Ads by Google X

القائمة الرئيسية

الصفحات

رواية حب فى الدقيقة تسعين الفصل الاول 1 - بقلم نعمة حسن

 رواية حب فى الدقيقة تسعين (كاملة جميع الفصول) حصريا عبر كوكب الروايات بقلم نعمة حسن 

رواية حب فى الدقيقة تسعين الفصل الاول 1 - بقلم نعمة حسن 

_ ١ _

_ ألا تذكرني؟ _ 

تمر الأيام، الأشهر والأعوام كذلك، تمر سريعًا بذلك القدر الذي يجعلك تتفاجئ بعد  عشرة أعوام أن عشرة أعوامٍ قد مضت!

تُصعق حينما تدرك أن كل تلك الأعوام التي ظننتها لن تمضي، مضت أخيرًا وأصبحت في سلة مهملات حياتك.

حينها ستبحث بداخلك.. كل تلك الآلام والأحقاد التي ملأتك في بداية تلك السنين، هل لا تزال موجودة بداخلك الآن؟ أم أنها تبخرت بمرور  الوقت ولم يصبح لها مكان؟

كل تلك الأوجاع التي ظننتها لن تمر  ولن تبرأ، هل برأت وزال أثرها؟ أم تركت ندباتها بقلبك وأثرًا لن يزول؟

وبينما أنت تتسائل وتبحث بداخلك عن إجابة ترضيك، تكتشف شيئًا مُرضيًا للغاية إن أردت أن تعتبره هكذا.. تكتشف أن لا شيء يدوم للأبد. 

لن يبقى الألم حيًا أبد ما حييت أنت، لن تخلد الأوجاع بداخلك حتى وإن تجددت كل ثانية، لن يبقى شيء على ما كان عليه قبل أعوام أبدًا.

الأيام تتوالى وتسحق الضعيف وتنال من القوي كذلك، لا ترحم أحدًا؛ لذا عليك أن تنجو بنفسك قبل أن تنال منك الأيام.

_وماذا بعد أن مضت الأيام ودهست زهرة شبابك؟ كيف ستنجو بما تبقى منك يا قاسم؟
حدّث قاسم نفسه وهو يراقب الطريق من نافذة سيارة الأجرة التي إستقلها فور خروجه من السجن كي تقلهُ حيث بيت العائلة الذي يقطن فيه.

بعد أن لاح أمامه شبح البيت القديم طلب من السائق التوقف، ثم ترجل وأعطاه أجرته، ثم وقف يطالع البيت بنظراتٍ متفحصة وهو يحدث نفسه قائلا:
_ إنه بيت العائلة في ثوبه الجديد إذا، وما تلك اللافتة؟ 

أخذ يحملق بتلك اللافتة الموضوعة أعلى البوابة الرئيسية للبيت والمكتوب فوقها بخط عريض " عائلة الحدّاد " وأفلت ضحكة قصيرة ساخرة وهو يقول:
_ إنها حقًا عائلة مترابطة! مترابطة بالقدر الذي سمح لهم بأن يتجاهلوا إبن أخيهم عشرة سنوات كاملة ويلقونه خارج حياتهم وكأنه لم يكن.

تنهد بضيق بالغ ولكنه طرد تلك الحماقات عن تفكيره، ثم تقدم في طريقه نحو البيت قبل أن يستوقفه أحد الجيران مذهولا عندما رآه فقال:
_ غير معقول! قاسم؟ 

\\\\\\\\\

وقفت " عنبر " كالعادة في ذلك الوقت من كل يوم تعد طعام الغداء لأسرتها الصغيرة وهي تدندن قبل أن يصل إلى مسامعها تلك الجلبة؛ فخرجت إلى شرفة المطبخ لتصدم برؤيته.

حينها دخلت وأسرعت بغلق باب الشرفة بإحكام وهي تضع يدها موضع قلبها وتهتف بغير تصديق:
_ قاسم! يا إلهي !!

رفعت يدها إلى رأسها وهي تشهق بخفوت بعد أن خفق قلبها بصدرها بعنف وأحدثت ضرباته فوضى عارمة بداخلها؛ فكانت تتنفس بصعوبة وتشعر بقلبها كاد أن يتوقف عن النبض.

وقفت أمام الحوْض وطفقت تملأ كفيها بالمياه، وتغسل وجهها وهي تشعر بأنها ستفقد وعيها عما قريب، وما إن استمعت إلى صوت الباب وهو يُغلق فعلمت بمجيء زوجها حتى أسرعت تتصنع الانشغال وهي تحاول تجريد وجهها المحتقن من كل تلك الانفعالات التي غزتهُ فجأة وعكرت صفوه.

دخل عبدالله وألقى مفاتيحه على الطاولة محدثةً صخب يناقض حالة الهدوء التي كان يتسم بها ذلك الوقت وقال بنبرة هادئة:
_ كيف حال زوجتي العزيزة؟

نظرت " عنبـر " إلى زوجها وأهدتهُ ابتسامة متكلفة وقالت:
_ بخير، وأنت؟

_لستُ بخير بتاتًا.

