رواية حب فى الدقيقة تسعين الفصل الثالث والثلاثون 33 - بقلم نعمة حسن
_٣٣_
~ إلا عينيكِ.. وأحزاني! ~
_____________
كانت تغفو بجواره غارقةً في نومٍ عميق، نومٍ لا يواتي إلا إنسانًا مُتعبًا، تخبط كثيرا ونال من الصدمات ما يكفي ووجد راحته وملاذه الآمـن أخيرا. بينما كان هو يضطجع على جانبه ويده أسفل خده، وينظر إليها متأملا وهي تتنفس بهدوء وسكون نقيض الأفكار العاصفة التي تدور برأسـه.
تنهد بتمهل ومد أنامله ليزيح بها خصلاتها الانسيابية عن جبهتها، ثم استقرت يده فوق وجنتها وأخذ يتلمس خدها بأنامله شاردا بها، لقد امتلكها، أصبحت زوجته فعليا!
في الحقيقة لم يتوقع أن يتم الأمر بتلك البساطة، لقد ظن أنه سيتطلب وقتا أطول من ذلك، أو على الأقل حتى يعتادا وجودهما سويا، ومن يدري ربما كان يقرر أن يؤجل هذه الخطوة لحين إشعار آخر!
ولكنها حياة، فتاة المستحيل، التي ما إن تتواجد بالقرب منه يخرج عن دوائر توقعاته وظنونه ويضرب بكل قرارته وترتيباته عرض الحائط!
فتلك الفتاة التي كانت مجرد آنسة لطيفة لذيذة في البداية ومن ثم تحولت إلى فتاة مشاغبة تجعله يخرج عن شعوره أحيانا، مريدًا خنقها حتى يتخلص من إزعاجها، فجأة وبخطوة غير محسوبة أصبحت زوجته!
بالرغم من كل الظروف المأساوية التي يعيشانها، والتي بإمكانها أن تحول دون حدوث الكثير بينهما، ولكنهما تجاوزا كل تلك العوائق وسمحا لآلة الزمن أن تتوقف بهما قليلا واقتطعا لأنفسهما وقتا خاصا نقلهما إلى عالمٍ خاص، عالم لم يتواجد به سواهما.
اقترب منها أكثر ومال نحوها وقبّل جبهتها بامتنان صادق، فقط كل ما يشعر به الآن هو الامتنان، امتنان لتلك اللحظـات السحريـة التي استطاعت أن تخدر كل أوجاعه وآلامه، امتنان لهذه المخلوقة التي تغفو كالقطة الوديعة التي أثبتت له قبل قليل أنه رجلا مثاليا يستحق كل الحب والحنان والعطاء، امتنان لتلك العلاقة الفريدة التي لا تشبه غيرها، علاقة خُلقت لهما فقط، بلورة سحرية صُنعت لتحتوي كلا من قاسم وحياة فقط!
استمع لآذان الفجر يصدح في الأرجاء فنهض على الفور ودخل إلى الحمام يستعد للصلاة.
أنهى فرضه ثم التقط هاتفه وخرج من الغرفة ليجلس بالشرفة وهاتف سيد أكثم الذي أجابه قائلا:
_ صباح الخير قاسم.
_ صباح الخير سيد أكثم ، آسف على الإزعاج ولكن لم يتسنَ لي أن أتصل بك وأسألك عن تفاصيل المحاكمة. أخبرني ماذا حدث؟
تنهد أكثم بضيق وقال:
_ في الحقيقة لم أود إثارة ضيقك لذلك لم أتصل، لقد تأجلت جلسة النطق بالحكم لأسبوعين، ولكن لا تقلق، محامينا يفعل ما بوسعه لكي يستطيع الحصول على أكبر حكم ممكن.
في تلك الأثناء خرجت صفية من الغرفة قاصدةً الحمام ولكنها توقفت وأرهفت السمع عندما استمعت لقاسم الذي كان يقول بصوتٍ خافت:
_ أنا أثق بخصوص ذلك، سيد أكثم أنت تعرف مدى أهمية هذه القضية بالنسبة لي، يجب أن يحصل المحامي على أكبر وأشد حكم ممكن ، فمِثل أولئك المجرمين لا ينبغي أن تكون عقوبتهم أقل من الإعدام حتى يكونوا عبرة لغيرهم..
تنهد أكثم قائلا:
_ أنت محق قاسم ولكنه القانون، كن واقعيا ولا تنتظر حكما مشددا، عادةً ما تكون عقوبة جرائم الخطف سبع سنوات على الأكثر، ولكن في وجود شروع في اغتصاب وتخدير وابتزاز يمكن أن يصل الحكم لعشر سنوات.
زفر الآخر بضيق وقلة حيلة، ثم قال:
_ حسنا، ليفعل الله خيرا.
_ إن شاء الله، وبالنسبة لعنبر لا تقلق، لا زالت التحقيقات مستمرة ولسببٍ ما أشعر بأن هناك شيئا مخبأ بإمكانه تخفيف الحكم عنها، ولكن المشكلة أنها لا تتكلم، وجدي المحامي أخبرني أنها تستخدم حق الصمت، بالرغم من أنه يحثهاِعلى الكلام للاستفادة من كل حرف وجعلهُ حجةً لها ولكنها ترفض.
