رواية وانقطعت الخيوط الفصل الثالث و العشرون 23 – بقلم ميمي عوالي

      رواية وانقطعت الخيوط كاملة  بقلم ميمي عوالي   عبر مدونة كوكب الروايات 

رواية وانقطعت الخيوط الفصل الثالث و العشرون 23

 

كانت رهف قد انتهت من حمامها و خرجت لتجلس بالفراش لتجد ان مراد قد اعد لها مشروبا دافئا و قدمه لها و جلس بجوارها قائلا بابتسامة صافية : ها .. كلى آذان صاغية يا دكتورة .. اتفضلى قولى كل اللى انتى عاوزة تقوليه ، و اللا تحبى تأجلى الكلام لبكرة لو محتاجة تنامى

لتنظر رهف الى يديها التى تعبث بالغطاء و تنهدت تنهيدة صغيرة و اعتدلت بجلستها و نظرت لمراد قائلة : يمكن لما سيبت القاهرة و جيت على هنا ماكنتش اعتقد ابدا و لا جه على بالى لحظة انك ممكن تيجى ورايا ، و حتى اما جيت ، ما اعتقدتش برضة انك جاى عشانى ، كل تفكيرى انك جاى عشان الشغل ، زى ما قلتلى قبل كده و رجعت ااكدتلى من تانى كلامك .. بانه اهم حاجة فى حياتك

لما رجعنا من تركيا ، حسيتك اتبدلت ، او على الاصح رجعت زى ماكنت قبل سفرنا بالظبط ، اللى كان معايا هناك كان انسان تانى تماما ، حنين و مراعى لابعد حد لدرجة ان جه عليا وقت صدقت انك …..

و عندما صمتت قال مراد ليحثها على استكمال حديثها : سكتتى ليه ، صدقتى ايه .. كملى

رهف و هى تعود بعينيها الى الاسفل : صدقت انك بتحبنى

مراد بدفاع : طب مانا بحبك

رهف باستياء : اللى بيحب ما يهملش ابدا يا مراد

مراد : انا ما قصدتش انى اهملك .. انا بس انشغلت عنك شوية

رهف : حاولت اتكلم معاك و حاولت ما اسيبش دايرة الشغل تتوهنا عن بعض ، بس انت رفضت حتى تتكلم معايا

مراد : صدقينى ظروفى انا و عمى و ظروف الشغل وقتها كانت مخليانى بلف حوالين نفسى ، و اكيد هييجى وقت و تفهمى كل ده ، لكن صدقينى انا بحبك وبحبك اوى كمان

رهف بترقب : اللى يحب ما يجرحش يا مراد

مراد ببحة رجولية لذيذة : انا اسف .. انا معترف انى غلطان ، و اوعدك انى بعد كده هاخد بالى من الحاجات اللى ممكن تضايقك او تزعلك منى و مش هعملها تانى

رهف بحزن : لما حسيت باعراض الحمل ، فى الاول ماكنتش فاهمة ، لكن .. دادة هى اللى اخدت بالها و حذرتنى و قالت لى انى لازم اروح اتأكد ، لانها كانت دايما تتخانق معايا عشان ماكنتش بقدر اكل كويس

و لما روحت للدكتورة و اتأكدت من الحمل ماعرفتش افرح .. اللحظة اللى كل ست بتتمناها .. لما تعرف ان فى روح تانية بتتكون جواها و انها هتبقى ام لمخلوق صغير هتحبه اكتر من روحها ، بس انا ما عرفتش

مراد بتساؤل : بسببى

رهف : بسبب خوفى من انى اخد قرار يحرم ابننا من حضننا و احنا مع بعض

مراد بذهول : انتى اتجننتى ، انتى ازاى دماغك توديكى انك تفكرى فى حاجة زى كده ، و مين اصلا كان هيسمحلك انك تبعدى عنى يا مجنونة انتى

رهف بحزن : صدقنى .. كنت خايفة تفضل على طبعك لحد ماتقطع كل خيوط الود اللى بيننا ، و كنت مصممة انى ما انجرحش ابدا من تانى ، استكفيت وجع و جروح و اهمال ، استكفيت تهميش

