Ads by Google X

القائمة الرئيسية

الصفحات

رواية حب فى الدقيقة تسعين الفصل السادس والعشرون 26 - بقلم نعمة حسن

 رواية حب فى الدقيقة تسعين الفصل السادس والعشرون 26 - بقلم نعمة حسن 

_ ٢٦ _


~ ملاكي الحارس! ~

___________


جلست حياة على المقعد أمام مكتب الضابط وبالمقابل جلس قاسم، بينما يقف خالد عاقدا يديه المصفدين، منكسًا رأسه بالأرض وهو يشعر بالأرض تهتز به من فرط الألم الذي يشعر به، حينها تسائل الضابط قائلا:

_ آنسة حياة، كيف وأين تقابلتِ أنتِ ودكتور خالد المتهم بخطفك؟


بدأت تفرك يديها بتوتر وهي تنظر لقاسم الذي يشجعها بعينيه أن تتحدث فقالت:

_ كنت في صالون التجميل وهو كان ينتظر بسيارته في الخارج، لقد هاتفني في البداية وطلب مني مقابلته حتى.. 


وفركت جبينها بتوتر وأشاحت بوجهها عن قاسم وقالت:

_ هو أخبرني أنه يملك دليلا ضد قاسم فيما يخص قضية قديمة وطلب مني أن أخرج حيث ينتظرني أمام الصالون كي يعطيني هذا الدليل، ولما خرجت طلب مني الركوب بسيارته.. وفجأة أخرج بخاخ منوم أو مخدر تقريبا لا أعرف، و رش منه بالقرب مني وبعدها بدأت أفقد الوعي وعندما أفقت كنت على الفراش ويديّ مصفدين.


سالت دمعاتها وهي تتذكر تلك اللحظات التي عاشتها وبدأت تبكي بهيستيرية وهي تقول:

_ كنت أصرخ وأقاوم وكأني أصارع الموت، ترجيتهُ وتوسلتهُ ولكنه لم يشفق عليّ..


ومدت يدها على وجنتها وهي تتحسس آثار صفعاته وقالت:

_ صفعني عدة مرات حتى كدتُ أفقد وعيي..


وأجهشت في بكاءٍ مقهور فاقترب قاسم منها وأمسك بكلتا يديها بين كفيه وقال:

_ لا بأس حياة، لقد مضى وانتهى.. أرجوكِ لا تبكِ.


أمر الضابط بإحضار عصير ليمون لتهدئتها وناولها منديلا وهو يقول:

_ إهدئي آنسة حياة، أنتِ لستِ مضطرة لسرد ما حدث فقد تم توثيق كل شيء بالصوت والصوره.. 


ونظر إلى خالد هازئا وقال:

_ دكتور خالد مشكورا قام بتصوير كل شيء حتى لا يكلفنا عناء التحقيق مطولا.


 ونظر إلى خالد الذي لا يتحرك ولا ينطق وقال:

_ أخبرني دكتور خالد ، ما دافعك وراء خطفها ومحاولة اغتصابها؟


تنهد خالد ثم أجابه وهو ينظر أرضا بخزي:

_ أنا أحبها، نحن كنا مرتبطان ونخطط لزفافنا، وفجأة تبدل حالها وقررت فسخ الخطبة، أردتُ الانتقام لكرامتي، نويت فعل ما فعلته كوسيلة للضغط عليها كي تقبل الزواج بي.


نظر إليه الضابط بهدوء وهو يحاول سبر أغواره وقال:

_ لقد قمت بزرع كاميرا بالغرفه التي كنت تنوي تنفيذ جريمتك بها وحددت زاوية التصوير بحيث تكون فوق الفراش مباشرةً، أي أنك كنت تنوي تصوير ما سيحدث! كنت تنوي توثيق واقعة الاغتصاب، ما السبب؟ 


تجهم وجهه بندم وعيناه لا تبارح الأرض وأجاب باعتراف صادق:

_ هذه كانت فكرة عبدالله.. عبدالله صديقي وزوج أختها وابن عمها أيضا.


حدق به قاسم بصدمة وازدادت عصبيته وانفعاله ولكنه كبت مشاعره وهو يستمع للضابط وهو يقول:

_ وما الذي دفع عبدالله للوسوسة إليك بتلك الفكرة؟


_ لا أعرف، حقيقةً لا أعرف.


تحدث قاسم قائلا بانفعال وقال:

_ دليل إدانة عبدالله هذا بهاتف هذا الكلب، بالتأكيد بينهم مكالمات سابقة وقام بالاتصال به منذ قليل يريد معرفة هل تم اتفاقهم القذر أم لا، يجب العثور على تلك المكالمات ومعاقبة هذا الخسيس.


نظر إليه الضابط بنفاذ صبر وقال:

_ سيد قاسم أنت لن تخبرنا ماذا نفعل، هذا اختصاصنا ونحن أدرى به.


ونظر إلى خالد وقال:

_ أخبرني، ماذا كان هدفه بالتجديد؟ كيف أقنعك بتركيب تلك الكاميرا وتصوير ما سيحدث؟


رفع راسه قليلا على استحياء وهو ينظر لقاسم الذي يهز قدميه بعصبية وانفعال مكبوت وقال:

_ هو من اقترح علي تلك الفكرة، أخبرني أني إذا لم أتمكن من اقناعها بالزواج مني يمكنني ابتزازها وقتها بالفيديو، وقال أنها بالتأكيد سترضخ لذلك التهديد درأً للفضيحة.


