رواية محامية قلبي الفصل السابع 7 – بقلم أمل شعبان

 رواية محامية قلبي الفصل السابع 7 – بقلم أمل شعبان 

صوته اختفى، إيده خفّت، ملامحه بدأت تفكّ.

كأنه أول مرة يسمع صوت مش بيكذبه…

أول مرة يحس إنه مش لوحده.

وفي الخلف، ياسين كان واقف،

شايف اللي بيحصل،

بس مش مصدّق.

إن زينب، الغريبة، كانت الوحيدة اللي وصلت لأخوه…

مش بالأدوية،

ولا بالماضي،

لكن بالحقيقة.

يتبع 

الفصل 7

بقلم امل شعبان محاميه قلبي 

أحمد كان لسه ماسك إيد زينب،

لكن صوته خفّ، ونبرته بقت أهدى… كأنه بيحاول يصدّق:

> “يعني… إنتِ مش هتخونيني زيهم؟”

زينب بصّت له، وعنيها فيها صدق واضح رغم الخوف:

> “لأ طبعًا… عمري ما أعمل كده.”

سكت لحظة، وبعدين بصّ لها تاني، كأن جوّاه طفل بيترجّى أمان:

> “يعني… مش هتسيبيني… زي ما نادين سابتني؟”

زينب بلعت ريقها،

كانت هتقول الحقيقة، إنها غريبة وما تعرفوش،

لكنها شافت لمعة الرجاء في عينيه، وشافت الدكتور بيقرب،

فردّت بسرعة، بصوت ناعم:

> “لأ… مش هسيبك.”

قالتها وهي بتحاول تخلص نفسها من قبضته،

مش عشان تهرب منه، لكن عشان تهدي الحالة…

حتى لو كذبت عليه لحظة.

الدكتور كان باين عليه منزعج، لكنه وقف مكانه لما سمع الحوار،

وبص لياسين كأنه بيقول: شايف؟ هي الوحيدة اللي قدرت توصله.

ياسين بصّ لزينب،

في عينيه شيء جديد…

ده مش مجرد تقدير، ده اندهاش.

كأنها دخلت دايرة عمره ما تخيّل إن حد ممكن يلمسها.

أما أحمد…

فابتسم فجأة، ابتسامة طفولية…

كان فيها براءة غريبة، ودمعة معلقة على طرف رمشه.

> “تعالي…

أوريك الأوضة بتاعتي.

أنا كنت جايب حاجات حلوة لنادين…

بس هي ما جتش.”

زينب اتجمّدت،

المشهد كله لف في دماغها في ثواني.

تدخل الأوضة؟ لوحدها؟ معاه؟ وهو حالته كده؟

جواها صوت بيصرخ: اخرجي من هنا بأي شكل!

بس لما بصّت له،

شافت في عينيه حاجة أبسط من الخطر…

وحدة.

رجعت لعقلها بسرعة،

ورسمت ملامحها بثبات مصطنع،

وقالت له بنبرة واضحة، فيها حنان… لكن حزم:

> “هدخل…

بس بشرط واحد.”

سألها بنظرة فضولية:

> “إيه هو؟”

قالت وهي بتبص له بتركيز:

> “تاخد العلاج بتاعك.”

سكت.

لحظة طويلة، عنيه بتتحرك كأنه بيرجع يفكر…

كان فيه صراع جوا راسه، واضح.

ثم قال بهمس:

> “ماشي…”

وبدات زينب تخش ناحيه الاوضه 

زينب دخلت الأوضة…

وراه بخطوة بطيئة،

لكن الدكتور وياسين كانوا داخلين وراها، كأنهم بيأمّنوا المكان بصمت.

أول ما زينب وطأت أرض الغرفة، وقفت في مكانها…

كانت الصدمة أقوى من توقعها.

كل حاجة متكسّرة،

الكتب متناثرة، المراية مكسورة،

كأن إعصار دخل قلب المكان ومزّق تفاصيله.

كأن حد خبط الدنيا بكل قوته.

أحمد ابتسم، لفّ ناحيتها وقال بصوته الهادي اللي فيه لمسة جنون:

> “إيه رأيك في الأوضة؟”

زينب بصّت حواليها، قلبها بيخبط زي الطبول،

رسمت ابتسامة مصطنعة، وقالت بصوت متردد وهي بتحاول تهدي الجو:

> “جميلة جدًا… ما شاء الله.”

كانت بتكذب، طبعًا،

بس كانت بتحاول تمشي بأي شكل في اللعبة اللي اتفرضت عليها فجأة.

وقفت لحظة، خدت نفس عميق وقالت له بنبرة فيها حسم:

> “تشرب العلاج دلوقتي؟”

الدكتور كان حاضر، حضّر الدواء،

ناول زينب الإبرة، وهي ناولتها لأحمد بإيد ثابتة.

