رواية عشق بين بحور الدم الفصل الثلاثون 30 – بقلم اسماء السيد

رواية عشق بين بحور الدم – الفصل الثلاثون 30

في قصر الادهم________وتحديدا علي السلم
أدهم دخل القصر بخطوات سريعة، قلبه سابقه، ودهب بين إيديه فاقدة الوعي. كان شايلها بحذر كأنها أغلى حاجة في الدنيا، وكل خطوة بيطلعها على السلم كانت بتدق في صدره خوف.
فتح باب جناحه برجفة، ودخل وهو بيقفل الباب برجله، راح على السرير وحطها عليه بهدوووء شديد، كأن أي حركة زيادة ممكن تكسرها. قرب منها، عدّل وضعها، وسحب الغطا عليها واحدة واحدة.
عينه كانت مليانة لهفة وقلق، إيده لمست خدها بخفة وهو بيهمس بصوت مكسور:
«دهب… أنا هنا… فوقي، عشان خاطري.»
نَفَسُه كان تقيل، ووشه قريب منها، بيعد أنفاسها، بيتأكد إنها بخير. فجأة رموشها اتحركت، وفتحت عينها ببطء. أول ما شافته قدامها، قلبها دق، بس عقلها سبقها.
افتكرت صوته…
صوت ريتشارد وهو بيضحك بسخرية:
«أندريه عمره ما حب تاني… انتي مجرد درس. حمقاء وضعيفة.»
الكلام ضربها زي السكينة.
إيد أدهم كانت قربت منها، كان عايز يحضنها، يحتويها، يطمنها. قرب أكتر وهو بيقول بلهفة:
«دهب… متخافيش، خلاص… أنا معاكِ.»
بس هي، في لحظة، دفعت صدره بإيدها، زقته بعيد عنها.
عينيها كانت مليانة وجع وغضب، وصوتها طلع مهزوز بس جارح:
«إبعد… لو سمحت، إبعد عني.»
أدهم اتجمد مكانه، الصدمة باينة على وشه.
«دهب؟! أنا… أنا جيبتك من الموت، إنتِ فاكرة؟»
لفّت وشها الناحية التانية، والدمعة نزلت غصب عنها.
«ما تجيبش سيرة حاجة… كل اللي اتقال كان صح. أنا كنت غبية، صدقت، افتكرت نفسي مهمة.»
قرب خطوة، بس وقف لما شاف رفضها. صوته واطي وموجوع:
«مين قالك الكلام ده؟ ومين زرع في دماغك السم ده؟»
ضحكت ضحكة قصيرة مليانة مرارة:
«مش مهم مين… المهم إني فهمت. أنا مجرد محطة، مش أكتر.»
أدهم وقف ساكت، عينيه فيها نار ووجع، بس كاتمهم.
كان نفسه يحضنها، يهز الدنيا كلها عشان خاطرها… بس لأول مرة حس إنها بعيدة، بعيدة قوي، وهو واقف قدامها مش عارف يوصلها.
والزمن وقف على صمت تقيل…
صمت بين راجل بيحب، وبنت قلبها اتكسر وصدق الكذبة.
أدهم لفّ بظهره، خد نفس تقيل، وقرّب من الباب. باين عليه إنه خلاص قرر يمشي قبل ما ينهار قدامها.
بس قبل ما إيده تلمس المقبض، صوتها وقّفه.
صوت واطي، مكسور…
«أندريه…»
الاسم خلّاه يتسمّر مكانه.
واقف، ضهره ليها، كتافه مشدودة، وكأن الاسم شدّه من قلبه مش من ودانه.
استنى ثانية، وبعدين لفّ نص لفة، وابتدى يتقدم ناحيتها بخطوات خفيفة، حذرة، كأنه ماشي على زجاج.
عينه عليها، مستني تكمل.
رفعت عينيها له، وكانت ثابتة على غير العادة، بس وجعها فاضحها.
«أنا… أنا عايزة أرجع مصر.»
أدهم وقف.
الكلمة نزلت عليه تقيلة.
