رواية عازف بنيران قلبي – الفصل الأربعون
البارت الاربعون
لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
البارت الاربعون
كل العالم مــوتى إلا أنت
كل الناس غرباء إلا أنت
لا أرى إلا أنت.. أنت فقط
أنت أراك دولتى…وأهلى.. وناسى..وعالمى
أنت شمسى وقمرى
أنت ليلى وصبحى ومسائى
أنت هوائى.. أنت مائى
……………
وصلت إلى أن توقفت بينهما نزعت أيديهما بشراسةٍ ، وطالعتها بكبرياء أنثى طاغية
-إزاي تلمسي حاجة مش بتعتك، دي عندي اسمها اغتصاب، اللفظ تقيل على لساني بس فيه ناس بجحة، ثم استدارت تاركةً التي توقّفت وعيناها تحوّلت لكتلةٍ ناريةٍ ، تعانقت نظراتها بنظراته المنتظرة ردّة فعلها، توقّفت أمامه تعانقه بنظرات الاشتياق، رغم حزنها الكامن بقلبها، بلمس أنثى غيرها حتى لو تمثيل ..دنت بجرأةٍ لم تتعودها تحاوط عنقه :
-آسفة معذبي اتأخرت عليك..
فرفعها من خصرها قائلًا بابتسامةٍ عذبةٍ :
-روح وقلب معذبك..
همست بجوار أذنيه:
-راكان نزّلني الكلّ بيبص علينا..
وضع جبينه فوق جبينها هامسًا:
-خلي العالم كله يعرف مولاتي هزّت عرشي، هو أنا بعمل حاجة غلط.
لمعت عيناها وتناست مايدور حولهما، فرفعت كفيها تحاوط وجنتيه
-..أطبق على جفنيه، وقلبه يعزف معزوفته الموسيقية ،فكفى لقد توقفت عقارب الساعة ،وتوقف دوران الأرض عن الحركة حولهما .
-بترت نورسين لحظتهما عندما جذبت ليلى تطالع راكان بنظراتٍ لو تقتل لوقع صريعًا لها قائلةً :
-إيه ال بيحصل دا؟
دي إيه ال جابها؟
وإيه المشهد الرائع دا ؟
اتسعت حدقت ليلى متصنعة وهي تقترب منها
-المفروض السؤال دا أنا ال أساله، إيه يا ..آاااه اسمك عورسين مش كدا
برقت عيناها وتوقف مجرى الدم بعروقها عندما وجدت راكان يحاوط خصر ليلى.
رفع رأسه إليها
-صوتك يابت اعرفي بتكلمي مين
تحرّك إلى أن توقّف أمامها إنتِ ال اضطرتيني لكدا، قولتلك مفيش فرح وأنتِ أصريتي، رفع كفيه يشير على القاعة والمدعوين
-بصي حواليكي كدا، تفتكري أنا هعزم ناس نضيفة كدا إلا لفرحي إلا ال بجد، فرح بحضّرله من سنتين تقريبًا، بس بيقولوا كل تأخيرة وفيها خيرة.
حاوط ليلى بجسده يحميها خلف ظهره واقترب منها وتحوّلت نظراته من البريئ المسالم إلى شخصٍ جبروتٍ ،عندما جذبها من رسغها
-بصي حواليكي كدا وشوفي المعازيم دي هتيجي فرح لواحدة زيك، اقترب النمساوي وزوجته ، وأشارللبودي جارد
-إنت اتجننت ولا إيه؟
لا فوق واعرف إنت واقف وبتتكلم عن مين..
استدار بجسده بهدوء، حتى تقابلت نظراتهما، نظرات راكان المنتقمة بنظرات النمساوي المهتزّة
ثمّ سحب نورسين يدفعها بقوّةٍ حتى تعثّرت بفستانها وسقطت أمام والدها
-بالراحة على نفسك، متتنفخش كدا، واعرف مقامك إنت واقف قدام راكان البندراي، مش واحد شغال عندك، أنا ماليش في الفضايح، بس لما يبقى ناس بالقذارة ال زي أشكالكم يبقى تستاهلوا
وصل حمزة ويونس إليها، رمقهما بنظرة فهما مايطلبه..همس حمزة لليلى يسحبها بعيدًا
-مدام ليلى تعالي معايا..
هزّت رأسها رافضةً ، كان كفيها باردًا برود الموتى
أمسك يونس كفيها ينظر بساعته
-لو سمحتي بلاش توترك دا، لازم تروحي مع حمزة ماتخافيش على راكان، القاعة كلها شرطة، بصي كدا وشوفي، أقل واحد فيهم رتبته إيه، مع إني مش بفهم في المياشين دي بس شكله عسكري ولا ايه
رفعت نظرها ليونس وترقرق الدمع بعيناها متسائلةً
-هيأذوه مش كدا؟
شوف حاوطوه أهو، لا مش همشي
سحبها حمزة بعيدًا يشير بيديه إلى درة وسيلين
-خدوها على فوق، ثم أشار لأحد المسؤولين عن حمايتها
-وفروا الحماية الكاملة للمدام..
اتجهت ليلى بنظراتها إلى راكان الذي يحاوطه النّمساوي ببودي جارديه، وقاسم الذي توقّف ينظر إليه بكره.
تراجعت خطوة وانسابت عبراتها
أمسكها حمزة بقوّة:
-مدام ليلى لو سمحتي إنت كدا هتضعفيه، شويّة وكل حاجة هتكون تمام
شعرت بألمٍ يتسرّب لقلبها، ولكن رأت نظراته المخيفة وهو يجذب نورسين ويدفعها على الأرضية ..
أطبقت على جفنيه متحركةً بساقين هلاميتين ودقات قلبها تكاد تتوقّف عن النبض
أما راكان الذي وقف أمام النّمساوي وهتف غاضبًا
-بنتك المحترمة دخلت بيتي بتهدّدني أنا بمراتي ، لو عايز تسمع معنديش مشكلة.
سمّع الباشا يابني،يمكن يحترم نفسه.
فُتحت إحدى الشاشات الكبيرة وبها نورسين تقف أمامه
-ممكن أحسّرك عليها، وعلى ابنك، وعملية ربط تتحرم ياعيني تجيب بيبي لحبيب القلب..
اتّجه بنظره لنورسين، ثم نزل لمستواها
-بجحة قوّي، بتهدديني ، لا ومش مرّة واحدة، مرات كتيرة، ال بعده يابني
فيديو وهي تجلس بجوار أمجد بتلك الفيلا
-ليلى هتكون معاه في اسكندرية لازم تخطفها وهو عندي، عايزاك تنتقم منها بأبشع طريقة يا أمجد
نفث أمجد سيجاره وهو ينظر لها بخبثٍ :
-تقصدي بإيه ياروحي بأبشع طريقة؟!
جلست تضع ساقًا فوق الأخرى ،وتطلق ضحكاتٍ صاخبةٍ
-اغتصاب يا أمجد، هو فيه أحسن من كدا؟! وأنا عارفة إنك هتموت عليها
قطع المشهد بعد وقوف أمجد وجذبها اليه، ثم نظر راكان للحضور
-آسف ياجماعة، أصل المحترمة مش نضيفة، فعذرًا على المشهد، بلاش منه.
أشار مرة أخرى ال بعده
جلس راكان يتذكر مافعلته
فلاش باك قبل أسبوع
دلفت تصرخ وتقوم بتحطيم كلّ مايقابلها
-الحقيرة طلعت حامل بجد، لسّة عارفة من داليا، لا ومش بس كدا، لا والهانم زعلانة عشان عايز يتجوّزني، والله لأموتك ياليلى، ممكن تهدي وتفهميني إيه ال حصل؟ ، ماكنتي عارفة إنها حامل ؟
نظرت لوالدها ووجهها عبارة عن كتلةٍ ناريةٍ من الشّر
-مكنتش مصدقة، فكّرته بيضحك عليا، حتى لما أمجد طلب من حلا تقوله كدا، كان مجرد كلام عشان نعرف مكانها فين، بس طلعت حامل بجد، طلع بيستغفلنا كلنا، أنا كنت عارفة إنه بيحبها، محدّش صدقني، ضحك عليا .
اقتربت من والدها
-هو بيخطط لإيه يابابا؟ تفتكر يكون عرف إني أنا السبب في إجهاضها مع عايدة؟
ولا يكون عرف إني اشتركت مع أمجد في موت سليم ؟
أمسكها والدها من أكتافها :
-حبيبتي راكان مش الشخص ال ممكن يعرف حاجة زي دي ويسكت، ولا يقعد معاكي، دا كان موّتك، وبعدين أمجد كان مسجون، يعني مستحيل يصدق دي
نظرت نظرةً شيطانيةً قائلةً :
-يبقى لازم ليلى تحصّل جوزها، عارفة إنه هيخاف على البيبي عشان كدا لازم أمجد يخطف ليلى، أنا روحت وهدّدته
-مينفعش..