تكلم قاسم بحزن قائلا:
_ تلتزم الصمت لأنها تعاقب نفسها، عنبر لم تخطئ بحق نفسها مرة ولا مرتين، هي من دفعت بنفسها للهاوية.
تحدث أكثم قائلا:
_ للأسف أنت محق، شخصية كعبدالله ذاك من المؤكد أنه كان يملك قدرة هائلة على بث سمومه بكل المحيطين به، وعنبر كانت أول الضحايا الذين استطاع تحويلهم من إنسان فطري نقي لآخر مؤذٍ و سام، وأول من أذت كانت نفسها.
ضغط بين عينيه بتعب وقال:
_ صحيح، على كل حال أشكرك لاهتمامك سيد أكثم.
_ لا عليك قاسم، مع السلامة.
أنهى قاسم الاتصال فعادت صفية إلى غرفتها ببطء وهي في حالة ذهول تام، فكانت تتحدث إلى نفسها قائلة:
_ إعدام!!
وسالت دموعها بغزارة ووضعت كفها فوق فمها تكتم نحيبها وهي تقول بهمس:
_ يا إلهي! هل يسعى لأن يحصل لها على حكم بالإعدام؟! لذلك هو من وكل لها المحامي ؟! كي يتمكن من تحريك مسار القضية كما شاء! يا إلهي! يا أسفي عليكِ يا عنبر، حتى هذا النذل يسعى للانتقام منكِ وأنتِ بتلك المحنة!
ثم تحدثت إلى نفسها بشرود وهي تقول:
_ ماذا ستفعلين يا صفية؟ هل ستتركين ابنتك تحت رحمة هذا الجبان؟ لا. يجب أن أتصرف.. سأوكل لها محاميا غيره، لن أسمح له أن يتلاعب بمصيرها أبدا.
/////////////
عاد قاسم إلى غرفته، وألقى بجسده الفارع على الفراش فجأة فانتفضت حياة التي كانت تنظر إليه كقطٍ مذعور وقالت:
_ ماذا يحدث؟
نظر إليها ببساطة قائلا:
_ لا شيء.
_ ولكني شعرت بأن هناك زلزالا قد حدث!
ضحك وهو يقترب منها بمشاغبة قائلا:
_ نعم، زوجك دائما يُحدِث الزلازل ويثير العواصف، أليس كذلك يا كهرمانة الشقية.
ابتسمت بخجل وأغمضت عينيها تتصنع النوم فاقترب منها أكثر حتى أصبحا متلاصقين وقال باسما:
_ هل تخجلين يا كهرمانة؟ عساه خيرا؟
فتحت عينيها وطالعتهُ شزرا فابتسم وقد حقق مبتغاه، فأخذ يتطلع إلى عينيها بابتسامة متزنة وهو يقول:
_ يا إلهي! لم أرَ بحياتي عينين كعينيكِ.
ثم أخذ يدور بعينيه على قسمات وجهها وهو يقول:
_ كم أنتِ امرأة جميلة بعينين جميلتين!
ابتسمت ولمعت عينيها بحنينٍ مشّع وأحاطت وجنته بكفها بحنان وقالت:
_ أنا جميلة بعينيك أنت قاسم الحداد.. جميلة لأنني معك، لأنني امرأة رجلٍ مثلك.. أحبك جدا قاسم.
ابتسم لقولها ووضع كفه فوق كفها الذي يحتضن وجنته وهو ينظر إليها بحنوٍ ويقول:
_ وأنا لا أملكُ في الدنيـا إلا عينيـكِ .. و أحزاني
أأقـولُ أحبكِ يا قمـري؟!
آهٍ لـو كـان بإمكـاني
فأنـا إنسـانٌ مفقـودٌ
لا أعرفُ في الأرضِ مكاني
ضيّعـني دربي ضيّعَـني
اسمي ضيَّعَـني عنـواني
تاريخـي!؟
ما ليَ تاريـخٌ…
إنـي نسيـانُ النسيـانِ
إنـي مرسـاةٌ لا ترسـو
جـرحٌ بملامـحِ إنسـانِ
أأقولُ أحبُّكِ يا قمري؟
آهٍ لـو كان بإمكاني
فأنا لا أملك في الدنيـا إلّا عينيـك… وأحـزاني.
ونزع كفها من فوق خده وقربه من فمه ثم قبّل باطنه ونظر إليها فوجدها تنظر إليه باندهاش ودموعها تسيل على جانبي خديها وهي تقول:
_ هذه القصيدة لنزار قباني، أليس كذلك؟
أومأ بنفي وقال مبتسما:
_ لا، هي لقاسم الحداد ونزار قباني هو من قام بسرقتها وتحريفها.
