رواية فريسة غلبت الصياد – الفصل الثامن والأربعون
48. فريسة غلبت الصياد
فريسة غلبت الصياد
الحلقة الثامنة والأربعون :
في المطعم الفاخر ،،،،
دلفت شاهي إلى داخل المطعم ، وتفاجئت بأنه خــــالي تماماً من رواده ، ولا يوجد به غير الندلاء ، وفرقة ما مكونة من بضع رجــــال يرتدون حلات سوداء ويعزفون على الكمــــان موسيقى هادئة …
كانت الإضــــاءة خافتة نوعاً ما ، ومريحة للعينين ، أما أرضية المطعم فكانت من خشب الماهوجني اللامع ، ومقاعده جلدية من اللون الرمـــادي الباهت والطاولات زجاجية ومزدانة بمفارش قصيرة تتوسطها مزهريات فاخرة ، أما حوائط المطعم فمقسمة إلى جزء أسمنتي ملون باللون النبيذي ، والجزء الأخـــر زجـــاجي ..
التفتت شاهي إلى زيدان برأسها ، ونظرت إليها بنظرات متعجبة وهي ترفع أحد حاجبيها في استغراب شديد، ولكنها لم تعقب ..
أشـــار لهما أحد الندلاء – وهو منحني قليلاً بجسده – بيده لكي يتوجها إلى طـــاولة ما بالقرب من أحد الأركـــان ..
كانت الطاولة مزودة بأشهى المأكولات الفاخـــرة ، ومعدة مسبقاً من أجل زيدان الباشا …
أرخى زيدان ذراعه لتتحرر شاهي منه ، ثم سبقها في خطواته ، ووقف أمام أحد المقاعد الجلدية وسحبه بذوق للخلف لها .. رمقته شاهي بنظرات متعجبة وعضت على شفتيها في قلق ، ثم اقتربت من المقعد وجلست عليه ..
دار زيدان حـــاول الطاولة ، ثم جلس في مواجهتها ، وظل مسلطاً بصره عليها ..
لحق بعض رجـــال الحراسة الخاصة بزيدان ، ولكن وقفوا على بعد منه .. في انتظـــار تعليماته ..
مدت شاهي يديها لتمسك بالشوكة والسكينة الموضوعين أمامها ، ولن تنكر أن أناملها كانت ترتجف .. فهي تظن أنه يضمر لها شيئاً ..
ظلت شاهي تعبث بالطعام دون أن تتذوقه ، فلاحظ زيدان هذا ، فنظر إليها بنظرات ضيقة ، ثم نهض فجـــأة عن مقعده ، فحدقت هي فيه بتوتر …
ســـار زيدان ناحيتها ، ثم سحب مقعداً أخراً وجلس إلى جوارها ، وأمسك بيدها المرتعشة – الممسكة بالشوكة – وأطبق عليها بقبضة يده القوية ، ثم غرزها في صحن الطعام الموضوع أمامها ، ورفع لقيمة الطعام إلى فمه ودسها فيه ، ومضغها بتمهل وهو مسلط عينيه الثاقبة عليه وممسكاً بكف يدها ..
ظلت شاهي محدقة به ، فقد ترمقه بنظرات مرتبكة ..
-زيدان مبتسماً من بين أسنانه : أكيد مش هاسممك يعني
ابتعلت شاهي ريقها في توتر ، وحاولت ابعاد يدها عنه ، ولكنه ظل متمسكاً بها ، ثم عـــاود الكَرَة مجدداً ، ولكن تلك المرة دس الطعام في فمها ، وأجبرها على ابتلاعه و…
-زيدان وهو يلوي زاوية فمه : عشان يبقى بينا عيش ولحمة
أرخـــى زيدان قبضة يدها عنها ، ثم نهض عن مقعده بهدوء و…
-زيدان بصوت هـــاديء وآمــر : كملي أكلك
أومــــأت شاهي برأسها ايجابياً ، ثم شرعت في تناول الطعام ، في حين ظل زيدان يراقبها عن كثب …
كانت شاهي تدعي التركيز في تناول الطعام ، ولكن كان عقلها مشغولاً في التفكير في أمـــر أخــر ..
فكرت شاهي في أن تستغل فرصة تواجدها في المطعم لكي تهرب من زيدان ، ولكن عليها فقط أن تكتشف الطريقة المناسبة لفعل هذا دون أن يسترعي الأمــر انتباهه …
…………………….