كمّلت من غير ما تستناه يرد:
«وعايزاك… تطلقني. أنا مش هقدر أعيش مع زعيم مافيا… مع ذئب الموت. ده مش صح، لا ليا ولا ليك.»
سكت.
ولا كلمة.
وشه بقى حجر، بس عينيه كانت بتخونه. باين عليه إنه عايز يتكلم، عايز يشرح، يبرر، ينفي، بس الكلمات كانت خانقاه.
فتح بقه كذا مرة، يقفل تاني.
نَفَسُه عالي، وصدره بيطلع وينزل بسرعة.
وفجأة…
انفجر.
«اسكتي بقا! اسكتي!»
صوته علا عالي، هزّ الجناح كله.
قرب خطوة واحدة وهو بيصرخ:
«فاكرة نفسك فاهمة كل حاجة؟ فاكرة إنك حكمتي وخلاص؟!»
بس ما استناش رد.
لفّ بعصبية، شدّ الباب وفتحه بعنف، وصوته كمل وهو خارج:
«اسكتي… قبل ما أقول كلام أندم عليه.»
الباب اتقفل وراه بقوة.
ودهَب فضلت مكانها، قلبها بيرتعش، وصدى صوته لسه في ودانها…
وهو، برا الجناح، واقف في الممر، حاسس إن أول مرة يطلع من معركة وهو مهزوم.
الباب اتقفل، دهب ما استحملتش.
رجليها خانتها، ونزلت على الأرض جنب السرير، ضهرها متسند، ودموعها انفجرت مرة واحدة.
كانت بتعيّط من غير صوت في الأول، وبعدين العياط بقى شهقات، إيدها على قلبها كأنها بتحاول تلِمّ كسرة جواها.
حاسّة إنها اتكسرت… كسرة مالهاش لزق.
حاسّة إنها فهمت كل حاجة متأخر، وإنه مستحيل… مستحيل يرجع زي ما كان.
«أنا… أنا حبيتك ليه؟»
قالتها وهي بتعيّط، صوتها مبحوح، ووشها مدفون بين إيديها.
وفجأة…
سمعت صوت خطوات.
رفعت راسها بسرعة، قلبها بيدق بعنف.
الباب اتفتح بهدوء، وأدهم دخل.
كان واقف لحظة عند الباب، عينه عليها وهي مرمية على الأرض بالشكل ده، ووشه اتقلب.اتكسر.
قفل الباب وقرّب بسرعة، نزل على ركبته قدامها، ومد إيده من غير ما يفكر، شدّها لحضنه.
حضن قوي، ملهوف، كأنه بيخاف تضيع منه.
دهب انهارت أكتر.
دفنت وشها في صدره، وعيطت بصوت عالي:
«أنا بحبك… غصب عني بحبك… وده اللي وجعني.»
أدهم ما اتكلمش.
بس شدّ عليها أكتر، دقنه على راسها، ونَفَسُه كان متقطع.
ودمعة واحدة نزلت من عينه… في صمت.
دمعة راجل اتعلم ما يعيطش، بس خسر معركته قدامها.
فضلوا كده ثواني، الدنيا كلها واقفة.
وفجأة…
دهب شدّت نفسها من حضنه، وإيديها زقّت صدره بقوة.
قامت واقفة وهي بترتعش، عينيها مليانة خوف حقيقي.
«امشي… امشي بقا!»
صوتها كان مكسور، بس حاسم.
«أنا… أنا بقيت أخاف منك.»
الكلمة وقعت عليه زي الرصاصة.
وقف قدامها ساكت، مصدوم، مش قادر يتحرك…
وهي واقفة قدامه، قلبها بيصرخ حب، وعقلها بيصرخ نجاة.
أدهم واقف قدامها، عينيه محمرة، ونَفَسُه متلخبط. الكلمة لسه راجعة في ودانه: «بقيت أخاف منك»
حاول يتمالك نفسه، مد إيده خطوة ناحيتها وبعدين سحبها، كأنه خاف يقرّب.
