رواية مسافات مشاعر كاملة بقلم روزان مصطفى عبر مدونة كوكب الروايات
رواية مسافات مشاعر الفصل الثامن و العشرون 28
* داخِل سيارة رحيم
كانت مها قلِقة على طِفلها وهي تضع يدها فوق جبهتُه من الحين لـِ الأخر مُتمتِمة بـِ دُعاء ومُناجاة لله أن يغدو صغيرها بـِخير
وكان رحيم يُراقِب طِفلهُ من آن إلى أخر بـِ تأنيب ضمير لأنه طول سنوات زواجُه مِن مها أهمل مسؤوليتهُم تمامًا وتركها على عاتِق زوجتُه، وتتنقل عينيه على تقاسيم وجهها القلِقة، وكيف لها أن تكون جميلة حتى عِندما يتخلل الخوف ملامِحها كـ جُندي هارِب مِن مهامُه وقائِدهُ، مُتكِئًا على حائِط في منطِقة أمِنة.
نظرت لهُ مها بـِ محض المُصادفة فـ إلتقت عينهُ بـ عينيها
إرتبكت قليلًا ولكِنها لم تُبالِ إلا لـِ ثوان فـ بـِ الطبع صغيرها وصِحتهُ أهم
وصلوا إلى المشفى، وترجلت مها وهي تحمل الصغير بين يديها وتركُض بِه إلى الداخِل، حاول رحيم إيقافها عن طريق نِداء إسمها لكِنهُ فشل، لِذا لحقها لِلداخِل ووقفوا أمام مكتب مُمرضة الإستقبال
رحيم بـِ عفوية: عاوز دكتور أطفال عشان إبني حرارتُه مُرتفِعة.
المُمرِضة: الدكتور إبراهيم سيد الدور الثاني، إدفعوا عند المُمرضة فوق وخدوا دوركُم.
صعدت مها بـِ قلق وخلفها رحيم حتى وصلوا إلى مكتب المُمرِضة في الأعلى، وقفت مها تلهث وهي تحمِل طِفلها وتقول: لو سمحتي عايزة أحجِز مُستعجِل عشان الدكتور يكشِف على إبني، سُخن نا| ر وإديتُه خافِض حرارة وعملتلُه كمادات حرارتُه مبتنزلش، أبوس إيدك دخليني مستعجِل وهديكِ اللي إنتِ عيزاه.
المُمرضة بـِ ضيق: مينفعش حضرتِك إدفعي وإستني دورِك عادي، مستعجِل يعني هتاخدي دور غيرك وكُل دول أطفال تعبانين برضو.
مها بـِ صُراخ وقد فقدت أعصابها وهدوئها المُعتاد: أيوة بس مفيش واحِد فيهُم حرارتُه فوق الـأربعين! يعني يستنوا عادي لكِن إبني لا!!
المُمرضة بـِ غضـ|ب: من فضلِك وطي صوتِك في مرضى محتاجين راحة في الأقسام التانية!!
رحيم بـِ نفاذ صبر: فين مكتب مُدير المُستشفى؟!
المُمرِضة بـِ برود: فوق، أخر الممر على إيدك الشِمال
رفع رحيم أحد حاجبيه وقال: أه يعني مش فارِق معاكِ؟
المُمرِضة بـِ ثبات: أيوة، لإن حضرتك والمدام تعديتوا على موظف أثناء تأذية عملُه وزعقتوا في مكان عام وعليتوا صوتكُم وكمان المدام بـِ تعرِض رشو|ة
مها بـِ صدمة: هو الكشف المستعجِل بقى رشو |ة حسبي الله ونعم الوكيل فيكِ وفي أمثالِك معدومين الرحمة، إبني بيروح مني فـ طبيعي أزعق!
رحيم وهو يُشير بـِ إصبعهُ للمُمرِضة: صدقيني هعمِل نفسي مسمعتش الهرتلة الفارغة اللي قولتيها.
مد يدهُ وهو يسحب مها مِن ذِراعها وقال: إستنيني في الكافيتيريا هدفع الحجز وأجيلك.
مها بـ دموع لم تستطِع كبتها: تمام.