ازدردت في خوف وترقب وسألتهُ:
_ لما؟ هل حدث شيئًا بالعمل؟ أم أنه " كريم " ومشاكله المعتادة؟

هز رأسه بنفي، ثم طالعها بطرف عينيه وقال بنفور واضح وهو يراقب خلجاتها بتركيز:
_ قاسم… قاسم خرج من السجن.

ابتلعت ريقها بتوتر واضح وسألته وهي تجاهد كي تبدو نبرتها طبيعية:
_ هل تقصد قاسم إبن عمي؟

أومأ مؤكدًا وقال بسخرية ممزوجة بالكراهية:
_ وهل نعرف سجناء بالعائلة غيره؟

ارتجفت أصابعها كارتجاف قلبها بضلوعها وقالت باقتضاب:
_ هل رأيته ؟

أومأ موافقًا وقال:
_ أجل، رأيته والجيران يتجمهرون حوله بترحيب وكأنه قد تسلم جائزة نوبل وعاد لتوّه، وليس وكأنه مجرم قضى عشرة أعوام كاملة في السجن.

ألقاها باقتضاب ونهض من مقعده وقال بحدة:
_هيا أسرعي بتحضير الغداء، لا متسع من الوقت لديّ، يجب أن أعود قبل أن يفتعل ابنكِ الكثير والكثير من البلايا.

خرج من المطبخ، ووقفت تنهي إعداد الطعام وهي شاردة وطيف الماضي يلوح بخيالها ولم تنتبه إلا عندما شعرت بالسكين وهي تجرح إصبعها فشهقت ألمًا وألقت ما بيدها، وأسرعت تضع يدها تحت الماء الجاري.

حينها غادرت عيناها دمعةً غدرًا فأزالتها سريعًا وأحضرت منديلًا ولفتهُ حول إصبعها، ثم شرعت بنقل أطباق الطعام إلى السفرة حيث ينتظر زوجها.

||||||||||||||||||||

كان يصعد درجات السلم لأول مرة بعد غياب دام لعشر سنوات وهو يتفحص المكان بعينين مشتاقتين متوهجتين بلهيب الذكريات التي قضاها بذلك البيت الأصيل وبين جدرانهُ تلك التي رسم الزمن آثارهُ فوقها كما فعل معهُ. 

توقف لبضع ثوان أمام ذلك الباب ونظر إلى البطاقة المعلقة على الحائط بجوار المقبس والتي دُوّن فوقها إسم " عبدالله الحداد ".

أصابه الإسم بعاصفة من الاستياء والشعور بالقهر، وأغمض عينيه لثوانٍ معدودة وهو يحاول القفز خارج تلك الهوة التي ابتلعته فجأة وجعلته ينصهر داخل بركان مليء بالحقد والغضب، وفجأة أضاءت صورتها بمخيلته لتتفاقم آلامه وتدمي جروحه أكثر.

شعر بالضيق والعجز يجتاح قلبه وهو يحاول كبح جماح الذكريات اللعينة التي قفزت إلى خاطره فجأة؛ فتنهد طويلًا ثم تابع خطواتهُ للأعلى حتى وصل أمام شقة عمه " صالح " .

أفتر ثغرهُ عن ابتسامة وهو يضغط زر الجرس بترقب، وما إن رفع إصبعه من فوقه حتى انفرج الباب وظهرت تلك الحسناء الـغريبة التي لم يتعرف عليها ، أو بالأحرى لم تمهله الفرصة كي يتعرف عليها؛ فبمجرد أن رأتهُ حتى توسعت حدقتيها بذهول وقفزت فوقه تطوّق عنقهُ بيديها.

|||||||||||||||||||

جلست " عنبر " على المقعد المجاور لزوجها وهي تعبث بطبقها وتتصنع الانشغال بتناول الطعام؛ فلاحظها زوجها وقال باستهجان خفي:
_ ما بكِ عنبر؟ لمَ تعبثين بطبقكِ هكذا؟

نظرت إليه بعينين شاردتين وحاولت جهدها أن تنفض عنها ذلك الشرود الأحمق الذي عصف بها منذ رؤيته وقالت:
_ ها ؟ أشعر فقط بألم في رأسي.. على ما يبدو أنني يتوجب عليّ زيارة الطبيب في أقرب وقت، على كل حال أنا ليس لدي شهية للأكل، أكمل غدائك وأنا سأتناول حبة مسكن وأتسطح قليلا علّني أرتاح.

همت بالوقوف ولكنه أسرع بوضع كفه فوق يدها يمنعها من المغادرة وقال بابتسامة متصنعة:
_ لا يمكنكِ عزيزتي.

طالعتهُ باستغراب وقبل أن تسأل عما يقصده كان قد أجابها وقال:
_ لا أستطيع الاستمتاع بغدائي إلا وأنا أشاهد ملامحكِ المحببة قربي.

