Ads by Google X

القائمة الرئيسية

الصفحات

رواية حب فى الدقيقة تسعين الفصل الخامس والعشرون 25 - بقلم نعمة حسن

 رواية حب فى الدقيقة تسعين الفصل الخامس والعشرون 25 - بقلم نعمة حسن 

_٢٥_


~ لا بأس حبيبتي! ~


____________


كان عزيز مستلقيًا، مغمضا عينيه براحة وهو يضمها إليه بقوة، بينما هي تحيط خصره بذراعها وتغفو فوق صدره باطمئنان، وبيده يمسح على شعرها بابتسامة وهو يستمع لأنفاسها المنتظمة التي تدل على عمق نومها.


مال بشفتيه مقبلا جبينها وأسند رأسه فوق رأسها وهو يتمتم:

_ أنا لكِ وأنتِ لي حنان ، نبتعد ولكن لا نفترق أبدا..


تنهد براحة شديدة وفجأة شعر بها تتململ بين ذراعيه فابتسم وهو يراقبها بعينين محبتين، فتحت عينيها ببطء وتكاسل ونظرت إليه لثوانٍ حتى استوعبت الموقف، ثم احتضنته واقتربت منه أكثر وهي تقول:

_ أحبك عزيز، كنت أشتاقك جدا.


مال على جانبه وهو ينظر إليها بابتسامة وقبّل وجنتها بقوة وقال:

_ وأنا كنت ولا زلت أشتاقك حبيبتي ، شوقي لم ولن يزول ابدا.


أحاطت وجنتيه بيدها وابتسمت وهي تقول:

_ أرجوك حبيبي دعنا لا نفترق أبدا.. صدقني أنا بحاجتك دوما.


نظر إليها بعتاب وقال:

_ ولكن أنتِ من تركتِ البيت حنان ، أنا لم أطلب منك ذلك.


_ أعلم ، ولكنني كنت بحاجة إلى تلك الهدنة، أرجوك كن متفهما، لا تضغط عليّ مجددا.


أومأ وهو يحيط وجنتيها بكفه وقال بابتسامة:

_ حاضر، لن أضغط عليكِ أبدا، ولن أخطئ بحقك ثانيةً هذا وعد.. من اليوم ومن هذه اللحظة سنحاول إصلاح كل ما مضى وأنا أثق أننا نستطيع. 


ثم نظر إليها وكأن مصباحا قد أضاء برأسه وقال:

_ حنان هل نذهب لأداء عمرة؟ رمضان على الأبواب وسيكون توقيتا مناسبا للغاية.


نظرت إليه متفاجئة فقال:

_ أعتقد أن كلانا نحتاجها، نغسل ذنوبنا جميعها ونعود بصفحة بيضاء نسطر بها مستقبلا مشرقا، أنا أثق أننا لن نعود كما ذهبنا أبدا.. ما رأيك؟


ابتسمت ولمعت عيناها بحماس وقالت:

_ سيكون هذا رائعا عزيز.. لقد تحمست للغاية.


أومأ مؤيدًا ومال على وجنتها يقبلها بحنوٍ ويقول:

_ كل شيء سيكون رائعا أعدك، ما دمنا سويا كل شيء سيكون بخير.


فزعت بمكانها فجأة عندما استمعت لصوت جرس الباب يرن دون توقف فنهضت وقالت بصدمة:

_ عزيز، لقد نسيت حياة!!! يا إلهي ماذا فعلت أنا!!!


نهض سريعاً وارتدى ملابسه على عجالة وخرج من الغرفة موصدا الباب، ثم توجه نحو الباب وفتحهُ ليتفاجأ بقاسم يقف كالمجنون، يلهث وينظر إليه بعينين محتنقتين ويقول:

_ أين حنان ؟ ماذا فعلت لها؟ هل هي هنا؟


أجابه بتعجب وهو لا يفهم سر الحالة المزرية التي هو عليها فقال:

_ أجل، هي هنا..


قاطعه قاسم بعصبية شديدة وانفعال مفاجئ وصدح صوته عاليا:

_ ماذا تفعل هنا؟ ألم تكن برفقة حياة؟ ما الذي أتى بها إلى هنا؟


تلعثم وهو يحاول إيجاد ما يقوله ولكن حنان خرجت من الغرفة وهي تركض نحوه بلهفة وتقول:

_ قاسم ، أنا آسفة، لقد.. لقد هاتفني عزيز و..


مسح على وجهه بغضب وهو يشير إليها بيده كي تتوقف عن الحديث وقال:

_ حياة اختفت.


نظرا كلا من عزيز وحنان لبعضهما البعض بصدمة فقالت حنان:

_ ماذا؟ ماذا يعني اختفت؟ 


زفر مطولا وانتفخت أوداجه وهو يمسح على وجهه عدة مرات متتالية بانفعال مكبوت وقال بضيق:

_ اختفت، ليست بالصالون، لا تجيب مكالماتي، لا أعرف أين هي، اختفت.


ونظر إليها بضيق وانزعاج وهو يقول:

_ وسيادتك منذ أربع ساعات وأكثر نحاول الوصول إليكِ ولكنكِ لستِ هنا..


_ قاسم، أنا .. أنا آسفة..


قاطعها بانزعاج:

_ كفى حنان، كفى.. 


اتجه نحو الباب ليغادر فركضت خلفه وهي تقول:

_ انتظر سآتي معك..


أجابها بضيق وحدة:

_ لا، ابقي مع زوجك.