ضحكت فضحك بدوره فقالت بتأثر:
_ منذ متى وأنت تهوى الشِعر؟
_ منذ رأيت هاتين الكهرمانيتين أصبحت أهوى كل شيء، بالقرب منكِ حياتي ينتابني إحساس غريب، أشعر وكأني إنسان كان فاقدا هويته وللتو بدأ يتعرف على أبجديات الحياة.
ومد أنامله يزيل عن وجنتيها آثار البكاء وقال مبتسما:
_ ومن ضمن هذه الأبجديات قربك، لذا ضميني حياة.
وأسقط رأسه بجوارها فأحاطته بذراعيها بكل ما أوتيت من قوة وأسندت رأسها على رأسه وغطّا سويا في النوم.
/////////////////
في الصباح..
انتفض كلا من قاسم وحياة على صوت طرقات حادة ومزعجة على باب غرفتهما، فنظرا لبعضهما البعض بتساؤل فقالت حياة:
_ هذه أمي بالتأكيد.
هز رأسه بتأييد وقال:
_ وهل يسكن معنا سواها؟ السؤال هنا هو ما سبب ذلك الإزعاج منذ الصباح؟
نهضت من الفراش سريعا وفتحت الباب فطالعتها أمها بتفحص وتأملت هيئتها المشعثة مما أربك حياة وقالت بنزق:
_ اتبعيني.
_ ماذا هناك أمي منذ الصباح ؟
نظرت إليها بحدة وقالت بصوتٍ غاضب جهور:
_ قلتُ لكِ اتبعيني، يجب أنت نتحدث.
وذهبت لغرفتها فدخلت حياة وهي تنظر لقاسم بحرج وقالت:
_ تريد أن نتحدث.
أجابها وهو يحك ذقنه بضيق:
_ أجل، لقد سمعت.. ولكن اسمعيني جيدا حياة، لا تسمحي لها أن تتجاوز حدودها أبدا.. صراحةً لقد كاد صبري أن ينفذ.
بدلت ملابسها سريعا وذهبت لغرفة والدتها التي كانت تنتظرها بتأهب وقالت:
_ صباح الخير أمي.
طالعتها بضيق شديد وقالت بتهكم:
_ خير؟ أي خير آنسة حياة؟ عفوا.. أقصد مدام حياة.
رفعت حياة حاجبيها بتعجب واستغراب لضيقها الغير مبرر وقالت:
_ ماذا حدث يا أمي؟
نظرت إليها صفية بغضب وقالت:
_ ما حدث هو أنكِ ذهبتِ ومكنتِ ذلك الحقير منكِ بكل سهولة، وغضضتِ الطرف عما فعلهُ بأختك.
زفرت حياة بنفاذ صبر وقالت:
_ ليس مجددا أمي أرجوكِ، إن كان هذا الموضوع هو ما تريدين التحدث به فأنا آسفة لن أستمع إليكِ.
ضحكت ساخرة وقالت:
_ لا تستمعي حياة، اذهبي وارتمي بأحضانه مرة أخرى ولكنكِ ستندمين قريبا، وقريبا جدا.
تجاهلت حياة ما قالته وخرجت من الغرفة لتستوقفها أمها حيث قالت:
_ أبلغيه أني أود زيارة أختك، لا بد أن أتحدث معها.
استدارت حياة ونظرت إليها بتعجب وقالت:
_ أختي؟ وما الذي تودين قوله لها؟
_ ليس من شأنك. هيا اذهبي وأخبريه ليتحدث إلى المحامي الملعون هذا ويطلب منه الحصول على إذن بالزيارة، اليوم!
تنهدت حياة بنفاذ صبر وقالت:
_ حسنا، سأبلغه أننا نود زيارتها..
قاطعتها صفية بحزم وقالت:
_ أود، أنا أن أزورها بمفردي، أساسا زيارتك لن تفيدها بشيء، ولا أظن أنها ستفيدك أيضا، لذا اذهبي لزوجك الحبيب وارتمي أسفل قدميه لتحصلي على رضاه وعفوه، هيا.
احتقن وجه حياة بدماء الغضب وغادرت الغرفة على الفور بينما كانت أمها تتبع خطواتها بضيق وهي تتمتم:
_ غبية ومتخلفة.. أنتِ غبية وأختك أكثر منكِ غباءً، اللعنة على غبائكما.
عادت حياة إلى الغرفة لتجد قاسم لا يزال راقدا بمكانه وما إن رآها حتى تسائل:
_ عساه خيرا؟ ما وجه اعتراضها اليوم؟
تنهدت حياة بضيق وجلست بجواره وهي تقول:
_ تود زيارة عنبر!
قطب جبينه متعجبا وقال:
_ والسبب؟
_ تقول أنها تريد التحدث إليها.
زفر مطولا بقلق وقال:
_ يا رب سترك، أشعر بأن والدتك تخطط خطة جديدة لتفسد بها حياتنا، أصبحت لا أتفائل بوجودها أبدا .