زفرت بخفة وقالت وهي تسحب كفها من قبضته بهدوء:
_ حقا لستُ في حالة جيدة الآن.

طالعها بوجهٍ خالٍ من التعابير وقال:
_ لِمَ؟

صرخت به بنفاذ صبر وقالت بحدة:
_ قلتُ لك أشعر بصداع يفتك برأسي، رأسي يؤلمني عبدالله وشهيتي مسدودة.. تناول غدائك وأنا سأرتاح قليلًا. هذا كل ما في الأمر.

كان يمضغ الطعام ببطء وهو يراقب انفعالها الواضح وتنهد بصوت مسموع، ثم نهض عن المائدة وهو يقول بهدوء:
_ وأنا أيضا فقدت شهيتي.

ذهب بعدها إلى الحمام وغسل يديه، ثم خرج من الشقة بهدوء، وبمجرد ما إن سمعت عنبر صوت الباب حتى تنهدت وهي تخرج كل تلك الأنفاس المحتبسة داخل صدرها.

دخلت غرفتها وأغلقت الباب، ثم تقدمت من فراشها وألقت بجسدها خائر القوى، وأغمضت عينيها تطبقهما فوق دمعتين غادرتين تكادان تفطران قلبها، وغفت.. لا تعلم هل غفت طواعية أم أجبرت نفسها على النوم حتى لا تنصهر روحها وتصرخ منهارةً بعد ثبات دام طويلا..

و الآن فقط أصبح على المحــك !

|||||||||||||||||||||

تيبس قاسم بمكانه وهذه الفاتنة المجهولة لازالت تتعلق برقبته وهو بالكاد يستطيع الوقوف على قدميه بعد المجهود المضني الذي أودى بآخر ذرات تحمله، وعندما لم يجد بدا من إطلاقها لعنقه الذي تشنج إثر حركتها المباغتة قرر أن يحرر نفسه منها.

مد يديه و حل وثاق ذراعيها الناعمين بملمس الحرير من حول عنقه ، ثم أبعدها عنه قليلا وهو لايزال ممسكًا بذراعيها وقال بترقب:
_ من أنتِ؟

فور سماعها سؤاله أجفلت وارتفع حاجبيها في إشارة واضحة منها لاستنكارها سؤاله وقالت فورًا بحنق:
_ يا إلهي قاسم !! ألا تذكرني؟

قطب جبينه أكثر وهو يتفحص ملامحها القريبة منه بتركيز أكبر وسرعان ما إرتفعا حاجبيه هو الآخر وقال بدهشة:
_ حياة !!

انفرجت أساريرها وهزت رأسها بموافقة وعادت تحتضنه بقوة أكبر حتى أنه ذهل أكثر من ذي قبل؛ فللمرة الثانية على التوالي تحتضنه تلك الطائشة بحميمية وكأنها لاتزال طفلة في العاشرة وتقول بفرحة عارمة:
_ يا إلهي لقد اشتقتُ إليك كثيرا، كثيرًا جدًا يا قاسم.

حاول فك عنقه من بين ذراعيها اللذان يطبقان فوقه بقوة لكن دون جدوى وقال:
_ وأنا، اشتقت إلى الجميع أيضًا، هلّا أطلقتِ عنقي؟ سيتشنج هكذا.

أطلقت سراحه وابتعدت قليلا تجول بعينيها على تقاسيم وجهه المحببة لديها وسرعان ما هتفت:
_يا إلهي! لقد كبرت جدًا عن آخر مرة رأيتك بها.

أصابه الازعاج فور أن أتت على ذِكر ذلك الأمر وقال بحنق بالغ:
_ حسنا كبرت، ولكن ليس بهذا القدر. توقفي عن المبالغة.

ومرر أصابعه بخصلات شعره الأسود الغزير بخيلاء وكأنه يثبت لها أن ما قالته لا يحمل أي أساس من الصحة.

حدقت به حياة لدقيقتين قبل أن تنفجر ضاحكةً بصوتها العذب الرنان على حركته الصبيانية وما كان منه إلا أن ابتسم لسماع ضحكتها المفعمة بالحياة تمامًا كاسمها.

أمسكت بمعصمه وهي تدخل وتجرهُ خلفها للداخل وهي تقول:
_ تعال أيها المغرور، اجلس ريثما أحضر لك قدح القهوة الخاص بك.. لا زلت أذكر قهوتك قاسمي المتغطرس، قهوة مضاعفة بدون سكر.

تسمر بمكانه وهو ينظر للداخل وقال:
_ على ما يبدو لا أحد بالداخل!

عادت تنظر إليه بابتسامتها المشرقة وهي لاتزال ممسكةً بمعصمه وقالت:
_ أجل، أمي بالسوق كعادتها وأبي ذهب لزيارة " عزيز " ابن عمي .