دهب كانت واقفة قدامه، دموعها بتنزل بس صوتها بقى أقسى:
«إنت عمرَك ما حبيت بعد جاسمين… كل اللي عملته معايا ده عشان إنت إنسان شهواني. كنت عايزني وبس، مش أكتر.»
الكلام كان تقيل… تقيل قوي.
أدهم وشه اتشدّ، فكه اتقفل، وعيونه لمعت بنار.
صرخ فجأة، صرخة طالعة من القهر:
«بَس بقا! بَس! كفاية!»
خطى خطوة لقدّام، صوته عالي ومكسور في نفس الوقت:
«أنا محبتكش؟! تصدّقي فعلًا أنا محبتكش؟!»
ضحك ضحكة قصيرة، موجوعة:
«لو ما كنتش حبيتك، كنت سيبتك تمشي من أول مرة شكّيتي. كنت قفلت قلبي ومشيت زي ما متعود.»
شدّ شعره بعصبية وكمل:
«بس خلاص… واضح إنك شايفاني وسخ. شايفاني ذئب، مجرم، واحد مبيعرفش غير الشهوة.»
سكت ثانية، وبص لها بوجع عمره ما ظهر عليه قبل كده:
«بكرا هرجعك مصر. وهطلقك.»
بلع ريقه وكمل بصوت أوطى بس أوجع:
«وكل واحد فينا يمشي في طريقه… طالما انتي مش واثقة فيّ للدرجة دي. بعد كل ده… بعد ما كسرت الدنيا عشانك.»
لفّ بوشه بعيد عنها، كأنه بيحاول يخبي الانكسار:
«أنا عمري ما كنت وسخ في حبي… بس شكلك مش شايفة غير الدم اللي حواليا.»
استدار ومشي خطوة، وبعدين وقف لحظة من غير ما يبصلها:
«تصبحي على خير يا دهب.»
وسابها واقفة…
بين حب لسه حي، وخوف قتل كل حاجة.
أول ما قال «تصبحي على خير يادهب» وابتدى يبعد،
دهب حسّت إن الأرض بتتزحلق من تحت رجليها.
صرخت باسمه من غير ما تحس:
«أدهم!»
جريت وراه، مسكت دراعه بكل قوتها، لفّته غصب عنه، ووقفت قدامه.
وشها كان أحمر من العياط، دموعها مغرّقة عينيها، وصدرها بيطلع وينزل بعنف.
وانفجرت…
«يعني إيه؟! هتسبني؟!»
زقّت صدره بإيدها وهي بتعيّط:
«هتطلقني كده بسهولة؟! ههون عليك تعيش من غيري؟!
»
قربت منه أكتر، صوتها كان بيترجف بس مليان وجع:
« هتسيبنا أنا وهو… هنهون عليك قد إيه؟! ولا ولا حاجة؟!»
بصّت في عينه مباشرة، وكأنها بتدور على أي إجابة تنقذها:
«إنت أناني… فاهم؟! أناني! أسهل حاجة عندك تمشي وتسيبني أتحرق لوحدي.»
ضربت بإيدها على صدره وهي بتصرخ:
«ما فكرتش أنا هبقى عاملة إزاي؟! ولا قلبي هيستحمل إيه؟!»
وقفت فجأة، صوتها واطي بس موجوع أكتر:
«ولا خلاص… أنا بالنسبة لك مرحلة وتعدّي؟»
السكوت وقع بينهم تقيل.
وأدهم واقف قدامها، متسمّر، عينيه ثابتة عليها…
بس اللي جوا عينه كان عاصفة، مش برود.
لحظة واحدة كانت كفاية تبيّن إن القرار ده
مش أسهل حاجة عليه…
بس يمكن أصعب حاجة عملها في حياته.
أدهم بصّ لها بذهول، ملامحه مش فاهمة، وصوته طالع غصب عنه:
«هتسيبنا؟! قصدِك إيه يعني هتسيبنا؟!»
قرب خطوة، حواجبه معقودة:
«إنتو مين؟!»
دهب كانت بتترعش، دموعها نازلة من غير توقف، نفسها مقطوع. حاولت تتكلم كذا مرة وصوتها يطلع مبحوح، وفي الآخر الكلمة خرجت…
خرجت وهي منهارة:
«أنا… أنا حامل.»