نظرت إليه حياة بضيق والتزمت الصمت فانتبه لما قاله وزم شفتيه بضيق، ثم جذب ذراعها لتقترب منه وضمها إليه وقال:
_ أنا آسف حياتي، لم أقصد مضايقتك صدقيني ولكنها أصبحت فعلا تثير إزعاجي، والدتك لا يمكنها العيش دون إفساد حياة الآخرين، صدقيني أخشى ما أخشاه أن نكون أحد ضحاياها يوما ما.
تنهدت حياة بضيق وأسف ثم ابتعدت عنه وجلست بمكانها وهي تقول:
_ أرجوك قاسم اتصل بالمحامي وانظر ماذا بإمكانه فعله بشأن الزيارة.
استشف ضيقها وتخبطها فلم يرغب في إثارة ضيقها أكثر وأمسك هاتفه وقام بالاتصال بالمحامي على الفور:
_ صباح الخير أستاذ وجدي..
_ صباح الخير سيد قاسم.
_ من فضلك هلّا حصلت لنا على إذن لزيارة عنبر، والدتها ترغب في التحدث إليها بصفة ضرورية.
_ حسنا، سأتحدث إلى وكيل النيابة وأرى ماذا بإمكاني فعله وأخبرك.
_ أشكرك أستاذي، مع السلامة.
أنهى الاتصال ونظر إلى حياة قائلا:
_ سننتظر اتصالا منه.
أومأت بهدوء ونهضت فأمسك بذراعها وتساءل:
_ إلى أين؟
أجابته بهدوء ينُم عن كم الفوضى العارمة بداخلها وقالت:
_ أود البقاء بمفردي قليلا.
جذبها نحوه فسقطت بجواره فمال عليها ممسكًا بذقنها وهو يقول بنبرة حنونة:
_ والسبب يا كهرمانة؟
تنهدت وبدون مقدمات سالت دموعها بغزارة فنظر إليها متعجبا وقال:
_ ماذا بكِ حياة؟ ماذا قالت لكِ؟ بالتأكيد ضايقتك كالعادة.
وزفر بغيظ ثم نهض بغتةً وهو يقول:
_ يكفي.
أمسكت بيده وهي تقول:
_ إلى أين؟
_ سأذهب لأتحدث إليها وأضع لها حدًا لا تتجاوزه مرة أخرى ، أنا لست مجبرًا على تحملها، ولا حتى أنتِ مجبرة لتتحمليها لمجرد أنها أمك، للصبر حدود حياة.
وقفت أمامه تمنعه من الخروج وقالت:
_ من فضلك قاسم، أمي لن تتغير، لذا لا تكلف نفسك عناء المجادلة معها، في النهاية هي لن تغير قناعاتها أبدا.
_ وما هي تلك القناعات؟ أنني لا استحقك ولست مناسبا لكِ أليس كذلك؟ بالإضافة لأنها تراني مجرما وأنني أنا سبب كل شيء، لذا تمنح نفسها الحق في إزعاجك ونفث سمومها بوجهك كلما رأتكِ.
أمسكت حياة رأسها بتعب وهي تقول:
_ قاسم، أرجوك كفى، نحن نتحدث في أمر مفروغ منه، مهما تحدثنا إليها وحاولنا إثبات عكس ما تقتنع به صدقني لن نفلح، لذا أرجوك لا تتصادم معها، أرجوك.
تنهد بضيق واضح وأومأ موافقا عدة مرات وقال:
_ حسنا حياة، لن أتصادم معها لأن هذا ليس في صالحها، حسنا.
ارتفع رنين هاتفه وكان المتصل أستاذ وجدي فأجاب قاسم قائلا:
_ مرحبا أستاذ.
_ مرحبا قاسم، لقد تواصلت مع وكيل النيابة والحقيقة كان رجلا متعاونا للغاية، يمكنكم الحضور بعد نصف ساعة.
_ حسنا سيدي أشكرك . مع السلامة.
أنهى الاتصال ونظر لحياة قائلا:
_ الزيارة بعد نصف ساعة.
أومأت فقال:
_ هل ستذهبين معها؟
_ لا، سنقوم بتوصيلها ثم نذهب لزيارة أبي.
_ حسنا، أبلغيها كي تستعد.
//////////////
كانت عنبر تجلس بالحجز، تسند رأسها على الجدار من خلفها وهي تستعيد الذكريات الجميلة التي جمعتها بقاسم في صغرهما، ودموعها تعرف السبيل لخديها جيدا.
تذكرت يوم خطبتهما، عندما أهداها سلسالا ذهبيا يتدلى بنهايته حرفين ذهبيين إشارة لاسم كلا منهما، تذكرت يوم اختفى السلسال وكانت في حالة يرثى لها، يومها منحها قاسم أجمل ابتسامة قائلا" حتى وإن ضاع السلسال فحبنا سيبقى لن يضيع أبدا، لذا لا تحزني". ذلك السلسال الذي شدهُ عبدالله من عنقها بقوة يوم اغتصابها قائلا " ذلك الحقير لن يبقى له مكانا بحياتك من الآن، ولا حتى سلساله اللعين".
