Ads by Google X

القائمة الرئيسية

الصفحات

رواية حب فى الدقيقة تسعين الفصل الثانى والعشرون 22 - بقلم نعمة حسن

 رواية حب فى الدقيقة تسعين الفصل الثانى والعشرون 22 - بقلم نعمة حسن 

_٢٢_


~ مهمة صعبة ~

_____________


_ أنا.. أنا أوافق!


انقبض قلبه لوهلة، ولكنه لم يظهر سوى ابتسامة حنونة وهو يربت فوق كفها ويقول:

_ أنتِ تحبينه، أليس كذلك ؟


رفرفت بأهدابها عدة مرات بتوتر واصفرّ وجهها وهي تقول بخفوت وخجل:

_ نعم أبي، للأسف أحبه.


زم شفتيه بشفقة، وتنهد تنهيدة طويلة محملة بالهموم التي تحتل قلبه، ثم ربت على يدها قائلا بنبرته الحنونة:

_ لا تأسفين على حبك له حياة، قاسم يستحق، قاسم رجلًا يستحق التقدير والاحترام ، لم يكن منصفا ما حدث له أبدا.. لذلك هو يستحق الحب.. هو يستحق حبك ابنتي، يستحق أن يجد من يحبه بصدق وإخلاص، يحتاج لأمل يمحي عتمة الظلم الذي عاشه لسنوات ولا زال موشومًا بروحه.


أومأت مؤيدة كلام والدها بينما تابع بتحفز:

_ ولكن يا ابنتي. ما سأقوله بعد عليكِ أن تعيه جيدا وتفكري به جيدا.


أومأت بموافقة فاستطرد:

_ ولكنك ستعانين معه.


قطبت حاجبيها بتعجب ونظرت إليه باستفهام فقال:

_ قاسم لم يستطع السيطرة على الصراع بداخله بعد. لا زال يتأرجح بين قاسم المسالم الذي تلقى صفعات الخذلان من كل أحبائه، وبين قاسم العدواني الذي لن يهدأ إلا بالثأر منهم.. وبين هذا وذاك أنتِ من ستعانين.


ابتلعت ريقها بوجل وهي تستمع إليه ليستأنف:

_ قاسم يسير في طريق انتقامه بالفعل، والمرعب أنه لا ينكر ذلك.. اعترف لي أنه من دس المخدرات لعبدالله وزج به في السجن ، فرأى أن السجن سيكون راحة له ولن يشبع نهم انتقامه فأخرجه كي يتسنى له التشفي فيه على مهل. وبعد أن أخرج عبدالله أدخل صديقه حسان بدلا منه لأنه يرى أن حسان أيضا يستحق العقاب..


نظرت إليه باستغراب فقال:

_ لا تتعجبي، قاسم أخبرني بكل ذلك.. بطريقةٍ ما اعترافاته تلك تشعرني بالأمان نحوه، تجعلني أتأكد أنه نفسه قاسم المسالم الذي لا يبحث سوى عن حقه.. ولكن في النهاية أجدُ أنني عليّ الخوف.. منه وعليه.


وتنهد بتعب وأردف:

_ طريق الانتقام طريقًا وعرًا يا ابنتي، طريقًا محفوفًا بالمخاطر، الشخص الذي يسعى للانتقام لا يشبع أبدا.


توترت ودب الرعب بقلبها بينما مسح على شعرها وقال:

_ أتعرفين حبيبتي متى يشبع؟


تساءلت بعينيها فأجاب بابتسامة:

_ فقط عندما يعشق.


اهتز بدنها وارتجفت شفتاها وهو يتابع:

_ الحب والحقد لا يجتمعان أبدا حياة، العلاقة بينهما علاقة عكسية ، إذا ما تواجد أحدهما ينفر الآخر فورا، المحب لا يستطيع أن يحقد أبدا، والحقود لن يعرف للحب سبيل.. ها هي مهمتك صغيرتي.


