رواية خيوط الوهم الفصل الثانى 2 – بقلم ورد

 رواية خيوط الوهم الفصل الثانى 2 – بقلم ورد 

..2.. 

كان “قُصَيّ” أخويا.

علاقتنا مش ألطف حاجة، فكنت خايفة يقول لوالدي.

لقيته بيقرّب.

هيضربني؟

يا ربّ لأ.

مِسِك شنطتي اللي على الأرض،

وبَصّ لي قبل ما يمسِك إيدي ويفتح الباب.

صرخت بعلو صوتي وشعري بيتطاير،

حبيت أعمل زيّ الأفلام الرومانسية،

عُقبال ما أعمله مع أحدهم.

“خَرَمتي وِدني!”

“سوق وانت ساكت يا قُصَيّ يا حبيبي!”

زوّد السُّرعة وأنا بصرخ بصوتي كله،

كنت مستنياها من زمان،

يلا نرجع تاني بقى.

كان بيسوق ما يُسمى بالـ”موتوسيكل”.

رايحين فين؟

محدّش عارف،

أو هو عارف.

بعد فترة مش عارفة قد إيه، مَهتمِّتش أعرَف بصراحة،

أهم حاجة إني بَعِدت عن أهلي.

“إحنا في الإسكندرية”،

قولتها وأنا ببُصّ على الشوارع والعمارات والبحر.

مَرَدّش على سؤالي ووقَف جنب عمارة قُصاد البحر.

“انزلي”.

نزلت وأنا مش فاهْمة حاجة،

إزاي عرَف إني جاية هنا؟

مِسِك إيدي ووقَف قدام الأسانسير وضغَط على رقم “٥”.

هو ليه بارد كدا؟ هيأودني جوا، صح؟

يِمرارك يختي.

وقَف الأسانسير ومِسِك إيدي، ووقَفنا قُصاد شقة.

فتح الباب بالمفاتيح اللي طلعها من جيب سُترته.

فتح الأنوار، الشقة كانت بسم الله ما شاء الله، جميلة ومُريحة.

كان بيجيب نسوان هنا ولا إيه؟

“لا، مَكُنتش بجيب نسوان، لما كنت بحب أغيّر جو، باجي هنا”.

“كان صوتي عالي؟”

هزّ راسه بـ”أيوه”، مش مهم.

“وانت جِبتني هنا ليه؟”

“مش كنتِ عاوزة تِهربي؟”

“أيوه، بس عرِفت إزاي؟”

“مش مهم”.

قالها وهو بيِهرب… بيهرب مني.

“بس أنا يهمني يا قُصَيّ…”

“وأنا قولت مش مهم”.

كمّل حديثه وهو بيبعِد عينه عن عيني:

“التلاجة فيها كل حاجة هتلاقيها،

وقدّمتِلك على الكُلِّيّة اللي عاوزاها،

ماتخافيش، محدّش هيعرف إنك هنا أصلًا”.

كان نفسي أُحضنه، بس علاقتي بيه مش ألطف حاجة،

بَحِسُّه غريب عني.

قَرّب مني وقَبّل جبهتي،

كنت مِحرُوجة منه.

كمّل حديثه وأنا مش عارفة أعمل إيه ولا أقول إيه:

“لازم أمشي علشان محدّش يشُكّ”.

سابني ومِشي.

غبية… غبية!

فتحت باب الشقة، كان لِسّه واقف مستني الأسانسير.

“قُصَيّ!”

رفَع عينه عليا، جريت عليه وأنا باخده في حضني،

لقيته ضَمّني أوي لحضنه، زي ما يكون مستنِّي.

“إنت أحسن أخ شوفتُه في حياتي،

أنا بحبك أوي يا قُصَيّ!”

“وأنا بموت فيكِ”.

“يا بختني بيك يا قُصَيّ”.

مش عاوزة أسيب حضنه،

طِلِع حضنه حنين أوي،

وأنا لاحظت إنه مش حابب كدا برضه.

قُصَيّ أكبر مني بست سنين،

مش مهم، المهم إن حضنه حنين.

“ممكن تِخلّيك معايا؟”

قولتها وأنا مش عارفة إزاي قولتها.

“هَجيبلك بُكرة، بس لازم أمشي الوقتي علشان محدّش يشُكّ فينا”.

هزّيت راسي وأنا ببعِد عنه،

كنت زعلانة أو خايفة.

“بس مَكُنتش أعرف إن حضنك حنين كدا!”