الكلمة نزلت كالصاعقة.
أدهم اتسمّر مكانه.
وشه اتفرّغ من أي تعبير، عينه وسعت، ونَفَسُه اتقطع فجأة، كأن الدنيا كلها اتفصلت.
ولا كلمة… ولا حركة.
دهب شافت الصدمة في عينه، فانهارت أكتر.
قربت منه وهي بتصرخ:
«شايف؟! شايف بقا؟!»
وضربته في صدره بإيدها، ضربة ورا ضربة، وهي بتعيّط وبتصرخ:
«كنت فاكراني بتكلم عن نفسي بس؟! ده ابنك! ابنك يا أدهم!»
ضربته تاني، بقهر:
«وإنت ولا حاسس! ولا فارق معاك!»
بس هو…
ما اتحركش.
ولا حس بالضرب.
كان واقف، عينه ثابتة في الفراغ، وكأن الكلمة شلّت روحه.
إيده نزلت جنب جسمه ببطء، صوته خرج أخيرًا… واطي، مكسور:
«حامل؟»
رفع عينه لها، وفيها حاجة جديدة…
خوف، صدمة، ووجع أعمق من أي معركة دخلها قبل كده.
ودهَب كانت واقفة قدامه، مكسورة،
وهو لأول مرة في حياته
حاسس إن السيطرة خرجت من إيده تمامًا.
دهب كانت واقفة قدامه، صوتها مكسور بس فيه تحدّي موجوع:
«إيه؟! مش عايز تقول حاجة؟! ما أنا متعودة…»
ضحكت ضحكة باهتة وهي بتمسح دموعها بعصبية:
«دايمًا بتاخد اللي إنت عايزه… وتهرب. صح؟»
قربت خطوة، عينها في عينه:
«رد عليّا بقا! مش إنت عايز تطلقني؟ خلاص!»
رفعت راسها وهي بتحاول تبان قوية:
«بكرا أرجع مصر… وطلقني. أنا وهو مش عايزينك.»
إيدها نزلت على بطنها بحماية غريزية:
«وهقدر أربيه لوحدي. واخد بالي منه… مش واحد يمشي أول ما الدنيا تعقد دا ابني لوحدي .»
سكتت.
والسكوت كان أتقل من أي كلمة.
أدهم كان بصّ لها بهدوء غريب… هدوء صادم.
ملامحه مش متشنجة، صوته مش عالي.
بس عينه؟
كانت موجوعة أكتر من أي صرخة.
اتقدم خطوة واحدة، وقف قدامها من غير ما يلمسها، وقال بصوت واطي ثابت:
«إنتِ فاكرة إني ههرب؟»
سكت ثانية، وبعدين كمل:
«أنا عمري ما هربت من حرب… ولا من موت. أهرب من ابني؟»
عينه نزلت على بطنها، ورجعت لها تاني:
«ولا من واحدة حامل مني؟»
دهب حاولت ترد، بس هو كمّل بهدوء أقسى:
«الطلاق اللي بتتكلمي عنه ده… مش قرار لحظة. ولا رد فعل على خوف.»
قرب أكتر شوية، صوته لسه واطي بس حازم:
«لو همشي، همشي عشان أحميك… مش عشان أسيبك.»
رفع إيده ببطء، وقفها في الهوا من غير ما يلمسها:
«بس تسمعي كويس…»
بصّ في عينها مباشرة:
«أنا مش هسيب ابني يتربّي من غيري. ومش هسيبك لوحدك، حتى لو إنتِ شايفاني وحش، أو ذئب، أو حاجة تخوف.»
نَفَسُه طلع تقيل، وكمل:
«بس اللي بينا دلوقتي محتاج عقل… مش نار.»
دهب كانت واقفة، دموعها بتنزل في صمت.
والمرّة دي…اللي كان مرعوب….مش هي.
=============°°°°°°°°°°°°°°°°°°==========
في الصعيد _______وتحديدا في قصر الجارحي
، الجو كان ساكت كأن الصمت نفسه بيخاف يتحرك.