وتركها وانصرف بينما هي تتطلع في أثره بتيه وتقول:

_ ماذا يعني حياة اختفت؟!! 


ونظرت إلى زوجها وقالت:

_ هيا عزيز لا بد أن نلحق به.


///////


كان قاسم يقود سيارته على أقصى سرعة وهاتفه بيده يحاول الاتصال بحياة مجددا ولكنها لا تجيب فأخذ يضرب المقود بقبضته وهو يقول بعصبية:

_ تبا.. تباا.. أين أنتِ حياة!! 


وفجأة خطر له خاطرا فقال:

_ الكاميرات، كيف نسيتها؟


توقف أمام الصالون، ثم دخل وتحدث مع مالكة المكان وشرح لها الأمر سريعا، وطلب منها مراجعة تسجيلات الكاميرات الخارجية فإذا به يجد حياة وهي تخرج من الصالون وبيدها الهاتف تتحدث به، ثم نظرت يمينا ويسارا وتقدمت نحو سيارة تصطف بالجوار ، ثم وقفت تتحدث إلى شخص بداخلها من النافذة وعلى ما يبدو أنهما يتناقشان بحدة، ثم استدارت وركبت السيارة وانطلقت بها بعد دقيقة تقريبا.


كان مصدوما، وضع يده على خصره والأخرى يمررها بشعره ثم يمسح بها على عنقه، ثم وجهه وهو يحاول تصديق ما رآه وخرج فورا من المكان وهو يتحدث بعجز:

_ لا، مستحيل، هذة سيارة خالد.. مستحيل.


توقف بمنتصف الطريق بعدما اكتشف أنه لا يعرف إلى أين سيذهب ثم صرخ بقوة كوحشٍ يحتضر وهو يضرب المقود بقبضته بغل ويقول:

_ لا.. لا.. تباا.. تبااا…. تباااااااا.


أسند رأسه على المقود بتعب وعجز وهو يردد بقلة حيلة:

_ يا إلهي، ماذا فعلتِ يا حياة؟ 


وتحرك بسيارته فجأة عائدا نحو الصيدلية الخاصة بخالد وهو يتوعده قائلا:

_ أقسم إن كنت تعرضت لها بسوء سأجعلك تتمنى الموت يا حقير.


وأخذ يردد بلوعة :

_ أين أنتِ يا حياة، أين أنت؟


______________


بدأت حياة تستعيد وعيها، فتحت عينيها ببطء وهي تشعر بأن كل ما حولها يدور، كل شيء مشوشًا ومهتزًا وضبابيًا، وشيئا فشيئا بدأت تستعيد توازنها من جديد، نظرت حولها بهلع، الغرفة تبدو حديثة الطراز، كل ما بها يبدو جديدا وفخما وفجأة هتفت بخوف:

_ يا إلهي، ما الذي أتى بي إلى هنا؟!


تعرفت على المكان فورا فلطالما كان خالد يرسل لها صورا لتلك الغرفة ولجميع غرف الشقة وكان يتابع معها التجديدات والتجهيزات أولا بأول.


ابتلعت ريقها بتوتر وحاولت النهوض ولكنها صعقت عندما رأت يداها مقيدتان بأصفاد على كِلا جانبي الفراش!


توقف عقلها عن التفكير وقلبها عن النبض للحظات وهي تحاول تدارك الموقف، وفجأة تكالبت عليها الأفكار دفعة واحدة فصرخت بكل قوتها صرخةً زلزلت جدران الغرفة.


بدأت تتحرك بعشوائية وقد اندفعت بداخلها غريزة حماية النفس فأخذت تجذب يدها وهي تحاول نزعها من بين تلك الأصفاد المخيفة التي صورت لها ملايين التخيلات المظلمة وهي تهذي بلا وعي:

_ لا، مستحيل، هذا مستحيل ولن يحدث، قاسم.. قاســـم.


انفجرت في بكاءٍ مدوٍ وهي تنادي باسم قاسم بهيستيرية وهي تقول:

_ يا إلهي أرجـــوك.. أتوسل إليك لا تجعله يواجه نفس المصير ثانيةً يا ربي.


غرقت في بكائها وهي تدعو وتتضرع إلى الله كي ينجيها من ذلك الموت المحقق وفجأة انتبهت إلى صوت خطوات تدنو من الغرفة فتوقف نحيبها بخوف وفور أن رأت خالد يدخل الغرفة حتى نظرت إليه بكره وغضب وهي تقول:

_ يا جبان يا حيوان.. أنت حيـــوان.. حلّ وثاقي حالا .


اقترب منها متمهلا وجلس بجوارها على السرير فانزوت حول نفسها بخوف، بينما مال نحوها بجذعه وهو يتفحص ملامحها ويقول:

_ ما بكِ حياة؟ هل أنتِ خائفة؟ هل أنتِ خائفة مني؟


_ أنت أقذر إنسانة رأيته بحياتي، أنت إنسانًا منحطًا وقذرًا، فكني حالا وإلا..


أطبق بقبضته فوق فكها بقوة وهو يقول بغضب:

_ حياة، لا تتخطي حدودك حبيبتي وكوني مهذبة.


سالت دمعاتها بقهر وعجز وهي تقول:

_ أرجوك خالد فكني ، هل هذا جزاء ثقتي بك؟


أومأ موافقا ثم ضحك ضحكته الشريرة التي تراها لأول مرة وقال:

_ هذا ليس جزاء ثقتك بي، هذا جزاء غبائك حبيبتي.