قالها قاسم الذي دلف اليهما، وزّع نظراته بينهما ووصل حتى جلس
-أمجد مينفعش يقرب منها، أكيد متراقب كويس، وأكيد راكان عامل حراسة مشدّدة عليها، قاطعهم رنين هاتف نورسين
-أيوة يابنتي..أجابتها الأخرى:
-نورسين ليلى وراكان اتخانقوا مع بعض من أسبوع ورفعت قضية طلاق عليه، وجه زي المجنون وضربها وحبسها في أوضة، وقالها هخليكي زي الكلبة لحد ماتولدي، وهاخد منك الولاد، استني هسمعك كلامهم أنا سجلته
ابتسمت بزهو قائلةً :
-ابعتي الريكورد بسرعة، وصل إليها بسرعةٍ
-دي تاني مرة ترفعي عليا قضية طلاق، المرة ال فاتت سامحتك عشان بحبك، بس المرادي اتخطّيت الحدود، هتفضلي محبوسة هنا زي الكلبة لحدّ ماتولدي وهاخد منك العيال، وربيّ لأعلّمك الأدب، لأخليكي خدامة ليهم، ومش بس كدا هتجوز نورسين، دا أنا رفضت أتجوزها عشانك، وإنتي تروحي ترفعي قضية طلاق، استني وشوفي يامدام هعمل فيكي إيه
صرخت ليلى بقهرٍ :
-هموتك ياراكان سمعتني، قرّب على ولادي وأنا أدفنك في مكانك، أنا بكرهك من يوم مااتجوزتك وحياتي اتحولت للجحيم ، مش كفاية مستحملة قذارة علاقاتك مع القذرة ال ذيك
صفعةٌ قويةٌ على وجهها ثم دفعها بقوّةٍ على الأرض ، مغلقًا عليها الباب
-لما تطلعي من قبرك دا يبقى اتكلمي.
ضربت على باب الغرفة تصرخُ به
-افتح الباب..
انتهى التسجيل الذي أرسلته لها داليا
جلست تتنهد بهدوء:
-أخيرًا كنت خايفة يلغي الفرح أنا عارفة إنه مابيجيش بالتهديد بس تجربة، وجدت اسمه ينير على شاشة هاتفها
-أيوة حبيبي..
أجابها :
-حضّري نفسك على الفرح ..ابتمست ترفع كفيها بسعادة
-راكان إنت زعلان؟
أجابها باختصار:
-عايز عروستي تكون أحسن عروسة، قالها وأغلق الهاتف ..
رفعت نظرها لوالدها
-سمعت يابابي؟
ضحك النمساوي
-قولتلك مش هيقدر ياحبيبتي.
أرجع الشربيني بظهره للخلف
-معرفش فرحانين على إيه، إحنا مشكلتنا أكبر من الفرح، توفيق لسة مامتش، والممرضة أخبارها انقطعت، وكمان الراجل معرفش يجيب الورق، لقى شوية أوراق عن وصية سليم وتوفيق وغيره، فين الورق ال اخده من جواد الالفي، إنت عارف الورق دا ممكن يوصلنا لحبل المشنقة، غير صحابنا ال برة ممكن يصفونا.
تحرّكت نورسين تجلس أمامه مباشرةً
-عمو اصبر بس اتجوزه الاول وبعدها كل حاجة هتكون تمام، المهم لازم تساعدني تخلص من ليلى وال في بطنها، زي ماتخلصنا من سليم، وال قبله
دلف أمجد يحاوط إحدى الفتيات وهي تضحك ضحكاتٍ رقيعةٍ
-متجمعين ياترى خير..قالها أمجد
اقتربت نورسين ترمقه بتهكّمٍ
-إيه يا أمجد أنا لسة متجوزتش، ضحك أمجد بسخريةٍ ، مقتربًا يضم ثغرها ثم دفعها
-كفاية عليكي كدا يانوري اجهزي لحضرة المستشار ، ولا هتتجوزوا إزاي؟!
قالها غامزًا
اقترب والده يجذب الفتاه التي بيديه
-امشي دلوقتي، ثم طالع ابنه
-فوق من الزفت ال انت بتشربه دا، مش شايف أخوك ال أصغر منك بقى إزاي؟ وإنت مش مبطّل شرب وقرف
قهقه على والده، جالسًا يرفع أقدامه فوق المكتب، جاذبًا نورسين حتى جلست فوق ساقيه
-مالكم يانور، هم زعلانين عشان هتسبيني ولا إيه؟
استدارت تغرز نظراتها به قائلةً :
-راكان حبس حبيبتك ياروحي، إيه رأيك، ناوي يعذّبها، وفرحنا هيتعمل في ميعاده
هبّ فزعًا ينظر لوالده
-حبسها فين، وليه يحبسها؟!
جلس والده بمقابلة النمساوي الذي دلف بعدما خرج للرد على هاتفه
-ابعد عن البنت دي، وركز في شغلك، لازم ندخّل الشحنة من غير ما البوليس يشم خبر
لم يعر لوالده اهتمام وأمسك نورسين بقوّةٍ من رسغها
-حبسها فين أكيد تعرفي؟ ماهو ال قالك كدا عارف مكانها
مطّت شفتيها تنظر لقاسم الذي يرمقها بغضبٍ
-نورسين إنتِ هتتجوزي، مالكيش دعوة
اقتربت تدنو منه وعيناها كالنار
-لازم أنتقم ياعمو، البت دي ناطحتني ياعمو، ولازم أنتقم منها، وكمان راكان لعب بيا، لازم يعرفوا بعد كدا مايوقفوش قدامنا .
جذبها أمجد بقوة:
-ليلى فين يانورسين، وليه الكلب دا حابسها
همست له، مش قدام باباك وأنا هقولك بعدين
تحرك مغادرًا بعدما استمع لقولها
-معرفش يا أمجد..
تحركت خلفه
-لازم اروح على البيت، واستعد لفرحي
بعد قليل وصل شريكهم الثالث
نهض قاسم بعد وصول شريكهم الأجنبي ..أشار لهم بالجلوس متسائلاً
-إيه آخر الاخبار..أجابه الشربيني
-الشحنة هندخّلها يوم الفرح، بما إن ابن الالفي هيكون في الفرح، يبقى دا الوقت المناسب
هزّ رأسه يشير للصور المعلقة
-عملتوا إيه في دول؟
أجابه: بنحاول نقرّب منه، النمساوي هيناسبه قريب
ـ والورق؟
مسح الشربيني على وجهه ينظر للنمساوي
-لازم يموت يانمساوي، ويوم الفرح أحسن حاجة، طبعًا بنتك غبية ومش فاهمة حاجة، لازم تدخل راجلنا الفيلا وهو هيتصرّف
ضيق عيناه متسائلاً :
-انت عارف نتيجة دا ايه؟ دا ممكن نروح في داهية، وبعدين إحنا منعرفش مكان الورق فين .
-أنا عندي اقتراح تاني
– نخطف مراته بما إنها حامل، حتى لو مش خايف عليها هيخاف على ال في بطنها
توقف ذاك الأجنبي ينفث تبغه قائلًا:
-دا حلو، بس لازم تخطيط كويس، مش عايز غلطة، ولا غلطة أصل رقابكم تكون التمن، قالها وتحرك .
باليوم التالي، تجلس نورسين بأحضان أمجد
عرفت هتخطفها إزاي يا أمجد، داليا هدّخلك، بعد ماتنوّم الحرس، وإنت هتدخل تخدّرها وتطلع بيها، وأنا هلهيه الليلة دي، مش هخليه يقرب على تليفونه، وبابي باعت ناس يخطفوا سيلين بس مبتخرجش إلا قليل، ويونس لازق فيها بالبودي جارد بعد خناقة الجامعة والولد ال هدّدها دا، قال إيه خايف عليها، بسمع كمان بيحضر معاها السكاشن المهمة
-خلاص، بكرة هيكون آخر يوم له مع ليلى، وحياتك عندي لأخلّيه يندم .
لامست صدره بوقاحةٍ تتحدّث بغنجٍ
-ميجو حبيبي مش هتقرّب منه، إلا لما أقولك، إنت بس اخفِ ليلى بدل ما أموتها، انا بخدمك وإنت اخدمني.
انتهى الفيديو، وهو يطالعها بغضبٍ جحيميٍّ، ثم توقّف يشير على الشاشة
-تحبي أكمل، ولا عارفة الباقي؟
استدار ينظر للحضور
-شياطين.
أشار بإصبعه عليهم
-دول شياطين، عايزين يخطفوا مراتي
تسمرت نورسين بمكانها محاولة إدراك ما سقط كالصاعقة على مسامعها ،تراجعت للخلف تهرب من نظراته التي تحولت إلى جحيمية كأنه يريد الانقضاض عليها وزهق روحها
اقترب كالمجنون الذي فقد عقله يجذبها من طرحة زفافها صرخت عندما شعرت بتمزق خصلاتها ، فلقد فاق الألم حدود الوصف حتى شعر بأن روحه كادت أن تفارقه عندما تخيل نجاح تخطيطهم
تحوّل جسده لكتلةٍ ناريةٍ لتخيّله اغتصابها، حاولت النهوض وهي تصيح :
-والله ماكان قصدي ياراكان.
