رواية ولادة من جديد فايزة وحسام الفصل الواحد والأربعون 41
لست مديناً لك بأي شيء
التزمت فايزة الصمت. أما رهف. فكان قلبها يدق بقوة. تظاهرت بالهدوء، لكنها لم تكن واثقة أن كلماتها سوف ترهب فايزة. لم تكن رهف تعرف الكثير عن فايزة، سوى أنها كانت ذات عزة نفس عالية للغاية. لذلك قررت رهف أن تغامر وتتعامل مع الوضع من هذه الزاوية، لكن عندما لم ترد فايزة، بدأت يدا رهف تتعرقان تحت الطاولة. اجبرت نفسها على الابتسام، وسألت: “ماذا؟ ألا توافقين ؟”
نظرت فايزة إليها وقالت: “يبدو عليك التوتر، لماذا ؟”
لا. لست متوترة. أنا مجرد …
كادت رهف أن تكشف عن مشاعرها الحقيقية، لكنها توقفت سريعاً، ثم استطردت قائلة: “حسناً، خذي وقتك للتفكير في الأمر.”
وكما ذكرت فايزة من قبل، فقد كانت رهف ترغب حقاً في
أن تسرع فايزة باتخاذ قرارها، إلا أن فايزة بدأت تفكر في ال
الأمر ملياً، والحقيقة، فإنها سواء وقعت الاتفاق أم لم توقعه.
فلم يكن لذلك أهمية كبرى بالنسبة لها، فحتى لو لم توقعه.
فإن كل ما ورد في الاتفاق، باستثناء الشرط الأول الخاص بالسفر إلى الخارج وعدم العودة طيلة خمس سنوات، كان شيئاً ترغب في القيام به. أما بالنسبة للشرط الأول، فلك لكن قد قررت بعد حتى الآن أين ستستقر، ولكنها بالتأكيد ستختار مكان بعيد عن حسام .
“ما رأيك؟” على الرغم من أن رهف كانت قد طلبت من فايزة أن تتمهل، إلا أن رهف كانت تنتظر منذ فترة، ولذلك لم تملك أن تمنع نفسها من طرح السؤال.
لم تكن فايزة تعرف ما إذا كانت رهف تقوم بذلك عمداً. لكنها لم تملك أن تمنع نفسها من القول: “ظننت أنك لست. متوترة. لماذا العجلة إذا؟ هل هناك خطب ما في هذا الاتفاق ؟”
لم تجد رهف ما تقوله حاولت قدر المستطاع أن تحافظ على الابتسامة، قبل أن توقع فايزة على الاتفاق. “حسناً. تمهلي وخذي وقتك للتحقق منه فعلاً لقد كنت استعجلك. أنا آسفة.”
الفت فايزة عليها نظرة وهدأت ثم سألت: “حسناً، طالما أننا –
تلتزم بشروط الاتفاقية هل أكون قد رددت الجميل ؟
اومات وهف فوراً برأسها وقالت: “نعم”
قالت فايزة: “حسناً ”
عندما سمعت رهف ذلك قدمت لها قلماً وقالت: “إذا. وقعي.”
19:05
ظلت فايزة تحدق في القلم للحظة، قبل أن تأخذه، ولكن بدلاً من التوقيع به لعبت به في يدها. قامت بلف القلم بين أصابعها في تشكيلات مختلفة، وعندما شاهدت رهف ذلك. بدأت تشعر بقلق متزايد إلى أن ابتسمت فايزة أخيراً وقالت: “لن أوقع هذا الاتفاق”
في تلك اللحظة، اتسعت عينا رهف وقالت: “ماذا تقصدين؟ لن توقعي ؟”
وضعت فايزة القلم بقوة على الطاولة، واسندت ظهرها في هدوء: “كلا. لن أوقع هذا النوع من الاتفاقات السرية ”
دون حماية قانونية، ودون وجود محام بجانبها، لم تتمكن فايزة من توقيع اتفاق يشوبه الغموض من هذا القبيل. هل
كانت مدينة الرهف بمعروف، نعم، ولكن هذا لا يعني أنها من
تبيع انفسها لمجرد أن نرد الجميل.
كانت رهف منزعجة بشكل واضح: “يا فايزة، ماذا بك؟ هل تحاولين التلاعب بي ؟”
أجابت فايزة بجدية وهي تهز رأسها: “كلا. ولكن على الرغم من أنني لن أوقع الاتفاق، إلا أنني سألتزم بجميع المتطلبات التي ذكرتها. ”
توقفت للحظة ثم استطردت في بطء: “إن لم يكن هناك أي لية لديك لخداعي بهذا الاتفاق، فلن يهمك سواء قمت بتوقيعه أم لا.”
کبحت رهف غضبها، لكن ابتسامتها لم تكن بشوشة على الاطلاق “فايزة. هل تفرطين التفكير في الأمور؟ كيف يمكنني أن أخدعك؟ لو كنت أريد ذلك، لما ساعدتك في الأصل. لا تسيني فهمي، حسناً؟”
ابتسمت فايزة وسألت: “أحقاً؟ إذاً، مم تخافين ؟”
لم تفهم رهف ما كانت ترمي إليه: “أخاف من ماذا؟”
الست منقدته ؟ لا شك أنك تفتقدين الثقة بنفسك لتطلب
مني توقيع هذا الاتفاق”
سماعها لهذا، جعل لمحة من شراسة تغير ملامح وجه رهف. فعندما سمعت فايزة تثير هذا الموضوع، شعرت بالبؤس والخوف من أن تعود فجأة ذكريات فايزة المتناثرة.
