رواية بنات الحارة – الفصل الرابع والعشرون
الفصل 24
بنات الحاره 4cats
بقلم نسرين بلعجيلي Nisrine Bellaajili
المقدمه
“اللي بيخاف مش بيعيش، واللي يسكت على الحق، عمره ما يرتاح.
اللي يسكت مرة بيتسحب منه الصوت العمر كله.”
🌸 كلام من نسرين…..
أوقات الضلمة مش بس حوالينا، أوقات بتدخل جوانا، بس يكفي خطوة واحدة ناحية النور، خطوة شجاعة، خطوة صدق، علشان كل حاجة تتغير.
لو لقيتِ نفسك لوحدك ما تخافيش، أوقات كثير الحق بيبدأ من وحدة قالت : “كفاية”.
**الفصل 24**
بعد ما بطة مسكت في خناق أسامة، أسامة بعدّها بإيده بقرف، ورد عليها بنبرة قاطعة.
أسامة : الصورة وضحت دلوقتي.
أسماء، عارفة نوارة اللي سمعتي عنها؟
أسماء بتشد نفسها : أيوه، اللي ماتت بعد ما حماتها وجوزها اعتدوا عليها؟
أسامة وهو بيبص لفتنة : أيوه، أهي دي حماتها.
أسماء بصّت كويس على بطة وفتنة، وشافت الشبه اللي بينهم. ساعتها حست إن قلبها وقع، راحت جريت على أختها وهي بتترعش.
أسماء بصوت مخنوق : حنان، قومي يا حبيبتي، الناس دول مفتريين. الحارة اللي أنا ساكنة فيها، كان فيها بنت إسمها نوارة، وكانت حامل، والست دي قتلتها هي وإبنها، قومي لا يحصل فيكِ زي ما حصل لها. قومي يا أختي، أنا مش هسيبك.
أم حنان دخلت فجأة، ومسكت أسماء من دراعها وجرتها بعنف.
أم حنان بصوت عالي : ما كفاية يا بت، هو إنت صدقتِ نفسك إنك محامية؟ ده أنا أقعدك من الجامعة وأديكِ لأول راجل يخبط بابك.
الناس حواليهم اتجمدوا، والهواء اتخنق في المكان.
ساعتها، حنان بدأت تعيط بصوت مكتوم، صوت وجع مكتوم بقاله سنين.
حنان والدموع بتنزل : لا يا ما، خلي أسماء تكمل تعليمها بالله عليكِ، ما تعمليش فيها اللي عملتيه معايا. روحي يا أسماء، أنا ليا ربنا، الحاكم العادل. فوضت أمري ليه ياخذلي حقي.
الظابط بهدوء حاسم : آخر كلام ده يا حنان؟
حنان بصوت واطي وهي مكسورة: أيوه.
الظابط : تمام، يلا بينا نمشي.
أسماء فضلت تبص لحنان بحسرة، عينيها مليانة دموع، وصوتها جوّاها بيصرخ.
أسامة جرّ أسماء بلُطف، وهو حاسس إنها على وشك إنها تنهار.
أم حنان بغِل : تعالي هنا يا بت، رايحة فين؟ الله في سماه مانتي رايحة جامعتك تاني؟!
الظابط بهدوء : خلونا ننزل تحت ونتكلم.
نزلوا تحت، وأبو حنان وأمها نازلين وراهم، متوترين وبيحاولوا يخبّوا توترهم في صوت عالي ونظرات غضب.
أسامة حس إنه لازم يحمي أسماء، مسك في إيديها بحزم، وهي استسلمت، مش لأنها ضعيفة، لكن لأنها خلاص إتكسرت من كل اللي حصل.
نسرين بلعجيلي
قدّام باب البيت الكبير، كانت فتنة واقفة، والناس متجمعة، عايزين يعرفوا البوليس بيعمل إيه، والعمدة واقف جنبه.
فتنة بصوت عالي وسط الناس : إشهدوا يا أهل البلد، آخر الزمن البوليس يدخل بيتنا، قال إيه؟ بنعذّب مرات إبننا اللي عززناها وكبرناها هي وأهلها، والكل شاهد على الأراضي والبيت اللي الحاج اليزيدي إداهم لأبوها، وفي الآخر هو ده جزاءنا؟!