جذبها يجرّها كالحيوان حتى وصل إلى أحد الضباط
-ارميها في أزبل زنزانة عندك لحد ما أفضلها.
انكمش والدها الذي وصل إليه إحدى الضباط، صرخت والضابط يسحبها
-هموتك ياليلى، وحياة ربنا لأقتله وأقتلك
أشار للضابط
-خدها بعيد بدل ماأموتها
-رايح فين ياباشا إنت مقبوض عليك.
أما قاسم الذي توقّف بجبروته
-بدل مفيش أمر من النيابة بالتسجيل ولا يهمك يانمساوي
ارتفعت ضحكات راكان كالمختل عقليا، فاستدار إليه وهو يتحرّك ببطءٍ حتى شعر قاسم كأنه يتحرّك فوق قلبه ويضغط بقوّةٍ، فحركاته وضحكاته بتلك الطريقة ماهي إلا النهاية .
دنى راكان يضع يديه بجيب بنطاله وهو يمط شفتيه:
-قولتلي..أشار بكفيه بعدما رفعها يغرزها بخصلاته
-أيوة انت صح، ههههه، ظل يقهقه بها،تصدق مكنتش واخد بالي، إزاي مارحتش النيابة وشوفت وكيل نيابة يسمحلي، دنى حتى لم يفصلهما سوى خطوة واحدة
– معلش أصلي وكيل نيابة غبي، نسيت وظيفتي وبقيت أبيع كرنب، دفعه بقوّة أذهلته
-فكر في نفسك ياحضرة الافندي، شوف هطّلع نفسك إزاي انت وابنك المغتصب،.
جحظت أعين قاسم مذهولا من اتهاماته القاسية
-فريقك بالكامل اتمسك ياباشا وهو بيسلم المخدرات، إنت مفكرنا اغبياء، بس حلوة الفكرة، انك تحطها مكان البُن، معلم يامعلمي
اهتزّ جسد قاسم وتحدّث بتقطعٍ :
-أنا لازم اقدم فيك بلاغ، إنت عشان وكيل نيابة ترمي الناس بالباطل
أشار لأحدى الضباط مشمئزًا
-خدهم يابني، شوف جاسر قبض على ابنه ولا لا
انا أهو ياباشا، جيت على السيرة.
ابتسم راكان يرمقه بدهاءٍ
-شكل حضرة الضابط أدى مهمته بكل دقة وإتقان.
أشار ناهرًا قاسم الذي صاح غاضبًا
صوتك متنساش نفسك، إنت متهم.
-قوله ياحضرة الضابط تهمه ايه ..؟!
استدار جاسر يرمقه شزرًا قائلًا
-ولا حاجة..تجارة مخدرات وسلاح بس، إنما ابنك المغتصب ال حاول يخطف بنت عمي، وأختي كمان، شوفت جبروت أكتر من مشرفنا ياشربيني..أشار جاسر
خده يابني، ربت على كتف راكان:
-كله تم ياباشا، ويحيى الكومي، قدم بلاغات وجابلنا اعترافات وإثبتات كلها في الجون، غير ورق الباشا الكبير، يعني إعدام إن شاءالله..
ابتسم له ابتسامةً لم تصل لعينيه
-بالتوفيق ياحضرة الضابط ، برافو عليك ، وسلامي لجواد باشا، تحرك جاسر قائلًا:
-بما إن فيه فرح ف ليه عيلة الألفي متحضرش الزفة الأسطورية دي، نص ساعة وهكون عندك
أومأ له ثم وزع نظراته للجميع
-بعتذر للحضور، الحفلة هتبدأ بعد شوية، وآسف مرة تانية دي كانت مجرد تدابير أمنية، وشكرا لتفهمّكم الموقف، قالها وتحرّك .
بالأعلى قبل قليل
سحبتها درة متجهة بها للغرفة التي ستجهز بها، خلفهما يونس وحمزة، زفر يونس بضيقٍ
-حالتها مش مطمنة خالص، انخفاض ضغطها دا مش حلو، ربنا يستر ويعدّي الليلة على خير
ربت حمزة على كتفه
-راكان بس يخلص ويطلع وقتها هيهديها..
أومأ يبحث عن سيلين التي طلب منها عدم الابتعاد عن ناظريه، وجدها بآخر الممر تتحدّث بهاتفها
وصل إليها بعدما دلفت ليلى وحمزة لداخل الغرفة
-حبيبي بتكلمي مين، استدارت بعدما أنهت مكالمتها
-بطمن ماما أصلها كانت خايفة اوي، وزعلانة من راكان، فكنت بحكيلها عشان تيجي مع بهاء .
مسد على خصلاتها يجذبها لأحضانه
-حبيبي ماتيجي نعمل فرحنا مع راكان
تعبت من البعد..
رفعت بحر عيناها تطالعه بعشقٍ :
-أكيد بتهزر مش كدا؟ مفكر الفرح دا هيصة وخلاص مفيش فستان وتجهيزات ياحضرة الدكتور.
دنى يهمس:
-زي إيه حبي إحنا في الخدمة؟ يعني ال محتاجاه أساعدك فيه عادي .
حاوطت عنقه تنظر لداخل عيناه
-إنت مجرم أوي حبيبي ، وعشان إجرامك دا مش هقولك.
قهقه عليها وحاوط خصرها ونزل لمستواها هامسًا لها :
-بحبك ياطفلتي..
وضعت رأسها بأحضانه ..
بالداخل جلست بجسدٍ مرتعشٍ وحال لسانها الذي يهمس باسمه
-“راكان”ظلت تردّدها بجسدٍ منتفضٍ خائفٍ عليه، بدأت أنفاسها في الاضطراب وخفقاتها تتسارع بسباقٍ شديدٍ،
جلست درة أمامها بعدما أزالت حجابها تحتضن وجهها بعد خروج حمزة
-ليلى حبيبتي راكان كويس، وشوية وهتلاقيه طالع، بصي وراكي كدا وشوفي هو جايبلك إيه، ياله حبيبتي اجهزي زمان جوزك طالع عشان ياخدك، النهاردة فرحك على حبيبك،إيه مش كنتي بتتمني يوم زي دا ؟
هزّت رأسها رافضةً
-مش عايزة حاجة، عايزاه يكون جنبي وبس، خلي حمزة يتصل بيه، مش عايزة فرح، أنا عايزاه هو، توقفت ولكن لم تقو على الوقوف، وكأن حركتها شلّت، فهوت ساقطةً على الأريكة
بكت بشهقات، وضعت كفيها المرتعش على وجهها
-هيقتلوه يادرة، هو قالي كدا وحلفلي لازم يقتله ويحصرني عليه..
رفعت عيناها الباكية لأختها
-هموت لو حصله حاجة، أنا بحبه أوي يادرة، مقدرش أبعد عنه، مستعدة أتخلى عن كل حاجة، لو طلبوا كل فلوسي ياخدوها، بس ميحرمونيش منه.
مسدت أختها على خصلاتها
-حبيبتي جوزك مش ضعيف عشان يقربوا منه، صدقيني هو عارف بيعمل إيه.
قبل قليل توقف أمام جاسر قبل خروجه
-رقابة مشدّدة ياجاسر، مش عايزهم مع بعض، وكمان هات عايدة معاهم قبل ماتهرب
أنا أسبوع اجازة، خليهم لحدّ ما أرجع، بس يارب ما أرجع ألاقيهم ماتوا زي حلا
تحرّك جاسر بعدما تحدّث:
-تمام ياباشا علم وينفذ، خلي بالك من نفسك ومن مراتك، ومبروك مقدمًا ، شوية وراجعلك.
❈-❈-❈
صعد للأعلى متجهًا لغرفتها، كان يعلم بما تشعر به الآن ،وجد حمزة ويونس بالخارج بجوارهم سيلين، وزّع نظراته عليهما
-كله تمام..توقف حمزة قائلًا:
-نوح جايلك في الطريق وزعلان عشان خبيت عليه، استعد له .
تركهم دون حديثٍ متجهًا للغرفة فحاله لا يسمح بالحديث، يريد الاطمئنان عليها فقط ويضمها ليشبع روحه
توقف أمام الباب وهو يستمع لحديثها
لحظات كفيله ليلملم شتات نفسه، تحرّك بهدوء بعدما افتعل صوت الباب، نهضت درة تنظر للداخل، اتجهت للباب عندما وجدته يدلف، رفعت ليلى عيناها حينما استنشقت رائحته
-ليلى..همس بها
هبّت من مكانها تلقي نفسها بأحضانه وشهقاتها بالارتفاع
-راكان ..