مسحت دموعها بقهر وهي تتمتم بحسرة:
_ حتى السلسال لم ينجُ من بطشك يا حقير.
وفجأة خرجت من قاع ذكرياتها مع قاسم وطفت على سطح الواقع المرير، فتذكرت ما فعلت، وبالرغم من أنها لم تشعر بالذنب ولكن غصةً تشكلت بقلبها قهرًا، لقد عانت طيلة حياتها معه وفي النهاية رُسِمت لها تلك النهاية البائسة بفضله هو أيضا.
تذكرت ضحكات ابنها كريم، عناقه، بكائه، صراخه وتذمره ونعته لها بالأم الأنانية! فانخرطت في بكاءٍ مرير وأحاطت نفسها بذراعيها وهي تبكي بقهر وتقول:
_ سامحني كريم، أنا فعلا أمًا أنانية.
قطع نوبة بكائها صرير الباب الحديدي وهو ينفرج، ثم دخول العسكري الذي قال:
_ عنبر الحداد.
نظرت إليه بانتباه فقال:
_ لديكِ زيارة.
نظرت إليه بجفاء وقالت:
_ لا أريد مقابلة أحد.
_ والدتك تريد رؤيتك ضروريا. هل ستخرجين لرؤيتها أم أبلغهم برفضك؟
انقبض قلبها فورا وخافت أن يكون والدها أو ابنها قد أصابهما شيئا لذا خرجت لمقابلتها.
كانت صفية تجلس بغرفة الزيارة وقلبها يصنع ضجيجا عاليا من فرط اللهفة وما إن انفرج الباب وظهرت عنبر حتى هرولت نحوها واحتضنتها بقوة وأخذت تبكي بانهيار وهي تقول:
_ آهٍ على حظك يا ابنتي، ليتني أستطيع تخفيف كل هذا عنك حبيبتي.
ضمتها عنبر بفتور وابتعدت عنها وهي تنظر إليها بتعجب وقالت:
_ لمَ أتيتِ أمي؟ هل أبي بخير؟ هل حدث مكروها لكريم؟
مسحت والدتها دموعها وهي تقول:
_ الجميع بخير ما عدا أنتِ عنبر، كلهم يعيشون وأنتِ وحدكِ من تصارعين الموت البطيء هنا.
تحدثت عنبر بهدوء وقالت:
_ طالما أن الجميع بخير لماذا أتيتِ؟!
نظرت إليها صفية بتعجب وقالت:
_ ما الذي تقولينه عنبر؟ هل أخطأت لأنني رغبت في زيارتك والاطمئنان عليكِ؟
أجابتها عنبر بنفاذ صبر قائلةً:
_ أنا بخير أمي، لا داعي للقلق.
تحدثت صفية بحدة وقالت:
_ لا، أنتِ لستِ بخير، أنتِ تلتزمين الصمت كي تعاقبين نفسك على ذنبٍ لستِ أنتِ المجرمة الأولى فيه، لمَ تصمتين؟ لمَ لا تشرحين لهم معاناتك كاملةً علّكِ تنقذين نفسك من العذاب المحتم الذي ينتظرك.
نظرت إليها عنبر بتعجب وقالت:
_ لا أفهمك! أساسا من أدراكِ أني ألتزم حق الصمت؟! هل تحدثت ا مع المحامي؟
لوت صفية شفتيها بنزقٍ وقالت:
_ لا، لقد سمعت المحروس قاسم وهو يتحدث إليه بالهاتف ويقول له بكل وقاحة أنكِ تلتزمين الصمت عقابا لنفسك وأنكِ من ألقيتِ بنفسكِ لما أنتِ فيه الآن.
ثم شحب وجهها بذعر وقالت بهمس:
_ لن تصدقي ما سمعته عنبر، القذر الذي كان يمثل أنه قلقا عليكِ ووكل لكِ أكبر محامي جنائي على حسب قوله، اتضح أنه اصطنع كل ذلك الفيلم ليحقق غايته وهي الانتقام منكِ؛ لقد سمعته يقول للمحامي أن هذه القضية مهمة جدا بالنسبة له وأنه يرغب أن تحصلين على أشد وأكبر حكم، لقد قالها صراحةً عنبر، قال مثل هؤلاء المجرمين لا ينبغي أن تكون عقوبتهم أقل من الاعدام.
صبغت الصدمة وجه عنبر فنظرت إليها بذهول وقالت بغير تصديق:
_ إعدام!! هل قاسم من قال هذا؟
أومأت والدتها بتأكيد وقالت بأسف:
_ أجل، لذا أتيت إليكِ لأطلب منكِ أن تتحدثي، صمتك هذا في صالح قاسم ومحاميه المحتال، ارفضي المحامي اللعين هذا وأنا سأوكل لكِ محاميا غيره.
كانت عنبر تنظر أمامها بشرود وتستمع إلى ما تقوله أمها بصدمة وهمست:
_ مستحيل.