نهض قاسم  عن مقعده فجأة وانقض عليه بنفاذ صبر ولكمَهُ بقوة وهو يهتف:

_ يا قذر، يا عديم الشرف.


طرق الضابط فوق مكتبه بصوتٍ صارمٍ وقال:

_ من فضلك عد حيث كنت، وإن تعديت حدودك مرة أخرى سآمر بوضعك في الحجز أربعة وعشرون ساعة.


عاد قاسم إلى مقعده وهو يشعر بالدماء تغلي بعروقه، وحانت منه التفاتة نحو حياة التي بدأت تبكي بصمت فمد يده وضم أناملها بقبضته بدعمٍ صامت.


استطرد الضابط التحقيق وتساءل مجددا:

_ وهل عبد الله هو شريكك في جريمة الاختطاف؟ هل ساعدك بأي شكل من الأشكال ؟


هز رأسه بنفي وقال:

_ لا، ولكن الفكرة كانت فكرته من الأساس، أقصد أنه هو من اقترح عليّ ذلك المقترح اللعين وأنا كالغبي نفذت كلامه بدون تفكير.


_ هل هو من أعطاك العقار الذي دسسته بفمها؟


أجاب بعد أن بلع ريقه بتوتر ووجل:

_ لا، أنا صيدلي ولدي معلومات عنه، وأعرف تأثيره وأعراضه.


نظر قاسم إلى الضابط قائلا:

_ أساسا هذا ليس جديدا عليه، الدكتور مشهور ببيع الأدوية الممنوعة .


نظر الضابط لقاسم وسأله بتفحص ونفاذ صبر:

_ هل لديك شهودا على كلامك؟ أم أنها مجرد افتراءات؟


تدارك قاسم الموقف مسرعا وقال:

_ لا، ولكني سمعت ذلك الحديث من أكثر من شخص، وهذا هو السبب وراء فسخ الخطبة، أنه دكتور مشبوه.


حملقت حياة بقاسم وهي تستمع لما يقوله بصدمة ولم تعقب بينما رمقها الضابط باهتمام وقال:

_ هل كنتِ تعرفين عنه شيئاً من هذا القبيل ؟ 


ابتلعت ريقها بتوتر وأجابت:

_ في البداية لا، ولكن فيما بعد بدأ ذلك الكلام يتردد على مسامعنا ففسخنا الخطبة.


أومأ الضابط بوجهٍ جامد، خالٍ من التعابير؛ مما أثار ريبة خالد الذي كان يقف في موقف لا يحسد عليه أبدا.


_ دكتور خالد ، أنت تعترف أنك أقدمت على خداع واستدراج وخطف الآنسة حياة ومحاولة تخديرها ومن ثم اغتصابها، أليس كذلك؟


صمت خالد فتابع الضابط قائلا:

_ على كل حال الانكار لن يفيدك ابدا لأن الواقعة كلها مسجلة بالكاميرا التي قمت أنت بزرعها في الغرفة.. أي أن موافقتك من عدمها تحصيل حاصل.


شحب وجهه بيأس وأومأ:

_ أجل، أعترف.


_ عظيم، وتعترف أن المدعو عبدالله الحداد هو من قام بتحريضك لخطفها وابتزازها ومساومتها بالفيديو، أليس كذلك ؟


أومأ موافقا وقال:

_ بلى، وهو من أعطاني الكاميرا.


مط الضابط شفتيه متفاجئا ثم قال:

_ هل لديك أقوالا أخرى؟


أومأ نافيا وقال:

_ لا.


_ إذًا تقدم و امضي على أقوالك.


تقدم خالد بخوف وحذر ومضى حيث أشار له الضابط ثم هم بالانصراف برفقة العسكري، ولكن قاسم نهض واقفا أمامه وهو يطالعهُ بغل وغضب، ثم أمسك بيد حياة وأوقفها عنوةً وهي تنظر إليه باستفهام فقال:

_ اصفعيه.


نظرت إليه بصدمة وعدم استيعاب فقال مؤكدا وهو يشير إليها بحدة:

_ اصفعيه كما صفعك!


هزت رأسها برفض وهي تنظر إليه بخوف فهدر بها بعصبية:

_ افعلي ما قلته حياة، هيا اصفعيه كما صفعك.


قاطعه الضابط قائلا:

_ أستاذ قاسم هذا لا يصح أبدا…


هدر به قاسم بحدة وهو يقول:

_ وهل ما فعله يصح ؟ عندما اختطفها وصفعها وكان على وشك اغتصابها لولا ستر الله ، هل هذا يصح يا حضرة الضابط؟


_  نحن من سنعاقبه وليس أنت، القانون سيرد لها حقها.


ضحك ضحكة قصيرة بسخرية وهو يقول:

_ والذي عاشته؟ الكابوس المرعب الذي عاشته ونفسيتها التي تدمرت من سيداويها؟ هل القانون أيضا ؟ أرجوك لا تحدثني عن القانون، القانون لا يحمي سوى المجرمين أساسا.


حدق به الضابط بغضب فتجاهله ونظر إلى حياة وقال بإصرار:

_ اصفعيه حياة، هيا.


نظرت إليه بتردد فوجدت الإصرار بعينيه فتجرأت ومدت يدها بحذر ثم صفعته وضمت يدها إليها بسرعة وخوف.


_ مرة أخرى.


نظرت إليه بغير تصديق فقال:

_ هيا.


