رواية في سبيل صهيب – الفصل الثامن عشر
البارت الثامن عشر والأخير
#البارت_الأخير
#في_سبيل_صهيب
🌱🌹🌱🌹🌱
لم تكن حربًا أردت خوضها،
لكنّكِ كنتِ السلام الذي تمنّيت أن أبلغه بعد كل اشتباك…
كنتِ الأمان الذي خبأته الأقدار عن قلبي طويلًا، وحين ابتعدتِ، توقّف كل شيء في داخلي عن النبض، أما الآن، وقد عدتِ…
فإنني مستعدٌ لأن أحارب هذا العالم بأكمله، لأفوز بكِ، وأحفظكِ بين ضلوعي وطنًا لا يُحتل، وقلبًا لا يُهزم.
في سبيل صهيب بقلمي✍️_______ لبنى دراز
ف مجموعة شركات الشهاوي
مكتب صهيب
تاني يوم، صهيب وشهاب دخلوا الشركة وهما مفقوعين من الغيظ، بسبب جدهم اللي سايبهم وبيتفرج عليهم، ومش راضي يساعدهم، ولا عايز يصالحهم ع سبيل، ومن سبيل نفسها اللى دايما قافلة السكة فـ وشهم ورافضة تديهم فرصة يدافعوا عن نفسهم، كانوا ماشيين بخطوات سريعة، ووشوشهم مكشرة، كأن الغضب ماليهم من جوة، دخلوا مكتب صهيب من غير ما يتكلموا، سمر قابلتهم عند الباب، مبتسمة كالعادة، ونظراتها عارفة طريقها.
شهاب لمح نظرتها رايحة فين، لمعة عينيها لفتت انتباهه، ولمعت فـ دماغه فكرة مجنونة،
وقبل ما يدخلوا، لف لها بابتسامة مكر: سمر، لو سمحتي، ممكن تعمليلنا القهوة بنفسك وتجيبيهلنا جوة؟
سمر رمشت بدهشة، بس هزت راسها: حاضر.
أول ما دخلوا، صهيب قفل الباب ولفّ بسرعة لـ شهاب، عينيه كلها شك وقلق: بتفكر فـ إيه يا عبقري زمانك؟! أنا مش مرتاح لك.
شهاب ضحك ضحكة فيها خبث وهو بيرفع حواجبه: هقولك يا حبيبي، بس ما تستعجلش ع رزقك، اصبر كدا ثواني، وهتفهم كل حاجة.
بعد لحظات، دخلت سمر وهي شايلة صينية القهوة بحذر، عينيها بتلمع وابتسامة خفيفة مرسومة ع وشها، كانت لابسة بلوزة ضيقة وبنطلون جينز ضيق، بيبرزوا أنوثتها بشكل واضح، قربت من صهيب، وقفت جنبه لدرجة إن المسافة بينهم بقت شبه معدومة، وريحة برفانها وصلت لأنفاس صهيب، مسببة له نوع من التوتر، مدّت إيدها بفنجان القهوة، وصوتها طالع ناعم مليان دلع: القهوة يا مستر، يارب عمايل ايديا تعجبك.
شهاب كان ساند بكوعه ع مسند الكرسي، بيراقب الموقف بنظرة مكر، رفع حاجبه بابتسامة جانبية وبنبرة هادية: أكيد هتعجبنا يا سمر، هو انتى تعملي حاجة وحشة!! يلا حطي القهوة واطلعي ع مكتبك.
سمر اتعدلت فـ وقفتها، بصت لـ شهاب بخجل مصطنع، وهمست بصوت واطي: حاضر يا مستر.
عين شهاب فضلت متابعاها وهي ماشية بخطوات هادية ناحية الباب، بتتمايل بخفة، أول ما خرجت وقفلت الباب وراها، شهاب همس بمشاكسة، وهو بيهز راسه بإعجاب: يخربيت صواريخك، ارض جو يا بنت اللذينا.
صهيب كان ماسك أعصابه بالعافية، خبط ع المكتب بعصبية، صوته كان مليان نرفزة وهو بيبص لـ شهاب بحدة: ممكن تفهّمني بتفكر فـ ايه يا زفت انت؟
شهاب اتعدل فـ قعدته، مسك فنجان القهوة، بيشرب منه بتلذذ، عينه بتلمع بنفس المكر، وبهدوء مستفز: يا لهوى ع القهوة وجمالها، تسلم ايدك يا سمورة، النبي عسل.
صهيب جاب أخره، صوته عليّ وهو بيشاور بإيده بنفاذ صبر: ولااااا، يا تتكلم وتفهّمني ايه اللى بيدور فـ دماغك الزبالة دى!! يا تاخد قهوتك وتغور ع مكتبك.
شهاب بابتسامة هادية، مال بجسمه شوية لقدام، وحط كوعه ع المكتب، وبنبرة هادية: اهدى شوية يا عم النرفوز، هافهّمك.
صهيب بتنهدة تقيلة، سحب نفس قوي وخرجه بسرعة، وبص لـ شهاب بنظرة مترقبة: ها، اتفضل اتكلم.
شهاب وهو بيقرب شوية، ساب الفنجان وشبّك صوابعه فـ بعض حطهم ع المكتب، وبنبرة جدية: بص يا باشا، احنا عايزين سبيل تصالحنا، تمام؟!
صهيب بحذر، عقد حواجبه وسند ضهره ع الكرسي: أستر يارب، تمام يا اخويا، كمل.
شهاب بابتسامة جانبية، ميّل راسه شوية: دلوقتي سمر عينها هتطلع عليك، يبقى العقل بيقول اييييه؟
صهيب بحذر أكتر، ضيّق عينه وبص لـ شهاب بريبة: انا قولت مش مرتاح لك، قول يا نابغة بيقول ايه؟
شهاب رجع بضهره سند ع ضهر الكرسي، وبنبرة واثقة: ما تقلقش امشي ورايا وانت تكسب، او تسلم ع الشهدا، ايهما اقرب.
صهيب بهزة راس مترددة، حرك راسه ببطء، وعلامات التردد باينة عليه: اهو انا مش خايف غير من مشيي وراك، وشكلنا هنسلم ع الشهدا، كمل يا اخويا كمل، اما نشوف كلام العقل بتاعك ده بيقول ايه.
شهاب بيشرح خطته بحماس، مال لقدام، وعينه بتلمع بالفكرة: كلام العقل يا هيبو يا حبيبي بيقول، لا يفلّ الحديد الا الحديد، وما يحركش المرأة غير مرأة أكتر منها جرأة، وسمر صاروخ، وهتجيبلك سبيل ع بوزها راكعة وتقولك مسامحاك يا حبيبي مسامحاك.
صهيب بغيظ واضح، ضيق بين عينيه، ومال بجسمه لقدام، وبنبرة مستنكرة: بقى سمر صاروخ؟! طيب!! نسأل كريمة بقى، ونشوف رأيها ايه فـ الموضوع ده؟!
شهاب بفزع، فتح عينيه ع وسعهم ورفع إيديه قدامه كأنه بيصد كلام صهيب: لاااااا، ابعد عن كرملتي، مالكش دعوة بيها، انا بقولك اهو.
بعدها اتعدل فـ قعدته مرة تانية وبيكمل شرح بنفس الحماس: اسمع بس وركز معايا، انت ما تكشرش فـ وش سمر لما تدخل تدلع عليك، شوية دلع صغيرين ما يضروش، ابقى اعصر ع نفسك لمونة وعديهم.
صهيب بحاجب مرفوع، وبنبرة استفهام وسخرية: وانا هستفيد ايه يا ظريف؟
شهاب بابتسامة واسعة، فرد ضهره واتكى ع الكرسي: انا اللى هستفيد يا حبيبي.
صهيب باندهاش، وهو بيحرك صوابعه ع دقنه باستغراب: وهتستفيد ايه بقى سيادتك؟!
شهاب وهو بيكمل شرح خطته، قرب بكرسيه شوية لقدام، وعينه بتلمع بمكر: هتصل بـ سبيل من رقم تاني عشان تضطر ترد عليا، واحكيلها اللى بتعمله سمر معاك، وطبعا ما يمنعش أني أزود شوية سبايسي، واقولها انك ممكن تضعف طول ما هى راكبة دماغها، فأكيد هتصالحني وتعيط لي عشان تخليني امنع المصيبة دي.
صهيب عيونه وسعت من الصدمة، وقام وقف مرة واحدة كأن فى عقرب لدغه وبصرخة مفاجأة: الله أكبر، ده احنا كدا هنسلم ع الشهدا رسمي يا فالح، سبيل مجنونة وعنادية، ومش هتتردد انها تخلص علينا احنا التلاتة، قال تعيطلك قال، تبقى بتحلم.
وبعدها قعد تاني ع الكرسي، صدره بيطلع وينزل بسرعة من التوتر، مسح عرقه بإيده وصوته خرج متقطع: لالالالالالا، انا لسة صغير وعندي عيل لسة ماشفتوش عايز اربيه، ابعد عني بأفكارك السودة دي وسيبني فـ حالي.
شهاب قام وقف قرب منه، حط إيده ع كتفه بابتسامة بيطمنه: يا ابني اسمع مني، صدقني سبيل مش هتتعدل وتصالحك غير باللعبة دي.