في المشفى ،،،،
انطلق خـــــالد بسيارته بسرعة قصوى من أجل أن يصل إلى المشفى في أقل وقت ممكن …
لم يتحدث خــالد مع أدهم طوال الطريق ، بل ظل أدهم يحاول الاتصـــال بجاسر وشاهي ، ولكن دون جدوى …
وصل خـــالد أمام مدخل المشفى ، فترجل أدهم من السيارة و…
-خالد بنبرة جـــادة : اطلع شوف هي فين بالظبك ، وأنا هاركن العربية وأحصلك
-أدهم بتوتر : اوكي
انطلق خـــالد مجدداً بالسيارة ، وصفها في جراج المشفى ، ثم ترجــل منها ، وتوجه نحو مدخل المشفى …
…………….
في نفس التوقيت استأذنت يـــارا بالانصراف ، في حين أصــر عمر على البقاء مع كنزي ، ولكن امسكت يارا عمــر من ذراعه ودفعته قسراً أمامها و…
-عمر متذمراً : أنا عاوز أقعد معاهم شوية
-يارا بضيق واضح : انت غتت ، سيبهم على راحتهم
-عمر وهو يلوي فمه : ياباي يا يارا
-يارا بنظرات ضيقة وبنبرة متهكمة : بقولك ايه أنا هطق من عمايلك ، بقالي ساعة عمالة أغمزلك عشان تتنحرر وتقوم ، وانت عملي فيها ودن من طين ، وودن من عجين
-عمر على مضض : الله ! مش عـــاوز أخد فرصتي وأقرب من البُنية شوية يمكن تحس بيا
-يارا بنبرة مغتاظة : وانت لما هتلزقلها هتحس بيك
-عمر مبتسماً بثقة : أه طبعاً
-يارا وهي تلكزه : طب يالا قدامي
-عمر متسائلاً : احنا رايحين فين ؟؟؟
-يارا بنبرة هادئة : هانروح ناكل حاجة في كافيه قريب من هنا ، وبعدين نرجع ناخد كنزي ونرجع الفيلا
-عمر وهو يمط شفتيه : ممممم… طب أجيبلها ايه ؟؟
-يارا متسائلة باستغراب : هي مين دي ؟؟؟
-عمر بنبرة جادة : كنزي طبعاً
-يارا وهي تزفر في انزعاج : يووووه ، انت مش بتهزق
-عمر مبتسماً بلاهة : لأ طبعاً .. المهم أجيبلها كومبوت زي أختها ولا لأ ؟
-يارا بنفاذ صبر : يا خــــتاي !!!
……………….
ركض أدهم في اتجاه غرفة العمليات المتواجدة بها خالته ، وبالفعل وجد والدته تقف أمام باب الغرفة ..
مد أدهم ذراعيه واحتضن والدته الباكية وربت على ظهرها بقوة و…
-أدهم بقلق بالغ : ايه اللي حصل ده يا ماما ؟
-فريدة بنبرة بكــاء : مــ…مش عارفة ايه اللي حصل ، بس آآآ…صـ..صباح قتلت اختي ، آآآه ..!
-ادهم بنظرات غاضبة : طب وحالتها الوقتي عاملة ايه ؟؟؟؟؟؟
-فريدة بنظرات ضيقة : مـ… معرفش ، الدكاترة معاها من بدري
-أدهم بنظرات راجية : استر يا رب ، عديها على خير
لحق خــــالد هو الأخــر بهما ، ووجد والدته وأخيه يقفان أمام باب غرفة العمليات و..
-خالد بنبرة متوجسة : طنط ناهد عاملة ايه الوقتي
-أدهم بنبرة منزعجة : لسه مش عارفين
-خالد متسائلاً بقلق : ده حصل ازاي يا أمي ؟؟ انتي كنتي فين ؟؟
-فريدة بنبرة عصبية : معرفش ، معرفش ! أنا كل اللي يهمني الوقتي أطمن على أختي ..!
نجحت فريدة في إقناع ولديها بأنها منهارة نتيجة ما حدث مع أختها الوحيدة ، فكف كلاهما عن ملاحقتها بالأسئلة ….
………………………….
في فيلا ناهد الرفاعي ،،،
وصلت نهى إلى فيلا جاسر بعد أن استقلت سيارة أجرة ، وأعطت للسائق العنوان ..
ترجلت نهى من السيارة ، ثم ســـارت في اتجاه البوابة الحديدية ، وقابلت حــارس ما جالس على البوابة و..