_ أرجوك، بالله عليك فكني ودعني أغادر، أرجوك لا تفعل ما تنوي فعله أرجووك .


اقترب منها حتى بات ملتصقا بها وقال وهو يجوب تفاصيل وجهها بعينيه بخبث:

_ وما الذي أنوي عليه حبيبتي ؟ معنى ذلك أنكِ تعرفين ما أنوي فعله؟ إذا هذا جيد.. وسيكون ممتازا لو أنكِ كنتِ متعاونة حتى تتم مهمتنا بنجاح.


مد أنامله يتلمس بها شفتيها فأدارت وجهها وهي تحاول نزع يدها بقوة آلمتها فقال وهو يحيط وجهها بكفيه:

_ لا تحاولي عبثا يا حياة، تلك الأصفاد من النوع الجيد، كي تناسب مقاومتك وشراستك.


نظرت إليه بكره وغل وقالت:

_ أنت حيوان.


_ أعرف، ولكني أحبك..


وتنهد ثم نظر إليها مطولا وقال بهدوء مخيف:

_ وأنتِ تعلمين أني أحبك، وأريدك.. ولكنك بكل بساطة ذهبتِ وتزينتي لذلك القذر حتى تقدمين نفسك له كقربان.


_ لا تتحدث عنه بتلك الطريقة، قاسم أشرف منك.


ضحك ثم تعالت ضحكاته وهو ينظر إليها بضيق وقال:

_ نعم، هو أشرف مني فعلا ، ولكن الشرفاء حظهم قليل دوما.


أخذت تنظر حولها برعب فقال:

_ هل تعرفتي على المكان حلوتي؟ هذه شقتنا، أو التي كانت من المفروض أن تكون شقتنا، عش زوجيتنا الذي صممت كل ركن فيه على حسب رغبتك ، ذلك العش الذي كان سيجمعنا، وذلك الفراش الذي تنامين فوقه الآن كان من المفترض أن يكون شاهدا على أحلى أوقاتنا.


ثم نظر إليها بكره وصدح صوته الجهور يقول بغضب:

_ ولكنكِ خائنة، غدرتِ بحبي وتركتِني لأجل ذلك المجرم، انظري لحالتك المؤسفة، ذهبتِ وتزينتِ كي تكونين عروسا له ولم تظني لو للحظة أنكِ تستعدين كي أظفر أنا بكِ.


نظرت إليه بكره وقالت:

_ هذا بأحلامك فقط، أنت لن تنال ولو شعرة مني.


ضحك عاليا بسخرية، ثم مد يده بجيبه وأخرج منه قرصا وهو ينظر إليها بتلاعب وهو يقول:

_ هل تعرفين ما هذا؟ 


ابتلعت ريقها بخوف وهي تنتظر إجابته بصمت وترقب فقال مبتسما بفظاظة:

_ هذا يا حلوتي يسمى عقار الاغتصاب؛ ولكننا لن نسميه هذا الاسم المخيف، من الممكن أن نسميه مثلا عقار الأوقات السعيدة..


ابتلعت ريقها وهي تحاول التمسك بثباتها الواهي وهي تستمع إليه وهو يتابع:

_ عقار الأوقات السعيدة هذا سيجعلكِ تشعرين بالاسترخاء الشديــد، سيفقدكِ القدرة على التحكم بعضلاتك فبالتالي ستنعدم مقاومتك، أي أنكِ ستكونين واعية لما أفعله ولكنكِ كالأموات تماما.


بدأ جسدها في الارتجاف بقوة بينما هو يردف بتسلية:

_ ولكن الميزة التنافسية التي يتمتع بها هذا العقار هو أنه سيجعلكِ تنسين كل ما حدث لكِ، يعني سيضعف وعيك وإدراكك بحيث لا يثبت ما حدث بذاكرتك، هل رأيتِ كم أنا رحيما بكِ يا حلوة؟ لا أود أن أترك لكِ أي ذكرى سيئة عن أول لقاء يجمعنا.


وفجأة أمسك برأسها بقوة وجذبها للخلف وهو يحاول دس تلك الحبة بفمها ولكنها أطبقت شفتيها على بعضهما بقوة وأخذت تحرك وجهها بقوة وفجأة صفعها بقوة وهو يهتف بغضب أعمى:

_ اثبتي حياة.


جحظت عينيها من هول الصدمة وحدقت به بذهول فقال بضيق شديد:

_ هل رأيتِ نتيجة عنادك؟


ووضع الحبة بحلقها بقوة وهو يقول:

_ أخبرتك أن تكوني متعاونة حتى نتمم مهمتنا بيسر ونمضي أوقاتا سعيدة ، ولكنكِ مصممة أن يتخذ لقاءنا منحنى آخر ويسمى اغتصابا.


سعلت بقوة وهي تحاول التقيؤ عنوةً كي تتخلص من تلك الحبة قبل أن يسري مفعولها بجسدها ويجعلها كالجثة الهامدة وبالفعل تقيأت فنظر إليها متقززا ودفع رأسها للخلف وهو يقول:

_ تبا لكِ يا غبية !


_____________


كانت عنبر تجلس برفقة ابنها وهي تدرسه وتحاول الانشغال برفقته عما يدور حولها فاستمعت إلى عبدالله وهو يقف خلفها ويقول:

_ حماكِ الله زوجتي العزيزة، أخيرا اكتشفتِ أن لكِ ابنا وتقومين بواجباتك تجاهه؟


نظرت إليه بضيق ولم تعقب فقال:

_ هيا، قومي واستعدي.