تجهم وجهه قليلًا وقال بنبرة مستاءة:
_ ما به؟

لم تغفل عن لمحة الألم بعينيه ونبرته المهزوزة بعض الشيء وقالت:
_ أُصيب في حادث سيارة منذ ثلاثة أشهر تقريبا .. اصطدمت سيارته الأجرة بشاحنة نقل و… 

توقفت عن الاسترسال فازدرد ريقه بتوتر واضح ونظر إليها بطرف عينيه وسأل بتردد وخوف واضح من إجابتها:
_ هل كانت معه؟

هزت رأسها بالنفي على الفور وقالت:
_ لا .. أسيل.. أسيل هي من كانت معه حينها.

ظهر الألم جليًا بعينيه وقال بلهفة لم يستطع إخفاؤها:
_ يا إلهي، هل تأذت؟

انقلبت شفتيها بحزن واضح وأومأت بتأكيد ثم نطقت بخفوت:
_ توفت .

|||||||||||||||||||||||||||

_ لا الآن ولا حتى بعد مئة عام، أنت ملكي أنا فقط.. هل تسمعني؟

صرخت عنبر بتلك الكلمات وهي تبكي وتنتحب بحرقة بينما يقف هو متعجبا حالتها وهو يقول مبتسما:
_ أسمعكِ حبيبتي المتملكة، حسنا .. أنا ملككِ أنتِ فقط ، هيا توقفي عن البكاء إذا، تبدين كالمهرج بأنفكِ الأحمر هذا.

ضربت صدره بقبضتها وهي تنهره قائلة:
_ توقف أولا عن إستفزازي وإثارة حنقي يا بغيض.

ضحك قاسم بقوة وهو يقترب منها أكثر وعيناه تشعان بالحب ، ثم انحنى نحوها قليلا وهو يقول:
_ حبيبتي الغيورة، ألا تدركين أنني أعشق إثارة غيرتكِ فقط ؟ 

تجهم وجهها أكثر وقالت بعصبية:
_ هل تعني أن كل ما أخبرتني به منذ قليل عن علاقتك بتلك الحمقاء ما هو إلا مجرد مزحة من صنع خيالك الوقح؟

أومأ ضاحكا وقال:
_ أجل، تعلمين أنه كلما اقترب موعد زفافنا تتقافز الوقاحات إلى خيالي ولا أجد سبيلا لكبتها.

لكمته بقبضتها في صدره بغيظ وهي تقول:
_ أيها الكاذب البغيض .. فلتذهب إلى الجحيم أنت ووقاحاتك أيها الوقح.

ضحك قاسم بقوة أكبر وهو يقول:
_ حسنا إهدئي.. كانت مجرد مزحة يا عنبر المجنونة.

انتزعت نفسها من بين يديه عنوةً وهي تقول بحنق بالغ:
_ دعني، من اليوم وحتى يحين زفافنا لا أريد رؤيتك.

ونزلت درجات السلم وهي تجاهد كي تمنع ابتسامتها البلهاء التي لا تستطيع كبحها كلما تعلق الأمر بحبيبها. و أي حبيب! إنه قاسم.. حبيب عمرها .. حبيبها منذ أن أدركت أنها تحمل قلبا ينبض.

نزلت عنبر درجات السلم غافلةً عن هاتين العينين الحاقدتين اللتين كانتا تراقبانها بغضب مستعر لم يخبُ يوما، ولم تعرف وقتها أن تلك السعادة التي كانت تتغنى بها لن تدوم طويلاً!

شهقت عنبر كالغريق الذي طفا فوق سطح الماء فجأة وجلست بمكانها على الفراش وأخذت تدلك عنقها وتستغفر بعد أن أدركت أنها لم تكن نائمة، هي فقط كانت تغوص بماضيها القاسي والآن أفاقت على حاضرها الأشد قسوة.

|||||||||||||||||||||

جحظت عينا قاسم وهو ينظر إليها مصدومًا ولا يجد ما يقوله، بينما هي تطالعه بملامح متألمة وقالت بنبرة آسفة:
_ قدر الله وماشاء فعل.. حنان لاتزال صغيرة وسيعوضها الله قريبا.

غامت عيناه بلمحة حزن وشفقة وردد:
_ كيف حالها الآن؟

ابتلعت ريقها بحزن وقالت:
_ كانت صدمة شديدة. في البداية لم تحرك ساكنا.. لم تصرخ لم تبكِ ولم تتفوه بحرف حتى، لدرجة أننا خشينا أن تكون الصدمة قد أفقدتها النطق. ولكن بعد يومين من وفاة أسيل ومن تماسك حنان المريب وجدناها انهارت فجأة وأصيبت بنوبة عصبية. 

تنهدت بأسف وحزن وهي تتذكر تلك اللحظات العصيبة وأردفت:
_ حتى أنها حاولت الانتحار.