صهيب شال إيد شهاب من ع كتفه بقوة، وبص له بحدة: ما انا مشيت وراك قبل كدا واديك شوفت وصلنا لفين.
شهاب رفع ايده بغيظ طوحها فـ الهوا، وبنبرة فيها تهكم: ما هو انت السبب يا فالح، لو ما كانش لسانك فلت يا أذكى اخواتك كان زمانك مخاوي الواد اللي مش عارف تشوفه ده، وكان زماني خطبت كرملة وبحب فيها رسمي، بدل ما انا قاعد بحط لك خطط تصالح بيها المجنونة مراتك.
صهيب ضيق عينيه ورفع حاجب واحد وهو بيفكر فـ كلام شهاب، بعدين رفع ايده وهرش تحت دقنه: تفتكر خطتك دي هتجيب نتيجة؟
شهاب مال بجسمه سند إيد ع ضهر كرسي صهيب والتانية ع المكتب وقرب وشه من اخوه شوية، وبنبرة ثقة: لو سيادتك ما اتغبيتش، وعكيت الدنيا هتجيب نتيجة.
صهيب اتنهد تنهيدة طويلة، وعينيه مليانة قلق وبنبرة متوترة: موافق وأمري لله، وربنا يستر.
شهاب ابتسم ابتسامة جانبية، واتعدل فـ وقفته بهدوء، رايح مكتبه، وقبل ما يخرج، لف لـ صهيب وبخبث: علم وجاري التنفيذ، اشوفك فـ المشرحة يا حبيبي.
خلص شهاب كلمته، ولمح نظرة الغضب اللي اشتـ*ـعلت فـ عيون صهيب، فطلع يجري برا المكتب بسرعة قبل ما يلحقه، أما صهيب فضل قاعد مكانه، حاسس بقلق بيزيد جواه من تنفيذ خطة أخوه، وخايف تيجي بالعكس زي الخطة اللي قبلها وتروح منه سبيل للأبد وما يعرفش يرجّعها تاني.
_________________
فـ مكتب شهاب
خرج شهاب من مكتب صهيب راح مكتبه وهو بيفكر هيكلم سبيل ازاى، وصل المكتب وشاف كريمة قاعدة بتلم فـ الملفات وبترتب الاوراق اللى هيشتغل عليها طول اليوم، وقف مكانه، قلبه بيدق بقوة، كأنه هيخرج من بين ضلوعه ويجري عليها يقولها كل اللى مخبيه من زمان، قرب ناحية مكتبها وقف قدامها من غير ولا كلمة، بس عينيه كانت بتتكلم بداله.
كريمة كانت حاسة بيه قبل حتى ما يدخل، ولما شافته واقف قدامها سكتت لحظة واتوترت، وقامت تقف ع طول وبصّت له بتوتر: صباح الخير يا مستر شهاب.
شهاب ما زال واقف ساكت، بس عينيه فيها كلام مالوش آخر، وابتسامته كانت هادية وصافية بس بيحاول يداري اللي جواه.
كريمة حست بالتوتر اكتر من نظراته، وحاولت تتكلم، صوتها خرج مبحوح وهى بتسأله: تحب ابعت القهوة حالا؟ ولا استنى شوية؟.
شهاب بصّ لها شوية، وبعدين بكل هدوء: تقبلي تتجوزيني؟
كريمة غمضت عينيها ثانية وهزت راسها، زي اللي بيحاول يصحى من حلم، وبعدين فتحتهم، وهى مش مصدقة اللى سمعته، وبتحاول تستوعب كلامه، بصت له باستغراب: حضرتك قولت ايه؟
شهاب مال بجسمه وسند بايده ع المكتب، قرب منها شوية وهمس: بقولك بحبك وعايز ادخل البيت من بابه واتجوزك، قولتي ايه؟ هتوافقي؟
كريمة حسّت إنها هتقع، اتحدفت ع الكرسي وعيونها وسعت من الذهول: ها؟! .. بلعت ريقها بصعوبة وبصت له وضربات قلبها بتزيد لدرجة انها سامعاها: انت بتتكلم بجد؟ ولا بتهزر؟
شهاب قعد ع الكرسي قدامها، سكت لحظة و هو باصص لها، وبعدها لف عينه بعيد عنها، وبنبرة كلها صدق: هو الكلام ده في هزار يا كريمة؟! انا خلاص ما بقيتش قادر اصبر أكتر من كدا، قولتي ايه بقى؟ موافقة ولا لأ؟ ولا يمكن يكون فى حد فـ حياتك؟
كريمة ردت بسرعة، صوتها متلخبط: ابدا والله ما فيش فـ حياتي غيـ…
سكتت لحظة وغيرت كلامها فـ ثواني من غير ما تكمله: بس، اوافق ازاى؟ انت فين وانا فين؟
شهاب ابتسم بهدوء: كريمة، كلنا ولاد تسعة، لا فضل لـ عربي ع أعجمي إلا بالتقوى، صح ولا ايه؟
كريمة بصت له بتوهان، وهي لسة مش مصدقة اللى سمعته: بس…
شهاب شاف اللى فـ عينيها وفهم اللى بيدور فـ راسها وجاوبها قبل ما تتكلم: قصدك جدي وبابا؟
كريمة هزت راسها بقلق: أيوة
شهاب بنبرة ثقة: ما تقلقيش انا كلمتهم وموافقين.
كريمة شهقت بصدمة وبصوت واطي:ايه؟!! يعني قولتلهم ايه؟! وقالولك ايه؟!
ضحك شهاب واتكلم بحماس: انتي بقى عايزة تعرفي التفاصيل؟ ماشي يا ستي اسمعي… وابتدا يحكي اللى حصل بالتفصيل.
“فلاش باك”
شهاب بعد ما رجع مع جده وجدته من فرنسا، استغل الوقت اللى الكل متجمعين فيه وبيطمنوهم ع البنات وبيحكولهم عملوا كدا ليه، بملامح مبتسمة ونبرة هادية بص لـ عمران وعادل: طيب بما أنكم متجمعين، عايز اقولكم حاجة.
عمران بص له بهدوء وقرأ فـ عينه اللى عايز يقوله بس مارضيش يسبق الاحداث، وبنبرة حنونة: عايز تقول ايه يا شهاب؟
شهاب ابتسم وبص فـ الارض: بصراحة يا جدي، انا عايز اتجوز.
عادل بص له بحاجب مرفوع: تتجوز مرة واحدة، مش المفروض تخطب الاول.
شهاب: ايوة يا بابا يعني المفروض اعمل ايه يعني مش فاهم؟ هو انا لازم اعمل مقدمات؟
عمران بسعادة: لا يا حبيب جدك، مش محتاجين مقدمات، ادخل فـ الموضوع ع طول وقول مين العروسة؟!
شهاب: كريمة مديرة مكتبي
سامية باستغراب: كريمة يا شهاب؟!
عمران بص لـ سامية بهدوء: ومالها كريمة يا سامية!! بنت ممتازة، ليها سنين فـ الشركة والكل يشهد بأخلاقها.
شهاب: فعلا يا جدي، ليها معايا 5 سنين، وبصراحة كنت متابعها وسألت عليها وع أهلها لاقيتهم ناس محترمين جدا جدا.
عادل: ده انت مظبط أمورك اهو، وعامل حسابك لكل حاجة
سامية بعصبية لـ عمران: كفاية يا بابا اللى جالنا من الشركة ومواظفينها، ما عنديش استعداد ابني يعيش نفس اللى عاشه علي.
عمران بحكمة: كريمة غير نرمين يا سامية، انا اعرف ابوها معرفة شخصية وعارف الراجل مربي ولاده ازاى، ما تقلقيش
سامية باستسلام: خلاص يا بابا، طالما انت عارفهم، يبقى ع بركة الله
“عودة للوقت الحالي”
كريمة قاعدة قدامه، مش مصدقة اللي بتسمعه، بس جواها فرحة كانت بتكبر لحظة بعد لحظة.
شهاب لاحظ لمعة عينيها وملامح وشها اللى اتكست بحمرة الخجل، فمال ناحيتها بنبرة دافية مليانة أمل: نقول مبروك ولا ايه؟
كريمة بصت له ثواني ونزلت عينها تاني ع المكتب وصدرها طالع نازل، جسمها كله بيرتعش وصوتها طلع مهزوز من التوتر: اديني فرصة أفكر.
شهاب وقف بسرعة وهو مبسوط والفرحة باينة عليه، ومال بجسمه ع المكتب، وبنبرة كلها جنان: ما عنديش حريم تفكر، قولي للحاج اني جاى انا والعيلة أخر الاسبوع ومعايا المأذون، ماعندناش وقت نضيّعه.
كريمة بصّت له باستغراب، الهوا بقى تقيل حواليها، قلبها بيخبط فـ ضلوعها من فرحتها، والدنيا كلها بتلف بيها: مأذون ع طول كدا؟!
شهاب غمض عينه وهز راسه بكل يقين: ايوة ما فيش وقت.
كريمة حاولت تعترض: بس…
شهاب قطع عليها الطريق قبل ما تكمل، وبنبرة صوت واثقة: تؤتؤ، مابسش، الاعتراض مرفوض يا كرملتي.