ضمها بقوةٍ يحاوطها بذراعه
رفعها متجهًا للأريكة، وأجلسها بأحضانه، يمسد على خصلاتها
-اهدي حبيبة راكان، خلاص كله خلص، وأنا معاكي أهو
رفعت كفيها تلمس وجنتيه
-حبيبي إنت كويس؟ اتقبض عليهم مش كدا ؟ أمجد ..كررت اسمه
أطبق على جفنيه كلما تذكر حديثه ،فهمس لها :
-ليلى إنتِ مش واثقة في جوزك؟
-بثق فيك بس خايفة، من وقت ماشفته في البيت وأنا مرعوبة، مشفتش كان بيبصلي إزاي، ضغط على خصرها
-ليلى انسي، ووعد المرة دي انتهى كابوسه للأبد، ياله قومي اجهزي، مش عايزة تفرحيني يعني الليلة دي، لازم تنسي كل حاجة وتفتكري حاجة واحدة بس
-أنا بقالي خمس سنين من أول ما شوفتك ونفسي الليلة دي تكون غير، ماتمنتش غير إنك تكوني مراتي قدام الدنيا كلها
رفع ذقنها وإزال عبراتها بإبهامه:
-ليلى عارف إننا متجوزين، بس الفرحة فرحة، بلاش وحياتك تزعليني خليها ذكرى حلوة بينا .
ابتسمت له بعيونها الدامعة ، وتحدّثت بصوتها المفعم بالبكاء:
-حبيبي إنت ياراكان، أوعدك مش هخيب ظنك أبدًا بعد كدا، وإن شاء الله نعيش مع بعض حياة حلوة ونربي أولادنا مع بعض.
-ربنا يباركلي فيكي ياحبيبة قلبي ،معذبك مش عايز غيرك من الدنيا كلها..
ياله قومي استعدي، عايز أشوف مولاتي أجمل عروسة وهتعمل إيه لمعذبها
نهضت تفرك كفيها تنظر لفستان الزفاف:
-لازم ألبس الفستان دا، ماهو الفستان دا حلو .نصب عوده وتوقف بمحاذتها
-لا ياحبيبي دا فستان فرحك، إنما ال لابساه دا فستان دخول أميرتي للقاعة لتبهر عيوني وتخطف قلبي ، وتقدم عرضها الممتع
استمع لطرقات على الباب، دلفت اسما ترمقه بحزنٍ
-يعني تعملوا عليا تمثيلية انتوا الاتنين، زعلانة منكم وانتي بالذات يامهندسة
طوق أكتافها يضحك على حديث اسما
-لا ياباشمهندسة ، ليلى مالهاش دعوة أنا المسؤول، وأجبرتها متعرفش حد، حتى سيلين معرفتش غير من دقايق، متزعليش مننا، كله إلا زعلك ، كان لازم مسبش حاجة للظروف.
استمع لرنين هاتفه، فأشار إليها :
-الميكب ارتست برة ياليلى، اجهزي الناس هتزهق تحت..قالها وتحرك يرد على هاتفه
-أيوة ياجاسر ، خير؟
-راكان شركيهم الأجنبي دا عامل قلق ومش مبطّل زعيق، عايز يتصل بالسفارة بتعته
-خليه يخبط دماغه في الحيطة، بقولك يلا مش عايز قلق، أنا عريس يافاشل، قالها وضحكاته بالارتفاع
قابله نوح وهو يرمقه شزرًا متجاهله ،وتحرّك لجهة يونس وحمزة
أمسكه من ذراعيه
-نوح مش وقتك خالص، لازم تعذرني، دكتور يحيى عارف كل حاجة.
مرّت قرابة الساعة؛ حتى انتهت ليلى من تجهيزها، دلفت والدتها إليها
-حبيبتي ألف مبروك، ربنا يسعدك..
ضمتها والدتها تمسح دموعها
-ليه الدموع دي يابنتي، مكنتش عايزة فرح ياماما، دلوقتي يقولوا عليا إيه، كل شوية تعمل فرح، وتلبس فستان.
سحبتها والدتها وأجلستها تنظر إليها مبتسمة :
-ليلى حبيبتي هو إنتِ شرطي على جوزك، هو عايز يفرح ويفرحك معاه، وبعدين لو مشينا ورا كلام الناس مش هتعيشي يابنتي ياله امسحي دموعك، وظبطي مكياجك هو تحت وزمانه طالع ينفع تنزلي بالشكل دا، ويقولوا إيه العروسة الوحشة دي.
بترت أسما حديثها مردفةً :
-مين دي ال وحشة بس ياطنط؟
دا ليلى قمر والي مش عجبه يخبط دماغه في الحيطة حتى لو كان راكان نفسه .
رفعت نظرها ترمق أسما بتحذيرٍ
-بقالك أسبوع وتولدي لمي نفسك، قهقه الجميع عليها، لحظات واستمعوا لصوت طرقاتٍ على باب الغرفة
خرجت درة وسيلين وتبقت أسما ووالدتها، دلف للداخل بهيئته الرجولية التي خطفت قلبها، فلقد قام بتغيير بدلته الرمادية وارتدى تلك البيضاء التي لأول مرة يرتدي ذاك اللون
تحركت أسما تجذب سمية للخارج عندما توقف ينظر إليها ..نزلت بأنظارها للأسفل تفرك كفيها خجلًا من نظراته التي تخترقها .
خطى بخطواته السلحفية حتى وصل أمامها يرسمها بشمسه ثم دنى يهمس لها :
رُفعت ثم رُفعت ثم رُفعت الجلسة مولاتي..
شدّد من احتضانه لها
-رغم إنك مراتي من سنتين إلا أني حاسس لأول مرة نتقابل
خرجت من أحضانه قائلةً :
-أول مرة أشوفك لابس بدلة بيضا !
أردف بصوته المبحوح :
-عشان أول مرة أتجوز، لازم كل حاجة تكون مختلفة، كل حاجة لازم أعملها لأوّل مرّة.
ارتجفت شفتيها فهمست:
-بس ..بس أنا اتجوزت قبل كدا..
وضع إبهامه ليوقفها عن الحديث
-دا محصلش، أنا بس ال أقول إنك اتجوزتي قبل كدا ولا لا، أنا ومحدش تاني سمعتي، كأنك فقدتي الذاكرة واتولدتي من يوم مابقيتي ليلى راكان البنداري
زي ما أنا اتولدت من يوم مادا اعترفلي بحبه، أشار بها على قلبها.
رفرفت بأهدابها تحاول السيطرة على ارتعاشة دواخلها فهمست:
-ما أنا فعلًا اتولدت من يوم ما أخدتني في حضنك، مش فاكرة غيره.
حبيبي هنتأخر، والصراحة عايزة أهرب منك مش قادرة أقف
ابتسم يملس على وجنتيها
-احنا هننزل دلوقتي بس استعدي يامدام راكان البنداري قضي الأمر
وضعت رأسها على كتفه:
-والله هقع منك بقولك أهو، قهقه عليها وهو يكور ذراعيه لتطوّقه، وتتبطئ به
رفعت فستانها وتحرّكت معه، وسعادة الدنيا تحتل كيانها..همس لها
-الفستان دا عملته مخصوص لأجمل ست في الكون، نظرت إليه بانبهار
-شكله غالي أوي حبيبي تسلم إيدك .
-الكون كله ميغلاش على ملكة قلبي.
ضغطت على ذراعه مبتسمةً :
-هقع منك على فكرة
رفع ذقنها وتحدث :
-اقعي بس وأنا أشيلك برموش عيوني.
استدارت للجهة الأخرى
-كدا كتير على قلب مولاتك
تحرّك لخارج الغرفة، وجد يونس وسيلين، اقتربت سيلين تطوّق عنقه وانسابت دموعها
-ألف مبروك ياحبيبي، أخيرًا شوفتك عريس ياراكان، ضمها يربت على ظهرها
-ربنا يبارك فيكي ياقلبي، عقبال فرحك يا أجمل عروسة.
قبلت ليلى على خديها
-الله أكبر على الجمال، لا راكان يخطفك على طول، قاطعها يونس عندما اقترب واحتضنه
-مبروك ياراكان، كان نفسي أقولك بالرفاء والبنين بس إنت ماشاء داخل فرحك بعيل، يعني كان ممكن تستنى لحد ما المدام تولد وابنك يحضر فرحكم
لكزه بصدره، ثم دفعه بعيدًا:
-امشي يلآ، بارد
وقف عاصم أمامه ينظر لابنته، ثم توجّه إليه، فتحدّث راكان:
-أنا هنزل هستناكم تحت قالها وهو يطمئنها بعينيه .