أحمد بصّ للإبرة، وبعدين بصّ لها،

كأنه بيختبرها،

وبعد ثواني… وافق.

وخد الإبرة.

الدكتور تنفّس بارتياح، ووقف جانبًا.

وبعد ما هدي شوية، أحمد سحب درج جانبي من دولاب صغير،

طلع منه ألبوم صور.

قعد على الأرض جنب زينب، وفتح الألبوم…

> “بصي… دي نادين.”

كانت صورة لفتاة جميلة، وشاب وسيم بجوارها…

كان أحمد.

لكن أحمد التاني…

مش ده اللي قاعد قدامها دلوقتي.

اللي في الصورة…

شاب في عز شبابه، ضحكته صافية، عيونه فيها حياة.

أما اللي قاعد جنبها…

شبح لإنسان حبّ بصدق، وانكسر.

بدأ يفرّ لها الصور…

واحدة مع نادين في حديقة،

واحدة لياسين في العيد،

واحدة لوالدته، وواحدة لوالده.

كان بيقول:

> “شايفة؟ ده ياسين… أخويا.

ودي ماما… كانت بتحبنا قوي.

وده بابا… كان بيقول لي إني شبهه لما كنت صغير.”

زينب كانت قاعدة على الأرض، جنب أحمد،

كل شوية تبص على الصور… وبعدين تبص على باب الأوضة.

كأنها بتقيس المسافة بين خوفها… وبين أمانها.

كانت حاسة برغبة تقوم، تهرب، تسيب كل ده وراها.

بس ما عملتش كده.

فضلت قاعدة…

لأنها شافت جُرح مش سهل، جرح مش بيتلم بالعلاج بس.

ياسين كان قاعد على الكنبة اللي قدامهم،

ما اتكلمش،

بس عينه كانت عليهم…

عين راصدة، حزينة، كأنها شايفة مشهد بيتكرر قدامه من زمان.

كان شايف إن أخوه…

أول مرة من سنين، بيروق، بيضحك، وبيحكي.

ومش لحد من العيلة.

لكن لزينب.

الغريبة اللي دخلت صدفة…

وفتحت باب في قلب أحمد ما حدش قدر يفتحه قبليها.

—لحظات من الصمت مرّت،

أحمد قاعد على الأرض، راسه مميلة على كتفه، ماسك الألبوم بإيده،

وعنيه بدأت تضعف، ووشه يهدى…

لكن الهدوء اتقطع فجأة بصوت ياسين،

اللي قام من على الكنبة وهو بيقول بصوته الرزين، المتعب:

> “أنا هبدّل هدومي… باين عليّا كده مشرف منظر.”

كان فعلاً هدومه متبهدلة…

كم القميص ممزق، الدم نشف على طرفه، وذراعه ملفوف بشاش مشدود.

بص لهم وهو بيعدّل وضع القميص:

> “لو احتاجتوا حاجة… سعاد موجودة.

ولو احتجتِ حاجة يا زينب، ناديلي من هنا.”

وأشار على باب جانبي صغير، غالبًا بيطلع على جناح خاص أو غرفة ملابس.

ثم دخل وسحب الباب وراه بهدوء.

زينب… اتجمدت.

الهدوء رجع، بس معاها رجع الخوف.

بصّت ناحية أحمد،

لسه قاعد جنبها على الأرض، الألبوم مفتوح على حجره،

لكن ملامحه بدأت تتراخى،

رموشه تقيلة، وصدره بيطلع وينزل ببطء…

الدواء ابتدى يشتغل.

بس دماغ زينب شغّالة.

“طب لو فجأة صحى؟ لو الحالة رجعت؟

ممكن يفتكرني نادين؟

يمكن يرميني من الشباك؟”

بصّت على الشباك الكبير اللي في آخر الأوضة…

كان مفتوح نص فتحة.

رجعت تبص على أحمد…

لسه نايم؟ ولا بيتمثّل؟

ضحكت ضحكة صغيرة…

ضحكة غبية، عبيطة، فيها توتر مكمور.

زي اللي بيضحك في عز الخوف.

أحمد غمض عينه أكتر،

نَفَسه بقى أبطأ…

رأسه سقطت بهدوء على كتفه،

والألبوم وقع بلين على الأرض.

زينب فضلت تبص عليه ثواني،

وبعدين… بصّت على الباب.

رجعت تبص عليه.

نايم. فعلاً نايم.

قلبها دق بسرعه، بس مش من الخوف…

من القرار.

قامت بهدوء شديد،

كأنها حرامية داخلة تسرق عمرها من غرفة حد غريب.

مشت على أطراف صوابعها،

نفسها محبوس،

كل خطوة عاملة دوشة في دماغها، حتى لو الأرض ساكتة.