ابتلعت ريقها بوجل فقال:

_ ستغمرينه بالحب، أنتِ تحبينه بالفعل.. ستملأين حياته بحبك وبراءتك.. أثق أنكِ تستطيعين فعلها، كما أثق أنها مهمة صعبة.. وصعبة جدا.. ستتخبطين، وتتعثرين، سيبرق الأمل في منتصف الطريق ويخبو مجددا، ستشعرين باليأس، وتتراجعين، فيبرق الحب من بعيد.. ويجعلكِ تتحمسين مجددا.. ستمر عليكِ أياما صعبة ، تبكين فيها.. وأياما تكونين كمن تفترش السحاب وتطير عاليا.. ولكنكِ في النهاية ستصلين!


سالت دموعها بقوة، كلام والدها أثار كل جوارحها، استفز دموعها بطريقة جعلتها تجهش في البكاء دون توقف.


ولكنه لم يكن ليتراجع، فلا بد أن يمسي ذلك الأمر محسوما وللأبد!


_ لا تظني أن بزواجك منه ستكونين ملكتِ العالم بأسره، لا.. ستقابلك بعض العثرات وأحيانا سيراودك الشعور بالندم واليأس، ولكنك ستتذكرين كلامي هذا وتبتسمين بكل ثقة وتطمئنين روحك أنه سيمر.


احتضنته وتشبثت بعنقه فمسح دمعاتها بيديه الحانيتين وقال:

_ كوني له نورًا يا حياة، لا تضليه أبدا يا ابنتي، بقدر عشقك له كوني له مصباحًا يريه الحقيقة بأحلك لحظات الظلام، هذه مهمتك التي لا بد أن تنجحي فيها، لا تيأسي ولا تستسلمي.. أنتِ من ستقضين على قاسم العدواني وتعيديه إلى نسخته القديمة المسالمة البريئة.


أومأت بموافقة وهي لا تزال تتشبث بعنقه فأكمل:

_ لقد وافقت على تلك الزيجة لأن كلاكما تحتاجان لبعضكما البعض، قاسم يحتاج حبًا  نقيًا صادقًا يكون له تعويضا ومكافأةً عما عاشه، وأنتِ تحتاجين حمايته، وأنا أثق أنه سيحميكِ من نفسه قبل الكل.


ختم حديثه بقبلة على جبينها وربت على كتفها وقال:

_ سأبلغه بموافقتك ونحدد موعد الخطبة.


اهتز قلبها بسعادة غامرة وأومأت بابتسامة مترددة، ثم عادت إلى غرفتها بينما هو يتمتم بشرود:

_ تُرى هل ستصلح ما أفسدته يا صالح أم أنك تزيد الفساد فسادا ؟!!


////////////////////


كانت سارة قد انتهت للتو من وضع أغراضها بغرفتها الجديدة، ووقفت تتأملها عن بعد بابتسامة، فإذ بها تتفاجأ بوالدتها تقف خلفها وهي تمسح على شعرها بحنان لأول مرة تختبره وتقول:

_ ها سارة؛ ما رأيك في بيتنا الجديد ؟


ابتسمت سارة بسعادة وقالت:

_ رائع، أشعر براحة نفسية رهيبة.


_ أنتِ محقة، لقد راقني الجو هنا كثيرا، منظر البحر ساحرًا.


بتر حديثهما صوت رنين الجرس فنظرتا لبعضهما البعض وقالت فتون:

_ من يا ترى؟!


هتفت سارة بحماس:

_ أكيد قاسم.


كانت الخادمة قد وصلت للباب بالفعل وفتحته فطلت عليهم فريال بابتسامتها العريضة وهي تقول:

_ مساء الخير!!


دخلت وهي تحمل صينية فوقها طبقا مستطيلا مغلفا وقالت:

_ قلت أنه لا بد أن تتذوقا حلواي! ستعجبكما بكل تأكيد.


ونظرت إلى الخادمة وهي تقول:

_ هيا أعدي لنا الشاي.. أشربه بدون سكر.


