رواية محامية قلبي الفصل السادس 6 – بقلم أمل شعبان
6/–محاميه قلبي
بقلم امل شعبان
زينب مشيت بهدوء، قربت من الباب المفتوح…
كل حواسها مشدودة،
عينها رايحة جاية بين الباب والطرقة…
قلبها بيخبط في صدرها كأنه بيقولها “ارجعي”.
لكن فجأة…
صرخة أنثى شقّت الهدوء!
> “آآآاه!!”
زينب اتجمّدت.
بصّت قدّامها، وشافت الخدامة اللي كانت فتحتلهم الباب أول مرة…
واقعة على الأرض، بتتزحف وهي بتبص وراها،
كأنها بتهرب من حاجة شافتها وشعرت بالرعب منها.
زينب عينيها اتعلقت بالمنظر، لسانها اتخرس،
بتحاول تفهم إيه اللي بيحصل…
لكن ما لحقتش حتى تلتقط أنفاسها…
شاب خرج جاري من جوه الأوضة!
كان شكله مألوف لكن عشوائي،
مربّي دقنه كأنها ليها شهرين ما شافتش ترتيب،
وشعره منكوش، نازل على جبهته،
لابس لبس بيتي، ووشّه عليه ملامح تعب… وتوهان.
بس كان في حاجة في عينه…
حاجة مش مطمّنة.
ولما شاف زينب…
لفّ بسرعة، وجرى ناحيتها.
زينب، من هول المفاجأة، رجعت خطوة بسرعة،
بتحاول تلف نفسها تهرب…
لكن قبل ما تلحق…
مسكها من دراعها!
صرخت صرخة عالية من قلبها:
> “سيبنيييي!! إنت مين؟!!”
بقلم امل شعبان محاميه قلبي
—
صرخة زينب اخترقت الصمت، حادة، مرتعشة، طالعة من عمق الخوف اللي فجأة اتكوّم في صدرها.
الشاب كان ماسك إيدها بقوة، وعينه بتترنح بين الغضب والضياع.
كان في حاجة مش مفهومة في طريقته…
نفسه متلاحق، وملامحه مجهدة، كأنه ما نامش من أيام.
صوته خرج متقطع، كأن الكلمات بتخبط وهي خارجة:
> “كلّكم… خنتوني… حتى إنتي! زي سعاد… كلكم كذابين!”
زينب كانت بتحاول تستوعب.
مين ده؟ وإزاي بيكلمها كأن بينهم ماضي؟
لفّت نظرها بسرعة على سعاد،
كانت لسه مرمية على الأرض، بتحاول ترفع جسمها بصعوبة.
نظرتها لزينب كانت متوجعة، خجلة، لكنها ما اتكلمتش.
مدت يدها كأنها بتحاول تساعد، أو تطلب النجدة…
ما كانتش قادرة تقوم.
وزينب، وسط كل ده، بصوت واطي متقطع:
> “أنا… أول مرة أجي هنا… مش فاهمة حاجة…”
كانت بتحاول تخلّص دراعها من إيده، بس هو كان ماسك كأنه بيقاوم لحظة انهيار.
وكأنها لو خرجت من تحت إيده، هو نفسه هينهار مكانه.
في اللحظة دي…
خرج أستاذ ياسين.
كان طالع بسرعة، لكن وقف لما شاف المشهد قدّامه.
عينه اتجمدت على زينب، وبعدها على أحمد، أخوه.
الصمت اللي لحق المشهد كان أبلغ من أي رد فعل.
ياسين اتكلم بصوت واضح، لكنه مشدود، غضبان…
مش على زينب، لكن على الوضع.
> “إنتي بتعملي إيه هنا؟”
كلماته كانت قصيرة، لكنها تقيلة.
زينب اتكلمت بصوت خافت، ما بين الاستغراب والخذلان:
> “حضرتك اللي قلتلي اجيب المستندات لحضرتك…”
لكن هو ما ردش، بس كان باين عليه إنه ما كانش عايزها تشوف ده.