وصل إلى بهو كبير يربط القاعة بمكان تواجدها وانتظر هبوطها
طوّقت ذراع والدها بعدما طبع قبلةً على جبينها
-السعادة دايما لحياتك ياروح أبوكي، ابتسمت له:
-ربنا يخليك ليا يابابا
هبطت للأسفل والمشهد حولها يبهر العيون، الإضاءة خافتة حولها والراقصين منتشرين على الجانبين كحبات ألماس بألبستهم البيضاء ودخان سحابة الزفاف حولها ..نزلت كأميرةٍ لأميرها ليخطفها من بين الحضور، كان بحلته الأنيقة يحمل باقة ورود من حديقة فؤاده ونبضات قلبه التي أصبحت صاخبة كحال الموسيقى العازفة حوله .. انطلقت الزغاريد مع وصولها إليه
دنى يستلمها من والدها الذي ضمّه بمحبةٍ
-ألف مبروك، بالرفاء والبنين وربنا يجعل حياتكم كلها سعادة
كانت نظراته تعانقها، فأجاب والدها:
-اللهم آمين، دنى يطبع قبلة على جبينها قائلًا:
-ألف مبروك مولاتي..ألف مبروك يا لي لي..اهتزّت بالكامل كأنّها لأوّل مرةٍ ستكون عروسًا
رفع كفيه، وتعانقت الأيدي كما تعانقت القلوب
هبط الى الأسفل مع العزف الملكي للزفاف الأسطوري الذي قام بالإشراف عليه بنفسه، حتى دعوات الزفاف
اتسعت ابتسامته وهو يراه كما خَطط له،
وصل إلى المكان المخصص للرقص
أحاط خصرها بذراع وبالآخر أمسك كفها ووضعه ليستقر عند موضع قلبه ..خفتت الإضاءة من حولهما سوى من نقطة وقوفهما
تحرك على اللحن الموسيقي العاشق لهما
ده من أول دقيقة لحبك قلبي مال عرفتي بميت طريقة تغيري حال بحال
بتوه بين الحقيقة يا عمري والخيال
أنا عايزاك تفضل جنبي سندي وفارس أحلامي
قلبي في قربك مطمن خليك دايمًا قدامي
ده أنا قبل ما بنطق كلمة بتكمل ليا كلامي
ده وجـودك بيكملني خليتي حياتي حياة
إحساسي بحبك خدني وأنا هفضل ماشـي وراه
حضنك يا حبيبتي لا يمكن لو ثانية أعيش بـراه
فيه واحدة تمللي في ضهرك و في ضعفـــك هتقويك
تؤمرها حبيبي وأمرك هتقول شبيك لبيك
جنبك ولآخرعمرك هتعيش علشان ترضيك
بغير من عيني وأنا شايفك وده اللي وصلت ليه
لو أسمع اسمي بشفايفك بقولك كرريه
وعمري ما هقدر أوصفلك بحبك قد إيه
ارسمني في ليلك نجمة، ضيها يلمع في العين…
ارسمني في ليلك نجمة ضيها يلمع في العين
اكتبني في عمرك كلمة يحكوها الناس بعدين
أنا نفسي أعيش فوق عمري يا حبيبي معاك عمرين
لو تطلبي مني عينيا لو تطلبي عمري كمان
هديكي سنيني الجيا وهكون راضي وفرحان
إنتي اللي وجودك جنبي حسسني إن أنا إنسان
ده من أول دقيقة لحبك قلبي مال عرفت بميت طريقة أغير حال بحال
بتوه بين الحقيقة يا عمري والخيال
كانت تتحرك مع اللحن وتعانق عيناها عينيه، وكأنها تردّد الأغنية بلسانها له
دنا يهمس لها بعدما شعر من نظراتها همسها
-وأنا بقولك نفس الكلام حبيبي..
انتهت الرقصة متجهين لتقطيع كعكة الزفاف التي كانت لا تقلّ روعة عن جمال الحفل بعد فترةٍ ليست بالقليلة، انتهى الحفل الأسطوري، ووصلت سيارتهما المخصوصة التي تنقلهما بقيادة يونس وسيلين لمطار القاهرة الدولي
وصل بعد فترة للأراضي السعودية، لقضاء العمرة، سحبها من كفّها متجهين للفندق الذي سيمكثون به بعض أيامهم
دلفت للداخل، وجدت تجهيزاته، استدارت مبتسمةً
-عامل حسابك في كل حاجة..وصل إلى الفراش وقام بخلع جاكيت حلته متجهًا إليها
-ليلى حبيبتي إنتِ عروستي، فاهمة يعني إيه، يعني عامليني على أساس كدا
دنت مبتسمةً وطوقت عنقه وتحدّثت بإغراء أنثى طاغية:
-ياترى عريسي عايزني أعامله ازاي، فتح عين وأغلق الأخرى
-دي أفهمهالك إزاي، لا حبيبتي دي مبتتحكيش، عشان الحيطان لها ودان، ياله غيري عشان نصلي ونبتدي حياة جديدة وكأنّنا لأوّل مرّة
رفعت فستانها وتحرّكت للداخل ..
أمسك هاتفه
-عملت ايه، فيه جديد ؟
-مفيش الأدلة كلها قدّام النائب العام، حاول متتأخرش عشان القضية مترحش لحدّ تاني، وادعِ لجواد باشا لولا تدخّله كانت اتسلّمت لوكيل نيابة تاني .
هشكره أكيد لما أرجع، جاسر لو هتبات في القسم عينك عليهم، إكاك ثم إياك يغيبوا عنك
تحرّك للدّاخل ليستعدَّ لصلاته، طرق على الباب
-ليلى نمتي جوا ولا ايه، دلف وجدها تجلس على الاريكة تنظر في اللاشيء، ذُهل من جمودها، وصل إليها
-ليلى قاعدة كدا ليه؟
نظرت إليه
-راكان أنا خايفة أوي، خايفة من ال جاي، عارفة مش وقته، بس دا إحساس حبيبي اعذرني.
ضمها لصدره
-ليلى وسماي خايف وأنا جنبه، خرجت من أحضانه تنظر لعيناه ثم وضعت كفيها على وجنتيه
-آسفة ياراكان ، مش قادرة، خايفة يحرموني منك، مش هقدر، سيب القضية دي، تعالَ نعيش نربي ولادنا في هدوء، بلاش تخليهم يوجعوا قلبي عليك ياحبيبي لو سمحت.
مسد على خصلاتها وأردف بنبرةٍ حنونةٍ :
-ليلى اهدي مفيش حاجة من دي هتحصل، أخرجها ورفع خصلاتها من حول وجهها
-فين ثقتك بربنا، ايه الإيمان الضعيف دا؟
قومي يامدام ، نكدتي على جوزك في ليلة العمر.
ابتسمت تلكزه بصدره بخفة
-ليلة عمر ايه، مراتك حامل ياحبيبي وهتدخل في الشهر الخامس اهو
قهقه عليها وهو يسحبها لأحضانه
-ياستي انسي وعيشي اللحظة، دا إنتي فصيلة .
توقفت وهي تطالعه بعيونها العاشقة
-ربنا يخليك ليا ومايحرمني منك أبدًا، وتفضل منوّر حياتي على طول .
-طول ما إنت جنبي هتفضل حياتي منوّرة، أنا فرحان أوي ومن كتر فرحتي نفسي أصرخ بأعلى صوتي وأقول للدنيا كلها أنا بحب أجمل ستّ في الكون
مش عايزة تقوليلي ليه السعودية ال طلبتي نقضي فيها أسبوع؟
استدارت بظهرها وتحدّثت حتى لا تهتز :
-افتح السوستة، مش دي ليلة العمر! ،عيشني اللحظة
قهقه عليها وهو يضمها من الخلف
-طيب مفيش في الليلة غير فتح السوستة؟
-راكان..صاحت بها
-بطل هزار وافتح السوستة وخليك مؤدّب، مع إني أشك اصلًا في كدا
-أنا محدش ربّاني ياروحي، وحياة ليلى عندي أنا مربي نفسي، لما بقيت أكبر قليل أدب.
نهضت وهي تسبه بخفوت
-دي مش عايزة حلفان ياحبيبي ، لأن سمعتك سباقك
نهض يقف أمامها
-امم معترفة يعني، طيب إيه، يعني حبيبك وحش
رفعت كفيها، ثم مطت شفتيها
-حبيبي، هو إنت حبيبي؟ مين ضحك عليك بكدا، مش يمكن فيه أحب منك عندي
ظل صامتا، يدقق بعيناها إلى أن رفعت عيناها واحتضنت عيناه
-بتبص لي كدا ليه؟
أدارها بهدوءٍ ثمّ فتح سحاب الفستان
-خمس دقايق وألاقيكي برة عشان نصلي، لازم نرتاح من السفر، عشان هنصحى بدري، قالها بخطواتٍ مهرولةٍ
توقّفت بجسدٍ متيبسٍ:
-ماله دا، ليكون زعل، لا أكيد هو عارف أنا بهزّر
خرجت بعد قليل، وهي ترتدي إسدالها، أغلق المصحف ، ونهض متحركًا دون حديث ليؤمّ صلاتهما
انتهى بعد قليل، جلس بمكانه ومازال مواليها ظهره،
تحركت إلى أن جلست بجواره تضع كفيه على أحشائها
-عارفة إنك زعلت من كلامي، بس مش قصدي أزعلك حبيبي ، بس ال جوا دا غالي أوي ياراكان عشان منك،دا أغلى من حياتي نفسها، مستعدّة أتخلى عن حياتي ولا أتخلى عن حاجة تربطني بيك ياحبيبي، عشان كدا بقولك فيه ال أغلى منك، بس دا مجرد كلمات، طبعًا إنت مش عايز كلام عشان تعرف إنت إيه بالنسبالي.