نظرت كلا من فتون وسارة لبعضهما البعض بتعجب ونظرا إليها وهي تتجه نحو الطاولة فجلست عليها ووضعت الطبق وهي تقول:

_ لا يمكنكما تخيل مدى سعادتي بأننا أصبحنا جيرانا، يا إلهي لقد كنت وحيدة بتلك البناية، ولكن الله استجاب لدعواتي ورزقني بجيرتكم وجيرة السيد قاسم.


وأخذت قطعة من الحلوى وقضمتها وهي تشير إليهما وتقول:

_ هيا هيا تفضلا.. لمَ تقفان بأرضكما هكذا؟


تقدمت فتون وسارة وجلست كلا منهما وهما تتطلعان نحوها بريبة فقالت:

_ أعرف أنكما متعجبتان من عفويتي وانطلاقي الزائدين، وهذا لأنكما لا تتخيلان مدى سعادتي بأن أخيرا أصبح لي رفقة بهذا المكان الموحش.


تحدثت سارة أولا فقالت:

_ هل تسكنين بمفردك منذ زمن بعيد ؟؟


_ أجل، منذ زواجي وأنا وحيدة هنا، حتى بعد موت زوجي وبعد أن تم بيع الشقة بالأسفل ظلت مغلقة لسنوات عدة إلى أن أتى قاسم وسكنها.. 


وابتسمت بحالمية وهي تقول:

_ لقد أنار البناية والحي بأكمله، ستظنان أنني أبالغ، ولكنني فعلا أصبحت أشعر بالأمان في وجوده بالعمارة، إنه شخص لطيف و ودود جدا بالرغم من صلافته وتكبره..


حملقت بها كلا من فتون وسارة بعدم ارتياح بينما ابتسمت هي وقالت:

_ معلومة بسيطة، هذة البناية ملكي! كانت ملك للمرحوم زوجي وبعد وفاته ورثتها عنه.


واهتزت حدقتيها وهي تتذكر الماضي وتقول بابتسامة واهية:

_  لقد تزوجتُ في عمر الخامسة عشر!


نظرت إليها سارة بفزع وصدمة فاستطردت فريال وقالت:

_ باعني أبي لرجل عربي يكبرني بثلاثين عاما مقابل أن يتنازل عن دعوى كان قد رفعها ضد أبي لأنه كان قد اقترض منه مبلغا ضخما ولم يسدده، أبي كان يعمل موظفا بشركته ومر بضائقة مالية كبيرة، وفجأة عرض عليه الشيخ رحمه الله أن يساعده، فرح أبي كثيرا وظن أنه يساعده لوجه الله، وما لم يكن يعرفه أن الشيخ رحمه الله كان يتصيد الفرص من أجل استغلال ومساومة كل المحيطين به، لقد كان مهووسا بزواج القاصرات ، تزوج قبلي ما لا يقل عن سبع قاصرات، منهن من انتحرت ومنهن من هربت، ومنهن من أصيبت بالاكتئاب ودخلت مصحًا نفسيًا، أنا الوحيدة التي دام زواجها منه حتى وفاته، يقول أنني الوحيدة مِن بين هؤلاء اللواتي تزوجهن مَن دخلت قلبه، لن أنكر أنه كان حنونا، رأيتُ منه حنانا لم أرَ مثله من أبي، ولكنه كان خوانًا، كان يشك بأصابع قدمه، يشك بالهواء من حوله، كان متملكًا لأبعد حد .. لذلك لم يقبل بأي ساكن أو مستأجر في العمارة، غالبا كان يفقد الثقة بنفسه ويخشى أن أخونه، عزلني عن العالم الخارجي ووضع لي حدودا خانقة ، ممنوع الخروج إلا برفقته، ممنوع زيارة أي شخص، ممنوع تكوين صداقات أو التعرف إلى أشخاص جدد، ومليون ممنوع كنت أواجهه.


