت.
خرج أسر، وفتحت ريهان اللابتوب الخاص بها، وبدأت تراجع الملفات الخاصة بها وبالعنكبوت، فوجدت أنها ما زالت كما هي، ولم تُخترق. وبدأت تعمل على نظام حماية جديد للجهاز بالكامل، إلى أن قاطعها دخول أسر من جديد.
أسر: أنا طلبتلك قهوة معايا.
ريهان: طيب.
أسر: نكمّل شغل يلا.
كمّلوا الشغل سوا لحد ما جه وقت الانصراف، فرجعت ريهان البيت، وكملت شغلها على حماية اللاب لحد ما خلصت، ونامت. تاني يوم، صحيت ونزلت الشغل بدري، وكان أسر لسه موصلش، فبدأت تشتغل. ولما جه، دخل وقال:
أسر: صباح الخير.
ريهان: صباح النور، أنا بدأت شغل لحد ما توصل.
أسر: أشرب قهوتي، وابقى معاكي على الخط.
ريهان: اطلبلي معاك.
أسر: حاضر.
ريهان: أنا عندي فكرة نزودها على الأبلكيشن بتاعك.
أسر: بتاعنا يا ريهان، أنا أي حاجة بشتغلها مع حد، مش بنسب شغلها ليا لوحدي.
ريهان: بس دي فكرتك.
أسر: وانتي بتساعديني.
ريهان: برضو أنا مصممة إنه بتاعك.
أسر: طيب قولي فكرتك.
ريهان: إيه رأيك نزود فيه كمان إنهم يعرفوا مكان عيالهم فين؟ يعني زي أبلكيشن التتبع كده.
أسر: فكرة كويسة جدًا، بس عايز أسألك سؤال... لو انتي مامتك عملت معاكي كده، مش هتحسي إنها مش واثقة فيكي؟ أو إنها بتنتهك خصوصيتك؟
ريهان: ليه بتفكر كده؟
أسر: حاسس إن كده ممكن يعمل مشاكل. الأهل هيستسهلوا يراقبوا، بدل ما يتكلموا مع ولادهم، وده هيفصل العلاقة بين الأم وبنتها أو الأب وابنه. والعيال هيحسوا إن مفيش ثقة، وهيخافوا يعملوا حاجة مش عشان غلط، لأ، عشان ميعرفوش، مش عشان اقتنعوا إنها غلط... ودي أكبر مشكلة. إن القرب الحقيقي هو اللي بيمنع الغلط، مش المراقبة.
ريهان (بإعجاب): بصراحة عندك حق. بس الواقع دلوقتي صعب، والناس بقت مشغولة، والضغوطات بقت كتير.
الأهالي غصب عنهم بقوا بعيد، والسوشيال ميديا والتلفونات خلت العيال مش عايزين يحكوا حاجة.
أسر: طيب جاوبيني... لو كنتي أم؟
ريهان: لو أنا أم، مش هحتاج البرنامج ده، لأني هكون مربية ولادي من الأول على الصح والغلط والصراحة، وهعودهم يقولولي كل حاجة. ولو اضطررت أستخدمه، هتكلم معاهم وأفهمهم إن ده مش علشان مفيش ثقة، لكن خوف عليهم.
ولو أنا بنت وماما عملت كده، أكيد هزعل، بس في الغالب مكنتش هتعمل كده إلا لو حست إني بعمل حاجة غلط. وفي الحالتين لازم يبقى في كلام ومصارحة.
أسر (بابتسامة وانبهار): كلامك عجبني.
ريهان: وطالما عجبك، إيه رأيك نحط نصايح للأهالي جوه البرنامج؟ إزاي يتكلموا مع ولادهم بدل ما يكتفوا بالمراقبة؟
أسر: فكرة ممتازة، أكيد موافق.
كملوا الشغل، ولما جه وقت البريك، أسر صمم يتغدوا سوا. طلبوا أكل وقعدوا في المكتب ياكلوا.
أسر: في سؤال محشور في زوري.
ريهان: خليه محشور بقى.
أسر: هو ده السؤال.
ريهان: مش فاهمة.
أسر: مش فاهم ليه أسلوبك كده... أصل مستحيل واحدة تبقى مولودة كده
ريهان: قليلة ذوق يعني؟
نقطه_اختراق
البارت_الثالث
زينب_رشدي
• تابع الفصل التالى" رواية نقطة أختراق " اضغط على اسم الرواية
تعليقات
إرسال تعليق