-نهى بنبرة خافتة : لو سمحت
-الحارس بنظرات متفحصة : ايوه
-نهي وهي تبتلع ريقها في توتر : دي فيلا جاسر يسري ؟
-الحارس وهو يوميء برأسه : ايوه
-نهى متسائلة في قلق : طب .. آآ.. هي ناهد هانم والدته موجودة ؟
-الحارس وهو يهز رأسه : لأ .. لسه مرجعتش
-نهي بتردد: طب .. طب ماتعرفش هي فين ؟
-الحارس بنبرة جـــادة : لأ
-نهى بخفوت : مم.. على فكرة أنا خطيبة جاسر
-الحارس بفتور : يا أهلا !
نظرت نهى إلى الحـــارس بنظرات قلقة ، فهو يتعمد عدم إعطائها أي إجابات مريحة ، وهي في حاجة ماسة لمعرفة مكانها الحالي
-نهى متسائلة بتوتر : طب متعرفش عنوان فيلا عيلة الصياد ؟
-الحارس بنبرة باردة : أه عــارف
-نهى بنبرة متلهفة ونظرات راجية : طب ممكن تديهولي بليز ؟ أصل أنا جاية من سفر ومحتاجة أقابل أي حد من العيلة ضروري
-الحارس على مضض : طيب ..!
وبالفعل أعطى الحــــارس العنوان الخاص بفيلا عائلة الصياد ، وعلى وجهه علامات الامتعاض .. ودونت نهى العنوان في ورقة صغيرة معها ..
لم تعبئ نهى به ، ولا بنظراته المتهكمة ، فما يهمها الآن هو الوصول لناهد تحت أي ظرف …
أوقفت نهى سيارة أجرة ، ثم استقلتها ، وطلبت من السائق إيصالها إلى العنوان المدون في الورقة ..
أوميء السائق برأسه ايجابياً ، ثم أمسك بالورقة وقرأ العنوان ، وأعطاه مجدداً لنهى ، ثم انطلق بالسيارة نحو العنوان المذكور
…………………………
في المشفى
عــــادت يارا ومعها عمر مجدداً إلى غرفة كارما ، وأحضرت يارا وجبة طعام خفيفة لكنزي حتى تتناولها ، فشكرتها كنزي على ما فعلت و…
-عمر بابتسامة عريضة : وأنا ماليش شكراً طيب ؟
-كنزي باقتضاب : ميرسي
-عمر بنبرة فرحة : ايوووه بقى ، ابتدت تندع أهي
-يارا وهي تتنحنح : احم .. آآآ.. مش يالا بقى يا كنزي عشان نسيب اختك ترتاح شوية
-كنزي على مضض : لأ .. انا ملحقتش اشبع منها
-كارما بثوت خافت وهي تشير بيدها : روحي معاهم يا كنزي ، أنا هبقى كويسة
-كنزي باعتراض : لأ طبعاً ، أنا مش هاسيبك
-كارما بصوت ضعيف : أنا .. مش قادرة أتحايل عليكي يا كنزي، بليز ، روحي معاهم
-كنزي بضيق واضح : يا كوكا أنا مش هايجيلي قلب أسيبك وآآ…
-كارما مقاطعة بنبرة خافتة : بليز يا كنزي ، امشي وتعاليلي أخر اليوم ، أنا كمان هنام
-يارا بنبرة طبيعية : اسمعي كلام اختك ، احنا هانرجع الفيلا نقعد شوية ، وهنجيلها تاني
-عمر مبتسماً : ايون
-كنزي بوجه ممتعض : ماشي ، بس متتحركيش كتير
ابتسمت كارما نصف ابتسامة ، ثم أشــارت إلى قدمها المجبرة و…
-كارما وهي تلوي فمها في تهكم : هاتحرك ازاي ، انتي مش شايفة رجلي
-كنزي بانزعــاج : اوووبس ، سوري يا كوكا ، أنا مقصدش والله
-كارما مبتسمة : ولا يهمك يا حبيبتي
وضعت يارا ذراعها على كتف كنزي ، وربتت عليه في حنية ، فابتسمت كنزي لأختها كارما ، وأرسلت لها قبلة في الهواء ، ثم انصرف ثلاثتهم إلى خـــارج الغرفة ..
أغمضت كارما عينيها لتسترخي قليلاً .. تنهدت بحرارة وهي تستعيد في ذاكرتها ما مرت به من أحداث ، ثم حمدت الله أن قد نجاها ، وتوسمت خيراً أن إصابتها هذه ربما سترحمها قليلاً من تطاول خالد عليها ، وعقدت العزم في نفسها أن تترك العمل ، وتبلغ المهندس رأفت بما حدث ، لذا فتحت عينيها ، ومدت يدها إلى الطاولة الصغيرة المجاورة لها ، ولكن للأسف لم تجده ..