أخذت نفسا عميقا ثم مدت يدها بجرأة أكثر وصفعته بكل قوتها فأطرق برأسه أرضا دون النبس بكلمة.


هدر الضابط صائحا بقوة غاضبة:

_ خذه إلى الحجز.


ونظر إلى قاسم قائلا:

_ لولا حالتها وما حدث ما كنت سأسمح لك بتجاوز حدودك أبدا، ولكن عليك ان تعرف، نحن لا نعيش في غابة، نحن في دولة يحكمها القانون.


ابتسم متهكما وقال:

_ وأنا خير شاهد.


نظر الضابط إليه بعدم ارتياح، ثم نظر إلى حياة وقال:

_ هل لديكِ أقوالا أخرى؟


أومأت بنفي فقال: 

_ تفضلي امضي على أقوالك.


تقدمت ومضت حيث أشار لها ، ثم خرجت برفقة قاسم فهرول الجميع نحوها فابتعدت عنهم فجأة بحدة وقالت:

_ أرجوكم، أرجوكم كفى، لا تقتربوا مني وأنا بتلك الحالة ، أشعر بالقرف من نفسي.


ضمتها أمها بقوة وهي تمسح على وجهها بحنان وتقول:

_ لا بأس يا حبيبتي سنذهب للبيت وتأخذين حماما وتعودين كالوردة كما كنتِ.


تنهدت بشتات وهي تنظر إلى قاسم الذي كان يقف تائها فاقتربت منه بتعب وهي تقول:

_ قاسم ، هل أنت بخير؟


انتبه إليها ثم طالعها بهدوء للحظات وقال:

_ أجل، هيا لنذهب.


وتخطاها واتجه للخارج وتركها تقف والحزن يأكل قلبها وهي تهمس بيأس:

_ لن يسامحني، أعرف.


___________


عادت حياة إلى البيت، دخلت فورا إلى الحمام ووقفت تحت سيل الماء البارد وهي تضم جسدها بيديها بخوف وهي تبكي بقوة وتتذكر اللحظات العصيبة التي عاشتها وكاد أن يكون بها هلاكها.


خرجت بعد دقائق ودخلت إلى فراشها على الفور وتدثرت بغطائها وأغمضت عينيها وهي تحاول إقصاء تلك الليلة بعيدا عن مخيلتها، ولكنها لم تستطع فأمسكت هاتفها بتردد وقامت بالاتصال بقاسم.


ثوانٍ وأجاب :

_ نعم حياة؟


صمتت للحظات وهي تحاول اختيار ما تقوله فقال بعد تنهيدة حارة:

_ هل اتصلتِ لتصمتي؟


_ هل أنت غاضب مني؟


زفر بقوة عدة مرات بغضب مكبوت، ثم أجاب:

_ أجل، أنا غاضب بشدة.


_ أنا آسفة.


_ وبمَ سيفيد الأسف حياة؟ أساسا أنتِ من تستحقين الأسف، كيف ستتزوجين برجل لا تثقين به؟


_ لا، أنا أثق بك كثيرا قاسم، ولكن ما قاله ذلك النذل ….


قاطعها قائلا بتعب:

_ حياة أرجوكِ، كفى، نحن متعبان للغاية، الآن ليس الوقت المناسب أبدا.


صمتت ثم تنهدت بتعب وقالت:

_ أنت محق، تصبح على خير.


أنهت الاتصال وأغمضت عينيها وطفقت تبكي بصمت، استمعت لصوت طرقات على باب الغرفة، ثم انفرج الباب ودخل والدها وهو يهمس:

_ حياة، هل نمتِ صغيرتي؟


نظرت إليه وفجأة انفجرت في نوبة بكاء جديدة وجلست واحتضنته بقوة وهي تردد:

_ كيف يأتيني النوم أبي؟  لقد عشت لحظات لا تنسى، رأيت الموت بعيني.


_ بسم الله عليكِ حبيبتي ، اهدئي حياة لقد انتهى كل شيء وأنتِ بخير الحمد لله.


هزت رأسها بنفي ونظرت إليه وهي تبكي وتقول :

_ لست بخير أبدا يا أبي.


نظر إليها مفزوعا وأحس بالهواء يلتصق بحلقه وقال:

_ ما بكِ حبيبتي ؟ ماذا حدث؟


وضعت جبهتها على كفيها وهي تبكي وتقول:

_ قاسم سيتركني.


تنهد مطولا براحة وقال باسمًا:

_ لا تفكري كثيرا حبيبتي.


نظرت إليه وهي تبكي بقهر وقالت:

_ كيف لا أقلق أبي، لقد تحدث معي بطريقة غريبة منذ قليل وقال أنه لا يريد التحدث الآن.


ربت على ذراعها وقال بحنو:

_ اعذريه حياة، هذا اليوم لم يكن سهلا عليه أبدا، أعطِهِ وقته حبيبتي..


_ لا، قاسم غاضب مني لأني استمعت لكلام ذلك الحقير ووقعت في الفخ بغبائي.


مسح على شعرها وقال بابتسامة:

_  لا تفكري كثيرا حبيبتي ، ليفعل الله خيرا يا ابنتي، هيا ارتاحي، تصبحين على خير.


دثرها جيدا وأطفأ المصباح ثم خرج ليتفاجأ بعنبر التي أتت للتو وهي تلهث وتقول:

_ أبي، لقد هرب عبدالله.


