رواية التوأم والسحر الأسود الفصل السادس 6 – بقلم رقية

 رواية التوأم والسحر الأسود الفصل السادس 6 – بقلم رقية 

التؤام_السحر_الاسواد_6_

“على الجانب الآخر”

“منذ الصباح الباكر، غادرت هناء منزلها متجهة إلى عملها

وهي في طريقها إلى العمل، لاحظت شابًا ثلاثينيًا يركض بجنون، يلتفت خلفه وكأن شيئًا يطارده. لم تكن تعلم حينها أنه لصٌّ، إذ بدا عليه الخوف الشديد. خلفه، مجموعة من الأشخاص يركضون محاولين الإمساك به، لكنه تمكن من الإفلات والاختفاء بين الأزقة.

لاحقًا، اكتشفت هناء أن هذا الشاب أطلق النار على رجل ستيني كان يحمل حقيبة صغيرة بداخلها مدخراته كلها، التي كان قد سحبها من المصرف لتغطية تكاليف زواج ابنه الوحيد. رفض الرجل تسليم الحقيبة، مما دفع اللص إلى إطلاق النار عليه وسرقتها قبل أن يلوذ بالفرار. لحسن الحظ، نجا الرجل رغم إصابته البالغة، لكنه فقد مدخراته التي كافح لجمعها على مدى سنوات، مما تركه في حالة من الحزن العميق.

في اليوم التالي، وبينما كانت هناء تقرأ الصحف، وجدت الخبر مصحوبًا بمناشدة للشرطة والمواطنين لمساعدة الرجل المسن والإبلاغ عن أي معلومات حول الجاني. تذكرت ملامح ذلك الشاب الذي رأته يركض، ولأنها تملك موهبة استثنائية في الرسم، قررت أن ترسم وجهه من ذاكرتها وتسلمه إلى الشرطة.

بفضل دقة الرسم الذي قدمته، استطاعت الشرطة التعرف على اللص خلال يومين فقط والقبض عليه. كان هذا الشاب معروفًا بكونه لصًا محترفًا، يفلت دائمًا من جرائمه، لكنه هذه المرة لم يحالفه الحظ، وسقط في يد العدالة.

من هنا، أدركت الشرطة أن موهبة هناء يمكن أن تكون مفيدة في حل القضايا الأخرى. بدأت تطلب مساعدتها في رسم ملامح المجرمين استنادًا إلى أوصاف الضحايا أو الشهود. كانت رسوماتها تتمتع بدقة عالية، وكأنها ترى المجرمين من خلال أعين الآخرين، مما جعلها أداة قيمة في خدمة العدالة.

___

عاد سلطان إلى منزله منهكًا بعد يوم طويل،وكانت أفكاره تتراقص بين الأحداث التي شهدها مؤخرًا، ولم يكن يدرك أن القدر يُخبئ له ما لم يتوقعه. 

بينما كان يقترب من الباب، سمع أصواتًا خافتة تخرج من مكتب والده، أصوات تُنذر بشيء خطير.

وقبل وصوله، كان هناك ضيف غير متوقع ينتظره: السيد تركي، صديق والده المقرب وشريكه في الأعمال غير القانونية.

عند وصوله، دق الباب. كان نايف يتناول الغداء مع زوجته وأولاده وزوجاتهم، والجو مليء بالضحك والمشاعر العائلية. لكن فجأة، انقطع هذا الهدوء عندما توجهت المساعدة المنزلية لفتح الباب. تطل برأسها إلى الخارج، موجهة تحية لطيفة.

المساعدة : (بابتسامة) مرحبًا، سيدي!

تركي، ذو الهيئة الجادة ونظراته الحادة، نظر إليها مباشرة.

 (بصوت هادئ لكنه قوي) هل السيد نايف هنا؟

شعرت المساعدة بتوتر في المكان، وعادت إلى الداخل، حيث كان نايف يستمع إلى صوت الباب الذي يُغلق خلفها. لم يكن لديه فكرة عن هوية الضيف. ، 

=المساعدة :   “سيدي، السيد تركي هنا ويريد رؤيتك.”

توقفت الأحاديث ورفعت العيون باتجاه نايف، الذي تجهم وجهه 

تجمدت الابتسامة على وجه ، بينما تساءل في داخله عن سبب زيارة هذا الرجل في هذا الوقت بالذات. كان يعرف أن تركي يحمل معه دائمًا أعباء ثقيلة وأسرار مظلمة  ونهض قائلا 

“خذيه إلى مكتبي، وجهزي لنا قهوة.”

زوجته : تنظر إليه بقلق قائلة أكمل غداءك أولاً!

نايف : بلهجة حازمة لا يمكنني ترك الرجل ينتظر. و يندفع نحو مكتبه لاستقبال صديقه

نايف كان يعلم أن تركي لم يأتِ للزيارة فحسب. رهانهم الأخير في سباق الخيل جعل تركي يخسر كل ما يملك. تلك الملايين التي تبددت، جعلت صديقه القديم يتحول إلى عدو يسعى لاستعادة ثروته بأي ثمن.