كانت سارة وفتون تستمعا إليها بحزن وشفقة وهي تستطرد:

_ استسلمت للأمر الواقع ورضيت بالعزلة التي فرضها عليّ، كنت أتطلع للسماء دوما وأدعو أن يرحمني الله من ذلك العذاب، وذات مرة طلبت منه أن يسمح لي بالخروج بمفردي لأنني كنت أمر بحالة نفسية سيئة جدا رفض؛ فدعوتُ الله أن يبتليه بمرض يعجز عنه الأطباء. بعدها بشهر واحد أصيب بمرض عصبي نادر تطور بشكل سريع جدا، وأثر على خلايا الأعصاب في الدماغ وأدى لضمور الخلايا العصبية الحركية ومات.


وتنهدت بتعب وألم وأكملت بابتسامة مترددة:

_ أرجو ألا تخافا، لقد استجاب الله دعوتي لأنه شاهدا على ما مررت به من ظلم وقهر، أصبحت أرملة وأنا في عمر الخامسة والعشرين، تقدم للزواج مني رجال كثيرون طمعا في ما ورثته عن الشيخ، ولذلك كنت أرفض ، بعد موته انطلقت.. خرجتُ من البناية كالطفل حديث الولادة الذي لا يجيد سوى البكاء، بدأت أتعرف على المدينة .. أكتشف الشوارع والطرقات والأزقة لأول مرة، أكتشف العالم الخارجي وأتعامل معه بخوف وحذر..


أقبلت عليهم الخادمة تحمل الشاي ووضعته على الطاولة وجلست بالقرب من باب المطبخ لتستمع إلى باقي تلك القصة المأساوية، أما فريال فأمسكت بقدح الشاي وبدأت تشرب وهي تتابع:

_ أردت تعلم القيادة ؛ فاستعنت بسائق الشيخ رحمه الله..


وابتسمت بحزن وقالت:

_ نادر.. كان يدعى نادر، هو من ساعدني في كل شيء ، وضعتُ ثقتي كلها به.. ساعدني في أمور كثيرة وفجأة وجدت نفسي واقعة في حبه، عرضتُ عليه الزواج، وافق فورا.. تزوجنا بشقتي.. أمضيتُ برفقته أسبوعا لا زالت أعيش على ذكراه حتى الآن.


وصمتت واهتزت حدقتيها بحزن ولمعت عيناها بحزن فقالت فتون بترقب:

_ هل مات؟!


أومأت بنفي فتساقطت الدموع من عينيها غدرا وقالت:

_ لا، سرق كل محتويات الخزنة وهرب!


وأطلقت فجأة ضحكة رنانة وهي تمسح دمعاتها وتقول:

_ اعذراني، لقد عشت فيلما أغرب من الخيال، وما عشته كان كافيا أن يذهب بعقلي..


ابتسمت فتون بتعاطف وقالت:

_ وماذا بعد أن هرب؟ ماذا فعلتِ؟


رفعت كتفيها بلا مبالاة وقالت ببساطة:

_ لا شيء ، اعتبرت أن ما سرقهُ من الخزنة كان نظير السعادة التي عشتها معه خلال ذلك الأسبوع.


وأحاطت قدح الشاي بكفيها وقالت ببساطة:

_ لأنني أدركت حينها أن لا شيء بدون مقابل، ومن يظن ذلك فهو غبي. 


تحدثت سارة قائلة بتردد:

_ وماذا بعد؟


نظرت إليها مبتسمة وقالت:

_ أما بعد سنفورتي فلقد تعلمت الدرس جيدا، لا أمان للبشر.. هذا أولا.. وثانيا لن يمنحك أحدهم شيئا بدون مقابل؛ لذلك عدتُ لوحدتي من جديد ولكن أحاول التعرف على أشخاص جدد، وبالنسبة لأملاك الشيخ رحمه الله تبرعت بها كلها لصالح الأيتام وأطفال الشوارع ، وتركتُ فقط هذة البناية.. وها قد تم بيع الشقة التي يسكن بها قاسم وهذه الشقة لم يبق سوى الشقة بالطابق الأخير .. وأفكر باستغلالها.. ما رأيكما بمشروع نادي النساء السري؟


نظرت إليها سارة وفتون باستغراب فأردفت بابتسامة:

_ أرى انه سيكون مناسبا أن نصمم مكانا خاصا بالسيدات، تجتمع فيه النساء ويتشاركن همومهن وآلامهن وطموحاتهن وآمالهن كذلك.. ما رأيكن؟ 


بدا التعجب جليا على وجه فتون التي قالت:

_ حقيقةً لا أعرف، ولكن.. الفكرة جيدة إلى حدٍ ما ولكن تحتاج إلى تخطيط أفضل.