لم تكن رهف متأكدة إن كان السبب في ذلك أنها كبتت غضبها، إلا أن ملامحها التي كانت عادة جميلة، تشوهت فجأة، “لو لم نصري على الاحتفاظ بهذا الطفل، هل كنا ساضطر إلى اعداد هذا الاتفاق؟”
بعد قولها هذا، استعادت سريعاً سلوكها اللطيف، وقالت
الفايزة: “فلتثقي بي لن أخدعك ”
لم تتوقع فايزة أن ترى هذا التبدل السريع في سلوكها. لم تكن قد شهدته من قبل، ولم تملك إلا أن تتعجب من قدرة رهف على مثل هذا التلون السريع فكرت في ذلك. ثم ذمت شفتيها وقالت: “إذا رجاء أن تثقي بي أنت أيضاً، حتى لو لم أوقع هذا الاتفاق، فإنني سأنقذ كل ما ذكرتيه به ”
يا لك!” لم تتوقع رهف أن تجدها بهذا الاصرار على عدم التوقيع. “إن لم توقعي، فكيف لي أن أعرف أنك لن تغيري ) رأيك؟”
وحتى وإن قمت بالتوقيع، كيف لك أن تعرفي التي لن
أغير رأيي إذا أردت حقاً أن أفعل شيئاً، فهل تعتقدين أن مبلغ العقوبة البسيطة المذكورة في الاتفاق سوف يثنيني ؟”
حدقت رهف فيها. ماذا تريدين بالضبط؟ أنت لا تريدين وضع حد للحمل، ووافقت ألا يمكنك فقط توقيع الاتفاق. ليهدا بالي؟”
قطبت فايزة حاجبيها: “يا أنسة عبد الرؤوف، أتمنى أن تفهمي شيئاً واحداً، ما يحدث للطفل، يعتمد علي أنا، وليس ال عليك، ولتوضيح الأمر لك، فإنني و حسام متزوجان بشكل قانوني، ولذا لا يحق للآخرين في التدخل. أما بالنسبة لك ”
شحب وجه رهف وقالت: “ما الذي تريدينه ؟”
قالت فايزة بصوت هادئ: “لا أريد شيئاً، إنها مجرد مسألة نية. سألبي جميع المتطلبات التي ذكرتها.” حسین
“هذا ليس كافياً، لا اثق بك. كيف لي أن أعلم أنك لي تتراجعي عن قرارك لاحقاء”
في الواقع، لا يوجد شيء يمكنني تقديمه ” هزت فايزة
كتفيها وبدت غير مبالية. إن لم تتق بي، فما كان ينبغي أن
تساعديني في الأصل، أو أن تطلبي مني أي خدمات، أليس كذلك؟”
بعد سماع هذا، هدأت رهف أخيراً بعض الشيء، كانت تعتقد في البداية أن فايزة سهلة الخداع، كل ما عليها أن تفعله. هو تقديم شروط مستحيلة الفايزة، وبعد أن ترفضها فايزة. تقدم لها رهف الاتفاق عندئذ ستكون فقدت فايزة حذرها. وتوقع اسمها من كان يتصور أن فايزة تكون يقظة لهذا الحد؟ لقد أسات تقدير الأمور تماماً .
عضت رهف شفتها، وهي تنظر إلى فايزة: “هل أنت متأكدة من قدرتك على الوفاء بوعدك ؟ ”
ابتسمت فايزة: “هذه مسألة بسيطة. إن لم استطع الوفاء بوعدي ما كنت أتيت اليوم، وإن كنت قد سبق أن اتخذت قراري، فلماذا أضيع وقتي هنا معك؟”
“حسناً، هذا ما تقولينه ”
لم يكن هناك سبيل آخر كانت فايزة قد رفضت توقيع
الاتفاق، ولم يكن هناك مجال لرهف اخبارها على توقيعه.
كانت مهمتها الرئيسية أن تمنع فايزة من التحدث بهراء في
وجود حسام ، ولا شك أن الحديث الذي دار المتو كفيل يمنع
وقوع ذلك..
مدت يدها نحو فايزة واستعادت ابتسامتها، وقالت: “أمل أن تفي دائماً بوعدك. ليكن تعاوناً مرضياً بيننا.”
نظرت فايزة إلى يدها ولم تتحرك قالت بصوت هادي من الآن فصاعداً، لن أدين لك بأي معروف”
رواية ولادة من جديد فايزة وحسام الفصل الثاني والأربعون 42
الخطر
بعد أن تحدثت، لم يكن لدى فايزة الرغبة في اضاعة المزيد من الوقت معها. فقامت بجمع اغراضها، وغادرت المقهى بسرعة. إلا أنها لم تلحظ أن الرجل الذي يطلق عليه سعد. جلس في مواجهة رهف فور مغادرتها، وبدأ في السؤال عن فايزة، بعد مغادرتها للمقهى، لم تعد فايزة إلى المنزل. بدلاً من ذلك، وقفت على جانب الطريق، تنظر إلى السيارات المارة. كان العبء الرهيب الذي كان ينقل قلبها قد سقط
عنها أخيراً.
لم تملك سوى أن تتصل بوالدها فاروق، لتشاركه خبر أنها كانت قد ردت الجميل. إلا أن الهاتف ظل يرن لفترة طويلة. ولم يتم الرد على المكالمة. نظرت فايزة في الساعة. وخمنت أن والدها كان على الأرجح مشغولاً بالعمل، لذا لم
تعاود الاتصال.
اما ما تبقى من النهار، فقد عادت فايزة الرفقة فضيلة في دار المستين. وحيث أن حديثها مع رهف قد استغرق وقتاً طويلاً، فقد تأخرت، ووصلت إلى دار المسنين في وقت متأخر قليلاً. عندما وصلت، قال المعرض: “السيدة منصور.
لقد تأخرت أكثر من نصف الساعة اليوم السيدة منصور الكبيرة كانت في انتظارك منذ مدة طويلة”
عند سماعها هذا شعرت فايزة بشيء من الذنب وقالت: كان لدي أمر يجب أن أنجزه . في الطريق إلى هنا، لذا تأخرت”
“اذهبي إليها بسرعة إذا ”
“حسناً” سارت فايزة بخطوات سريعة ووصلت إلى الغرفة.
كان جميع القائمين على الرعاية قد غادروا في نفس الوقت ولم يبق هناك سوى فضيلة في الغرفة. عندما كانت فايزة على وشك الدخول، توقفت خطواتها فجأة، فقد رأت فضيلة تفك بصورة وتحدق فيها بالشغال. وعلى الرغم من أن فايزة لم تر عن بعد سوى هيئتها الجانبية، إلا انها استشعرت الحزن العميق الذي كان ينبعث من السيدة العجوز.