دنت منه تنظر لعيناه مباشرة وعيناها تلتمع ببريق عشقه
-إنت هنا، توشّمت بقلبي ومش هتقدر تبعد عني إلا بخروج روحي، لأن روحك اختلطت بقلبي وروحي عندك .
جذبها بقوة حتى أصبحت بأحضانه، دقات عنيفة جعلته يحبس أنفاسه داخل صدره انحنى، يضع رأسه بعنقها، وأطلق زفرةً حارةً لم يستطع تخبئتها أكثر من ذلك قائلًا:
-ليلى حتى لو ابني بلاش كلمة فيه أغلى منك دي، دي تكون بينك وبينه، بس بينا لا، أنا بس ال عندك ياليلى، مش عايز حاجة تشغل قلبك عني
كانت تخلل أناملها بخصلاته، توقّفت فجأةً عندما استمعت لحديثه
-إيه ؟
رفع رأسه وطالعها بهدوء رغم نيران غيرته التي لو خرجت لأحرقت كلّ ما يقابله
-زي ماسمعتي، ولادنا حبهم في قلوبنا، بس متجيش توقفي قدامي وتقولي ابني أغلى حاجة عندي، متنسيش إنك كنتِ متجوزة أخويا، وعندك ابن، فاهمة الكلمة دي؟
تصنم جسدها حتى ترقرق الدمع بعيناها، وكأن خنجرًا دقّ بقلبها من حديثه، فارتجفت شفتيها
-تقصد إيه ياراكان ؟ تقصد أن ..وضع إبهامه على ثغرها
نهض يبسط يديه، ياله حبيبي عشان هنّام .كانت تنظر حولها بضياعٍ من ردّة فعله، نهضت تتحرك إلى الغرفة سريعًا، وقامت بإزالة إسدالها تلقيه بغضبٍ على الأريكة، وعبراتها متكوّرةً بعينيها
رفعت غطاء الفراش، وتمدّدت تواليه ظهرها دون حديثٍ.
وقف متنهدًا، وشعر بالغضب من نفسه، لقد أحزنها، اقترب عندما شعر بألمٍ مفرطٍ يجتاح كلّ خليةٍ بجسده، عندما أحس بعبراتها، تمدّد بجوارها يجذبها لأحضانه:
-دا وعدك ليا؟ دي الليلة الي بتمناها؟
استدارت تبكي بروحٍ متألمةٍ حتّى تحوّلت عبراتها لزجاجٍ يشحذ جلد وجهها.
حزن من نفسه على عبراتها
-آسف ياليلى، مسحت دموعها تدلف لأحضانه
-عمرك ماهتنسى ياراكان، هيفضل جوازي من أخوك نقطة سودة في حياتنا .
ضغط على خصرها، وأكملت بصوتها الباكي :
-قولت إحنا اتولدنا من جديد، بس شوف قولت إيه؟
-آسف حبيبتي، بس غرت أوي حياتي، سامحيني .
أخرجت رأسها تطالعه
-وأنا كمان، قلبي بيولع نار كل ما أتخيل إنك كنت مع حد تاني زي كدا، قولي نعمل إيه عشان ندفن الماضي ومانفتكروش، والله بتمنّى أفقد الذاكرة ، الغيرة نار أوي، أنا عذراك أوي.
-اشش اهدي، وحياة ربنا كل حاجة معاكي لأول مرة، عمري ماعملت كدا مع حد، وكمان إنتِ حبيبة راكان، اختارك بقلبه .
ظلت تطالعه بصمتٍ، ابتسم قائلًا:
-إيه هنقضّي الليلة نتكلّم، عمرك شوفتي عرسان بيتعاتبوا كدا ليلة دخلتهم ؟
لكمته بصدره وهي تضحك:
-دخلة ايه دا انت قضيت على دخلات مصر كلها، أطلق ضحكاته الرجوليةِ المرتفعةِ وهو يضمّها لأحضانهِ
-نقي على جوزك ياحبي، وبعد كدا تعالي عيطي .
دفعته وهي تنهض إلا أنه جذبها حتى سقطت على الفراش يطالعها .
❈-❈-❈
بمزرعة نوح
جلس يحيى بجوار نوح وقام بقصّ مافعله
-كانوا داخلين شركا عشان نضافة شركتنا، وعرفت بعد كدا بأعمالهم الغير قانونية، فضلت معاهم لحد ماجريتهم زي ما اتفقت مع راكان، وعرفنا كل مداخلهم وكان لازم يفضل منيّمهم بموضوع فرحه دا عشان يفضل لحدّ مايسلمو شحنة المخدرات ويمسكهم .
عجبني تفكيره ! لا وعامل دعوات فرح ليهم بس باسم نورسين، حوالي خمسين فرد، والباقي باسمه وباسم ليلى، يعني كان مخطّط لكلّ دا، وكاتب في الدعوة الفرح الساعة عشرة، وعندهم سبعة، شوفت تفكيره، بحيث يخلص من ضيوفها يكون ضيوفه لسة، مع شوية ضباط ومخبرين وشركة أمن وصحبات سيلين ودرة، حبكها كالملك .
صفق نوح بيديه
-هو دا راكان البنداري، يفضل مدكّن لحدّ مايضرب ضربته، حتى داليا المربية، ضربهم بيها في مقتل، عفارم عليه واللّه.
بس طبعًا هو هيترافع لقضية المخدرات والسلاح بس، إنّما قتل سليم وخطف درة دول مينفعش يترافع فيهم عشان من العيلة
هزّ نوح رأسه متفهمًا.
عند يونس وسيلين بعد رجوعهم من المطار
وصل إلى شقته، وهو مقيمٌ حفلًا ثنائيًا لهما، أنوارٌ خافتةٌ، ومائدةٌ لفردين مع موسيقى هادئةٍ
ابتسمت تعانق رقبته
-دا ايه الرومانتيكا دي؟ جمال ياحبيبي !
اقترب منها بهدوءٍ وأمسك كفّيها وبحركةٍ دائريةٍ جعلها تلتف وهي تضحك، بعد إزالة حجابها،فتراقصت خصلاتها الشقراء حول عنقها .
جذبها من خصرها يتراقص على لحن عزف نبض قلبيهما
أنا قلبي دليلي قالي هتحبي.
قهقهت بأحضانه وهو يدندن لها، وضعت رأسها بأحضانه
-يونس كفاية أنا دّخت..سحبها إلى أن جلس على المائدة وأجلسها بجواره، يطعمها حتى انتهى ،وهو يقص لها بعض حالاته مع النساء الحوامل .
بعد فترة قام بتشغيل هاتفه لكوكب الشرق
بعيد عنك حياتي عذاب
توسد ساقيها وهو مازال يقصّ لها بعض المواقف ؛ حتى وصل لصداقته مع حمزة ونوح، وهو يضحك بصوتٍ مرتفعٍ كلّما تذكّر مافعله بنوح، تراجعت بجسدها وكفيها يتخلل بخصلاته حتى غفا كلاهما .
وصل حمزة أمام منزلها، ترجّل من السيارة، وأمسكها حتى لايعيقها ردائها
حاوط خصرها متجهًا لداخل المنزل
-خطفتي عقلي النهاردة درة قلبي، بالراحة على قلب جوزك
وصل إلى باب المنزل، ثم جذبها لتبقى بأحضانه
-حمزة تفتكر ممكن يضرّوا ليلى وراكان
-متخافيش ياقلب حمزة ، كلّه هيكون كويس ، إحنا مرتبين كلّ حاجة، المهم زي ما قولتلك يادرة
ممنوع الخروج مهما كان إلا بمعرفتي، كويس إن كريم سافر يكمل تعليمه برة، وخلي دايمًا كل الأصدقاء محطّ شكّ.
تحرّك بعد وداعه لحماه وسمية، وصل إلى شقته ولكن توقّف على رنين هاتفه :
-أيوة ياجاسر
-فيه حاجة غريبة حصلت خلي بالك، في صورة وعليها دايرة، لقيتها في الفيلا، ملامحها مش باينة، بس مكتوب عليها، متر الغلابة .
ابتسم وهو يدلف للداخل:
-العمر واحد والرّب واحد، قل لن يصيبنا إلا ماكتب الله لنا .
أجابه جاسر
صدق الله العظيم..
دلف ولكنه توقّف ينظر لتلك التي تقف أمام منزله الدّاخلي
باليوم التالي عند راكان وليلى
سحبها من كفيها خارجًا من الفندق متجهًا إلى الكعبة المشرفة ملتقى القلوب في رحاب الله وتنزّه الأرواح عن الخطايا ، دلفوا متجهين لمناسك العمرة
فالعمرة بأي وقت بالسنة، ك عمرة رمضان أو أي شهر آخر يؤدي فيه العمرة، فإن جميع السنة وقت للعمرة، فيجوز الإحرام بها في كلّ وقت من السنة، ولا يكره في وقت من الأوقات وسواء أشهر الحج وغيرها في جوازها من غير كراهة، وبهذا قال مالك وأحمد وأبو داود والجمهور، ولا يكره عمرتان وثلاث وأكثر في السنة الواحدة، بل يستحبّ الإكثار منها. روى البخاري ومسلم عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (يهل أهل المدينة من ذي الحليفة وأهل الشام من الجحفة، وأهل نجد من قرن)
وقال ابن عمر: بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (يهل أهل اليمن من يلملم).
