رواية النهاية التي لم اختارها – الفصل العاشر
بعد 3 سنوات، المقابر”
السماء كانت صافية بشكل غريب،
والشمس نازلة بهدوء كأنها بتودّع
اليوم من غير ما تعمل دوشة…
والهواء بيعدي خفيف بين الشجر في المقابر،
كأنه بيهمس أسرار محدش عارفها غير اللي راحوا.
ليلى وقفت قدام قبر مُراد،
ماسكة باقة ورد أبيض في إيدها،
وعلى وشها ابتسامة حزينة،
ابتسامة كلها وجع ورضا في نفس الوقت.
حطّت الورد قدام قبره بهدوء،
وبعدها قعدت على الأرض،
زي ما اتعودت من تلات سنين.
بصّت على اسمه المنقوش على الرخام
وقالت بصوت واطي، كأنها خايفة تصحّي غيابه:
_إزيك يا مُراد…
جِتلك زي كل مرة…
عارفه إنك مستنيني.
سكتت لحظة،
إيدها راحت تلقائيًا على
السلسلة اللي في رقبتها.
مسكتها كويس وقالت:
_أنا عمري ما قلعتها يا مُراد…
من يوم ما إدتهالي وأنا لابساها،
وحاسّة إنها مش مجرد سلسلة…
دي إنت. إنت حواليا في كل نفس.
ودفترك؟ لسه معايا…
كل كلمة كتبتها فيه حافظاها عن ظهر قلب،
كأنها محفورة جوايا مش على ورق.
ضحكت ضحكة صغيرة
باكية وهي تبص للأرض:
_عارف؟ كنت ساعات أقرأ كلامك وأنا منهارة،
وألاقيك بتطبطب عليا بالكلمات…
كأنك معايا، كأنك بتقولي ما تخافيش.
وفعلاً كنت بصدق.
رفعت وشها ناحية السماء وقالت:
–أنا اتعافيت يا مُراد…،
و بقي عندي محل ورد لأني عارفه انك بتحبه.،
السرطان اللي كان بياكلني خلاص مشي…
يمكن كنت السبب،
يمكن حبك هو اللي خلاني أقاوم وأعيش.
بس برضه… إنت اللي مشيت.
عارف دي أصعب حاجة؟
إني أقف قدام قبرك وأكلمك وأنا عايشة، وأنت لأ.
سكتت لحظة،
عينيها لمعت بدموع محبوسة:
_مُراد… عارف باباك؟
طلع بيحبك أوي… بس للأسف،
معرفش قيمتك غير لما مشيت.
كان دايمًا فاكر إنك ضعيف،
بس لما رحلت… اكتشف قد إيه كنت قوي.
واختك… ندمت،
ندمت إنها سابتك تواجه كل حاجة لوحدك.
كانوا كلهم فاكرين إنك مش محتاجهم…
مع إنك كنت أكتر واحد محتاج لحضن.
قربت أكتر من القبر، كأنها بتحاول تسمعه:
_أنا بس كنت عايزة أقولك
إنك عمرك ما هتبقى ذكرى بالنسبة لي…
لأ، إنت مش مجرد فصل عدى من حياتي.
إنت حياتي كلها يا مُراد.
محفور في قلبي،
وعمري ما هعرف أحب بعدك.
أنا بحبك…
بحبك أوي، ووحشتني لدرجة مش قادره أوصفها.
ابتسمت ابتسامة صغيرة وهي تمسح دموعها:
_يمكن الناس شايفيني قوية عشان اتعافيت…
بس محدش يعرف إن قوتي دي منك.
إنت اللي علمتني أواجه.
إنت اللي سبت فيا أثر عمري ما هعرف أنساه.
مدّت إيدها ولمست الرخام برفق،
كأنها بتلمس إيده:
_استناني يا مُراد… يوم ما ييجي معادي،
أول مكان هاجري عليه حضنك.
وساعتها مش هسيبك تاني،
ومش هيكون في موت يفرقنا.
قامت من مكانها بهدوء،
حطّت إيدها على قلبها وقالت
آخر كلمة وهي بتبتسم ابتسامة مكسورة:
_أنا لسه ليلى اللي بتحبك…
ولسه هنا..،
ولسه بحبك أكتر من أي وقت.
—
خرجت من باب المقابر، وأنا لسه ماسكة
وردة بيضا من البوكيه اللي سبتُه لمُراد…
حسيت بالهوا بيخبط في وشي بهدوء،
كأن روحه لسه معايا بتطبطب عليا.
لكن أول ما رفعت عيني، شُفته…
خالد. كان واقف برّه، مستنيني،
زي ما بيعمل كتير من غير ما يقول.
أول ما نظر ليا،
ابتسم ابتسامة كلها وجع وقال:
–كنت عارف إني هلاقيكي هنا يا ليلي.
بصيت له بهدوء، ابتسامة صغيرة
ارتسمت على وشي من غير ما أقصد وقلت:
_ما إنت عارف يا خالد…
أنا باجي أزور مُراد كل جمعة.
هز راسه بابتسامة حزينة وقال:
–عارف يا ليلي… عارف.
كان في حاجة في عينيه بتوجعني،
كأنها كسور متراكمة من سنين.
فغيّرت الموضوع وقلتله:
_أنا هروح بقى المحل،
عندي شغل هناك.
قرب مني خطوة وقال بسرعة:
–طب ممكن قبل ما تروحي…
نتكلم شوية؟ نروح كافيه كده؟.
بصيت في عينيه،
لقيت الرجاء واضح فيها…
معرفتش أرفض، فهزيت راسي وقلت بهدوء:
_ماشي يا خالد.
مشينا مع بعض لحد ما قعدنا
في كافيه صغير على ناصية الشارع.
ريحة القهوة مالية المكان والهدوء
حوالينا كأنه متعمد. قعدنا قصاد بعض،
طلبنا قهوة، وأنا كنت متوقعة
إنه هيطول قبل ما يدخل في الموضوع…
لكنه ما استناش دقيقة.