قالها بمرح، بيعرف يِهزر أهو.

“هو أنا أي حد برضه؟!”

ضحك وهو بيقبّل خدي وبيديني مصاري:

“يلا يا قُصَيّ، امشي بقى علشان…”

“والله؟!”

ضحكت وأنا بودّعه، دخلت الشقة،

ما كنتش أعرف إنها المرة الأخيرة.

قُصَيّ عمل حادثة وهو راجع، وكانت النتيجة:

“إحنا عملنا كل اللي نقدر عليه… البقاء لله”.

حسّيت إن روحي راحت معاه.

كل حاجة بتروح مني،

هو أنا وحشة للدرجادي؟

كل حد بحبه بيروح مني.

كنت بكلمه، وفُجأة ساعتها سمعت صوت عالي،

ولقيته بيكلمني:

“على فكرة، كنت بحبك أوي… أوعي تِنسيني يا ليل!”

وفجأة، الصوت راح…

ما كنتش عارفة أعمل إيه… كنت خايفة.

بعدها بشوية، لقيت حد بيرنّ عليا، وكان رقمه…

حمدت ربنا إنه خلاص بقى كويس،

بس كان واحد تاني اللي بيكلمني.

وقالّي على عنوان المستشفى.

رنّيت على أهلي، وقُلتلهم:

“المريض عاوز ليل”.

دخلت الأوضة بعد ما اتعقّمت،

لقيته نايم، فتح عينه وابتسم،

شاور بعينه،

قرّبت منه وأنا عاوزة أُحضنه،

زي ما يكون فهِم.

“تعالي يا ليل”.

حضنته براحة وأنا بعيط.

“ممكن ما تِسِبنيش؟ أنا بحبك والله!”

“كتبتِلك كل حاجة تخصّني باسمك،

الشقة، ما تقوليش لحد عليها،

واهربي يا ليل،

والجامعة عاوزك أشطر دكتورة.

عارف إنك شاطرة.

فخور بيكِ أوي أوي.

مش عاوزك تكوني زَيِّي، يا ليل”.

كان بيطّلع الكلام بالعافية.

“بس أنا عاوزاك معايا يا قُصَيّ،

إنت آخر أمل ليا، ما تِسِبنيش أرجوك!

عافر عشاني يا قُصَيّ!”

مسك إيدي وباسها:

“واثق فيكِ، وواثق إنك قدها”.

غمّض عينه، وصوت صفير جاي من جهاز القلب.

“لأ! أبوس إيدك يا قُصَيّ،

افتح عينك علشان خاطري يا قُصَيّ!”

الدكتور دخل، والممرّضات بيحاولوا يطلّعوني،

وأنا بصرخ بعلو صوتي:

“قُصَيّ! أرجوك ما تِسِبنيش يا قُصَيّ!”

انهارت على الأرض،

وأنا مش قادرة آخُد نفسي:

“كل ده بسببي… أنا اللي كلّمتُه”.

أهلي زعلانين… من إمتى؟

قرّبت منهم وأنا بطلّع اللي جوايا:

“كل ده بسببكم،

هو جوه بسببكم،

لو مات، هيكون بسببكم، وبسبب أنانيتكم.

مش مسامحاكم،

ولا عمري هسامحكم.

إنتو اللي قتلتوه بإيديكم!”

أبويا كان هيقرب يضربني،

“الحقيقة بتوجع للدرجة دي؟

إنتو قتلتونا كتير.

لينا وقفة كبيرة قدّام ربنا.

عمري ما هسامحكم!”

كلمات الدكتور ليا كانت بداية نهايتي في كل حاجة:

“مات؟!”

مين اللي مات؟!

قُصَيّ عايش… ليه يموت؟!

جريت على الأوضة وأنا بفوق فيه،

مش عاوزاه يموت،

مش بعد ما صدّقت إن في حدّ معايا.

“قُصَيّ! قوم علشان خاطري يا قُصَيّ… قُصَيّ قوم!”

الممرّضات كانوا بيبعدوني،

كنت عاوزة أقتلهم في اللحظة دي،

أكتر موقف بكرهه في حياتي.

بس الحقيقة…

إنه خلاص… مات.

وللأبد.

.. يتبع.. 

السِت_وردَ

حواديت_وَرْدَ

الكاتبة_ورد

• تابع الفصل التالى ” رواية خيوط الوهم  ” اضغط على اسم الرواية

أضف تعليق