الناس بدأت تهمس وتبص لبعض.
الشك بدأ يدخل قلوبهم.
العمدة بصوت حاسم : كفاية يا ست فتنة.
فتنة بحدة : لا، لا مش كفاية.
شوفوا يا أهل البلد، الراجل ماسك في إيديها عيني عينك، وجاية تاخذ أختها تطلّقها من جوزها. هو ده التعليم؟ بتعلموا بناتكم علشان يطلعوا من طوعكم؟!
الناس واقفة، والوشوش بدأت تتغيّر، ما بين ناس مصدّقة، وناس شاكة، وناس ساكتة.
الظابط رفع إيده علشان يسكت الناس، وقال بصوت عالي وواضح.
الظابط : يا أهل البلد، إحنا ما جيناش نفضح ولا نشوّه سمعة حد. جينا بناءً على بلاغ رسمي فيه شبهة تعرّض ست حامل للعنف، وممنوعة من زيارة أهلها. والموضوع دلوقتي في إيد القانون، مش إشاعات.
أسامة وهو بيبص للناس : اللي حصل لحنان حصل قبل كده لبنت إسمها نوارة وماتت هي وإبنها. السكوت وقتها قتلها، بس المرة دي مش هنسكت.
صوت من وسط الناس : نوارة؟ مش دي مرات أحمد ابن الحاج عيسى الله يرحمو ؟!
صوت تاني بهمس: آه، دي اللي ماتت، وطلع جوزها مجرم وهربوه على برّه حسبي الله و نعم الوكيل فيهم .
العمدة حاول يمسك زمام الموقف : يا جماعة، الموضوع خرج من إيدنا واللي له حق هياخذه. يلاه كل واحد على بيته.
بطه بتصرخ : كذابين، إنتم بتشوّهوا سمعتي و سمعت إبني. أنا ست ربيت راجل، مش بتاعة عنف ولا الكلام ده.
فتنه : الله في سماه ما حاسكت على اللي حصل ده، وبكره تعرفوا مين فتنه واللي جاب سيرتها.
الناس إتفرقت على أصوات، منهم اللي مشي، ومنهم اللي فضّل يتفرّج.
وأسماء كانت ماشية بين أسامة والظابط، وهي مش مصدقة إنها فعلاً خرجت من البيت ده وهي عايشة، مش أختها.
عصام : شايفين بعنيكم يا أهل البلد ده ماسك في إيديها كإنه جوزها.
أم حنان راحت تجري على أسماء.
أم حنان : تعالي يابت فضحتينا في البلد.
الظابط : لو سمحتِ هي جات معانا و هترجع معانا. ولازم تعرفي لو حصل حاجه لحنان ذنبها في رقبتك.
أم حنان بخوف : هددونا……….
وهنا تدخل أبو حنان
أبو حنان : خذها يا بيه من هنا
خلي بالك يابت من نفسك.
نسرين بلعجيلي
في الحارة ، شقة زينب وأسماء.
زينب، نورهان، وصفاء و رحاب قاعدين، على أعصابهم.
صفاء وهي ماسكة الموبايل : لسه أسماء ما تكلمتش؟
نورهان : لا، بس أكيد حصل حاجة كبيرة، لأنها كانت حاسّة إن فيه خطر.
زينب : أنا قلبي مش مرتاح، أسماء قوية، بس الموضوع ده كبير أوي عليها.
صفاء : إحنا نجهّز نفسنا لأي حاجة، ولو احتاجت محامي تاني أو دعم، إحنا وراها.
رحاب : منين يا ختي ؟ ما أنا قُلتلكم اللي هي بتعمله مش هايجيب نتيجه.
نورهان : مين قالك يا رحاب؟ البلد فيها قانون.
زينب : فعلا و لازم نثبت إن “بنات الحارة – 4Cats” مش إسم بس، دي قضية. إحنا لازم نكون سند بعض، كل وحده فينا ليها مشاكلها الخاصه نعمل اللي نقدر عليه، بس ما نسكتش عن الحق.
رحاب قعدت تضحك : اقسم بالله مجانين هو انتم فاكرين نفسكم جمعيه حقوق المراه
في القسم….