صعق قاسم لما سمعه ونظر إليها بنظرات متألمة؛ فأخذت تربت على كفه وهي تسترسل:
_ أقمتُ معها لأسبوعين وكنت أعتني بها خاصة أن عزيز كان قد دخل في غيبوبة وحالته لم تكن مستقرة أبدا، كان أبي وعبدالله يرافقانه بالمشفى ويتناوبان في زيارته والمبيت معه، وكنت أنا وعنبر نتناوب في زيارة حنان والمبيت معها، وأمي كانت ترعى أولاد عنبر هنا وتأتي لزيارتنا كل يومين.

تنهدت حياة وهي تسترجع تلك اللحظات المؤلمة وقالت:
_ بدأت حنان تستعيد وعيها شيئا فشيئا بعد أن كانت شبه منفصلة عن الواقع، بدأت تأكل وتتحدث بضع كلمات معنا ، وعادت تؤدي فروضها وتبتهل إلى الله كي يلهمها الصبر ويشفي زوجها.

وأضافت بابتسامة خافتة:
_ تعرف أنها تعشق عزيز وهو كان آخر أملها في الحياة حينها.

لم يظهر عليه أي إنفعال أو رد فعل مما حثها على الاسترسال:
_ بعد أسبوعين تقريبا من وقوع الحادث أفاق عزيز من الغيبوبة وبدأت حالته تستقر بمرور الوقت؛ مما بث الأمل في قلبها من جديد وقررت الخروج من عزلتها سريعا حتى يتسنى لها مراعاة عزيز بالمشفى، وقد كان. 

تنهد قاسم بعد سماع كل تلك التفاصيل المشحونة بالألم والحزن، و مسح وجهه بكفه مستغفرا وقال:
_ سأصعد لأرتاح قليلا.

نهض فتبعته هي واقفة وهي تقول:
_ ألن تذهب لتعزيتها ومواساتها ؟

لم يُجب سؤالها وقصد باب الشقة، ثم خرج وصعد إلى شقته على الفور وكأن أحدهم يلاحقه، توقف أمام الباب للحظات ريثما يستعيد أنفاسه المتلاحقة حتى أنه لم يستمع إلى نداء حياة باسمه إلا في المرة الثالثة.

نظر إليها ليجدها تمد يدها إليه بمفتاح الشقة وقالت بأسف لرؤية ملامحه المتعبه:
_ كان بحوزة أبي من يومها.

أومأ بصمت وأخذ منها المفتاح ثم فتح الباب لتتوقف نبضات قلبه لثواني وقد شعر بدفعة هائلة من الذكريات تتهاوى نحوه بمجرد أن فتح الباب. 

برؤية حاله لم تتفوه حياة بحرف زيادة، فقد كانت تشعر بمقدار الألم الذي يعتري صدره وقررت تركه ريثما يستعيد بعض من قوته التي انهارت في أول أيام عودته.

||||||||||||||||||

دخل قاسم بخطوات متأنية وهو يمسح المكان بعينيه الدامعتين، يتفقد كل ركن ويسترجع كيف كان قبل عشر سنوات، يتأمل تلك الإطارات المعلقه على الحائط والتي تضم صور عائلته الصغيرة.

كان لديه عائلة صغيرة جميلة قبل عشرة أعوام فقط.. ولكنها .. كانت !

أخذ يمرر أنامله على صورة والديه، بعدها صورة شقيقته التي كان يضمها بكل حب، في الصورة الموالية كانت والدته تحتضنه هو وشقيقته وخلفهما يقف والدهما مبتسما، صورة أخرى وهو يحمل شقيقته الشابة خلف ظهره ويبتسمان بسعادة، والكثير الكثير من الصور التي لم يعد أيا من أصحابها موجود الآن.

تنهد قاسم بقوة وأكمل خطاه نحو غرفة والديه، دخل متأملا كل تفصيل بالغرفة وعقله يقارن مقارنة سريعة بين كل التفاصيل الآن وقبل عشر سنوات..

الحقيقة أن تلك العشر سنوات كانوا من القسوة بحيث سلبوه كل ما كان يملك.

||||||||||||||||||

إنتبهت حياة على صوت الباب فمسحت وجنتاها المبللتين بدموعها فورا وتنحنحت بخفة وهي تنهض من مكانها متجهة نحو الخارج وهي تنادي:
_ أمي .

دخلت صفية وهي تحاول التقاط أنفاسها بتعب، وجلست على أول مقعد وجدته وهي تضع الأكياس من يدها التي سارعت حياة بحملها ونقلها إلى المطبخ، ثم عادت وجلست بجوار أمها وهي تناولها كأس المياة وتقول بتذمر كعادتها:
_ لقد ملّ عم راضي من عرض المساعدة عليكِ كي يذهب ويبتاع لنا كل ما نحتاجه ثم يحضره إلى هنا ونحن جالسين بكل أريحية ولكنكِ ترفضين. 

قالت المرأة وهي تنظر إليها شزرا:
_ عمك راضي ذاك يبتاع الخضر الآجنه.. أما أنا لا أشتري سوى الخضروات الطازجة ، ثم أن طبيب العظام الذي قصدته منذ فترة قال أنني علىّ القيام ببعض التمرينات البسيطة..

