رواية أنا وزوجاتي كاملة بقلم دعاء عبدالحميد عبر مدونة كوكب الروايات
رواية أنا وزوجاتي الفصل الرابع 4
الفرق بين من يواظب على السنن ومن يتركها (٥٤١٥) ركعة في السنة.
_______________
عاد من عمله قبيل المغرب ودق باب بيته قبل أن يفتحه ويدخل، وضع ما في يده على طاولة بجوار الباب الذي تركه مفتوحًا، ثم تمدّد على الأريكة بتعبٍ واضحٍ، فقد كان العمل شاق وكثير اليوم، وضع ذراعه فوق وجهه حتى يستطيع أن يرخي أعصابه، أما هي فور علمها بحضوره وقفت تفكر وتدور حول نفسها ببطء، ثم عزمت أمرها وأحكمت حجابها وخرجت تقف على بُعد مسافة منه وهي تقول:
-مؤنس بيه أنا موافقة.
استمرّ على وضعه نصف دقيقة دون حراك ثم هبَّ جالسًا ينظر لها بتفاجئ وهو يسألها:
-أنتِ قلتِ إيه؟
فركت يديها في بعضهما بتوتر وهي تحاول أن تحافظ على ثباتها أمامه ونطقت بتلعثم:
-هو..هو ممكن حضرتك تديني فرصة أرتب أموري، وأكون مستعدة يعني، أنا يعتبر معرفش عنك أي حاجة.
اعتدل في جلسته بحماس وأشار لها أن تجلس هي الأخرى وقال لها:
-أنا مستعد أحكيلك عني كل حاجة، المهم دلوقت عشان مش معانا وقت، احنا بكرة هننزل وهخلصلك ورقك وحاجتك وهطلعلك بطاقة وبعدين هطلع على البنك أصرف فلوس وأخدك نشتري كل اللي أنتِ محتاجاه، وبالمرة أجبلك دبلة وخاتم حلوين عشان نعمل الفرح بعد بكرة، أنا اه هتجوزك بسرعة ومش عاملين حسابنا لكدا لكن أنا بعرف أتصرف وهعجبك أوي.
أنهى كلماته بغمزة من إحدى عينيه، أما هي فاعترضت بتوتر:
-إيه؟ فرح إيه اللي بعد بكرة وخاتم ودبلة إيه؟ أنت مستعجل ليه كدا؟ وكمان مين قالك أني عايزة فرح؟ أنا معرفش حد هنا ومش معايا لا أهل ولا صحاب هعمل فرح إزاي؟
ابتسم وهو يحاول أن يطمئنها:
-يا ستي هعملك فرح صغير تحت في الشارع هنا، زفة يعني، وصدقيني إن شاء الله تفرحي وتلاقيه حلو.
تذكرت كلمات خالتها فأومأت بخوف وتردد دون أن تعقّب، أما هو خرج لينام الليل عند جاره كعادته.
____________
أتى الليل وذلك الشاب يجلس بجوار السيارة يملأ عجلاتها بالهواء، انتهى من مهمته وفور تحرك السيارة انفجرت العجلة الخلفية التي تم ملأها بالهواء، نزل السائق بغضب وهو يسب ويشتم حتى أتى على صوته صاحب العمل الذي قال:
-اهدى يا صفوت بيه، غلطة مش مقصودة امسحها فيا أنا حقك عليا.
تكلم الرجل بغلظة تشبه جسده الضخم:
-أعمل إيه أنا بأسفك دلوقت، أنا كنت طالع الشغل وأنت عارف أني بحمل بضاعة على العربية ومش ناقصة عَطَلة، خلص ركبلي كوتش بدل اللي فرقع وعلى حسابك.
نظر صاحب المكان إلى صالح وهو يجز على أسنانه، ثم أخرج ورقة بفئة خمسين جنيها وذهب نحوه بِغلٍّ واضح ثم وضع الأموال في يده وهو يقول:
-أنت مش معمّر معانا هنا، خربتلي الدنيا في يوم واحد إلهي يخرب بيتك، مليت الكوتش هوا زيادة وفرقع والماتور الصبح بوظته، هستنى منك تبوظلي إيه تاني وأغرم حقه، خد الفلوس دي ومشوفش وشك هنا تاني.
طبق صالح على ما في يده بخزي وحزن ثم التفت يذهب من حيث أتى وهو يجر خيبته وخذلانه، قادته قدماه إلى النيل فوقف يسترد هدوءه قليلا، قطع تفكيره رنين الهاتف في جيبه، فأخرجه وردَّ على المتصل:
-أيوا يا هاجر….. لأ مش كويس…. أنا واقف بشم شوية هوا….لا لا متجيش أنا شوية وهروح….يا بنتي متتعبيش نفسك….خلاص هستناكِ..ماشي..سلام.