غمز لها غمزة سريعة قبل ما يتعدل وياخد خطوته ناحية مكتبه قاصد يوترها بزيادة، ولما وصل لبابه، لفّ لها تاني، وبص لها بابتسامة: عايز قهوتي اللى ادمنتها من ايدك يا حبيبى قبل ما ابتدي شغل.
سابها ودخل، أما هي فضلت قاعدة مكانها، مش قادرة تتحرك، ولا حتى قادرة تاخد نفسها كويس، الحلم اللي كانت مستنياه كل ليلة، فجأة بقى قدامها، بقى حقيقة، حطت إيدها ع قلبها اللي كان هيقف من كتر الفرحة، بتحاول تهديه، بس دقاته كانت بتسبقها، كأنه بيغني من السعادة.
______________________
فـ قصر الشهاوي
اوضة سبيل
صهيب كان راجع من الشركة وطالع السلالم بخطوات سريعة والتعب باين عليه، أول ما وصل للدور اللى فيه اوضته، شاف هدية قدامه ماسكة كوباية عصير وبتقرب من أوضة سبيل، قرب منها بسرعة ولقاها هتمد إيدها تخبط، استغل اللحظة ووقف جنبها، وبنبرة كلها استعجال ولهفة: هدية، هاتي العصير ده انا هدخله، بس خبطي الاول واستني لما ترد عليكي.
هدية بصت له باستغراب وحاولت تداري ابتسامتها وبنبرة هادية: حاضر يا بشمهندس…
بعدها خبطت ع الباب خبطة خفيفة، وفضلت واقفة لحد ما سمعت صوت سبيل من جوة.
سبيل كانت قافلة الباب بالمفتاح وقاعدة بترضع ابنها، سمعت الخبط وبهدوء: مين؟
هدية بابتسامة خفيفة: انا هدية يا هانم.
سبيل: لحظة واحدة يا هدية.
هدية: امرك يا هانم.
صهيب مدّ إيده وخد منها الكوباية بسرعة، وشاور لها تنزل من غير ما تنطق، هدية فهمت وسابت المكان بهدوء، وصهيب فضل واقف قدام الباب، قلبه بيخبط فـ صدره بيعد الثواني، لحظات وسمع صوت تكة المفتاح، وكل خلية فـ جسمه اتوترت.
جوة، سبيل نيمت صهيل فـ سريره ورايحة ناحية باب الحمام، قربت فتحت باب الأوضة وبصوت عالي شوية: ادخلي يا هدية حطي العصير عندك وخلي بالك من صاصا لحد ما اخد شاور واطلع.
صهيب دخل الأوضة بخطوات بطيئة، قلبه بيرقص جوة صدره، مش مصدق إن اللحظة اللى مستنيها جات، حط العصير بهدوء ع الكومود، وقرب من سرير صهيل، ما كانش قادر يبعد عينه عنه، دي أول مرة يشوفه، مدّ إيده، شاله بحنان، وضمه لحضنه بقوة، ودموعه نزلت من غير ما يحس، كان فيه حاجة جواه بتتكسر، وحاجة تانية بتتبني من جديد،
حس فعلاً إن ربنا عوضه عن ياسين، وعوضه عن كل الوجع اللى عاشه، حس بفرحة مختلفة، كأن دي أول مرة يعيش فيها إحساس الأب بجد، باسه فـ جبينه بحنية ودموع أب مشتاق، وهمس بصوت متقطع من التأثر: حبيب بابا، انت عارفني؟ انا بابا، بابا صهيب، قول بابا كدا!!
فجأة صهيل عيط بصوت واطي، صهيب اتخض، قلبه وقع فـ رجليه، خد نفس قوي وبدأ يهز فيه ويهدهده بشويش وهو بيقربه من صدره كأن حضنه هو الأمان الوحيد، وبدأ يغنيله بصوت حنون دافي، فيه نغمة أبوية مكسوفة ومليانة مشاعر: ماما زمانها جاية، جاية بعد شوية، جايبة عشاننا حاجات، جايبة معاها قلب كبير مليان حب وحنية وشوية حوارات..
صهيب كان بيهز صهيل بخفة بين إيده، صباعه بيعدّي ع خد ابنه بحنية وهو بيكمل: عارف الواد اللى اسمه صهيل ليه بابا هيتجنن عليه؟ علشان مامته الحلوة سبيل مخبياه بعيد عن عينيه، جه بابا استغل غيابها وقام شاله بين ايديه، راح مديله بوووووسة كبييييرة..
ضحكته كانت خجولة ودموعه نازلة، وصوته بدأ يعلى شوية وهوا بيغني: عارف اداله البوسة ليه؟ علشان حبيب بابا ضحكله بعينيه..
صهيل بدأ يهدى شوية، وصهيب حس بقلبه بيحن أكتر وأكتر، لدرجة إنه نسى الدنيا حواليه، وفضل يغني: ماما زمانها جاية، جاية بعد شوية، جايبة عشاننا حاجات، جايبة معاها قلب كبير، مليان حب وحنية وشوية حوارات..
صوته وطي شوية، وبنغمة فيها وجع مكتوم: وبابا صهيب برضو ده هو عارف ماما ليه مخصماه؟ كان تملي متجاهلها وما يعرفش انها حباه، وفـ يوم سابها تبعد عنه، بس عينيها كانت حرساه، راحت النار مشعللة قلبه، وبرضو ماما لسة مخصماااااااه.
وفجأة، باب الحمام اتفتح، سبيل خرجت، وشعرها مبلول ولابسة روب الحمام، ومش متخيلة أبدًا تشوف المنظر ده،
صهيب قاعد ع السرير، ماسك ابنها فـ حضنه وبيغنيله! صرخت من الصدمة وعيونها وLـعت من العصبية: انت ايه اللى دخلك هنااااا، امشي اطلع برة.
صهيب لف ناحيتها ببطء، كأنه متوقع رد فعلها، رفع حاجبه، وبابتسامة كلها عناد: لأ، مش طالع.
سبيل بعصبية وعينيها بتبرق بالغضب: اطلع برة يا صهيب بقولك، أحسن لك.
صهيب قاعد مكانه، بيبص لها ببرود أعصاب مستفز: مش طالع، واعتقد مافيش حد يقدر يمنعني ادخل اوضة مراتي وابني؟
سبيل بصوت أعلى ونبرة متحدية: أطلع برة الاوضة بقولك وبطل برودك ده.
صهيب بنفس بروده، رفع ايده بيحط صباعه ع بقه، وهمس بهدوء شديد: هششش، وطي صوتك ده ، انا ما صدقت نيمت الواد.
سبيل عيونها وLـعت Nـار، ودبدبت برجليها فـ الأرض بعصبية، وصوتها بقى عالي أكتر وهي بتصرخ فيه: أمشي اطلع برة يا بااااااارد
صهيب راح نيّم صهيل فـ سريره، وبصّ لها بنظرة كلها تحدي وبنبرة فيها دلع ساخر: ولو ما طلعتش يا سوسكتي، هتعملي ايه؟
سبيل فهمت انه بيتحداها، رفعت حاجبها، وكأنها قبلت التحدي ، وبصوت مليان غيظ: هصوّت والم عليك كل اللى فـ القصر.
ضحكة باردة خرجت من بين شفايفه، وبمنتهى البرود قلع الجزمة، وقعد فرد رجليه ع السرير وسند ضهره، وحط إيديه الاتنين ورا راسه، وبص لها بابتسامة فيها استفزاز يحـ*ـرق الدم: ان كدا ماشي، صوتي براحتك يا حياتي، وريني هيطلعوني ازاى!!
سبيل بصت له بمكر وبنفس بروده المستفز: بس كدا، حاااااااضر، طلبتها ونولتها يا حبيبي…
قربت بخطوات هادية من باب الأوضة، وفجأة، مدّت إيديها نكشت شعرها وبهدلت هدومها كأنها لسه طالعة من خناقة،
فتحت الباب بسرعة، ورجعت لـ صهيب، مسكته من رقبته ووقّفته بالعافية قدام الباب،
وصرخت بأعلى صوت عندها، كأن الدنيا قامت وما قعدتش: جدووووووو، يا جدووووو، ألحقني يا باباااااا، حرااااااام عليك يا صهيب تعمل فيا كدا؟ الحقوووووني يا ناااااس، عايز يموتنييييييي، كدااااا؟ ده انا ام ابنك يا ظااااااالم، ااااااااه، الحقني يا جدوووووووو.
صهيب اتجمد مكانه، الصدمة شلّت عقله، ومش قادر يصدق اللي هى بتعمله، حط إيده ع بُقها وهو بيحاول يسكتها: يا بنت المجنونة؟! اسكتي يخربيتك هتوديني فـ داهية.
فجأة الدنيا اتقلبت وفـ ثواني عمران وكل العيلة كانوا جوة الأوضة، وشافوا صهيب وهو بيحاول يكتم صوتها عشان تسكت.
عمران وشه اتقلب، ملامحه اتملت غضب، وصوته طلع عالي وحاد: صهييييييب، ايه اللى انت بتعمله ده؟
سبيل جريت عليه، واترمت فـ حضنه وهي بتمثل إنها مصدومة، وبصوت مكسور: الحقني يا جدو، بيتهجم عليا، وكان عايز…. مش قادرة اقولها.
صهيب وقف مش مصدق اللى حصل، عينه بتلف ع وشوشهم، ولسانه مربوط، مش عارف يبدأ منين، وفجأة انـfـجر فيها بصوت عالي: هو انا جيت جنبك يا بت انتي؟!