هتفت فايزة برفق وهي تدخل الغرفة : “جدتي”
عند سماع الصوت عادت فضيلة إلى أرض الواقع، وتطلعت نجو مصدر الصوت بينما اختفت انفعالاتها من على وجهها. “فايزة. لقد حضرتي ”
اتجهت فايزة نحوها، وبدأت تعتذر شارحة: “أنا آسفة يا جدتي واجهت بعض المشاكل في الطريق إلى هنا نقد وصلت للتو هل انتظرتيني طويلاء في المرة القادمة، أن تأخرت مرة أخرى فسوف اتصل بك مسبقاً ”
يا لك من عبيطة يا فايزة لم تتأخري سوى قليلاً من الوقت. هل أنتظر أنا طويلاً؟ كما أنه لا يوجد ما أفعله في دار المسنين، لذا لا يهم إذا انتظرت مدة أطول أو أقصر.”
هزت فايزة رأسها وقالت: “لا. هذا غير مقبول” ثم انحنت. ووضعت رأسها على رجل فضيلة، وقالت برفق: “أريد أن ) أخبرك بذلك حتى تعرفي على الأقل اثناء انتظارك أنني في
الطريق إليك”
“أنت عزيزتي الصغيرة”
هدأت فضيلة بوقع صوت فايزة اللطيف، ومدت يدها تمسد شعر فايزة سائلة: “إذا، لم لا تخبرينتي ما حدث لك في الطريق إلى هناء
توقفت فايزة للحظة، ثم ابتسمت وقالت: “مجرد أمور
تتعلق بالعمل وهي كلها مملة جدا، يا جدلي، لا يوجد الكثير
للحديث عنه في هذا المجال. لماذا لا تحكين أنت لي قصة بدلاً من ذلك؟”
بعد قولها هذا لمست فايزة الصورة التي في يد فضيلة وقالت: “على سبيل المثال القصة التي وراء هذه الصورة ”
ترددت فضيلة للحظة قبل أن تربت برف على حبين فايزة الناصع: “أنت شقية ذكية ”
همهمت فايزة: “ممم ” تم استدت جبينها إلى جبين فضيلة وقالت: “أود أن أسمع قصتك يا جدتي ”
“حسناً، سأرويها لك ”
بحلول الظهيرة، تلقت فايزة رسالة من حسام يسألها عن مكانها. ردت فايزة باقتضاب: “في دار المسنين ”
بعد وقت قصير من ارسال الرسالة، جاء رد حسام : “سأتي لتناول الغداء”
فوجدت فايزة وسألت: “الست مشغولاً في الشركة؟”
رد حسام : نعم لا زلت في اجتماع، لكنني سادير بعض الوقت للقدوم اليكما لم تضف فايزة أي شيء آخر، وقالت فقط “حسناً.” لم يكن لديها أي شيء ليقال بخصوص تدبيره لبعض الوقت للمجيء إلى دار المسنين الرؤية جدته.
انتهى الاجتماع أخيراً. بعد التعرض لعدة ساعات للسان حسام الحاد، خرج جميع التنفيذيين من غرفة الاجتماعات وقد علا الشحوب وجوههم، وينظرون إلى بعضهم البعض في أسى. ثم هزوا رؤوسهم، وتنهدوا، وغادروا في احراج.
هندم حسام ربطة عنقه، ونظر إلى ساعته، كان الوقت مناسباً، إذا انطلق إلى دار المسنين الآن، فإن التوقيت سيكون على الأرجح مناسباً.
خرج من غرفة الاجتماعات بلا تعبير على وجهه، وفجأة تقدمت نحوه امرأة جميلة ترتدي فستاناً أبيضاً، وسعرها
الطويل يتطاير من حولها.
حسام” كان صوت المرأة ناعماً وواضحاً، مما جعل
التنفيذيين يتطلعون إليها.
توقف حسام ، ورأى رهف تحمل وعاء طعام حراري وهي تسير نحوه لانت عيناه عندما رأها، وسار نحوها: “ماذا تفعلين هنا؟”
بدت رهف خجولة بعض الشيء نظراً لأن التنفيذيين كانوا لا يزالون موجودين، وقالت برفق: “لقد كنت مشغولاً جداً مؤخراً، ولا اعتقد أنك تناولت الطعام بشكل مناسب. لذا قمت شخصياً باعداد بعض الطعام الذي تحيه
لم يملك الناس المحيطون بهما إلا أن يتنهدوا جسداً، ظهرت بقعتان حمراوتان على بشرة رهف الشقراء كانت تبدو محرجة بعض الشيء وهي تخفض رأسها، ولم يمكن من حولهما سوى أن يتوقفوا ويشاهدوا الدراما وهي تتكشف أمامهم.
يا سيد منصور، إنه يوم حظك السعيد اليوم”
نعم، إننا جميعنا نحمد السيد منصور على حظه السعيد ”
كانوا يحاولون التملق الجسام، لكنهم لم يدركوا أنه لم يحية
مزاحهم عنه وعن رهف في الواقع، فقد القى إليهم بنظرة
حاسمة، ونظر إليهم بعيون ثاقبة “أليس لديكم شيء أفضل
للقيام به، أم أن أداءكم قبل قليل لم يخرجكم بالقدر الكاف
بعدة هل ترغبون في عقد اجتماع آخر المواصلة هذا شعر المحيطون بهما فوراً بالخوف، ولم يجرؤوا على اصدار أي أصوات وفي لحظة واحدة، كان الجميع قد غادر في هدوء
صدمت رهف التي كانت تقف أمام حسام ، لرؤيته يغضب فجأة. تطلعت فيه بدهشة. ما الذي اصابه بعضب فجأة لم يقولوا أي شيء خاطئ، أليس كذلك؟ ولكن يبدو أن حسام لا يحب عندما يمزح الناس عنه وعني.
