رواية منعطف خطر الفصل الستون 60 والأخير – بقلم ملك إبراهيم

رواية منعطف خطر الفصل الستون 60 والأخير

ممدوح وقف قدامها، عينيه مليانة وجع، قلبه بيتقطع على الطفل اللي كان بيتمناه طول عمره، واللي ضاع منه في لحظة… لكن وجعه كان ممزوج بغضب عميق:
– كنتي حامل بعد السنين دي كلها… بس شوفي حكمة ربنا، رتبتي الواقعة دي لزينة عشان تحرميها من الخلفة… بس جت فيكي انتي، ودوقتي اللي كنتي هتعمليه فيها…
سكت لحظة، نبرة صوته اتحولت لجمود وقسوة، وعينيه ما اهتزتش وهو بيقول:
– انتي طالق يا زينب.
…….
في البيت عند زينة.
كلهم كانوا مع زينب والبيت فاضي على زينة لوحدها، قافلة علي نفسها في أوضتها، قلبها مقبوض وخوف ماليها، مش قادرة تستوعب إزاي زينب كانت ناوية تعمل فيها كده.
معتصم ركن عربيته قدام البيت.
زينة أول ما سمعت صوت العربية، قلبها دق بسرعة وفكرت إنهم رجعوا.
طلعت من أوضتها، ولسه هتنزل السلم، بس افتكرت مشهد زينب وهي بتقع،
رجليها تجمدت من الخوف، معرفتش تتحرك.
معتصم دخل البيت، الحيرة باينة على وشه وهو شايف كل أنوار البيت منورة.
أول خطوة ليه جوه، عينه وقعت على نقط دم متناثرة على الأرض، والنقط دي ماشية في خط لحد بقعة دم كبيرة قدام السلم.
رفع عينه بصدمة، وشاف زينة واقفة فوق، عينيها حمرا ودموعها نازلة.
أول ما شافته، نطقت اسمه وهي بتبكي:
ـ معتصم…
قلبه وقع من مكانه، وعقله على طول ربط الدم اللي على الأرض بزينة.
جري عليها بخطوات سريعة، مش حاسس بنفسه ولا عارف هو وصل قدامها إزاي.
مسكها بلهفة وصوته مليان رعب:
ـ زينة… إنتي كويسة؟ إيه اللي حصل؟
زينة وهي بتشهق من العياط:
ـ مش عارفة يا معتصم… مش قادرة أحرك رجلي.
بص بسرعة على بطنها، وسألها بلهفة وخوف:
ـ الدم ده بينزف منك؟
هزت راسها بنفي وهي بتبكي:
ـ لأ… الدم ده من زينب. وقعت من على السلم… أنا اللي كنت هقع مكانها، بس ممدوح منعني أنزل.
كلامها كان متقطع من البكا، ومعتصم مش قادر يفهم التفاصيل، بس أول ما استوعب إن الدم مش منها، قلبه ارتاح شوية.
انحنى ورفعها من الأرض بحرص، وشالها وهو بيكلمها بصوت حنون:
ـ خلاص… اهدي، تعالي أوضتي نتكلم.
دخل بيها أوضته، وحطها على السرير بهدوء:
ـ ارتاحي هنا.
قعد على طرف السرير، مسك إيديها بحنان وقال:
ـ المهم إنتي كويسة؟ الدم ده مش منك صح؟
هزت راسها بالإيجاب وهي لسه بتبكي:
ـ أيوه.
ابتسم ابتسامة صغيرة وهو بيهز راسه براحة:
ـ طب اهدي… واحكيلي بالراحة إيه اللي حصل.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم.
مع شروق شمس يوم جديد،
خالد أخد عيلته ورجعوا كلهم على البيت.
بهيرة مش قادرة تسامح عبير، مش عايزة حتى تبصلها، جواها وجع وغضب مش قادرين يطلعوا بكلام او عتاب.
عبير قلبها مكسور، حاسة إن حياتها اتلخبطت فجأة ، كل حاجة اتدمرت في لحظة من غير أي إنذار.
مسكت كارما بنتها بإيدها، ورجعت بيها على بيتهم. دماغها مشغولة بخطة حياة جديدة… تاخد كارما وتسافر بعيد، مش قادرة تتخيل نفسها عايشة هنا وأبوها في السجن، وأختها مش عايزة تسامحها،
وكارما محتاجة تكمل علاجها وتبدأ حياة جديدة بعيد عن كل الذكريات المؤلمة اللي عاشتها هنا.
ياسمين جهزت لأخوها أحمد الأوضة اللي كانت بتنام فيها الفترة الأخيرة ، ونقلت حاجتها لأوضة خالد تاني.
بهيرة طول الوقت ساكتة، مش طايقة الكلام، الإحساس بالعار والخيانة مسيطر عليها، وصدمتها في أبوها وأختها تقيلة على قلبها، محتاجة وقت طويل عشان تستوعب وتلملم نفسها.
سالم كان كل تركيزه على عيلته… مراته، ابنه خالد، وضحكته اللي رجعت مع ياسمين. وأحمد أخو ياسمين اللي بيحاول يعوضه غياب الأب اللي اتحرم منه.
البيت كله كان بيستعد لبداية صفحة جديدة… حياة هادية، من غير كدب، من غير خيانة، ومن غير صراعات تكسرهم من تاني.
………..
عند مهاب ومنة.
منة كانت حاسة بالقلق على مهاب، من يوم ما شافته آخر مرة وهو بياخد أحمد من عندها، اختفى ومبقاش ليه أي أثر.
وقفت قدام باب شقته، قلبها بيدق بسرعة وهي شايلة آدم في إيديها، أيديها بتتهز وهي بتضغط على زر الجرس، مترددة كأنها مش عارفة إللي بتعمل ده صح ولا غلط.
مهاب كان غارق في النوم، وصحي على صوت الجرس المزعج.
قام بكسل، فتح الباب، وعينه اتسعت بدهشة أول ما شافها.