تذكرت كارما أن هاتفها المحمول ليس بحوزتها ، وأنها فقدته في العمــل ..
-كارما وهي تزفر في ضيق : أوووف ، طب أنا هاكلمه الوقتي إزاي ؟؟ لازم أخلي كنزي تتصرف وتجيبلي موبايلي بأي شكل ..!
………………
أمـــــال أدهم قيلاً على أخيه الجالس على مقعد الانتظار الحديدي و..
-أدهم بصوت خافت : بقولك ايه يا خالد
-خالد بنظرات جادة : ايه
-أدهم بنبرة خافتة : أنا هاقوم أطلع على مديرية الأمن أحاول أوصل لجاسر أبلغه ، بيتهيألي لو عرف باللي حصل لأمه واحنا مبلغنهوش هيضايق كتير ، وخصوصاً إن حالتها صعبة
-خالد وهو يعض على فمه : ماشي ، وانا هافضل أعد مع أمك هنا
-أدهم وهو ينهض من مقعده : طيب .. ولوفي جديد بلغني
-خالد وهو يوميء برأسه : ان شاء الله
انصـــرف أدهم على عجــالة ، في حين وضع خالد يده على ذقنه يحكها قليلاً ، ثم انحنى قليلاً بجذعه للأسفل ، وأسند رأسه ، بل الأحرى دفنها بين راحتي كف يده .. وظل يفرك في وجهه في ضيق ..
نهض خـــالد هو الأخر عن المقعد ، واقترب من والدته التي كانت مطرقة رأسها في حزن مزيف و..
-خالد وهو يضع يده على كتفها ،وبصوت خافت : ماما
-فريدة بصوت متحشرج : ايوه
-خالد وهو يشير بيده : أنا .. أنا هاروح اجيب حاجة من برا ، أجيبلك حاجة معايا
-فريدة وهي تشير برأسها : لأ ، مش عاوزة حاجة
-خالد بضيق : طيب
ســــار خالد بخطوات سريعة مبتعداً عن والدته ، في حين اعتدلت فريدة في جلستها ، ورفعت رأسها عالياً ، ثم وضعت ساقاً فوق الأخــرى و…
-فريدة في نفسها بنبرة واثقة : أظن كده محدش هايشك فيا أبداااا .. !
…………………
في المطعم الفاخر ،،،
تناولت شاهي الطعام بصعوبة بالغة ، ورغم محاولات زيدان تجاذب الحديث معها إلا أنها لم تجبه إلا بكلمات مقتضبة ، فقد كان عقلها مشغولاً بدراسة المكان من حولها من أجل التخطيط للهرب …
مدت شاهي يدها وأمسكت بالمنشفة الصغيرة الموضوعة إلى جوارها ، ثم رفعتها إلى شفتيها ، ومسحت فمها به ..
كان زيدان يراقب كل حركة تقوم بها وهو يشعر بلذة غريبة .. استأذنت شاهي للذهـــاب إلى المرحاض ، فأومىء زيدان برأسه موافقاً ..
نهضت شاهي عن مقعدها ، وسألت أحد الندلاء عن مكان المرحـــاض ، وبالفعل سارت بخطوات مرتبكة ناحيته ..
ظل زيدان متابعاً إياها بنظرات ضيقة ، ووجه مترقب …
…………..
وصـــلت شاهي إلى المرحــاض ، وأغلقت الباب من خلفها ، وصدرها يعلو ويهبط من الارتباك الشديد ، أخذت نفساً عميقاً محاولة تهدئة نفسها به ، نظرت حولها وتأكدت أن المرحاض خالي ، ثم رفعت يدها إلى جبينها لتضربه و..
-شاهي بصوت خافت : أنا هبلة ، ده مافيش في المطعم إلا احنا بس ..
ظلت شاهي تبحث بعينيها عن مخرج مــا داخل المرحاض ، ولكن للأسف لم تجد أي شيء ..
زفــرت في ضيق واضح ، ثم وضعت كلتا يديها في فروة رأسها ، وظلت تعبث في خصلات شعرها بأصابعها و…
-شاهي بنبرة ممتعضة : يعني مش هاعرف أهرب منه ، اوووف !!!!!
ســـارت شاهي ناحية باب المرحــاض ، ثم أمسكت بالمقبض وأدارته ، وفتحت الباب ..