نظر إليها مصدوما وقال:

_ كيف هرب؟


_ لقد أخذ معه أغلب ملابسه وحقيبته ليست موجودة.


_ النذل الحقير، هرب لأنه يعرف أنهم سيلقون القبض عليه.


_ وماذا سنفعل أبي؟ هل سنتركه يفر هكذا دون عقاب؟


_ لا تقلقي، لن يفلت منها هذه المرة.


تنهدت بضيق وحيرة فقال:

_ هيا حبيبتي ، تعالي لتبقي برفقتنا أنتِ وكريم، لم أعد ائتمن هذا الحقير أبدا.


نزلت عنبر كي تحضر أغراضها استعدادا للبقاء بشقة والديها بينما وقف صالح يتمتم بحزن:

_ يا رب احفظ بناتي، أتوسل إليك اكفِهم شرور شياطين الإنس والجن.

///////////


كان يجلس مغمضا عينيه وهو يحمل الحقيبة التي تضم أغراضه على قدميه بينما يطالعه السائق بشك وريبة وهو يقول:

_ نحن الآن على أطراف المدينة ، إلى أين ستذهب حضرتك ؟


نظر إليه عبدالله بطرف عينه وقال:

_ آخر نقطة ستصلها أنت.


_ أنا بالكاد أذهب عند محطة القطار.. هذا آخر خط سيري.


_ جيد جدا ، سأنزل بالمحطة.


تنهد السائق بريبة وقال:

_ أمرك.


أحاط الحقيبة بيديه ثم أغمض عينيه مرة أخرى والسائق لازال يطالعه بشك.


بعد حوالي خمسٌ وأربعون دقيقة توقف السائق بالمحطة كما أخبره عبدالله 

فقال:

_ ها قد وصلنا المحطة، أعطِني أجرتي وتفضل.


أعطاه عبدالله أجرته ونزل وهو يتطلع حوله لا يعرف إلى أين سيذهب وهو يتمتم بحيرة:

_ أين ستذهب يا عبدالله؟ عليك الاختفاء سريعا.


////////////////


كانت تتلوى بفراشها وهي تتصبب عرقا، ترى ذئابا ووحوشا غريبة الشكل تلاحقها وهي تحاول الفرار منها ولكنها لم تستطع ولم يسعها سوى الصراخ،  فلقد كانت مصفدة الأيدي وكلما حاولت التخلص من تلك الأصفاد نزفت يداها بشدة، وبينما هي تصارع الموت بمكانها كان قاسم يقف أمامها يطالعها بنظرات غاضبة وكلما حاولت الاستغاثه به يبتعد عنها أكثر حتى اختفى!


فزعت من نومها وهي تصرخ وتنادي بإسم قاسم، هرول والديها إلى الغرفة وجلست أمها بجوارها وضمتها إليها وهي تقول بلهفة:

_ بسم الله ، ما بكِ حبيبتي ؟


تشبثت بخصر والدتها واحتضنتها بقوة وهي تقول:

_ أرجوكِ أمي لا تتركيني.


مسحت صفية على شعرها وهي تقول:

_ لا تخافي حبيبتي لن أتركك أبدا، إهدئي ابنتي.


وبدأت تقرأ بعض من الآيات التي تحفظها وهي تمسح على شعرها وذراعيها وتقربها منها حتى هدأت ونامت.


جلس صالح بالقرب منها وهو يتحدث إلى صفية ويقول:

_ لم أتوقع أن يكون الكلب عبدالله له يد في خطفها، كيف وصلت به الدناءة أن يفعل هذا ببنت عمه، خسيس، حقير، إنسان قذر يسعى لتدنيس كل شيء نقي.


_ انا خائفة صالح، عبدالله أصبح لا يؤمن مكره، ما دام في الأرجاء ولا نعرف أين هو لا بد أن نخاف.


نظر إليها معاتبا وقال:

_ وأخيرا اقتنعتِ أنه إنسان لا يؤتمن! كنتِ تدافعين عنه باستماتة وتقولين أنه فعل ما فعل بعنبر لأنه يحبها بجنون، وما الذي دفعهُ لفعل ذلك بحياة؟ ما هدفه كي يلطخ شرف عمه بتلك الطريقة البشعة سوى أنه إنسان مريض لا يحب رؤية أي إنسان ناجح أو سعيد أو محبوب.


ضمت بنتها بخوف فقال:

_ أرأيتِ كيف كنتِ مخطئة؟ عبدالله هذا لا يحب سوى نفسه فقط، أرأيتِ قاسم الذي كنتِ ترفضينه ماذا فعل؟ هو الذي أنقذ ابنتك يا إمرأة، ولو لاقدر الله عاشت نفس الموقف مرة أخرى سينقذها أيضا، ولو عنبر نفسها .. عنبر التي أصبح يحقد عليها .. لو مرت بتجربة مثل تلك سينقذها دون شك.. هل تعرفين لماذا؟ 


نظرت إليه بانتباه ووجوم صامت فقال:

_ لأنه قاسم، هو نفسه الفتى الطيب الذي تربى بيننا، لأنه لازال يصارع الشر الدخيل على مشاعره ولم يتركه ليتمكن منه بعد، أما ذلك المجرم تمكن منه الشر منذ قديم الأزل وانتهى.


تنهد بتعب ثم قال:

_ الحمد لله، الحمد لله على كل حال، لعله خيرا.


نهض وقال:

_ سأذهب لأرى عنبر، ومنذ الغد سأتحدث إلى المحامي بخصوص الطلاق.