إرتفع حاجبها وقالت باستهجان:
_ وهل نزول الدرج وصعوده كل يوم بمثابة تمرينات؟

_ أجل بالطبع.

هزت حياة رأسها دون النطق بالمزيد قبل أن تلاحظ أمها احمرار عينيها فقالت بقلق:
_ هل كنتِ تبكين؟

نظرت حياة إلى أمها وأدركت للتو أنها لم تخبرها عن قدوم قاسم بعد؛ فارتجفت شفتاها قليلا وهي تبتسم وتقول:
_ أمي، لقد خرج قاسم من السجن اليوم.

نظرت إليها المرأه وقد شحب وجهها وجلف حلقها من شدة الصدمة مما أثار حفيظة حياة التي عقدت حاجبيها وقالت:
_ أمي، هل أنتِ بخير؟

_ ماذا؟ ماذا قلتِ ؟

سألتها أمها بخفوت فكررت عليها حياة ما أخبرتها به وقالت بابتسامة واسعة:
_ منذ ساعة تقريبا دق الباب، هرولت لأفتح ظنا مني بأن والدي قد أتى ولكني صُعقت عندما رأيته يقف أمامي بهيبته التي لم ينَل منها الزمن. أتعرفين أمي؟ كأنه لم يغِب سوى أيام قليلة، لم يتغير بملامحه شئ.

وتحولت ضحكاتها إلى قهقهات وهي تقول:
_ لو ترين وجهه عندما قلت له أنه كبُر جدا عما رأيته آخر مرة.. إغتاظ وكان على وشك خنقي.

كانت حياة تضحك بقوة غافلة عن والدتها التي كان يزداد شحوب وجهها أكثر بمرور كل ثانية؛ مما أدهش حياة فقالت:
_ أمي، ما بكِ؟ 

كانت صفية شاردة، ما إن سمعت اسمه حتى حضر الماضي أمامها وكأنه حاضرا يتجسد أمامها الآن، تقسم أنها تسمع وترى كل ما حدث يومها وكأن الدهر لم يمر أبدا.

لما يئست حياة من إستدعاء إنتباه أمها هزتها برفق وهي تقول بصوت بدا لصفية وكأنه يصدر من آخر العالم وقالت:
_ أمي، أين شردتِ؟

إنتبهت صفية أخيرا ونظرت إليها بتشوش وقالت:
_ يجب أن أخبر والدكِ.

نهضت على الفور من مكانها فلحقت بها حياة متعجبة وسارت خلفها باتجاه الغرفة وهي تثرثر كطفلٍ لحوح:
_ بما ستخبريه؟ والدي على وشك القدوم بالفعل، ثم لا تنزعي تلك المفاجأة يا أمي بالله عليكِ.

تنهدت صفية التي لم تستمع لما قالته ابنتها من الأساس ودخلت الغرفة ثم أغلقت الباب خلفها مما أثار حنق حياة التي تمتمت بغيظ:
_ قلت لكِ مرارا يا أمي ألا تغلقي الباب بوجهي هكذا، وكأنني متسولة !

لم تُعِرها صفية اهتمام لأنها لم تسمع ما قالته أساسًا، جلست على حافة الفراش وهي تهمس لنفسها بصوت خافت شارد:
_ ما العمل إذا ؟ ماذا سيحصل الآن؟ لا يمكنهم المكوث سويا في نفس البيت أبدا، يا الهي ما تلك المصيبة التي سقطت فوق رؤوسنا !!

||||||||||||||||||||

_ عزيزتي، إذا إحتجتِ أي شيء لا تترددي في إبلاغي، لقد أعطيت عزيز خمسة آلاف جنيها ربما تحتاجون لشراء أدوية أو أي شيء ، تعرفين لو باستطاعتي المساعدة بأكثر كنت سأفعل أكيد، ولكن تجهيزات العروس جعلتني على شفير الإفلاس.

ألقاها بنبرة متهكمة فضحكت حنان وربتت على كتف عمها وهي تقول:
_ أعلم ذلك عمي، على كل حال أنت فعلت وتفعل ما بوسعك ونحن نقدر لك ذلك كثيرا، شكرا لك.

_ لا تقولي ذلك، إنتِ إبنتي وعزيز إبني، سيتعافى قريبا إن شاء الله ويعود كل شيء كما كان.

تنهدت حنان بصمت وشردت عيناها الحزينتين؛ كيف سيعود كل شيء كما كان وقرة عينها لن تعود أبدا.

لاحظ عمها شرودها فتنهد بأسف وقال قاطعا عليها أفكارها الحزينة:
_ إذا إحتجتِ أي شيء هاتفيني، مع السلامه..

رن هاتفه في تلك اللحظة وكان المتصل زوجته فأجابها قائلا:
_ نعم صفية؟

_ مصيبة ، مصيبة وسقطت فوق رؤوسنا يا صالح.