استكفيت برد يا مراد .. طول عمرى بردانة حتى فى عز الحر ، طول عمرى اكنى قاعدة فى صحرا خاوية من حواليا ، عمرى ماحسيت ان عندى جدار اتحامى فيه ، يمكن قدرت تنسينى الاحساس ده وقت ماكنا فى شهر العسل ، لكن لما الاحساس ده رجعلى من تانى كان امر و اقسى بكتير اوى ، حسيت وقتها انى خلاص .. نخيت زى الجمل .. و حسيت انى لو ما حاولتش اساعد نفسى .. كل حاجة حلوة حسيتها معاك اول جوازنا هتروح و مش هترجع تانى ابدا ، و عشان كده كان لازم وقفة بينى و بينك تعرف كل واحد قيمته عند التانى ايه بالظبط

مراد بدفاع : انا اعتذرتلك و قلتلك انك مسيرك تعرفى الظروف اللى مريت بيها اول ما رجعنا من السفر ، و مش ببرر لك اللى حصل منى ، ابدا ، بس عاوزك تنسى بقى كل ده و تركزى معايا ، و تعرفى انى بحبك اكتر من عمرى كله

رهف : ارجوك اسمعنى للاخر ، عشان احس انى طلعت كل اللى جوايا

مراد : انا اسف .. كملى

رهف بوجع و عيونها تمتلئ بالدموع : كان نفسى بدل ما تفهمنى انى مش فارقة معاك عشان تحضرلى مفاجأتك اللى عملتهالى ، انى كنت احس باهتمامك و بوجودك معايا ، لما قلتلى انك مسافر و بتسالنى لو محتاجة حاجة كان نفسى اصرخ فيك و اقول لك كفاية كده ، مش معقول يبقى قلبك اعمى للدرجة دى ، و لما قلت لهدى انك اكيد هترجع قبل فرح انور و امينة ، حسستنى انا اد ايه ماليش قيمة عندك لدرجة ان انور اهم منى بالنسبة لك عشان تبقى حريص على حضورك معاه اكتر منى

مراد بدفاع مقرون بالاعتذار : اقسم لك ان كل الكلام ده ماجاش فى بالى ، انا لما لقيتك متجاهلانى بالشكل ده ، حبيت اسيبك على حريتك ، و فى نفس الوقت كان لازم اسافر عشان اشحن الهدية بتاعتك و امضى عقد الشقة ، كنت متخيل انى لما هفاجئك بحضورى معاكى المناقشة انك هتفرحى و هتغفريلى و هتنسى كل اللى قبل كده ، ماكنتش فاهم انى جرحتك اوى كده ، بس انتى عندك حق ، انا كنت غبى و ماحسبتهاش كويس .. انا اسف .. حقك عليا بس حاولى تلاقيلى عذر و انتى عارفة انى ماليش سوابق فى حكاية الحب دى قبل كده

ها .. فى حاجة تانية مضايقاكى او مزعلاكى منى

رهف و هى تعبث باصابعها مرة اخرى : الحقيقة مش عاوزة العتاب يطول اكتر من كده ، بس عاوزاك تعرف حاجة كده

مراد : حاجة ايه يا ترى

رهف و هى تنظر اليه بحذر : انا المفروض مسافرة تركيا الاسبوع اللى جاى بعد فرح امينة بيومين تلاتة

مراد باستنكار : ده اللى هو ازاى مش فاهم

رهف : المفروض الديفيلية اللى هيتعمل بخط الانتاج الجديد بتاعى بيتحضر له و المفروض اتابعه معاهم

مراد بعتاب : و كنتى ناوية تسافرى برضة المرة دى من غير ما تبلغينى

رهف بدفاع : ابدا و الله ، و بعدين انا لسه عارفة الكلام ده النهاردة فى الحفلة ، امينة هى اللى بلغتنى

مراد : انتى ناسية انك حامل ، و المفروض الكلام ده يبقى بعد استشارة الدكتورة بتاعتك

