رواية ولادة من جديد فايزة وحسام الفصل المائة والحادي عشر 111
بالمقارنة مع توتر حسام ، بدت فايزة أكثر هدوءاً: “لنذهب. دعنا لا نؤخر فحص جدتي ”
مع عدم وجود أي غرباء، لم تتظاهر بشيء، وبدت مختلفة
تماماً شكلاً وكلاماً.
عندما انتهت من الكلام، أدركت أنه لم يتحرك عبست قليلاً. لم تكن ترغب في الانفصال عنه بهذه السرعة، لكن كلماته كانت شديدة الاغضاب لذلك لم تملك منع نفسها. لم تكن نتائج فحص فضيلة مضمونة على الإطلاق، وكانت فايزة متعجلة للغاية.
عند ذلك الخاطر، أخذت نفساً عميقاً، وكانت على وشك أن تستدير للتحدث إليه، عندما انطلقت السيارة فجأة بسرعة كبيرة. شعرت بصدمة شديدة، والتفتت لتنظر إلى حسام رأته يقود السيارة ووجهه متجهم تماماً بينما كان ينبعث منه غضب شديد.
لسبب ما شعرت بنفسها والدموع تترقرق في عينيها، وحزن
كبير ينبع من داخلها. ما الذي يفعله؟ لم أفعل أي شيء
خاطئ على الاطلاق، لماذا يجب أن أتحمل كل هذا إذا؟ ما دخلي أنا بعلاقته برهف ؟ إنه هو من اقترح الزواج ثم الطلاق، بل أنه طلب مني أن أجهض الطفل . إنه هو من يتحكم في كل شيء، فلماذا يغضب مني كل هذا الغضب؟
فاضت الدموع في عينيها، والتفتت لتنظر خارج النافذة قبل أن تتساقط. اسندت ظهرها إلى الوراء، ورفعت رأسها قليلاً حتى تتراكم الدموع ولا تتساقط.
لا بأس. لندع الأمر . من الأرجح أنه لا يمكننا أن نكون أصدقاء حتى بعد الآن. ما هو الخيار الآخر؟ ما كان يجب أن أقع في حبه .
انطلقت السيارة بسرعة عالية قبل أن يهدأ حسام بالقدر الكاف للسماح لها بالعودة إلى سرعتها الطبيعية. عندما وصلا إلى المستشفى، وخرجا من السيارة، رأى أن عينيها حمراوين كما لو كانت تبكي. بمجرد رؤيته لذلك، تلاشى مزاجه العاصف.
وبينما كانت فايزة على وشك الدخول إلى المستشفى أمسك معصمها: “هل كنت تبكين ؟”
لم تلفت رأسها إليه حتى: “كلا”
عبس، فقد بدا صوتها طبيعياً، ولم يبد مثيراً للريبة، إلا أن عينيها كانت حمراوين مثل عين الأرنب
لماذا تبكي؟ هل السبب أنني كنت أقود السيارة بسرعة كبيرة ؟
أخذ حسام يفكر في هذا، ثم شعر بيدها تحاول أن تتحرر. فقد تركيزه لوهلة قبل أن يمسك معصمها بقوة أكبر.
تذكر ما قالته له والدته، وذم شفتيه حتى أصبحتا خطاً
مستقيماً. كان هذا خطأي، منذ لحظات.”
شعرت فايزة، التي كانت للتو قد هدأت بأن دموعها بدأت تتجمع من جديد، ونجحت بالكاد في أن تسيطر عليها. “لا
احتاج اعتذارك. افلتني”
حاولت سحب يدها، لكنه استمر في الامساك بها بقوة، ولم يتركها مهما حاولت بشدة. لم يكن حسام متأكداً إن كان الخطأ خطؤه، لكنه كان يشعر بالحزن الذي كان يشع من خلف رأسها بلغت المشاعر التي كانت تعذبه ذروتها وفتح فمه، وكان على وشك أن يقول شيئاً.
ها أنتما يا سيد و يا سيدة منصور خرجت ممرضتان مألوفتان من مركز العلاج التأهيلي في تلك اللحظة ورحبتا بهما بشكل تلقائي.
قطب حسام جبينه، فهو لم يتوقع أن يقاطعهم غرباء. في هذه الأثناء استغلت فايزة الفرصة للتخلص تماماً منه وتقدمت للتحدث إلى الممرضتين اجتذبت بذلك اهتمامهما على الفور، ولا تلاحظا حتى غضبه.