بعد قليل كانت تقف بجانبه وهي تسأله:
-مالك يا صالح وشكلك مبهدل كدا ليه؟ وإيه الشحم اللي على هدومك دا؟
ابتسم بحزن وهو يجيبها:
-كنت بحاول كعادتي، هه بس فشلت.
نظرت له بحزن وهي تعقب:
-لا يا حبيبي متقولش كدا، أنت عمرك ما كنت فاشل في نظري، كفاية أنك بتحاول دايما.
رد عليها بهدوء:
-دا قدري ونصيبي يا بنت الناس، مكتوب عليا الشقا علطول، عشان كدا مش عايز أظلمك معايا، أنتِ بيجيلك عرسان أحسن مني بكتير، شوفي نصيبك مع واحد فيهم.
وضعت يدها على فمها بدهشة من كلامه:
-أنت بتقول إيه أنت مجنون؟ أنا نصيبي معاك أنت ولا يمكن يكون مع غيرك، الشقا اللي أنت بتقول عليه دا في وجودك هيبقى سعادة، لازم نمسك إيدين بعض ونكمل الطريق سوا، هنوصل وهنفرح، عارف ليه؟ عشان أنا عمري ما كنت غير ليك، وأنت عمرك ما هتكون لغيري.
وضع يده على وجهه بقلة حيلة ونياط قلبه تتمزق ثم تحدث بصوت مختنق:
– متصعبيهاش عليا يا هاجر أرجوكِ، أهلك أصلا لو شافوني مستحيل يقبلوا لبنتهم بواحد زيي.
ابتسمت وهي تحاول إقناعه:
-متقلقش، أنا بابي عمره ما رفضلي طلب، وأكيد ساعة ما يعرف إن في واحد حليوة وقمر زيك كدا عايز يتقدملي وأنا موافقة عليه مش هيعترض.
حاول أن يوضّح لها ما لم تفهمه:
-يا بنتي أبوكِ ميرفضش لعبة أنتِ عايزاها، شنطة، أكلة نفسك فيها، لكن مفيش أب هيضحي ببنته ويرميها لراجل ميعرفش يصرف عليها.
تحدثت بمرح كي تمحي حزنه:
-ميعرفش يصرف عليها ليه؟ هو أنا لو طلبت منك آيس كريم دلوقت مش هتعرف تجيبلي؟
ابتسم بمرح هو الآخر وجاوبها:
-لأ طبعا هعرف، لسة الراجل راميلي خمسين جنيه بحالها.
ضحكت بحماس وهي تتصنع الدهشة:
-يا نهار أبيض كل دول؟ طب يلا بسرعة.
اقترح عليها بسعادة بالغة:
-طب إيه رأيك ناخدها جري لحد المحل.
صفقت بيديها كالأطفال بحماس وفرحة وهي تجيب:
-الله بقا، وأنا هسبقك ونشوف مين يوصل الأول.
كانت الفرحة تخرج من أعينهما بشكل واضح للعيان، أصوات ضحكاتهم ترتفع وترتفع، من يراهما يظن أنهما طائران يحلقان ويرفرفان بأجنحتهما.
_______________
في صباح اليوم الثاني انتهى من عمله سريعا وأخبر صديقه إذا جدَّ جديد يخبره، ذهب وصرف بعض الأموال التي سيحتاجها من البنك، ثم عاد إلى المنزل وكانت هي مستعدة للذهاب معه كما اتفق معها، خرجا إلى وجهتهما وانتهيا من إتمام الأوراق المطلوبة، وما ساعده على ذلك هي مهنته بالتأكيد وإلا لظلّ ينتظر بالأسابيع والشهور، ثم ذهب معها وقام بشراء بعض الملابس لها والأشياء المهمة، بمساعدة زوجة خال صديقه التي استعان بها حتى لا يكونا بمفردهما، وأثناء عودتهما تحدث مؤنس موجهًا حديثه لزوجة خال صديقه قائلا:
-أوصلك أنتِ الأول يا خالتي ولا عايزة تروحي مكان تاني أو تشتري حاجة؟
ردت السيدة بحكمة:
-لا يا ابني أنا جاية معاكم، أنتو فرحكم بكرة ولازم أرُصّ الحاجة دي مع آسية وأروّق الشقة اللي هتتجوزوا فيها.
عقبت آسية هذه المرة باحترام مبطن بالحزن:
-تسلمي يا طنط والله بس أنا مجبتش حاجات كتير، والشقة متروقة مش محتاجة حاجة.