قال وهو بيبصلي بوجع:
–وبعدين يا ليلي؟
هتفضلي كده لحد إمتى موقفه حياتك.
اتنفست بعمق، قلبي اتقبض من كلامه،
بس رديت بهدوء،
زي واحدة حافظه الإجابة دي من زمان:
_خالد إنت عارف إني مش
هقدر أحب حد غير مُراد.
حتى لو حاولت… هبقى بظلم اللي قدامي،
لأني قلبي مش معايا.
شفت نظرته وهو ساكت،
كأنه بيتقاتل جوا نفسه،
وبعد لحظة اتكلم وصوته فيه ارتعاشة وجع:
–ليلي أنا وافقت إننا نفضل صحاب
عشان أكون جمبك.
عشان أشوفك حتى لو مش ليا.
بس بجد صدقيني، أنا لسه بحبك.
وزوالله هبقى راضي بأي حاجة،
بس تبقي معايا يا ليلي.
الكلمات دي قطّعت قلبي، حسيت بيه،
حسيت قد إيه وجعه بيأكل روحه.
مدّيت إيدي ومسكت إيده على الترابيزة،
وبصيت له بعيون كلها امتنان وقلت بابتسامة حزينة:
_خالد إنت من أجمل الناس اللي عرفتهم في حياتي.
إنت اللي وقفت جمبي، ساعدتني أتعافى،
سندتني في لحظات محدش كان موجود فيها.
ربنا يعلم إنك كنت أجدع صاحب
في حياتي طول التلات سنين اللي فاتوا.
اتوقفت لحظة، صوتي اتكسر وقلت:
_وعشان إنت مهم عندي ومش أي حد…
أنا مش هرضهالك يا خالد.
مش هرضى إنك تفضل معايا وقلبك متعلق بيا،
وأنا قلبي مش ليك. إنت ما تستاهلش كده…
إنت تستاهل حد يحبك بجد،
يشوف قلبك ويقدّره،
ويشوف جمالك اللي أنا عارفاه.
يمكن أنا مش هقدر أديك
الحب اللي تتمناه، ولا اللي تستحقه.
كانت عينيه مليانة دموع بيقاوم إنها تنزل،
وأنا ابتسمت له ابتسامة أخيرة،
ابتسامة كلها وجع بس كمان فيها راحة…
لأني عارفة إني أخيرًا قلت اللي لازم يتقال.
سحبت إيدي من إيده بهدوء،
وقمت من مكاني، وقلتله:
_خالد شكراً على كل حاجة.
بس لازم تبتدي تشوف
نفسك وتدي قلبك لحد يستاهله.
بصيت له للمرة الأخيرة…
ابتسامة صغيرة مرسومة على وشي،
رغم الدموع اللي بتلمع في عيني…
وبعدها مشيت.
وأنا ماشية حسيت قلبي موجوع،
بس في نفس الوقت مرتاح…
مرتاحة إني أنهيت حاجة كانت بتعذّبه.
مرتاحة إني سبت له فرصة
يبدأ يدور على نفسه من غير قيودي.
مسكت السلسله بأيدي، كأنه معايا و قولت:
“كل الناس بيقولوا إن الموت نهاية…
بس أنا مصدقة إنك
لسه عايش جوايا يا مُراد،
وإن يوم ما أقابلك تاني،
هتعرف قد إيه فضلت
أحبك بعد ما الدنيا كلها مشيت.”
—
“النهاية”
“بس كده دي نهايه الروايه يا حبايبي،
هستني رأيكو كالعاده في الكومنتس”.🦋
#النهايه_التي_لم_أختارها 10
#بقلمي_آيات_عاطف
#روايات_واسكريبتات_مميزة
Om Sadjida
مش عارفه ليه حاسه ان علاقتها بمراد علاقة احتياج بس مش اكثر وان الروائية اعطات علاقتهم أكثر من حجمها يعني البطلة في النهاية رجعت نفسها لسجن الوحده وده مستحيل يكون لانه أشبه بالانتحار المختار والفترة الي كانت بينهم علاقة قصيرة جدا مستحيل تكون الحب الي ب… عرض المزيد
2 ي
رد
مشاركة
تم التعديل
الداعيه الصغيره
طب ليه طيب
على الرغم من حبى لمراد الا انى كنت عايزاها مع خالد
بس النهايه فعلا واقعيه مينفعش تدخل علاقه لمجرد جبران خاطر 🥺… عرض المزيد
2 ي
رد
مشاركة
Ayàt Atèfروايات واسكريبتات مميزة 💖🖇️
مساهم ممتاز
·
5 ي
·
سيبت إيد مُراد و روحت وقفت قدام سليم
فضل باصصلي شويه من غير ما يتكلم..
لحد مانا اللي قررت اقطع الصمت ده
و اسأله بحده:
_ انتَ إيه اللي جابك هنا؟
و عرفت اني هنا منين؟
اتنهد بهدوء:
-فضلت ازن علي بواب عمارتك لحد ما قالي..
كمل بتردد:
-ليلي انا آسف!
ضحكت بسخريه:
_بجد آسف!
آسف علي ابه بالظبط يا سليم؟
علي انك خطبت ولا علي انك اتخليت
عني في أكتر وقت انا محتاجالك فيه..
انا بجد مش عارفه اقولك ايه؟
اتكلم بندم:
-ليلي انا آسف بجد انا غلط وانا عارف.
انا سيبت خطيبتي يا ليلي.
انا معرفتش احبها زي ما حبيتك..
انا بجد بحبك يا ليلي.
بصتله بوجع وانا مصدومه من حقارته:
_و أنا مش لعبه في إيدك يا سليم،
تفضل تلعب فيا زي مانت عايز.
انا مش عايزه اعرفك تاني بجد،
و لو سمحت بجد امشي من هنا و مش
عايزه المحك تاني حتي لو صدفه..
اتكلم بتصميم:
-ليلي انتِ لسه بتحبيني انا عارف
انتِ بس زعلانه مني لسه..