طالعته باستفهام وقالت:

_ لمَ أستعد؟


_ كي تحضري خطبة أختك.. ألستِ أختها الوحيدة؟ إذا من المفترض أن تكوني بجوارها.


ابتلعت ريقها بتوتر وقالت:

_ لا، لن أحضر.


_ بلى، ستحضرين.


طالعته بتعجب وقالت:

_ وما سبب ذلك الإصرار لا أفهم! قلت لا أريد .. 


تقدم منها وأطبق بقبضته فوق ذراعها بقوة آلمتها وهو يهمس كفحيح الأفعى بجوار أذنها ويقول:

_ وأنا قلت ستحضرين، عليكِ التعود من الآن فصاعدا على رؤيتهما بجوار بعضهما البعض لعلك تقحمين ذلك إلى رأسك الغبي هذا وتقتنعين أنه لن يحل لكِ بعد الآن.


نظرت إليه بقهر وانسابت دموعها فقال:

_ لا تبكِ يا عزيزتي، عليكِ التأقلم على الوضع من الآن فصاعدًا، ثم أن أختكِ المصونة ستكون بحاجتك الليلة أكيد.


قطبت جبينها بتعجب وقالت:

_ لا أفهم قصدك ، لمَ ستكون بحاجتي؟


أجاب بتلاعب وهو يتعمد إثارة حنقها واستفزازها:

_ لا أعرف، ولكن هذا اليوم بالتأكيد ستكون بحاجة لمؤازرتك ودعمك.. أليست عروسًا؟ 


وضحك باستهزاء وتركها وغادر بينما أخذت تفكر في كلامه الذي لا يحمل معنى مباشرًا أبدا.


ولكنها تنهدت وهي تحدث نفسها وتقول:

_ كلامه صحيح، عليكِ التعود على رؤيتهما بجوار بعضهما البعض منذ الآن، عليكِ وضع تلك الصورة برأسك كي لا يتخطى عقلك الغبي حدوده مرة أخرى.


///////////


توقف قاسم بسيارته أمام الصيدلية ثم دخل مشحونا بالغضب وهو يبحث عنه كي يدفنه بأرضه ولكنه لم يجده، نظر إلى تلك الفتاة التي تنظر إليه بذعر وتقول:

_ تفضل حضرتك ؟


_ أين هو؟


تساءل بانفعال شديد فقالت بهدوء:

_ من هو؟


_ الكلب خالد.. أين هو؟


نظرت إليه بصدمة وقالت:

_ دكتور خالد ليس موجودا حاليا.


_ وأين يسكن؟ ما هو عنوان بيته؟ 


_ الدكتور لا يعطي عنوانه لأحد، يمكنك الاتصال به أو الحضور مرة أخرى.


في تلك اللحظة دخل رجل مسن يستند على عصا خشبية متينة فنزعها من يده بقوة وأخذ يكسر كل ما يراه وهو يهتف بغضب كالمعمي:

_ أين عنوان ذلك الكلب.. انطقي حالا وإلا سأهشم رأسك.


نظرت إليه بفزع وهي تحتمي بزاوية في المحل وقالت:

_ حسنا، حسنا اهدأ من فضلك، سأعطيك العنوان.


اقتربت من حقيبتها ببطء وحذر وفتحتها ثم أخرجت بطاقة مدون بها عنوان خالد وأعطتها له وهي تقول:

_ هذا هو عنوانه..


نزع البطاقه من يدها وغادر وكل ما يقابله يجعله حطاما منثورا، استقل سيارته واتجه نحو العنوان المدون في البطاقة وهو يقول بتوعد شرير:

_ أقسم بآيات الله إن كنت لمستها يا خالد سأميتك ميتةً بشعة.


قاد سيارته على أقصى سرعة وهو لا يرى أمامه سوى الماضي يتجسد أمامه بكل تفاصيله الحية وكأنه يعيد نفسه من جديد فأخذ يهمس بجنون:

_ يا إلهي أتوسل إليك احفظها.


ارتفع رنين هاتفه برقم عمه فقبض على شعره بتيه وهو يردد:

_ لا، لا لا لا ليس الآن يا عمي أرجوك.


انتهت مكالمة عمه فاستقبل مكالمة أخرى من أخته فأجابها فورا:

_ هل وصلتِ لشيء؟


قالت وهي تبكي بانهيار:

_ لا، اتصلت بها كثيرا ولا تجيب، نحن الآن في المخفر ولكنك تعرف الإجراءات.. لا يمكن تحرير بلاغ باختفائها قبل مرور أربعًا وعشرين ساعة… قاسم.. هل تسمعني؟.. قاسم..


توقف أمام بيت خالد وأنهى المكالمة دون سابق إنذار ثم أسرع خطاه إلى الداخل وهو يطرق الباب بكلتا يديه ويهتف بانفعال:

_ خالــد… أين حياة يا حيوان؟


دفع الباب بكل قوته ولكنه لم ينفرج، ركله بقدمه مرات عديدة دون جدوى، فأخذ يتطلع حوله عن شيء يستطيع كسر الباب به فتفاجأ بتجمهر الجيران حوله وهم يطالعونه بتعجب وحذر فقال:

_ ماذا بكم؟ لمَ تنظرون إلي بتلك الطريقة؟ جاركم المحترم يختطف خطيبتي بالداخل.. هل ستقفون هكذا؟


انضم إليه شابين في الحال وساعداه في كسر الباب فدخل وهو ينادي باسم خالد تارة وباسم حياة تارة أخرى وأخذ يفتش في كل ركن بالمنزل ولكنه لم يجد لهما أثرا.