منة كانت واقفة قدامه، ملامحها فيها كسوف وتوتر، وقالت بخجل وهي بتعدل طرحة شعرها:
– صباح الخير.
ابتسم ابتسامة دافية وقال:
– صباح النور.
قالت بخجل:
– أنا جيت أطمن عليك، من آخر مرة لما أخدت أحمد أخو ياسمين من عندي وانت مختفي!
رد بهدوء وصوته فيه راحة:
– كنت طالع مأمورية صعبة شوية… بس الحمد لله عدت على خير.
بص على آدم بابتسامة، وانحنى على الأرض يشيله بين إيديه وهو بيكلمه بمرح:
– إزيك يا بطل؟ وحشتني أوي.
منة ابتسمت من قلبها وهي شايفاه بيتعامل مع ابن أختها بحنية، عينيها اتثبتت عليه من غير ما تاخد بالها، وفي نظرة إعجاب واضحة خرجت منها غصب عنها.
مهاب رفع عينه فجأة، ولما شاف النظرة دي، حس بحاجة بتلمسه من جوه.
منة اتكسفت بسرعة، نزلت عينيها للأرض وقالت بتوتر:
– أنا لازم أمشي.
مدت إيدها تاخد آدم، لكن مهاب مسك إيديها فجأة، لمسته كانت دافية، وبص لها وقال بهدوء:
– هتروحي فين؟
اتوترت أكتر من لمسته، وقالت بخجل وهي بتسحب نفس:
– هروح الشغل… أنا اتأخرت.
رد بثبات ونبرة فيها جدية:
– منة… أنا عايز أكمل في جوازنا… إنتي إيه رأيك؟
فتحت عينيها بصدمة، وسحبت إيديها من إيده بسرعة:
– تكمل في جوازنا إزاي؟ مش فاهمة!
قال بصوت واضح وصريح:
– يعني نجرب نقرب من بعض ونعرف بعض أكتر… حاسس إننا ممكن نكون زوجين ناجحين في حياتنا مع بعض.
منة ردت بحزن وبصوت مهزوز:
– مش عارفة! خايفة ييجي يوم وتقولي انا اتجوزتك عشان أنقذك من جوازة تانية.. في لحظة معينة شوفت الحيرة والتردد في عينيك بعد ما قولت قدام خالي إنك عايز تتجوزني!
أخد نفس عميق وقال بهدوء:
– طبيعي أكون محتار ومتردد… أنا مكنتش جاهز ولا مستعد لفكرة الجواز مرة تانية.
هي اتصدمت وقالت:
– إنت كنت متجوز قبل كده؟
بص لها بصدق وقال:
– اتجوزت وطلقت بعد كام شهر… مقدرناش نتفق مع بعض.
ملامحها اتبدلت لقلق:
– يعني ممكن بعد فترة تسيبني برضه وتقول مقدرناش نتفق مع بعض؟
هو رد بثقة وعينه مثبتة عليها:
– تجربتي في جوازتي الأول بتأكد إننا هنتفق… لأني أول مرة اتجوزت بعقلي، المرة دي بتجوز بقلبي.
منة اتلخبطت وقالت بحيرة:
– طب إحنا ممكن نعمل فترة خطوبة الأول… نتعرف على بعض من قريب، ولو اتأكدنا إننا نقدر نكمل… نتجوز بجد.
مهاب هز راسه بابتسامة فيها رضا:
– موافق… يعني من دلوقتي هتكوني خطيبتي؟
هي ابتسمت بخفة وهي بتاخد آدم من إيده:
– لما تجيب أهلك وتيجي تخطبني الأول… وأخد وقتي وأفكر.
بص لها بصدمة:
– أجيب أهلي واجي اخطبك ازاي وانا قولتلهم إني اتجوزت؟ طب أجيبهم يتعرفوا عليكي ماشي.
ردت بثقة وهي بتتحرك ناحية الاسانسير:
– لا.. لازم يجيوا يطلبوني للجواز عشان أتأكد انك واخد الموضوع جد… ياسمين نصحتني بكده.
مهاب نطق باستغراب وصدمة:
– يااااااسميييين!
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم.
في سوهاج.
البيت كان هادي، بس الهدوء ده كان مليان حزن.
معتصم كان قاعد جنب زينة على الكنبة، إيده ماسكة إيدها بحنية وكأنه بيحاول يطمنها من غير كلام.
عمته زهيرة وأبوه قاعدين قصادهم، نظراتهم على الأرض، والحزن مالي وشوشهم.
أما ممدوح فكان في أوضته فوق، قافل على نفسه من ساعة ما رجع.
أبو معتصم كسر الصمت وهو بيتنهد بحرقة:
– سبحان الله، لما ربنا يرزقهم بالعيل اللي بيتمنوه بقالهم سنين، يروح منهم بالطريقة دي.
زهيرة ردت بنبرة فيها ضيق مكتوم:
– حكمة ربنا يا أخويا، هي كانت ناوية تأذي بنتي، أهو ربنا جابها فيها، وقلبها اتحرق على ضناها زي ما كانت عايزة تحرق قلبي وقلب بنتي على اللي في بطنها.
معتصم شد إيد زينة بحنية زيادة، وبص في وشها لحظة قبل ما يقوم يقف:
– أنا هطلع أشوف ممدوح.
طلع السلم بهدوء، وقف قدام باب أوضة أخوه وخبط بخفة، ولما مسمعش رد فتح الباب.
ممدوح كان ممدد على السرير، عينه معلقة في السقف كأنه بيكلم نفسه جواه.
معتصم قرب منه وقعد على طرف السرير، صوته فيه قلق:
– شكلك تعبان يا ممدوح؟ مش قولت هتطلع تنام شوية؟
ممدوح عدل قعدته، مسح وشه بإيده وقال بصوت مكسور:
– أنام إزاي بعد ما اتأكدت النهاردة إني كنت بنام جنب حية! إزاي مشوفتش الحقد والغل ده في عنيها قبل كده! أنا دلوقتي بحمد ربنا إنه حرمني من الخلفة طول السنين دي! إزاي كانت هتبقى أم لعيالي!؟ كانت هتعلمهم إيه؟
معتصم بصله بثبات وقال:
– ربنا محرمكش من الخلفة يا ممدوح، ربنا كان رؤوف بيك، إن شاء الله هتتجوز تاني وهتخلف وعيالك هيملوا الدار.