الأهم من ذلك، شعرت رهف أنها تعرضت للاهانة أمام المديرين التنفيذيين في الشركة. ظنت أنها مميزة، لذا جرأت على انتظاره في هذا الوقت. كما أنها كانت تعتزم أن تؤكد سيطرتها أمام زملائه عن طريق القيام بذلك. في الواقع، كانت ترغب في أن يعرف الجميع أنها هي التي ستكون سيدة الشركة وليس فايزة. ومع ذلك، لم تتوقع أن
يغضب حسام فجأة …..
“ماذا بك يا حسام؟”
عند سماع كلماتها، توقف حسام وتمالك نفسه، وكان يشعر ببعض الذهول. لم يكن يعرف لماذا فقد أعصابه فجأة الآن.
كان الآن مستاء للغاية. ذم شفتيه وقال: “لا شيء، لماذا جنت هنا اليوم؟”
عجزت رهف عن الكلام، فقد كانت سبقت أن أخبرته، لكنه نسي، لم يكن لديها خيار سوى تكرار ما قالته للتو بحرج، إلا أن حسام بدا أنه لا يزال مشتقاً وشارداً.
أخيراً، عبس وقال: “رهف، شكراً لك على كل هذا المجهود. ولكن لدي شيء يجب أن أفعله اليوم، ويجب أن أخرج
ثم اضاف وهو يلتفت نحو مساعده: ” سأدير من نقلك إلى ) المنزل ”
رواية ولادة من جديد فايزة وحسام الفصل الثالث والأربعون 43
أنا لست غريبة
م .. ماذا ؟” لم تصدق رهف ما كانت تسمعة. هذا ليس ما تريده على الاطلاق، كانت تأمل أنه بعد أن أعدت الحسام الغداء، أنها ستريه أصبعها المصاب عندما تذهب إلى مكتبه. فيتأثر ويهتم بها، ويبدي قلقه عليها، وبعد ذلك، يتاح لهما أن يكونا معاً وحدهما، ويعملان على توطيد علاقتهما، ولكن الآن، بدا أن هذا لن يحدث.
حاولت رهف أن تخفي حيبة أملها وقالت بحرج : ” حسام ) ماذا ستفعل ؟ إن لن يستغرق وقتاً طويلاً، يمكنني الانتظار في مكتبك ”
اجاب حسام : اسف يا رهف، سأغيب لفترة، ينبغي أن تعودي إلى المنزل ”
اقترب مساعد حسام منها وقال: “أنسة عبد الرؤوف. تفضلي من هنا.”
لم تكن رهف تريد المغادرة بعد عضت شفتها والتفتت تنظر إلى حسام . وقد احمرت عيناها قليلاً
ماذا لو فعلت هذا؟ هل سيظل غير مبال بي إذا تصرفت بهذه الطريقة ؟
إلا أن حسام لم يلحظ الدموع التي ترقرقت في عينيها. وكان قد غادر بالفعل في خطواته الطويلة، وكأنه لديه أمر عاجل يجب أن يتولى أمره. لم تملك رهف سوى الوقوف في مكانها، ومشاهدته وهو يختفي.
تحدث مساعد حسام مرة أخرى وقال: “آنسة عبد الرؤوف ال هل ستغادر؟”
القت رهف نظرة سريعة على مساعد حسام الذي كان يبدو بلا مشاعر ولهجته بدت غير ودية، شعرت أنه لا يحبها. وكان خدمها في محله، فمساعد حسام لم يكن يحبها، لأن الجميع في الشركة يعرفون بعلاقة حسام وفايزة، وبما أن رهف كانت قد جاءت عمداً إلى غرفة الاجتماعات ومعها صندوق الغداء، فإن نواياها أصبحت واضحة.
بعد أن أمضى الكثير من الوقت مع فايزة، رأى المساعد فيها امرأة قادرة وإن ظلت ودودة، لذا كان من المزعج أن يرى رهف تتصرف بهذه الطريقة في حضور حسام ، وعلى الرغم من أن المساعد كان قد تضايق من تصرفات رهف إلا أنه لم يقل شيئاً؛ لأنه كان موجوداً مجرد المساعدة حسام في
عمله.
إلا أن رهف كانت مترددة في المغادرة في هذه اللحظة. لقد بذلت الكثير من الجهد في الطبخ واصابت اصبعها، لو أنها غادرت الآن، فماذا كان الهدف مستشفى الاصابة قريباً جداً. ولن يكون من المناسب أن تعمق جرحها حتى تظهره الحسام لاحقاً. لا يمكنها أن تدع هذه الفرصة تضيع.
لذا ابتسمت وسألت المساعد: إلى أين ذهب حسام؟ هل سيعود بعد الظهر؟ وإن كان سيعود، هل يمكنني انتظاره في مكتبه ؟”
لم يبد المساعد أي تعبيرات على وجهه وهو يتحدث بصوت جاف: “لست متأكداً من جدول السيد منصور. أما بالنسبة الذهابك إلى المكتب، فأنا اعتذر يا أنسة عبد الرؤوف. ولكن ذلك غير ممكن لا يسمح للغرباء بدخول المكتب طالما السيد منصور غير موجود
كادت رهف أن تفقد أعصابها، نعت شفتيها بقوة وقالت: “أنا .
است غريبة ”
رد القاعدة لا يمكنني التأكد من ذلك ”
هذا المساعد مزعج للغاية، أول شيء سأفعله عندما أصبح سيدة مجموعة منصور هو استبدال مساعد حسام هذا اله احمق أخرق.
كانت رهف نسب وتلعن في ذهنها، ولكن في ظاهرها، ظلت محافظة على هدوئها وجمالها، “حسناً، هل يمكنك، إذا أن تقلني إلى المنزل؟ بالمناسبة، لقد قمت بتحضير هذا الغداء بالكثير من المجهود. وحيث أن حسام لن يجد الفرصة
التناوله. يمكنك أن تأخذه”
على الرغم من أنها كانت تكره المساعد، إلا أنه لا يزال يعمل بجانب حسام حالياً، لذا كان عليها أن تتعلقة بعض الشيء.. ولعنه من الأفضل حتى لو أنها استطاعت كسبه إلى جانبها. إلا أن المساعد خطى خطوة كبيرة إلى الوراء، وهز رأسه: “يا أنسة عبد الرؤوف لا يمكنني قبول شيء مقابل لا
شيء”
كانت وهف تستشيط غضباً حتى أنها كادت أن تنفجر. في النهاية، أعاد المساعد رهف إلى المنزل.