الظابط طلع من مكتبه، ملامحه مش مطمّنة. أسامة وأسماء واقفين، منتظرين يسمعوا خبر كويس لكن الظابط قالها بجفاف.
الظابط : الموضوع بقى أكبر مني.
أسامة بانتباه : يعني إيه؟
الظابط بعد تنهيدة : جاتلي مكالمة من رقم مباشر من فوق، من ناس كبيرة. واضح إنه فيه تدخل حصل، وإن حد مش عايزنا نكمّل.
أسماء بصوت عالي : طبعًا الحاج اليزيدي. هو واصل، وواسطاته بتلف وبتسدّ على الغلابه اللي زي أختي،
طب وإحنا؟ إحنا نروح فين؟!
الظابط : أنا آسف، بس البنت ما ينفعش نخرجها من هناك دلوقتي. والموضوع هيتحول للنيابة، لكن مش هينفع أحجز حد ولا آخذ خطوة قبل تعليمات تانية.
أسامة بهدوء غاضب : يعني ببساطة رجعنا لنقطة الصفر.
الظابط : أنا ماشي بالقانون، بس أحيانًا القانون بيتحاصر، بس أنا حاكتب تقرير بكل حاجه شُفتها و أكتب حالة حنان كمان. و الجمعيه اللي كلمتها آه هي بطيئه في التحرك بس أهو حاجه تساعد.
أسماء حسّت بجسمها بيقشعر، خرجت من القسم وهي حاسة إنها شايلة الدنيا فوق راسها، بس عارفة إنها مش هتسيب أختها.
على الطريق وهما راجعين من البلد، العربية ماشية في طريق العودة للحارة، والهدوء بيخنق الجو.
أسامة وهو سايق : أنا آسف يا أسماء، كنت متخيل نقدر نطلّعها النهاردة.
أسماء بصوت واطي : مش ذنبك. أنا اللي كنت عارفة ومش مصدقة إن البلد دي لو مامعاكش ظهر تضيعك. بس مش هغلط تاني،أنا هرجع، وهواجه، حتى لو لوحدي، بس اللي صعب عليا إنها إتخلت عني و خافت منهم، لا وكمان أبويا و أمي سلبيين جدا، هو ده كله خوف.
أسامه : حنان ربنا اللي عالم بيها يا أسماء، ماتلوميهاش خايفه. وأهم حاجه هي خايفه عليكِ، بس أبوكِ وأمك مستغربهم، بس مش بعيد جالهم تهديد زي الظابط ما احنا عايشين في غابة. بس قوليلي يا اسماء، تعرفي إيه عن الحاج اليزيدي؟
اسماء إبتدت تحكيله اللي تعرفه عنه.
في البلد – أوضة حنان – بالليل…
البيت هادي، لكن أوضة حنان كانت مشتعلة بالضغط والخوف.
فتنة دخلت الأوضة ومعاها بطة، الباب إتقفل وراهم.
حنان قاعدة، جسمها متخشّب، عينيها متورمة من كثر البكا.
فتنة بصوت بارد : فكرتِ تعملي فيها بطلة؟ تبعثيلها من موبايل عصام وتقوليلها “إلحقيني”؟ فاكرة إنك شاطرة؟
بطة بتضحك بس عينها فيها شر : يا روح أمك، لو الظابط خذك كنا حنقلب الدنيا، بس دلوقتي ماحدش هينفعك.
حنان بصوت مرتعش : أنا ما قلتش حاجة، والله ما قلت حاجة.
فتنة قربت منها : ما قلتيش بس خلتينا لبانه في بق اللي يسوى و اللي مايسواش . عارفة ده معناه إيه؟ إنك لو فتّحتِ بقك تاني، مش هتلحقي تندمي.
بطة : وعلى فكرة أختك اللي جاية زي المنظمات مش هتنفعك. البلد دي مش فيها قانون، فيها اللي صوته أعلى و واصل. تتفلقي بقا إنتِ وهي .
حنان بدموع : هي مش هتسيبني، أسماء مش هتسكت.
فتنة بانفعال لأول مرة : أيوه، وأنا دي اللي خايفة منها. البنت دي مش طبيعية، لا وكمان جايبه معاها واحد و طلع محامي رجعت بثبات، ووشها ما كانش فيه خوف.
