رواية وهم على هيئة قدر الفصل الرابع 4 - بقلم ميادة ذكى
وهم علي هيئة قدر✨(4)
(مَيـــــــادَة زكــــي)
أحيانًا، تكون الأقدار مكتوبة قبل أن نولد، مدونة في دفاتر الماضي، لكننا نعيش حياتنا غير مدركين أنها تنتظر اللحظة المناسبة للظهور… لحظة واحدة قادرة على قلب كل شيء، تغيير المسار، وإعادة ترتيب الأوراق التي كنا نظن أننا أحرقناها منذ زمن!
---
في بيت ميرنا:
جريت على المطبخ وقلبي بيدق بسرعة، صوت الطبق اللي وقع لسه بيرن في وداني، بصيت لماما بقلق وقلت بصوت مخضوض:
– "في إيه؟ إيه اللي حصل؟!"
لقيتها واقفة مكانها، ملامحها متغيرة ووشها احمر، سألتني بصوت فيه رجفة خفية:
– "هو صاحب الشركة دي اسمه إيه؟"
استغربت من السؤال ورديت ببساطة:
– "معرفش… مهتمتش أسأل عن التفاصيل دي."
ماما بعصبية:
– "وإزاي تروحي شركة مش عارفة مين صاحبها ولا تعرفي عنها حاجة؟!"
رفعت حاجبي باستغراب من رد فعلها الغريب:
– "وفيها إيه يا ماما؟ مجاش في بالي! قولت لما اتوظف هسأل عن كل دا أكيد عشان أبقى عارفة أنا بتعامل مع مين… بس مالِك متعصبة كده ليه؟!"
بصتلي بحدة ولسه ملامحها متغيرة، وقالت بعبوس واضح:
– "هتروحي تستلمي الشغل إمتى؟"
– "بكرا."
الأم: "طيب، بكرا تكوني عارفة كل حاجة عنهم، ولو طلع اللي في بالي صح… مش هتشتغلي في الشركة دي أبدًا!"
استغربت أكتر، كنت هرد، لكن فجأة لقيتها بتقول بحزم:
– "ولا أقولك! أنا هستنى ليه بكرا؟ مفيش شغل هناك، مفيش مرواح، ولا دخول الشركة دي أبدا! انتي فاهمة؟!"
بصتلها بذهول:
– "إيه؟! ليه؟! إيه اللي حصل لكل ده؟!"
ماما بحدة:
– "من غير ليه! أنا قولت مفيش يعني مفيش!"
حسيت بغضب، صوتي ارتفع شوية:
– "لا، مهو أنا مش صغيرة عشان تفرضي عليا رأيك! أنا مش فاهمة حتى السبب، وكمان أنا مَصدقت ألاقي شغل محترم في شركة كبيرة وبمرتب كويس!"
الأم زفرت بضيق، ثم نظرت لي بنبرة حادة مليانة مشاعر غريبة:
– "لا… انتي صغيرة! وهتفضلي صغيرة طول ما انتي عايشة في البيت ده! ومحدش غيري هيقول إيه اللي يحصل وإيه لأ! من ساعة ما أبوكي مات وأنا شايلاكم، وتعبت لحد ما كبرتك انتي وأختك، ومش هسمح إن كل ده يتهد بسببك!"
رميت كلامها بصراخ ودخلت الأوضة، وقلبي مليان مشاعر متلخبطة… خوف؟ غضب؟ فضول؟! مش عارفة، لكن اللي متأكدة منه إني لازم أعرف الحقيقة!
---
في بيت عمرو:
عمرو الزهار – 29 سنة، شاب وُلد وفي فمه ملعقة من ذهب، لكنه فقد أمه (سحر) في حادث أليم قلب حياته رأسًا على عقب. والده، حامد الزهار، رجل الأعمال القوي، لم يتحمل الصدمة، وأُصيب بالشلل منذ ذلك الحادث، تاركًا إدارة أعماله الضخمة على عاتق ابنه الأكبر.
عمرو ورث الذكاء والصرامة، لكنه ورث أيضًا جروح الماضي، وها هو اليوم يدير إمبراطورية والده، محاولًا أن يثبت أنه جدير بها.