عندما وصل حسام إلى دار المسنين، كان الوقت تقريباً مناسباً، كما هدأ مزاجه المتوتر عندما وصل هنا، ورأى مشهد فايزة وهي تستلقي بجوار فضيلة وتستند إلى ساق فضيلة.
عندما سمعت فضيلة الصوت نظرت إليه نظر الاثنان إلى بعضهما البعض، ثم اشارت فضيلة له بأن يلتزم الهدوء. لم يلحظ حسام إلا حينها أن فايزة كانت نائمة بجوار ساق
فضيلة.
يسبب ضعف ساقي فضيلة اقترب حسام من فايزة وانحنى يلطف ورفعها، ووضعها على السرير الصغير بجانبهما كانت على الأرجح غارقة في النوم لأنها لم تستيقظ عندما نقلها حسام . بل أنها حتى فركت رأسها لا ارادياً على الوسادة الناعمة، ثم عادت إلى قومها، وهي
تحتضن الأغطية بين ذراعيها.
عندما رأى حسام ذلك لم يملك أن يمنع نفسه من مد يده ونكر خدها الناعم بلطف، كانت لطيفة حتى وهي نائمة. وكانت بشرتها ناعمة كالحرير فلم يملك حسام أن يمنع. نفسه من نكرها مرة أخرى. وكان على وشك أن يمد يده ليستمر في نكرها، عندما قالت فضيلة بصوت هادي: “لا لا
هل تحاول أن توفظها ؟”
عند سماعه هذا توقفت حركة حسام ، ثم ابتلع ريقه في احراج وقال: “لا يا جدتي. لا أحاول”
ثم اشارت فضيلة إلى حسام أن يأخذها خارجاً على كرسيها المتحرك وافق، وبمجرد مغادرتهما للغرفة. عاد صوت فضيلة إلى مستواه الطبيعي. “قالت تلك الفتاة الصغيرة إنها تريد أن تسمعني أحكي لها قصة، لكنها نامت قبل أن انتهي حتى من نصفها. لا أعرف ما إذا كان السبب لأنني راوية قصص مملة، أم لأنها لا تحظى بقسط كاف من
الراحة في الآونة الأخيرة.”
اجاب حسام على الأرجح السبب لأنها لم تحصل على قسط كاف من الراحة لديها هالات سوداء شديدة تحت عينيها.”
في وقت سابق، عندما قام بنكز خديها، لاحظ أن هالاتها السوداء كانت ملحوظة بشكل خاص، ربما بسبب بشرتها الشاحية.
سألت فضيلة: “ماذا يحدث؟ لماذا ا لا تحصل على قسط كاف
من الراحة ؟ هل كنت تتتمر عليها ؟”
صعق حسام وقال: “أنتمر عليها ؟ أنا؟ ما أجرؤ على ذلك.
كنت أتمنى أن لا تتنمر هي علي، منذ أن كنا أطفالاً، كانت هي دائماً صاحبة اليد العليا.”
انفجرت فضيلة ضاحكة: “ها ! أنت فتى. وإن تعرضت للتنمر إذا؟ إنك تتصرف وكأنك أنت من تعرض للظلم ”
احتج حسام قائلاً: “لا، ليس هذا ما في الأمر. أنا فقط أقول الحقيقة.”
على أية حال، ليس مسموحاً لك أن تتنمر عليها، تلك الفتاة الفتاة عزيزة جداً علي. على الرغم من أنها ليست حفيدتي بالدم. لكنني أقسم أن أهميتها لي تماماً كما لو كانت.”
لم يجادل حسام في ذلك. فقد كان الأمر واضحاً للجميع.
“ممم ” لم تعرف فايزة كم مضى عليها نائمة، فقد كانت
شعرت بالتعب الشديد، وأن السرير مريح عندما استيقظت لم تفتح عينيها على الفور بل أخذت تتمدد في كسل. بعد أن انتهت من التمدد أدركت أمراً ما فجأة، وفتحت عينيها على الدهما، لتجد حسام ينظر إليها مبتسماً.
سألها: “أهل استيقظت؟”
حسام؟
فوجئت فايزة برؤيته جالساً على حافة سريرها. عندما نظرت حولها في الغرفة، أدركت أنها في غرفة فضيلة.
سألت وهي تضع يدها على جبينها: “أين جدتي ؟”، وكانت تشعر بالانزعاج من نفسها: “متى غرقت في النوم؟”
شرح حسام وهو ينظر إليها: “ذهبت جدتي لاجراء فحص طبي. كيف يمكنك أن تنامي بينما تروي لك قصة ؟ لا أحد
يفعل ذلك سواك ”
رواية ولادة من جديد فايزة وحسام الفصل الرابع والأربعون 44
يحادثني بتلك النبرة.
القصة
هذا ما أيقظ ذاكرة فايزة.
كانت تستمتع إلى قصص شباب فضيلة، وكانت تستمتع أيضاً، ولكن فجأة بدأت تشعر بالنعاس.
إلا أنها لم تحبذ مقاطعة فضيلة، لذا أجبرت نفسها على
البقاء مستيقظة، والاستمرار في الاستماع.
لم تدرك فايزة أنها غرقت في النوم.
بدأت تشعر بالذنب من ذلك.
لم اتعمد أن أنام. هل تعتقد أن جدتي غضبت مني ؟”
جدتي تحبك كثيراً. ماذا تعتقدين ؟”
أخير حسام فايزة عن فضيلة التي لم تسمح له بايقاظ فايزة عندما وصل
خفضت فايزة عينيها، وابتسمت بخفة
“هذا صحيح ”
بعد أن استيقظت لتوها كانت فايزة تبدو صادية وغير مدركة. لاحظ حسام ذلك وزيت على جبينها، ما الذي يدور في هذا العقل الخاص بك طوال اليوم ؟
تیبست فايزة. لا تزال تشعر ببعض النعاس الخفيف في عينيها، لكن رأسها كان صاف الآن. أخذت تدلك جبينها بلطف، وهي تنظر إلى حسام بنظرة فارغة في عينيها.