رهف بفضول : يعنى لو الدكتورة وافقت اسافر عادى

مراد ببعض الضيق : اما نشوف راى الدكتورة الاول ، بس هو انتى هتسافرى لوحدك

رهف : لولا احمد متضايق من بعد هدى عنه ، كنت طلبت منها تسافر معايا

مراد : انتى لازم يبقى لك مساعدين و يبقوا معاكى فى الاوقات دى

رهف بتفكير : الحقيقة انا فكرت فى الحكاية دى ، بس حاليا مافيش وقت

مراد : و هو انتى لو سافرتى هتقعدى اد ايه

رهف : يعنى … اسبوع على الاقل

مراد بانزعاج : ايه .. اسبوع بحاله

رهف بشرح : المفروض انى لازم اتابع الازياء اللى اتصممت و اتأكد انها اتنفذت زى ما انا عاوزة بالظبط ، و كمان اتأكد انها اتنفذت بالخامات و الالوان اللى انا اختارتها ، و كل الحاجات دى محتاجة وقت

مراد : ماينفعش تلت ايام

رهف بتردد : مش عارفة .. بس اشمعنى يعنى تلت ايام

مراد : لانى ما اقدرش اسيب المجموعة فى الوقت ده اكتر من تلت ايام

رهف و على وجهها شبح إبتسامة : انت تقصد انك هتيجى معايا

مراد و هو يحتضنها بعينيه : اكيد مش هقدر اسيبك تسافرى لوحدك و لا هقدر انى ابعد عنك تانى ، و اعملى حسابك انى على طول هبقى معاكى ، لا يمكن اسيبك تحتفلى بحاجة زى دى لوحدك ابدا

بس حاولى تدبرى حالك معاهم بعد كده بالكونفرس ، لان مش هينفع انك تكررى السفر ده كتير

رهف : تصدق فكرة هايلة ، بس عموما ماتقلقش ، بالنسبة للسفر هو بيبقى مرتين فى السنة ، مرة فى الصيف و مرة فى الشتا ، ادعيلى بس انى انجح

مراد : ان شاء الله هتنجحى نجاح ساح/ق ، ها .. خلاص كده .. صافى يا لبن

رهف بابتسامة : حليب يا قشطة

مراد و هو يندس بجوارها تحت الغطاء : كده يبقى مسموحلى انى انام هنا .. صح كده

رهف ضاحكة : هو ده كل اللى همك

مراد بمرح و هو يضع رأسه على الوسادة : الصراحة من يوم ماشفت اوضتك و عجبتنى و نفسى من ساعتها اجرب السرير بتاعك

رهف : اشمعنى يعنى

مراد و هو يتجول بعينيه على جدران الغرفة : مش عارف .. بس تحسيها كده مبهجة زى صاحبتها

رهف : و انت شايفنى مبهجة

مراد : من يوم ما قررتى تطلعى ضوافرك اللى كنتى مخبياها دى و كل ما عينى تقع عليكى احسك بتنورى كده ، حتى و انتى زعلانة و مكشرة ، بحس جواكى طاقة مخلياكى على طول فى حالة حماس

ثم ضحك بشدة و قال : كل ما افتكر شكلك اول مرة قعدنا فيها مع بعض و قلتيلى على حكاية المشغل ولقيتك مرة واحدة اتحولتى و اتنرفزتى عليا و سيبتينى و مشيتى بعد ما سمعتينى كلمتين فى العضم .. مابقدرش امسك نفسى من الضحك

رهف بابتسامة : و اشمعنى بقى

ليجذبها مراد الى احضانه قائلا بحب : يومها حسيت انى متلخبط و عمال اسأل نفسى .. مين دى

رهف : مش فاهمة

مراد : يومها حسيتك خطفتيني ، بقى نفسى ترجعى و تكملى كلامك معايا و تفهمينى و تحكيلى اللى جواكى اكتر ، و من وقتها .. كنت كل ما الاقى عمى قال لك كلمة تضايقك ، كنت اتضايق و ازعل على زعلك ، لدرجة ان يوم ما قاللنا على موضوع جوازه من تالا و زعقلك و طلعتى تجرى على اوضتك ، مابقتش عارف اعمل ايه ، و لقيتنى فضلت اتحايل عليه يصالحك قبل ما ينام

رهف بعبث : ده انت حبيتنى بجد بقى يا ابن عمى

مراد بابتسامة و هو يصمها تحت جناحه : و بموت فيكى كمان يا بنت عمى

…………………

بعد مرور يومين ، كان سليمان بمكتبه و بجواره تالا و هو يتحدث فى الهاتف مع زيد و جاسر و مؤمن مكالمة جماعية ، و كان يقول : الشحنة خلاص قدامها خمس ايام بالكتير و توصل الحدود

زيد : تمام اوى ، و يا ترى بلغت المنظمة بمعاد التسليم و المكان

سليمان : لا .. انا ببلغهم قبلها باربعة و عشرين ساعة بس ، لما بتأكد من المعاد بالظبط

زيد : حلو اوى ، و عموما قدامنا وقت اننا نعمل ترتيباتنا

سليمان : تقصد انهى ترتيبات

جاسر : اكيد يقصد التأمين طبعا

سليمان : لا ماتقلقش .. انا الجارد بتوعى …..