عمران بص فـ عينه، وملامحه كانت متلخبطة، شكله حاسس إن فيه حاجة مش مظبوطة
وقرب من ودن سبيل وهمس بهدوء: بذمتك، هو اتهجم عليكي؟! ولا دى حركة من حركاتك؟
سبيل وهى لسة جوة حضنه، بنفس الهمس وبابتسامة شقية: بصراحة هى حركة، بس اعمل ايه يا جدو هو اللى استفزني.
عمران كتم ضحكته بالعافية وقرب منها أكتر وهو بيهمس بإعجاب: صحيح، إن كيدكن عظيم.
سبيل وهى بتحاول تكتم ضحكتها جوة حضن جدها، همست: طب يلا اتصرف بقى، وخليه يطلع برة.
عمران اخد نفس قوي، وعدّل نبرته، ورفع عينه بغضب مصطنع لـ صهيب وبنبرة عصبية: بقى انت يطلع منك كل ده؟! وانا اللى قولت عليك خلاص عقلت ومش هتكررها تاني!!
صهيب بص لـ عمران بذهول وصوته طالع محتار: أكرر ايه يا جدي؟! هي قالتلك ايه بالظبط؟!
عمران بص له بحدة وهو رافع حاجبه، ونبرته كانت كلها استهجان: هتكون قالت ايه يعني؟! شكلها واضح مش محتاج شرح، يا بشمهندس يا محترم.
عادل بص لـ صهيب باستغراب وصوته طالع مهزوز: انت عملت ايه يا ابني؟
صهيب اتنهد بضيق ونبرة صوته كلها غيظ: يا بابا صدقني ما عملتش حاجة، كل الحكاية اني دخلت اشوف ابني اللي حرماني منه من وقت ما رجعت، أجرمت يعني ولا أجرمت؟! قامت صرخت بالشكل ده.
عمران برفعة حاجب، وسخرية واضحة فـ صوته: ليه كانت مجنونة؟! وبعدين ابنك ده اللي انت عايز تشوفه، جه أزاى؟! مش جه بنفس الطريقة يااااا صهيب باشا..
وبعدها بص لكل اللي فـ الاوضة وشاور بإيده: اتفضلوا اطلعوا كلكم برة، وانا هحل الموضوع ده.
علي بعصبية حاول يعترض: بس يا بابا …
عمران قاطعه بصوت حاسم وحاد: قولت اطلعوا كلكم برة يا علي، يلاااااااا.
وفعلا الكل بدأ يخرج من الأوضة، وصهيب كان أول واحد
وهو بيعدي جنبها، شافها بتطلع له لسانها من بين دراعات جدها وبتغيظه، وقف لحظة، وبص لـ جده بغيظ واضح، وبنبرة متعصبة: شايف يا جدي عمايلها؟! يعني اتبلت عليا وكمان بتطلع لي لسانها؟
عمران بصله بحدة، ونبرته كلها توبيخ: مش عيب عليك يا بشمهندس؟! واقف تشتكي زى العيال الصغيرين كدا؟ اتفضل يلا ع اوضتك.
صهيب اتنهد بزهق: يوووووه بقى، حاضر يا جدي ..
ورمى جملة وهو بيبص لـ سبيل بغيظ واضح: صبرك عليا يا بنت علي.
وفعلا لف وخرج من الأوضة وخطواته تقيلة وNـاره مو*لعة، باين عليه الغليان، اما باقي العيلة مشيت وراه ونزلوا ع السفرة.
عمران طلع سبيل من حضنه بهدوء وضحكته طلعت عالية رجت الاوضة: يخربيت شيطانك، يا بت قولتلك اتقلي شوية، مش تلبسيه مصيبة؟!.
سبيل ضحكت معاه وعينيها بتلمع بشقاوة ومن بين ضحكها: اعمل ايه يا جدو، مش هو اللى استغل هدية ودخل الاوضة بدلها، يلا، ابن حلال ويستاهل اللى جراله.
عمران هز راسه وهو لسه بيضحك: طب يلا يا مجنونة، هاتي ابنك وانزلي عشان انا جعان وزمان الغدا بيجهز ع السفرة.
سبيل غمزت له بدلع وشقاوة: أمرك يا عسل، انزل انت، وانا شوية ونازلة وراك.
وفعلا عمران سابها ونزل، وبعد كام دقيقة خرجت سبيل من الأوضة وهي شايلة صهيل فـ حضنها، ماشية بخفة ونظرة انتصار مرسومة ع وشها، وأول ما طلعت من الأوضة، لمحت صهيب هو كمان خارج فـ نفس اللحظة، بصت له وعينيها فيها لمعة مكر وابتدت تغني بصوت خافت بس واضح: أنا مش مبيناله أنا ناوياله على إيه، ساكتة ومستحلفاله ومش قايلاله ساكتة ليه، خليه يشوف بعنيه، إيه اللي ناوية عليه، هخليه يخاف من خياله لما أغيب يوم عن عينيه.
صهيب وقف لحظة، وبص لها بغيظ، والشـ*ـرار بيطير من عينيه، سابها ونزل بسرعة، خد السلم جري من كتر القهر اللي حاسس بيه، اما هي انـfـجرت فـ الضحك، قهقهتها كانت عالية ومجلجلة لدرجة إن صوتها وصل له وهو نازل، خلى الدم يغلي فـ عروقه أكتر، زاد غيظه أضعاف، فـ اللحظة دي، حسم أمره، خطة شهاب لازم تتنفذ،
وأول ما يروح الشركة تاني يوم، هيبدأ فـ تنفيذها.
_____________________
فـ جنينة القصر
بعد الغدا كان الجو حلو وعمران طلب انه يشرب قهوته فـ الجنينة والكل شجع فكرته وطلعوا قعدوا برة، الرجالة والشباب أخدوا جنب يتكلموا فيه فـ امور المجموعة، والستات والبنات أخدوا جنب تاني وسبيل كانت قاعدة وسط البنات بتضحك وتهزر معاهم، وكل شوية عينيها تروح ع صهيب تغيظه، وهى بتلاعب صهيل من غير ما حد ياخد باله.
سامية انتبهت بعد شوية وقت، لـ تصرفات سبيل ولاحظت صوت ضحكها العالي وملامح صهيب المتضايقة، مسكتها من ودانها بحنية وبنبرة تعنيف ساخر: وبعدين معاكي يا بت انتى؟! مش هتبطلي عمايلك دي؟
سبيل حطت إيدها ع ايد سامية وبضحك: أى، أى، ودني يا ماما، هو انا عملت ايه يعنى؟
سامية سابت ودنها وبصت لها بحدة خفيفة وبرفعة حاجب: عيني فـ عينك كدا؟ بقى بذمتك انتى ما عملتيش حاجة؟
سبيل ضحكت بمكر وعينها ع صهيب اللى هيفـ*ـرقع من الغيظ، وبهدوء: لأ بقى، طالما ذممتيني، يبقى عملت.
سامية بغيظ مصطنع: يبقى أكيد صريخك فوق ده، كان مقلب من مقالبك، صح؟!
سبيل قامت وهى بتحط صهيل بين ايدين سامية، بصوت مليان دلع ومرح وهى بترقص لها حواجبها: أبنك عايز يتربى يا سمسمة، وشكلك كدا انشغلتي مع دولا ونسيتي تربيه، قولت أربيهولك انا.
سامية بضحك وهى بتهز راسها: والله ما في حد محتاج يتربى غيرك يا بنت علي.
سبيل وهى داخلة جوة القصر حدفت لها بوسة فـ الهوا وبدلع: وماله ياقمر، هو انا اطول؟ أهو أتربى من جديد ع ايدك يا سمسمتي.
فـ الجنب التاني
فـ نفس الوقت، شهاب كان قاعد ملاحظ نرفزة صهيب وبص له باستغراب، ابتسم، ونبرة صوته فيها قلق: مالك يا هيبو مدخن ليه كدا؟
نادر بص لـ شهاب بسرعة وهو بيضحك بسخرية: اما فاتتك حتة حفلة يا شهبوب، توووحفة.
شهاب عيونه وسعت من الفضول: حفلة ايه دي ياض؟ أحكيلي حصل ايه؟!
نادر بيشاور ع صهيب وبيضحك: سبيل دلعت أخوك أخر دلع، هو انت مش شايف شكله ولا ايه؟!
شهاب انـfـجر ضحك وهو بيبص لـ صهيب بنظرة مستفزة: واضح يا نادورة ان اختك ظبطته ع الآخررررر.
صهيب قاعد متغاظ من حركات سبيل، كل ضحكة منها كانت بتوLـع Nـار جواه، حاسس انه عايز يقوم يكسر دماغها، قام فجأة وصرخ فيهم بغيظ: احترموا نفسكوا انتوا الاتنين، بدل ما اخلص عليكوا وعليها فـ ساعة واحدة وارتاح منكم.
عمران كاتم ضحكه بالعافية، لكنه عقد حواجبه وكشر، وصرخ فيه بحدة مصطنعة: من امتى صوتك بيعلى وانا قاعد يا صهيب؟ اترزع واقعد مكانك وانت ساكت.