بعد مرور عشر دقائق أخرى، وصلت سيارة زكريا أيضاً نظراً لأن السائق هو من كان يقود، بالاضافة إلى وجود فضيلة في السيارة، فقد كانت السيارة تتحرك بثبات شديد.
وفور أن نزل زكريا من السيارة، ألقى نظرة استهجان على ابنه ووبخه بشدة، “لماذا كنت تقود بهذا التهور؟ لا بأس إن كنت وحدك، ولكن كانت فايزة معك ”
بعد أن عاتب ابنه ذهب زكريا للتحقق من فايزة. وتقدمت فريدة وهي تدفع كرسي فضيلة المتحرك، وألقت نظرة سريعة على ابنها. وعندما رأت تعبير وجهه الواجم، سخرت في قرارة نفسها مرة أخرى قبل أن تهز رأسها. لقد منحته سلاحي السري، لكنه انتهى به الأمر إلى هذا . يستحق هذا.
من ناحية أخرى بدا أن فضيلة، التي كانت تجلس في الكرسي المتحرك شعرت بشيء ما ولم تستطع أن تمنع نفسها من أن تسأل: “يبدو أن بينهما مشاكل ما، حيث تبدو انفعالاتهما غير اعتيادية..
توقفت فريدة قبل أن تدرك ما يشغل بال فضيلة. بعد التفكر لثانية، قهقهت وقالت: “يا أمي، يحب الجيل الأصغر أن يتعب بعضهم البعض. لا داعي للقلق. في الماضي، كنا أنا وزكريا أيضاً نتشاجر كل بضعة أيام. إما أن اعتقد أنه لا يهتم بما فيه الكفاية بشأني أو أنه لا يكون مهتماً بشكل كامل بايجاز، عادة ما تؤدي شخصياتهما بالتأكيد إلى بعض الاحتكاك عندما يجتمعان إلى أن يصلا إلى حالة توافق.”
كلامك معقول، ولكن … لم تستطع فضيلة أن تمنع نفسها من القلق، وقررت أن تخبر فريدة عن رهف بعد بعض التفكير. كانت زوجة ابنها ذكية، ولا شك ستجد طريقة. إذا تم التعامل مع هذا الأمر، فلن يكون على فضيلة أن تقلق بشأنه.
رهف
لم يكن بيد فضيلة الكثير لتفعله بشأنها. كان من الأسهل لو كانت رهف أي فتاة أخرى، ولكنها كانت شخصاً تدين لها
العائلة، مما عقد الأمور. لن يكون مناسباً أخلاقياً، إذا قامت العائلة بجع لحسام يتجاهل رهف؛ لأنه لا يستطيع تجاهلها أو حتى معاملتها ببرود بدلاً من ذلك، كان لا بد أن يتعامل معها بدفء علاقة من هذا النوقع من الصعب حلها كما فعل شيوخهم.
بعد سماع ما قالته فضيلة، لم يبد أن فريدة شعرت بالكثير من القلق. إذاً، أنت قلقة بشأن ذلك، يا أمي؟ لا اعتقد أن هناك ضرورة لأن تقلقي. قد يكون حسام بطيئاً في الفهم ولكنه بالتأكيد يعرف ما يريد”
لم تشعر فضيلة بالطمأنينة وتنهدت بدلاً من ذلك. “أنا أتفق مع الجزء الأخير، لكنني قلقة لأن فايزة ستجرح.
نظرت فريدة بشكل غريزي إلى فايزة. كانت الشابة ترتدي معطفاً بلون أزرق سماوي مع بلوزة كريمية تحتها، وشعرها الطويل مربوط في ذيل حصان منخفض. عندما خفضت رأسها، انفكت بضع خصلات من شعرها لتخفي وجهها الخالي من العيوب، مما جعلها تبدو أكثر رقة.
كانت الممرضة تتحدث إلى فايزة، وأومات قبل أن تبتسم. بدت وكأنها تبتسم، ولكنها بدت حزينة وتعسة لسبب ما.
عندئذ، لم تملك فريدة، التي كانت دائماً متفائلة، أن تمنع نفسها من العبوس أيضاً. كانت في البداية قد شعرت أنه لا داعي للقلق لأنها ظنت أن ابنها يعرف ما يريد، لذا لن يكون هناك مشكلة. إلا أن تذكرة فضيلة جعلتها تدرك أنها لم تأخذ مشاعر فايزة في الاعتبار. وكان الفايزة مشاعر، وكانت لتشعر بالحزن والألم أيضاً.