زيدان واقف في الصالة الكبيرة، وشه متخشب، عينه مولعة نار، ويده بتتلمس العصايه اللي جنبها.
قدامه عبد الصمد، واقف كأنه شايف راسو هينفجر من كل كلمة هتخرج.
زيدان رفع صوته فجأة، وكلمته كانت زي الرعد:
«إنت قتلت عماد العميري… لييه يا اخوي بتقوم الحرب؟!»
عبد الصمد حاول يفسر، لكن زيدان كمل بغضب:
«إيه؟ إيه اللي بتقوله؟ الحرب هتقوم من تاني! فاهم؟! من تاني!»
عبد الصمد اتنفس عميق، وحاول يهدّيه:
«زيدان يا اخوي… إني مش كده… إني… إني بس كنت عاوز اجيب حق مصطفي ولدي …»
زيدان قطع له الكلام وهو بيقرب خطوة، صوته واطي ومليان وجع:
«حق إيه؟! إيه اللي حصل؟! … مصطفى… مات…خلاص…
إنت فاكر إني الي عملته صووح؟!»
عبد الصمد حاول يتحرك، لكن قدمه كانت متجمدة.
زيدان كمل، صوته أصبح أشبه بالهمس المرعب:
«وعدتك… وعدتك يا عبد الصمد… كنت هجيب حقه بس ب العقل …»
عبد الصمد اتراجع خطوة للورا، عينه فيها خوف حقيقي، وهو بيحاول يتكلم:
«زيدان… إني… إني…»
زيدان وقف ساكت دقيقة، خده قريب من خده، والهدوء كان بيخنق المكان كله.
صوته واطي بس مش أقل فتك:
«بصّ… اسمعني كويس… أي كلمة غلط دلوقتي… هتتدفع تمنها… غصب عنك. فاهم؟»
«انت قومت علينا حرب تانيه مع العمايره،، بعد ماكنا خلاص قولنا اننا ارتاحنا يا ود ابوووي لييه.. »
عبد الصمد رجّ جسمه من شدة الرعب، وهدّأ نفسه شوية، لكن مفيش أي حركة من زيدان…
زي صخرة واقفة، هادي، بس كل ذرة في جسده بتشحنه لشيء… أكبر.
زيدان شد كفه، وعيونه جمدت على عبد الصمد:
«اللي حصل… مش هيفضل من غير حساب. وكل اللي عملته… حاسب عليه لوحدك. فهمت؟!»
صمت مرة تانية… صمت مش طبيعي.
المكان كله كان بيشمّ رائحة الحرب اللي جاية.
عبد الصمد عرف، من كل حركة وكل نظرة… إن زيدان دلوقتي مش بس زعلان… ده جهّز نفسه للي جاي.
القوة اللي جواه كانت بتتشحن… قوة لازم كل واحد يحسبها قبل ما يتحرك…… وان التاار هيرجع من تاني ومعدش سلام…..
@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@
المكان كان مهجور، مبنى قديم على أطراف الطريق، الحيطان متشققة، واللمبة الوحيدة اللي شغالة بتنور وتطفي كأنها بتنهج.
الهوا تقيل، وريحة تراب ورطوبة مالية المكان.
منى كانت واقفة ثابتة، ضهرها مفرود، عينيها مليانة حقد واضح.
جنبها خلف، واقف مش مستريح، بيبص حواليه كل شوية، صوابعه بتلعب في بعض من التوتر.
قدامهم، راجل شكله مخيف.
جسمه ضخم، دقنه طويلة، عينه ضيقة ونظراته تقيلة، صوته لما اتكلم كان خشن:
«قولوا بقا… إنتوا عايزين إيه؟»
خلف بلع ريقه، صوته طلع مهزوز:
«إحنا… إحنا بس محتاجين شغلانة تتعمل… من غير دوشة.»
منى بصّت له بحدة، قطعت عليه، واتكلمت بثبات غريب:
«لا، دوشة عادي. المهم عمران… لازم يتكسر.»