رد مؤنس عليها:
-هي معاها حق يا آسية، أينعم هنتعبها معانا بس أنتِ محتاجة حد معاكِ النهاردة، وبكرة كمان بردو.
-أنا عنيا ليكم يا ابني، بعيدا عن أني متغاظة منك ومش موافقة عالجوازة دي بس عشان خاطر مشاري بن أخت جوزي.
أشار لها في المرآة أن تصمت وهو يضحك بتوتر:
-إيه يا خالتي؟ مش وقته تهزري معايا الفرح بكرة، ها الفرح بكرة.
وضعت المرأة يدها فوق الأخرى بعدم رضا:
-طيب يا أخويا ربنا يسعدكم.
انتهى اليوم وجاء صباح اليوم الثاني، قامت بإرهاق وتعب فهي لم تستطع النوم في ليلتها من كثرة التفكير، أول ما فعلته هو أن أمسكت بهاتفها وقامت بالاتصال على خالتها، عندما فُتح الخط قالت آسية بلهفة:
-خالتي، وحشتيني.
-وأنتِ كمان يا حبيبتي طمنيني عاملة إيه؟
ردت الأخرى بحزن:
-فرحي النهاردة يا خالتي، فرحي على واحد معرفوش ومعرفش إذا كان كويس ولا لأ، فرحي النهاردة وأنا لوحدي ومش معايا حد، اليوم اللي كل بنت بتتمناه وبتستنى تفرح فيه من قلبها مع اللي قلبها اختاره، اليوم اللي فكرت فيه ألف مرة يا ترى يكون عامل إزاي وحلمت بيه بيتدمر يا خالتي.
قالت ذلك ثم أجهشت في بكاء مرير، حزنت على حالتها أخت أمها وحاولت أن تواسيها:
-معلش يا حبيبتي، على عيني مكونش معاكِ، بس احنا اتفقنا دا جواز عشان مصلحتك، وصدقيني هو لو بيحبك فعلا يبقى أنا خلاص مطمنة عليكِ، دايما أمك كانت تقولي خدي اللي بيحبك ومتاخديش اللي بتحبيه، لو كنت سمعت كلامها يمكن مكنش كل دا حصل، متعمليش زيي يا آسية يمكن نصيبك يطلع أحسن من نصيبي.
نظن أننا نتألم ولا يوجد من يتألم مثلنا، ولكن تهون مصيبتنا عندما نرى مصيبة غيرنا، كانت تستمع لخالتها وهي تقارن بين ما حدث لهما فوجدت أن مصيبتها أقل وأهون، يكفي أنها ستتزوج ممن أُعجب بها ويرغب في مساعدتها، نطقت آسية تهوّن على الأخرى:
-معلش يا خالتي، والله أنا واثقة إن كل اللي بيحصلنا دا خير، وربنا هيكرمنا إن شاء الله.
أومأت شوق بهدوء ثم سألتها:
-المهم أنتِ هتروحي الكوافير ولا هتعملي إيه دلوقت؟
لوت آسية فمها بسخرية وهي تقول:
-كوافير؟ واحنا مكتوب لينا كوافيرات؟ قلتله يجبلي الفستان هنا وأنا هزوق نفسي، مينفعش حد يشوفني، دا أنا طول اليوم امبارح بحاول أدراي في وشي من الناس لحد يعرفني.
-ربنا معاكِ يا حبيبتي ويسعدك يارب، المهم أنتِ عايزاكِ تاكلي بعقل الراجل وتخليه يتعلق بيكِ زي العيل الصغير، ميقدرش يستغنى عنك بمعنى أصح، وتبقي شاطرة أوي لو قدرتي تخليه يحكيلك كل حاجة وميخبيش عليكِ، ساعتها هيبقى زي الخاتم في صباعك.
تنهدت آسية بهدوء:
-ربنا يسترها، طب سلام دلوقت عشان الباب بيخبط.
_______________
في مكان آخر، كانت تجلس سيدة كبيرة في العمر، وبجوارها ثلاث زجاجات من طلاء الأظافر، ولكنها لم تستطع أن تضع شيئا بسبب الأطفال حولها، قامت بإغلاق الزجاجات وأمسكتهم في يدها وهي تنادي بصوت عالٍ:
– يا حفصة تعالي خدي عيالك.
ردت الأخرى من المطبخ وهي تطلب منها:
-خليهم جنبك يا تيتة أنا بعمل الأكل.
-يا بت مش عارفة أحط منهم مونيكير.