كانت على وشك أن تدلف إلى الخـــارج حينما تفاجئت بزيدان يدفع الباب ويدلف هو الأخر إلى الداخل ، ويجذبها من خصرها معه إلى الداخل
شهقت شاهي فزعــاً ، في حين أوصد زيدان الباب من خلفه ..
أحـــاط زيدان خصر شاهي بكلا ذراعيه ، وضمها إلى أحضانه و..
-زيدان متسائلاً بنبرة دافئة : بتهربي مني ليه ؟؟؟؟
تملك الارتباك كل ذرة في كيان شاهي ، وخفق قلبها بقوة، وارتعشت وهي بين يديه ، وحاولت جاهدة أن تبتعد عنه و…
-زيدان متابعاً بنبرة هادئة : ماتحوليش ، برضوه مش هاسيبك
ظلت شاهي تتلوى بين أحضانه ، محاولة التخلص من قبضته ، ولكنها عجزت ، فقد كان هو مطبقاً عليها ، ضاماً إياها إليه بقوة و..
-شاهي بنبرة ضائقة : ابعد عني ،سيبني لحالي أنا .. أنا بكرهك
-زيدان بنظرات واثقة : وأنا مش هابعد .. ومش هاسيبك تبعدني عني لحظة واحدة
-شاهي بنبرة حـــادة : انت ايه ؟ عاوز تعمل فيا ايه
-زيدان بتردد: أنا .. أنا
-شاهي بنبرة حانقة ونظرات غاضبة : أنا مأذتش عمك عشان تعمل فيا كده ، ارحمني بقى ، أنا بكره نفسي ، وبكره جسمي ، وبكره كل مرة بتقرب فيها مني
أرخـــى زيدان قبضته عن شاهي ، لتتراجع هي فوراً إلى الخلف وتنظر إليه بنظرات مغتاظة و…
-شاهي متابعة بضيق : حرام عليك ، ربنا هينتقم منك على اللي بتعمله فيا
أشـــاح زيدان بوجهه بعيداً عنها في غضب ، ثم كور قبضة يده في ضيق ، و …
-زيدان بنبرة آمــرة : لو خلصتي يالا بينا !
أمسك زيدان بمفتاح الباب وأداره ثم فتح الباب بعنف ، ودلف إلى الخـــارج ، في حين ظلت شاهي متسمرة في مكانها للحظات ، تحاول مسح دموعها التي ذُرفت رغماً عنها ..
………………..
في فيلا رأفت الصياد ،،،،
وصلت نهى إلى فيلا عائلة الصياد ، وتفاجئت بالحشد المتواجد من رجــال الشرطة عند البوابة ..
سارت نهى بخطوات متوجسة نحو البوابة ، ثم اقتربت من الحارس راضي و..
-نهى متسائلة بقلق : مش .. مش دي فيلا الصياد ؟
-راضي بنبرة حزينة : أيوه هي
-نهى وهي تجوب ببصرها المكان : طب ينفع أقابل مدام ناهد أو مدام فريدة
-راضي بضيق : لأ مش هاينفع
-نهى باستغراب : ليه ؟
-راضي بنظرات منزعجة ، ونبرة متهكمة : يعني حضرتك مش شايفة البلوى السودة اللي عندنا
-نهى على مضض : لأ شايفة ، بس عاوزة أقابل حد فيهم ضروري
-راضي بنبرة استنكار : مش هاينفع يا مدام
-نهى مقاطعة وهي تشير بيدها : أنا آنسة
-راضي وهو يلوي فمه : لا مؤاخذة
-نهى متسائلة بإصرار : يعني هما موجودين ، طب مش هاينفع أقابل مدام ناهد حتى ؟؟؟؟؟ ده أنا جاية من سفر
-راضي بضيق : لأ معدتش ينفع ، ادعيلها ان ربنا يقومها بالسلامة وينجيها
-نهى وهي تعقد حاجبيها في دهشة : يقومها بالسلامة ! ليه ؟؟؟
-راضي بنبرة متجهمة : لأن البت صباح وقعتها من البلكونة ، وحالتها خطرة
شهقت نهى في فزع ، ووضعت يدها على فمها في صدمة ، ونظرت إلى راضي بنظرات مصدومة و…
-نهى بنبرة فزعة : اييييه ، مش ممكن !!!!
-راضي وهو يهز رأسه في آسى : اهوو ده اللي جرى
-نهى بنظرات زائغة : ده .. ده لازم جاسر يعرف باللي حصل ..!!!!
………………….