زهقت من طريقته كأنه عارف مشاعري أكتر مني
رديت بزهق:
_سليم فوق انتَ بقيت ذكري بالنسبالي بجد!
بصلي بصدمه و اتكلم وهو بيشاور علي مُراد:
-اكيد يا ليلي انتِ ما حبتيش ده؟
ده مريض انتِ مش شايفه هو عامل ازاي
اكيد مش عايزه ترجعيلي عشانه؟
بصتله بغضب و لأول مره صوتي يعلي كده
لدرجه ان مُراد جه علي صوتي:
-أخرس يا سليم!
ما تتكلمش عنه نص كلمه انتَ فاهم
ده احسن منك مية مره..
و بعدين انتَ اللي مريض صدقني مش هو!
كملت بوجع:
_بعدين طالما انتَ شايفني كده انا كمان مريضه
عايز ترجعلي ليه؟
عشان بتحبني ولا عشان ترضي غرورك؟
بصلي بصدمه من كلامي و معرفش يرد
مُراد جه علي صوتي العالي،
لما لاحظ انهياري و اني بقيت بتنفس بصعوبة
اتكلم معاه بغضب:
-اظنك سمعت بودنك إنها مش عايزه تعرفك تاني،
يلا بعد اذنك اتفضل امشي من هنا بقي.
بص لمُراد بزهق بعد كده بصلي نظره أخيرة
و مشي من غير ما ينطق اي كلمه تانيه.
—
بعد ما سليم مشي مُراد كانت جواه اسئله
كتير جوا عينه بس ما سألنيش أي حاجه،
لأنه كان حاسس اني مش هقدر اتكلم دلوقتي.
استأذنت منه و طلعت اوضتي عشان فعلا
كنت تعبانه جدًا..
اترميت علي السرير وانا حاسه بدماغي بتلف
زي المروحه..
و قلبي دقاته سريعه، مش عارفه ده من الكيماوي
ولا من الغضب؟
بس حاولت ما أفكرش كتير و من كتر تعبي
سمحت لنفسي اني أنام يمكن دماغي تهدي
و ترتاح من التفكير.
—
“مُراد”
وقفت في مكاني زي التايه…
عيوني بتدور على أثرها.
وهي طالعة السلم بخطوات تقيلة،
لحد ما اختفت من قدامي.
فضلت واقف، مش قادر أتحرك…
صوتها وهي بتصرخ في وش سليم
“أخرس يا سليم!”
كان لسه بيرن في وداني زي صدى ما بيروحش.
مفيش مرة اتخيلت إني هسمعها بتصرخ بالطريقة دي،
ولا إنها هتدافع عني قدامه بالشجاعة دي.
بس في نفس اللحظة، جوايا كان في خوف…
الخوف من عينيها اللي كانت بتلمع بدموع وقهر.
الخوف من رعشة صوتها وهي بتنطق الكلام.
كان واضح إنها على حافة الانهيار،
وانا معرفتش أعمل أي حاجة غير إني أطرد سليم.
قعدت على أول كرسي جنبي،
مديت إيدي ماسكت راسي،
وحسيت إن الدنيا كلها دايرة بيا.
سألت نفسي بصوت مسموع:
“هو أنا كفاية ليها؟
ولا أنا مجرد حمل تقيل عليها زي ما هو قال؟”
اتخيلت شكلها وهي واقعة علي السرير دلوقتي،
مغمضة عينيها من كتر التعب،
وبتتنفس بصعوبة من كتر الضغط اللي عليها.
حاسس إن جسدها بيتحطم كل يوم بالكيماوي،
وروحها بتتحطم بالوجع اللي جواها.
دموعي نزلت من غير ما آخد بالي،
طلعت بسرعة ومسحتها بيدي،
بس دمعة تانية لحقت الأولى…
ولقيت نفسي برفع راسي للسماء،
كأني بدوّر على إجابة مش لاقيها.
همست:
“يا رب قوّيني، مش عايز أخسرها.
دي مش مجرد بنت في حياتي،
ليلي بقت حياتي كلها.
إديني القدرة أحميها من نفسها ومن وجعها.
خليها تحس إنها مش لوحدها طول ما أنا عايش.”
رفعت إيدي، فضلت أبص فيها كأني شايف
إيدها لسه ماسكة إيدي من شوية.
الدفا اللي حسيت بيه، الأمان اللي رجّعلي نفسي…
ازاي أسيب حاجة زي دي تضيع مني؟
اتنفست بعمق، حسيت صدري بيتقطع،
لكن في نفس الوقت في حاجة جوايا كانت بتتأكد:
أنا عمري ما هسيب ليلي.
حتى لو الطريق كله ظلام،
حتى لو أنا نفسي تعبت.
هي الوحيدة اللي خلتني أحس إن ليا قيمة…
ومش هسمح لحد ياخدها مني أو يكسرها.
قمت من مكاني بخطوات تقيلة،
كل خطوة كأنها شايلة وجع الدنيا.
بس رغم التعب، كنت عارف إني لازم أكون واقف،
لازم أكون قوي مش عشاني،
لكن عشانها هي.
وأنا داخل المبنى،
آخر صورة شفتها في خيالي كانت عينيها…
اللي رغم دموعها ووجعها،
لسه فيها لمعة بتناديني وتقولي:
“ما تسيبنيش.”
—
“ليلي”
صحيت من النوم وأنا مش عارفه
أنا كنت نايمة ولا مخنوقة…
نفَسي متقطع وقلبي بيرزع في صدري
كأني مطاردة من حاجة مش شايفاها.
الهدوء حواليّ كان يخوف أكتر من الضوضاء.
مديت إيدي على الموبايل،
لقيت الوقت بعد نص الليل،
وقفلت الموبايل تاني،
ما كانش عندي طاقة أفتح أي حاجة.
قمت من على السرير،
قعدت قصاد المراية اللي في الأوضة.