ممدوح هز راسه بأسى:
– لا جواز تاني إيه بقى! لا تاني ولا تالت. أنا شكلي مليش حظ لا في حريم ولا عيال!
معتصم حط إيده على كتف أخوه وضغط عليه بحزم:
– لا يا ممدوح، إنت عمرك ما كنت كده ولا ايمانك ضعيف بربنا. كلنا بنقع ونقف تاني، وكلنا أمل بالله. الحياة هتكمل، وهتتجوز واحدة بنت حلال، بتتقي ربنا، وربنا هيرزقك معاها بالذرية الصالحة ان شاء الله.
……
في بيت الدريني.
مهاب دخل البيت وصوته عالي وهو بينادي: خااالد!.. يا خاااالد!.. متحاولش تخبيها مني.
خالد كان في أوضة والدته بيطمن عليها، وأول ما سمع الصوت خرج بسرعة، ملامحه فيها قلق واستغراب، وقرب من مهاب وهو بيقول بدهشة:
– في إيه يابني؟ داخل بتزعق كده ليه؟
مهاب واقف متوتر وبيتكلم بغيظ واضح:
– ياسمين فين؟ متحاولش تخبيها أو تهربها.
خالد عقد حواجبه وقال بجدية:
– وأخبيها واهربها من مين؟ انت اتجننت ولا إيه؟
في اللحظة دي، ياسمين نزلت على السلم بعد ما سمعت صوت مهاب العالي، ملامحها فيها استغراب.
مهاب أول ما شافها، خطى خطوات سريعة ناحية السلم وصوته مليان غيظ:
– كده يا ياسمين؟ تعملي فيا أنا كده؟ طب اعملي حساب إن أنا اللي جوزتك ابن الدريني، دا أنا حتى شاهد على جوازكم!
ياسمين ردت بابتسامة هادية، وكأنها بتستفزه أكتر:
– أنا معملتش حاجة! هي سألتني عن رأيي وأنا نصحتها.
خالد واقف بينهم مش فاهم حاجة، وصوته فيه حيرة:
– أنا مش فاهم حاجة.. حد فيكم يفهمني؟
مهاب لف ليه وقال بانفعال:
– الهانم مراتك بتنصح منة إني لازم أجيب أهلي يخطبوها، وأنا أصلاً قولتلهم إني اتجوزت.. إزاي هقولهم عايز أخطب مراتي؟!
ياسمين نزلت خطوتين كمان، عينيها ثابته فيه وهي بترد:
– حقها.. لازم تطمن إن أهلك موافقين وكمان تتأكد إنك واخد الموضوع بجد، مش تجربة! عجبتك تكمل، معجبتكش تقولها “متفقناش”.
مهاب بص لخالد كأنه بيستنجد:
– عجبك كلامها ده؟
وبعدين رجع يبص لياسمين بحدة:
– مين قال إني واخدها تجربة؟!
ياسمين ردت بثقة وهي بتواجهه:
– انت قولت كده لمنة.. مش قولتلها “خلينا نجرب”؟
مهاب فتح عينيه بصدمة:
– هي لحقت تحكيلك؟!
ياسمين ردت بنفس الثقة:
– البنت ملهاش حد، ومن حقها تخاف وتبقى عايزة تطمن.
مهاب رجع يبص لخالد بصوت فيه رجاء:
– خالد.. اتدخل في الموضوع ده.. أنا صاحب عمرك.
خالد، وهو واضح عليه نفاد الصبر، قال:
– انت عايز إيه دلوقتي؟
مهاب رد بسرعة:
– عايز أكمل جوازي من منة، بس بعيد عن أفكار ياسمين.
خالد وجه كلامه لياسمين:
– وانتي عايزة إيه؟
ياسمين بتحدي:
– عايزة منة تطمن إنه عايز يكمل بجد، مش واخدها تجربة ولا هزار.. مشاعر البنت مش لعبة.
خالد وقف بينهم ونبرته حاسمة:
– يبقى نتكلم في أرض محايدة، ونوصل لحل يناسب الكل.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم.
في المساء.
جوه كافيه راقي، كلهم كانوا متجمعين.
ياسمين وزينة ومنة كانوا قاعدين جنب بعض، متقاربين وكأنهم فريق واحد، بيتكلموا بصوت همس بينهم، الكلام مش واضح، بس النظرات بينهم كانت بتقول إنهم بيخططوا لحاجة.
قصادهم، خالد ومعتصم ومهاب قاعدين جنب بعض، وكل واحد فيهم باين عليه علامات القلق والترقب.
خالد كان قاعد وعينيه بتروح وتيجي على ياسمين وهي بتهمس للبنات.. شكلها العقل المدبر والبنات بيسمعوها بتركيز.
معتصم قاعد متماسك بس إيده بتخبط بخفة على التربيزة قدامه ، أما مهاب فكان بيبص للبنات بتركيز وكأنه بيحاول يقرأ كلامهم من حركة الشفايف .
خالد قطع الصمت وقال بنبرة هادية:
– خلونا نتكلم يا جماعة ونتناقش بهدوء وتحضر.
رد مهاب عليه:
– انت هتقول خطاب تنحي الرئيس! اختصر.
خالد اتكلم:
– دلوقتي منة طلبت ان اهل مهاب يجيوا يتقدموا لخطبتها.. وده طبعا حقها، بس المشكلة عند مهاب انه بلغ اهله انه اتجوز.. ومش هينفع يقولهم تعالوا اخطبوا البنت اللي اتجوزتها!
ردت ياسمين علي خالد بتحدي:
– والله دي مشكلته هو! يعني هي توافق دلوقتي ويجيوا اهله بعد كده يقولولها إحنا مش موافقين عليكي وانتي مش مناسبة ل ابننا!