كان قاعد على مكتبه في شركته، ماسك موبايله، وشارد في حاجة واحدة… ميرنا ذكي!
فضل يقلب في تفكيره، في ملامحها، في طريقة كلامها، في نظرتها اللي حسها غريبة… زي ما يكون شافها قبل كده!
قطع شروده صوت دخول أخوه الصغير ياسر الزهار – 22 سنة، طالب في كلية الطب، وبيمتلك روح خفيفة ودماغ متفتحة، عكس أخوه الجاد.
ياسر وهو داخل المكتب بابتسامة مستفزة:
– "خير يا سي عمرو! السكرتيرة بلغتني إنك عايزني، إيه الموضوع الخطير اللي عطلني عن حياتي؟!"
عمرو وهو بيركز في موبايله:
– "في بنت جت قدمت على شغل امبارح، وعايز ألاقي الأكونت بتاعها على السوشيال ميديا، وانت خبير في الحاجات دي أكتر مني!"
ياسر ضحك بمكر:
– "أوعى يعمور! يابن اللذينة، مين بنت المحظوظة اللي وقعتك دي؟!"
عمرو رفع عينه وضيقها بحدة:
– "أتلم يا ياسر، أنا عايز أعرفها علشان الشغل وبس!"
ياسر وهو بيغمزله بمكر:
– "مممم، هعديها لك، قولي اسمها إيه؟"
عمرو بشرود وهو بيتخيل ملامحها وطريقتها:
– "ميرنا… ميرنا ذكي."
ياسر رفع حاجبه بدهشة خفيفة:
– "اسمها تقيل على وداني… تحس إنها مش مجرد بنت جاية تشتغل!"
عمرو بصله بحدة، لكنه في قرارة نفسه كان حاسس بنفس الإحساس… الاسم دا مش غريب!
---
في بيت ميرنا – تحديدًا في أوضة مامتها:
كانت الام واقفة جنب سريرها، ماسكة الموبايل، وبتتكلم مع خالتي ولاء… صوتها كان مزيج من التوتر والقلق.
الأم: "معرفش يا ولاء، ده اللي حصل… أول ما سمعت اسم الشركة حسيت كأن مسكني عفريت، قلبي وقع في رجلي! مش عارفة أتصرف إزاي دلوقت!"
ولاء بنبرة هادية لكنها قلقانة:
– "مكانش ينفع تعملي كده يا سميحة، بنتك كبرت وأكيد هتشُك في حاجة!"
الأم بضيق:
– "آهو هو ده اللي حصل!"
ولاء بعد تفكير:
– "بصي، مفيش غير حل واحد… خليها تشتغل في الشركة، وسبيها بظروفها. الحاجة دي قديمة، وأكيد اتنسيت دلوقتي!"
الأم بخوف:
– "تفتكري مش هيعرفها لو شافها؟"
ولاء بجدية:
– "حامد الزهار جاله شلل من ساعة الحادثة، يعني مش هيشوفها، وبيقولوا ابنه هو اللي داير كل الأعمال."
الأم بقلق متزايد:
– "أنا قلبي مش مطمن، لو وافقت إنها تشتغل في الشركة دي يبقى أنا بفتح دفاتر قديمة بإيدي!"
وفجأة… دخلت ميرنا الأوضة، وعلامات الصدمة على وشها، وقالت بصوت مخضوض:
– "دفاتر إيه اللي مش عايزة تتفتح يا ماما؟!"
هناك أسرار يجب أن تظل مدفونة، لكنها إن ظهرت… فقد تُغيِّر كل شيء!
ما السر الذي تخفيه الأم؟ ولماذا يُصر عمرو على البحث عن ميرنا؟ هل هي مجرد صدفة، أم أن الأقدار تُعيد رسم مسار جديد لحياة الجميع؟!
يتبع…
بقلم: مَيــــــادَة زكـــــي
•تابع الفصل التالى "رواية وهم على هيئة قدر" اضغط على اسم الرواية
تعليقات
إرسال تعليق