وشي شاحب عنيا غائرة…
وإيديا بترتعش وأنا بمدها ألمس وشي.
حسيت بغربة دي مش أنا.
أنا ليلي اللي كنت بضحك وأرقص وأتزين،
دلوقتي واقفة قصاد نفسي زي
ضيف غريب بيزور أوضة مش بتاعته.
سليم جه في بالي كلماته لسه بتطاردني:
“أنا بحبك يا ليلي.”
ووراها صوت مراد:
“ما تسحبيش إيدك من إيدي،
إنتِ محتاجاني وأنا محتاجك.”
الاتنين بيتخانقوا جوا قلبي،
بس اللي أنا متأكدة منه إن أنا اتكسرت.
الكيماوي كسر جسمي،
وسليم كسر قلبي،
ويمكن مراد بيحاول يلضم الشروخ…
بس هو نفسه متكسر.
يمكن عشان كده بنشبه بعض.
حطيت راسي بين إيديا وقلت لنفسي بصوت واطي:
“أنا تعبت مش عارفه أرجع مين،
ولا حتى عارفه أرجع نفسي اللي ضاعت مني.”
قربت من المراية أكتر…
وبإيدي هزيت شعري المتساقط اللي مغطي وشي.
الخصل اللي كانت زمان تاجي بقت عبء عليّ…
كل ما ألمسه ألاقيه واقع،
كل ما أنام أصحى ألاقي وسادتي مليانة منه.
دموعي نزلت، بس فجأة ضحكت…
ضحكة مش ضحك،
أقرب لصوت مجروح بيتحدى.
“إزاي حد لسه يقدر يشوفني جميلة بالشكل ده؟
إزاي مراد بيبتسملي وأنا نصي ضاع مني؟”
وأنا واقفة هناك حسيت إن فيه حاجة لازم تتغير.
أنا مش ضعيفة حتى لو شكلي بيقول غير كده.
أنا محتاجة أكون أنا اللي تبدأ المواجهة، مش المرض.
مديت إيدي في الدولاب و طلعت ماكنة
الحلاقه اللي كنت مخبيّاها طول الوقت.
كنت كل يوم أبص عليها وأتردد…
لكن النهارده حسيت إن اللحظة جات.
مسكتها بإيدي اللي بترتعش…
حطيتها جنب شعري،
وصوتها وهي بتشتغل
قطع السكون زي صفارة بداية حرب.
أول خصلة وقعت قلبي اتقبض.
الثانية دموعي جرت على خدي.
التالتة حسيت كأني بنزع جزء مني بإيدي.
كنت موجوعة من جوايا، آه…
بس في نفس الوقت في نار صغيرة بتولع:
نار قوة… نار عناد.
كل خصلة بتقع كانت بتوجعني،
لكن كانت كمان بتحررني.
ولما خلصت وبصيت في المراية…
مفيش شعر.
بس كان في وش بيبصلي لأول مرة من غير خوف.
لمست راسي، حسيت بقشعريرة غريبة…
اتوجعت بس ابتسمت ابتسامة صغيرة:
“أنا لسه ليلي يمكن مش زي الأول،
بس دي أنا…واللي يقدر يحبني دلوقتي،
يبقى بيحبني بجد.”
وقفت وأنا لسه بمسح دموعي،
والماكنة مرمية جنبي كأنها سلاح خلص مهمته.
أنا موجوعة آه،
بس لأول مرة من شهور حسيت إني مش ضحية…
أنا اللي اخترت أواجه.
—
كنت لسه واقفه قصاد المراية…
إيدي بتلمس راسي الفاضي،
ودموعي نشفت خلاص.
مكنتش عارفه إذا كنت قوية ولا مجنونه،
بس اللي متأكده منه إني تعبت من الهروب.
فجأة سمعت خبطة على الباب…
قلبي وقع في رجلي.
خطواتي كانت تقيله وأنا رايحه أفتحه.
فتحت الباب، لقيت مُراد واقف…
عينه عليا، سكت.
فضل يبصلي كأنه مش قادر يصدق.
الدنيا كلها سكتت للحظه، حتى نفسي أنا وهو.
كنت مستنيه أي رد فعل خوف، صدمة، شفقه…
بس لقيت عينه بتلمع بحاجة غريبة،
حاجة عمري ما شفتها قبل كده.
كان واقف مستغرب، آه…
بس في نفس الوقت كان في راحة في ملامحه،
كأنه لقى فيا حاجة جديدة.
هو اتقدم خطوتين، وأنا واقفه متجمده.
مد إيده، مسك إيدي مسكه مليانه دفء،
كأنه بيقولي: “أنا هنا”.
فضل ساكت ثواني، بعدين صوته طلع هادي:
-ليلي إنتِ مش عارفه قد إيه اللحظة دي علمتني…
أنا مش شايف فقدانك للشعر،
أنا شايف إنك كسبتي نفسك.
شايف إنك قررتِ تكوني حرة،
وإنك أقوى من أي يوم فات.
وصدقيني أنا متقبلك على أي حال،
ومهما حصل هافضل ماسك إيدك لآخر الطريق.
كلماته كسرتني من جوه…
بس الكسر المره دي كان بيريّح.
دمعة نزلت من عيني،
دمعة حقيقية طالعة من قلبي.
مكنتش عارفه أرد،
قلبي كان بيصرخ بس لساني عجز.
هو لاحظ، وقرب أكتر،
ابتسم ابتسامة صغيرة وقال وهو بيضحك بخفة:
-على الأقل بقينا أنا وإنتِ من غير شعر.
يعني خلاص بقينا توأم رسمي.
ويا ستي وفرنا على نفسنا شامبو.
ضحكت من جوه قبل ما تبان على وشي.
ضحكة طلعت رغم إني كنت لسه ببكي.
ضحكة حسستني إن مش كل حاجة ضاعت.