خالد فهم ان هو المقصود بالكلام ورفع حاجبه ل ياسمين.
اتكلم معتصم وهو بيرد على كلام ياسمين:
– ما هي لازم تبقي فاهمه ان كفاية هو شايف انها مناسبة له واختارها ب أردته.
زينة رفعت حاجبها و ردت علي كلام معتصم:
– ولو هو متجوزهاش ب ارادته وكان مجبور في الاول!؟ مش هي من حقها تحس زي اي بنت ان هو بيحبها واختارها ب اردته! مش طول الوقت تفضل تفكر نفسها انه مكنش في دماغه يتجوزها اصلا!
معتصم فهم انها تقصده هو وهمس:
– الله يخربيتك يا مهاب! قلبوا علينا احنا!
مهاب بص لهم وقال:
– لا انا مليش دعوه بكل العقد بتاع جوازكم دي.. انتوا هتطلعوها عليا انا مالي! هو انا اللي هحققلكم أحلامكم!
َوشاور على خالد ومعتصم وقال:
– هما يحققوا أحلامكم برحتهم، انا اللي عليا هعمله.
وبص ل منة وقام وقف قدامها وخرج علبة قطيفه من الجاكيت بتاعه ونزل علي ركبته قدامها وفتح العلبة وكان فيها خاتم جواز:
– تتجوزيني ؟
كل اللي في المكان سقفوا بانبهار وشجعوهم.
منة عيونها دمعت من الفرحة، عمرها ما تخيلت انه يعرض عليها الجواز بالطريقه الرومانسية دي.
معتصم ضحك وهمس ل خالد:
– الحق.. مهاب بطيخة عامل فيها رومانسي.
رد عليه خالد بنفس الهمس:
– دا احنا هنشوف أيام سوده بعد الحركة.
ياسمين وزينة عيونهم لمعت من جمال الحركة الرومانسية اللي مهاب عملها.
منة هزت راسها بالموافقة وكل الموجودين في المكان شجعوهم اكتر ومهاب بيلبسها الخاتم.
خالد همس ل معتصم وهما بيضحكوا جنب بعض:
– قوم اسنده مش هيقدر يقوم يقف وهيفضل مريح على الارض كده.
رد معتصم بنفس الهمس:
– انا شايف مارك أنطونيو بيتقدم ل كليوباترا.
خالد وهو بيضحك:
– مارك أنطونيو ايه دا واكل محشي قبل ما يجي.
معتصم ضحك من قلبه والاتنين كانوا بيضحكوا وهما بيتهامسوا.
مهاب لبس الخاتم ل منة وقام وقف قدامها وهو بيمد ايديه ليها، منة كانت هتموت من الخجل وهي شايفها كل العيون عليهم.
قامت وقفت معاه.
معتصم همس ل خالد:
– هو هياخدها ويرقصوا سلو ولا ايه ؟
رد عليه خالد بنفس الهمس:
– يرقصوا ايه دا هياخدها المطبخ تجهزله حاجة ياكلها بعد المجهود اللي عمله ده.
معتصم وخالد كانوا بيضحكوا من قلبهم بجد لدرجة ان عيون معتصم بدأت تدمع.
مهاب اخد منة ومشيو مع بعض.
وياسمين وزينة كانوا بيبصوا عليهم وعيونهم بتطلع قلوب، الطريقة الرمانسية اللي مهاب اتقدم بيها ل منة قدام الناس عجبتهم وكأنهم بيتفرجوا على فيلم رومانسي.
عيونهم رجعت على معتصم وخالد وهما قاعدين جنب بعض بيتهامسوا وهيموتوا من الضحك.
فجأة معتصم وخالد بصوا قدامهم وهما بيضحكوا ولقوا ياسمين وزينة بيبصوا لهم بغيظ وعيونهم بتخرج نار.
الضحك وقف بينهم ومعتصم همس:
– شكلنا هنشوف ليله نكد زي الفل.
خالد:
– هما طبعا فاكرين ان صحبتهم هتقضي ليلة رومانسيه علي الورد والشموع.
رد معتصم:
– ميعرفوش انها هتروح تولع البوتجاز وتعمله صنية مسقعه بالبشاميل.
الاتنين ضحكوا اكتر وخالد من كتر الضحك سند براسه علي التربيزة وهو مش قادر.
زينة سألتهم بدهشة:
– نفسي اعرف بتضحكوا علي ايه؟
ردت ياسمين عليها:
– عشان عارفين انهم ميقدروش يعملوا زي مهاب.
خالد رفع وشه وقالها:
– انا عن نفسي مبحبش المسقعة بالبشاميل..
وبص ل معتصم:
– انت بتحبها؟
رد معتصم بسرعة:
– والله ابدا حتي اسألها.
ياسمين وزينة بصوا لبعض وقالوا:
– مسقعة ايه!؟
معتصم قال ل خالد وهو بيضحك:
– انا بقول كفايه كده ونروح واحنا وحظنا.
رد خالد:
– انا بقول كده برضه.
رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم.
بعد مرور شهر.
داخل قاعة المحكمة،
الجو كان مشحون بالصمت والترقّب. كل العيون على المنصّة في انتظار لحظة النطق بالحكم.
خالد كان قاعد، عيونه على جده وحيد الأسيوطي وهو واقف جوه قفص الاتهام، ملامحه منكسرة وحزينة، وكل لحظة بيسأل نفسه في سرّه: ليه عمل كده؟ ليه خسر نفسه وبلده؟
راشد قاعد وعيونه وقلبه في قفص الإتهام ، ابنه يحيى واقف بضعف ، ملامحه كلها اتغيرت ، وشه شاحب وساكن وعيونه شارده وكأنه فقد الأمل في الحياة خلاص.
جنب يحيى، كان جلال الشرقاوي واقف، ملامحه متجمدة ما بين الندم والخذلان، مش عارف يلوم نفسه على اللي ضيّعه من عمره، ولا على اللي عمله في حق ابنه وحفيده.
فجأة، ارتفع صوت الحاجب: “محكمة!”