خرج ولم ينتظر ردها، وتركها تبكي بصمت وهي تهمس:

_ يا إلهي، ما هذا الحظ الذي يملكونه بناتي.


/////////////


كان قاسم يجلس على الأريكة وبيده هاتفه وهو يشاهد الفيديو الذي صورته سماهر لعبدالله عندما كان يرقص ثَمِلا، يطالعه بضيق وغضب شديدين، ثم قام بمشاركة المقطع مع عددا من أصدقاء عبدالله ومعارفه عبر حساب وهمي ، وأخذ يهز قدميه بعصبية وهو يردد:

_ أقسم أني سأجعلك تركع عند قدمي ذليلا يا عبدالله الكلب.


استمع إلى صوت رنين جرس الباب فنظر إلى ساعته ليجد الساعة وقد تجاوزت منتصف الليل فذهب وفتح الباب:

_ سارة!


_ مساء الخير قاسم.


_ مساء النور سارة.


_ علمنا بما حدث، ذهبنا لحضور الحفل ولكننا فوجئنا بالخبر فجئتُ لأطمئن عليك وعلى حياة، هل هي بخير الآن؟


أومأ متعبا:

_ بخير، الحمد لله.. ننتظر إنتهاء التحقيقات والقبض على المجرم الثاني.


زمت شفتيها بأسف وقالت:

_ سيكون كل شيء على ما يرام، لا تقلق.


_ إن شاء الله.


تنهدت بضيق وأسى وقالت:

_ لم أكن أعرف أن هذا الحقير من الممكن أن تصل به الحقارة والدناءة ويُقدم على خطف أحدهم!! 


_ من يُقدم على بيع ضميره وخيانة عهد الله والقسم الذي أقسمه يُقدم على فعل كل شيء بشع يا سارة.


أومأت بتأييد وقالت:

_ أنت محق، ولكنه سيأخذ عقابه وما يستحق، أليس كذلك؟


تنهد وهو يقرص بين عينيه بتعب وقال بإيجاز:

_ نأمل ذلك.


زفرت بخفة وقالت:

_ حسنا، تصبح على خير.


_ تصبحين على خير.


عادت أدراجها حيث شقتهم وهمت بفتح الباب ولكنها انتبهت لصوت خطوات سريعة فنظرت خلفها فإذ بخا تجد جارها الجديد قصي الذي كان بصدد نزول الدرج ولكنه توقف لما رآها وقال مبتسما:

_ مساء الخير سارة.


ابتسمت باشراق وقالت:

_ مساء الخير قصي، كيف حالك؟


_ بأفضل حال، هل كنتِ بحفل أو ما شابه؟


نظرت للملابس التي كانت ترتديها من أجل حفل الخطبة وابتسمت بأسف وقالت:

_ نعم، ولكن الحفل لم يكتمل.


_ مؤسف جدا، إذًا بما أنكِ جاهزة فمن الممكن أن نذهب سويا لحضور حفل للموسيقار عمر خيرت بدار الأوبرا ، ما رأيك؟


قطبت جبينها باستغراب وقالت:

_ أوبرا؟ حقيقةً لم أجرب أبدا.. ثم أني لا تستهويني الموسيقى العربية على كل حال.


_ ولكن مع موسيقى عمر خيرت الأمر مختلف، على كل حال لا أريد الضغط عليكِ أكثر.. ولكن عديني أن تفكري في الأمر مجددا.


أومأت بابتسامة ثم قالت:

_ أعدك، هيا اذهب واستمتع.


_ حسنا، أراكِ لاحقا.


تركها وانصرف بينما هي تقف تتأمل خطواته إلى أن انتهى فزفرت مطولا ثم قالت:

_ يا إلهي، يدرس الطب ويحضر حفلات بدار الأوبرا ، على ما يبدو لديه تركيبة فريدة من نوعها.


//////////////


كانت فريال تقف بشرفة شقتها وهي تستمع لأغنية بصوت السيدة فيروز وتردد كلماتها بانسجام شديد وهي تترقب وصول الهدف المرتقب.


وفجأة لاح طيفه من بعيد ورأتهُ يدخل بسيارته إلى مرآب البناية فركضت للخارج وعدلت هندامها ثم أخذت طبق الحلوى الخاص بها وخرجت عندما استمعت لصوت خطواته ونادت قائلة:

_ مرحبا دكتور ممدوح..


نظر إليها الطبيب الوسيم بابتسامة ودودة وقال:

_ مرحبا سيدتي..


_ فريال، اسمي فريال، ومن الممكن أن تناديني فلة.


اتسعت ابتسامته وقال:

_ مرحبا سيدة فلة.


ابتسمت باشراق وقالت:

_ تفضل، هذه الحلوى ترحيبا مني بك في بنايتنا، اعذرني لقد تأخر هذا الطبق ولكن أن تأتي متأخرا خيرا من ألا تأتي أبدا 


أومأ موافقا والتقط منها الطبق ثم تناول قطعة حلوى منه ووضعها بفمه متلذذا بابتسامة وقال:

_ مذاقها حلو للغاية، هل انتِ من أعددتِها بنفسك؟


أومأت بسعادة مفرطة وقالت:

_ أجل، لقد اعتدت صنعها في المناسبات السعيدة ، وأرى أن انتقالكم للسكن بالبناية معنا مناسبة سعيدة للغاية.


ابتسم بود وقال:

_ أشكرك سيدة فلة، الحقيقة أننا نحن السعداء بجيرتكم، أدام الله الود.