مراد قعد جنبي على طرف السرير،
ولسه ماسك إيدي…
وبصلي تاني، المره دي عينه كلها صدق:
-ليلي أنا طول عمري بفتكر إن
القوة إن الواحد مايبانش عليه ضعفه…
بس النهارده إنتي علمتيني إن
القوة الحقيقة إنك تبيني ضعفك
من غير ما تخافي، وتواجهيه.
وصدقيني أنا فخور بيكي.
حسيت وقتها إن الدنيا وقفت،
وإن وجعي اتحول لقوة.
لأول مره من زمان…
حاسه إني مش لوحدي.
—
كنت لسه قاعدة قصاد مُراد…
عينيه كانت مليانة أسئلة،
وهو واضح عليه عايز يتكلم من
أول ما دخل الأوضة بس كان ساكت مستنيّني أبدأ.
سكتت شوية لما سألني عن سليم ،
وبعدين ابتسمت ابتسامة خفيفة، قلتله:
_ عارف يا مُراد…
إنت يمكن أول واحد في حياتي
بعد سنين بيسألني السؤال ده.
رفع حاجبه مستغرب وقال:
– سؤال إيه؟
بصيت له وأنا مديّة ضهري للسرير:
_عن سليم..
هو كان إيه في حياتي؟
سكت لحظة طويلة،
كنت بلمّ كل حاجة جوايا عشان أعرف أحكي.
أخدت نفس عميق وقلتله:
_سليم أنا كنت شايفاه كل حاجة.
هو كان الشخص الوحيد اللي
في حياتي من بعد ما أهلي ماتوا.
يعني كان الأمان الوحيد اللي فضلي،
أو يمكن أنا كنت فاكرة كده.
هو كان موجود آه،
كان بيقف جنبي في حاجات كتير،
بس الحقيقة إنه عمره ما عرف
يملأ الفراغ اللي كان جوايا.
كنت دايمًا حاسة إني ناقصة حاجة…
حاجة كبيرة محدش قادر يديهالي، حتى هو.
مُراد كان ساكت،
مركز في كل كلمة بقولها
غمضت عينيّ وكملت:
_ كنت متعلقة بيه تعلق غريب…
مش عشان هو الشخص الصح، لأ…
عشان كان الوحيد.
عارف الإحساس ده لما تكون غرقان
وبتتعلق بأي خشبة قدامك حتى لو هتغرقك أكتر؟
ده كان سليم بالنسبة لي.
فتحت عينيّ وبصيت له،
وابتسامة باهتة ارتسمت على وشي:
_دلوقتي لما باجي أفكر فيه…
بقيت أشوفه ذكرى وبس.
وأصعب حاجة إن حتى الذكرى نفسها مش حلوة
بقت حاجة تقرفني،
حاجة مش عايزة أفتكرها.
لو اسمه اتقال قدامي،
ما بضحكش ولا حتى بابتسم…
لأ بحس إني عايزة أغير الموضوع وأبعد.
مُراد قرب مني،
صوته كان واطي بس مليان دفء:
–طب دلوقتي؟
بتحسي بإيه؟
سكتت لحظة وبعدين لقيتني بقول بكل صدق:
_دلوقتي مبسوطة إنك موجود.
متطمنة وأنا جنبك لأول مرة
يمكن من سنين طويلة،
حاسة إني مش لوحدي.
يمكن الفراغ اللي كان جوايا،
مش هيتسد كله، بس وجودك
مخليني مش خايفة من الوحدة زي الأول.
كان ماسك إيدي من غير ما أطلب،
إيده دافية، وأنا حاسّة إني عايزة
اللحظة دي تفضل أطول وقت ممكن.
كملت وأنا عينيّ بتترعش بدموع صغيرة:
_أنا تعبت من إني أدي كل اللي عندي لحدّ،
وفي الآخر ألاقي نفسي فاضية…
بس معاك الوضع مختلف.
حاسة إنك شايفني،
مش مجرد نسخة من حاجة ناقصة.
إنت شايفني أنا.
هو ابتسم، ابتسامة فيها حنية غريبة، وقال:
–وأنا شايفك أقوى من أي وقت قبل كده…
وشايف إنك تستاهلي تتشافي وتعيشي
حياة جديدة من غير أي وجع قديم.
وأنا ..هفضل ماسك إيدك لحد آخر الطريق.
كلماته نزلت عليّا كأنها دوّا.
حسّيت إن الحمل اللي جوا صدري اتخف شوية،
وكأني لأول مرة بجد لقيت
حد فاهم معنى وجوده في حياتي.
—
بعد ما قعدنا نتكلم كتير وقلنا كل اللي جوانا،
حسيت إن الكلام بدأ يهدأ زي ما يكون
الموج العالي كسر خلاص ورجع البحر هادي…
كنت قاعدة قصاده وبحس إن عينيا
خلاص تقيلة من كتر التعب،
بس قلبي لأول مرة مش تقيل ولا مخنوق.
مُراد قام من على الكرسي
وهو لسه ماسك إيدي،
وبعدها قرب مني وبص لي بابتسامة صغيرة…
ابتسامة كان فيها وجع، وفيها أمل،
وفيها كل حاجة أنا محتاجاها دلوقتي.
قال لي بصوت واطي:
-أنا لازم أرجع أوضتي قبل ما حد يشوفني هنا…
لو الممرضين لاحظوا هتبقى مشكلة كبيرة.
سكت ثواني، وبعدين كمل:
-بس عايزك تعرفي حاجة يا ليلي…
أنا موجود، وهفضل موجود…
ومش هسيبك تمشي في الطريق ده لوحدك،
حتى لو العالم كله مشي.
الكلام وقع على قلبي كأنه حضن،
كأنه وعد متخافيش منه…
ولأول مرة من سنين، حسيت إني مش وحيدة.
سبته يسيب إيدي ببطء،
كأني مش عايزة اللحظة دي تخلص،
وهو فتح الباب بهدوء وخرج…
شفته وهو بيبص وراه قبل ما يقفل الباب،
عينه كلها خوف عليا، بس كمان كلها إصرار.