مؤمن ضاحكا : جارد ايه بس يا سليمان بية ، الحاجات دى بتبقى محتاجة حراسة مسل/حة تس/ليح عالى زى بتاعتنا كده

سليمان : طب ما انا برضة مس/لحهم كويس

زيد : طب ماتسيبنا احنا المرة دى نقوم بالمهمة دى عشان تعرف الفرق بين تسل/يحنا و تسل/يحك ، صدقنى لما تجرب الناس بتاعتنا مش هتستغنى عنهم ابدا تانى

سليمان : تقصد انى ما اخدش الجارد بتوعى معايا

زيد : مين قال الكلام ده ، معاك طبعا ، بس مع رجالتنا .. لازم نبقى متطمنين و خصوصا انك هتستلم مبلغ مش قليل ابدا .. و اللا ايه

سليمان باقتناع : عندك حق ، بس انا خايف نلفت النظر لينا بالشكل ده

زيد : طب ما نلفت و ايه المشكلة

سليمان بقلق : ايه الكلام اللى بتقوله ده

جاسر ضاحكا : بالراحة على سليمان بية يا زيد باشا ، دى اول مرة يتعامل معاك

زيد : اسمع يا سليمان بية ، احنا خلال الكام يوم اللى باقيين دول .. هنطلع تصريح برحلة سفارى فى الصحراء الغربية للاستكشاف

سليمان بانتباه : تصريح سفارى و استكشاف

زيد : و اللى هيقدمه الدليل بتاعنا ، و هيحدد عددنا ، و طبيعى ان الرحلات الاستكشافية بتبقى معداتها مش قليلة ابدا و لازم تبقى متسلحة لانها بتبقى متعرضة له/جوم اى حيوان مفترس ، او قطاع طرق ، يعنى هنتحرك رسمى ، و اى حد هيعترضنا او حتى يشك فينا ، لما يشوف التصاريح مش هيقدر يتكلم نص كلمة

سليمان بقلق : ايوة .. بس الاستكشافات دى بيعملها علماء و خبراء ، احنا بقى هنعملها ليه

مؤمن ضاحكا : انت ناسى انى خبير تربة و اللا ايه يا سليمان بية ، طب دى الحاجة الوحيدة اللى بستفيد بيها من شهادتى

سليمان و عينيه تلتمع اعجابا بتخطيطهم : كل يوم بيعدى زعلى بيزيد انى ما عرفتكمش و لا اشتغلت معاكم من زمان

زيد : لا ماتزعلش و لا حاجة ، و بعدين لسه اللى جاى احلى و احلى و ماتنساش اننا هنبقى نسايب

سليمان و هو يغمز بعينيه لتالا التى كانت تتابع حديثهم من خلال مكبر الصوت : و احلى نسايب كمان

مؤمن : تمام يا جماعه ، انا هخليهم يبتدوا يطلعوا التصاريح ، هتاخد منى يومين بالظبط ، و اول ما كل حاجة تبقى جاهزة هديكم التمام

و بعد انهاء المكالمة قال سليمان لتالا : فعلا الناس دى تستاهل كل الكلام اللى سمعناه عنهم ، و برغم انى كنت فاكر ان جاسر هو اللى سايق و مؤمن ماشى فى ديله ، اتضح ان مؤمن دماغه ماتقلش ابدا عن جاسر

تالا بابتسامة واسعة : بس طبعا زيد دماغه اعلى من الكل

سليمان : عندك حق ، الا هو ماجابلكيش سيرة جوازكم تانى

تالا : جاب طبعا

سليمان : قال لك ايه

تالا بغرور : قاللى انه لولا العدة بتاعتى كان زماننا اتجوزنا ، و ان فرحنا هيبقى تانى يوم ما عدتى تخلص على طول