خرجت حفصة بحنق وهي تجفف يدها:
-لأ بقولك إيه؟ بلا مونيكير بلا بوديكير، خلي العيال جنبك عبال ما أخلص الأكل، هو بدل ما تحطلهم هما؟
شهقت السيدة بقوة ثم تحدثت بصوت عالٍ:
– أحط لمين يا ماما أنتِ مجنـونة؟ كل واحد معاه مونيكيره ميجيش جنب مونيكير التاني، آه أنا مش كل يوم والتاني هروح أشتري.
راقصت حفصة حاجبيها وهي ترد عليها باستفزاز:
– يا ولية هو أنتِ بتشتري حاجة؟ ما كله من تعب جوزي وشقاه.
كانت ستتحدث ولكنها سمعت الصغيرة تقول:
-يا مريم حطيلي حلو بوظتي إيدي.
وضعت يدها على فمها عندما وجدت الصغيرات يجلسن على الأرض ويضعن من طلاء الأظافر بعدما تركته على الطاولة، جرت نحوهم فقامت كل منهن تهرب إلى هنا وهناك، وقفت فجأة تأخذ أنفاسها فوجدت فتاة تخرج من غرفتها بهدوء فسألتها بحذر:
-بت يا ملك كنتِ بتعملي إيه في الأوضة بتاعتي؟
جاوبت الأخرى بهدوء:
-بصراحة البرفان بتاعك دا حلو أوي يا تيتة، بفكر أخده وأجبلك بداله.
ردت السيدة بصدمة:
-تـ إيه؟ تاخديه؟ خدك ربنا يا بعيدة، أنا هلاقيها منك ولا من الصغيرين.
جرت نحوها هي الأخرى وأصبح البيت عبارة عن حلقة سباق للجري، ولكن دخول شخصٍ ما إلى المكان كان سببًا لإيقاف تلك المهزلة، وقف الجميع بهدوء وكأن شيئا لم يحدث، تحدث الشاب بخشونة:
-إيه اللي بيحصل دا؟ هو أنتو مش هتعقلوا أبدا؟ في إيه يا حفصة أنتِ وملك أنتو صغيرين؟ وأنتِ يا تيتة أنتِ مش كبرتي عالكلام دا؟
ردت عليه السيدة بحنق:
-كبرت في عينك مكنوش سبعة وستين سنة، وبعدين هما اللي بيجرّوا شَكَلي أنا كنت قاعدة في حالي.
ذهب نحوها ووضع ذراعه فوق كتفها وهو يقول بهدوء:
-طب قوليلي العيال دي زعلتك في إيه؟
تحدثت بنبرة شبه باكية:
-خدوا المنيكير بتاعي، والبت ملك عايزة تاخد البرفان اللي بحبه.
تحدث معها وكأنه يحدّث طفلة صغيرة:
-طب سيبك منهم وشوفي جبتلك إيه.
رأى نظرة الحماس في عينها وهي تنتظر ما يُخرجه من الحقيبة، قال لها بمرح:
-جزمة بكعب تطرقع وأنتِ ماشية تخليكِ تقولي يا أرض اتهدّي ما عليكِ قدّي.
قفزت السيدة بسعادة وهي تمسكها:
-عارف يا واد؟ طول عمري بقول الواد موسى دا هو اللي مفرحني، أنت اللي فيهم يا واد.
ابتسم الجميع وهو يضرب كفًا على آخر، دخلت حفصة المطبخ مرة أخرى وخلفها ملك، بينما موسى قبّل رأس جدته بابتسامة هادئة.
_______________
بعدما أغلقت المكالمة قامت لتفتح الباب، فوجدتها زوجة خال صديقه، رحَّبت بها وأدخلتها وقبل أن تُغلق الباب وجدته أمامها يستوقفها قائلا:
-استني، متقفليش، أنا جبتلك الفستان أهو عشان تجهزي نفسك، مش عارف كان فيها إيه لو روحتي كوافير أو جبتلك ميكب أرتيست هنا.
ردت عليه بلا مبالاة وهي تأخذ منه الفستان:
-عادي قلتلك بعرف أذوّق نفسي.
-براحتك، المهم أنا نازل عشان عشان أشوف لو حاجة ناقصة وأجهز نفسي أنا كمان.
أومأت له بهدوء ثم أغلقت الباب بعد رحيله، أما هو نزل ثم قام بمهاتفة صديقه، وعندما رد عليه رحّب به قائلا:
-ازيك يا مشاري أنت فين؟
-أنا في الشغل يدوب بخلص كام حاجة سريعة كدا.