رواية ولادة من جديد فايزة وحسام الفصل المائة والثاني عشر 112
لم يسمح سوى لفضيلة بالدخول للفحص، لذا انتظر الآخرون في الخارج
استند حسام إلى النافذة، وتحسس بشكل غريزي داخل جيبه، قبل أن يتذكر أنه لم يلمس السجائر منذ وقت طويل جداً. بدا أن عادة الرغيبة في التدخين عندما يشعر بالقلق
لم تتغير.
لم يكن يدخن في الواقع في السابق، لكنه قد توقف عن التدخين تماماً منذ حوالي العام. كان ذلك بعد أن نام صدفة مع فايزة، ولم يتمكن من نسيان جسدها ورائحتها. كان كأنه أدمنها. بدأ في تقبيلها بين الحين والآخر، الأمر الذي كان يحدث في أي مكان وفي أي وقت؛ لأنه كان يرفض أن
يفوت أي فرصة لذلك.
انضم حسام ذات مرة إلى اجتماع استمر لساعات طويلة حيث كانت المحتويات تجعله في مزاج سيء للغاية، لذا بدأ في التدخين بعد العودة إلى غرفة الاجتماع. وبعد بضع أنفاس فقط، دخلت فايزة ببعض المستندات، وأصبحت قلقة عندما رأته يدخن. “لماذا تدخن الآن؟ هل مزاجك قد تعكر؟”
لم يرد واكتفى بالنظر إليها في غضب كانت علاقتهما وطيدة أنذاك، لذا لم تكن تخاف من تعبيره البارد، وتقدمت سريعاً لتأخذ منه السيجارة. إلا أنها لم تنجح، وانتهى بها الأمر في حجره.
بعد أن استقرت على حجره، قررت أن تلعب دورها ووضعت يديها على كتفيه: “لا تغضب حتى لو كنت غير سعيد، فقد مر الصعب بالفعل.”
كان فم فايزة ينفتح وينغلق أمامه وهي تتحدث، وكانت تلمع بطريقة مغرية، لدرجة أن نظرة حسام أصبحت أكثر غموضاً مع استمرارها. رفع يده وأمسك بذقنها قبل أن يقبلها، فتجمدت للحظة قبل أن ترد القبلة.
تبادلا القبلات بشغف في المكتب، وعندما انتهى الأمر استندت عليه وهي تتنفس بصعوبة، وتمتمت: “شعور غير مريح.”
“ما هو ؟ ” كان صوت حسام خشناً جداً. كان رد فعله الأولي أنه لم يقبلها كما ينبغي وأنها لم تكن راضية عن ذلك.
كانت عيناها لامعتين بينما كان فمها يا يزال منتفخاً “السيجارة.”
أدرك عندها حسام أنها كانت تشير إلى سيجارته، فأطفأها على الفور في المطفأة.
عیست وقالت: “ليس بهذه الطريقة.”
تحركت أطراف أصابعه على خدها، وتوقفت أنامله على أحمر الشفاه الممسوح، بينما همهم قائلاً: “ليس هكذا؟ كيف إذا؟”
أجابت فايزة وهي تشد ربطه عنقه في انزعاج: “أقصد أنه لا يجب عليك أن تدخن بعد الآن. إنك تعرف هذا بالفعل ولكنك سألتني عن ذلك عمداً.”
” فعلا؟” ضحك حسام بهدوء وانحنى نحوها. “أي أنك تقصدين أنه شعور مريح وأنك تستمتعين به عندما لا أدخن؟”
لم تجد فايزة ما تقوله عند سماعها هذا. “متى قلت أنني استمتع به؟ لا داعي لاطراء الذات، حسنا؟”
“لا تتمتعين به؟ من الذي كان يطلب مني أن أقبلها، إذاً، بعد أن أفرطت في الشرب؟”
حسام!”
مشاركة
كان صوتها المدلل والأوقات الجميلة التي قضوها معاً تبدو وكأنها كانت بالأمس، ولا يوجد سوى جدار بارد يقف أمامه عندما عاد إلى أرض الواقع. لقد كانا يعاملان بعضهما البعض بالصمت لفترة طويلة.
نظر حسام نحو فايزة حيث كانت تجلس بجوار والدته وهما تناقشان أمراً ما ورأسيهما قريبة.
اهتز هاتفه داخل جيبه في تلك اللحظة، وجعل صوت الرنين الجميع ينظرون نحوه تمالك نفسه وأخرجه. بعد أن نظر إلى اشعار المكالمة، ذم شفتيه ونظر غريزياً إلى فايزة التي كانت صدفة تنظر إليه. التقت عيونهما لثانية واحدة قبل أن تحيد بصرها في تحفظ.