بطة بابتسامة مقلقة : إحنا اللي هنخليها تخاف.
حنان : قصدك إيه؟؟
فتنة وبطة طلعوا، سابوا حنان في بئر من الخوف.
الحاج اليزيدي كان في المكتب مع عصام.
الحاج اليزيدي : باقولك إيه، خذ مراتك الإسكندرية.
عصام : ليه بس؟!
الحاج اليزيدي : أمك مش هتجيبها البر، ضربت مراتك، ودلوقتي مع بنت عمها، الله أعلم ممكن يقتلوها. إسمع مني، خذها أهو مفتاح الشقة جنب البحر. خذها ريّحوا شوية، ولما يكون فيه شغل أندهلك، و جيب لها حد يخدمها، لو عايز تحافظ على عيالك. اللي حصل النهاردة ممكن يحصل تاني.
هنا دخلت فتنة بكل جبروتها.
فتنة : هو إنت عايز تبعدها من هنا علشان تثبت علينا الكلام؟!
الحاج اليزيدي : باقولك إيه؟ كفاية إفترى. لو البت فطست مننا إيه ساعتها؟! نهرّب إبنك بلاد برّه؟!
بطة : قصدك إيه يا حاج؟ هو إنت صدّقتهم؟
أسماء وصلت الحارة مع أسامة، كانت الشمس نازلة، والناس بدأت تفتح الشبابيك.
في شقة البنات، على البلكونة، رحاب واقفة بتشرب شاي مع صفاء.
رحاب بعيون متفاجئة : الله الله! شوفتِ اللي أنا شُفته؟!
صفاء بتلف بسرعة : في إيه؟ شُفتي إيه؟!
رحاب وهي بتشاور : بصي وإنتِ تعرفي!
صفاء تشد نفسها وتشوف : أسماء!
يا لهوي، شكلها بتعيط.
تحت عند عربية أسامة…
أسامة بنبرة هادية : فكّري في اللي قلتلك عليه.
أسماء وهي ماسكة دموعها : يا أستاذ أسامة أنا بس صعبانة عليك، ما تحسّش بذنب.
أسامة بجدية : والله الموضوع مش كده. أنا بجد محتاج حد معايا في المكتب. سكرتيرة وفنفس الوقت تكون فاهمة في القانون، دي فرصة ما تتعوضش، هتاخذي خبرة وشغل وشخص يقدّر تعبك.
أسماء بتتردد : مش عارفة أقولك إيه.
أسامة بابتسامة : قولي: على بركة الله. وأنا مستنيكِ بكرة. مع السلامة.
أسامة بصّ فوق، لقى رحاب نص جسمها طالع من البلكونة.
أسامة بضحكة نص جد ونص هزار : إطلعي واستلقي وعدّك!
أسماء شافت رحاب، وابتدت تضحك، وهي لسه كانت بتعيط. طلعت فوق الشقة، فتحت لها الباب رحاب بعينيها الواسعة ولسانها الجاهز.
رحاب بصوت عالي : ما شاء الله على السنيورة، واقفة مع الأستاذ أسامة من غير خوف ولا خشا
على عينك يا تاجر؟ إيه البجاحة اللي إنتِ فيها دي؟!
البنات طلعوا من المطبخ على صوت رحاب اللي كانت بتقول جملتها بأعلى صوتها. صوتها كان مسمع كل الحارة.
اللي بيخاف بيعيش مكسور، واللي بيواجه يمكن يتوجع، لكن بيكسب إحترامه لنفسه.
أوقات الصوت اللي بتطلّعيه علشان تدافعي عن حقك هو أول خطوة في طريق نجاتك….
اللهم إني استودعتك كلمتي حين ضعفت، ودمعتي حين خُذلت، وقلبي حين ضاق. يا رب، لا تجعل خوفي يسكتني، ولا ضعفي يخذلني،
وانصرني حتى لو كنت وحدي، واحفظ كل مظلوم، وردّ له صوته، وكرامته، وحقه……
بنات الحاره 4catsبقلم نسرين بلعجيلي Nisrine Bellaajili
قولولي رايكم في الاحداث ؟
اللي عملته حنان صح ولا غلط؟؟
يتبع …….
الفصل التالي: اضغط هنا
يتبع.. (رواية بنات الحارة) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.