_ لا، هذا ما اتضح، أساسا كان عليّ أن أشك في عرضه المساعدة وكل هذا العطاء والترابط الأسري، بعد أن فعل ما فعله بعبدالله واتفق مع سماهر لتحتال عليه وتجعله يتنازل عن ممتلكاته له، ثم قام ببيعها واشترى شقة فاخرة في منطقة راقية..
قاطعتها عنبر بصدمة أشد وطأةً وقالت:
_ ماذا؟ أي أنه هو من عرّف عبدالله على سماهر؟
أومأت أمها بموافقة وقالت:
_ أجل، هو من وضعها بطريقه وجعلها طُعمًا ليصطاده به، جعلها تحتال على عبدالله وتوقعه في شباكها ثم سلب منه كل ما يملك واشترى شقة بالمبلغ، مالك ومال ابنك أصبح تحت أقدام هذا الحقير قاسم يتمتع به كيفما شاء.. وفي النهاية أنتِ من تدفعين الثمن! تجلسين هنا وتصمتين بكل إصرار، وبالمقابل هو يخطط للانتقام منكِ بكل دناءة.
أحست بالأرض تدور بها واحتقنت عروقها بدماء الغضب وقالت ودمعاتها تسيل على خديها بهوان:
_ و حياة؟
نظرت إليها بضيق ثم قالت:
_ لا تذكري لي اسم تلك الغبية، أختك التي كنت أظنها الأبيّة صاحبة الكرامة، صعبة المراس، اتضح لي أنها بلهاء وحمقاء، لا ترى به عيبا ولا تسمح لي بالتحدث عنه بطريقة لا تروقها، إضافةً لهذا ذهبت بكل وقاحة وسلمت له نفسها الغبية، حتى لم تحترم ذلك الظرف الذي تمرين به.
أجفلت عنبر وابتلعت ريقها بضيق وفزع، ثم نهضت عن مقعدها والدموع تلمع بعينيها وقالت:
_ كفى!
وخرجت من الغرفة فورا تاركةً أمها تتطلع في أثرها بحزن وشفقة وهي تقول:
_ أسأل الله أن تتصرفي بذكاء لمرة أخيرة عنبر وتنقذين نفسك من الهلاك.
________
عادت عنبر إلى الحجز هائمةً، صدى ما قالته أمها يتردد بأذنيها، وفجأة انفجرت باكيةً وانبجست الدموع من عينيها بغزارة وهي تتذكر ما أخبرتها به والدتها وأخذت تردد بغير تصديق:
_ غير ممكن، قاسم!! قاسم يريد الانتقام مني بتلك الطريقة البشعة؟ يستغل تلك المِحنة التي أمر بها ويريد الثأر لنفسه مما فعلته سابقا؟
وصمتت لدقائق وعادت تردد:
_ ولمَ لا، هذه لعبته المفضلة، أن يكون المتحكم والمسيطر بجميع من حوله، فعل معي مثلما فعل بعبدالله سابقا عندما سجنه ثم أخرجه من السجن ليكمل انتقامه منه على النحو الذي يضمن له التسلية والمتعة أكثر! يا إلهي؛ في النهاية اتضح أنه أساس كل ما فعله عبدالله ، هو من زرع سماهر بطريقه واستخدمها ليحتال عليه وجعله يبيع كل ما يملك ولم يفكر حتى بابنه! وأنا كالغبية كنت أحلس هنا وأتذكر ذكرياتنا الحمقاء سويا.
وأخذت تصفع خديها بقوة وانهيار وهي تردد بهيستيرية:
_ اللعنة علي وعلى غبائي، اللعنة على غبائك عنبر!
وأخذت تلطم وجنتيها بقوة حتى سقطت فاقدةً للوعي.
//////////
كانت حياة تجلس على يمين والدها وقاسم يجلس على يساره مبتسما وهو يقول باهتمام:
_ لا تقلق عمي، المِتر وجدي هذا من أكفأ
المحامين وأذكاهم، إن شاء الله سيتمكن من الحصول على حكم مخفف.
أومأ صالح متأملا وقال بلسانٍ ثقيل:
_ يا رب.
ثم نظر إلى حياة قائلا:
_ اعتني بكريم حياة.
ربتت حياة على كفه وقالت بابتسامة:
_ لا تقلق حبيبي، حنان ترعاه لحين عودتنا، سيكون بخير إن شاء الله.
أومأ بهدوء ثم نظر إلى قاسم بتركيز، و أطال النظر إليه وقال:
_ حياة بأمانتك قاسم.
اهتز قلب قاسم بضلوعه وقال بتوتر:
_ أكيد عمي، لا تقلق.
في تلك اللحظة دخلت صفية التي كانت تطالعهم بتفحص صامت، ثم وقفت أمام قاسم وقالت:
_ لا يقلق حقا؟ مسكين عمك . لا يعرف أنه وضع ابنتيه أمانة في عنق متلاعب حقير مثلك.
نظروا جميعهم إليها بصدمة وقال قاسم متحفزا:
_ عفوا؟ ماذا قلتِ؟
صرخت به بعنفٍ هادر وقالت:
_ كفاك زيفًا، لا تدّعي البراءة وأنت مُدان.