_ آمين.


وتنهدت ثم تساءلت:

_ هل انتهيت من عملك للتو؟


أجابها وهو يتناول قطعة أخرى من الطبق وقال:

_ أجل، أتعرفين.. طبق الحلوى هذا بمثابة مكافأة لي بعد يوم طويل مليئ بالصراعات النفسية.


ابتسمت وقالت:

_ أعانك الله، من المؤكد أن أغلب المرضى النفسيين نساء، أليس كذلك؟


أومأ بهدوء وقال:

_ للأسف هذه حقيقة، أنتن الجنس اللطيف أكثر عرضة للإصابة بالأمراض النفسية عن الرجال، ويعود ذلك بنسبة كبيرة لطبيعة المجتمع والمعايير التي تلعب دورا مهما في هذا الصدد.


تنهدت بضيق وأردفت بحزن عميق:

_ أنت محق، نحن في مجتمعنا هذا للأسف نواجه ضغوطا لا يتحملها بشر، ولكن أنتم الرجال سببا رئيسيا في عقدنا النفسية أيضا.


وضحكت بخفوت فضحك عاليا وقال:

_ لا أستطيع الانكار سيدتي، ولكني أظن أن طبق الحلوى هذا لا تعده يدين لسيدة معقدة أبدا.. هذا صنع بكل حب وعطاء.. تخيلي أني أشعر أن هرمون السعادة لدي ارتفع للتو.


تزين ثغرها بابتسامة خجولة وقالت:

_ أشكرك دكتور، هذه مجاملة لطيفة للغاية.


وضع يده على قلبه معربًا عن امتنانه وقال:

_ أنا من أشكرك سيدة فلة، وأرجو ألا يكون ذلك آخر طبق حلوى تكافئيني به.


أومأت والغبطة تملؤها وقالت:

_ أكيد، عن اذنك.


وتركته ودخلت شقتها والابتسامة لا تفارق شفتيها وهي تقول بحالميه:

_ وأخيرا وجدتِ من يقدر طبق الحلوى خاصتك يا فلة!


__________


في اليوم التالي..


استيقظ عبدالله بعد أن غرق في نوم عميق فور أن وصل لذلك الفندق الذي يقع بالقرب من المحطة وحجز به ليلة واحدة.


نهض واستعد ثم خرج يحمل حقيبته على كتفه ووصل لأقرب محل لبيع بطاقات الهاتف واشترى بطاقة جديدة ثم قام بالاتصال فورا على صديقٍ له.


_ مرحبا حسين، أنا عبدالله.


تحدث حسين قائلا باهتمام:

_ أين أنت عبدالله؟ ماذا فعلت كي تبحث عنك الشرطة؟


_ اسمعني، أنا أمر بظروف صعبة ولا أملك قرشا واحدا، تخيل أن نقودي لم تكفِ لحجز سوى ليلة واحدة بفندق مرعب مليء بالأشباح، أحتاج للنقود بضرورة.. أنت كنت عرضت عليّ سابقا أن تشاركني في المحل، ما رايك لو بعته لك بالكامل؟ 


صمت الآخر للحظات فقال عبدالله:

_ أرجوك يا رجل، أنا بأشد الحاجة للمال ولا أثق بغيرك.


_ وأنا موافق.. قم بتجهيز العقود وأنا جاهز بالمبلغ.


زفر بارتياح وقال:

_ عظيم، العقود جاهزة، سأرسل لك عنواني برسالة، ولكن أنت تعرف ماذا سيحدث إن غدرت بي وأبلغت الشرطة عن عنواني، لا تنسَ أني أعرف كل قاذوراتك ولا زلت أحتفظ بفيديو الراقصة اللبنانية وعلى حسب معلوماتي حماك عضو مجلس الشعب لن يسره أبدا رؤية زوج ابنته في مثل ذلك الوضع؟


تنهد الآخر بضيق وأردف:

_ لا تخف، أرسل لي العنوان وسأقوم بتجهيز المبلغ والاتصال بك.. ولكن أخبرني أولا فيما أنت متورط؟ وما قصة الفيديو خاصتك؟ ومن هذه سماهر؟


جف حلقه من شدة الصدمة وتساءل بصوتٍ خافت:

_ سماهر؟ كيف عرفت عن قصة سماهر؟ وعن أي فيديو تتحدث؟


_ ما بك يا رجل؟ أحدثك عن الفيديو الذي كنت ترقص به متخصرا بحزام الرقص وأنت تتمايل ثملا .


_ أين هذا الفيديو وكيف عثرت عليه؟


_ ماذا بك عبدالله ؟ أنت من أرسلت به إلي من حسابك الجديد! وأرسلته لجميع رفاقنا ! وصراحةً المقهى يضج بإسمك منذ البارحة بسبب ذلك الفيديو الفريد من نوعه.


ثارت ثائرته واهتاج بغيظ وهو يقول:

_ أي حساب هذا؟؟ اللعنة.. أنا لم أرسل شيئا ولا أعرف عن أي فيديو تتحدث، أرسله لي حالا.


وأنهى الاتصال وهو يدور حول نفسه بجنون حتى وصله المقطع ففتحهُ مصدوما وهو يرى نفسه بتلك الحالة المزرية ويقف متخصرا بحزام الرقص كالنساء وهو يتمايل بلا وعي من أثر الخمر ويتحدث إلى سماهر.