سليمان : و ناوية تعلنى امتى عن الحكاية دى

تالا بتحذير : اوعى يا دادى تقول لاى حد ، زيد محذرنى من انى اجيب سيرة دلوقتى لاى مخلوق مهما ان كان هو مين

سليمان بضيق : و ليه بقى .. ايه .. ناوى يرجع فى كلامه من تانى

تالا : لا طبعا .. بس قاللى ان مدكور عنيد ، و ممكن لو سمع اى طراطيش كلام عن ارتباطنا اثناء العدة يعمل لنا مشكلة او يردنى لمجرد العند

سليمان بتفكير : وجهة نظره برضة مظبوطة ، و مدكور فعلا ردود افعاله ماتنضمنش

بمنزل زينب .. كانت رهف و هدى بصحبة امينة و جميعهم يقومون بتجهيز حقائبها لنقلها الى منزل الزوجية فى جو من الفرحة و البهجة ، و كانت هدى قد اتت بجهاز الاسطوانات الخاص بها و قامت بتشغيل الاغانى الخاصة بالافراح ، و كلما قاموا بالانتهاء من حقيبة و غلقها تقوم هدى بالرقص المصاحب باطلاق الزغاريد و التى كانت تميمة تقلدها بمرح شديد

حتى دخلت عليهم زينب و هى تحمل صينية كبيرة و عليها العديد من الصحون الممتلئة باشهى الاطعمة و قالت بسعادة : ياللا يا بنات عشان ناكل لنا لقمة ، احنا من الصبح ما دقناش الزاد

لتنظر رهف الى ساعة يدها قائلة : يا خبر ابيض ، دى الساعة داخلة على خمسة

زينب : حقك عليا يا بنتى جوعتك و جوعت ابنك معاكى ، تعالى ياللا عشان تاكلى

رهف : ابدا يا دادة انا ما جوعتش ، بس مراد زمانه رجع و مش عارفة هياكل و اللا ايه

زينب و هى تناولها صحنا مملوءا بالطعام : مراد مع انور فى الشقة بيتمموا على العفش اللى وصل ، و انا بعتتلهم الغدا على هناك

امينة باستنكار : بعتتيلهم اكل على هناك ازاى يا ماما ، الشقة ريحتها هتتقلب بالاكل و الريحة هتفضل فيها و مش هتخرج منها

زينب و هى تطعم تميمة : تعالى كلى و ما تقلقيش ، انا نبهت عليهم ياكلوا على السطوح او على السلم

لتضحك هدى بشدة و هى تقول لرهف : دى احلى حاجة تزلى بيها مراد ، ان اليوم اللى ما بياكلش معاكى فيه ، بيبقى اخره ياكل على السلم

رهف : طب و ايه يعنى لو اكلوا فى الشقة يا ست امينة ، ما لسه البنات هتروح تنضفهالك و تفرشها ، يعنى برضة مش هيفضل فيها اى روايح

امينة برفض : لا يا ستى ، ماحدش ياكل فى شقتى قبلى

هدى باستنكار : شفتى الطفسة ، كل اللى هاممها الاكل و بس

رهف : المهم يا ست امينة الفستان بتاعك خلص ، و عاوزاكى تقيسيه .. اجيبهولك هنا و اللا تيجى تقسيه عندى

امينة بعتاب : اخص عليكى يا رهف ، طب ليه ما جيبتيهوش معاكى

رهف و هى تشير الى المكان من حولها : اجيبه فين ان شاء الله وسط كل الكركبة دى ، عاوزاه يتبهدل

امينة : طب ما انتى اهو بتخيرينى تجيبيه و اللا اجيلك

رهف : ماهو الكركبة دى اخرها النهاردة ان شاء الله ، انور هييجى ياخد كل الشنط دى يوديها الشقة ، فالمكان هيروق ، وانتى حرة بقى اختارى

مضت الايام التالية بالنسبة لرهف مابين تحضيرات الزفاف و متابعة سير خط الانتاج بتركيا من خلال الكونفرس

و مدكور يتابع العمل بالمجموعة بمساعدة مراد الذى قسم وقته بين العمل و مساعدة انور و الاهتمام برهف الذى راقها التغيير الجذرى الذى استشعرته فى معاملة مراد لها