ونظرت إلى زوجها وقالت بانفعال:
_ ابن اخيك المحترم الذي توصيه ببناتك خيرا هذا هو الشر والفساد كله.
وعادت بنظرها لقاسم وقالت:
_ أخبره سيد قاسم، أخبره أنك من عرفت عبدالله بسماهر ..
نهضت حياة من مكانها فورا ووقفت أمام أمها وهي ترجوها قائلةً:
_ أمي أرجوكِ، ليس الآن.
نظرت إليها أمها شزرا وقالت:
_ ابتعدي عني حياة وإلا أقسم أني سأجعلكِ تتمنين الموت فعلا.
وأزاحتها بذراعها للجانب ونظرت لزوجها مجددا وقالت:
_ ما تلك الصدمة صالح؟ ألا تصدق أنه من فعلها؟ لا صدق، لقد فعل ما هو أقذر من ذلك، ابن أخيك المبجل قام بالنصب والاحتيال على عبدالله عن طريق سماهر، جعل عبدالله يتنازل عن ممتلكاته كلها له، هل عرفت الآن الحقيقة وراء قصة بيع الشقة والمحل؟ الحقيقة المُرّة ها هي تجلس بجوارك، هذا المنافق مدّعي التقوى والشرف هو من باع الشقة والمحل وقبض ثمنهما واشترى لنفسه شقة بمبلغ خرافي ، استحل المال الحرام ويريد أن يضل ابنتك المصونة ويجعلها ترضخ لأوامره وتعيش معه بالرغم من كل الوقاحات التي ارتكبها…
ونظرت إلى قاسم بغضب شديد و كرهٍ واضح وقالت:
_ ولا زال يرتكبها.
ونظرت إلى صالح الذي بدأ يتنفس بصعوبة وقالت:
_ هذا النذل يريد استغلال عنبر لكي…
_ بابا…
فجأة هتفت بها حياة بذعر وهي تنظر إلى أبيها الذي بدأت يده بالارتجاف بقوة و تشنجت ملامحه وبدأ بالبكاء بينما لعابه يسيل بطريقة مؤسفة، ومالت حياة نحوه بفزع وهي تقول:
_ أبي ماذا جرى؟ بما تشعر أخبرني؟
خرج قاسم على الفور واستدعى الأطباء الذين هرولوا إليه فأمرهم الطبيب بالانصراف فورا قائلا للمرضة:
_ اصرفي الجميع وامنعي الزيارة مجددا، استعدوا لنقله للعناية فورا.
خرجوا جميعهم من الغرفة ووقفوا بالخارج فنظرت حياة إلى صفية قائلة:
_ ماذا فعلتِ أمي؟ بربك ماذا فعلتِ؟ حرامٌ عليكِ أقسم لكِ هذا حرام، لقد انتكس بسببك.
حدجتها شزرا وقالت:
_ بسببي أنا أم بسبب خائب الرجاء زوجك؟
نظر إليها قاسم بغضب وانفعال وكور قبضته فجأة بِغل وغضب مكبوت مما أثار رعبها فقالت حياة بانفعال:
_ قاسم ماذا ستفعل؟
استدار فجأة وضرب بقبضته ذلك الصندوق الزجاجي المعلق بالحائط والخاص بمطفأة الحريق فتناثر زجاج الصندوق أرضا.
هرولت حياة نحوه بفزع وأمسكت بيده التي تسيل منها الدماء بغزارة وقالت بانهيار:
_ يا إلهي لقد جرحت يدك، إنها تنزف بقوة.
تجمع الأمن حوله على الفور وأخرجوه من المشفى بينما توقفت حياة في المنتصف، تنظر أمامها بضياع وخلفها بتيه، لا تعرف هل تلحق بزوجها وتطمئن عليه؟ أم تنتظر برفقة أمها للاطمئنان على والدها؟!
شعرت بالتعب الشديد وقد وهنت عظامها فاقتربت من أقرب مقعد وتهاوت عليه قبل أن تفقد وعيها ، وأسندت رأسها على يديها وأخذت تبكي بضعف وحيرة.
نظرت إليها أمها وقالت:
_ تبكين لأنكِ لم تتمكني من اللحاق به، هيا اركضي واذهبي عنده ولا تعودي إلى هنا مجددا، أساسا والدك لن ينظر بوجه ولا بوجهك مرة أخرى.
بعد قليل خرج الطبيب من غرفة العناية وقد بدا الإرهاق واضحا عليه وقال:
_ الحمد لله حالته للآن مستقرة، ولكن صراحةً لا أضمن لكم إذا انفعل مرة أخرى ألا تكون العواقب وخيمة ، سنمنع عنه الزيارة خلال الثمانية وأربعين ساعة المقبلة ونراقب حالته عن كثب، عن إذنكم.
تنفست حياة الصعداء أخيرا وما إن تمالكت أعصابها حتى هرولت للخارج ولكن والدتها استوقفتها حين قالت:
_ انتظري، لن أعود لبيت ذلك النذل، سنذهب للبقاء بأي فندق.