صهيب بص لـ عمران بعصبية وعينيه بتطق شـ*ـرار: يا جدي انت مش شايف يعني؟! ولا تكون صدقت اللى هى قالته ده؟
عمران بنبرة هادية بس حازمة: عارف انك ما عملتش حاجة، بس انت بغشوميتك مسكّتها عليك واحدة، وزى ما سمعت كلام المتخلف أخوك ومثّلت عليها، هى كمان مثلت عليك ولبستك فـ حيط، يبقى العقل بيقول اييييه؟
صهيب انـfـجر، مش قادر يسيطر ع غضبه، صرخ وهو بيطوح إيده فـ الهوا: يوووووه بقى، يخربيت العقل وكلامه، مش كل شوية حد يزن ع ودني بيه، انا ما بقاش عندي عقل اصلا بسبب تصرفاتها المجنونة دي، وشكلي كدا هاقوم افلق دماغها نصين.
علي كان قاعد ساكت، فجأة بص له بغيظ، وبنبرة عصبية: ابعد عن بنتي يا صهيب، واياك تمد إيدك عليها، انا بقولك اهو!! ماحدش هيقف لك غيري.
صهيب بص له بحدة، وبحاجب مرفوع وبنبرة فيها سخرية: والنبي يا عمي اقعد ع جنب، انت اصلا ما تعرفش عنها حاجة، فما تجيش دلوقتي وتقول بنتي.
علي بص له بحزن وبصوت مكسور: عندك حق يا صهيب، انا فعلا ما ربيتهاش ومعرفش عنها حاجة، بس ده ما ينفيش حقيقة انها بنتي.
صهيب قرب من علي باس ع راسه بندم: حقك عليا يا عمي، انا ما قصدتش ازعلك، بس انت شايف تصرفات بنتك وعمايلها…
قطع كلامه لما لمح سبيل قامت وسابت صهيل مع سامية، عشان تدخل القصر بهدوء، كأنها ما عملتش حاجة، حس الدم بيغلي فـ عروقه، اتحرك وراها بخطوات سريعة… جواه Nـار وحلف ما يسيبها تعدي بالساهل، لازم يرد لها اللي عملته فيه وبطريقته.
جوة القصر
دخلت سبيل المطبخ بخطوات هادية، تجهز الرضعة لـ صهيل بنفسها، لأنها كانت عارفة ان الوقت ده استراحة الشغالين، كانت حاسة بضربات قلبها بتزيد كأنه هيخرج من مكانه، وقفت ع الحوض تغسل الببرونة وتغلي الماية، تشتت نفسها عن القلق اللى بيزيد جواها كل ثانية، كانت حاسة بيه بيقرب من قبل حتى ما يوصل، وفعلا، لحظات وانفاسه الدافية كانت بتخبط فـ رقبتها، اتوترت وضربات قلبها زادت كأنها طبول بتخبط جواها، حاولت تتماسك وتغني ببرود مصطنع، بس كان واضح من كلمات الأغنية انها مقصودة: خليه يدور عليا كل شوية ما يلاقينيش، خليه يتعب شوية ويحلم بيا وما يشوفنيش، مش هجري تاني وراه علشان غُلبت معاه، وعن نفسي هعود نفسي من دلوقتي ما يوحشنيش…
كانت بتحاول ان صوتها يبقى قوي، بس فـ آخر كل جملة، كان بيطلع مهزوز، حسّت بيه وراها قريب، أوي، وهي لسه بتغني: كتَر خيري إني قابلته واستحملته يا قلبي زمان
يجي عليا واعديها ويسوء فيها معايا كمان، من كتر عمايله بقوله كفاية أنا وانت بقينا خلاص، للناس سيرة على كل لسان، هيجيني عشان يراضيني هقول على عيني ما نستغناش،
وهسبيه يجرب مرة عشان تاني مرة ما يعملهاش، وبناقص عند بعند وبعد ببعد ونجي على بعض خلاص، يا رجعنا يا مرجعناش.
صهيب قرب منها أكتر وقف وراها بهدوء، وسند بإيديه ع الرخامة من الناحيتين، حاصرها بين دراعاته وهمس جنب ودنها بصوت دافي ونبرة كلها عشق خارج من قلبه: بحبك
الكلمة نزلت عليها زلزلتها، جسمها ارتعش وحست بسخونة فـ وشها، ورجليها مش شايلاها، بسبب قربه منها وهمسه ليها بالطريقة دي، بلعت ريقها بصعوبة، وصوتها طلع مهزوز: ابعد يا صهيب احسن لك؟
صهيب ضحك بخبث وهو شايف رعشة جسمها، قرب أكتر، ونفسه لمس خدها، وهمس تاني بصوت أهدى، ومليان اشتياق: تؤتؤ، مش هبعد، وهموووت وأعرف، ناويالي ع ايه؟
سبيل توترها زاد وحست ان انفاسها انقطعت، بقت مش شايفة حاجة قدامها، مش عارفة تتحكم فـ اعصابها بسبب قربه منها، فجأة، داست ع رجله بكل قوتها وحاولت تعضه فـ دراعه، عشان تعصبه وتخليه يبعد عنها، ولما ما تحركش، رفعت له وشها وبنبرة منـfـجرة: ابعد عني يا باااااااارد، وسع خليني أمشي.
صهيب ما اتهزش، كان واقف بثبات، عينه فيها شغف وعِند، وبضحكة خفيفة ع شفايفه، قرب أكتر، وباسها فـ رقبتها ببطء، وهمس بنفس النبرة اللي زلزلت كيانها: بطلي تستفزيني، عشان انا صبري قليل، وصدقيني لو جنونتي طلعت، انتي أكتر واحدة فاهمة وعارفة اني مش هيهمني حد، ماشي يا قمر؟
وبكل هدوء، سابها وخرج، خطواته كانت سايبة وراها إعصار، وهو طالع الجنينة كأن ما فيش حاجة حصلت، بس قلبه كان بيرقص من جوة، حاسس إنه أخد حقه منها، وفـ نفس الوقت حاسس انها ممكن تلين وترضى تسامحه.
أما سبيل، فوقفت مكانها متجمدة، حطت ايدها ع وشها، حسته بيطلع Nـار بجد، مدت إيدها وفتحت الماية بسرعة، اخدت نفسها بصعوبة وغسلت وشها، كأنها بتحاول تطفي اللي جواها، إيدها راحت تلقائي ع صدرها، تحاول تهدي نبض قلبها اللي كان بيدق بسرعة زي الحصان اللي بيجري فـ سبق، خدَت لحظة تجمع نفسها، وبعدين خرجت ورجعت الجنينة، عينيها وهي خارجة كانت بتدور ع الكل، بس كانت حاسة بعينه هو بالذات ملاحقاها، وصهيب أول ما شافها ظهرت، ومجرد ما عينيه وقعت ع ملامحها المتوترة، ابتسم بخبث، بص لها فـ نظرة طويلة، وغمز، وحدف لها بوسة فـ الهوا، كأنّه بيقولها “لسه اللي جاي أكتر”.
رجع بعدها بهدوء يسمع الكلام اللى داير بين جده وأبوه وعمه، كأنه ما عملش حاجة هو كمان.
شهاب كان بيراقب الموقف بعينيه، قرب منه وهمس بمكر: هو ايه النظام؟ شوفتك دخلت جوة بحال وطالع بحال تاني خالص، ايه العبارة يا باشا.
صهيب ضحك وهو لسه عينه عليها: هى اتحدتني واعلنت الحرب، وانا قبلت التحدي، وناوي اخليها ترفع الراية البيضا.
نادر قرب منه وبنبرة كلها سخرية: يا خوفي لا نقرا عليك الفاتحة يا ابن عمي.
صهيب ردّ من غير ما يبعد نظره عنها، ونبرة صوته فيها يقين مريب: وغلاوتها فـ قلبي، يا نادر، لا اخليك تشوف بعينك أختك وهى بتسلم.
شهاب بص لـ صهيب برفعة حاجب ونبرة كلها تحذير: انصحك يا حبيب أخوك بلاش الثقة الزايدة، عشان دي مجنونة وما تتوقعهاش، خصوصا بعد ما ننفذ اللى اتفقنا عليه.
صهيب اتنهد ولف وشه ناحية شهاب: ربنا يستر.
رجع بعدها بكل هدوء يشارك فى الكلام عن الشغل والمجموعة، بس عينيه كانت فيها لمعة شوق قايدة، ولهفة بطعم النصر، كأنه لمس طرف حلمه بإيده، أما هي، فكانت كل خطوة بتاخدها وهي راجعة ناحيتهم، كانت حاسة أن رجليها تقيلة، كأنها ماشية فوق صفيح ساخن، ونظراته ليها كانت بتزود اللهـ*ـيب جواها، وتشعلل قلبها أكتر، الجنينة حواليهم كانت هادية، بس هدوء خادع، مخبّي تحته صوت قلوب بتخبط، وصراع مش باين ع الوش بين الاتنين، لكن شغال جواهم ع أعلى مستوى،
سبيل حاسّة بقلبها مش ع بعضه، كل حاجة حواليها بتتحرك، وهي بس اللي واقفة، محبوسة بين قلبها وعقلها، وهو
مشاعره كانت عاملة زي الهوا، بيطوف حواليها، بيلمسها من غير ما يبان، وكل مرة تحاول تبعده عنها، بيرجع أقرب وأقوى،
رجعت قعدت وسطهم، لكن جوّاها صوت عقلها بيصرخ بيقولها ما تضعفيش، وبرغم صريخ صوت العقل، قلبها بدأ يخونها ويرِق له ويضعف قدامه.