________

دخل نايف مكتبه ووجد تركي جالسًا بانتظار المواجهة. نظراته المضطربة كانت تعكس ما في داخله. لم يكن الرجل الذي اعتاده، بل كان شخصًا غارقًا في الخسارة واليأس. بدأت المحادثة بهدوء، ولكن سرعان ما تحولت إلى جدال حاد.

بعد قليل، دخلت المساعدة المنزلية تحمل كوبين من القهوة

وضعتها امامهما 

 تركي :  الذي لم يتحمل فكرة خسارته، صرخ في وجه نايف:

“إما أن تعيد لي ثروتي، أو سأفضح كل أسرارك القذرة، ولن أتردد في تسليمهم رأسك!”

نايف : يضع كوب القهوة أمامه بهدوء  قائلا لا أحد أجبرك على الرهان، لقد خسرت، وعلينا أن نتعامل مع الأمور كما هي.

لكن تركي لم يكن ليقبل الهزيمة. في لحظة غضب، سحب مسدسًا ووجهه نحو نايف، مطالبًا بالتوقيع على أوراق التنازل. 

وقف نايف بثبات وقال ببرود:”لن أوقع على شيء. هذا هو الثمن الذي تدفعه عندما تلعب بالنار.”

تركي  : بصوت عالٍ ومليء بالغضب إن لم تعِد لي أموالي، سأفضح كل أسرارك الأمن الوطني “

نايف : تزداد نبرته صرامة تهددني يا تركي؟ لن أوقع شيئًا، ومن الأفضل لك أن تبعد هذا السلاح عن وجهي.

وفي تلك اللحظة، كان سلطان قد اقترب من باب المكتب، يسمع كل شيء، وحينما أدرك أن الأمور خرجت عن السيطرة، فتح الباب بسرعة.

التفت تركي نحو الصوت، وفي تلك اللحظة استغل نايف الفرصة ليخطف السلاح من يده. وفي ثوانٍ معدودة، دوّى صوت الرصاص مرتين في المكان. سقط تركي على الأرض، والدماء تسيل من جسده.

 سلطان : يقف مصدومًا، عينيه تتسعان، صوته يرتعش ماذا فعلت، يا أبي؟!

 نايف : ببرود مرعب كان يريد قتلي.

 سلطان  : يركض نحو تركي، يحاول مساعدته علينا إنقاذه… سيموت!

 نايف : بصوت صارم، يشهر السلاح في وجه ابنه ابتعد عنه!

 سلطان  : بنبرة متوسلة أبي، إنه يحتضر! علينا مساعدته.

نايف :  بقسوة قاتلة قلت لك… ابتعد! هذا الرجل كان يحاول قتلي.

 تركي : يرفع رأسه بضعف، يناشد سلطان أرجوك… ساعدني…

نايف : بلا رحمة، يطلق النار مرة أخرى، ينهي حياة تركي فورًا.

 سلطان : يأخذ السلاح من يد والده، مذهولًا مما حدث، يحاول تهدئة نفسه.

في الخارج ، رامي يسمع صوت إطلاق النار. ينهض بسرعة من مقعده، يتوجه نحو المكتب، ومعه العائلة.

رامي: بفزع ما هذا الصوت؟ هل كان ذلك… إطلاق نار؟!

العائلة تتجه بسرعة نحو مكتب نايف، وعندما يدخلون، يجدون سلطان يحمل السلاح وصديق والدهم ملقى على الأرض، والدماء تغطي المكان.

 أسمهان : تصرخ بفزع، تنظر إلى سلطان تقول ما الذي فعلته؟!

 سلطان  : مصدومًا، يحاول الكلام أنا لم…

 نايف : يقاطعه بهدوء مدروس كان يحاول حمايتي.

 سلطان  : ينظر إلى والده بذهول، لا يصدق ما يسمعه. الكلمات تتعلق في حلقه، غير قادر على التحدث.

 أسمهان : بصوت مرتعش يجب أن نبلغ الشرطة.

نايف : بصوت قاسٍ لا أحد يبلغ الشرطة. سنجعل الأمر يبدو وكأنه لم يحدث. هيا، ساعدوني.

 اسمهان : بتوتر ماذا ستفعل؟

 نايف : بهدوء لا ينبئ بخير سنتخلص من الجثة.

في هذه اللحظة، أسمهان ترى فرصتها الذهبية للتخلص من ابن زوجها. تتسلل خارج المكتب بهدوء، وتتصل بسائقها الخاص.

 وتطلب منه  بهدوء شيطاني ان  يتصل بالشرطة فوراً، وأخبارهم  هناك جريمة قتل في المنزل .