بعد أن أخذ هاتف حسام يرن لعدة ثوان، أغلق الخط وكتم صوته، مما تسبب في أن يسود الصمت مرة أخرى. فهمت فريدة كل شيء من رد فعل ابنها، حيث كان سيرد على المكالمة لو كانت مهمة. إلا أنه كان قد تطلع غريزياً نحو فايزة بعد أن نظر إلى الشاشة، ولم يرد على المكالمة، أي أن المتصلة كانت على الأرجح رهف
تأسفت فريدة لعجز حسام قبل النظر إلى فايزة، التي كانت قد غضت بصرها، لم يبد أن فايزة قد تأثرت بهذا، على الرغم من أن لا أحد يعرف ما الذي كانت تفكر فيه.
بعد انقطاع المكالمة، تجمدت رهف في حالة من عدم التصديق. كانت هذه هي المرة الأولى التي يغلق حسام الخط في وجهها.
لماذا؟ هل لأن وجهي على وشك أن يتشوه، فتغيرت مشاعره؟ أنا منقذته، أليس كذلك؟ حتى لو تشوه جمالي حقاً، فلا ينبغي أن يعاملني هكذا؛ لأنه كان يرد دائماً فوراً على مكالماتي.
كانت داليا يجانب رهف، وبدأت على الفور في الشكوى بعد رؤية مظهر رهف التعس. “لا بد أن تلك المشاكسة فايزة قد أغرته هل هناك سبب آخر لعدم رد حسام ؟”
عضت رهف شفتها السفلى: “توقفي عن الحديث.”
“لماذا لا يا رهف؟ ألم تعدك ؟ وإليك ما آلت إليه الأمور. إنها
غير جديرة بالثقة، لقد ساعدتها من قبل، ولكنها سرقت رجلك. لماذا تعتقدين أنها ستفي بوعدها ؟”
عضت رهف شفتها، وهي تمسك هاتفها باحكام دون أن
تتحدث.
رهف كفي عن هذه الطيبة. إن الأمر الأكثر اثارة للرعب هو أنها حامل، وقد قالت انها ستحصل على الطلاق بعد انتهاء عملية السيدة منصور الكبيرة. هل فكرت يوماً لماذا تم تأجيل عملية السيدة منصور فجأة؟ لماذا كانت صحتها جيدة قبل ذلك، ولكنها فجأة أصبحت ضعيفة؟ أليس الفايزة
يد في كل هذا؟ لقد كانت السيدة منصور لفترة طويلة. فلماذا ستتخلى عن هذا الدور بسهولة؟ إنه أمر مستحيل. توقفي عن هذه الثقة الزائدة، يا رهف
كانت كلمات داليا صعبة الفهم، ولكن رهف شعرت أنها كلها صحيحة. إن كانت فايزة حقاً ترغب في الوفاء بوعدها. فلماذا لم توقع العقد مع رهف ؟ إن عدم رغبة فايزة في توقيع العقد كان دليلاً على عدم رغبتها في الوفاء بجانبها من الصفقة. قد يتراجع الكثيرون عن أي شيء اتفقوا عليه شفهياً، فماذا يمكن أن تفعل رهف إلا أن تلوم فايزة إن كانت فايزة حقاً خالفت اتفاقهما ؟
وبينما غرقت رهف في أفكارها، انفتح الباب ودخلت احدى صديقاتها المقربات. أخبار سيئة يا رهف التقيت خميس صدقة في الطريق، وقد اشترى لك وروداً لزيارتك، لا أعرف من اين حصل على المعولمات، لكنني أم أسمح له بالصعود”
كانت رهف في مزاج متعكر، ولم تجد ما تقوله عندما
سمعت اسمه.
قلبت داليا يعنيها: “هل خميس مجنون؟ ألم ترفضه رهف
بالفعل ؟ ماذا يريد؟”
كانت رهف على وشك أن تطلب منهن أن يجدن عذراً لجعله يغادر، لكن شخصاً آخر تدخل وقال : “بالضبط، ما الذي يمكن لوغد مثله أن يفعله سوى التسبب في المشاكل؟ لا أعرف من أين جاء بالشجاعة لمطاردة رهف. هل يظن أنها أبداً ستفكر فيه؟”
شعرت رهف أنها كانت قد سمعت أهم شيء حينها. التسيب
في المشاكل، أليس كذلك ؟
تألقت نظرتها المحبطة مرة أخرى. كانت تكره خميس بشدة من قبل، حيث أنها شعرت أنه أفسد سمعتها، لكنها لم يسبق لها أن تشعر بالامتنان لوصوله من قبل.
- يتبع.. (رواية ولادة من جديد) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.