في المشفى ،،،،،
اتجه خـــــالد إلى غرفة كارما لكي يطمئن على أحوالها ، ولكنه تفاجيء بأنها لم تعد متواجدة في غرفة العناية المركزة ، لذا سأل أحد الممرضات عن مكان غرفتها ، وبالفعل دلته الممرضة عليها ..
شكر خـــالد الممرضة ، ثم ســـار بخطوات سريعة نوعاً ما ناحية غرفتها .. وما إن وصل إلى باب غرفتها ، حتى طرق الباب ..
ظنت كارما أن اختها كنزي قد عادت مجدداً ، لذا ..
-كارما بصوت خافت : تعالي يا كنزي
دلف خـــالد إلى داخل الغرفة ، و..
-خالد وهو يتنحنح : احم آآآ.. انا مش كنزي !
نظرت كارما إلى خـــالد بنظرات مغتاظة ، وعضت على شفتيها من الضيق و..
-كارما بنبرة منزعجة : جاي ليه ؟؟ عاوز تتأكد إن كنت مت ولا لسه ، الحمدلله أنا لسه عايشة
أطرق خـــالد رأسه في احراج ، ثم ســـار بخطوات بطيئة نحو فراشها و…
-خالد بصوت خافت : أنا .. أنا أسف
نظرت كارما إلى خالد بنظرات مصدومة ، وفغرت شفتيها في دهشة ، فهي لم تتوقع منه هذا ، في حين أخذ هو نفساً عميقاً ، ثم زفره على عجالة و..
-خالد متابعاً بنبرة جــادة : أنا بتأسفلك عن أي حاجة عملتها فيها إساءة ليكي ، وأتمنى انك تسامحيني
-كارما فاغرة شفتيها : هـــه !
-خالد وهو يتنحنح : وآآ.. احم .. وحمدلله على السلامة
أدار خــــالد جسده للخلف ، وســـار بخطوات راكضة نحو باب غرفتها ، ثم فتحه ودلف للخارج في عجالة بحيث لم يترك الفرصة لكارما لكي تجيبه …
ظلت كارما متابعة أثره حتى بعد أن انصرف وهي غير مصدقة لما حدث للتو و..
-كارما بنظرات مصدومة : هو .. هو اتأسفلي ؟ ولا أنا آآ.. أنا بيتهيألي ؟؟!!!
…………….
زفــــر خالد هواءاً حـــاراً من صدره وهو يدلف إلى خـــارج ، وشعر أنه قد أزاح ثقلاً ما عن صدره ..
ثم انصرف مبتعداً عن غرفتها لكي يعود إلى والدته ، ويطمئن على حالة خالته الخطرة
………………
في مديرية الأمن ،،،،
وصــــل أدهم بسيارة أخيه إلى مبنى مديرية الأمن ، وهناك قابل أحد المعارف ، وساعده في الوصول إلى أحد الضباط المرافقين إلى جاسر في مكان عمله الجديد ..
تمكن أدهم من الاتصال بجاسر عن طريق هاتف أحد الضباط المتواجدين معه ، اضطر جاسر أن يجيب على الاتصال و…
-جاسر هاتفياً بنبرة جـــادة : ألوو ، خير يا أدهم
-أدهم هاتفياً بنبرة حزينة : للأسف مش خير
-جاسر بتوجس : في ايه اللي حصل عندك
-أدهم وهو يمط شفتيه في آسى : مامتك
-جاسر بقلق : مالها ؟
-أدهم بنبرة مرتبكة : آآ.. هي للأسف وقعت من البلكونة و.. وآآآ.. حالتها
-جاسر مقاطعاً بصدمة : ايييييه ؟؟؟ بتقول ايه ، طب هي فين دلوقتي ؟؟؟؟؟
أبلغ أدهم جــاسر بمكان والدته ، والذي جن جنونه حينما علم بما أصابها ، ثم أنهى معه المكالمة الهاتفية ، وأخبر رئيسه بما صـــار مع والدته، وبالفعل وافق رئيسه على إعطائه أجازة مطولة لكي يطمئن على أحوال والدته ..
استقل جاسر سيارته ، وضغط على دواسة البنزين بكل قوة، وانطلق بالسيارة بسرعة قصوى لكي يعود إلى القاهرة …
……………………..
في سيارة زيدان ،،،،،
ركبت شاهي السيارة بعد أن آمـــرها زيدان بأن تنتهي من تناول طعامها في الفيلا بدلاً من المطعم ..
ظلت شاهي صامتة ، ولم تنطق بحرف .. في حين كان زيدان يزفر في ضيق وملامح وجهه تسودها الامتعاض والتجهم
رن هاتف زيدان ، فمد يده في جيب سترته ، واخرجه منه ، ثم نظر إلى شاشة هاتفه ..