الكل وقف في لحظة واحدة، العيون على القاضي وهو بيجلس على مقعده، الجو كان تقيل لدرجة إن النفس بقى صعب يتاخد.
القاضي بص قدامه، صوته جه ثابت وحاسم:
– حكمت المحكمة حضورياً، على كلٍّا من..
جلال الشرقاوي..
ويحيى راشد الشرقاوي،
بالسجن المؤبد مع الشغل والنفاذ.
سقطت الكلمات على القاعة كأنها حُكم على الوقت نفسه بالتوقف، والأنفاس اتحبست بين جدران المحكمة.
القاضي:
– وحكمت المحكمة حضورياً على المتهم وحيد الأسيوطي والمذكور أسماؤهم في القضية المعروفة إعلامياً بـ«قضية استغلال السلطة والتعاون مع العدو الخارجي»، والمتهمين فيها بارتكاب جرائم الاشتراك في جماعة إجرامية منظمة بغرض تهريب الSـلاح، واستعمال النفوذ في تسهيل الأعمال الإجرامية التي من شأنها المساس بأمن وسلامة البلاد، وذلك بالسجن المشدد لمدة خمسة وعشرين عاماً لكل منهم، ومصادرة كافة الأموال والممتلكات، ووضعهم تحت المراقبة لمدة خمس سنوات بعد انتهاء العقوبة، مع إلزامهم بالمصروفات الجنائية.
جلال الشرقاوي وقع مكانه بسكته قلبية أول ما سمع الحكم.
نفس السكتة القلبية اللي ماتت بيها سماح، مامت ياسمين، لما حرمها من ابنها.
اللي معاه في القفص قربوا منه يشوفوه، لكن كان خلاص، مات.
يحيى كان واقف متجمد، خلاص حياته انتهت، هيقضي عمره كله في السجن.! موت جده كان رحمه له، لكن هو لسه عايش وقدامه سنين طويله ملهاش نهاية هيقضيها في السجن.
أما وحيد الأسيوطي، فالكبرياء لسه مسيطر على قلبه “أنا، هبقى سجين؟ بعد كل السنين دي؟ مستحيل.”
أخدوهم من القفص عشان يرحلوهم على السجن.
قدام المحكمة، استغل وحيد الزحمة وسحب سلاح من العسكري اللي كان متكلبش معاه، وقبل ما حد يلحق يستوعب، حط السلاح في دماغه وضغط الزناد… الطلقة دوّت في المكان، وصوت الصرخة خرج من أكتر من حنجرة في نفس اللحظة.
خالد تجمّد في مكانه. ومشهد انتحار جده قدام المحكمة، كان اخر مشهد يقفل بيه ملف وحيد الاسيوطي. وتكون نهايته عبره لكل خاين.

الخاتمة

خالد تجمّد في مكانه. ومشهد جده قدام المحكمة، كان اخر مشهد يقفل بيه ملف وحيد الاسيوطي. وتكون نهايته عبره لكل خاين.
………..
بعد اسبوعين.
في المطار.
خالد وياسمين كانوا واقفين بيودعوا كارما وعبير.
عبير لابسة اسود، ونضارة سودا مخبية نص ملامحها، بس الحزن كان باين في نبرة صوتها وهي بتكلم خالد:
– خلي بالك من بهيرة يا خالد، ولو قلبها قدر يصفي ليا.. خليها تكلمني وتقولي سامحتك.
خالد هز راسه وهو بيطمنها:
– متقلقيش، أمي طيبة وعارفة كويس إنكم ملكوش غير بعض، وفي أقرب وقت هتلاقيها بتكلمك من نفسها.
عند ياسمين وكارما،
كارما بصت لياسمين وعيونها بتلمع بالفرحة ، وقالت بحماس:
– أحمد هيكون معاكي في فترة الدراسة ويكون معايا في فترة الإجازة. أنا خلاص اتعودت يكون ليا إخوات ومش عايزة نتفرق عن بعض تاني.
ياسمين ابتسمت وعيونها بتلمع بالدموع:
– إن شاء الله منتفرقش تاني.. المهم إنتي خلي بالك من نفسك وكلميني على طول طمنيني عليكي.
كارما ضمتها بحب صادق ، كأنها مش عايزة تسيبها، وبعدها ودعتها ومشيت مع مامتها.
خالد قرب من ياسمين بصوت هادي:
– يلا يا حبيبتي.
مسكت إيده ومشيت معاه.
خرجوا من المطار.
وفي الطريق، لاحظت إنه واخدها على مكان هي عارفاه كويس.
قلبها بدأ يدق بسرعة وهي بتبص ناحية الكشك وقالت باستغراب:
– إيه ده يا خالد؟ إنت جايبني هنا ليه؟
خالد ابتسم بخفة:
– الطريق لسه طويل لبيتنا، قولت نشتري زبادي وكيكة من هنا.. إيه رأيك؟
ضحكت وهي بتبص للكشك، وذكريات اليوم ده رجعت قدام عنيها… يوم ما كانت راجعة من شغلها تعبانه وقررت تشتري من الكشك زبادى وكيكة، وفجأة حصلت مطاردة بين عربيات وعربية منهم خبطت في الكشك، وخالد نزل وقتها من العربية.
ضحكت من قلبها، ونزلت من العربية وخالد نزل معاها.
قربت من صاحب الكشك وقالت بحماس:
– إزيك يا عمو.. مش فاكرني؟
صاحب الكشك بص لها بدهشة وهو بيحاول يفتكر:
– مش واخد بالي يا بنتي.. هو أنا أعرفك؟
ياسمين:
– من حوالي سنة.. جيت اشتري منك زبادي وكيكة، يوم الحادثة.
صاحب الكشك:
– آه افتكرت.. ده كان يوم هباب.
خالد ضحك وحط إيده على كتف ياسمين، وهمس لها:
– بس بالنسبة لينا كان أحلى يوم.
أول ما صاحب الكشك شاف خالد جنبها، ابتسم وقال بحماس:
– أهلا يا باشا.. نورت.