تجهمت ملامحه لسماع نبرتها شبه الباكية فسألها بقلق:
_ ما بكِ يا إمرأة؟ ماذا تقصدين؟

_ قاسم.

شحب وجهه حينئذ وسألها بترقب:
_ ما بهِ قاسم؟

حدقت بهِ حنان بترقب وتوتر بالغين وهي ترهف السمع أكثر لصوت زوجة عمها المدوّي الذي يصلها عبر الهاتف وهي تقول:
_ قاسم خرج اليوم من السجن، وهو الآن بشقته. صالح، ماذا سنفعل؟ هل ستسمح له في تخريب كل شيء الآن؟ يا إلهي بالكاد إستقرت الأوضاع بينهما، هل ستتركه يعيث فسادا بحياتنا الآن ؟

تمتم صالح مستغفرا وقرص بين عينيه وهو يشعر بألم شديد برأسه، ثم قال باقتضاب:
_ نتحدث لاحقا.

أنهى الاتصال دون إمهالها فرصة للرد ونظر مليا لوجة بنت أخيه التي شحب لونها كالموتى وقال:
_ علي أن أذهب حالا.

هم بفتح الباب ولكن حنان إستوقفته قائلة:
_ سآتي معك.

_ ماذا تقولين أنتِ؟ عزيز لن يسمح لكِ أبدا.

_ سآتي معك، أود أن أراه.

ناداها بتحذير:
_ حنان، تريثي، عزيز لن يسمح لكِ بزيارته و…

توقف وتنهد ثم قال بأسف:
_ وقاسم لن يرغب في رؤيتكِ.

ظهر الألم جليًا بعينيها وقالت بحزن وندم:
_ أعرف، ولكن أنا أرغب في رؤيته مهما حدث، لا يهم إن طردني أو أهانني أو صفعني حتى، أود رؤيته يا عمي أرجوك.

تنهد صالح بقلة حيلة وقال بهمس:
_ حسنا، هيا إذا، عليكِ العودة قبل أن يفيق زوجكِ ويكتشف غيابك.

||||||||||||||||||||

كان مستلقيًا فوق فراش والديه، شاخصا ببصره نحو سقف الغرفة في نقطة وهمية، شاردا يسترجع ما حدث قبل أن يخرج من تلك الشقة آخر مرة قبل عشر سنوات. يومها صُدم بآخر منظر كان يتوقع رؤيته.. يومها مات قلبه وسُحقت آماله، يومها فر هاربا من البيت بأكمله والنيران تستعر بصدره ولم يهدأ إلا عندما رآها تنشب بالمحل الخـاص بذلك الحقير الذي دمره وسلبهُ كل شيء.

بعدها أُلقي القبض عليه، ثم حُكم عليه بالسجن عشر سنوات، بعدها ماتت والدته قهرا، بعدها تحولت كل ألوان حياته إلى الأسود. الأسود فقط!

أفاق من ذكرياته القاتمة على صوت جرس الباب، نهض متثاقلا وتقدم نحو الباب بخطى حثيثة وفتحه وفور رؤية القادم تشنجت عروقه بتأثر بالغ!

وقفت حنان تطالعه بأعين باكية، كانت بصدد الارتماء والتشبث بحضنه ولكنها تراجعت فور أن رأتهُ يطالعها ببرود و حِدة و… و كره !

ابتلعت ريقها بخوف وتردد وما لبثت أن استعادت رباطة جأشها وقالت:
_ أعلم أنك لا تريد رؤيتي، ولكني… ولكني اشتقتُ إليك.

تأملها قليلا .. لقد كبرت، طبعت السنوات العشر آثارها عليها بكل دقة، حولت وجهها المشرق الباسم لوجه عابس منطفئ، حولت عيناها الضاحكتين الشغوفتين لأخرتين ذابلتين، حولت جسدها الممشوق لآخر هزيل.

طالعها قاسم بدقة أكثر، وبحزن وشفقة أكبر.. إنها ليست شقيقته أبدا.. المرأة التي تقف أمامه الآن ليست تلك الفتاة التي كانت تتمتع بكل مقومات الجمال والجاذبية سابقا.

تنهد بحسرة لرؤية حالها وتراجع خطوتين للخلف كإشارة لها للدخول ، تقدمت خطوتين منه وهي لازالت تتطلع نحوه بحزن وقالت:
_ اشتقتُ إليك كثيرا أخي.

لم يبدُ على وجهه أي تعبيرات مما أشعرها بالخوف والترقب إلى أن نطق أخيرا وقال:
_ لمَ أتيتِ؟

غص حلقها وارتجفت أطرافها وهي تستمع لسؤاله الذي كان بمثابة رصاصة أُطلقت نحو قلبها دون رحمة، أزالت دمعتين عالقتين بأهدابها ونطقت بصوتٍ بائس:
_ أعلم أنك لا تود رؤيتي، أعلم كذلك أنك غاضب مني بشدة.