أجـــاب زيدان على الاتصال و..
-زيدان بنبرة فاترة : نعم
-شاهين بنبرة مرتبكة : في نصيبة حصلت يا باشا
-زيدان بترقب : خير
أبلغ شاهين زيدان بما حدث مع ناهد ، وأنها في حالة خطرة ، وتم نقلها إلى المشفى بين الحياة والموت ، والخادمة المتواجدة بفيلا الصياد هي المتهمة بمحاولة قتلها ..
اصغى زيدان بإنصات تام لكل ما قاله شاهين ولم يعقب إلا بكلمات مقتضبة ..
ثم أنهى زيدان المكالمة معه ، ونظر في اتجاه شاهي للحظات ، وفكر قليلاً في طريقة ما ليبلغها بما صــار مع والدتها ، ولكنه فضل أن يبلغها هناك في المشفى .. لذا أمر زيدان السائق بالتوجه نحو المشفى
تعجبت شاهي من طلب زيدان الغريب هذا ، ونظرت إلبه بطرف عينيها ، ولم تعلق …
……………..
في فيلا رأفت الصياد ،،،،،
عادت يارا ومعها كنزي إلى الفيلا ولحق بهم عمر وتفاجئ ثلاثتهم بحالة الهرج والمرج السائدة في الفيلا و… ..
-يارا متسائلة باستغراب : ايه اللي بيحصل في الفيلا ؟
-عمر وهو يرفع كتفيه : مش عارف
-كنزي بتهكم : يمكن امك اتشلت ولا حاجة
-يارا بنبرة مازحة : لأ دي كاوتش مابتموتش
-عمر بتوتر : استنوا أنا هاروح أشوف في ايه
توجه عمـــر إلى حارس البوابة العم راضي ، ثم اقترب منه وهو يرمق رجــال الشرطة بنظرات متسائلة ، واستفسر منه عما يحدث في الفيلا …
صُدم عمــــــر حينما علم بأن هناك جريمة قتل قد وقعت في داخل الفيلا ، وحينما سأل راضي عن …
-عمر متسائلاً : مين قتل مين ؟؟؟
-راضي بنبرة حزينة : دي .. دي الست ناهد
-عمر بنظرات مصدومة : ايييه ؟؟ طنط ناهد قتلت مين ؟؟
-راضي وهو يشير برأسه : لأ دي هي اللي اتقتلت
-عمر فاغراً شفتيه : مش ممكن ، ازاي ده حصل ؟؟؟؟؟؟
لاحظت يارا تبدل ملامح عمـــر ، فسارت هي الأخرى نحو العم راضي ، ولحقت بها كنزيو..
-يارا بنظرات متسائلة : في ايه يا عمر
-عمر بنظرات مصدومة : ده .. آآآ…
-كنزي بنظرات متعجبة : هو اتشل ولا ايه ؟
التفتت يارا إلى راضي حارس البوابة برأسها واستفسرت منه عما حدث و…
-يارا متسائلة : في ايه يا عم راضي ؟
-راضي بنبرة حزينة : الست ناهد اتقتلت
-يارا بنظرات مصدومة ونبرة متفاجئة : اييييييييييييه ؟
-كنزي بعدم فهم : ناهد مين ؟؟
-راضي بنبرة حزينة : اخت الست فريدة هانم ، أصلها وقعت من البلكونة ، البت صباح زقتها
-عمر فاغراً شفتيه : ميتن
-يارا بنظرات جاحظة : مش معقول ، صباح !! استحالة !!!
-كنزي بصوت خافت وبنبرة متهكمة : الست دي حظها حلو ، مش كانت هي اللي وقعت وكنا كلنا ارتحنا ….!
…………………………..
في المشفى ،،،،،
وصلت سيارة زيدان إلى المشفى ، ظلت شاهي تنظر بنظرات مترقبة المكان من حولها ، التفت زيدان لها برأسه ، ثم مد يده وأمسك بكف يدها وأخفض بصره ، و..
-شاهي متسائلة باستغراب : انت جايبنا هنا ليه ؟
-زيدان بنبرة جـــادة : أصل أمك آآآ…
خفق قلب شاهي في رعب شديد ، و…
-شاهي بنظرات قلقة : مــ… مالها ماما ؟؟!!
-زيدان بنبرة هائة نسبياً ، وبنظرات ثابتة : أمك في حد حاول إنه .. آآ.. يقتلها !