ياسمين بصتلهم باستغراب، وخالد رد على صاحب الكشك بابتسامة:
– طمني، إيه الأخبار؟ مش محتاج أي حاجة؟
صاحب الكشك هز راسه بإمتنان:
– كتر خيرك يا باشا، لولا اللي عملته معايا مكنتش عرفت أجدد الكشك وأعوض خسارتي، ربنا يباركلك يا رب.
ياسمين بصت لخالد بدهشة وهي شايفاه بيطلب كيكة وزبادي ومية من صاحب الكشك.
الراجل مد إيده بالحاجة، لكنه كان رافض ياخد منه فلوس:
– لا يا باشا، خيرك سابق. كفاية الفلوس اللي ادتهالي جددت بيها الكشك وجبت بضاعة جديدة.
خالد ابتسم بثبات ومد له الفلوس:
– دا حقك.. اتفضل.
دفع الحساب، وخد الكيس بإيده، ومسك إيد ياسمين وهما راجعين للعربية.
ياسمين فهمت ان خالد ساعد صاحب الكشك بفلوس عشان يجدد الكشك بعد الحادثه ويعوض خسارته.
ركبوا العربية وخالد ضحك بنبرة مرحة وهو بيحط الكيس قدامها:
– أدي الكيكة والزبادي والمية المعدنية.
ياسمين ضحكت وهزت راسها:
– إنت لسه فاكر كل ده؟!
بص خالد في عينيها، والنظرة فيها دفء وعشق:
– أنا عمري ما نسيت لحظة عشتها معاكي، من أول هروبنا من هنا مع بعض.
ضحكت وهي فاكرة:
– فاكر صاحب الكوخ اللي قولتله إن اسمك حسن!
خالد ضحك:
– وفاكر إزاي خوفت عليكي لما عرفت إن العصابة اللي كنت وسطهم عايزين يقتلوكي إنتي وأحمد.
ياسمين غمضت عينيها وهي بتسترجع المشهد:
– ولما وقفت قدام عربية دكتور قدري وكان هيموتني، وإنت أنقذتني.
ابتسم خالد:
– ولما رجعت شغلي في الصعيد، وفي يوم كنت واقف في الكمين في عز الحر، وفجأة أسمع صوت أحمد وألاقيكي قدامي.
ضحكت ياسمين:
– ولما خرجت من المدرسة وإنت قابلتني صدفة على الطريق وضربت الولد اللي كان بيضايقني.
خالد هز راسه بضحكة صغيرة:
– مكانتش صدفة على فكرة.. أنا كنت براقبك وقتها.
ياسمين شهقت وهي بتبص له:
– بترقبني ليه؟
رد بخفة وهو بيضحك:
– كنت عايز أفهم إزاي إنتي من عيلة الشرقاوي، بس بعدها فهمت وعرفت كل حاجة.
ياسمين رفعت حواجبها باهتمام:
– عرفت إيه؟
خالد مسك إيديها بحب، عينيه ما بتفارقهاش، وصوته مليان دفء:
– عرفت إني جيت من الصعيد للقاهرة مش عشان مهمة قبض على عصابة تجارة أعضاء… القدر هو اللي جابني هنا، عشان أقابلك وتبقي أغلى من حياتي كلها.
قرب إيديها من قلبه وكمل:
– كل ذكرى عشتها معاكي محفورة في قلبي… لما هربتك من المستشفى، ولما اتجوزنا، ولما أخدتك الجبل واعترفتلك بحبي وسط الصخور… كل لحظة بينا مستحيل أنساها.
عيون ياسمين لمعت بالدموع، قلبها بيرقص جوه صدرها وهي بتقول بصوت ضعيف من التأثر:
– أنا بحبك أوي يا خالد… بحبك أكتر من روحي.
خالد قرب إيديها من شفايفه وباسها بحنان، وصوته طالع من جوه قلبه:
– اللي في قلبي ليكي أكتر من الحب… إنتي أغلى من روحي يا ياسمين.
ياسمين ابتسمت بخجل وحب، وقالت:
– طب بالمناسبة دي… في خبر عايزة أقولك عليه. أنا كنت عارفة إن الوقت مش مناسب، وكنت محتارة أقولك إزاي.
بص لها باهتمام، عينه مليانة فضول.
خفضت وشها شوية وقالت بهدوء:
– أنا حامل.
الكلمة وقعت في قلبه وهو بيحاول يستوعبها، همس بذهول:
– حامل؟؟
هزت راسها بإيجاب:
– عرفت من أسبوع… بس كان الكل متوتر بعد موت جدك وجدي، ومعرفتش أقولك إزاي.
خالد بص لها بصدمة مش مصدق:
– يعني عارفة من أسبوع إنك حامل وساكته يا ياسمين!؟
ردت بحزن وهي بتحاول تبرر:
– الوقت مكنش مناسب عشان أقولك يا خالد.
لكن هو اتكلم بحماس، صوته فيه فرحة صافية:
– وقت إيه اللي مش مناسب! ده أنا قلبي هيقف من الفرحة حرام عليكي! وعرفتي ازاي؟
ياسمين بخجل:
– حسيت بأعراض تعب وسألت زينة عنها وهي قالتلي ان دي اعراض حمل وجابتلي اختبار حمل في البيت ولقيت اني حامل فعلا! كان نفسي اقولك اول لما عرفت بس انت كنت في حالة نفسيه صعبة بعد موت جدك، وخوفت اقولك متفرحش بالخبر.
خالد كان بيبصلها وهو مش مصدق اللي بيسمعه منها:
– خوفتي مفرحش بالخبر ده ازاي يا ياسمين ، دا انا عمري في حياتي مافرحت زي اللحظة دي!
وقبل ما ترد بكلمة، كان ضاممها بكل قوته، قلبه بيرقص بالفرحة، كأن الدنيا كلها بقت ملكه في اللحظة دي.
وياسمين وسط حضنه، كانت حاسة إن فرحته أكبر من أي توقع، وإن اللحظة دي هتفضل محفورة جواها طول العمر.
……….