لم تكن تعلم أن دورية الشرطة كانت قريبة من المنزل. وبعد دقائق قليلة، يسمع الجميع دق الباب. الشرطة تدخل وهي تشهر أسلحتها.

 سهم : كان في المخفر عند تلقي البلاغ، وعندما سمع العنوان، عرف أنه منزل عمه نايف. هرع بسرعة نحو المنزل عمه ، يدخل بسرعة متجاوزًا الشرطة ، ويقترب من أحد الشرطيين قائلا ماذا حدث هنا؟

 الشرطي : بهدوء مهني جريمة قتل، سيدي.

 سهم : مذهولاً من الذي مات؟

 الشرطي : يشير نحو المكتب هناك، سيدي .

يدفع سهم الباب بسرعة، يرى الجثة الممدة على الأرض والدماء تتسرب منها.

 نايف: ينهض من مقعده، يستقبل سهم الحمد لله أنك هنا، يا بني.

 سهم. : بنبرة مشدوهة ماذا حدث هنا؟ من هذا الرجل؟

 نايف : بهدوء مخيف كان صديقي… حتى اليوم. اقتحم منزلي وهو يحمل سلاحاً وحاول قتلي. لولا تدخل سلطان في الوقت المناسب، لكنت الآن ميتاً.

 سهم : ينظر إلى سلطان الجالس بصمت، ثم يعود بنظره إلى  نايف ما الذي يجعل صديقك يقتحم منزلك ويحاول قتلك؟!

نايف : ببراءة مصطنعة وكيف لي أن أعرف ما الذي كان يدور في رأسه؟

سهم : يأمر الشرطة بتغطية الجثة حتى وصول سيارة الإسعاف، ثم يقترب من سلطان، يأخذ السلاح من يده بلطف قائلا هل أنت بخير؟

 سلطان : ينظر إليه بصمت، عينيه مليئة بالحيرة، لكنه لا يقول شيئًا. ” الأضواء تتلألأ فوق رأس سلطان، بينما يكتنف الظلام الزوايا. سهم يجلس قبالته، وجهه عابس، وعيناه تفيضان بالقلق.

 سهم. : ” بصوت مشحون بالتوتر” ماذا حصل؟ 

 سلطان  :  مغمورًا في صمته، يتجنب النظر في عيون سهم. في الزاوية، نايف يتابع المشهد، أعصابه مشدودة كخيط رفيع، خائفًا من اعتراف قد يؤدي إلى انهيار كل شيء.

 سهم : ”  بإلحاح ” إن لم تخبرني، لن أستطيع مساعدتك.

في تلك اللحظة، تتعالى أصوات صفارات سيارة الإسعاف. يدخل المحامي، يحمل معه بريق الأمل وسط الكارثة. يُنقل الجثمان إلى المستشفى، بينما تُكبّل يدي سلطان، ويُقتاد إلى المخفر، صدمته تتجسد في عينيه.

نايف :  رجل أعمال معروف، يحمل الجنسية الأمريكية. حصانة دبلوماسية، ومع ذلك قرر أن يضع ابنه في دائرة الخطر. لديه أعداء كثر، وإذا دخل السجن، ستكون النهاية.

ينقل سلطان إلى غرفة التحقيق، حيث يدور صراع نفسي داخلي.

 سهم :  يسحب الكرسي، يجلس أمام سلطان، يحدق فيه بتركيز قائلا، يوسفي.. رؤيتك في هذا المكان .

 سلطان : بصوت منخفض، مكسور شكرًا…

 سهم :  محاولًا اختراق جدار الصمت ، ماذا حدث؟

سلطان يحدق في الأرض، وكأن الكلمات تخنقه. بعد لحظة من الصمت، يرفع رأسه، بصوت متهدج  كان يحاول قتل أبي…

 سهم : بصدمة  لماذا؟

 سلطان :  يبتلع ريقه، مترددًا لا أعرف…

 سهم : بإصرار، أخبرني من البداية، ماذا حدث بالضبط؟

سلطان. : يبدو أنه يتصارع مع مشاعره، ليس لدي ما أخبرك به. لقد فعلت ما يجب فعله لحماية أبي. وهذا كل شيء!

سهم : يشعر بثقل الكلمات، ويعرف أن الحقيقة أكثر تعقيدًا مما تبدو. يتنهد بعمق، ثم يقوم من مكانه، مرادفا 

 بصوت هادئ  لقد فهمت.  ثم يخرج من غرفة التحقيق، تاركًا سلطان في ظلامه، حيث تُنقل أحلامه إلى الحبس حتى يُفصل في مصيره.

وتمر الأحداث، وتبقى القضية معقدة، تتشابك فيها الخيوط، حيث تتصارع مشاعر الخوف، الولاء، والأسرار العائلية في خفاء….

يتبع

• تابع الفصل التالى ” رواية التوأم والسحر الأسود  ” اضغط على اسم الرواية 

أضف تعليق