ولا تشوف “أحمد”، بالحالة دي.
ولا تعرف السرّ اللي هو كان حريص يفضل محجوب حتى عن أقرب الناس.
في اللحظة دي، أحمد لسه واقف، بس صوته ابتدى يضعف،
كأنه بيتكلم مع نفسه:
> “قالتلي بتحبني… كذبت… حتى إنت يا ياسين كنت معاهم…”
زينب كانت بتبص بينهم، مش فاهمة إذا كانت شاهدة على انهيار نفسي ولا شيء أعمق من كده.
وفجأة…
دخل دكتور، ومعاه اتنين من الطاقم الطبي.
كان واضح إنهم جاهزين يتعاملوا مع الحالة.
الدكتور.
بص على أحمد، على زينب، على قطعة الزجاج،
وقال بلهجة مهنية، لكن فيها قلق واضح:
> “أستاذ ياسين… أخوك لازم يرجع المستشفى حالًا. الوضع كده بقى خطر على اللي حواليه.”
ياسين كان واقف، صدره بيطلع وينزل من الغضب،
لكن ما تحركش، ولا بص للدكتور.
في اللحظة دي بس، زينب لاحظت حاجة…
ذراع ياسين… كان عليه دم.
قماشة القميص مشقوقة، والجرح واضح، كأنه كان بيحاول يهدّي أحمد قبل ما هي توصل.
بس هو، رغم الألم،
صوته خرج عالي، قاطع، حاسم:
> “مش هيروح مستشفى.
أحمد مش مجنون!
اللي محتاجينه هو الهدوء، مش تحطوه في أربع حيطان وتحبسوه زي مجرم!”
الدكتور حاول يتمالك نفسه:
> “ده مش قرارك، ده خطر. على نفسه، وعلى الناس اللي حواليه!”
لكن ياسين ما رجعش في كلامه.
كان باين إنه شايل وعد أو ذنب، أو يمكن ألم مش قادر يشاركه مع حد.
أما أحمد…
فكان لسه ماسك زينب،
يده مش بتتحرك،
وصوته مكسور، مكرر،
كأنه سجين في دائرة واحدة بيعيد فيها نفس الكلمات:
> “خنتوني… كلكم خنتوني…”
وزينب… خلاص.
ما بقتش قادرة.
ركبها تهزّت، أنفاسها تقيلة،
بصّت لياسين، للدكتور، لسعاد، ولأحمد اللي بيجرجرها كأنها سبب انهياره…
وفجأة، صوتها خرج:
> “يقطعك… ويقطع أخوك…
ويقطع اليوم اللي صدّقت فيه إني ممكن أشتغل هنا!”
كلماتها خرجت من جوّاها، مش بس من لسانها.
كانت بتنهار وهي بتتكلم، بس في صوتها نبرة صدق، نبرة إنسانة وصل بيها الحد للنقطة اللي بعدها ما فيش.
بقلم امل شعبان محاميه قلبي
أحمد كان لسه ماسك زينب بقوة،
يده مش بترتجف، لكنها متشنجة، كأنها آخر حبل بيتمسك فيه.
وهو بيكرر الجملة، بنفس النبرة، بنفس الكسرة:
> “كلكم… خاينين… كدّابين… حتى إنت…”
صوته كان موجوع أكتر مما هو غاضب.
ياسين اتقدّم، صوته حاول يكون هادي، لكنه محمّل بحزن واضح:
> “أحمد… بصلي.
أنا ياسين… أخوك. اللي بيحبك.
محدش خانك، إحنا بنحاول نساعدك…”
لكن أحمد كان بيهز راسه،
دموعه محبوسة في عينه، ونَفَسه بيخش بصعوبة.