رجعت قفلت الباب ورايا واتكيت بظهري عليه…
أخدت نفس طويل حسيت إنه طهّرني من جوه.
رحت اتسندت على السرير، غمضت عيني،
وكل اللي حصل من شوية بيعدي قدام دماغي زي فيلم.
مكنتش مصدقة إن فيه حد فعلاً شايفني…
بيشوفني بجد مش زي ما أنا عايزة أبان،
لكن زي ما أنا، ويقبلني كده.
ولأول مرة من زمان ضحكت وأنا بنام.
ضحكة صغيرة، بس كانت طالعة من القلب…
ونمت.
نمت من غير كوابيس،
من غير خوف، من غير دموع.
نمت وأنا مش هاممني بكرة هييجي بإيه…
يكفي إني حسيت لأول مرة إني مبسوطة.
—
يتبع…
“التفاعل بقي وحش ليه”؟
“هستي رأيكم في الكومنتس”.🦋
#النهايه_التي_لم_أختارها 7
#بقلمي_آيات_عاطف
#روايات_واسكريبتات_مميزة
Laila Rose
كنت أقرأ التعليقات و وجدت أن الغالبية لايريد أن يموت منهم أحد.. تماماً كما قلت لك كلنا نبحث عن النهايات السعيدة لنبتعد عن زحام المآسي في الحياة وأنا أولهم أحب النهايات السعيدة😅 لكن اسم قصتك “النهاية التي لم أخترها” فمن سيختارها القدر؟😉
وللأسف الواقع مخ… عرض المزيد
5 ي
رد
مشاركة
Nourhan Aboshady
جميله اوي بجد و عسل كده …. لو حد فيهم جراله حاجه انتي حره 😵😵😵😵 و الله لقعد اعيط عندك هنا و ابهدل الدنياااااا هاااا 🤧🤧🤧😢😢😢😢اياك حد فيهم يموت مش هعرف اموف اون ابدا + استمري بجد تحفه🤗😚
5 ي
رد
مشاركة
تم التعديل
Ayàt Atèfروايات واسكريبتات مميزة 💖🖇️
مساهم ممتاز
·
6 ي
·
كنت واقفه عماله راحه جايه
في الممر زي المجنونه،
دموعي عماله تنزل من عيوني،
ومش عارفه أوقفها..
مش هعرف اهدي طول ما هو
في الأوضة جوا، مش عارفه
هو حالته ايه؟.
شويه و الممرضه خرجت
ف جريت عليها وانا بسألها
بدموع:
_مُراد كويس صح؟
ردت عليا وهي بتحاول تهديني:
-ليلي اهدي مُراد كويس.،
هو بس تعب شويه.،
ما تقلقيش شويه و هيفوق
و هيبقي تمام.
كملت وهي بتبصلي بحزم:
-دلوقتى انتِ لازم تروحي علي
اوضتك ترتاحي يا ليلي.
جيت اعترض قاطعتني:
-من غير ما تقاطعيني يا ليلي
انتِ لازم تطلعي اوضتك دلوقتى
عشان ترتاحي.
انتِ كان عندك جلسه النهارده
و لازم تريحي جسمك و إلا هينهار..
كملت كلامها بحزن:
-مش هيبقي انتِ و مُراد يا ليلي!
بصتلها بحزن و استسلمت
و طلعت معاها اوضتي..
ادتني العلاج و قالتلي ان أول
ما مُراد يفوق هتبلغني..
بصتلها بهدوء و سكت لأني بجد
مكنتش قادره اتكلم او اقول اي حاجه..
—
بعد ما الممرضه خرجت من عندي..
سبت نفسي لأفكاري..
قعدت افكر في مُراد..
مش عارفه بجد هو بقى ايه بالنسبالي
عشان اخاف عليه أوي كده..!
أول ما شوفته واقع علي الأرض ما بيتحركش،
حسيت كأن كل الأكسجين اللي في الجو خلص..
حسيت فجأه ان العالم بتاعي بينهار..
ليه انا حسيت كل ده مع اننا ما نعرفش بعض
غير من اسبوعين!
بس بجد في الأسبوعين دول اكتشفت ان مُراد
كان مالي الفراغ و الوحده اللي أنا فيهم..
في وجوده عمري ما حسيت إني لوحدي..
يكفي بس انى لما كنت ببصله في عينه.،
كنت بحس بأحساس غريب، كأن عينه بتحكي
كل حاجه هو مش عارف يقولهالي..
لما شوفته النهارده وهو ما بيتحركش،
حسيت إن الأمان اللي
كنت بحسه في وجوده اختفي..
اكتشفت ان حياتي مالهاش
معني من غير مُراد.
أو بمعني أصح حياتي ما بقاش
ليها معني غير لما مُراد بقي موجود فيها..
—
قاطع تفكيري صوت خبط علي الباب
فأذنت بالدخول.
دخلت الممرضه و قالتلي ان مُراد فاق..
و طلب انه يشوفني..
لقيت نفسي ببتسم لا إرادي..
و خرجت اجري من الأوضه عشان اشوفه..
هموت و اطمن قلبي عليه..
دخلت عليه كان راقد علي السرير وشه باهت
و بابن عليه كأن كان في حرب خرج منها بصعوبه..
برغم كل اللي فيه ده اول ما لمحني ابتسم..
ميعرفش ابتسامته دي طمنت قلبي قد ايه..
قربت منه و مسكت إيده و انا ببصله في عينه
كأن عيني هي اللي هتوصله كل حاجه انا حاسه
بيها من غير ما اتكلم..
بصتله في عينه و اتكلمت بوجع:
_خوفت اخسرك..،
خوفت ما اعرفش اشوفك تاني..
بصلي في عيني و مد إيده مسح الدموع
اللي هربت من عيني و قالي بدفئ:
-و أنا مقدرش اسيبك و امشي يا ليلي..
انا محتاجلك، يمكن أكتر ما انتِ
محتاجالي كمان..
رديت عليه وانا ببتسم بوجع:
_الظاهر ان احنا الاتنين محتاجين بعض.