فغرت شاهي شفتيها ، وظل صدرها يعلو ويهبط في ارتعاد واضح ، ونظرت إلى زيدان بنظرات حادقة مذهولة ، ثم أشاحت بوجهها عنه وسحبت يدها من كفه ، ثم أمسكت بالمقبض ، وفتحت باب السيارة ، وترجلت منها ، وركضت في اتجاه مدخل المشفى
ترجل زيدان هو الأخــر من السيارة ، وركض خلفها محاولاُ اللحاق بها ..
سألت شاهي في الاستعلامات الملحقة بالمشفى عن مكان والدتها ، وعلمت من أحد الممرضـــات أن والدتها موجودة حالياً بغرفة العمليات..
ركضت شاهي بخطوات سريعة ، وعلى وجهها علامات الخوف الشديد ، في اتجاه غرفة العمليات ..
وبالفعل وصلت شاهي إلى مكــان الغرفة ، ووجدت خالتها فريدة ، وبجوارها خـــالد منتظران بالخـــارج
حاولت شاهي أن تلتقط أنفاسها ، ونظرت إلى كليهما بتوجس شديد و..
-شاهي بنبرة مرتعدة ، ونظرات فزعة : مامي ، مالها ؟؟
اقترب خـــالد من شاهي ، ووضع يده على كتفها و..
-خالد بنبرة حزينة : ادعيلها يا شاهي
-شاهي بصوت باكي : هي هتبقى كويسة صح ؟
-فريدة مدعية البكاء : آآآ… قولي يا رب
وقف زيدان على مقربة منهما ، ونظر إلى خـــالد شزراً ، ثم رمق فريدة بنظرات ممتعضة ، وابتسم في تهكم ، فهو على يقين تام أن فريدة هي وراء ماحدث لأختها .. ولن يخيب ظنه أبداً لأنه على دراية تامة بها .. ثم ســـار في اتجاهه ، وأزاح يد خـــالد عن زوجته شاهي ، فنظر خالد إليه باستغراب و..
-خالد متسائلاً بدهشة : انت مين ؟
-زيدان بنبرة منزعجة : أنا جوز الهانم اللي انت حاطط ايدك عليها !
تنحنح خــــالد في حرج ، وتراجع خطوة للخلف ، في حين نظر زيدان إلى فريدة بنظرات باردة و..
-زيدان بحنق ونظرات بغيضة : ايه يا فريدة هانم ، هو ابنك مش عــارف اني بغير على مراتي ولا إيه ؟ ولو مكانش عارف أنا ممكن أعرفه
نظرت إليه فريدة بتوجس شديد ، وابتلعت ريقها في صعوبة بالغة ، فأكثر من تخشاه حالياً هو ذلك الشخص ، ولكنها حاولت أن تتغلب على هذا الشعور بأن اقترب من شاهي واحتضنتها وظلت تربت على ظهرها برفق ..
نظر خـــالد إلى والدته ، ولاحظ ارتباكها الشديد و..
-خالد وهو يتنحنح بخشونة : احم … آآ.. على فكرة أنا .. أنا مقصدش
ثم اقترب خــــالد من زيدان ومد يده لكي يصافحه ، فمد زيدان هو الأخــر يده ، ونظر إليه بنظرات ثاقبة جـــادة و..
-خــالد مبتسماً بحذر : أنا خالد الصياد
-زيدان وهو يبتسم في تهكم : غني عن التعريف
-خالد بنظرات مترقبة : وحضرتك مين ؟
-زيدان وهو يضغط على كف يده ، وبنظرات ثابتة : أنا زيدان الباشا ..!
صُدم خــــالد حينما سمع اسم زوج شاهي ، ولم يتخيل أنه سيكون ابن عدو عائلته اللدود ، وأنه ممدد يده لكي يصافحه بحرارة .. في حين اعتلت ابتسامة متهكمة زاوية فمه ….
وفجـــأة دلف أحد الأطباء خــــارج غرفة العمليات ، ثم أنزل كمامة ما عن وجهه ، وأطرق رأسه في حزن و…
-الطبيب بنبرة حزينة : شدوا حيلكم يا جماعة ، البقاء لله
-خـــالد مصدوماً : ايييه !
-فريدة بنظرات حـــادة : هـــاه ، ناهد ماتت !
-شاهي بنظرات جاحظة وصراخ حــــاد : مامي ، لألألألألألأ ………………………………………… !!
…………………………………………
الفصل التالي: اضغط هنا
يتبع.. (رواية فريسة غلبت الصياد) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.