بص لياسين بعين فاضية، وقال بصوت مكسور:
> “إنت كدّاب زَيهم…
كلكم بتكدبوا عليا…”
وفجأة، رجّع عينه على زينب،
شدّها أكتر، وهي كانت خلاص بتترنّح في مكانها،
صوتها بيطلع متقطع من الخوف:
> “سيبني… سيبني بالله عليك…”
الدكتور اتقدّم، في إيده إبرة، كان واضح إنه قرر يتدخل.
مدّ إيده ناحيته بهدوء، لكن أحمد لمح الحركة،
لف بسرعة، عينه اتوسعت، وصرخ بأعلى صوته:
> “ما تقربش!!
مش هتكمّموني تاني!
مش هتخدروني زي كل مرة!!”
صراخه كان مفزع.
وزينب… صرخت معاه.
كانت بتحاول تبعد نفسها، بس مفيش مهرب.
الدكتور قال بسرعة وهو بيحاول يهدّيها:
> “آنسة، اهدي. هنسيطر على الوضع. متخافيش، بس اتماسكِ.”
لكن زينب كانت بتعيط، وهي مش شايفة حاجة من كتر الدموع،
وقالت له بصوت مختنق:
> “هسيطر إيه… ده أنا لو خرجت من هنا سليمة… هحتاج أروح لدكتور نفساني!”
الكلمات طلعت من قلبها، مرّة، صادقة، بدون تفكير.
لكن وسط الفوضى…
زينب بصّت لأحمد،
وبعد لحظة، شافت حاجة مختلفة في عينه.
خوف.
مش جنون… مش غضب…
كان خايف، كأن في حد فعلاً كسره،
حد خان ثقته، ففقد كل حاجة… حتى عقله.
سكتت زينب لحظة.
نَفَسها تقيل، بس حاولت تثبّت صوتها،
تكلمت بهدوء، من بين دموعها:
“إنت اسمك أحمد… صح؟
أنا مش نادين… ومش كدّابة.
أول مرة أشوفك، ووالله ما عملتلك حاجة.”
بقلم امل شعبان محاميه قلبي
> “أنا…
عارفة يعني إيه حد يخونك.
عارفة لما تصدّق حد، وتلاقيه بيبيعك.
بس دول… ما اخونكش.”
قربت خطوة، بهدوء، بصوت أخفض:
> “أنا دخلت هنا بالغلط… زيّك بالظبط.
ويمكن ربنا بعثني عشان أقولك… مش كل الناس كدابين.”
أحمد بصّ لها، عينه بتتحرك ببطء،
كأنه بيحاول يستوعب، كأنه طفل ضايع في شارع واسع.
همس بصوت واطي:
> “نادين… قالتلي إنها بتحبني…”
ثم شهق شهقة مكتومة، وعينه غرقت بالدموع:
> “بس خانتني… راحت له…”
كانت لحظة صمت… تقيلة، فيها ألم ما يتوصفش.
وزينب، رغم إنها كانت لسه محبوسة في قبضته،
لكن قلبها اتحرّك ناحيته،
وشافت قدّامها إنسان…
مش مريض،
إنسان مكسور… تايه… خايف.
قالت له بهدوء:
> “اللي خانك هو اللي خسر، مش إنت.
إنت لسه فيك حاجة حقيقية…
عارف؟ اللي بيحب بصدق، ما بيتهزش… حتى لو اتكسر.”
وصوت أحمد…
ابتدى يهدى.
أحمد… هدأ.
بس قبل ما تقفل البوست:
🌟 اعملوا لايك يليق بجمالكم
💬 واكتبوا تعليق كأنكم بتتكلموا مع الأبطال نفسهم:
لو مكان زينب…
كنتم هتهربوا؟
ولا تكملوا اللعبة… للآخر؟
بقلم:
أمل شعبان – محامية قلبي 💌
• تابع الفصل التالى ” رواية محامية قلبي ” اضغط على اسم الرواية