فجأة عين صهيب لمحتها، قامت مرة واحدة بعد ما قعدت ودخلت جري جوة القصر والبنات وراها ع طول، عينيه وسعت بقلق وشاور لـ شهاب يقوم يحصلها وهمس بنبرة مستعجلة ولهفة: قوم بسرعة حصلها وقولها اللى اتفقنا عليه.
شهاب بص له باستغراب وحاجب مرفوع: وده ليه بقى ان شاء الله؟! مش قولنا هكلمها فون.
صهيب ابتسم ابتسامة مكر، وكله رغبة واضحة فـ انه عايز يستمتع باستفزازها وتوترها: ليا مزاج اشوف رد فعلها وانت بتكلمها، عايز اشوف تعبيرات وشها هتتقبل الخبر ازاى.
شهاب ضحك بسخرية خفيفة وبنبرة فيها قلق مصطنع: ما بلاش يا ابني؟! انت راجل عندك عيل عايز تربيه، وانا صغير وع وش جواز ما لحقتش افرح.
صهيب بنظرة كلها جدية وبنبرة حادة: قوم وانت ساكت، يللا.
شهاب رفع ايده باستسلام: ماشي يا عم، أديني قايم، وامري لله.
وفعلا قاموا الاتنين ومعاهم نادر بعد ما استأذنوا من اللي قاعدين، واتحركوا بخطوات سريعة ناحيتها، عشان يدخلوا ورا البنات، وكل واحد فيهم عينيه بتلمع بالفضول وعقله غرقان فـ دوامة أفكاره،
شهاب قلبه بيخبط وخايف من رد فعلها بسبب اللي ناوي يقوله، وصهيب هيتجنن ويعرف سبيل هتعمل ايه لما تعرف انه ممكن يضعف ويميل لـ سمر، وقف استخبى هو ونادر بعيد عنهم وسابوا شهاب فـ وش المدفع.
جوة القصر
شهاب قرب منها بسرعة ونده عليها بنبرة صوت قلقانة: سبيل!
سبيل غمضت عينها بتحاول تهدى وتلملم شتاتها وبنبرة كلها عصبية: عايز ايه يا شهاب؟!
شهاب بندم حقيقي: مش ناوية تسامحي بقى يا سبيل؟! اول مرة نفضل متخاصمين المدة دي كلها!
سبيل جزت ع أسنانها بغيظ: ما تتكلمش فـ الموضوع ده تاني يا شهاب، عشان انا مش طايقاك، فـ خليني ساكتة أحسن، لاني لو اتكلمت هنخسر بعض.
شهاب بقلق وعينيه بتلف فـ صالة القصر يدور ع صهيب: ماشي يا سبيل، براحتك، انتى فـ النهاية اختى وكاتمة اسراري ومسير الماية ترجع لمجاريها ونتصالح، بس نصيحة من أخوكي اللى خايف عليكي، صهيب مش هيستحمل دلعك ده كتير، وقولتلك قبل كدا أكتر من مرة، ان سمر سكرتيرته عينها منه، وهو بالطريقة بتاعتك دي ممكن يضعف قدام اغراءاتها، ياريت ترمي أى حاجة ورا ضهرك وتحافظي ع جوزك، المرة دى لو راح منك مش هتعرفى ترجعيه تانى.
سبيل ابتسمت ابتسامة حزينة، وبصت له بنظرة عين مكسورة، ومسحت دمعة شاردة نزلت غصب عنها قبل ما حد ياخد باله، وبنبرة كلها قهر ومرارة: يعمل اللى هو عايزه، ما بقتش تفرق، اصلا اتعودت خلاص ع وجعه.
سابته فجأة وطلعت السلالم جري عشان تدخل تستخبى فـ اوضتها وتسمح لدموعها تنزل بحرية، صهيب حس بوجع قلبها وطلع من المكان اللي مستخبي فيه يجري عشان يلحقها، ويحاول يصالحها، شاف شاهندة ويمنى طلعوا جرى وراها، بص لـ شهاب بيأس وطلع جرى هو كمان، راح عند باب اوضتها ولسة هيخبط صوتها خلى ايده اتجمدت فـ الهوا، طلع وراه شهاب ونادر لمحوه واقف مكانه قدام الباب، لا قادر يخبط ولا عايز يمشي وسمعوا صوتها من ورا الباب وهى منهارة
جوة الاوضة
اول ما دخلت سبيل اوضتها حدفت نفسها ع سريرها، دفنت وشها فـ المخدة، تحاول تكتم صوت شهقاتها اللى طالع من قلبها، دخلوا وراها البنات بسرعة وهما قلقانين عليها وشايلين همها، وكل واحدة فيهم بتحاول تخرجها من الحزن اللى غرقت فيه.
شاهندة قربت منها وشدتها غمرتها بحضن دافي، وبنبرة كلها حزن: لما انتى بتحبيه اوى كدا؟! ليه تتنازلي عنه بالبساطة دي؟ ليه قولتي الكلام ده لـ شهاب؟
سبيل حست بروحها بتنسحب منها شوية شوية، كانت بتتنفس بصعوبة، وبمرارة واضحة فـ كلامها: عايزاني أعمل ايييييه؟ وهو بيقول ان اخوه هيروح لـ سمر، طب ازاااااى؟ ازاى كان لسة بيديني أمل وفـ نفس الوقت ياخده مني تاني؟ ازاى كان لسة بيقول انه بيحبني، وفجأة يبعت شهاب عشان يقولي صهيب هيروح لـ السكرتيرة؟
يمنى اتكلمت بنبرة هادية فيها رجاء: شهاب كان بينصحك يا ابلة، وانا من رأيه بصراحة، لازم تصالحي ابيه صهيب وتحافظي ع اللى بينكم، لو مش عشانكم، يبقى عشان خاطر صهيل يتربي وسط عيلة كلها حب ودفى.
شاهندة هزت راسها وهي بتأييد كلامها: عندك حق يا بت يا يويو، اول مرة تقولي حاجة عدلة…
وبعدين بصت لـ سبيل بحنية وهي لسة حضناها: بيلا يا حبيبتى، بلاش تتنازلي عن حبك بسهولة كدا، وما تنسيش ان هو كمان مَرّ بظروف صعبة، كفيلة انها تهد جبل.
سبيل فجأة انـfـجرت بصوت مبحوح من العياط، صرخت وهي بتبعد نفسها عن حضن شاهندة: ماحدش مر باللى انا مريت بييييه، ان كان أخوكي اتوجع مرة بسبب واحدة ما صانتش أسمه، انا اتوجعت ألف مرة بسببه، تعب؟ ودخل المستشفى؟ يومين؟ تلاتة؟ اسبوووع؟ ما كانش لوحده، بابا وماما كانوا حواليه، انا رحت للموت 3 شهور، صح، جدو وخالو كانوا جنبي، بس ما كانش عندي أم تقعد ع باب العناية تعيط وتدعيلي، ولا أبويا كان فاضيلي اصلا..
قلبها كان بيتوجع مع كل كلمة بتقولها، نَفَسها كان بيتقطع وهي بتكمل: هووو غاب يومين عن الدنيا، ما استحملتش وجيت جرى عليه، واكتشفت انها تمثيلية عشان يرجعني، انا غيبت 3 شهوووور، ما فكرش شهاب يبعتله حتى بالكدب…. سكتت لحظة تاخد نفسها تحاول تهدى وبنبرة مكسورة: اقولكوا سر؟! انتوا عارفين؟ كان نفسي شهاب يخلف وعده معايا، كان نفسي يقول لـ صهيب كل حاجة، كان نفسي يقوله مكاني فين، كنت بتمنى ألاقيه واقف قدامي فجأة فـ مارسيليا، ويقولي انا ماقدرتش ع بعدك، صدقوني كانت هتفرق معايا كتييير اوي، كنت محتاجة أحس ان في حد بيحارب عشاني، عشان أكون مبسوطة، ع الاقل ما كنتش هحس اني لوحدي…
اتنهدت بوجع وبنبرة كلها خيبة أمل: لكن للأسف ما فرقتش مع حد، حتى اللى حاربت الدنيا عشانه ولسة عندى استعداد احارب أكتر وأكتر عشان بس اشوف بسمة ع وشه، ما عندوش استعداد يتحمل شوية دلع، زى ما قال شهاب، وهيجري ع اول واحدة تشاورله.
فجأة يمنى وقفت مرة واحدة وبنبرة مرحة، بتحاول تخفف الجو وهي بتخبط بكف ايدها ع رجلها: طب بذمتي، ابيه صهيب عايز نضارة نظر قعر كوباية، بقى فى حد عاقل، يسيب الجوهرة القمر دي؟! ويروح يبص لسلعوة زى سها ولا المقشفة اللى اسمها سمر؟ ده أكيد محتاج كونسلتو عيون عشان يسنفروله عينه، ويشوف كويس.