دفع رحيم ثُم ذهب إلى الكافيتيريا لـِ يجِد مها تجلِس على المِقعد وتُقبِل رأس طِفلها ثُم تبكِ بـِ حُر|قة.
جلس رحيم أمامها ثُم مد يدهُ وهو يمسح بـِ إصبعهُ إحدى دموعها ويقول بـِ صوت خافِت: هيبقى بخير.. إهدي بس
مها بـِ بُكاء: جِسمُه كُله سُخن مش هيستحمِل، دا الكُبار بيرقدوا في السرير ما بالك بـِ طِفل.
رحيم حتى يجعلها تهدأ: يرقُد إيه هو فرخة!
إنفلتت ضحكة مِن ثُغرها تتغلغلها الدموع فـ قال رحيم: واحد من اللي مستنيين دورهُم قالي إدخُل مكاني عشان إبنُه مش تعبان أوي وعشان شاف إنفعالك وأثرتي فيه.
رفعت مها رأسها للأعلى وهي تبكِ وتدعي قائِلة: يارب!
*بعد مرور ساعة ونِصف
خرج رحيم بـِ رِفقة مها مِن المشفى وهو يحمِل الطِفل ومها تحمِل أكياس الدواء
جلسوا داخِل السيارة وبدأ رحيم في قيادة السيارة بعد ما أعطى الطِفل لـِ مها وقال: أنا هعدي على مطعم ناكُل سوا..
مها بعد ما إطمئن قلبها على صغيرها: لا ميرسي مش جعانة، عايزة أروح البيت وشُكرًا لـِ تعبك معانا..
أحاد رحيم عن الطريق وهو يصُف السيارة جانِبًا ثُم نظر لها قائِلًا: على فكرة دا إبني زي ما هو إبنك!
مها وهي تلتقِط أنفاسها: محدش قال حاجة! بس معلش متقولش زي دي، لإن كُلنا عارفين مين اللي رباهُم وتعِب عشانهُم!
صفق رحيم بـِ سُخرية وهو يقول: يا ستِ كتر خيرك، دا إنتِ سوبر مامي فعلًا.
دمعت عينا مها وهي تقول بـِ غضب وقد فاض بِها الكيل: لا أنا سوبر بني أدمة، إستحملت مُعاملِتك السخيفة دي لسنين ومعاملة مرات أخوك وقولت عيشي يا بنتي كفاية تكوني جنبه، وياريتك قدرت ولا حتى إتهزت مشاعرك ناحيتي، كُنت طول الوقت مشربني المرار على ذنب مش ذنبي! عاوزني أعمل إيه تاني؟ خلاص مبقاش فيا حيل مُعافرة زي زمان، طاقتي بقت لولادي وبس.. إنت بقى جاي تفوق بعد فوات الأوان دي مُشكِلتك!
لم يرُد رحيم، بل كان مُمسِكًا بـِ المقود بـِ جل قوتُه ثُم قال بـِ نبرة غريبة: أنا مش راجِع على البيت.
مها نظرت لهُ بـِ عدم فِهم وقالت: تمام! أنا هنزل هنا وأركب تاكسي.
أغلق رحيم أقفال السيارة وهو يستعِد ليقود فـ قالت مها: إيه اللي بتعملُه دا ورايح على فين أنا إبني التاني في البيت!
رحيم بـِ إصرار: هخلي سليم يجيبهولنا..
ثُم قاد بـِ سُرعة ومها مصدومة ومُشبِثة بـِ طِفلها!
كانت نجمة مُمددة على الفِراش الطبي، والطبيبة تُمرر الجهاز فوق معدتها وهي تقول: حامِل يا مدام نجمة، مبروك!
تنهدت نجمة وهي تنظُر لـِ شاشة السونار ثُم إنفلتت من عينها دمعة عجزت عن التحكُم بِها
نظرت لـِ سقف الغُرفة وهي تقول: عايزة أنزلُه يا دكتورة، من فضلِك..
- يتبع الفصل التالي اضغط على ( رواية مسافات مشاعر ) اسم الرواية
تعليقات
إرسال تعليق