نظرت إليها حياة بضيق وقالت:
_ سأبقى مع زوجي أينما كان!
_ زوجك يخطط مع محاميه القذر كي يجلب لأختك حكمًا بالاعدام، لقد سمعته بأذنيّ هاتين وهو يتحدث بهاتفه خلسةً.
نظرت إليها حياة بذهول وقالت:
_ مستحيل، لا أصدق ذلك أبدا.
أومأت أمها ببساطة وفتحت حقيبتها وأخرجت منها مصحفا صغيرا ووضعت يدها فوقها وهي تقول:
_ أقسم بآيات الله ما أقوله قد حدث! سمعته يقول بالنص إن هؤلاء المجرمين لا ينبغي أن تكون عقوبتهم أقل من الإعدام ، ثم قال له أن عنبر هي من فعلت ذلك بنفسها وألقت بنفسها للهاوية، وأنها تصمت لأنها تعاقب نفسها ، ألا زلتِ لا تصدقين أمك؟ هل تشككين بكلامي بعد أن أقسمت لكِ على كتاب الله؟
شحب وجهها واهتز بدنها وأخذت تهز رأسها برفض وهي تقول:
_ لا، غير ممكن، مستحيل.. قاسم لا يفعل ذلك أبدا.
نظرت إليها أمها بخذلان وقالت بصوتٍ لا روح فيه:
_ حسنا، كما تشائين، هيا اذهبي إليه، ولكني لن أعود معكِ، سأبقى بأي مكان حتى لو اضطررت للبقاء بالشارع سيكون أهون علي من أن أبقى بتلك الشقة التي اشتراها بمال حرام، مال ليس من حقه، مال دفعت ابنتي ثمنه غاليا.
وتركتها وتحركت خطوتان ثم عادت إليها وقالت:
_ ولكن لمعلوماتك، طالما أنكِ قررتِ الوقوف بصف هذا المجرم مجددا فلا أهل لديكِ بعد اليوم.. أنا، ووالدك، وأختك.. جميعنا متنا.
وتركتها واستوقفت سيارة أجرة وتحركت بها، بينما وقفت حياة بمكانها تبكي بانهيار كطفلٍ ضائعٍ وهي تتمتم:
_ يا إلهي لا أصدق، مستحيــل!!
انتبهت لقاسم الذي ظهر من خلفها فورا وجلس بجوارها وهو يقول:
_ ماذا فعلتِ؟ كيف حال عمي؟
طالعته لدقائق طويلة فقال:
_ كيف حال عمي؟ ماذا قال الدكتور؟
مسحت دمعاتها بتخبط وقالت:
_ استقرت حالته ولكنهم منعوا الزيارة عنه..
انتبهت ليده التي لفها بتلك الضمادة وقالت:
_ هل إصابتك شديدة؟
نظر ليده قائلا:
_ لا، هيا لنذهب.
نهض و أمسك بيدها، ثم نظر نحو المشفى وقال:
_ أين هي؟
نظرت إليه نظرة غامضة، قلقة، متخوفة وقالت:
_ غادرت، لن تبقى معنا.
أومأ بصمت وجذبها من ذراعها وتقدما نحو السيارة فقال:
_ إن أردتِ يمكنكِ الاتصال بها ومعرفة عنوان الفندق الذي ستنزل به، يمكننا حجز غرفة لنا حتى نكون بجوارها منعا للقلق.
أومأت بصمت ولم تعلّق سوى بكلمتين مقتضبتين:
_ لا داعي.
أومأ بصمت وتحرك بالسيارة بصمت لم يقطعه أيا منهما..
//////////
كانت عنبر قد استعادت وعيها منذ قليل وبعد رحلة تفكير مضني طلبت مقابلة رئيس المباحث الذي أمر باستدعائها لمكتبه.
جلست عنبر أمامه تطالعه بتوتر وترقب وازداد خوفها خاصةً عندما تحدث بصوته الرخيم ذو الهيبة الطاغية قائلا:
_ ماذا هناك عنبر؟ لقد طلبتِ مقابلتي؟ هل هناك شيئا ترغبين في قوله ؟
ابتلعت لعابها بتوتر وأومأت بموافقة فهز رأسه بحماس قائلا:
_ ممتاز، وأخيرا خرجتِ عن صمتك، تفضلي، ما هي الأقوال الجديدة التي تريدين إضافتها في المحضر؟
كانت عنبر تفرك يديها بخوف وترقب ثم قالت:
_ أريد أن أحكي كل ما حدث معي منذ البداية.
_ جيد.. تكلمي.
_ ولكن قبل كل شيء أريد قول الجزء الناقص من القصة، أنا لم أشترِ السم!
نظر إليها الضابط مترقبا فقالت بتردد:
_ قاسـم، قاسم هو من أعطاني السم!!
_________
يتبع..
حب_في_الدقيقة_التسعين!
• تابع الفصل التالى " رواية حب فى الدقيقة تسعين " اضغط على اسم الرواية
تعليقات
إرسال تعليق