أومأت بحماس وقالت:

_ نعم، على كل حال سنجتمع كثيرا ونتحدث بكل التفاصيل على مهل والآن أستأذن.. لقد طننتُ فوق أذنيكما كثيرا، هيا تصبحان على خير.


وانصرفت فجأة كما حضرت فجأة، فتنهدت سارة وقالت:

_ يا إلهي ما هذا؟ من يراها لا يصدق أن لديها قصة مأساوية بهذا الشكل.


أومأت فتون بشرود وقالت:

_ صحيح، المظاهر دائما خادعة.


أومأت سارة وقد شردت هي الأخرى ثم قالت:

_ عيد ميلاد أبي غدا.


أومأت فتون بعد أن زفرت بقوة:

_ صحيح، سيتم سبعًا وأربعين عاما.. يا إلهي، لقد أصبح كهلا.


ابتسمت سارة بحنين وقالت:

_ ولكنه لا يزال وسيما.


ضحكت أمها بخفة وهي تنهض عن الطاولة وتقول:

_ لا أظن ، هيا تصبحين على خير.


وتركتها ودخلت إلى غرفتها بينما تتمتم سارة بحنق طفولي:

_ لا تظنين ولكنني متأكدة.


//////////////////////


كانت حنان تتمدد على فراش والديها وهي تفرد ذراعيها بجانبها وتتطلع إلى سقف الغرفة بشرود ودموعها تتساقط على جانبي خديها بهدوء.


تتذكر أياما مرت عليها بذلك البيت، تتذكر ذكرياتها في طفولتها هي وأخيها.. وتتذكر لمحات من ذكرياتها مع أبيها.


أجهشت بالبكاء وهي تردد:

_ أنا آسفة أمي، أعتذر أبي، لم أكن الابنة التي كنتما تطمحانها أبدا .


ونقلت بصرها نحو الإطار المعلق على الجدار بجوارها والذي يضم صورة والديها وابتسمت بحزن وهي تقول:

_ أعتذر لكما، لقد خيبت بي كل الظنون، هل ستسامحاني؟


رن هاتفها فنظرت إليه لترى اسم زوجها هو المتصل فرفضت المكالمة وأغلقت الهاتف وهي تردد:

_ أنا لم أكن حنان التي زرعتما بها الخير والطيبة، كنت مسخًا.. تحولت لمسخ بفعل وهم اسمه الحب، نحيتُ كل شيء جانبا وتخليت عن كل شيء مقابل حب عقيم..


وهزت رأسها بتأكيد وقالت:

_ أجل، حب عقيم.. 


أخرجها من شرودها فجأة صوت جرس الباب فهتفت بأمل:

_ قاسـم؟!


نهضت من مرقدها وركضت نحو الباب فإذ بها تستمع لصوت عزيز يقول:

_ حنان، أرجوكِ افتحي.


خاب أملها وشعرت بالإحباط واليأس، فتراجعت عن فتح الباب وأسندت ظهرها إلى الباب وهي تقول:

_ ماذا تريد يا عزيز؟ لماذا أتيت إلى هنا؟


_ أتيت من أجلك، أنتِ تعرفين أنني أحبك، لذلك تتدللين..


ابتسمت بحزن وخذلان وقالت:

_ يا ليت.


_ عزيزتي حنان افتحي ودعينا نتحدث بهدوء.. أعرف مما أنتِ غاضبة بالتحديد ، كلام زوجة عمي سامحها الله هو من أثار ضيقك.


_ لا عزيز، زوجة عمي لم تقل سوى الحقيقة، أرجوك لا أريد التحدث الآن، أمهلني بعض الوقت رجاءً.