في بعض الاحيان، كانت ايماءات حسام تربكها، حتى أنها قد تشعر وهما أنه قد بدأ يكن لها ولو القليل من المشاعر بعد كونه معها طوال هذه الفترة الطويلة.
هذا الوهم كان يظهر كثيراً خلال العامين الماضيين، لكنه لا يستمر سوى للحظة وجيزة، حيث تعود فايزة سريعاً وتذكر
الواقع.
إلا أنه ومع مرور الوقت، ومع بدء تكون رابط ما بينهما.
بدأت فايزة تنسى نفسها في العلاقة، فكانت تعتقد حقا أنهما
سيكونان معاً إلى الأبد.
لكن الواقع صدمها.
طالما أن رهف قد عادت، فستكون دائما هي خيار حسام الأول.
بردت نظرة فايزة وهي تضع يدها، وتخفض عينيها دون أن تقول أي شيء.
وتضاءلت ابتسامة حسام أيضاً.
فعلى الرغم من أنها لم تتحدث إلا أنه أحس بأن موقفها أصبح أكثر برودة. “ما الأمر؟”
هزت فايزة راسها: “لا شيء. اشعر فقط ببعض الضبابية بعد قيلولتي.”
أرادت أن تنهض من السرير، وعندما لاحظ حسام ذلك، رفع يده ليسحبها.
إلا أنه بمجرد أن مد يده، سحبت فايزة يدها على الفور، كما
لو أنها تعرضت للدغة.
فجأة، تجمد كل من حسام وفايزة.
هل هذا ما تقصدينه بانهاء الخلاف؟”
رفعت فايزة نظرها إليه، ورأت ابتسامة باردة على وجه حسام، وقد زحفت البرودة إلى عينيه. “أنا آسفة. أن أفعلها مرة أخرى”
اعتدلت في جلستها بنفسها.
ومع ذلك لم يحقق اعتذارها أي شيء، حيث أن الأجواء بينهما كانت قد بردت مرة أخرى بسبب تجنبها له.
نظرت فايزة إلى تعبير حسام غير السار، وتنهدت في سرها.
قد يزداد الوضع سوءاً بينهما إذا استمرا معاً حتى انتهاء فحص فضيلة الطبي، لذا اقترحت فايزة قائلة: “لم يكن ينبغي أن أفعل ذلك، ولكن على أية حال، لا بد أن جدتي ستعود بعد قليل، اليس كذلك؟ لماذا لا ترجع أنت أولاً؟ ”
أصبحت الاجواء حول حسام أكثر برودة: “ماذا تقولين؟”
بعد لحظة صمت شرحت قائلة: “لست أحاول طردك، ولكن
هل تريد لجدتي أن تراك وأنت في هذه الحالة؟ ولا يزال لديك عمل بعد ظهر اليوم على أية حال، سأشرح الأمور لجدتي نيابة عنك ”
هبط هدوء غريب على الغرفة.
خفضت فايزة نظرها، ولم تنطق بكلمة.
في نهاية المطاف، غادر حسام .
لا شك أنه كان يستشيط غضباً، ولكن حتى عندما غادر تمكن من ضبط نفسه ولم يصفق الباب وراءه، وأخذت فايزة نفساً عميقاً، وحاولت قد استطاعتها أن تتمالك نفسها.
يبدو أنه سيكون من الصعب التوصل إلى هدنة عندما تظهر الشروخ بالفعل . احتاج فقط أن أصير لبضعة أيام أخرى. وستكون كل الأمور على ما يرام بعد ذلك.
كانت فايزة تأمل أنه عندما يحين الوقت، ستكون فضيلة قادرة على استقبال الخبر بهدوء.
عندما عادت فضيلة وسألت عن حسام، أخبرتها فايزة أنه كان قد عاد إلى المكتب، فأومات فضيلة وتفهمت.
بل أنها حتى علقت قائلة: “إن تخميني هو أنه ما كان الهام بالحضور اليوم لولا وجودك هنا
تفاجأت فايزة. هل هذا صحيح؟ هل جاء فقط لأنني هنا؟
إلا أنها سرعان ما نفت هذه الاحتمالية. لم يكن مهما إن كان هذا صحيح أو لا. على أية حال، فإنهما سيحصلان على الطلاق.
لم يكن هناك فائدة من التفكير في الأمور التي لن تغير من القرار النهائي.
عاد حسام إلى المكتب وعلى وجهه تعبير تجهم.
كان غضبه قد تفاقم بداخله طوال الرحلة، وبمجرد أن وصل
إلى مكتبه خلع سترته وألقى بها على الأريكة.
قفز مساعده، الذي كان قد تبعه في خوف كان يفكر في أن يستدير ويخرج فوراً، ولكن تبادرت إليه فكرة، لذا ظل
واقفاً في مكانه.
استغرق الأمر وقتاً طويلاً حتى تمكن حسام من تهدئة
نفسه، وعندما التقت ورأي مساعده واقعا في مكتبه فتق به: ماذا تفعل هناء
انكمش مساعدة قليلاً قبل أن يضع علية الغداء على
الطاولة.
عيس حسام “ما هذا؟”
كان منهكاً بما فيه الكفاية.
“إنه الغداء الذي أعدته الآنسة عبد الرؤوف يحب لك يا سید منصور. كنت قد أوصلتها، وهي اعطتني اياه عندما لم
أكن منتبها لها. قالت لي أن أحضرها لله”
كان مساعد حسام ساخطاً عندما طرح الموضوع.
كان على وشك المغادرة بعد أن أوصل رهف، لكنها دفعت بالصندوق إليه وقالت أنه له قبل أن تهرع بالمغادرة.
لم يعرف المساعد ما يجب عليه فعله، حيث أنه كان قد سبق أن رفض قبلاً.
وتصور أنه لا يمكنه التخلص منه، لذلك انتهى به الأمر في النهاية أن عاد به إلى المكتب.