سأله مؤنس بضيق:
-طب خلص شوية أنا لوحدي وعايز أجهز، وبعدين أنا مش شايف حد من بتوع الفِراشة هما اتأخروا ليه؟
جاوبه صديقه بهدوء:
-ما هو أنا ملقتش حد فاضي، سألت خالي عن الناس اللي يعرفهم وكلهم مشغولين.
صرخ مؤنس بحنق:
-نهار أبوك أبيض يا مشاري ومقلتليش؟
تحدث الآخر بضيق:
-أعمل إيه يعني أنت لسة قايلي امبارح، هو في حد يفاجئ حد ويقوله فرحي بكرة؟ أنا مش عارف البت وافقت عليك إزاي؟ وبعدين كفاية الشغل اللي مكوّمه فوق راسي ورايح تتجوز وتتبسط.
قبض مؤنس يده بغيظ وجزّ على أسنانه وهو يقول:
-اتصرف يا مشاري وهاتلي حد يمشّي الليلة دي، فرع نور وكرسيين واليوم هيعدي، ويا سيدي نردهالك في فرحك.
رد صديقه بقلة حيلة:
-ماشي يا مؤنس، هتصرف في أم الفرح المفاجئ دا، سلام.
أوقفه مؤنس قبل أن يُغلق المكالمة بسرعة:
-استنى، أنت كلمت المأذون ولا دا كمان مش جاي.
جزَّ صديقه على أسنان هذه المرة بنفاذ صبر:
-هيجي يا سيدي.
-طب واعمل حسابك خالك لازم يجي عشان يبقى وكيل البت، وخلّص متتأخرش.
-لأ ما هو بالطريقة دي هتأخر ومش جاي النهاردة، اقفل بقا.
-طب سلام.
_____________
بعد مرور عدة ساعات كانت كافية لتجهيز كل شيء، انتهت آسية من ارتداء الفستان بمساعدة زوجة الخال، ووضعت القليل من مساحيق التجميل، نظرت لها السيدة بابتسامة هادئة وهي تقول:
-بصراحة يا بنتي أنا قلبي مطمنلك، ربنا يسعدك يا رب.
بادلتها آسية الابتسامة وهي تقول:
-تسلمي يا طنط أنا كمان حبيتك والله.
-طيب يا بنتي كل حاجة جهزت وهو المفروض يجي ياخدك أنا هنزل أشوف مشاري عشان مش بيرد على التليفون، ومش معايا رقم مؤنس.
-تمام.
بعد خروج السيدة من الغرفة ابتسمت آسية في المرآة ابتسامة ماكرة وهي تخطط لشيء، أما في الشقة المقابلة لها كان مؤنس قد تجهز في غرفة جاره علاء، خرج مؤنس وأمامه صديقه يُكبّر ويصلّي على الرسول، وقف أمامه فجأة في المنتصف بين شقة العروس والشقة التي خرجوا منها وقال:
-بُص بقا يا صاحبي احنا هنعملك الفريست لوك هنا، أنت هتقف وتدي العروسة ضهرك وأنت ماسك البوكيه، والعروسة تيجي من وراك تخبط بإيدها على كتفك وأنا هصوركم تمام؟
رد صديقه بعدم اكتراث:
-ولازمته إيه الكلام دا؟
-طب خلص يلا.
ذهب مشاري ودق على الباب ففتحت له العروس وهي تسدل الحجاب على وجهها، أخبرها بما يجب عليها فعله وهو يشير على العريس:
-بصي يا عروسة، العريس هناك أهو أنتِ هتروحي ترفعي الطرحة وبعدين تخبطي على كتفه، وهو يلفلك ويديكِ البوكيه وبعدين ننزل تحت تمام؟
أومأت من أسفل الحجاب بهدوء ثم خرجت خلفه، وقف مشاري وجهز الكاميرا الخاصة بهاتفه وانتظر يصور تلك اللحظة الجميلة، وصلت آسية خلف مؤنس مباشرة ثم رفعت حجابها، رآها مشاري ولكنه جحظت عيناه بصدمة ثم صرخ وهو يركض درجات السلم بسرعة كبيرة، كل ثلاث درجات في قفزة واحدة:
-يا لهــــــوي الحقــــوني عفريت يامّا.
جرى خلفه علاء بخوف هو الآخر، أما مؤنس وقف مشدوهًا مما يحدث، بعد ثواني وجدها تضع يدها على كتفه فرُسمت ابتسامة على شفتيه والتفت لها ببطء، نظر لها فانمحت ابتسامته تدريجيًا وتبدلت بالذعر وهو يسألها وقد اقشعرّ جميع بدنه:
-أنتِ مين؟
- يتبع الفصل التالي اضغط على (رواية أنا وزوجاتي) اسم الرواية
تعليقات
إرسال تعليق