كان يشعر بأنه على وشك الجنون، سيجن بالتأكيد لو لم يجدها، وسيفقد عقله حتما لو وصل إليها بعد فوات الأوان.


وقف عاجزا ينظر حوله بضياع فوقعت عيناه على إطار معلقًا على الحائط به صورة خالد فحمله وألقاه في الأرض بقوة وهو يزمجر كالوحش الكاسر ويقول:

_ أين أنت يا حيـــوان!!!!!


نظر إليه أحد الشابين وقال:

_ الدكتور يملك شقة ثانية فوق صيدليته بميدان الساعة.


نظر إليه وكأن مصباحا أضاء برأسه فجأة وتذكر هذه المعلومة التي أخبره بها عمه من قبل فخرج مسرعا وهو يدعو الله أن يصلها قبل أن يمسها ذلك الجبان.


~~~~~~~~~~~~~~


 كان صالح يقف حائرا، ينتظر بالشرفة ويترك بالخارج عددا لا بأس به من المدعوين والمأذون ، ينظر يمينا ويسارا بقلق وهو يردد:

_ يا رب سترك ، أشعر بأن هناك شيئا قد حدث!


انضمت إليه زوجته بقلق وتساءلت:

_ أين هم للآن يا صالح؟ أيعقل كل هذا الوقت بصالون التجميل؟ 


أجابها بحيرة وعجز:

_ لا أعرف يا صفية، لا أعرف شيئا، المريب أن قاسم لا يجيب اتصالاتي ولا حياة، عزيز وحنان يقولون أن كل شيء على ما يرام وأن حياة لم تنتهِ بعد، ولكن قلبي ليس مطمئنا.


دخلت عنبر في تلك اللحظة وهي تحاول إخفاء وجومها وحزنها وقالت:

_ مساء الخير أبي، مبارك لأختي.


احتضنها والدها بقوة وقال:

_ جبر الله بخاطرك ابنتي، ادعي لأختك يا عنبر.


طالعته باستغراب ونظرت لأمها التي تقف شاردة وقالت:

_ ماذا بها حياة يا أبي؟


شهقت صفية وانقبض قلبها فجأة فوضعت يدها موضع قلبها بألم وهي تقول:

_ أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، يا رب احفظها يا رب.


تسائلت عنبر بقلق:

_ ماذا بها حياة يا أمي؟ أخبريني..


تحدث صالح بإيجاز وهو يحاول التخفيف من حدة الموقف وقال:

_ أشعر بأن هناك شيئا غريبا في الأرجاء، أختك لا تجيب على هاتفها، قاسم أيضا لا يجيب على هاتفه، لقد تأخرا عن الوقت المحدد ولا نعرف ماذا يجري معهما..


تحدثت صفية وهي تشعر بالاختناق وقالت:

_ ابنتي ليست بخير أبدا.. أشعر بها.


نظرت إليها عنبر وهي تحاول طمأنتها وقالت:

_ لا تقلقي أمي، من الممكن أن تكون زحمة سير أو.. أو الصالون مزدحم..


وفجأة قفزت إلى رأسها كلمات زوجها وهو يقول:

_ لا بد أنها ستحتاجك اليوم..


ابتلعت لعابها بتوتر واختنقت الكلمات بحلقها وهي تحاول تفسير ما قاله وتربطه بالوضع الحالي وازداد خوفها وقلقها وقد افترستها الظنون وعصفت بها الأفكار بعد أن تهادى سيل من الذكريات السوداء إلى عقلها وجعلها تنتفض بخوف وقالت:

_ لا يجب أن نقف هكذا، دعنا نذهب إلى الصالون ونطمئن عليها.


////////////////


_ تبا لكِ يا غبية؟ ماذا فعلتِ؟ هل تظنين أنني لن أتمكن منك الآن؟ استيقظي حياة وانظري لحالتك وإلى يداكِ المصفدتان. لن تستطيعي مقاومتي على كل حال، ولكنني أردت إسداء خدمة لكِ وجعلكِ تنسين تلك اللحظات المؤلمة ولكنكِ غبية، غبية.


فتح الخزانة وأخرج بعض المناشف وأخذ يمسح آثار القيء من على الفراش، ثم اقترب منها وبدأ يمسح وجهها وملابسها وهي تبتعد عنه دون جدوى فأمسك برأسها مجددا وهو يمسح فوق صدرها بتسلية ويقول:

_ أرأيتِ نتيجة عنادك يا حلوتي؟ 


_ ابتعد عني يا حيوان، ابتعد وإلا أقسم أني سأقتلك بيدي .


ضحك عابثا وقال:

_ حبيبتي أنتِ لا تقوين على قتل ذبابة حتى.


واقترب منها وهو يمرر أنفه على عنقها ويقول:

_ أعرف حبيبتي حساسة ومرهفة الـ….


وفجأة ابتعد عنها بضيق ونفور وهو يقول:

_ لن يتم الأمر هكذا، رائحتك تصيبني بالغثيان.


صمت للحظات، ثم فجأة ابتسم وهو يطالع جسدها بتفحص ونظرات مخيفة بينما هي تهز رأسها برفض وقد فهمت ما يفكر به وأخذت تتحرك بعصبية وتصرخ بقوة:

_ لا، لن يحدث يا حيوان، فكني حالا يا خسيس، فكني أرجوك، قااااااسم.. قااااااااسم…


ضحك بعلو صوته بفظاظة وهو يقول:

_ قاسم حقا؟ للأسف عروستي لا أحد يعرف عنوان هذه الشقة غيرنا، يعني أنه لن يصلك أبدا ولن ينقذك ولن يكون ملاكك الحارس كما تظنين.


واقترب منها وجثا بركبتيه فوق الفراش وهو يحاول فك الأصفاد اليمنى وهو يقول:

_ سأساعدك في الاستحمام، سنذهب حالا إلى الحمام وتقومين بالاغتسال وتبديل تلك الثياب اللعينة.


ثم مسح شفته بظهر إبهامه وهو ينظر إليها باشتهاء ويقول:

_ لو كنت أعرف كنت اشتريت لكِ قميصا يناسب ليلتنا البيضاء تلك، ولكن على كل حال لن يعوقنا شيء.. هيا حبيبتي كي تأخذي حماما دافئا لعله يساعدك على الاسترخاء ويفعل مفعول تلك الحبة التي بصقتِها.


فزعت بمكانها ونظرت إليه بعينين محتنقتين وهي تقول:

_ لا، لن تلمسني بيديك القذرتين أبدا.. ابتعد عني، لا تلمسني إياك.


نظر إليها وقال بضيق:

_ ولمَ؟ ما السبب؟ هل كرهتِني فجأة؟ أم أنكِ أحببتِه بذلك القدر الذي يجعلك تنفرين من لمساتي؟ ألا تذكرين حبيبتي عندما كنا نتبادل القبل بشكلٍ رائع؟


نظرت إليه باشمئزاز وقالت بانهيار:

_ اللعنة عليّ، اللعنة عليّ ، اللعنة عليّ وعلى غبائي وحقارتي.


أمسك وجهها وثبته في مواجهته وهو يقول بتعاطف مزيف:

_ لا حبيبتي ، لا تفعلي ذلك بنفسك أرجوكِ، لا تفسدي ليلتنا بهذا الشكل، أعدك أنها ستكون ليلة مميزة.


وصمت للحظات ثم قال بجدية وتوتر:

_ حياة، لن اغتصبك.


برق الأمل في عينيها ونظرت إليه بترقب فأردف:

_ أتركي نفسك لي طواعيةً، نحن بيننا مشاعر ويمكننا إيقاظها صدقيني، إن تقبلتِ الأمر واستسلمتي سيكون كل شيء سهلًا صدقيني.


نظرت إليه بغضب عاصف وفجأة بصقت بوجهه باحتقار مما أثار ثائرته وجعله يخرج عن تعقله ووعيه وهو يمسح وجهه بانفعال ثم صفعها مراتٍ متتالية وهو يقول:

_ يا حقيرة، أساسا أنا الغبي لأنني ضيعت كل ذلك الوقت في استمالة عطفك ورضاكِ .. مثل أشكالك لا يليق بهم سوى العنف.


_ ابتعد عني حالا، ابتعد عني أرجوك..


أعاد غلق الأصفاد اليمنى مجددا وهو يقول بغضب أعمى:

_ اللعنة عليكِ حياة، تضطريني لنيلك وأنتِ بتلك الحالة المزرية، اللعنة على غبائك.


خلع سرواله أمام عينيها المفزوعتين فأغمضتهما بقوة وهي تصرخ بكل ما أوتيت من قوة وتقول:

_ لااا.. لن تفعل ذلك، قااااااسم أرجووووك …. 


اقترب منها وأمسك بشعرها يجذبه للأسفل بغل وهو يقول:

_ توقفي عن ذكر اسم ذلك المجرم أمامي.


صعد للفراش بركبتيه وأمسك بقدميها يحاول ابعادهما عن بعضهما فأخذت تركله ركلات عشوائية واهية تحاول بها الدفاع عن نفسها لآخر لحظة فنظر لهت مغتاظا وهو يقول:

_ حيــاة!! كل هذا ليس في صالحك..


صرخت أكثر وهي تحاول عبثا نزع يديها من تلك الأصفاد اللعينة وقدميها تتحرك بعشوائية كي لا يتمكن منها وهي تصرخ قائلة:

_ يا إلهي ساعدني، أتوسل إليك يا رب..


فجأة استمعت لصوت جلبة بالخارج فدب الأمل بقلبها من جديد وأخذت تصرخ بقوة لم تختبرها من قبل:

_ قااااسم.. ساعدني أرجوك….


نظر خالد خلفه وأدرك أن أحدهم يحاول كسر الباب فاقترب منها منفعلا وهو يحاول تجريدها من ملابسها عنوةً وهي تصارع بقوة ضئيلة ومقاومة واهنة ولسانها لا يتوقف عن النداء باسم قاسم.


وفجأة انفرج الباب بقوة وركض قاسم إلى حيث مصدر الصوت ووقف مصدوما عندما رأى حياة ترقد بتلك الحالة ويداها مصفدتين وخالد يجثو أمامها ويحاول نزع ملابسها فانقض فوقه فورا وأبعده عنها وأخذ يسدد له اللكمات بكل قوة وغضب وكأنه كالأعمى لا يرى أمامه وهو يهتف بغضب:

_ يا حقيـــر، يا كلب.