أعدته يحب ؟
7710
كان حسام في حالة سيئة لدرجة أنه لم يحصل حتى على فرصة لتناول الغداء في البداية، عندما وصل إلى دار المسنين، واصطحب فضيلة لتناول الغداء، تجنب تناول الطعام عمداً؛ لأنه أراد أن يتناول الغداء مع فايزة عندما تستيقظ. لم يكن يتصور أنها ستعامله بجفاء بدلاً من ذلك.
لم يتمكن من تناول الغداء، لكنه تغذى على الغضب بدلاً من
ذلك.
لن يكفيه غداء معد بحب حتى لو جاء طاه من طهاة الخمسة نجوم ليطبخ له، فإن غضبه سيظل مستعراً ولن
يأكل شيئاً.
فكك حسام ربطة عنقه، وقال في وجوم: “لقد تناولت الطعام بالفعل. يمكنك أن تأخذه”
“أوم” نظر إليه مساعده قبل أن يهز رأسه: “أفضل ألا أخذه
یا سید منصور. لقد أعدت الآنسة عبد الرؤوف هذا الغداء
بحب خاص لك. لا يمكن أن آكل لقمة واحدة منه، ولا حتى
في الأحلام”
لم يتوقع حسام هذا الرف
نظر إلى مساعدة بعينيه الضيقتين، وسأل بصوت بارد من أذن لك أن تتحدث مع بهذه النبرة الساخرة
كان صوته بارداً لدرجة أن مساعده فقد شجاعته تماماً
وتجمد.
“اخرج من هنا.”
دم المساعد شفتيه، وخرج من المكتب.
نزع حسام ربطة عنقه، ورماها على الأريكة، قبل أن يجلس ویزفر ببرود.
دار في بال حسام ساخراً يا له من يوم جميل. لم تتجاهله
فايزة فحسب بل حتى مساعده بدأ يرد عليه.
بشكل غير متوقع طرق مساعده الباب بعد دقائق قليلة من خروجه
ماذا وراءك الآن؟ نظر حسام إلى مساعدة ببرود.
رفع مساعدة حقيبة طعام رائعة وهو يبتلع ريقه: “شخص من مطعم ما أتى بهذا إلى المكتب. قالوا أن الآنسة صديق طلبت لك الغداء” .
رواية ولادة من جديد فايزة وحسام الفصل الخامس والأربعون 45
إنك تحسن معاملتي
أليس لديك شيء أفضل لتفعله أم أنك قررت فجأة أن تصبح مندوب توصيل؟ هل تريد أن تبدل .
توقفت عبارة حسام فجأة عندما أدرك أخيراً ما قاله مساعده. لقد ذكر مساعدة اسم الآنسة صديق.
من طلبه؟ الآنسة صديق؟”
أوما مساعده دون أي تعبير: “صحيح. هذا ما قاله مندوب التوصيل”
في ذات اللحظة اهتز هاتف حسام . كانت رسالة نصية من فايزة.
قالت جدتي إنك لم تتناول الغداء، لذا طلبت لك بعض الطعام. تلقيت للتو رسالة من المطعم تقول أنه تم توصيله. فهل وصلك ؟”
تحسن مزاج حسام البشع بشكل هائل عندما رأى الرسالة ولكن مع ذلك، تذمر بصوت جاف: “ألا تبذلين قصاري جهدك
لتتجنبيني؟ لماذا تبدين قلقك علي الآن؟”
ضحكت رهف وقالت: “رأيتك تغادر على عجل عندما جنت. لرؤيتك عند الظهر، لذا كنت قلقة بعش الشيء، وأردت أن اتحقق أنك بخير قبل أن تنتهي من العمل، كيف كان يومك؟ هل كل شيء على ما يرام؟”
غطى ضباب على نظرة حسام عندما تذكر ما حدث في وقت سابق. وتحولت نبرته إلى برودة أكبر أيضاً.
كل شيء على ما يرام. في المرة القادمة، لا داعي أن تأتي شخصياً. يمكنك ببساطة الاتصال بي”
تسمرت رهف قبل أن تخفض رأسها. لقد اعتل مزاجها. “حسام …. هل تسببت لك بأي مشاكل بالقدوم إلى مكتبك؟”
عندما رأى حسام أن رهف بدت بائسة، تذكر الطريقة التي قفزت بها دون خوف إلى النهر لإنقاذه. نتيجة لذلك. أصيبت، وفقدت وعيها، وكادت أن تضحي بحياتها، لان قلبه
عندما استرجع هذا.
يمكنك القدوم في أي وقت تريدين. لماذا قد تمثلين
ازعاجاً؟”
تم نظر إلى مساعده.
احضرها إلى ” “حدا”
وضع مساعدة الحقيبة على الطاولة بجوار طعام لكوديا الذي أعدته بحب، وكان المنظر غريباً لسبب ما.
بعد أن فكر في الأمر. سأل مساعد حسام : “لقد قلت أنك. ستعطيني الغداء الذي أعدته الآنسة عبد الرؤوف، أليس كذلك يا سيد منصور؟”
قال باقتضاب: “ممممم”
ثم سأله مساعده عن قصد: “ولكن، نظراً لأنني شبعت هل يمكنني توزيع الطعام على الآخرين في المكتب؟ لا يصح أن تهدر الطعام”
قطب حسام جبينه عند هذا السؤال.
ظن مساعده أن عبوسه يعني رفضه، لكنه بدلاً من ذلك سمع رئيسه يرد في ضيق: “لقد اعطيته لك بالفعل لتفعل به ما
كان قد عاد فعلاً عند الظهيرة؟”
لماذا لم يخبرني أنه قد عاد إلى المكتب ؟
شعرت رهف بالحرج فقهقهت في جفاء وقالت: “سأدخل لرؤيته إذا ”
التفتت للمغادرة.
لحظة يا أنسة عبد الرؤوف”
أخرج توفيق صندوق الغداء الذي كان يحتفظ به تحت مكتبه، وذهب وراء رهف.
هذا ما طلبت مني أن اعطيه للسيد منصور.”
نجحت رهف في أن تبتسم مرة أخرى عندما رأت صندوق الغداء، ومدت يدها لأخذه.