بعد تلات شهور.
في قاعة أفراح فاخمة، الإضاءة والزهور مزينة كل ركن، والجو كله بهجة وسعادة بفرح مهاب ومنة.
خالد ومعتصم كانوا واقفين في وسط القاعة، لابسين بدل شيك، والابتسامة مرسومة على وشوشهم.
معتصم كان ماسك الموبايل وبيتكلم، ملامحه باين عليها الفرح.
خالد سأله باستغراب:
– في إيه؟ جالك خبر حلو؟
معتصم أنهى المكالمة وقال بابتسامة واسعة:
– أبويا كلمني دلوقتي، بيقولي إنهم شافوا بنت كويسة لممدوح أخويا… شافها وعجبته، ووافق أخيرًا يتجوز تاني.
خالد ابتسم وهو بيهز راسه:
– ربنا يفرحه ويرزقه بالذرية الصالحة إن شاء الله.
رد معتصم بحماس:
– إن شاء الله يا رب.
الموسيقى الهادية كانت شغالة في الخلفية، والقاعة مليانة ناس بتضحك وتتصور.
زينة وياسمين كانوا لسه نازلين من عند منة، خالد ومعتصم قربوا عليهم.
خالد سأل ياسمين بنبرة قلق بسيطة:
– هما اتأخروا كده ليه؟ الناس بدأت تقلق!
ياسمين ابتسمت بحماس وهي بتبص لزينة:
– مهاب عامل مفاجأة لمنة.
معتصم وخالد بصوا لبعض بنفس اللحظة، وهمسوا في نفس واحد:
– ربنا يستر.
وفجأة، كل أنوار القاعة انطفت مرة واحدة، والهمهمة وقفت.
إشارة ضوء قوية نورت عند المدخل، ومنة ظهرت لابسة فستانها الأبيض، ملامحها مبهورة ومكسوفة في نفس الوقت.
وفجأة الموسيقى اشتغلت، وصوت مهاب اتسمع بيغني لها:
“فستانك الأبيض اللي هياكل منك حتة…”
كل البنات اللي في القاعة اتحمسوا.
ومعتصم بص ل خالد وقال:
– الواد ده قاصد علي فكرة ، الليلة دي هتبقى نكد علي كل الرجاله اللي في الفرح.
رد خالد:
– لا ومختار أغنية فستانك الأبيض اللي هياكل منك حتة.
معتصم:
– اه طبعا.. ومهاب هيختار اغنيه مفيهاش اكل ازاي.
ياسمين بصت ل زينة وقالتلها بتأثر:
– شكلهم حلو اوي.
ردت زينة عليها:
– مهاب رومانسي آوي بجد.
معتصم وخالد كانوا بيعضوا على شفايفهم، ملامحهم نصها هزار ونصها غيظ.
قرب منهم ظابط زميلهم، إسمه “علي” ، وقال باستغراب:
– هو إيه اللي مهاب بيعمله ده! ياريتني ما جبت خطيبتي معايا الفرح… دي عايزاني أعملها كده في فرحنا.
معتصم ضحك:
– لم الرجالة واطلعوا اضربوه.
خالد:
– استنى بس، نشوف بقيت الفقرات اللي هيعملها.
الأغنية خلصت فجأة، والأنوار انطفت تاني، همهمة خفيفة بين المعازيم.
وبعد ثواني، النور رجع، ومهاب واقف ماسك عصاية سحرية صغيرة منورة بألوان مبهجة.
علي زميلهم عقد حواجبه باستغراب:
– هي دي فقرة الساحر ولا إيه؟
خالد رد بسرعة:
– شكله هيطلع أرنب من جيب البدلة!
معتصم زودها:
– ومع الأرنب، حلة ملوخية من الجيب التاني.
التلاتة انفجروا ضحك، وخالد بص ل علي وقاله:
– بص يا علي… إنت تروح تقول لخطيبتك دلوقتي إن ده مش فرح، إنت غلطت في العنوان وجبتها السيرك.
علي ابتسم وهو بيهز راسه:
– هو ده اللي هيحصل.
علي رجع عند خطيبته ومعتصم وخالد وقفوا جنب بعض، عيونهم مترقبة ومركّزين جدًا يشوفوا الفقرة اللي مهاب ناوي يعملها بالعصاية السحرية اللي في إيده.
وفجأة، مجموعة أطفال دخلوا القاعة، لابسين أبيض، وعلى ضهرهم أجنحة صغيرة شبه الملايكة، وكل واحد فيهم ماسك نفس العصاية السحرية اللي مع مهاب.
القاعة اتبدلت ألوانها مع حركة الأضواء، ومنة ظهرت وهي نازلة من فوق السلم، ابتسامتها خجولة وعينيها بتلمع، وسط الاستعراض اللي الأطفال بيعملوه حوالين مهاب، وهو بيشاركهم بحماس، وبياخد إيد منة علشان يرقص معاها.
خالد شاور لمعتصم وهو مبهور:
– آآآه… شوفت جابها إزاي! ده طلع استعراض.
معتصم ضحك وهو بيهز راسه:
– وإحنا اللي ظلمناه!
زينة كانت مركزة مع الاستعراض ومبهورة بيه، وقالت بحماس:
– على فكرة، الاستعراض جميل جدًا، ومعمول بفكرة قصة سندريلا… لما الجنية بتحولها لأميرة، وتروح الحفلة للأمير ويرقصوا مع بعض الرقصة الرومانسية.
خالد ومعتصم وقفوا مصدومين شوية من التفسير، وكأنهم أول مرة يسمعوا القصة.
خالد شاور ناحية مهاب وهو بيقول بدهشة:
– يعني اللي هو بيعمله ده… ليه معنى ومفهوم كمان؟
ياسمين ابتسمت وقالت بثقة:
– آه طبعًا… والفكرة رومانسية جدًا.
معتصم بص لخالد وهو مستغرب:
– أومال إحنا مفهمناش كده ليه؟!