وروى مسلم عن جابر وسئل عن المهل فقال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مهل أهل العراق من ذات عرق). الإحرام من الميقات أفضل؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحرم من ذي الحليفة ولم يحرم من المدينة، وإذا كان المسلم بمكة مستوطناً أو عابر سبيل وأراد العمرة، فميقاته أدنى الحل، فيكفيه أن يذهب إلى الحل من أي جهة من الجهات، وأما المستحب فمن الجعرانة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم اعتمر منها، أو من التنعيم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أعمر عائشة من وهي أقرب الحل إلى البيت. استحباب الغسل عند الإحرام وإذا أراد المعتمر أو الحاج أن يحرم من الميقات المحدّد له، فمن السنة أن يتجرد من ثيابه ويغتسل كما يغتسل من الجنابة، والاغتسال عند الإحرام سُنة في حق الرجال والنساء حتى الحائض والنفساء. ثم بعد الاغتسال يلبس ثياب الإحرام ويلف رداءه على كتفه، ولا يُخرج الكتف الأيمن إلا في طواف القدوم، ثم يُصلي (غير الحائض والنفساء) الفريضة إن كان وقت فريضة، وإلا صلى ركعتين ينوي بهما سُنة الوضوء، وإن لم يُصل فلا حرج. والإحرام من غير غسل جائز، قال ابن المنذر: أجمع أعيان أهل العلم على أن الإحرام بغير غسل جائز.
ويستحب أن يتأهب للإحرام بحلق العانة ونتف الإبط وقص الشارب وتقليم الأظافر؛ لأنه أمر يسن له الاغتسال والطيب، فسن له ذلك كالجمعة؛ ولأن الإحرام يمنع قطع الشعر وقلم الأظفار، فاستحب فعله قبل الإحرام لئلا يحتاج إليه في إحرامه.
ما يلبس المحرم من الثياب ؟ أما ما يلبسه المحرم فالسنة أن يحرم في إزار ورداء ونعلين، وفي أي شيء أحرم جاز إلا الخف ونحوه والمخيط. والمقصود بالمخيط: الثوب الذي يلبس، وقد فصل على الموضع الذي جعل له، حتى ولو كان في بعض البدن، كالسراويل والقميص والقفاز ونحو ذلك، والثوب الجديد في هذا أفضل من المغسول. التلبية عند الإحرام إذا فرغ من الصلاة أحرم وينوي بقلبه ويلبي بلسانه، فيقول: لبيك عمرة، لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك، وينبغي أن يرفع صوته بالتلبية، والمرأة تقوله بقدر ما يسمع من بجوارها فقط. ومعنى (لبيك): اتجاهي وقصدي إليك، أو محبتي لك أو إخلاصي لك، أو أنا مقيم على طاعتك وإجابتك، وهذه الإجابة والتلبية إجابة لأمر الله عز وجل لإبراهيم {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا} ..وينبغي للمُحرم بالعمرة أن يُكثر من التلبية (خصوصاً عند تغير الأحوال والأزمان، مثل أن يعلو مرتفعاً، أو ينزل منخفضاً، أو يُقبل الليل أو النهار، وأن يسأل الله بعدها رضوانه والجنة، ويستعيذ برحمته من النار ) إلى أن يبتدئ بالطواف. وأكثر أهل العلم على أن المعتمر لا يقطع التلبية حتى يستلم الحجر، ومن لا يحسن التلبية بالعربية لبى بلسانه كتكبيرة الإحرام وغيرها.
ف العمرة تبدأ عند دخول بيت الله الحرام والابتداء بالطواف مستحب لكل داخل، سواء كان محرماًً أو غير محرم، صلى تحية المسجد. فالركن الأول: هو الركن اليماني الذي فيه الحجر الأسود، وهو أول ركن في الطواف، فالبداية تكون من عنده. والركن الثاني: هو الركن الشامي، ثم تدور من وراء الحجر وتصل إلى الركن الثالث، وهو الركن الشامي الثاني، ثم تصل بعد ذلك إلى الركن الرابع، وهو الركن اليماني، فهذه الأربعة الأركان التي حول البيت. فالركنان الشاميان ليس فيهما استلام ولا تقبيل، والركن الذي فيه الحجر الأسود فإنك تستلم الحجر وتقبله وتسجد عليه، والركن اليماني الآخر السنة فيه المسح يبدأ بالصفا فيرقى عليه قدر قامة، أي: أنه يصعد على الصفا قليلاً حتى إذا رأى البيت كبر الله وهلله وحمده، فينظر ويتوجه إلى البيت وهو فوق الصفا، ثم يكبر الله: الله أكبر، ويهلل الله: لا إله إلا الله، ويحمد الله: الحمد لله، ثم يقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، ثم يدعو بما أحب من خير الدين والدنيا
والآخرة لنفسه ولمن شاء.
واستحب العلماء أن يدعو بما دعا به ابن عمر رضي الله تبارك وتعالى عنه، فقد كان له دعاء يدعو به بعد أن ينتهي من الركعتين خلف مقام إبراهيم، وأيضاً وهو واقف على الصفا والمروة، فعن نافع عن ابن عمر أنه كان يقول على الصفا: (اللهم إنك قلت {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُم وإنك لا تخلف الميعاد، وإني أسألك كما هديتني إلى الإسلام ألا تنزعه مني حتى تتوفاني وأنا مسلم، اللهم اعصمنا بدينك وطواعيتك وطواعية رسولك، وجنبنا حدودك، اللهم اجعلنا نحبك ونحب ملائكتك وأنبياءك ورسلك ونحب عبادك الصالحين، اللهم حببنا إليك وإلى ملائكتك وإلى أنبيائك ورسلك وإلى عبادك الصالحين، اللهم يسرنا لليسرى وجنبنا العسرى، واغفر لنا في الآخرة والأولى، واجعلنا من أئمة المتقين)، ثم ينزل من الصفا إلى المروة ماشياً، حتى يُكمل سبعة أشواط، ذهابُهُ من الصفا إلى المروة شوط، ورجوعه من المروة إلى الصفا شوط آخر. ويقول في سعيه ما أحب من ذكر ودعاء وقراءة قرآن. إذا أتم سعيه سبعة أشواط، حلق رأسه أو قصر إن كان رجلاً، وإن كانت امرأة فإنها تقصر من أطراف شعرها قدر أنملة. وبالنسبة إلى الرجال ينبغي أن يكون الحلق شاملاً لجميع الرأس، وكذلك التقصير يعم به جميع جهات الرأس. والحلق أفضل من التقصير.
……….
بعد يومين انتهيا من العمرة، مع زيارة الأماكن المقدّسة، والتنزّه قليلًا،الى أن انتهيا من أسبوعهما
وصل راكان بصحبة ليلى للأراضي المصرية متّجهين لمنزلهما بالمزرعة
أسرع أمير إليهما تلقّفه بين ذراعيه وهو يدور به، جلست ليلى بجوار زينب وهي تكاد أن تفتح جفونها من الإرهاق
ربتت زينب على كتفها
-قومي ارتاحي حبيبتي وأنا هشرف على الغدا لحدّ مايونس وسيلين يرجعوا، والدك ووالدتك هيجوا على الساعة تسعة باللّيل، توقّفت
-تعبانة ومحتاجة للنوم، آسفة ياماما متقلة عليكي، وأمير تعبك
رفعت نظرها لزوجها الذي يتسطح على العشب وهو يجذب أمير ليغفو فوق صدره
-هو مع عمه دلوقتي ياليلى روحي ارتاحي، أومأت متحركة للأعلى، كان يراقبها بنظراته
تذكّر آلامها منذ أمس، اعتدل وهو يرفع أمير على عنقه متجهًا إلى والدته.
مساءً جلس الجميع بحديقةِ المنزل
-أردف أسعد :
-شوفت جدك النهاردة؟ حرك إيده.
هزّ رأسه:
-دا كويس أوي، شويّة شويّة هيرجع، ولكنّه توقّف
-علاج السرطان ماشي عليه، لسة بيعمل جلساته بانتظام ؟
أجابه بحزنٍ :
-للأسف بيعملها بس مفيش نتيجة.
ربت على ذراع والده
-بكرة هيرتاح صدقني، المرض ذليل أوي يابابا، أنا ال هقولك
رفع نظره لخاطفة قلبه، وهي تتهادى بسيرها بسبب إرهاقها البائن على وجهها، توقّف متجهًا إليها
-عاملة ايه دلوقتي ؟
جلست بجوار والدتها
-كويسة أحسن الحمدلله.
ربتت والدتها على ظهرها بحنانٍ أموميٍّ
-دا من السفر حبيبتي بكرة هترتاحي، حاولي تريحي جسمك.