منذ أن عاد في الظهيرة، هل تناول الطعام؟ هل ذكر إن اعجبه طعمه ؟”
كانت تعبيرات وجه توفيق قد اصبحت غريبة بعض الشيء.
انسة عبد الرؤوف؟” نظر توفيق إلى رهف هل أنت بخير؟”
استفاقت رهف من سرحانها، وأجبرت نفسها أن أن تومي
بابتسامة.
“أنا بخير سأذهب لأرى آل إذا ”
“حسناً، يا آنسة عبد الرؤوف”
بمجرد أن اختفت رهف في المكتب، اختفت الابتسامة فوراً
عن وجه توفيق.
طقطق – طقطق
ادخل ”
صدح الصوت الهادئ غير المبال من داخل المكتب.
فتحت رهف الباب ودخلت رأت حسام على الفور، وكان
جالساً إلى مكتبه، وقد علا تعبير برود وجهه.
كان حسام يشع جانبية مختلفة عندما ينغمس في العمل.
تشاء، هل تحتاج إلى استشارتي في مسألة بسيطة مثل هذه؟”
فهمت”
أخذ مساعد حسام صندوق الغداء معه على الفور، وكأنه يخشى أن يرجع رئيسه في كلامه.
عادت رهف مرة أخرى عندما كان وقت الانصراف من العمل على وشك أن يحين
بعد العودة إلى المنزل، ظلت تفكر في الأمور وشعرت بعدم الارتياح.
كان الظهر قد حل، وكان من المفترض أن يتناول الغداء في ذلك الوقت . لماذا خرج ؟ والأهم من ذلك، لقد تجاهلني.
ألست أنا من يدين لها؟ ألست أنا الشخص الأهم في العالم بالنسبة له ؟
لم يخبرني حتى بسبب خروجه، شعرت رهف بتوتر شديد.
كانت أكمام قميصه الأسود مكشكشة قليلا، وكانت رابطة عنقه قد ألقيت في مكان ما، بل وكان حتى قد فك أزرار قميصه، مما سمح لترقوته بالظهور كانت عيناه الداكنتان مركزة على الشاشة أمامه، فبدت ثاقبة أكثر من المعتاد.
لطالما عرفت رهف أن حسام يمتلك مظهراً فريداً. كان
مثالياً في كل شيء.
كان كل جزء من وجهه من ملامحه إلى فكه المحدد، كان فاتنا. وكان وجهه الخالي من العيوب يتناسب مع قوام مثالي، كما انه يتحدر من عائلة نخبوية متميزة.
لا يستحقها إلا رجل مثله.
وقفت رهف في حالة دهشة لبعض الوقت. ولم تتمالك نفسها إلا عندما لاحظ حسام الصمت الذي ساد فرفع رأسه
ونظر إليها وقد قطب بين حاجبيه.
” رهف ؟”
كان حسام قد قطب بين حاجبيه تركيزاً في عمله، أما عندما رأى رهف فقد هدأت قليلاً: “ما الذي جاء بك ؟”
بدأت هالة حسام الباردة الفارضة لحظر حوله أن تتلاشي
ببطء.
عندما مرت بمكاتب المساعدين رأت مساعد حسام وغيره من العاملين منشغلين بالعمل، لذا دخلت
أو سيد أسان
كان مساعد حسام رجلاً يدعى توفيق غسان عندما رفع راسه و رأی رهف تعكر مزاجه
ما الذي جاء بها مرة أخرى؟
ومع ذلك، نهض توفيق وحياها في هدوء: “مرحبا يا أنسة عبد الرؤوف ”
ردت رهف بابتسامة: “مرحباً. اعتذر عن ازعاجك، ولكن هل عاد حسام؟”
بذلت قصارى جهدها لتترك انطباعاً جيداً، لأنها كانت تريد أن يفكر توفيق فيها بشكل ايجابي، مخافة أن يسيء إليها امام حسام .
صمت توفيق قبل أن يرد قائلاً: “عاد السيد منصور إلى المكتب في فترة الظهيرة ”
تفاجأت رهف
عندما سمعت نبرة حسام وقد لانت، رفعت رهف رأسها مرة أخرى وسألت بشكل مثير الشفقة: “هل أنت متأكدة أن تعترض على وجودي ؟”
نفی حسام قائلا: “ما الذي تقولينه؟ لماذا اعترض على وجودك ؟”
إنها من انقذت حياته.
في المستقبل، يمكنك الحضور إلى المكتب وقتما تشائين
حيث أن رهف كانت قد حصلت على ما تريده، فقد قررت يحكمة أن تتوقف عن تمثيليتها، وسارعت إليه لتمسك بيده. “إنك تحسن معاملتي يا حسام .
لولا وجودك عند النهر، لكنت في عداد الموتى، لذا يمكنك أن تطلبي أي شيء مني طالما أنه في استطاعتي تلبيته. فإنني أضمن لك أن يتم تحقيقه ”
قال السيد منصور أنه كان قد تناول الطعام بالفعل، يا أنسة عبد الرؤوف، لذا اعطاني هذا الطعام. وحيث أنه ليس من الصواب أن اتناوله بمفردي، لذا قمت بمشاركته مع الآخرين في المكتب ”
ضمت توفيق لحظة وتفكر قبل أن يضيف قائلا: “رأي الجميع أن طعمه لذيذ للغاية ” .
“.. ماذا”
تمكنت رهف بصعوبة من الاحتفاظ بابتسامتها عندما سمعت ما قاله توفيق.
في البداية، أرادت أن تعطيه لتوفيق. اعتقدت أنه نظراً لانشغال حسام وعدم عودته إلى المكتب، فإنها يمكنها استغلال الوجبة لكسب ود توفيق بدلاً من ذلك…
لم تكن تظن أن حسام سيعود إلى المكتب بهذه السرعة.
لكنه لم يتناول الطعام الذي قمت بإعداده. بل أنه حتى ….
اعطاه لمساعدة والموظفين الآخرين.
شعرت رهف وكأن شخصاً ما قد دهس جهودها واخلاصها.
- يتبع.. (رواية ولادة من جديد) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.