أنا ما ادركتش ده غير النهاردة..
عرفت فعلًا انك مهم عندي اوي،
ومش هعرف اكمل الرحله دي من غيرك.
شد علي إيدي أكتر:
-و أنا مش هسيبك تكملي الرحله دي لوحدك،
اه انتِ بدأتيها لوحدك، بس هننهيها سوا.
بصتله و انا ببتسم براحه
لأول مره من بدايه اليوم..
قاطع لحظاتنا دخول خالد
ف سحبت ايدي من ايد مُراد
و مسحت دموعي..
سأله بهدوء:
-عامل ايه يا مُراد دلوقتي؟
رد عليه مُراد بهدوء:
-الحمدلله يا دكتور انا أحسن دلوقتى..
رد عليه بحزم:
-مُراد احنا الحمدلله المرادي لحقناك،
و الوضع ما كانش خطير اوي.
ف اتمني يا مُراد تخلي بالك بعد كده
و تاخد علاجك بأنتظام.
مُراد بهدوء:
-حاضر يا دكتور..
بصله بهدوء بعد كده وجه نظره ليا
و قالي بهدوء:
-و انتِ كمان يا ليلي ياريت تطلعي اوضتك
عشان ترتاحي شويه لأن انتِ تعبتي النهارده.
بصتله بهدوء و اكتفيت اني هزيت راسي
لأني بجد مش عايزه اتكلم معاه..
استأذن وخرج لما لقاني سكت..
ف لقيت مُراد بيمسك إيدي تاني
و بيقولي بهدوء:
-بعد كده ما تسحبيش ايدك من إيدي ابدًا
ما تحرمنيش من الدفئ اللي بحسه
وانا ماسكها..
بصتله و ابتسمت وانا مش عارفه ارد عليه
و قلبي فضل يدق بسرعه من كميه المشاعر
اللي حسيت بيها..
يا تري انا حبيتك ولا ايه يا مُراد؟!
—
تاني يوم
صحيت من النوم وأنا حاسة إني تقيله جدًا،
جسمي كأنه متكتف مش قادر يقوم…
بس دماغي مكانتش فاضيه،
أول ما فتحت عيني لقيت نفسي بفكر في مُراد.
افتكرت يوم ما لقيته واقع قدامي…
قلبي كان هيقف من الرعب،
فضلت أنده عليه وأعيط وهو ما بيردش.
ولما أخيرًا فتح عينيه وقال الكلمة دي…
الكلمة اللي لسه بتدوي جوا وداني:
“ما تسيبينيش يا ليلي…
ما تسحبيش إيدك من إيدي.”
من ساعتها وأنا مش عارفة أنام نومه هادية…
كل ما أقفل عيني ألاقي صوته قدامي،
كأنه بيطلب مني أكون جنبه،
كأنه محتاجني زي ما أنا محتاجاه.
أنا كنت طول عمري شايفة نفسي وحيدة…
بس اللحظة دي غيّرت كل حاجة.
قعدت أبص في السقف وأبتسم ابتسامة
صغيرة رغم إني مرعوبة من اللي جاي.
أول مرة من زمان أحس
إني مش لوحدي خالص…
في حد تاني بيكمل معايا نفس الطريق.
وفجأة سمعت خبطة خفيفة على الباب.
دخلت الممرضة بابتسامة كالعاده، وقالتلي:
– صباح الخير يا ليلي،
قومي حضري نفسك عندك جلسه دلوقتي.
بصتلها باندهاش وقلت:
_ جلسه؟!
مش المفروض إحنا جلستين بس في الأسبوع؟
النهارده مش الدور بتاعي.
قعدت تكتب في ورق معاها وقالت بهدوء:
– الدكتور قرر يكثّف الجلسات الفترة دي…
بيقول إن ده هيكون أفضل لحالتك.
ساعتها حسيت قلبي وقع في الأرض.
أنا لسه جسمي ما فاقش من اللي فات…
الكيماوي بيكسرني كل مرة،
بيسيبني منهكة ومجرد فكرة إني
همر بيه تاني دلوقتي
كانت كفيلة تخلي إيدي تتلج.
اتنهدت وأنا بحاول أثبّت صوتي المرتعش:
_ ماشي، حاضر.
الممرضة ابتسمت بخفة:
– معاكِ نص ساعة وهنكون مستنيينك.
وسابتني وخرجت.
فضلت قاعدة على طرف السرير،
دماغي فاضية غير من صورة الحقنة،
وريحة المعقمات اللي بقيت عارفها كويس،
والألم اللي بيجي بعدها.
عيني غرقت في الفراغ وقلبي بيخبط
كأني رايحة حرب مش جلسه علاج.
وبين كل الخوف ده…
صورة مُراد رجعتلي تاني.
ابتسمت وأنا بفتكر عينيه المليانة رجاء،
صوته المكسور وهو بيترجاني ما أسيبوش.
ووقتها حسيت إن وجوده بيهون عليّ
حتى أصعب لحظة.
يمكن الكلمة اللي قالها تبقى
السبب إني أتحمل جلسة النهارده.
قمت ببطء، مشيت لحد المرايا.
شعري المتساقط كان مغطّي وشي،
عدلته بإيدي…
أخدت نفس عميق كإني بقول لنفسي:
“قومي يا ليلي… لسه فيكِ روح.”
—
دخلت القاعة وأنا حاسة إن رجليّ مش شايلاني.
يمكن عشان الخوف اللي بيشدني
كل مرة قبل الجلسة،
أو يمكن عشان عيني وقعت عليه…
على خالد.
من بعد آخر موقف بينا،
وأنا مش قادرة أبص له زي الأول.
تجاهله جرحني.
تظاهرت إني مش شايفاه،
قعدت علي الكرسي،
وحاولت أركز على أنفاسي
هو كان واخد باله إني متجنّباه،
لكن ما علّقش.
حسيت عينيه بتراقبني بتردد،
زي اللي عايز يتكلم بس خايف أصدّه.