ظهرت ابتسامة ساخرة على طرف فمه وهو يردد مستنكرًا:
_ غاضب؟

أكملت ما كانت بصدد قوله وقالت بنبرة باكية آلمت قلبه بقوة:
_ أعلم أنني أصبحت بمثابة ورقة من دفترك قطعتها وألقيتها وراء ظهرك.

_ جيد أنكِ تعلمين كل ذلك، ما الذي أتى بكِ إلى هنا إذا؟

تقوست شفتاها كالأطفال تماما وأجابتهُ بحزن واضح على عينيها البائستين:
_ أتيت لأني ….. 

توقفت الكلمات على شفتيها، لم تعرف ما عليها قوله؛ فهي تعرف أن شقيقها لا يتراجع عن موقفه بسهولة ابدا، لذلك تنهدت بقلة حيلة وقالت:
_ أتيت لأني وددتُ رؤيتك، والحمدلله أنت بخير. أعدك ألا أزعجك ثانية.. عن إذنك.

إستدارت لترحل قبل أن يطردها هو شر طرده ؛ فكما تعرف أنه طيب القلب ولطالما كان شهما وفيا مخلصا للجميع تعرف أيضا أنه لا يسامح من أخطأ بحقه أو خذله أبدا؛ لذلك قررت الرحيل .. يكفيها رؤيته بخير والباقي تحله الأيام.

تحركت خطوتين نحو الدرج ولكنها تجمدت بمكانها عندما سمعته يقول بنبرة متألمة:
_ البقاء لله.. .. فليعوضكِ الله خيرا.

استدارت إليه فجأة وكأن عاصفةً ضربت كيانها، وسرعان ما هرولت إليه وعانقته بقوة وانفجرت باكية.

أطبق قاسم جفنيه متألمًا وضمها بذراعيه بقوة وأخذ يمسح على شعرها بحنان، لن ينكر أنه اشتاقها، وكيف لا وهي صغيرته التي رباها واعتنى بها، إبنته منذ خُلقت وحملها بذراعيه الصغيرين واختار لها إسمها.

كانت ترتجف وتنتحب بصوتٍ عالٍ وتردد بكلمات متداخلة:
_ ابنتي توفيت يا قاسم، أسيل ماتت.. قلبي يؤلمني بشدة أخي.. كلما حاولت النسيان لا أستطيع، ليتني أنا من مات..

أغمض عينيه بقوة كي لا تتساقط تلك العَبرات اللعينة التي تغشي عيناه؛ فلا أحد قادر على زلزلة كيانه وجعله يتخلى عن ثباته بقدر شقيقته ، ربت قليلا فوق رأسها محاولا مواساتها وقال:
_ اهدئي حنان، ربط الله على قلبكِ حبيبتي.

كأن كلماته هي البلسم الذي وضع فوق جرحها الغائر، بالرغم من أن جميعهم كانوا يواسونها بنفس الكلمات ولكن من أخيها كان لها تأثير أبلغ، أو أنه حضن أخيها الذي يسعها دائما حتى لو لم يرغب هو في ذلك ؟

تنفست بهدوء وهي تهز رأسها بموافقة وقالت:
_ الحمد لله.. علي أن أعود قبل أن يستيقظ عزيز و…

قطعت كلامها بعد أن أدركت أنه ما كان عليها قول ذلك ولعنت غبائها، بينما إبتسم قاسم ساخرا وهو يقول:
_ كنت أعرف أنكِ تخفين عليه مجيئكِ إلى هنا، مؤكد أنه كان سيمنعك.

توترت وأشاحت بعينيها عنه وهي تقول بتلعثم واضح: 
_ ليس كذلك..

_ بلى، هو كذلك.

قالها بحدة أجفلتها ثم قال:
_ لا تأتي لزيارتي مجددا.

قطبت جبينها بألم حقيقي وقالت:
_ تعني أنك لا تود رؤيتي ثانيةً؟

_ نظر إليها بعينين حمراوتين وقد اشتعل بهما لهيب الماضي المؤلم وقال:
_ لا أود أن تتسبب لكِ زياراتك عديمة الجدوى تلك في المتاعب.

أخفضت رأسها أرضا لا تجد ما تجيبه به؛ ففي النهاية هو محق، إن علم زوجها أنها ذهبت لزيارة أخيها سيهدم المنزل فوق رأسها.

ربت قاسم على كتفها وهو يطالعها بهدوء دون اظهار أي رد فعل وقال:
_ هيا قبل أن يستيقظ زوجكِ العزيز.. ولا داعي أن تقلقي بشأني، سأكون دائما بخير.. كما سبق وكنت.

أومأت ومالت عليه تعانقه مرة أخيرة ثم غادرت.

`````````````
يتبع..
حب_في_الدقيقة_التسعين.


• تابع الفصل التالى " رواية حب فى الدقيقة تسعين  " اضغط على اسم الرواية 
reaction:

تعليقات