كال له عددا لا بأس به من اللكمات التي أدمت وجهه وأسقطته أرضا فأخذ يركل جسده بقدمه بكل وحشية وحياه تطالعه بصدمة وتصرخ:

_ كفى قاسم سيموت..


ولكنه لم يسمعها من الأساس، نظر إليه باحتقار وهو يتمدد أرضا ووجهه قد تخضب بالدماء تماما، ثم اقترب منه ووقف بحذائه على رقبته بينما يسعل الآخر باختناق وهو يحاول إبعاد حذاء قاسم عن عنقه بينما الآخر يقف كالجبل الراسخ لا يهتز ولا يتحرك من مكانه وقد أعماه الغضب وبلغ منه مبلغا بعيدا.


_ قاسم، أرجوك لا تقتله، أنت لست مجرماً أرجوك.


هتفت حياة بتلك الكلمات بلوعة وهي تبكي بضعف وقد خارت قواها تماما وتنظر إليه بتوسل فطالعها مصدوما وكأنه يكتشف وجودها بالغرفة للتو فأسرع نحوها وهو يسألها بخوف:

_ هل تعرض لكِ؟ هل لمسكِ؟ 


هزت رأسها بنفي ولكنه لم يصدق فقال وهو ينزع الأصفاد عن يديها:

_ أخبريني حياة أرجوكِ هل لمسك هذا الحقير؟


أجابت بضعف:

_ لا، لم يلمسني.


نزع الصفد الثاني عن يدها وكأنه حرر روحها للتو فتشبثت بعنقه فضمها إليه بقوة وأحاطها بذراعيه وصوت دقات قلبه أعلى من قرعات طبول الحرب.


كانت تلك هي نوبة البكاء الأقوى والأعلى في تاريخها، بكاءً مخلوطًا بالخوف والفزع والتوتر، بكاءً يمتزج بالامتنان والشعور بالراحة بعد ساعات من القلق والترقب، بكاءً تلتمس فيه الأمان بين ذراعيه اللذان يضمانها إلى قلبه .. لا . إلى صدره .. هي كانت تشعر فعلا أنه يضمها إلى قلبه.. وقلبه يصدر نبضا عنيفا يخبرها عن مدى خوفه ولهفته.


ابتعد قاسم عنها وهو يتفحص وجهها بخوف وهتف دون وعي:

_ حبيبتي أنتِ بخير، أليس كذلك؟


اضطرب نبضها و اهتز بدنها فتدفقت الدمعات بغزارة وهي تومئ بموافقة وتقول:

_ بلى، أنا بخير.


ضمها إليه مجددا وهو يتمتم:

_ الحمد لله.. كدت أموت من فرط الخوف.


وابتعد عنها وهو يتفحصها بنظرة شاملة، جسدها، وثيابها التي لم تنقص خيطا، فمسح وجهه وهو يتنهد براحه قليلة ويقول:

_ الحمد لله ، الحمد لله.. 


_ أنا بخير قاسم لا تخف، لقد أتيت في الوقت المناسب تماما..


أطرقت برأسها أرضا وهي تتذكر المعاناة التي عاشتها منذ قليل وكيف أنه كان على وشك اغتصابها لولا قدوم قاسم في آخر لحظة.


مسح وجنتيها بإبهاميه وقرب رأسها يضمها لصدره وقبل أعلى رأسها وهو يقول:

_ لا بأس حبيبتي ، لقد انتهى.


ارتفع رنين هاتفه برقم حنان فأجابها فورا وقال:

_ لقد وجدتها الحمد لله، نحن بشقة ذلك الكلب فوق صيدليته، أخبري الشرطة حالا.. لا بد أن يتم القبض عليه قبل أن أقتله أنا بيدي.


أنهى الاتصال وهو ينظر إلى حياة التي تدلك رسغيها بألم وتبكي في صمت فأمسك بيدها وأخذ يدلكها بحنان، ثم رفعها إلى فمه وقبل رسغها وهو يقول:

_ لا بأس، الحمد لله.. كل شيء سيمضي.


كانت تنظر إليه وهي تبكي، ليس لأنها تتألم، لا.. لقد فقدت أدنى شعورً بالألم منذ أن رأته، ولكنها تبكي لأنها تراه يعاملها بحنان ولهفة لم تتخيل أن تراهما منه أبدا.


ربت على كتفها بدعم وهو يقول بابتسامة غير واثقة:

_ كل شيء سينتهي حالا، ستأتي الشرطة وتلقي القبض عليه ويلقوه في السجن كي ينال جزاءه.


أومأت بصمت وفجأة استمعت إلى رنين هاتف فانتبها كلاهما فقال:

_ هل هذا هاتفك؟


هزت رأسها بنفي فنهض وهو يبحث عن مصدر الصوت فوجد هاتف خالد الملقى على الأرض يرن باسم عبدالله!!


ظل ينظر إلى الاسم بذهول ثم استقبل المكالمة ووضع الهاتف على أذنه دون رد فاستمع إلى صوت عبدالله يقول بعبث:

_ مرحبا يا عريس، هل افترست الغزالة أم لا ؟ 


سحق قاسم أسنانه بغضب مكبوت وهو يستمع إليه يتابع:

_ اسمع خالد، البيت يعج بالضيوف، وسيلاحظون اختفائها، أسرِع يا صديقي لا وقت للحب.


_ أقسم أنني سأقتلك يا حقير، إن لم أجعلك تتمنى الموت لن يكون اسمي قاسم حينها.