رفع رأسه إلى جبهته وبيده الأخرى يمسك بالهاتف وهو يردد:

_ اللعنة عليكِ سماهر، أقسم أني سأقتلك، سأقتلك يا حقيرة.


//////////////


استيقظت حياة بتعب، فتحت عينيها ببطء وهي تنظر حولها بخوف وكأنها تخشى أن تفيق فتجد نفسها بذلك الفراش اللعين مرة أخرى، تنهدت براحة وفجأة شعرت بالصداع يدق برأسها ولمحات من تلك الليلة المشؤومة تهاجم ذاكرتها.


وفجأة تذكرت ما فعله قاسم، عناقهما الدافئ ، ولهفته عليها وعندما سألها " هل أنتِ بخير حبيبتي! "


تنهدت بحزن وأمسكت برأسها بألم وهي تقول:

_ يا إلهي لا تحرمني منه.


أمسكت بهاتفها وقامت بإرسال رسالة له وظلت تنتظر رده لدقائق معدودة دون جدوى.


دخلت عنبر إلى غرفتها وجلست بالقرب منها بحنو وقالت:

_ صباح الخير حبيبتي.


ابتسمت حياة بتعب وقالت:

_ صباح الخير عنبر.


_ كيف حالكِ الآن؟


زفرت مطولا وقالت:

_ لست بخير ، الكوابيس لم تفارقني أبدا، حتى أني كنت أخشى أن أفتح عيني وأجدني لا زلت أواجه نفس الكابوس، جسدي يؤلمني و روحي تؤلمني.. و قلبي أيضا.


وتابعت بدون وعي:

_ قاسم غاضب مني، هل تظنين أنه سيتراجع عن قرار ارتباطنا بسبب ما فعلته؟


ونظرت لأختها فوجدت وجهها قد تلون بضيق فاغمضت عينيها وهي تلعن غبائها ثم قالت:

_ أشعر بالتعب الشديد ، سأذهب لآخذ حماما دافئا.


وغادرت غرفتها هاربة نحو الحمام وتركت أختها شاردة، غارقة في ذكريات ملعونة.


/////////////


ظل عبدالله يجوب الشوارع ذهابا وإيابا لا يعرف إلى أين سيذهب وإلى من سيلجأ، دخل أحد المطاعم وطلب بعض الشطائر ثم أخذها وخرج وجلس على أحد مقاعد الاستراحة يتناولها بشرود وهو يحدث نفسه قائلا:

_ لا بأس عبدالله ، كل هذا سيمر، ستنجو منها كما نجوت سابقا، بمجرد أن أبيع المحل سأهاجر فورا على اليونان وأبدأ هناك بداية جديدة ، ولكن أولا عليّ الانتقام من الشمطاء سماهر وأجعلها تعيد لي كل قرشا أخذته مني.


فتح موقع التواصل الاجتماعي وأخذ يتصفح فيه ولم يكن يعلم أنه سيجد تلك المفاجأة بانتظاره، لقد لاقى المقطع الخاص به تفاعلا كثيرا وتم مشاركته على أوسع نطاق في أقل من أربعة وعشرون ساعة، بالإضافة للصفحات التي تناولته كمادة للسخرية والضحك وإلقاء النكات.


زم شفتيه كخطٍ مستقيم بغضب شديد وهو يردد بتوعد:

_ سماهـــر، يا حقيــرة.. اللعنة عليكِ


وأخذ يضرب الأرض بقدمه بعصبية كاتما انفعالاته كي لا يثير انتباه الموجودين بالمكان وهو يقول:

_ نهايتك ستكون بيدي.. أقسم .


///////////


في المساء..


أعد قاسم قهوته وخرج إلى الشرفة يحتسيها وهو يجري بعض المكالمات.


قام بالاتصال بالسيد أكثم الذي أجاب على الفور:

_ مساء الخير قاسم، كيف حالكم الآن؟


_ بخير سيد أكثم، مازالت التحقيقات مستمرة..


_ أجل، أتابع عن كثب لا تقلق.


_ أشكرك سيد أكثم، في الحقيقة لقد اتصلت بك من أجل تنفيذ ما سبق واتفقنا عليه.


همهم بتفهم مردفا:

_ هل حسمت أمرك؟


_ أجل، أرى أنه الوقت المناسب.


_ حسنا، كما تشاء.


_ حسنا سيد أكثم، مع السلامة.


أنهى الاتصال تزامنا مع رنين جرس الباب فنهض واتجه نحو الباب وفتحهُ ليتفاجأ بحياة تقف أمامه فقال:

_ حياة؟ ماذا حدث؟ 


دخلت وهي تطالعه بعينين دامعتين وقالت:

_ ما حدث هو أنك لا تجيب اتصالاتي..


_ ولأني لا أجيب اتصالاتك أتيتِ إليّ وبمفردك.. حياة ألا تملكين عقلا بذلك القدر؟


وأشار بسبابته وإبهامه كعلامة على صغر الحجم فقالت بحنق:

_ بلى، أملك عقلا وقلبا كذلك.


نظر إليها بانتباه فقالت:

_ ماذا أفعل إن كنت تتجاهلني منذ ما حدث..