تنهد بقلة حيلة وقال:

_ حسنا حنان، كما تشاءين، تصبحين على خير.


انصرف فأسقطت رأسها فوق ركبتيها بحزن وأخذت تبكي بندم وخزي.


////////////


كان قاسم متمددا فوق فراشه وهو يمسك بهاتفه ويشاهد مقطع الفيديو الذي قامت سماهر بتصويره لعبدالله وهو يحاول كبح جماح ضحكاته ثم أغلق المقطع وهو يتمتم بتفكير:

_ ليس الآن يا قاسم، كل شيء بالوقت المناسب.


تنهد وألقى بالهاتف بجواره وأخفض ضوء المصباح استعدادا للنوم ولكنه لم يكحل جفنيه ولم يواتِهِ وسبح في أفكاره وما فعله وما أقدم عليه وهو يتحدث إلى نفسه قائلا:

_ ترى هل ما فعلته صائبا أم لا؟!


فجأه ارتفع رنين هاتفه برقم حياة فابتسم وهو يطالع اسمها ويقول:

_ كنت أعرف أنكِ أشجع مني.


أجاب الاتصال قائلا:

_ مرحبا حياة.


صمتت لبعض الوقت ثم تنهدت مطولا وقالت:

_ هل سننجح؟


صمت للحظات يستوعب سؤالها، ثم سرعان ما فهم قصدها فابتسم وقال بثقة:

_ نعم، كوني واثقة.


صمتت مجددا ثم قالت:

_ ولكن الأمر ليس سهلا..


قال بثقة:

_ وليس مستحيلا..


_ إذًا ما بين السهل والمستحيل صعب..


_ نعم، هو كذلك .. والمهام الصعبة لا تُوّكل إلا للشجعان، هل أنتِ شجاعة بما يكفي كي نخوض حربا لا هدنة بها؟!


تنهدت بحماس طفيف وازداد توترها وقالت:

_ نعم، أنا شجاعة للغاية.


تنهد براحة كبيرة تغمره ثم قال:

_ أعرف ذلك.


صمتت لثوانٍ ثم قالت:

_ قاسم، أرجوك لا تجعلني أشفق على نفسي ذات يوم.. أعلم أنها ستكون حربا ضروسًا سأواجه بها الكثير وصدقني أنا على أتم الاستعداد لذلك، ولكن مطلقا لا تجعلني أشفق على نفسي.. عدني أرجوك.


زفر بتوتر وتردد ثم قال:

_ أعدك.


سكن اضطراب قلبها قليلا ثم تنهدت بهدوء وقالت:

_ حسنا، على كل حال أبي سيبلغك بقراري غدا.


ابتسم، ثم تحولت ابتسامته لضحكات فقالت بضيق:

_ لماذا تضحك يا تافه؟ هل قلت مزحة؟


_ لا أبدا لاسمح الله ، ولكنني أضحك من فرط تلهفي لمعرفة قرارك الغامض هذا الذي لا أعرف عنه شيئا حتى الآن.


_ أشعر بأنك تسخر مني ولكنني لستُ في حال جيد لمجادلتك، هيا تصبح على خير.


صمت للحظات ثم قال:

_ حياة…


_ ها؟


_ أنتِ أروع إنسانة في الوجود.


تسللت الابتسامة الى شفتيها بخجل وهمست:

_ وأنت كذلك.


وأنهت الاتصال فورا ودست هاتفها أسفل الوسادة وغطت في نومٍ عميق.


بينما كان هو يتأمل الهاتف بابتسامة ثم ضحك وهو يهز رأسه بيأس ويقول:

_ سيخبرني والدها بقرارها إذًا، أقسم أنها اختارت أسماء أولادنا منذ خمس ساعات وانتهى الأمر.. تبا لدهائك ومكرك يا حياة.


//////////////////


يتبع

حب_في_الدقيقة_التسعين!


• تابع الفصل التالى " رواية حب فى الدقيقة تسعين  " اضغط على اسم الرواية

reaction:

تعليقات