سمعت صوته وهو بيقول بهدوء:
– ليلي إنتِ أقوى مما بتتصوري.
الجلسة دي مش سهلة،
بس أنا واثق إنك هتعديها زي ما عديتي قبل كده.
الكلمات هدتني، بس خوفي كان أكبر.
اتنهدت، حاولت أصدّق نفسي،
حاولت أقنع روحي إني هقدر أكمّل.
الجلسة خلصت وأنا مرهقة،
كل حاجة جوايا كانت متكسّرة.
كنت ناوية أخرج من غير ما أبص ورايا،
لكن لقيته واقف عند الباب مستنيني.
وقف قصادي وقال بصوت هادي،
فيه كسرة ما عرفش يخبيها:
– ليلي آسف.
يمكن كنت قاسي معاكي المرة اللي فاتت،
بس ما كنتش أقصد أوجعك.
أنا بخاف عليكي يمكن أكتر من اللازم.
وقتها قلبي اتقبض.
بصيت له شوية،
وبعدين قلت له بنبرة مليانة رجاء:
_ خالد أنا بجد بعتبرك مش بس دكتوري.
إنت الصاحب الوحيد اللي لقيته هنا.
عشان خاطري ما تخلّنيش أحس إني هخسرك.
ابتسم ابتسامة غريبة، ابتسامة وجع، وقال:
– مش هتخسريني يا ليلي…
وجودي معاكي مش مجرد جلسات،
وجودي معاكي مسؤولية اخترتها،
وهكمّلها لآخر الطريق.
ساعتها حسّيت إن في حاجة جوايا بتهدى.
يمكن لسه الطريق طويل وصعب،
بس معرفتي إني مش لوحدي…
خلتني أتنفس للمرة الأولى من غير ما أحس إني بغرق.
—
من بعد الجلسة أنا ماكنتش قادرة أرجع أوضتي،
حسيت إن الحيطان هتخنقني.
نزلت الجنينة،
نفس المكان اللي قعدت فيه قبل كده مع مُراد…
تحت الشجرة اللي أوراقها بتتساقط ببطء،
وكأنها بتحاول تواسيني بسكوتها.
قعدت على الأرض،
ضميت ركبي لصدري،
وبصيت قدامي بشرود.
الجو كان ساكت، بس جوايا كان دوشة،
خوف وقلق ووجع مش عارفة أرتبه.
ماحسّتش بيه غير وهو بيقعد جنبي…
من غير كلام، مد إيده وأمسك إيدي.
اللحظة دي، حسيت كأنه بيقول
“أنا هنا، ما تخافيش.”
اتنهدت، وبصيتله من غير ما أتكلم،
عيني يمكن كانت بتحكي أكتر من لساني.
سكت شوية، وبعدين سألني السؤال
اللي دايمًا بيسأله بعد كل جلسة:
-حسيتِ بإيه؟
غمضت عيني، وحاولت أجمع نفسي.
قلتله بصوت مكسور:
_حسيت إني ضعيفة…
وإن كل مرة بترعبني أكتر من اللي قبلها.
بس المرة دي كان في حاجة مختلفة خالد.
بصلي باستغراب، كأني فجأته بالاسم.
كملت كلامي:
_خالد مش مجرد دكتور،
بجد حسيت إنه واقف جنبي كصاحب.
هو اللي حاول يطمني،
واللي فضل يرفعني وأنا كنت عايزة
أهرب من كل حاجة.
ساعات بحس إنه الوحيد اللي
شايفني مش كـ حالة شايفني أنا، ليلي.
مراد فضل ساكت، عينه ما بتفارقش عيني.
وبعدين سألني بهدوء:
-وأنا؟
أنا بتعتبريني إيه يا ليلي؟
اتلخبطت، قلبي دق بسرعة.
حسيت إني مش عارفة أرد،
بس طلعت مني الكلمة بسرعة:
_إيه السؤال الغريب ده؟…
أكيد صحابي برضه!
مش إحنا صحاب ولا إيه؟
هو ضحك ضحكة صغيرة،
بس عينه ماكنتش بتهزر. قرب مني وقال:
-لا شكلنا مش هنفضل مجرد صحاب يا ليلي…
شكلنا هنبقى أكتر من كده.
الكلمة دي ضربتني في قلبي.
فضلت أبصله، مش عارفة أرد ولا أهرب،
وكل حاجة جوايا اتلخبطت.
أنا فعلاً مش فاهمة هو يقصد إيه؟
وليه حسيت بدفا غريب وأنا ماسكة إيده؟
قبل ما أقدر أفتح بوقي وأقول أي حاجة،
لقبت صوت مألوف بينادي عليا:
-ليلي!
التفت بسرعة…
كان سليم واقف بعيد، ووشه مليان قلق.
اللحظة اتقطعت فجأة، زي فيلم توقف في نصه.
بصيت لمُراد، وهو لسه ماسك إيدي،
بس عقلي خلاص اتشتت بينه وبين سليم.
—
يتبع..
“هستني رأيكم في الكومنتس”.🦋
#النهايه_التي_لم_أختارها 6
#بقلمي_آيات_عاطف
#روايات_واسكريبتات_مميزة
الداعيه الصغيره
ليلى فى مرحله تايهه فيها اى حد هيقرب منها هتحس بمشاعر تجاه
والدليل أنها لسه مفاقتش من صدمه سليم
الفتره ده بتبقى صعبه لاعارف تختار ولا عارف تبعد … عرض المزيد
6 ي
رد
مشاركة
Dalia Mostafa
ليه سليم يرجع تاني دا هيدمرها لان سليم اناني جدا وموقفش جمبها وهي مشتته لوحدها بين مراد وخالد وهما الي نسوها الخذلان الي شافتو من سليم هترجع تاني تتشتت من المرض وخالد ومراد وكمان خذلان سليم
6 ي
رد
مشاركة
يتبع.. (رواية النهاية التي لم اختارها) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.