وصلت للباب.

فتحت المقبض بحذر…

الباب صرصر صرصة خفيفة…

اتجمدت.

رجعت تبص عليه…

ما تحركش.

فتحت الباب…

خرجت.

ولأول مرة من ساعة ما دخلت الفيلا… تنفّست.

نزلت تجري على السلالم،

خطوتها سريعة، كأنها بتجري من كابوس لسه صاحبة منه،

ووشّها فيه خيط ضحك عصبي: “أنا لسه عايشة!”

وصلت للدور الأرضي…

بقلم امل شعبان محاميه قلبي 

في اللحظة اللي زينب كانت بتفتح فيها باب الفيلا وبتجري برا كأنها بتهرب من كابوس،

كان ياسين بيخرج من أوضته…

الهدوم عليه بسيطة، بس فيها فخامة الناس اللي متعودين يعيشوا في رقي حتى في بيوتهم.

تيشيرت أسود بيتّي، وبنطلون قطني أنيق، وشعره لسه مبلول من الميّة، نازل خصل خصل على جبينه.

ماشي بخطوات هادية…

لكن عينه وقعت على حاجة غريبة:

شنطة زينب…

مرميّة في الممر.

وجنبها ورق… المستند اللي كان طالب من أستاذة سارة توصّله.

وقف.

وشه تغيّر.

وفي نفس اللحظة، طلعت سعاد، الشغالة، من المطبخ.

بصّ لها وقال بهدوء بس نبرة الصوت فيها ريبة:

> “سعاد… زينب فين؟”

سعاد اتلخبطت، وقالت:

> “والله يا بيه، كانت فوق… دلوقتي مش موجودة في الأوضة.”

ياسين جري على أوضة أحمد.

فتح الباب بسرعة.

أحمد كان نايم قاعد على الأرض، راسه مميلة على الكتف، والألبوم لسه في حضنه.

بس مافيش أثر لزينب.

قلبه وقع.

نزل بسرعة، جري على باب الفيلا…

كان مفتوح.

عيونه فتّحت، كأن العقل بيعدي مشهد ورى مشهد.

نروح لبيت زينب…

الصالة فيها جو توتر مش طبيعي.

أم زينب قاعده على الكنبة، وجهها شاحب، ماسكة إيدها بعصبية.

مريم أختها، قاعدة على الكرسي التاني، رجل على رجل، ملامحها فيها قلق بس بتخبيه في الكلام.

ندى، صاحبتها، بتلف حوالين نفسها، ماسكة الموبايل، بتقول وهي بتكاد تعيط:

> “من ساعة ما قفلت معايا التليفون ومش بترد… أنا قلبي مش مطمّن…

أنا خايفة يكون حصل لها حاجة، أنا حاسة، أنا دايمًا بحس!”

أم زينب حاولت تهديها، بس إيدها كانت بتترعش:

> “يا ندى… يا بنتي ما تخوفينيش، قلبي مش ناقص.

يمكن يكون التليفون فصل شحن، ولا حصل ظرف!”

مريم دخلت في الكلام وهي بترفع حاجبها:

> “أنا قلت لكم… زينب دي هتحصلها مصيبة، بس ما اعرفش المصيبة مين اللي هيبقى فيها…”

أمها بصوت عالي وزعق:

> “اخرسي!

دايمًا بتفولي على أختك، ربنا يهديكي!”

ندى، وهي بتتنفس بسرعة، وبتحاول تخفف الجو من غير ما تهرب من خوفها:

> “طب ما نكلّم عم حسين! هو عنده رقم الأستاذ ياسين… يمكن يعرف عنها حاجة؟”

الأم بصوت متوتر:

> “هات… هات الرقم، كلّمه دلوقتي!”

وفي اللحظة دي… خبط جامد على الباب.

دب! دب! دب!

الخبط كان عنيف كأن الحكومة بتخبط،

أو حد جايب خبر مش طبيعي.

ندى صرخت:

> “يا نهار أسود! دا البوليس! أكيد حصل لها حاجة!”

أم زينب قامت من مكانها، رجليها مش شايلينها، إيديها بتترعش وهي بتقرب من الباب.

مريم قالت وهي مبتسمة نص سخرية نص قلق:

> “أنا بقول لكم… أكيد زينب قتلت حد، ومهرباهم الجثة!”

الأم بصوت عالي:

> “اسكتي يا بنت الكئيبة! اسكتي! يا رب سترك!”

يتبع 

استنوا الفصل الجديد 🔥

فيه كشف أسرار،

ومواجهة…

ولقطة واحدة ممكن تقلب الموازين كلها.

• تابع الفصل التالى ” رواية محامية قلبي  ” اضغط على اسم الرواية

أضف تعليق