_ لا أتجاهلك حياة، ولكني لا أستطيع تجاهل ما فعلتِه أيضا، لا يمكنني غض الطرف عن تصرفك الأحمق، كلما تذكرت أنكِ انصعتِ لطلب ذلك الحقير وانطلت عليكِ خدعته شب الجنون برأسي، كلما تذكرت أنكِ ذهبتِ معه لأنك تريدين الحصول على الدليل الذي يملكه ضدي أشعر بأنني أريد خنقك بيديّ هاتين، أي دليل وأنا قد أخبرتكِ بكل شيء؟ هل استطاع اقناعك بتلك السهولة أني كاذب وأخفي عنكِ الحقيقة؟ أين ثقتك بي حياة؟


انهمرت دمعاتها وهي تقول:

_ أنا آسفة.


_ حياة أنا لا أريد اعتذارك، أساسا اعتذارك لن يفيد بشيء، ولكني أظن أن عليكِ إعادة النظر في أمر زواجك مني ، لا ينبغي أن تتزوجي بشخص لا تثقين به الثقة التامة.


جففت دمعاتها وأومأت بحزن ثم قالت:

_ أنت محق، يبدو أن كلانا نحتاج لإعادة النظر في هذا الأمر.. على كل حال أنا سأذهب.


_ انتظري، سأقِلكِ.


_ لا، شكرا.. أحتاج للمشي بمفردي قليلا.


همت بالانصراف فأمسك ذراعها وقال بحدة وصرامة:

_ أنا لا أعرض عليكِ الأمر، قلت انتظري ستذهبين معي.


نظرت إليه بحدة وقالت بعصبية شديدة فاجئته:

_ وأنا قلت لا.. أريد المشي لأني أشعر بالاختناق.. ستزهق روحي.. سأموت من فرط الضيق والضغط.. لمَ علي أن أذهب معك إذًا؟


_ لأني أخاف عليكِ.


صمتت للحظات واهتزت مشاعرها قليلا وقالت ببرود:

_ ولمَ الخوف؟ لقد ألقوا القبض عليه أساسا..


أومأ متهكما وقال:

_ نعم ألقوا القبض على المجرم المساعد، ولكن المجرم الحقيقي لا يزال حرا طليقا.


رن هاتفه برقم عمه فنظر إليها بغيظ وقال:

_ حياة هل خرجتِ بدون علمهم؟


أطرقت برأسها أرضا فجز على شفتيه بغضب وأجاب المكالمة فورا:

_ مساء الخير عمي.


_ قاسم، حياة ليست موجودة.


نظر إليها متوعدا وقال:

_ حياة برفقتي لا تقلق.


تحدث غاضبا:

_ ماذا؟! وما الذي أتى بها إليك في ذلك الوقت؟! ولمَ لم تخبرني أو تخبر والدتها؟ ما هذا التصرف الأحمق!


تنهد قاسم وقال محاولا تهدئته:

_  لا تقلق عمي هي بخير، كل ما هنالك أنها كانت تشعر بالضيق ولم ترد إثارة قلقكم..على كل حال لا تقلق هي بأمانتي.


_ حسنا قاسم، مع السلامة.


أنهى الاتصال ونظر إليها بغضب شديد وقال:

_ إذا تصرفتِ بعقل وحكمة سأشك أنكِ حياة أساسا، ألا تفكرين يا فتاة؟ بالأمس كان والدك على وشك الإصابة بأزمة قلبية من فرك خوفه عليكِ والآن تخرجين دون إبلاغ أحد وكأنكِ تتعمدين إثارة خوفهم وقلقهم.


أطرقت برأسها أرضا بصمت فقال:

_ اصمتي حياة، تجيدين الصمت في الأوقات الخاطئة ببراعة.


وزفر زفرةً حانقة ثم قال:

_ انتظري ريثما أحضر أغراضي ونذهب.


ودخل إلى الغرفة فدخلت وهي تتفحص المكان بأعين دامعة ولم تلحظهُ وهو يقف يتطلع إليها بأسف، ثم قال بهدوء:

_ هل نذهب؟


تنحنحت وهي تشيح بعينيها عنه وقالت:

_ نعم.


تقدمت خطوات نحو الباب ثم توقفت ونظرت إليه بابتسامة حزينة وقالت:

_ قاسم، لقد أخبرتني بالأمس أن هذه هي شقتنا..


وابتلعت ريقها بتوتر وسقطت منها دمعة وهي تسأله برجاء أقرب منه لسؤال وقالت:

_ هل ما زالت شقتنا؟ أم أنك غيرت رأيك؟


تجهم وجهه وعبس وهو يقول:

_ لا حياة.


نظرت إليه بصدمة واحتل الوجوم تعابيرها بينما ابتسم وهو ينظر إليها بحنان ويقول:

_ لم أغير رأيي.


ابتسمت مجددا، ثم ضحكت وهي تذرف الدموع من بين ضحكاتها وفجأة طوقت عنقه بيديها وهي تقول:

_ أحبك كثيرا قاسم.


تجرد وجهه من التعابير وشرد باعترافها فابتعدت عنه وقبلت خده وهي تقول بابتسامة:

_ هذه لأنك أنقذتني يا ملاكي الحارس.


ارتفع حاجبيه متفاجئا وطالعها وهي تهرب من أمامه للخارج فرفع ده ولمس أثر قبلتها وهو يردد بذهول:

_ ما هذا الجنون يا ربي!! 


وصدح صوته وهو يناديها:

_ انتظري يا فتاة، خدي هذا شريف لعلمك!!

حيث

/////////


يتبع

حب_في_الدقيقة_التسعين!


• تابع الفصل التالى " رواية حب فى الدقيقة تسعين  " اضغط على اسم الرواية

reaction:

تعليقات