شاهندة بصت لها بدهشة وابتسمت ابتسامة ساخرة: اوباااا!!! اه يويو لو سمعك وانتي بتقولي عليه كدا!!! ولا وانتي بتقولي ع سمر مقشفة، يا ختااااااي، ع اللى هيعمله فيكي، وبعدين يا بت انتى ازاى بتقولي ع أختك سلعوة؟
يمنى رفعت حواجبها وبنبرة جدية: ع فكرة يا شاهي، انا ماليش أخوات غير ابلة سبيل وبس، انما السلعوة دى، مش اختى، لا اسمها زى اسمي ولا طبعها من طبعي، الله يسامحها ماما بقى ويرحمها، ع البلوة دى.
سبيل ابتدت تهدى وبصت لـ شاهندة بغيظ ظريف: هيعمل ايه يعني بسلامته، وأه، زفتة الطين سكرتيرته مقشفة وملزقة وكلها بوية..
وبعدها ضحكت بوجع، وبنبرة ساخرة: اقطع دراع أخوكي، ان ما كانت شبه عم عبده البواب وبتلخبط وشها بجردلين بوية كل يوم من عند بتاع البويات اللى فاتح تحت بيتها عشان تبان انها واحدة ست…
وبصت لها برفعة حاجب وغيظ أكتر: وأياكي تجيبي سيرة السلعوة اللى كان متجوزها تاني مرة، وتقولي لـ يويو دي أختك، وعشان ما احطكيش فـ قايمة اغـtـيالاتي، واحرم عادل وسامية من ذريتهم كلها، فاهمة ولا لأ؟
شاهندة بتهليل: الله أكبر، ايوا بقى، هو ده، احبك وانتي شرسة، وغيرة الانثى باينة فـ عيونك، إديني كمان قمر.
سبيل بغيظ: اتلمي يا شاهي انا مش فايقالك دلوقتي، وامشي اطلعي برة روحي لـ اخواتك حفظيهم الشهادة واحفظيها معاهم، غوري يللا.
شاهندة بضحك وهى بتغمز لها: مش غايرة، قاعدة ع قلبك، زى هيبو حبيبى ما هو قاعد جوة ومربع كدا.
برة الاوضة
واقف صهيب بيسمعها وقلبه وجعه من كلامها، كل كلمة قالتها، وكل جملة كانت خـNـجر فـ ضلوعه، بتحسسه بالندم أكتر، قرر ساعتها ما يسمعش كلام شهاب، وهيفضل يتحمل عِنادها ومكابرتها حتى لو هيفضلوا يجروا ورا بعض العمر كله زى القط والفار، مش هيجرحها تاني، وهيصبر عليها، اما شهاب ونادر كتموا ضحكهم وهما سامعين يمنى وهي بتتريق ع صهيب وبصوله بتهكم والاتنين بيشاوروا بايديهم بعلامة النضارة، اتعصب عليهم وهمس لهم بغضب يمشوا من قدام الباب وهو دخل اوضته ورزع بابها فـ وشهم، وقعد ع اقرب كرسي وضربات قلبه بتزيد، كانت بتخبط جوة صدره، كل ما يسمعها، يكتشف انه كان أعمى فعلاً، وكل حاجة حواليه كانت مشوشة، دلوقتي بس عرف إنه كان غفلان عن حب كبير، نسي وجع خيانة سها، ونسي كل اللى مرّ بيه، لإن سبيل بقت هي الحقيقة الوحيدة اللي قلبه عايز يعيش بيها وفيها، أما سبيل، بعد شوية، شاهندة ويمنى قدروا يطلعوها من الحالة اللي كانت فيها، وبعدها كل واحدة رجعت أوضتها، وسبيل خدت نفس عميق، ومسحت دموعها، وقررت تسمع كلامهم، وترمي كل حاجة ورا ضهرها، فـ سبيل إنها تحافظ ع حبها لـ صهيب، اللي مستعدة تحارب عشانه لآخر نفس فيها.
____________________
فـ مجموعة شركات الشهاوي
مكتب صهيب
تاني يوم دخل صهيب الشركة بكل هيبة ووقار، ببدلته السودة الكلاسيك، وشعره المتسرّح بعناية ودقنه المهذبة مدياله جاذبية تخـtـف الأنظار، ماشي بين الموظفين بخطوات ثابتة ونظراته الصارمة بتخترق القلوب قبل العيون، وكأن الهيبة متفصلة ع مقاسه، الكل قام من مكانه باحترام وهو بيعدي، وصل مكتب السكرتارية ومن غير ما يبص ع سمر، بنبرة حادة وملامح متجهمة: ابعتيلي قهوتي، وبعد نص ساعة ابقى دخلي لي البوسطة والاوراق اللى محتاجة تتراجع عشان الاجتماع الشهري.
سمر وقفت تتمايل بدلع، وبصوت ضعيف كله إغراء: تحت أمرك يا مستر.
صهيب لفّ وشه ناحيتها، عينه كلها شر*ار غضب، وبنبرة صوت حادة خوفتها: سمررررر، حذرتك قبل كدا، ما تتخطيش حدودك، احسنلك.
سمر اترعبت من صوته وعدلت وقفتها ونبرة صوتها خرجت مهزوزة: حاضر.
سابها ودخل مكتبه، وقبل ما يقعد، طلع الموبايل من جيبه وبص لـ صورة سبيل اللى كانت متخزنة عنده، عينيه لمعت بوجع ممزوج بندم، وهمس بصوت واطي وهو بيكتم تنهيدة تقيلة: عارف اني وجعتك وجرحتك كتير، بس من النهاردة هاعيش بس عشان أمحي اى وجع لمس قلبك واشفي جراحك اللى انا السبب فيها، وبعدها ساب الفون من ايده وقعد ورا المكتب وابتدا يتابع شغله بحماس وجواه نفسه اليوم يجري بسرعة عشان يرجع القصر ويشاكس سبيل زى كل يوم، قطع تفكيره خبطة خفيفة ع الباب ودخول عامل البوفيه بالقهوة، حطها بهدوء وخرج، مسك الفنجان رفعه ع بقه وهو بيشرب باستمتاع، اترسمت قدام عينيه صورة سبيل وهى بتنكش شعرها وتصوت عشان يخرج، قهقه بصوت عالي وهو بيهمس بتنهيد: شكلي هتعب معاكي اوي يا مغلباني… شوية وافتكر شكلها وهى متوترة لما قرب منها فـ المطبخ، ابتسم ابتسامة صافية، وحس بطاقة ايجابية غريبة ما حسهاش قبل كدا، وفـ لحظة، بقى يقارن بين احساسه مع سها واحساسه دلوقتى، لقى فرق شاسع، كل لحظة بيعيشها مع سبيل شعور جديد بالنسبة له اول مرة يحس بيه، حتى إحساس الأبوة، اول ما شاف صهيل وشاله بين إيديه، قلبه دق بين ضلوعه لأول مرة بالعنف ده، الاحساس اللى كان مفتقده لما شال ياسين، اتنهد باستغراب وهو بيردد: ما كان لك سيأتيك رغمًا عنك، وستفرح به كما لم تفرح يومًا، وما ليس لك سيبتعد عنك ولو تشبثت به بكل قوتك.
بعد مرور كام ساعة خبطت سمر ودخلت بعد ما سمعت الأذن، وبهدوء: استاذ رسلان المحامي عايز يقابل حضرتك.
بجدية ومن غير ما يرفع عينه عن الملفات اللي فـ إيده: خليه يتفضل وشوفيه يشرب ايه!!
خرجت سمر بعد ما هزت راسها بالموافقة وبصت لـ رسلان: اتفضل مستر صهيب فـ انتظارك.
دخل رسلان المكتب بخطوات بطيئة وتقيلة، كأن جواه هموم الدنيا، ورغم ثبات ملامحه، لكن جواه برkـان من قلق وتوتر بيغلي، بيحاول يداريه بكل قوته، وهو بيسلم بنبرة جادة: السلام عليكم ورحمة الله.
صهيب استقبله بابتسامة هادية، وعينيه كلها ترقب: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، اتفضل يا متر، يا ترى فى جديد؟
رسلان رد بهدوء مهني، وهو بيقعد ويحط شنطته ع التربيزة: أكيد طبعا يا بشمهندس، اومال أنا چاى ليه؟!
صهيب بنبرة جادة: خير يا متر؟
رسلان فتح الشنطة وطلع منها ملف حطه ع المكتب، وبنبرة عملية: كل أوراج إعلام الوراثة اللى تخص عمك وولاده خلصت، وكدا علي بيه لازم يروح البنك ويفتح الخزنة عشان يستلم نصيبه من الماس ونصيب نادر ويمنى هيقدر تمنه ويتحط فـ المجلس الحسبي لحين بلوغهم السن القانوني، وطبعا الوصاية كانت من نصيب عمران بيه زى ما قال عمك.
صهيب اتنهد تنهيدة تقيلة، لكنه اتكلم بثبات: حسبت نصيب مدام سها؟
رسلان بص له باستغراب، بيحاول يستوعب اللى سمعه، وبنبرة مليانة ذهول ماقدرش يخفيها: نعم!! انت بتجول ايه؟! كيف يعني نحسب لها نصيب؟!
صهيب بنبرة حاسمة وهو بيراقب ردة فعله: هى مش نرمين تبقى والدتها؟! يبقى شرعاً ليها نصيب فـ الفلوس والشقة والالماظ.
رسلان نبرته زادت اندهاش: بس الاوراج الرسمية بتجول يا بشمهندس ان نرمين مالهاش ورثة غير نادر ويمنى ووالدهم.