الراجل رفع حواجبه، بص لها باهتمام:
«واضح إن بينكم تار تقيل.»
منى قربت خطوة، صوتها واطي بس سام:
«التار ده بقاله سنين. عمران خد كل حاجة… الاسم، العيلة، والكرامة، حتي االعموديه…
خلف همس لها بقلق:
«منى… بالراحة… الموضوع كبر.»
لفّت له بسرعة، عينها مولعة:
«يكبر؟! ده لسه صغير. ده لازم يدفع تمن كل حاجه حصلت بسببه.»
رجعت تبص للراجل:
«إحنا مش عايزينه يموت دلوقتي… عايزينه يتعذب في حياته. يتسحب منه الأمان حتة حتة.»
الراجل ابتسم ابتسامة جانبية تخوّف:
«الشغل ده ليه تمن.»
منى من غير تردد:
«اللي تطلبه… المهم عمران يقع وميقومش زي كل مره.»
خلف حس بقلبه بيدق بعنف، بص للراجل وبعدين لمنى، وهو فاهم إن اللي داخلين عليه
مش مجرد اتفاق…
دي بداية شر كبير.
&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&
في قصر العميري،،،،،،، وتحديدا في غرفه رقيه
رقية قاعدة على الكرسي بتتكلم في التليفون، صوتها متوتر، إيدها بتلعب في طرف الهدوم، وعيونها مليانة قلق.
«غالب… أنا… أنا بحبك… ولازم تيجي، لازم تتقدم لي…»
تنهدت بعمق، دموعها بتحاول ما تقعش، وبعدين قالت بصوت واطي:
«وأنا… حامل… في شهر…»
سكت غالب على الطرف التاني للحظة، صوته مكسور ومصدوم:
«إنتي… حامل؟!»
رقت قلبها بس حاولت تهدي نفسها:
«أيوه… ومحتاجك تكون جنبي…»
وفجأة، الباب اتفتح بسرعة، ورانيا دخلت وهي مستعجلة:
«رقية… رقية… مشوفتيش مراد؟»
رقت كانت لسه ماسكة السماعة، وسمعت رانيا آخر كلمة قالتها…
صمتت، قلبها دق بسرعة، وعيونها اتسعت من الصدمة والارتباك.
رانيا وقفت قدام رقية، عينيها مفتوحة من الدهشة، وصوتها اتغير:
«حامل إزاي يعني؟!»
رقية حاولت تمسك نفسها، بس الارتباك باين على وشها، عيونها مش قادرة تثبت على حاجة.
تنهدت عميق، وبصّت ناحية الأرض قبل ما ترد:
«أنا… أنا… كله… تمام. حامل اييه اكيد سمعتي غلط»
بصتلها رانيا بغضب:
«بقولك انا سمعاكي وانتي بتقولي انك حامل انطقي»
رقية حاولت تمسك نفسها، بس فجأة دموعها بدأت تنزل بغزارة، وأصوات العياط خرجت من قلبها كله.
«أنا… أنا… مش عارفة…»
رانيا كانت بتبصلها بذهول ، لكن رقية انفجرت:
«وأنا… والله… أنا متجوزه!»
الدموع مسكت وشها كله، صوت العياط كان عالي ومكسور، والجو كله اتشح بالصدمة.
رانيا واقفة جنبها، حاسة بكل حاجة… بس مصدومه
رانيا وقفت قدام رقية، عيونها مليانة دهشة وخوف، بصّت فيها بكل حزم وقالت بصوت واطي:
«حامل… من مين يعني؟»
رقية خدت نفس عميق، دموعها لسه سايبة وشها، وحاولت تقول بصعوبة:
«من… من غالب… أخوكي.»
رانيا اتصدمت تمامًا، رجليها رجّوا شوية، وصوتها كاد يختنق:
«إز… إزاي… من… غالب؟!»
رقية سكتت، العياط مسكها من جوه، كل كلمة كانت بتنزل عليها زي حجر، والجو كله اتشلّ… صمت رهيب ومليان صدمة وغضب وارتباك..

يتبع.. (رواية عشق بين بحور الدم) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.

أضف تعليق