اما سليمان و تالا فكان انشغالهم الكلى بترتيبات سفرهم لاتمام الصفقة المتفق عليها .. حتى اتى موعد التسليم بالصحراء الغربية و الذى صادف موعد زفاف امينة و انور باسيوط

فى اسيوط .. كان حفل الزفاف مقاما فى حديقة المنزل الذى اهداه مدكور لامينة ، و كان مدكور و هدى و رهف قد عرضوا على العروسين ان يكون حفل الزفاف بقصر العزيزى ، و لكن كان الرفض البات من زينب التى اصرت ان يكون زفاف ابنتها على الارض التى كانت شاهدة على احلى ذكرياتها حين قالت لامينة : الارض دى زمان .. كان ابويا مأجرها و بيزرعها و كنا عايشين من خيرها انا و هو و ستك ، و كانت مكفيانا و موفيانا ، لحد ما جدك مات الله يرحمه و هو شغال فى قلبها ، و امى من حزنها عليه راحت وراه

و من بعدهم ابوكى الله يرحمه لما لقانى متعلقة بالارض دى ، حافظ عليها و بقى هو اللى يزرع و يقلع فيها لحد ماهو كمان رجع للى خلقه ، و فضلت الارض قدامى و حسيتها هتضيع ، و طبعا انا لا بعرف ازرع و لا اقلع ، فرجعتها لمدكور بية

و رغم انه عرض عليا يشوفلى حد يهتم بيها ، بس حسيت انى ما كنتش هعرف اصلا اتابعها

و عشان عارف غلاوتها عندى اختارها هى بالذات دونا عن اى حتة ارض تانية عشان يهاديكى بيها .. عشان فيها عرق جدك و ابوكى من بعده ، و نفسى فرحك يبقى فوقها .. يمكن يحسوا بيكى و يتطمنوا عليكى يا بنتى

و بالفعل كان الزفاف فى حديقة المنزل و التى كانت رغم بساطتها الا انها كانت تتمتع بالجمال الذى يشيع البهجة فى التفوس

و لم يفت هدى ان تضفى بلمساتها على المكان رونقا خاصا حولته الى ما يشبه قاعات الافراح الفخمة

اما مراد .. فقد تكفل بالبوفية ، حيث تم الاتفاق مع احد الفنادق الكبرى باسيوط على اعداد البوفية بجميع مشتملاته و حين حاولت زينب الاعتراض قال لها مدكور بحزم : جرى ايه يا زينب .. هى امينة دى مش بنتى و اخت مراد و رهف ، مش كفاية صممتى انها ماتخرجش يوم فرحها من البيت اللى طول عمرها متربية فيه ، كفاية اوى عليكى كده ، و سيبيلنا احنا بقى الباقى

لترضخ فى النهاية الى ما تم اقراره ، لتتفرغ للاحتفال بابنتها الوحيدة

اما بسيوة ، فكانت قافلة من سيارات الدفع الرباعى على الطريق تستعد للاتجاه الى الحدود الغربية

و كان سليمان بصحبة تالا و زيد بسيارة ، و جاسر و مؤمن بسيارة اخرى ، و حولهم ما لا يقل عن عشر سيارات اخرى تمتلئ برجال الحراسة و هم على اعلى درجة من التسل/يح

و كان سليمان يقول بشئ من الغل : عرفت ان مدكور عامل فرح النهاردة للولد اللى بيشتغل عنده ، الراجل ده لازم يتصفى

تالا بفضول : تقصد يموت

سليمان : طبعا .. و خصوصا بعد ما عرف سرى ، و كمان تاريخ زيد و كان ابتدى يشك فى جاسر و مؤمن كمان .. مش لازم يفضل عايش ابدا .. بقى خطر علينا كلنا

تالا بتردد : ممكن نشوف اى حل تانى يا دادى ، بلاش الق/تل

لينظر زيد بساعته فوجدها الثامنة مساءا ، فاخرج البوصلة من جيب بنطاله قائلا : نبقى نشوف الموضوع ده على رواقة ، احنا كده قربنا على نقطة التسليم ، قدامنا عشر دقايق بالظبط