صهيب رد بهدوء: دي الاوراق الرسمية يا رسلان، انما الحقيقة اللى هنتسأل عليها قدام ربنا، أن هنادي بنت نوال وتورث فيها شرعا، واحنا الاتنين عارفين ومتأكدين ان سها ونرمين هما نفسهم هنادي ونوال، وبالتالي لازم تاخد نصيبها من الورث، ده حقها.
رسلان عينيه وسعت من الصدمة، وصوته خرج مش مستوعب: انا مستغربك، كيف يعني حجها؟ ان كان هما نفسهم اتنازلوا عن الحج ده لما اتخلوا عن هويتهم الحجيجية وعملوا شهادات وفاة، وعاشوا بأسامي تانية، تجوم انت تجول نديها ورثها من أمها؟!
صهيب عينه فضلت ثابتة ع رسلان، صوته كله إيمان باللي بيقوله: انت راجل قانون وعارف، ان ده شرع، ما ينفعش نغفل عنه، وان كانوا هما اخترقوا القانون ولعبوا بالأوراق، ده ما ينفيش الحقيقة اللى كلنا عارفينها.
رسلان سكت لحظة وبعدين كمل باستفسار: بس ده هيطلع ازاى؟ كل حاچة متسچلة فـ ورج رسمي يا بشمهندس!
صهيب بهدوء حاسم: اعمل حسبتك انت بس وما تقلقش، كل حاجة معمول حسابها، لأن ده مش قراري لوحدي، ده قرار العيلة كلها، المهم، بس تتابع الموضوع فـ سرية تامة، عايزه ينتهي من غير شوشرة.
رسلان هز راسه باحترام: ما تجلجش، كل حاچة هتخلص كيف ما جال عمران بيه، بس عندي سؤال محيرني.
صهيب بص له باستغراب: سؤال ايه؟
رسلان بحيرة ودهشة: كيف چدك جدر يمحي أثر كل اللى حصل وظهر الموضوع ع انه حادثة؟
صهيب اتنهد تنهيدة وجع، وبنبرة هادية: جدى له علاقات كتيرة جدا بناس كبيرة، والكل بيحترمه ويتمنوا يخدموه، وعشان يحمي سمعة العيلة وسمعة والدك، الراجل اللي مالوش ذنب غير انه اتجوز نوال، كان لازم يعمل كدا.
رسلان شرد فـ كلام صهيب، وصوت داخلي بيهمس له بأمل، كأن الكلام فتح جواه باب جديد ممكن يوصله لـ حلمه، وفكر لو طلب ايد شاهندة دلوقتي، ممكن يوافق؟
صهيب لاحظ شرود رسلان وقبل ما يسأله عن السبب، خبط الباب بهدوء ودخلت سمر وهي شايلة صينية فيها واجب الضيافة لـ رسلان، وقفت جنب المكتب، منتظرة تعليمات صهيب، لكن فجأة كل حاجة انقلبت رأسا على عقب….
دخلت سبيل المكتب زى الطوفان وعينها مش شايفة غير سمر اللى كانت واقفة بتتكلم مع صهيب، وبصوت عالي ونبرة حادة: انسسسة سمرررررر، بتعملي ايه عندك وسايبة مكتبك؟
سمر بصت لها بدهشة: نعم!! مش فاهمة حضرتك تقصدي ايه يعني؟
صهيب اول ما شافها داخلة المكتب بالطريقة دى، وبهمس سمعه رسلان، وهو بيحاول يكتم ضحكته: ربنا يستر من طوفانك يا بنت علي، الله يخربيتك يا شهاب…
وقام وقف بهدوء، فـ محاولة لإحتواء الموقف: خير يا روحي، مالك داخلة زى القطر كدا ليه؟
قربت من المكتب وخبطت عليه بإيديها الاتنين، وبحاجب مرفوع ونبرة تحدي: انا قطر؟! ماااااشي يا بشمهندس، أنا هوريك القطر ده هيعمل ايه؟عدلت وقفتها ولفّت وشها لـ سمر بغضب: أمشي أخرجي برة، وسلّمي كل شغل المكتب لـ مجدي واطلعي برة الشركة خاااالص، يللا!!.
سمر ردت باعتراض: اسفة، انا باخد أوامري من مستر صهيب، مش من سيادتك.
سبيل بصت لـ صهيب برفعة حاجب: غلطت؟! وانا اموت فـ اللى بيغلط…
وبسرعة رجعت تاني تبص لـ سمر، من غير ما تدي فرصة لـ صهيب يفتح بقه، وبنبرة مليانة غضب: بصي بقى يا حلوة، انا كنت ناوية اسيبك يومين تظبطي أمورك وتسلّمي الشغل لـ مجدي ع رواق، لكن عشان قلة أدبك دي، عندك ساعة واحدة بس، تسلميه كل حاجة وتغوري ع الفرع التاني، استلمي شغلك فـ الاستعلامات.
سمر بصت لـ صهيب بنبرة مضطربة: قول حاجة يا مستر صهيب.
سبيل قاطعتها بعصبية: انا اللى بتكلم مش هو، اتفضلي نفذى وانتي ساكتة.
صهيب اخد نفس طويل خرجه بهدوء، وجواه فرحة غريبة، وبنبرة هادية: ممكن تهدي شوية يا سبيل؟ وتفهميني ليه قراراتك المفاجأة دي؟! ومين مجدي ده؟
سبيل بصت له بغيظ: ده مش قرار يا بشمهندس…
وبصت لـ سمر، بنظرة قاطعة: ده وعد! وعد سبيل الشهاوي اللى وعدتك بيه من شهور، فاكراه؟ بس عشان انا ما بحبش قطع الأرزاق، اكتفيت بنقلك للفرع التاني…
ورجعت تبص لـ صهيب من تاني بحاجب مرفوع: مجدي مدير مكتبك الجديد، عندك اعتراض؟
صهيب بص لها وهز راسه بهدوء: لأ، ماعنديش اعتراض.
سمر اتفاجئت من موقفه، وبنبرة مندهشة: حضرتك موافق ع كلامها يا مستر صهيب؟!
صهيب بتنهيدة راحة: مدام سبيل صاحبة الشركة، وكلامها يمشي ع الكل، اتفضلي نفذي
سبيل بصت لـ سمر بحدة: اتفضلي نفذي الأمر، وانا فـ مكتبي، عيني عليكي، ساعة بالظبط، 60 دقيقة من وقت خروجك من هنا، وهرجعلك تاني، لو لاقيتك لسة موجودة يبقى ما تلوميش غير نفسك…
ولفّت وشها لـ صهيب من تاني وبغيرة واضحة ع ملامحها وفـ نبرة صوتها: واعمل حسابك، لو عرفت انك اتعاملت مع أى كائن أخره ته مربوطة، هتشرف فـ المشرحة، في سرير فاضى هناك محتاج جـsـة…
خلصت كلامها وخرجت من المكتب بخطوات مليانة غضب ونرفزة بعد ما خرجت سمر، راحت مكتبها وهى بتغلي من جوة، وبتكلم نفسها: يا انا يا انت يا ابن سامية، أديني مشيتهالك خالص، وريني بقى هتعمل ايه؟
أما صهيب الفرحة كانت مالية قلبه، لدرجة انه نسي اصلا وجود رسلان، وفضل يضحك بهيستيريا ويكلم نفسه: يخرب عقلك يا مجنونة، ما توقعتكيش تعملي كدا ابدا، بركاتك يا شيخ شهاب.
رسلان حمحم بحرج: انا اسف لتدخلي، بس هى اللى كانت بتزعق هنا دي! صاحبة الشركة فعلا؟!
صهيب بابتسامة صافية: دي سبيل بنت عمي ومراتي، كانت فـ مارسيليا ولسة راجعة.
رسلان اكتفى بابتسامة هادئة، وكأنه أخيرًا فهم سر عصبيتها، ومن لمعة عين صهيب، عرف السبب الحقيقي لـ شُروده فـ كل مرة كان بيشوفه فيها قبل رجوعها، من غير ما يكمّل كلامه أو حتى يطلب اللي جه عشانه، استأذن ومشي فـ صمت.
أما صهيب، فـ اتنهد بسعادة وجواه: أدركتُ متأخرًا يا سبيلي
أنكِ لم تكوني عابرة، بل وطنًا سكنني بصمت، فعدتُ إليكِ لا لأطلب الصفح، بل لأقول: أنا لكِ… ما حييت.
وخرج جري من مكتبه ومن الشركة كلها، متجاهل سمر ومجدي وكل حاجة حواليه، وما فيش فـ باله غير حاجة واحدة بس، إزاي يفاجئ سبيل، ويفتح معاها صفحة جديدة، إزاي يقول لها إنه فهم رسالتها، وإنه مستعد يحارب الدنيا عشانها، زي ما هي أخيرًا قررت تسمع كلام شهاب والبنات، وتتمسك بيه، وتحافظ عليه لآخر نفس فيها.
في سبيل صهيب بقلمي✍️_______ لبنى دراز
انتظروووني قريبا جدا فى الخاتمة
الفصل التالي: اضغط هنا
يتبع.. (رواية في سبيل صهيب) اضغط على اسم الرواية لتجد الفهرس كاملاً بجميع الفصول.