رد قاسم بتلك الكلمات المتوعدة فانقطع الاتصال حالا فزمجر بغضب وكان بصدد تحطيم الهاتف ولكنه تراجع في آخر لحظة بعدما أدرك أن الهاتف سيكون دليل إدانة عبدالله.


فجأة استمع إلى صوت أقدام ٍكثيرة ودخلت حنان التي فزعت عندما رأت حياة بتلك الحالة، وبعدها عزيز الذي لم تقل صدمته عنها شيئا، وبعدها ضابط وبرفقته مساعده واثنين من العساكر.


انتبه قاسم على رنين هاتفه فاجاب الاتصال بحزن قائلا:

_ نعم عمي.


صاح الآخر غاضبا وهو يقول:

_ أين أنتم يا قاسم؟ ولمَ لا يجيب أحدكم اتصالاتي؟ أين حياة؟


تنهد بضيق وأجاب:

_ حياة معي يا عمي،لا تقلق هي بخير.


_ معك أين؟ وكيف لا أقلق؟ أين أنتم يا قاسم أخبرني حالا ماذا حدث لابنتي؟


مسح وجهه بتعب وهو يحاول انتقاء الكلمات الأقل تأثيرا عليه فقال:

_ لقد اختطفها خالد..


_ ماذا؟؟ أين ابنتي يا قاسم؟ أين أنتم؟


_ نحن بشقته الجديدة فوق الصيدلية ، ولكن لا تقلق، أقسم لك حياة بخير.. ستحدثك حالا..


أعطى الهاتف لحياة فتحدثت إلى أبيها وهي تحاول كتم دمعاتها وتقول:

_ أبي، أنا بخير الحمد لله.. لا تقلق لم يمسني ذلك الحيوان.


استمعت إلى صوت بكاء والدها فغرقت في البكاء مجددا وهو يقول:

_ حياة ابنتي، سأصلك حالا حبيبتي.. أخبريني هل أذاكِ؟


_ لا .. لا تقلق أبي، والله أنا بخير اطمئن، لقد أنقذني قاسم لا تخف.


_ الحمد لله.. اللهم لك الحمد .. أنا في طريقي إليكِ حالا، حالا حبيبتي.


أعطت الهاتف لقاسم وأسندت رأسها على كتف حنان التي تحيطها وتحاول تهدئتها، بينما تستمع إلى الضابط وهو يأمر مساعديه ويقول:

_ أيقظوه  حالا.


ونظر إلى حياة وقاسم وقال:

_ تفضلا معنا، سنأخذ أقوالكما.


سكب العسكري دلوا من الماء فوق رأس خالد الذي شهق كالغريق الذي طفا فوق الماء لتوه وبدأ باستعادة وعيه، فأمسكوا به واتجهوا للأسفل حيث سيارة الشرطه تنتظره.. ثم بدأ مساعد الضابط بتمشيط الغرفة سريعا بحرفية وخبرة ونظر إلى الضابط وهو يشير إلى زاوية الغرفة ويقول:

_ كاميرا.


نظروا جميعهم بصدمة وأولهم حياة إلى حيث يشير فقال الضابط:

_ قم بتحريزها.. تفضلوا معنا لاستكمال التحقيق بالمخفر.


نهضت حياة بمساعدة حنان وقاسم الذي هرول إليها وهو يقول:

_ إذا كنتِ تشعرين بالتعب يمكننا طلب تأجيل التحقيق لوقت لاحق ونذهب للمشفى.


أومأت بضعف:

_ لا، أنا بخير ما دمت معي.


ابتسم متأثرا ومسح على كفها بحنان وقال:

_ لا تقلقي أنا معك.


غادرا الشقه متجهين إلى الأسفل تزامنا مع وصول صالح وصفية وعنبر الذين أتوا هرولةً وبمجرد ما إن رأوا حياة بتلك الحالة التفوا حولها جميعهم يتساءلون بخوف وفزع:

_ حياة، هل أنتِ بخير؟ 


نظرت عنبر لأختها بلهفة وهي تقول:

_ أنتِ بخير حبيبتي ؟ هل أذاكِ حياة؟ هل فعل لكِ شيئا؟


احتضنتها حياة بقوة وانفجرت في بكاءٍ مرير وهي تردد بهيستيرية:

_ كنت سأعيش نفس الكابوس عنبر، كنت سأواجه نفس ما حدث لكِ.


ربتت على ظهرها وهي تقول:

_ اهدئي حبيبتي ،الحمد لله لم يحدث شيئا.


انتزعتها أمها من حضن عنبر وضمتها وهي تبكي بقهر وتقول:

_ هل أنتِ بخير يا أمي؟ هل أذاكِ هذا الجبان؟ هل تعرض لكِ؟


أومأت وهي تحتضنها بقوة وتقول:

_ لا، لم يتمكن مني الحمد لله.


تحدث الضابط بنفاذ صبر قائلا:

_ من فضلكم، علينا التحرك حالا.. اطمئنوا عليها لاحقا.


تحركت سيارة الشرطة التي تقل خالد، بينما ركبت حياة وقاسم بسيارة أخرى ولحق بهما كلا من عزيز وحنان وعنبر وصالح وزوجته.


/////////////////////


يتبع

حب_في_الدقيقة_التسعين.


• تابع الفصل التالى " رواية حب فى الدقيقة تسعين  " اضغط على اسم الرواية

reaction:

تعليقات