وصل يونس وهو يرفع يديه
-وأنا بقول مصر والعاصمة منوّرين ليه، رفعَ حاجبه ساخرًا
-عشان حلوف ذيك فيها مش كدا؟
قهقه يونس قائلًا :
-لا عشان هتجوزوني أصل أعملكم مصيبة، وإنتم أحرار، لحدّ آخر الشّهر بنتكم سليمة، بعد كدا محدّش يسألها من أين لك هذا ؟
قهقه أسعد عليه، يصفعهُ بخفةٍ
-طيب اعملها كدا وشوف هعمل فيك ايه.
نهض راكان عندما وصل نوح وبجانبه أسما ويحيى .
نظرت ليلى لبطن أسما المنتفخة
-عاملة إيه ياأسوم وحبايب خالتو عاملين ايه؟
وضعت كفّيها وهي تكاد تتحدّث من آلامها
-هولد بعد يومين دعواتك.
أجلسها نوح بعد السّلام
توجّهت ليلى إليه بعتابٍ :
-مكنش له لزوم تجبها بالتّعب دا.
وضعت رأسها على كتفه
-تعبت من الحبسة، وبعدين وحشتيني أوي يالولة.
دفعت ليلى نوح :
روّح عند الرّجالة، ثمّ جذبتها لأحضانها
– وإنتِ كمان ياحبيبتي والله، كنت هجيلك ياأسما ..
تغير حالها وفجأةً صرخَت
أسرع نوح الجالس بجوار الرجال بعيدًا بعض المسافةِ
-فيه إيه؟
نظرت أسفلها، وأشارت
هولد يانوح، آاااه
وصل يونس بعد صراخها
-لازم مستشفى فورًا، دي ولادة، ودول توأم مينفعش تولد في البيت.
بعد فترة توقّف الجميع ينتظرون خروج يونس من غرفةِ العمليات، دقائق وخرجت الممرضة تحملُ طفلين
أسرع نوح إليها:
-هي عاملة ايه؟ ليه مش خرجت ؟
-هتخرج بعد شوية، الدكتور بيخلص معها، هو قالي أخرجلكم البيبهات .
حمل يحيى طفلًا منهما، بينما حملت الآخر ليلى وهي تدقّق النظر به
-دا شكل نوح أوي..
خطفه راكان من يديها
-بس ياماما، دا شبه عمه راكان، نوح مين، دا يطلع مجرم شبهه.
ابتسمت على كلماته :
-لا طبعا حبيبي مفيش حد شبهه.
اقترب منها
-وحياة حبيبك دي لأرمي الواد ابن الحلوف دا، وأخطفك، وبعدها محدّش يسأل عليكي
اقترب منهما حمزة :
-دا عيّل على فكرة مش لعبة إنت ومراتك..
أخذه حمزة متجهًا مع نوح إلى غرفةِ الأطفال.
بعد شهرين
استيقظ مبكرًا ، يستعد لجلسته اليوم.
نهضت من مخدعها تطالعه، ثم دنت ونظراتها عليه
-ممكن اطلب منك طلب.
استدار وهو يربط رابطةَ عنقه
-إنتِ تؤمري حبيبي
جذبت مأزرها ترتديه ،وتحركت حتّى وصلت أمامه مباشرةً
-عايزة أحضر معاك الجلسة، نفسي أشوفك وإنت بتترافع أوي.
حاوطها بذراعيه وكفّيه على رابطة مأزرها
-والمقابل ايه؟
وضعت رأسها بصدره تتمسح به
-بقيت غني من كتر ما أخدت مقابل ياحبيبي..ابتسم يرفع ذقنها
-حبيبك مفيش أغنى منه وهو مالك أجمل ست في الدنيا..
طيب إيه هتاخدني معاك..صمت هنيهةً وهو يطالعها
-اجهزي.
بعد قليلٍ وصل إلى المحكمة كان أصدقائه بانتظاره، نظر لسيارة التّرحيلات وهم يجلبون قاسم بجوار النمساوي وأمجد، نظر أمجد لليلى التي دلفت لأحضانِ راكان تضع يديها على صدره وتخبأ رأسها بصدره ، وكأنّها تحميه من نظرات أمجد إليه .
جذب أمجد العسكري متجهًا إليه
-وحياتك لأخرج وأدفعكم التّمن غالي، أشار راكان للعسكري
-خدوه من قدامي..
حاوط خصرها دالفًا للداخل.
بعد قليل
أعلن الحاجب عن قدوم القاضي والمستشارين.
عمّ الصّمت أرجاءَ المكانِ ، وافتُتحت الجلسة
استهلّ راكان
بسم الله أبدأ مرافعتي، بسم الله الحكم العدل الذي يمهل ولا يهمل، بسم الله الذي اتخذ من الحق اسمًا جعله لنا سبيلًا، وهدفًا منشودًا.
شرف النيابة العامة أن تمثّل المجتمع في مجرى عدلكم ورحابِ قضائِكم، شرفٌ عظيمٌ أن تحمل النيابة تلك الأمانةَ التي عرضت على السماء والأرض والجبال فأبيْن أن يحملنها وأشفقن منها .
كانت النيابة العامة على العهد والوعد وإن ثَقلت.
شرفٌ لي أن أقف أمام هيئتكم الموقرة ومن خلفي أولئك المجرمين الماثلون أمامكم، فإني أقول لحضراتكم ألا تأخذكم بهم شفقةٌ ولا رحمة، فما ارتكبوه من جرائمٍ تكاد تنشقّ لها الأرض وتخرّ الجبال هدا .
ظل راكان يقف أمام هيئة المحكمة وهو يترافع بمرافعته مستنكرًا ومندّدًا بالجرائم النّكراء التي ارتكبوها هؤلاء المجرمين .
توقّف للحظاتٍ ثم وزّع نظراته، وشريط جرائمهم أمامه، سحب نفسًا وزفره متّجهًا بنظره للقضاة
سيدي الرئيس حضرات السّادة المستشارين ، جريمة المتّهمين ماهي ادإلا قتل الكثير من شبابنا، ولست أعني بالقتل هنا سيدي القاضي الدّم فقط، وزهق الأرواح، إنما أقصد قتل عقول شبابنا، بسمومهم النكراء، إن الجريمة متمثلة أمامكم من دلائل وبراهين، جريمةٌ من الجرائم التي تجسّدت بها أوزار الإنسانية .
وبعد ذلك سيدي القاضي فإني أبشركم وأبشركم لن تجدوا أي شفقةٍ ولن يثور الخلاف عليكم، فالوقائع ثابتةٌ والأدلّة دامغةٌ في ساحتكم الموقّرة.
لا موضع إلاّا للقانون ولا حديث إلا عن الأدلة .
وشكرّا لسعة صدروكم
وبالتّناوب مع هيئة المحامين الموكلين بالدفاع عن المدنيين، وإثباتاته بالدّلائل، وبعد فحص الأدلة المقدمة لهيئة المحكمة .
أخيرًا أعلن القاضي تداول الحكم مع مستشاريه، ودلف للداخل، ظلّ عيناه تراقب زوجته الجالسة بجوار نوح .
بعد دقائق قليلةٍ خرج القضاة من غرفة المداولة والتّصريح عمّا توصّلوا إليه .
امسك رئيسهم بالأوراق يقرأ مقدمته المعتادة من ملابسات الجريمة أمام الحضور .
– بعد التّأكد من الأدلة وسماع الشّهود والقبض على المتهمين متلبسين
تنص المادة الثلاثة والثلاثون من قانون العقوبات أنه يعاقب كل من يقوم بممارسة الاتّجار فى المواد المخدّرة بالسجن المؤبد بدء من السجن المشدد سنوات، إلى السجن المؤبد أو الإعدام فى بعض الحالات، والغرامة المالية التى تصل إلى مائة ألف جنية مصري، كما أنّها لا تزيد عن خمسمائة ألف جنية مصري، وهذا في حالة إذا تم تصدير أو استيراد المخدرات أو أي شيء …
وبناء على ذلك قررنا نحن بالحكم المؤبد على المتهم قاسم سيد الشربيني، وحسن على النمساوي، وأمجد قاسم السيد الشربيني بالسّجن المشدّد لخمسةٍ وعشرون عامًا مع الشغل والنّفاذ، رفعت الجلسة.
صفّق جميع الحضور،
-يحيا العدل، يحيا العدل
نهض راكان وهو يطالع تلك التي تنظر إليه بفخرٍ.
تحرّكت إلى أن وصلت إليه بعد تهليل بعض الحضور
-ما أعظمك سيدي القاضي
ابتسم لها وهو يدقّق النّظر بعينيها الجميلتين رغم شحوبها
-لا مولاتي، قصدك ما أعظمك معذبي
قالها وهو يسحبها من كفيها متجهين للخارج وهم يلتقطون أنفاسًا حرة يزفروها بهدوءٍ.
أخرج هدؤهما عندما وصل كلّا من حمزة ويونس
وأخيرا هنتجوز..
داعبه يونس
-هتجوّز ياراكي، يابني أخيرًا هدخل دنيا، ماهي إلا لحظات حتى استمع لصرخاتِ ليلى…
الفصل التالي: اضغط هنا
يتبع.. (رواية عازف بنيران قلبي) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.