خالد بص حواليه على كل الرجالة اللي في الفرح، لقاهم واقفين بنفس الملامح المتحيّرة، فابتسم وقال:
– مش إحنا لوحدنا اللي مفهمناش… بص حواليك.
معتصم لف وشاف إن فعلًا كل الرجالة مركزين ومش فاهمين حاجة، أما الستات كلهم مبهورين ووشوشهم منورة بالاستعراض.
الفقرة خلصت، ومهاب ومنة أخيرًا قعدوا، وكل المعازيم بدأوا يطلعوا يباركولهم.
خالد قالهم:
– يلا نطلع نتصور معاهم بسرعة قبل ما يعملوا فقرة الأسد.
ياسمين وزينة ضحكوا.
وخالد مسك إيد ياسمين، ومعتصم مسك إيد زينة، وطلعوا مع بعض.
باركوا لمهاب ومنة… والفرحة كانت مش بس مالية عنيهم، دي كانت ساكنة في قلوبهم وبتلمع في كل نظرة بينهم.
اتجمعوا كلهم قدام الكاميرا يتصوروا، وكل واحد فيهم واقف وجنبه مراته، وإيده على خصرها بحب واحتواء.
التقطت الصورة على ضحك وسعادة الفرسان الثلاتة وزوجاتهم الثلاث أميرات.
السعادة في عيونهم كانت بتحكي من غير كلام، بتحكي عن مشوار طويل، وعن قلوب اتقابلت بعد ما كانت بتدور على نصها التاني، وعن حكايات فيها دموع وفرح، ضعف وقوة، فراق ولمّة.
كل واحد فيهم كان شايف قد إيه الطريق اللي مشي فيه يستاهل… رغم إنه بدأ بمنعطف خطر، لكن في الآخر، لقوا الدفء اللي بيطمنهم، والقلب اللي بيحتويهم، والحب اللي بيشيل عنهم هم السنين، والأمان اللي يخليهم ما يخافوش من بكرة، وقلوبهم مليانة بالتفاؤل والأمل وحياة سعيدة للأبد مع شريك العمر.
الفرح خلص، ومهاب أخد منة وراحوا على شقتهم، ومعتصم وزينة رجعوا على بيتهم عشان يرتاحوا لانهم الصبح هيسافروا البلد يتعرفوا على عروسة ممدوح.
خالد وياسمين رجعوا البيت ، البيت اللي كان مليان دفء وحياة بوجود أحمد أخو ياسمين، وأدم ابن أخت منة اللي ياسمين أخدته منها يقعد معاها أول يومين بعد الفرح.
سالم الدريني كان قاعد جنب أحمد، بيذاكر له وبيشرح له بهدوء، وعينيه ساعات بتسرح في ذكرياته مع خالد وهو في نفس عمره، نفس اللمعة ونفس الإصرار.
بهيرة كانت قاعدة على الكنبة، أدم في حضنها وبتلاعبه، وملامحها مليانة حنان وهي في سرها بتعد الأيام عشان تشوف حفيدها اللي هينور البيت بعد كام شهر.
خالد دخل ومعاه ياسمين، ابتسامة الرضا على وشه وهو شايف بيته مليان بالسعادة والحياة.
أول ما بهيرة شافتهم، وشها نور بابتسامة دافية:
– حمدلله على السلامة يا حبايبي، الفرح كان حلو؟
ياسمين ردت بابتسامة:
– كان حلو جدًا، ومهاب ومنة كانوا زي القمر.
وبصت على أدم وهي بتسأل:
– هو أدم تعب حضرتك؟
بهيرة هزت راسها وهي بتضحك:
– أبدًا، أنا قاعدة ألاعَبه وأدعي ربنا الأيام تجري بسرعة وأشوف حفيدي وألعب معاه كده.
خالد قرب منهم وهو مبتسم، نبرة صوته مليانة شوق:
– قريب إن شاء الله… أنا بعد الأيام والساعات.
ياسمين ابتسمت وهي بتبص على أحمد، اللي كان قاعد مركز مع سالم لدرجة إنها حست إنه بقى متعلق بيه كأنه ابوه، وسالم حنين عليه جدا وبيعوضه في كل لحظة عن حنان الاب اللي اتحرم منه. قربت منهم وسألت:
– بتعملوا إيه؟
سالم رد وهو فخور:
– أحمد خلص مذاكرة وكان شاطر، وأنا وعدته لو نجح وجاب درجات عالية ليه عندي مفاجأة كبيرة.
أحمد ابتسم بحماس:
– أنا هنجح عشان أبقى ظابط زي… خالد.
ياسمين فتحت عينيها بدهشة وضحكت:
– أخيرًا اقتنعت إنه خالد مش حسن أبو علي.
خالد قرب من أحمد:
– أنت هتبقى أجمد ظابط في الداخلية كلها يا بطل.
سالم قال وهو بيضحك:
– وبدلة الظابط عليا.
أحمد ضحك بحماس آكتر:
– أنا عايز أكون ظابط قوي زي حسن أبو علي وأقبض على كل المجرمين.
ياسمين هزت راسها وهي بتضحك وبتقول لخالد:
– مفيش فايدة… هيفضل حسن أبو علي في دماغه.
رد خالد:
– انا اسمي الحقيقي اصلا حسن ابو علي ومفيش حد يعرف السر ده غير احمد.. صح يا احمد باشا ؟
وغمز ل أحمد وهو بيرفع ايديه واحمد خبط كف أيديه باتفاق في كف ايد خالد وقال:
– صح يا خالد باشا.
وغمز ل خالد بنفس الطريقة.
ضحكوا كلهم، والجو حواليهم كان مليان بالحب والونس، وخالد وياسمين بيبصوا لبعض بعينين شاكرة لربنا على نعمة السعادة وراحة البال اللي ماليه بيتهم… رواية منعطف خطر بقلمي ملك إبراهيم.
تمت بحمد الله.
واتمنى تكون الرواية عجبتكم وانتظروني قريبا جدا جدا ان شاء الله في رواية جديدة😍♥️
  • تمت فهرس الرواية كاملة (رواية منعطف خطر) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.

أضف تعليق