سليمان : اكلمهم و اللا استنى اما نوصل

زيد : متهيألى تكلمهم ، عشان على الاقل نتطمن ان كله تمام

ليقوم سليمان بالاتصال بمسئول المنظمة الذى اخبره انه هو الاخر على وشك الوصول الى نقطة التسليم ، و ليس امامه سوى دقيقتين ليس اكثر

فقال سليمان بعد ان اغلق الخط : كله تمام .. لما هنوصل هنلاقيهم وصلوا قبلنا

تالا : احنا طبعا هناخد الفلوس و نرجع و هم يحملوا الشحنة براحتهم .. مش كده

زيد : ااه طبعا ، بس لازم الراجل يتأكد ان الشحنة كلها موجودة و كله تمام ، ما ينفعش ناخد الفلوس و نجرى .. كده ممكن يقلقوا مننا

و بالفعل ما هى الا دقائق معدودة ، حتى وصل سليمان و جميع من بصحبته الى المكان المحدد ، ليجد عشر عربات مياه ضخمة تصطف وراء بعضها البعض و ايضا سيارتين دفع رباعى بداخلها عدد من الأشخاص ليقول زيد : هى دى الطريقة اللى بتدخلوا بيها السلاح دايما ، عربيات الماية

سليمان ضاحكا : اهو على حسب التساهيل ، مرة تنكات ماية و مرة تنكات سولار .. المهم تتقضى

زيد باعجاب و هو ينظر حوله : فكرة جديدة برضة ، بس هى الجمال ما وصلتش و اللا ايه

سليمان و هو يشير الى احد الكثبان الرملية : المفروض انهم وصلوا و موجودين هناك ، ثم اشار الى احد رجاله الذى ما ان تواصلت اعينهم حتى اطلق صوتا عاليا شبيها بالعواء و لكنه منغم ، و ما هى الى ثوان معدودة حتى سمعوا صوتا مشابها يتردد بين جنبات الصحراء ، ورأوا تحت ضياء القمر قافلة تضم عددا كبيرا من الجمال قد بدأت فى الظهور و الاتجاه اليهم

فتقدم منهم مدكور و قام بتحية قائد القافلة ثم أشار الى السيارة التابعة للمنظمة ليهبط منها شخصان و يتجها الى سليمان الذى انضم اليه زيد و جاسر و مؤمن و ايضا تالا ، ليقول عضو المنظمة ناطقا بالانجليزية : اريد ان اتفحص بعض الذخ/ائر

زيد : هذا من حقك ، فلتتفضل

الشخص الاخر : ان سليمان الانصارى على مستوى عال من الثقة ، و لكننا نريد التأكد من ان كل شئ على ما يرام قبل ان نرسله الى الجنود

سليمان : لقد ارسلت لكم كشفا بالكميات و العيارات و الانواع ايضا

سليمان : اعدك ان تصل اليك خلال شهرا واحدا من الان ، و لكن سيكون هناك حديث اخر بشأن التكلفة و السعر

العضو الاول : اذا .. دعنا الان نختصر الوقت و نبدأ بفحص الشحنة الحالية و التأكد منها

………………

فى اسيوط كان الزفاف قائما وسط سعادة الجميع و كان مراد و رهف و هدى يقومون بدورهم كاشقاء للعروسين ، و من آن لاخر تذهب رهف للوقوف بجوار امينة التى كانت ترتسم عليها علامات السعادة الشديدة ، و كان مراد يجاريها و يذهب هو الاخر للوقوف بجانب انور الذى كانت سعادته اضعافا مضاعفة ، و كان الجميع يتبادلون الاحاديث المرحة و كانت زينب تجلس بجانبهم و بجوارها والدة انور و تدعوان لهما بالسعادة و الهناء حتى انتهى الزفاف ، و صعدت امينة بصحبة زوجها الى منزل الزوجية ، و قام مدكور و مراد بتوديع جميع المدعوين

……………..

اما بالصحراء .. فأثناء معاينة افراد المنظمة للشحنة ، وجدوا احد الحرس الخاص بسليمان يهرول اليه قائلا باضطراب : فى عربيات داخلية ظهرت فجأة على الطريق و داخلة علينا

ليضطرب الجميع و هم يحاولون الفرار لولا ان سمعوا صوتا عاليا من بين افراد الحراسة يقول بنبرة تحذيرية : ماحدش يحاول يتحرك من مكانه .. المكان كله محاصر

أضف تعليق